أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة بعنوان “الفساد صوره ومخاطره” للدكتور محمد حرز

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الفساد صوره ومخاطره ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 14 ذو القعدة 1442هـ ، الموافق 25 يونيو 2021م.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 25 يونيو 2021م بصيغة word بعنوان : الفساد صوره ومخاطره ، للدكتور محمد حرز.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 25 يونيو 2021م بصيغة pdf بعنوان : الفساد صوره ومخاطره ، للدكتور محمد حرز.

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 25 يونيو 2021م بعنوان : الفساد صوره ومخاطره ، للدكتور محمد حرز:

 

أولاً: خطر الفساد في الأرض.

ثانيًا: صور من الفساد التي عمت أرجاء الأرض.

ثالثًا: ما العلاج ؟   

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 25 يونيو 2021م  بعنوان : الفساد صوره ومخاطره : كما يلي:

 

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الفساد صوره ومخاطره  د. محمد حرز                                    بتاريخ: 15 ذو القعدة 1442هــ – 25يونيو2021م

الحمد لله القائلِ في محكم التنزيل﴿وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ﴾سورة الأعراف56  وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه أول بلا ابتداء وآخر بلا انتهاء الوتر الصَّمَدُ الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ وَأشهد أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ البشير النذير ,السراج المنير , خير الأنبياء مقامًا, وأحسن الأنبياء كلامًا ,  الداعي إلي خير الأقوال وأحسن الأفعال ,  فجاء بالدين الوسط وحذر من الزيغ والشطط وتركنا علي المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ولا يتمسك بها إلا كل مفلح راشد, فاللهم صل وسلم وزد وبارك على النبي  المختار خير من صلى وصام وتاب وأناب ووقف بالمشعر وطاف بالبيت الحرام وعلى آله وصحبه الأطهار وسلم تسليمًا كثيرًا .

أما بعد …..فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ( [الشعراء:150-152.

ثم أما بعد : (الفساد صوره ومخاطره  )عنوان وزارتنا وعنوان خطبتنا

عناصر اللقاء :

أولاً: خطر الفساد في الأرض.

ثانيًا: صور من الفساد التي عمت أرجاء الأرض.

ثالثًا: ما العلاج ؟        

بداية: ما أحوجنا إلي أن يكون حديثنا عن الفساد في الأرض وخاصة ولقد انتشر الفساد في الأرض بصورة مخزية مفجعة , وخاصة ولقد تنوعت صور الفساد بشتى ألوانه وأنواعه وصدق ربنا إذ يقول في كتابه الكريم:﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ الروم:41 .                                                                                             أولاً: خطر الفساد في الأرض.

أيها السادة: الفساد داء اجتماعي خطير ,ووباء خُلقي كبير ,ما فشا في أمة إلا كان نذيرًا لهلاكها ,وما دب في أسرة إلا كان سببًا لفنائها ,فهو مصدر كل عداء وينبوع كل شر وتعاسة والفساد آفة من آفات الإنسان، مدخل كبير للشيطان ،مدمر للقلب والأركان ،يفرق بين الأحبة والإخوة، يحرم صاحبه: الأمن والأمان ،ويدخله النيران ،ويبعده عن الجنان ،فالبعد عنه خير في كل زمان ومكان. والفساد ظاهرة سلبية مدمرة للأفراد والدول ويعد طمع النفس وغياب الوعي وضعف الوازع الديني، وعدم مراقبة المولى جل وعلا من أهم أسباب الفساد ، والفساد داء يقتل الطموح ، ويدمر قيم المجتمع ، ويعَد خطرًا مباشرًا على الوطن، ويقف عقبة في سبل البناء والتنمية ، يبدد الموارد ، ويهدر الطاقات

 ولو نظرت إلى القرآن الكريم  لوجدت أن القرآن تحدث عن الإفساد في الارض وجزاء المفسدين في أكثر من خمسين آية كلها تحذر من الفساد والإفساد بجميع صوره وشتى أشكاله وكيف لا؟ والإسلام دين الصلاح والإصلاح وما من نبي من الأنبياء إلا ودعا قومه إلي التوحيد والإصلاح والصلاح وحذر من الفساد   وكيف لا ؟ والفساد: هو كل عمل ضد الإصلاح،  وكيف لا ؟) وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ([البقرة:205]. قال الطبري: يعني بذلك جل ثناؤه: والله لا يحب المعاصيَ، وقطعَ السبيل، وإخافة الطريق.. وقال العباس بن الفضل : الفساد هو الخراب .. والآية بعمومها تعم كل فساد كان في أرض أو مال أو دين .

لذا حذَّرنا جل وعلا من الإفساد في الأرض بعد إصلاحها قال الله تعالى:﴿ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [البقرة:60] ، وقال الله تعالى: ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾ [الأعراف:56 ,ونهانا عن اتباع كل مفسد  ضال وطاعته ؛ قال الله تعالى : ﴿ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [الأعراف:142] ، وقال جل وعلا: ﴿ وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ* الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾ [الشعراء:151-152)

ودعا الله جل وعلا عباده إلى الاتعاظ والاعتبار بأحوال الأمم السالفة وما أحلَّه الله بهم من عواقب وخيمةٍ ونهاياتٍ أليمة بسبب فسادهم ؛ فقال تعالى:﴿ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ [الأعراف:103]وقال تعالى: ﴿وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾ [الأعراف:86 قال جل وعلا﴿ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) ﴾ أي في الأرض ﴿ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾ [الفجر:12-14] أي لجميع المفسدين في أيِّ زمان وفي أيِّ مكان وفي أيِّ وقت وحين .فالإفسادُ في الأرض شِيمَة المجرِمين، وطبيعة المخرِّبين، وعمل المفسِدين، ففيه ضَياعٌ للأملاك، وضِيقٌ في الأرزاق، وسُقُوطٌ للأخلاق، إنَّه إخفاقٌ فوق إخفاق، يُحوِّل المجتمع إلى غابَةٍ يأكُل القوي فيه الضعيف، وينقضُّ الكبير على الصغير، وينتَقِم الغني منَ الفقير، فيزداد الغنيُّ غنًى، ويزداد الفقير فقرًا، ويَقوَى القويُّ على قوَّته، ويضعُف الضعيف على ضعفه!. والفسادُ داءٌ مُمتدٌّ لا تحُدُّه حدودٌ، ولا تمنعُه فواصِلُ.       لذا أمرنا الله جل وعلا بالإصلاح، وأرسل أنبياءه ورسله للإصلاح فقال تعالي حكاية على لسان شعيب عليه السلام ) إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ( سورة هود88، ولا يمكن بحال من الأحوال  أن يجتمع الإصلاح والفساد معًا إلا أنهما يتدافعا ليظهر الصالح من المفسد والبار من الفاجر قال ربنا 🙁أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ( سورة ص28 فسبيل المصلحين معروف، وسبيل المفسدين معروف. فالمصيبة  يا سادة أن ترى نفسك مُصْلحًا ولست كذلك !!!!)وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ( [البقرة:11]. فهم يرون عملهم وإفسادهم إِصلاحاً وهم المفسدون: )أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ( [البقرة:12]  المصيبة يا سادة  أن ترى نفسك تقيًا ولست كذلك!!!! قال تعالى ((وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ* وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِى ٱلأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَسَادَ)) البقرة:204، 205 ومن هذا المنطلق سمى فرعون دعوة موسى عليه السلام فسادًا وهو مُصْلح يا رب سلم: )وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ( [غافر:26]. وهذا قارون سعى في الأرض ليفسد فيها وتكبر وتجبر على عباد الله الناصحين له ، الذين قالوا له)) لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) [القصص: 76، 77 فكانت النهاية المؤلمة،، والعقوبة الإلهية التي تنتظر الأفاكين المفسدين ((فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ))فالفساد هلاك ودمار , وخزي وعار ,وخراب وضياع , والقضاء على الفساد أحد أهم مقومات أي حكم رشيد ، فالحكم الرشيد يبنى على أربع دعائم أساسية ، هي : إقامة العدل ، ومواجهة الفساد ، وحرية المعتقد ، والعمل على تحسين أحوال الناس .فكن من المصلحين تسعد في الدنيا والآخرة وإياك وطريقَ المفسدين فهو طريق الهلاك والدمار في الدنيا والآخرة

ثانيًا: صور من الفساد التي عمت أرجاء الأرض.

أيها السادة : هناك صور كثيرة للفساد في الأرض منها على سبيل المثال لا الحصر :                               أولها: فساد الدين والعقيدة بكل ما يعكر صفو التوحيد فالإشراك بالله تعالى أعظم فسادًا في الأرض، قال تعالى: )وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ [(يونس40)لذا أعلن النبي صلى الله عليه وسلم الحرب على الفساد من أول دعوته فدين الإسلام ثورة بكل معانيها ضد الفساد والمفسدين.

ومن صور الفساد : المعصية بجميع صورها وأشكالها وألوانها  من أكل للحقوق وأكل الميراث ,ومن ظلم للزوجة ومن أذى للجيران, ومن أكل الربا ,ومن السحر والشعوذة  والكبر والغرور فكل المعاصي ياسادة إفساد في الأرض بعد إصلاحها قال تعالى﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ الروم:41 .ومن أخطر صور المعصية التي انتشرت في مجتمعنا بسبب مواقع التواصل الاجتماعي إفساد المرأة على زوجها لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ)أي أفسد امراة على زوجها ليس من أمة الحبيب صلى الله عليه وسلم .

ومن صور الفساد :سفك الدم الحرام بغير حق من أعظم  صور الفساد، ولذا قالت الملائكة : ) أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ( ، وقتل النفس بغير حق من كبائر الذنوب؛ قال صلى الله عليه وسلم :” لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ» [أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ]، بل وحتى  قتل الكافر المعاهد والمُسْتَأْمَنُ بين النبي صلى الله عليه وسلم حرمة قتله فقال: «مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا» [أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.

ومن صور الفساد في الأرض : نشر البدعة: فالنبي -صلى الله عليه وسلم- حَذَّرَ من الابتداع في الدين، فقال في حديث عائشة -رضي الله عنها- عنه -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» رواه مسلم

ومن صور الفساد: التقاطع في الأرحام وعدم وصلها قال الله تبارك وتعالى: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ﴾ [محمد: 22].

ومن صور الفساد في الأرض : الغِش والخيانة سواء أكان غشًّا في الكم أم في النوع ، في الكم بتطفيف الكيل أو الميزان أو المقياس أو الكميات أو الغش في الامتحانات ، وفي النوع بمحاولة إظهار الرديء في صورة الجيد , فعندما مَرَّ نبينا (صلى الله عليه وسلم) عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلاً فَقَالَ: « مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ »؟. قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: « أَفَلاَ جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَىْ يَرَاهُ النَّاسُ مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّى ».رواه مسلم.

من صور الفساد: زعزعة الأمن فالأمن في الأوطان مطلب الكل يريده ويطلبه، ومن يسعى لزعزعة الأمن إنما يريد الإفساد في الأرض، وأن تعم الفوضى والشر بين عباد الله، فما يحصل في بلادنا إنما هو إرادة للإفساد في الأرض، فزعزعةَ أمن الأمّة وترويع الآمنين جريمةٌ نكراء فيها إعانة أعداء الإسلام على المسلمين، وصدق المعصوم صلى الله عله وسلم إذ يقول(مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِناً في سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا))( البخاري في الأدب المفرد ، والترمذي وابن ماجه)

ومن صور الإفساد في الأرض السعي إلى الفرقة وتحزب الناس إلى فرقا وجماعات وأحزاب؛ و﴿ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ [الروم: 32]؛ وكل يدعي لنفسه أنه المصلح، ولكن كما قال الله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ ﴾ [سورة البقرة: الآية 220]، لذلك نهى الله عن الفرقة والتحزب، وأمر الله بالاجتماع، ونهى عن الاختلاف: ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ [الأنفال:46]، ويقول – جل وعلا -: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴾ [آل عمران: 103]،

ومن صور الإفساد في الأرض : أخذ الأجر دون الوفاء بحق العمل ، فبعض الناس قد يظن أن احتياله على الغياب من عمله أو هروبه منه أو عدم الوفاء بحقه أمرٌ سهلٌ ، فالحق مقابل الواجب ، وإلا لاختل نظام الحياة وانفرط عقدها .وكذا عدم  إعطاء الْأَجِيرِ حَقَّهُ الذي يعمل عندك بالأجر ولا تعطيه  أجرته هذا إفساد في الأرض  فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال النبي المختار  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : رَجُلٌ أُعْطِيَ بِي ثُمَّ غَدَرَ ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ الْعَمَلَ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ } رواه البخاري. وصدق المعصوم صلى الله عليه وسلم إذ يقول:” أَعْطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ) رواه ابن ماجه

ومن صور الإفساد في الأرض: التعدي على الأموال والممتلكات الخاصّة والعامّة: والاختلاسات وقبول الرشوة وهدايا العمال سحت واستغلال المناصب للمصلحة الذاتية، وهذا كله فساد وخيانة للأمانة،  سواء بسرقة منه أم بإتلافه، فإتلافه وإهلاكه فساد، و سرقته وأكله فساد، ولهذا قال الله عز وجل عن إخوة يوسف عليه السلام: ﴿  قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ ﴾ يوسف: 73.

ومن صور الإفساد في الأرض تخريب وتدمير المنشآت العامة: فإن من يقوم بذلك من حرق المنشآت العامة وإتلاف الأشجار والحدائق والتعدي على رجال الشرطة والجيش يعد من أشد صور الفساد والإفساد في الأرض؛ وقد توعد الله هؤلاء بقوله: ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ (المائدة: 33).  

ثالثًا: ما العلاج ؟  أرجئ الحديث عنه إلى ما بعد جلسة الاستراحة أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم

الخطبة الثانية الحمد لله ولا حمد إلا له وبسم الله ولا يستعان إلا به وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ  …………………… وبعد                                                          أيها السادة : الفساد داء والحمد لله أنه داء لماذا ؟لأن ما من داء علي ظهر الأرض إلا وله دواء كما قال نبينا r  (تَدَاوَوْا  عباد الله فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ وهو  الْهَرَمُ) أي الشيخوخة            …………..إذاً ما علاج الفساد ؟

علاج الفساد أولًا :يبدأ المرء بإصلاح نفسه وبإصلاح أولاده وبيته، فمتى ما صلح الفرد صلحت الأسرة وبالتالي صلحت المجتمعات، ولله در القائل

ابدأ بنفسك فانهَها عن غَيِّها ****فإذا انتهت عنه فأنت حكيم                                                     لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ****عَارٌ عَلَيْك إذَا فَعَلْت عَظِيمُ

والخير كله بالبعد عن الفساد والإفساد بكل أشكاله وصورة؛ قال تعالى ))تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَايُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَافَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ( سورة القصص 83

 العلاج في التمسك بكتاب الله وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قال الله(فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى  وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا ))طه:123-124 ولقد جاء فى السنة ما يدل على حرصه صلى الله عليه وسلم  على محاربة الفساد ومقاومته منها إقامة حكم الله فقال «وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» وعزل صلى الله عليه وسلم جامع الزكاة لما حصل على رشوة.

ومن العلاج بذل النصح والتواصي بالحق، فكلنا ركاب سفينة واحدة إذا نجت نجا الجميع وإذا فسدت فسد الجميع ؛قالت زينب رضي الله عنها))يَا رَسُولَ اللهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ [متفق عليه. ومن العلاج فرض عقوبات رادعة للمفسدين: قال عثمان -رضي الله عنه(( إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن)) أي: يمنع بالسلطان باقتراف المحارم، أكثر ما يمنع بالقرآن؛ وقانون المواريث خير شاهد على ما أقول .

ومن العلاج في قيام أهل الحق والإصلاح بمسؤولياتهم أمرًا بالمعروف بالمعروف ونهيًا عن المنكر بغير منكر، قال تعالى: ((فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ , وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ ))[هود/ ١١٦-١١٧.ومن العلاج أن نتعاون جميعًا على محاربة الفساد، وأن نجعله قضية اجتماعية، فإن البلاء إذا نزل يعم الصالح والطالح والبار والفاجر، لذا قال الصادق المصدوقr  كما في صحيح البخاري من حديث النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَاعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا) رواه البخاري

فلنتق الله عباد الله ، ولنعمل على إصلاح أنفسنا وإصلاح أهلينا وأولادنا ، ولنكن من أهل الحق والدعاة إلى الحق ،ومن المصلحين في الأرض ، وأن نبتعد عن الفساد وسبل المفسدين ، ولنعلم قول الله جل وعلا:  ((إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ(( سورة يونس81 

وليعلم المفسد إن أفلت من حساب الخلق فلن يفلت أبدًا من حساب الخالق جل شأنه ((يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ((سورة الشعراء 88.

فالفساد نقمة والإصلاح نعمة ، قال ربنا )):وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ(( سورة هود 117 فالله الله في الإصلاح الله الله في الصلاح الله الله في عدم الإفساد في الأرض

حفظ الله مصر من كيد الكائدين، وشر الفاسدين وحقد الحاقدين، ومكر الـماكرين، واعتداء الـمعتدين، وإرجاف الـمُرجفين، وخيانة الخائنين.

                    كتب خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الفساد صوره ومخاطره العبد الفقير إلى عفو ربه

د/ محمد حرز

 إمام بوزارة الأوقاف

 

____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »