خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الحفاظ على الأوطان من صميم مقاصد الأديان ، للدكتور خالد بدير
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الحفاظ على الأوطان من صميم مقاصد الأديان ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 15 شوال 1444 هـ ، الموافق 5 مايو 2023م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 5 مايو 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : الحفاظ على الأوطان من صميم مقاصد الأديان :
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 5 مايو 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : الحفاظ على الأوطان من صميم مقاصد الأديان ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 5 مايو 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : الحفاظ على الأوطان من صميم مقاصد الأديان ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
عناصر خطبة الجمعة القادمة 5 مايو 2023م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : الحفاظ على الأوطان من صميم مقاصد الأديان : كما يلي:
أولًا: حبُّ الوطنِ غريزةٌ فطريةٌ وإيمانيةٌ.
ثانيًا: مظاهرُ الحفاظِ على الأوطانِ في الإسلامِ.
ثالثًا: وسائلُ الحفاظِ على الأوطانِ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 5 مايو 2023م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : الحفاظ على الأوطان من صميم مقاصد الأديان : كما يلي:
خطبة بعنوان: الحفاظُ على الأوطانِ مِن صميمِ مقاصدِ الأديانِ
بتاريخ: 15 شوال 1444هـ – 5 مايو 2023م
المـــوضــــــــــوع
الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنَّ مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعدُ:
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الحفاظ على الأوطان من صميم مقاصد الأديان
أولًا: حبُّ الوطنِ غريزةٌ فطريةٌ وإيمانيةٌ.
إنَّ حبَّ الوطنِ غريزةٌ فطريةٌ في جميعِ الكائناتِ الحيةِ، من إنسانٍ وحيوانٍ وطيرٍ، بل إنَّ بعضَ المخلوقاتِ إذا تمَّ نقلُهَا عن موطنِهَا الأصليِّ فإنها تموتُ، ولذا يقولُ الأصمعيُّ – رحمه الله -:” ثلاثُ خصالٍ في ثلاثةٍ أصنافٍ من الحيواناتِ: الإبلُ تحنُّ إلى أوطانِها وإنْ كان عهدُها بها بعيدًا، والطيرُ إلى وكرِه وإنْ كان موضعُه مجدبًا، والإنسانُ إلى وطنهِ وإنْ كان غيرُه أكثرَ نفعًا “. ( المجالسة وجواهر العلم – أحمد بن مروان الدينوري).
كما أنّ حبَّ الوطنِ والحفاظَ عليهِ مِن صميمِ مقاصدِ الأديانِ؛ لأنَّه لا قيامَ لدينٍ أو شعائرَ أو عباداتٍ بدونِ وطنٍ أو أمنٍ، قال تعالى:{ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} (الحج:41). وقال جل شأنه: { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (النور: 55).
لذلك كان مِن حقِّ الوطنِ علينا أنْ نحبَّه، وهذا ما أعلنَهُ النبيُّ ﷺ وهو يتركُ مكةَ تركًا مؤقتًا، فعن عبدِ اللهِ بن عدي أنه سمعَ رسولَ اللهِ ﷺ وهو واقفٌ على راحلتِهِ بالحَزْوَرَة مِنْ مَكَّةَ يَقُول: “وَالله إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرضِ اللهِ وَأحَبُّ أرْضِ اللهِ إِلىَ اللهِ، وَلَوْلاَ أنِّي أخْرِجْتُ مِنْكِ مَاَ خَرَجْتُ” ( الترمذي وحسنه)؛ فما أروعَها من كلماتٍ! كلماتٌ قالَها الحبيبُ ﷺ وهو يودِّعُ وطنَهُ، إنّها تكشفُ عن حبٍّ عميقٍ، وتعلُّقٍ كبيرٍ بالوطنِ، بمكةَ المكرمةِ، بحلِّها وحَرَمها، بجبالِها ووديانِها، برملِها وصخورِها، بمائِها وهوائِها، هواؤُهَا عليلٌ ولو كان محمَّلًا بالغبارِ، وماؤُها زلالٌ ولو خالطَه الأكدارُ، وتربتُها دواءٌ ولو كانت قفارًا.
قال الحافظُ الذهبيُّ مُعَدِّدًا طائفةً من محبوباتِه ﷺ ” وكان يحبُّ عائشةَ، ويحبُّ أَبَاهَا، ويحبُّ أسامةَ، ويحبُ سِبطَيْهِ، ويحبُ الحلواءَ والعسلَ، ويحبُ جبلَ أُحُدٍ، ويحبُ وطنَهُ”.( سير أعلام النبلاء).
ولتعلقِ النبيِ ﷺ بوطنِه الذي نشأَ وترعرعَ فيه ووفائِه له وانتمائِه إليه؛ دعا ربَّهُ لما وصلَ المدينةَ أن يغرسَ فيه حبَّهَا فقالَ: ” اللهمَّ حبِّبْ إلينا المدينةَ كحُبِّنا مكةَ أو أشدَّ”. (البخاري ومسلم) .
وقد استجابَ اللهُ دعاءَهُ، فكان يحبُّ المدينةَ حبًّا عظيمًا، وكان يُسرُّ عندما يَرى معالِمَها التي تدلُّ على قربِ وصولِه إليها، فعن أنسِ بنِ مالكٍ رضي اللهُ تعالى عنه قال: “كان رسولُ اللهِ ﷺ إذا قدمَ من سفرٍ، فأبصرَ درجاتِ المدينةِ، أوضعَ ناقتَه – أي: أسرعَ بها – وإنْ كانتْ دابة حرَّكَها”، أي “حركها من حبِّها”. (البخاري) .
ومع كلِّ هذا الحبِ للمدينةِ لم يستطعْ ﷺ أنْ ينسىَ حبَّ مكةَ لحظةً واحدةً؛ لأنَّ نفسَهُ وعقلَهُ وخاطرَهُ في شغلٍ دائمٍ وتفكيرٍ مستمرٍ في حبِّها، فقد أخرجَ الأزرقيُ في “أخبار مكة” عن ابنِ شهابٍ قال: قدمَ أصيلٌ الغفاريُّ قبل أنْ يُضربَ الحجابُ على أزواجِ النبيِ ﷺ فدخلَ على عائشةَ -رضي اللهُ عنها- فقالتْ له: يا أصيلُ: كيف عهدتَ مكةَ؟! قال: عهدتُها قد أخصبَ جنابُها، وابيضتْ بطحاؤُها، قالتْ: أقمْ حتى يأتيكَ النبيُ، فلم يلبثْ أنْ دخلَ النبيُ، فقال له: “يا أصيلُ: كيف عهدتَ مكةَ؟!”، قال: واللهِ عهدتُها قد أخصبَ جنابُها، وابيضتْ بطحاؤُها، وأغدقَ إذخرُها، وأسلتْ ثمامُها، فقال: “حسبُك -يا أصيلُ- لا تُحزِّنا”. وفي روايةٍ أخرى قال: “ويها يا أصيل! دع القلوبَ تقرُّ قرارَها”، وهكذا يظهرُ لنا أهميةُ حبِّ الوطنِ والانتماءِ إليه في الإسلامِ.
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الحفاظ على الأوطان من صميم مقاصد الأديان
ثانيًا: مظاهرُ الحفاظِ على الأوطانِ في الإسلامِ.
إنَّ الإسلامَ أوجبَ علي الإنسانِ الحفاظَ على وطنهِ، وشرعَ الجهادَ مِن أجلِ الدفاعِ عن العقيدةِ والوطنِ، ودعَا إلي حمايةِ الوطنِ مِن أعدائهِ، ومِمَّن يريدونَهُ بسوءٍ، كما أنَّ الذي يُحدثُ القلاقلَ أو يشجعُ عليهَا أو يدعُو لهَا ليسَ بكاملِ الإسلامِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:” الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ” ( الترمذي وحسنه ) .
ومِن الخيانةِ العُظمَي أنْ يخونَ مواطنٌ وطنَهُ ويتآمرَ ضدَّهُ مِن أجلِ منفعةٍ ماديةٍ أو شخصيةٍ!! ومَن فعلَ مثلَ ذلك كان بعيدًا عن الدينِ بعيدًا عن اللهِ؛ لأنًّ المؤمنَ الحقيقيَّ مَن أمَّنَهُ الناسُ علي دمائهِم وأموالهِم وأعراضهِم.
إنَّ الإنسانَ الذي لم يحافظْ على وطنهِ ويخونُهُ ويتآمرُ مع أعدائِهِ ضدَّ وطنهِ إنسانٌ بعيدٌ عن حظيرةِ الإيمانِ، إنَّهُ يرتكبُ أبشعَ أنواعِ الخيانةِ، إنَّهُ يخونُ اللهَ الذي أمرَ بالدفاعِ والجهادِ مِن أجلِ الوطنِ، ويخونُ رسولَ اللهِ ﷺ الذي أمرَ بحمايةِ أمانةِ الوطنِ، ويخونُ أماناتِهِ وأماناتِ الناسِ وقد قالَ تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }( الأنفال 27 ). قال ابنُ كثيرٍ” : أُنزلتْ في أبي لُبابةَ بنِ عبدِ المنذرِ، حين بعثَهُ رسولُ اللهِ ﷺ إلى بني قُرَيْظةَ لينزلُوا على حكمِ رسولِ اللهِ ﷺ، فاستشارُوه في ذلك، فأشارَ عليهِم بذلك -وأشارَ بيدهِ إلى حلقهِ -أي: إنَّهُ الذبحُ، ثم فطنَ أبو لبابةَ، ورأى أنَّهُ قد خانَ اللهَ ورسولَهٌ، فحلفَ لا يذوقَ ذواقًا حتى يموتَ أو يتوبَ اللهُ عليهِ، وانطلقَ إلى مسجدِ المدينةِ، فربطَ نفسَهُ في ساريةٍ منهُ، فمكثَ كذلك تسعةَ أيامٍ، حتى كان يخرُّ مغشيًّا عليه مِن الجهدِ، حتى أنزلَ اللهُ توبتَهُ على رسولهِ، فجاءَ الناسُ يبشرونَهُ بتوبةِ اللهِ عليهِ، وأرادُوا أنْ يحلوهُ مِن الساريةِ، فحلفَ لا يحلهُ منها إلّا رسولُ اللهِ ﷺ بيده، فحلَّهُ، فقالَ: يا رسولَ اللهِ، إنِّي كنتُ نذرتُ أنْ أنخلعَ مِن مالي صدقةً، فقال يجزيكَ الثلثُ أنْ تصدقَ بهِ”.( تفسير ابن كثير ).
لقد غرسَ الرسولُ ﷺ في نفوسِ الصحابةِ الحفاظَ على الوطنِ وحمايتَهُ والانتماءَ إليهِ، وهو القدوةُ والمثلُ الأعلى في حنينهِ لوطنهِ واشتياقهِ إليهِ، ولقد عاتبَ اللهُ – عزَّ وجلَّ – أحدَ الصحابةِ الأطهارِ لمَّا أرادَ – بحسنِ نيتهِ – أنْ يتخذَ حليفًا وظهيرًا مِن قريش، لما علمَ أنَّ الرسولَ يقصدُهُم، فعن علىٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ فَقَالَ: ائْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ فَخُذُوهُ مِنْهَا. فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا فَإِذَا نَحْنُ بِالْمَرْأَةِ فَقُلْنَا: أَخْرِجِي الْكِتَابَ فَقَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ؛ فَقُلْنَا لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَتُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ. فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا؛ فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى نَاسٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَا حَاطِبُ مَا هَذَا؟ قَالَ: لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ. قَالَ سُفْيَانُ: كَانَ حَلِيفًا لَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا وكَانَ مِمَّنْ كَانَ مَعَكَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنْ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ فِيهِمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي؛ وَلَمْ أَفْعَلْهُ كُفْرًا وَلَا ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: صَدَقَ. فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ } (متفق عليه)؛ وهذا درسٌ عظيمٌ لكلِّ أفرادِ الأمةِ أنْ يحفظُوا أسرارَ وخططَ بلادِهِم، وأنْ لا يتخذُوا مِن أعدائِهِم نصيرًا أو وليًّا أو معينًا على هدمِ البلادِ والأوطانِ وخرابِهَا وفسادِهَا، مِن أجلِ مصالح ماديةٍ، أو أهواءٍ شخصيةٍ، أو أفكارٍ متطرفةٍ، أو غيرِ ذلك مِن المآربِ الأُخرى !!
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الحفاظ على الأوطان من صميم مقاصد الأديان
ثالثًا: وسائلُ الحفاظِ على الأوطانِ.
هناك عدةُ وسائلٍ للحفاظِ على الأوطانِ والحرصِ على عمارتِهَا منها:
نشرُ الوعىِ بقيمةِ الوطنِ:
وذلك بالحفاظِ على معالمِهِ ومنشآتهِ العامةِ والخاصةِ، والحفاظِ على مياهِ نيلهِ، وعدمِ الإفسادِ في أرضهِ، أو تخريبهِ وتدميرهِ، وعدمِ قتلِ جنودهِ وحراسهِ الذين يسهرونَ ليلَهُم في حراستِنَا وحراسةِ أراضينَا!! والذين تمتدُّ إليهم يدُ الغدرِ والخيانةِ بينَ الحينِ والحينِ!! فعن الأصمعِي قال: ” إذا أردتَ أنْ تعرفَ وفاءَ الرجلِ ووفاءَ عهدهِ، فانظرْ إلى حنينهِ إلى أوطانهِ، وتشوُّقهِ إلى إخوانهِ، وبكائهِ على ما مضًى مِن زمانهِ.” ( الآداب الشرعية لابن مفلح) .
ومنها: غرسُ مكارمِ الأخلاقِ في نفوسِ أفرادِ المجتمعِ:
إنَّ للأخلاقِ أهميةٌ كبرى في الإسلامِ، فالخلقُ من الدينِ كالروحِ من الجسدِ، والإسلامُ بلا خلقٍ جسدٌ بلا روحٍ، فالخلقُ هو كلُّ شيءٍ، فقوامُ الأممِ والأوطانِ بالأخلاقِ وضياعِها بفقدانِها لأخلاقِها، قال الشاعرُ أحمد شوقي:
إنما الأممُ الأخلاقُ ما بقيت …………فإن همو ذهبتْ أخلاقُهم ذهبوا
وقال: وَإِذا أُصـــيــبَ الـــقَــومُ فـــــي أَخــلاقِــهِـم………. فَـــــأَقِـــــم عَـــلَـــيــهِــم مَــــأتَـــمـــاً وَعَـــــويــــلا
وقال: صَـلاحُ أَمْـرِكَ لِلأَخْـلاقِ مَرْجِعُـهُ…………… فَقَـوِّمِ النَّفْـسَ بِالأَخْـلاقِ تَسْتَقِـمِ .
ولأهميةِ الأخلاقِ أصبحتْ شعارًا للدينِ ( الدينُ المعاملة ) فلم يكن الدينُ صلاةً ولا زكاةً ولا صومًا فحسب.
قال الفيروز آبادي -رحمه الله تعالى-: “اعلم أنّ الدينَ كلَّه خلقٌ، فمن زادَ عليك في الخلقِ، زاد عليك في الدينِ”. وهكذا كانت الأخلاقُ عاملًا رئيسًا في الحفاظ على الأممِ والأوطانِ والحضاراتِ .
ومنها: التنشئةُ الأسريةُ السويةُ:
فالمجتمعُ عبارةٌ عن أسرٍ، فلو أنَّ كلَّ واحدٍ منَّا أنشأَ أسرةً سويةً؛ فمن مجموعِ هذه الأسرِ نبنِي أمةً ومجتمعًا قويًا متماسكًا؛ لأنَّ للأسرةِ دورًا كبيرًا في رعايةِ الأولادِ منذُ ولادتِهم وفي تشكيلِ سلوكِهم، وما أجملَ هذه العبارة: ” إنَّ وراءَ كلِّ رجلٍ عظيمٍ أبوين مربيين”، وكما يقولُ بعضُ أساتذةِ علم النفسِ: “أعطونَا السنواتِ السبعَ الأولى للأبناءِ نعطيكُم التشكيلَ الذي سيكونُ عليه الأبناءُ”. وكما قيل: “الرجالُ لا يولدون بل يُصنعون”.
إذن تبدأُ المسؤوليةُ والأهميةُ من الأسرةِ، فالأسرةُ التي تربي أبناءَها وتُنمِي قدراتِهم وتغرسُ في نفوسِهم حبَّ الخيرِ وحبَّ الناسِ وحبَّ العملِ وحبَّ الوطنِ والتمسكِ بالأخلاقِ والشمائلِ الإسلاميةِ، والدفاعِ عن الوطنِ من الأعداءِ والحاسدين، إنما هي تقومُ ببناءِ المجتمعِ.
ومنها: مواجهةُ الدعواتِ الهدامةِ وتطهيرُ العقولِ من الأفكارِ المتطرفةِ:
فمن أهمِّ وسائلِ الحفاظ على الأوطان مواجهةُ الإرهابِ وتطهيرُ عُقولِ الشبابِ من الأفكارِ المتطرفةِ؛ لأنَّ الناسَ لو استقامتْ عقولُهم، صاروا يُفكِّرون فيما ينفَعُهم ويبتَعِدون عمَّا يضرُّهم، إذًا هناك علاقةٌ كبيرةٌ بين المحافظةِ على عقولِ الناسِ وبين استقرارِ الأمنِ عندهم؛ لأن مما يُذهِبُ بأمنِ الناسِ انتشارُ المفاهيمِ الخاطئةِ حيالَ نصوصِ القرآنِ والسنةِ، وعدم فهمِهما بفهمِ السلفِ الصالحِ، وهل كُفِّر الناسُ وأريقتْ الدماءُ وقُتلَ الأبرياءُ وخُفرت الذممُ بقتل المستأمنين وفُجِّرت البقاعُ إلا بهذه الأفكارِ المتطرفةِ المعكوسةِ؛ والمفاهيمِ المنكوسةِ؟!!
هذه هي وسائلُ الحفاظِ على الأوطانِ والحرصِ على عمارتِهَا، إذا طبقناهَا عمليًّا على أرضِ الواقعِ، وأصبحنَا متضامنينَ متعاونينَ متكافلينَ يدًا واحدةً، مع نشرِ الوعي وتعاليمِ الإسلامِ السمحةِ، فإنّنَا بحقٍّ نستطيعُ الحفاظَ على وطنِنَا ونقضِي على الإرهابِ بكلِّ صورهِ؛ ونعيشُ آمنين متعاونينَ متراحمينَ كما أرادَ لنَا دينُنَا الحنيفُ!!
نسألُ اللهَ أنْ يجعلَ هذا البلدَ أمنًا أمانًا سلامًا سخاءً رخاءً وسائرَ بلادِ المسلمين،،،
الدعاء،،،،،،، وأقم الصلاة،،،،، كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف