خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الحال أبلغ من المقال ، للدكتور محمد حرز
بتاريخ 1 شعبان 1446هـ ، الموافق 31 يناير 2025م
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الحال أبلغ من المقال ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 1 شعبان 1446هـ ، الموافق 31 يناير 2025م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 31 يناير 2025م بصيغة word بعنوان : الحال أبلغ من المقال ، للدكتور محمد حرز.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 31 يناير 2025م بصيغة pdf بعنوان : الحال أبلغ من المقال ، للدكتور محمد حرز.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 31 يناير 2025م بعنوان : الحال أبلغ من المقال .
أولًا: شعبانُ بوابةٌ لرمضانَ.
ثانيــــًا: دينُنَا أفعالٌ قبلَ الأقوالِ .
ثالثــــًا وأخيرًا:كُن هينًا لينًا سهلًا.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 31 يناير 2025م بعنوان : الحال أبلغ من المقال : كما يلي:
خطبةُ الجمعةِ القادمةِ: الحالُ أبلغُ مِن المقالِ
د. مُحمد حرز بتاريخ: 1 شعبان 1446هــ – 31يناير 2025م
الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهُ، وَأُثْنِي عَلَيْهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ الصف: 2 – 3، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ وليُّ الصالحين، وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفيُّهُ مِن خلقهِ وخليلُهُ، يا مصطفَى
وأَحسنُ منكَ لم ترَ قطُّ عينِي ** وَأجْمَلُ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النّسَاءُ
خلقتَ مبرأً منْ كلّ عيبٍ ** كأنكَ قدْ خلقتَ كما تشاءُ
فاللهُمّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ المختارِ وعلى آلهِ وصحبهِ الأعلامِ، مصابيحِ الظلامِ، خيرِ هذه الأمةِ على الدوامِ، وعلى التابعينَ لهم بإحسانٍ والتزامٍ. أمَّا بعدُ …..فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) أل عمران ( 102)
عبادَ الله: ( الحالُ أبلغُ مِن المقالِ )، عنوانُ وزارتنِا وعنوانُ خطبتِنا
عناصر اللقاء:
أولًا: شعبانُ بوابةٌ لرمضانَ.
ثانيــــًا: دينُنَا أفعالٌ قبلَ الأقوالِ .
ثالثــــًا وأخيرًا:كُن هينًا لينًا سهلًا.
أيُّها السادةُ: ما أحوجنَا إلى أنْ يكونَ حديثُنا في هذه الدقائقِ المعدودةِ عن الحال أبلغُ مِن المقالِ، وخاصةً ونحن نعيشُ زمانًا كثرَ فيهِ الكلامُ بلا أفعالٍ، زمنُ الكلامِ بلا أفعالٍ، وخاصةً ولَقَدْ طَغَتِ المَادَّةُ على الرُّوحِ، فَاجْتَثَّتِ الكَثِيرَ مِنَ القِيَمِ وَالأَخْلَاقِ، وَشَرَدَ النَّاسُ عَنْ جَادَّةِ الصَّوَابِ، وَتَغَلْغَلَتْ في الأُمَّةِ عَادَةٌ سَيِّئَةٌ مُدَمِّرَةٌ، بَرَّحَتِ الأُمَّةَ وَأَتْعَبَتْهَا، حَذَّرَ اللهُ تعالى مِنْهَا في كِتَابِهِ العَظِيمِ وَنَدَّدَ، قال جل وعلا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾. انْفِصَامُ العَمَلِ عَنِ القَوْلِ، نَرَى القَوْلَ في وَادٍ وَالفِعْلَ في وَادٍ آخَرَ، دُونَ تَأَثُّمٍ وَدُونَ حَرَجٍ، سَارُوا في حَيَاتِهِمُ الدُّنْيَا في ضِلَعٍ وَعِوَجٍ، العَقِيدَةُ في وَادٍ وَالقِيَمُ في وَادٍ آخَرَ، العِبَادَةُ في وَادٍ وَالأَخْلَاقُ في وَادٍ آخَرَ، الشَّعَائِرُ في وَادٍ وَالشُّعُورُ في وَادٍ آخَرَ، وَنَسِيَ هَؤُلَاءِ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿كَبُرَ مَقْتَاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾، نريدُ أقوالًا وأفعالًا لنسعدَ في الدنيا والآخرةِ ،وخاصةً وأنَّ الأفعالَ أصدقُ برهانٍ على صدقِ الإيمانِ، وأنَّ العملَ أبلغُ في التأثيرِ مِن مجردِ الكلامِ فكثيرًا ما يتحدثُ الناسُ عن الخيرِ، ولكن قلةٌ منهُم مَن يترجمونَ أقوالَهُم إلى أفعالٍ، هذا هو الفارقُ بينَ الصادقينَ والمنافقينَ وبينَ المصلحينَ والمدعين .
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الحال أبلغ من المقال ، للدكتور محمد حرز
أولًا: شعبانُ بوابةٌ لرمضانَ.
أيُّها السادةُ: شعبانُ بوابةٌ وقنطرةٌ لرمضانَ، شعبانُ دورةٌ تأهيليةٌ تدريبيةٌ على الصيامِ والقيامِ والقرآنِ، شعبانُ نهايةُ السنةِ التكليفيةِ للإنسانِ، شعبانُ البيانُ الختامِيُّ للسنةِ كلِّهَا، ترفعُ فيهِ الأعمالُ إلى اللهِ، شعبانُ شهرُ القرآءِ، فكان حَالُ السَّلَفِ الصَّالِحِ فِي شَعْبَانَ فَهُوَ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا دَخَلَ شَهْرُ شَعْبَانَ، أَقْبَلُوا عَلَى مَصَاحِفِهْمِ فَقَرَأُوهَا، وَأَخْرَجُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ لِيُعِينُوا غَيْرَهُمْ عَلَى طَاعَةِ اللهِ فِي رَمَضَانَ. وَتَرَكُوا الْكَثِيرَ مِنْ مَشَاغِلِ الدُّنْيَا، وَأَخَذُوا يَسْتَعِدُّونَ فِيهِ لاِسْتِقْبَالِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَأَكْثَرُوا فِيهِ مِنَ الصِّيَامِ وَالذِّكْرِ وَالْقِيَامِ، وَكَانُوا يَقُولُونَ عَنْ شَهْرِ شَعْبَانَ إِنَّهُ شَهْرُ الْقُرَّاءِ.
وإنَّ لشهرِ شعبانَ عندَ اللهِ -تعالى- فضيلةً، وقد كانت الجاهليةُ تُغالِي في تعظيمِ رجبٍ وتهملُ شهرَ شعبانَ، فجعلَ اللهُ لهُ مِن الخصائصِ ما زادَهُ مكانةً في نفوسِ المسلمين، جعلَهُ اللهُ شهرَ ختامٍ لأعمالِ السنةِ، فعن أسامةَ بنِ زيدٍ -رضي اللهُ عنهما- قال: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ ﷺ: « ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ الناسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَب الْعَالَمِينَ، فَأُحِب أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ »؛ (رواه أحمد والنسائي)، ولقد خصَّ اللهُ جلَّ وعلَا شهرَ شعبانَ بليلةِ النصفِ المباركةِ: قالَ النبيُّ ﷺ: « إِن اللهَ لَيَطلِعُ فِي لَيْلَةِ النصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ »، (رواه ابن ماجه وابن حبان )، وخصّهُ النبيُّ ﷺ بزيادةِ صيامٍ، ففي حديثِ أسامةَ بنِ زيدٍ -رضي اللهُ عنهما– قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟ قَالَ: « ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ الناسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَب الْعَالَمِينَ، فَأُحِب أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ »؛ (رواه النسائي)، وتقولُ السيدةُ عائشةُ -رضي اللهُ عنها-: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَصُومُ حَتى نَقُولَ: لاَ يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتى نَقُولَ: لاَ يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ؛ (رواه البخاري)، ولمسلمٍ عنهَا: “كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلا قَلِيلًا”. فَانْظُرُوا رَحِمَكُمُ اللهُ كَيْفَ كَانَ حَالُ نَبِيِّنَا ﷺ فِي شَعْبَانَ. وخصّهُ اللهُ جلَّ وعلَا بحادثةٍ تعلنُ للعالمِ تميزَ المسلمينَ عن غيرِهِم، وبراءتَهُم مِن كلِّ ملةٍ مخالفةٍ، وهي: “حادثةُ تحويلِ القبلةِ” فعندمَا قدمَ النبيُّ ﷺ مِن مكةَ إلى المدينةِ كان يستقبلُ بيتَ المقدسِ، وبقِيَ على ذلك ستةَ – أو سبعةَ – عشرَ شهرًا، كما ثبتَ في الصحيحينِ مِن حديثِ البَرَاءِ بنِ عازبٍ -رضي اللهُ عنه-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلَّى إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ البَيْتِ، ثمَّ بعدَ ذلكَ أمرَهُ اللهُ تعالَى باستقبالِ الكعبةِ ( البيتِ الحرامِ )، وذلك في قولِهِ جلَّ وعلا: ( فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144]، فشعبانُ نفحةٌ مِن نفحاتِ ربِّكُم ألَا فتعرضُوا لها قبلَ فواتِ الأوانِ، حباهُ اللهُ بخيراتٍ عظيمةٍ وبفضائلَ عديدةٍ وفوائدَ كثيرةٍ فاغتنموهُ قبلَ فواتِ الأوانِ.
دَقَّاتُ قلبِ المرءِ قائلة ٌ له***إنَّ الحياة َ دقائقٌ وثواني
فارفعْ لنفسِكَ بعدَ موتكَ ذكرَهَا ***فالذكرُ للإنسانِ عُمرٌ ثاني
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الحال أبلغ من المقال ، للدكتور محمد حرز
ثانيــــًا: دينُنَا أفعالٌ قبلَ الأقوالِ.
أيُّها السادةُ: الرَّجُلُ الكَامِلُ هُوَ الذي جَمَعَ بَيْنَ القَوْلِ وَالعَمَلِ، هُوَ الذي جَاءَ فِعْلُهُ مُصَدِّقَاً لِقَوْلِهِ، هُوَ الذي مَا عَرَفَ التَّنَاقُضَ وَلَا الانْفِصَامَ في الشَّخْصِيَّةِ، هُوَ الذي جَعَلَ هَوَاهُ وِفْقَ هَوَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ ﷺ، وكيف لا ؟ والرَّجُلُ الكَامِلُ هُوَ الذي إِذَا رَأَيْتَهُ رَأَيْتَ أَخْلَاقَ الإِسْلَامِ وَآدَابَهُ فِيهِ، إِذَا سَمِعْتَ قَوْلَهُ، وَنَظَرْتَ فِعْلَهُ، ذَكَّرَكَ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ ﷺ، تَرَاهُ مُحِبَّاً مَحْبُوبَاً، تَرَاهُ بَرَّاً رَحِيمَاً شَفُوقَاً، تَرَاهُ مَحْبُوبَاً لَا تَنْفِرُ مِنْهُ القُلُوبُ، إِذَا قَابَلَ النَّاسَ قَابَلَهُمْ بِالبِشْرِ وَالسُّرُورِ، وَأَرَادَ لَهُمُ الخَيْرَ، وَدَعَا لَهُمْ بِظَهْرِ الغَيْبِ. وكيف لا ؟ والنَّاسُ اليَوْمَ يَنْتَظِرُونَ الأَفْعَالَ قَبْلَ الأَقْوَالِ، يَنْتَظِرُونَ الأَعْمَالَ وَالأَخْلَاقَ وَالآدَابَ قَبْلَ الكَلِمَاتِ، النَّاسُ اليَوْمَ يَنْتَظِرُونَ القُدْوَةَ الصَّالِحَةَ في الأَفْعَالِ، يَنْتَظِرُونَ مَنْ تَحَقَّقَ بِقَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلَاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحَاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْـمُسْلِمِينَ﴾. يَا مَنْ يَقُولُ: إِنَّنِي مِنَ الْـمُسْلِمِينَ؛ وَيَا مَنْ يَدْعُو إلى الإِسْلَامِ أَيْنَ عَمَلُكَ الصَّالِحُ؟
هَلْ سَفْكُ الدِّمَاءِ مِنَ العَمَلِ الصَّالِحِ؟ هَلْ سَلْبُ الأَمْوَالِ مِنَ العَمَلِ الصَّالِحِ؟
هَلْ تَرْوِيعُ الآمِنِينَ مِنَ العَمَلِ الصَّالِحِ؟ هَلْ أكل الربا مِنَ العَمَلِ الصَّالِحِ؟
هَلْ أكل المواريث مِنَ العَمَلِ الصَّالِحِ؟هَلْ الغيبة والنميمة مِنَ العَمَلِ الصَّالِحِ؟
وكيف لا ؟ وإنَّ مِن أعظمِ ما يُميزُ الصادقينَ مِن الناسِ هو تطابقُ أقوالِهِم مع أفعالِهِم، فليس العبرةُ بكثرةِ الحديثِ عن الخيرِ، بل بحسنِ العملِ بهِ. وكم مِن أشخاصٍ ملأوا الدنيا بالكلامِ عن المبادئِ والأخلاقِ، ولكن عندَ الاختبارِ لم تجدْ لهم أثرًا في التطبيقِ، بينمَا هناكَ رجالٌ قلَّ كلامُهُم، لكن أعمالُهُم كانت أبلغَ مِن آلافِ الخطبِ والمواعظِ، يقولُ اللهُ -عزَّ وجلَّ- في محكمِ كتابِه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ (الصف: 2-3). ، فهذه الآيةُ الكريمةُ تُبيّنُ خطورةَ أنْ يكونَ الإنسانُ ذا لسانٍ فصيحٍ يدعُو إلى الخيرِ ولكنهُ لا يعملُ بهِ، فالمقتُ مِن اللهِ -وهو أشدُّ أنواعِ الغضبِ- يلحقُ كلَّ مَن يخالفُ فعلُهُ قولَهُ. وقد أكدَ النبيُّ ﷺ هذه الحقيقةَ في سنّتِهِ المطهرةِ، فقالَ في الحديثِ الصحيحِ يجاءُ بالرجُلِ يَوْمَ القيامَةِ فيُلْقَى في النارِ ، فتَنْذَلِقُ أقتابُهُ ، فيدورُ بها في النارِ ، كما يدورُ الحمارُ برحاهُ ، فيُطِيفُ بِهِ أهلُ النارِ ، فيقولونَ : يا فلانُ ! ما أصابَكَ ؟ ألم تكنْ تأمرُنا بالمعروفِ وتنهانا عنِ المنكَرِ ؟ فيقولُ : بلَى ، قَدْ كنتُ آمرُكُم بالمعروفِ ولَا آتِيهِ ، وأنهاكُم عَنِ المنكَرِ وآتِيهِ” (رواه البخاري ومسلم). وفي روايةٍ قال: وإنِّي سمعتُهُ يقولُ -يعنِي النبي ﷺ-: “ ررْتُ ليلةَ أُسرِيَ بي بأقوامٍ تُقرضُ شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ من نارٍ ، قُلْتُ : من هؤلاءِ يا جبريلُ ؟ قال : خُطَباءُ أمتِكَ الذينَ يقولونَ ما لا يفعلونَ ويقرؤونَ كتابَ اللهِ ولا يعملونَ بِه,)) وكيف لا ؟ والنبيُّ ﷺ قدوةٌ في مطابقةِ الفعلِ للقولِ، لقد كان النبيُّ ﷺ خيرَ مثالٍ على مَن يسبقُ فعلُهُ قولَهُ، فقد سُئلت عائشةُ رضي اللهُ عنها عن خُلُقِهِ، فقالت: “كان خُلُقهُ القرآن” (رواه مسلم). أي أنَّ النبيَّ ﷺ كان قرآناً يمشِي على الأرضِ، لا يأمرُ بشيءٍ إلّا وكان أولَ مَن يفعلهُ، ولا ينهَى عن شيءٍ إلّا وكان أولَ مَن يتركُهُ، وكان يُجسِّدُ تعاليمَ القرآنِ في سلوكِهِ، فلم يكنْ يكتفِي بالأمرِ بالصلاةِ بل كان أولَ المصلين، ولم يكن يوصِي بالصدقةِ فحسب، بل كان أجودَ الناسِ كفًّا. بل قالتْ أُمُّنَا عَائِشَةُ: مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ بِهَا)، وعن أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ( خَدَمْتُ النَّبِيَّ ﷺ عَشْرَ سِنِينَ فَمَا قَالَ لِي أُفٍّ وَلَا لِمَ صَنَعْتَ وَلَا أَلَّا صَنَعْتَ) (رواه البخاري ومسلم). فكان النبيُّ ﷺ قدوةً عمليةً، فلم يكن يُكثرُ مِن العتابِ أو الملامِ، بل كان يُرشدُ بأفعالِهِ قبلَ أقوالِه. وحينما دعا الناسَ إلى الجهادِ في سبيلَ اللهِ، لم يكن يجلسُ في المدينةِ ويوجهُ الجنودَ، بل كان في مقدمةِ الصفوفِ، يشاركُ في الغزواتِ، ويتحملُ الأذى كما تحملَ أصحابُهُ. ففي غزوةِ أحدٍ حين فرَّ بعضُ المسلمينَ بسببِ شدةِ القتالِ، ظلَّ النبيُّ ﷺ ثابتًا في المعركةِ حتى جُرحَ وجهُهُ الشريفُ وسالت منه الدماءُ، وكُسرَت رباعيتُهُ، لكنه لم يتراجعْ، بل كان يقولُ: “كيف يُفلحُ قومٌ شجّوا نبيَّهُم وكسروا رباعيتَهُ؟” (رواه مسلم ،وفي غزوةِ الخندقِ، حين اشتدَّ البردُ والجوعُ، كان النبيُّ ﷺ يُشاركُ أصحابَهُ في حفرِ الخندقِ، حتى غطَّى الترابُ جسدَهُ الشريف، ولم يكن يجلسُ في خيمتِهِ ويأمرُهُم بالعملِ، بل كان معهم في الصفوفِ الأماميةِ، يضربُ بالفأسِ ويشجعُهُم. الصحابةُ أفعالُهُم أبلغُ مِن أقوالِهِم لقد تربَّى الصحابةُ على يدِ النبيِّ ﷺ، وكانوا يعلمون أنَّ الإسلامَ ليس شعاراتٍ تُرفعُ، بل هو مواقفٌ تُثبت، ولذلك كانوا خيرَ مَن جسّدوا هذا المبدأَ. فهذا أبو بكرٍ الصديقُ رضي الله عنه في يومِ الردةِ حينما تُوفِي النبيُّ ﷺ، وارتدت بعضُ القبائلِ عن الإسلامِ، ترددَ بعضُ الصحابةِ في قتالِ المرتدين، لكنَّ أبا بكرٍ الصديقَ رضي اللهُ عنه ثبتَ موقفَهُ وقال: “واللهِ لو منعونِي عقالاً كانوا يؤدّونَهُ إلى رسولِ اللهِ ﷺ لقاتلتُهُم عليه”. ولم يكن قولُهُ مجردَ تهديدٍ، بل نفّذَ وعمل، فقادَ بنفسِهِ جيشَ المسلمين، وأصرّ على محاربةِ المرتدينَ حتى أعادَ الاستقرارَ إلى الدولةِ الإسلاميةِ. وهذا عمرُ بنُ الخطابِ رضي اللهُ عنه يومَ فتحِ بيتِ المقدسِ عندمَا توجّهَ المسلمونَ إلى فتحِ بيتِ المقدسِ، طلبَ أهلُهَا أنْ يأتِيَ الخليفةُ المسلمُ بنفسِهِ لتسليمِ مفاتيحِ المدينةِ، فجاء عمرُ بنُ الخطابِ رضي اللهُ عنه بنفسِه، وكان يسيرُ على دابتِه ومعه غلامُه، وكانا يتناوبانِ الركوبَ، حتى دخلَ المدينةَ وهو يسيرُ على قدميهِ، والغلامُ راكبٌ! وعندمَا استغربَ القادةُ ذلك، قال عمرُ قولتَهُ المشهورةُ: “نحن قومٌ أعزّنَا اللهُ بالإسلامِ، فإنْ ابتغينَا العزةَ في غيرِهِ أذلّنَا اللهُ“. لم يكن عمرُ يتحدثُ عن التواضعِ نظريًا، بل جسّدَهُ عمليًا في كلٍّ مواقفِهِ. وهذا سعدُ بنُ أبي وقاصٍ في القادسيةِ عندمَا المسلمينَ في معركةِ القادسيةِ ضدَّ الفرسِ، لم يكن فقط قائداً يأمرُ الجندَ مِن بعيدٍ، بل كان أولَ مَن نزلَ بسلاحِهِ إلى النهرِ ليعبرَهُ مع الجيشِ المسلمِ، قائلاً: “إنَّ اللهَ ناصرُنَا لا محالةَ، فلا تتأخروا”، وبالفعلِ تبعَهُ الجنودُ، وعبروا النهرَ كأنّهُم يسيرون على اليابسةِ، وحققوا نصرًا عظيماً. الفرقُ بينَ المنافقينَ والصادقينَ كان المنافقونَ في زمنِ النبيِّ ﷺ يكثرون مِن الكلامِ، ولكنّهُم يخذلونَ المسلمينَ عندَ الشدةِ. وفي غزوةِ تبوكٍ، عندما دعا النبيُّ ﷺ المسلمينَ للقتالِ، بدأَ المنافقونَ يختلقونَ الأعذارَ، فقالوا: ﴿ لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ ٱلشُّقَّةُ ﴾ (التوبة: 42). أمّا الصحابةُ الصادقونَ، فلم يتكلمُوا كثيرًا، بل استجابُوا فورًا. وعندما جاء عثمانُ بنُ عفانَ رضي اللهُ عنه للنبيِّ ﷺ في تجهيزِ جيشِ العسرةِ، قدّمَ ألفَ دينارٍ ذهبًا وقال: “يا رسولَ اللهِ، هذا في سبيلِ اللهِ”، فقال النبيُّ ﷺ: “ما ضرَّ عثمانَ ما فعلَ بعدَ اليومِ” (رواه الترمذي)، فلا يكفي أنْ ندّعِي الإيمانَ، بل يجبُ أنْ نُثبتَ ذلك بالأفعالِ. فالإسلامُ دينُ العملِ، لا دينُ الشعاراتِ. يقولُ اللهُ -عز وجل-: ﴿ وَقُلِ ٱعْمَلُوا فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ ﴾ (التوبة: 105). فلنحرصْ على أنْ نكونَ مِن الذين يسبقُ فعلُهُم قولَهُم، ولا نكون مِن الذينَ يقولونَ ما لا يفعلون. ولنقتدِ بالنبيِّ ﷺ وصحابتِهِ الكرامِ الذينَ علّمونَا أنَّ الإسلامَ يُثبتُ بالأفعالِ لا بالكلماتِ. لا يكفي أنْ ندّعِي الأخلاقَ الفاضلةَ أو ننادِي بهَا، بل يجبُ أنْ نظهرَهَا في أفعالِنَا. فمَن يدّعِي الأمانةَ وهو يخونُ، أو يدّعِي الرحمةَ وهو يظلمُ، فهو كاذبٌ أمامَ اللهِ وأمامَ الناسِ. يقولُ النبيُّ ﷺ: ” إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ و في روايةٍ ( صالحَ ) الأخلاقِ ” (رواه البيهقي). ولم يكن ﷺ يكتفِي بدعوةِ الناسِ للأخلاقِ، بل كان يعيشُهَا في كلِّ لحظةٍ مِن حياتِه.فإياكَ ثم إياكَ مِن مخالفةِ الفعلِ للقولِ، يقولُ اللهُ–تعالى-: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ)سورة البقرة( 44 ، وقالَ جلّ وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) سورة الصف (2) (3)، وقالَ تعالى إخبارًا عن شعيبٍ ﷺ:)وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْه))سورة هود(88). وللهِ درُّ القائلِ:
لا تنهَ عن خُلقٍ وتأتِيَ مثلَهُ *** عارٌ عليكَ إذا فعلتَ عظيمُ
ابدأْ بنفسِكَ فانههَا عن غيّهَا *** فإنْ انتهت عنهُ فأنت حكيمُ
فهناكَ يقبلُ إنْ وعظتَ ويقتدِى *** بالقولِ منكَ وينفعُ التعليمُ
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.الخطبة الثانية …الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلّا لهُ، وبسمِ اللهِ ولا يستعانُ إلّا به، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ …………………… وبعد
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الحال أبلغ من المقال ، للدكتور محمد حرز
ثالثــــًا وأخيرًا:كُنْ هينًا لينًا سهلًا.
أيُّها السادةُ: تأملُوا قولَهُ تعالى جيدًا:) فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ(، فاللينُ رحمةٌ مِن اللهِ يرحمُ بهَا مَن يشاءُ مِن عبادِهِ ليدخلَهُم إلى رياضِهِ ويرزقَهُم القبولَ عندَ خلقِهِ، فالعبدُ اللينُ محبوبٌ عندَ اللهِ وعندَ خلقِهِ، والعبدُ القاسِي المتسلطُ المتجلدُ الصلبُ ممقوتٌ عندَ اللهِ وعندَ خلقِهِ، والسماحةُ سببٌ مِن أسبابِ رحمةِ الرحمنِ جلَّ جلالُهُ، فأين الذي يبحثونَ عن رحمةِ اللهِ -جلَّ وعلا-؟ أين الذي يريدونَ أنْ ينالُوا دعاءَ سيدِنَا رسولِ اللهِ ﷺ ففي صحيحِ البخارِي عَنْ جابرٍ، رضي اللَّهُ عنْهُ، أن رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: “رَحِم اللَّه رجُلا سَمْحاً إِذَا بَاع، وَإذا اشْتَرى، وَإذا اقْتَضىَ”. فيا مَن كان حريصاً على أنْ ينالَ الرحمةَ مِن اللهِ ببركةِ الدعاءِ الشريفِ: فعليكَ بالسماحةِ أثناءَ تعاملِكَ بالدينارِ والدرهمِ، كُنْ سمحاً عندَ البيعِ، وكُنْ سمحاً عندَ الشراءِ، وكُنْ سمحاً عندَ القضاءِ، وكُنْ سمحاً عندَ الاقتضاءِ.
ومِن فضائلِ السماحةِ في البيعِ والشراءِ: أنَّها سببٌ مِن أسبابِ تجاوزِ اللهِ عنكَ يومَ القيامةِ يومَ الحسرةِ والندامةِ فعن أبي هُريرةَ، رضي اللَّه عَنْهُ، أنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَالَ: “كَانَ رجلٌ يُدايِنُ النَّاسَ، وَكَان يَقُولُ لِفَتَاهُ: إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِراً فَتَجاوزْ عَنْهُ، لَعلَّ اللَّه أنْ يَتجاوزَ عنَّا فَلقِي اللَّه فَتَجاوَزَ عنْهُ” متفقٌ عَليه،واللين والرحمة سببٌ مِن أسبابِ النجاةِ مِن عذابِ اللهِ ومِن عذابِ النارِ، فعن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي اللهُ عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ ﷺ ” حَرُم على النارِ كلُّ هيِّنٍ لينٍ سهلٍ قريبٍ من الناسِ” وفي رواية: ( أَلَا أُخْبِرُكم بمَن يَحْرُمُ على النَّارِ، وبمَن تَحْرُمُ عليه النَّارُ؟ على كلِّ قريبٍ هيِّنٍ سهْلٍ )، اللهُ أكبرُ فيا مَن تريدُ شهادةَ ضمانٍ لدخولِ جنةِ الرحيمِ الرحمنِ يا مَن تريدُ براءةً مِن النارِ كُنْ سمحًا سهلًا لينًا، هكذا كان النبيُّ ﷺ رحيمًا لينًا سهلًا قريبًا مِن الناسِ، روى البخاريُّ ومسلمٌ مِن حديثِ أبى هريرةَ – رضي اللهُ عنه –: أنَّ أعرابيًا قامَ في طائفةِ المسجدِ النبويِّ – أي في جانبٍ مِن جوانبِ المسجدِ النبويِّ – في حضرةِ النبيِّ ﷺ وبالَ، فقالَ الصحابةُ: مَهْ مَهْ، وقال الحبيبُ صاحبُ الخُلقِ: ” دعُوهُ لا تذرمُوهُ اتركُوه يكملُ بولَهُ في المسجدِ ” وكمّلَ الرجلُ بولَهُ كأنَّهُ يتبولُ في خلاءِ بيتِهِ، وكأنَّهُ ﷺ يعلمُ أنَّ في انقطاعِ البولِ داءً خطيرًا. باللهِ عليكَ ماذا تفعلُ لو دخلتَ المسجدَ ووجدتَ طفلًا صغيرًا يبولُ في المسجدِ أو وجدتَ سفيهًا لا يعرفُ شيءً؟ نحن لا ندعُو إلى التسيبِ لكنّنَا نريدُ أنْ نتعاملَ مع الناسِ بحسنِ الخُلقِ ”، دعوهُ لا تذرموهُ اتركوهُ يكملُ بولَهُ “.. يعنِى دعوهُ يكملُ بولَهُ في المسجدِ، ثم نادَي عليهِ رسولُ اللهِ يا أعرابيُّ فقال لهُ: ” إنَّ المساجدَ لا تصلحُ لشيءٍ مِن هذا وإنَّمَا جُعلتْ للصلاةِ ولذكرِ اللهِ ولقراءةِ القرآنِ” متفق عليه، فقالَ رسولُ اللهِ ﷺ: ” ائتونِي بدلوِ ماءٍ ” فأخذَ الماءَ وصبَّهُ على مكانِ البولِ، فطهرَ المكانَ، وأنهَى الإشكالَ كلَّهُ، فانتفعَ الأعرابيُّ بهذا الحلمِ وبهذا الخُلقِ، وهذه الرحمةِ فدخلَ الصلاةَ. وهذا في غيرِ روايةِ الصحيحينِ وظلَّ يقولُ: اللهُمَّ ارحمنِي ومُحمدًا، ولا ترحمْ معنَا أحدًا، فقالَ لهُ المصطفَى ” لقد تحجَّرتَ واسعًا، قالَ اللهُ: ( ورحمتِي وسعتْ كلَّ شيءٍ) فلماذَا ضيقتَ ما وسّعَ اللهُ؟
فاقَ النبيينَ في خَلقٍ وفي خُلقٍ *** فلم يدانوهُ في عـلـــمٍ ولا كــــــــــرمٍ
فهو الذي تمَّ معنـــاهُ وصـــــــورتُهُ *** ثم اصطفــــــــاهُ حبيبًا بارئَ النسمِ
فاللهَ اللهَ في السماحةِ في البيعِ والشراءِ،، اللهَ اللهَ في التعاملِ بالحسنَى، اللهَ اللهَ في المعاملاتِ، فالدينُ المعاملةُ.
حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كيدِ الكائدين، وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه
د/ محمد حرز
إمام بوزارة الأوقاف
_______________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف