خالد بدير: حثنا الشرع الحنيف على علو الهمة وطلب المعالي في الأمور كلها
قال الدكتور خالد بدير من علماء الأوقاف ، حثنا الشرع الحنيف على علو الهمة وطلب المعالي في الأمور كلها .
وقد عرف العلماء الهمة بأنها:” توجه القلب وقصده بجميع قواه الروحانية إلى جانب الحق، لحصوله الكمال له أو لغيره ” . (التعريفات للجرجاني)
ولقد تضافرت النصوص النبوية على طلب علو الهمة في أعمال الدنيا والآخرة؛ لأن الله سبحانه وتعالي يحب صاحب الهمة العالية ويبغض أصحاب الهمم الدنيئة ؛ فَعَنْ سَهْلِ بن سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ، وَيُحِبُّ مَعَالِيَ الأُمُورِ ، وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا” . ( الحاكم والطبراني وقال الهيثمي: رجاله ثقات ) . يقول الإمام ابن القيم: ” فمن علت همته، وخشعت نفسه، اتصف بكلِّ خلق جميل. ومن دنت همته، وطغت نفسه، اتصف بكلِّ خلق رذيل.” (الفوائد) .
وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ. “(البخاري ومسلم)؛ قال ابن بطال: ” فيه ندب إلى التعفف عن المسألة، وحض على معالي الأمور، وترك دنيئها ، والله يحب معالي الأمور” (شرح البخاري) . وقال مالك: ” عليك بمعالي الأمور وكرائمها، واتقِ رذائلها وما سفَّ منها؛ فإنَّ الله تعالى يحبُّ معالي الأمور، ويكره سفسافها.”( ترتيب المدارك للقاضي عياض) .
ولقد طمأن النبي صلى الله عليه وسلم أهل الهمة العالية:
بأن الله -عز وجل- يمدهم بالمعونة على قدر سمو هممهم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : « إِنَّ الْمَعُونَةَ تَأْتِي مِنَ اللَّه لِلْعَبْدِ على قدر المؤونة » . ( البزار والبيهقي بسند صحيح)؛ ، وبين صلى الله عليه وسلم أن أكمل حالات المؤمن أن يكون همه الاستعداد للآخرة، وبذلك تأته الدنيا راغمة؛ فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” مَنْ كَانَتْ الْآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ؛ وَمَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ.”( ابن ماجة والترمذي ) .
وأكد الدكتور خالد بدير: وطنوا أنفسكم على علو الهمة؛ فإن من جبل على علو الهمة، لا يرضى بالدون، ولا يقنع بالقليل، ولا يلتفت إلى الصغائر. ” ولهذا قيل: ذو الهمة إن حط فنفسه تأبى إلا علوًّا، كالشعلة في النار يصوبها صاحبها وتأبى إلا ارتفاعًا. وما أجمل قول عمر بن عبد العزيز: إنَّ لي نفسًا تواقة؛ لم تزل تتوق إلى الإمارة، فلما نلتها تاقت إلى الخلافة، فلما نلتها تاقت إلى الجنة ! “( عيون الأخبار لابن قتيبة)