الأوقاف
حق الطفل في الرعاية والتنشئة السليمة بمديرية الأوقاف بأسيوط
درس عن: ” حق الطفل في الرعاية والتنشئة السليمة ” للواعظة/ نعمة محمود عطية بمسجد الفردوس بالغنايم.
==============================
في إطار حرص وزارة الأوقاف على حقوق الأطفال في التربية والتنشئة السليمة، و بتوجيهات كريمة من معالي السليمة ا. د/ أسامة السيد الأزهري Usama Elsayed Alazhary وزير الأوقاف، وبرعاية الدكتور/ محمود سعد شاهين وكيل وزارة الأوقاف بأسيوط، وإشراف الشيخ/ محمد عبد اللطيف محمود، مدير عام الدعوة والمراكز الثقافية بالمديرية، أقيم اليوم الاثنين 2024/11/18
درس عن (( حق الطفل في الرعاية والتنشئة السليمة)) للواعظة/ نعمة محمود عطية بمسجد الفردوس التابع لإدارة أوقاف الغنايم، وقد تناولت الواعظة الموضوع من خلال مجموعة من الأسس والمفاهيم على النحو التالي:
مفهوم الرعاية:
يشمل مفهوم رعاية الطفل ورعاية الأسرة توفير الخدمات العامة والخاصة والفردية أو الجماعية لتلبية احتياجات الأطفال والآباء وأفراد الأسرة المباشرة. إن توفير التسهيلات التي تمكّن العمال من الاضطلاع بمسؤوليات الرعاية يؤدي دوراً هاماً في تعزيز المساواة في المعاملة بين النساء والرجال العاملين الذين يتحملون مسؤوليات أسرية، وبين هؤلاء العمال وغيرهم من العمال. ولمنع التمييز ضد المرأة على أساس الزواج أو الأمومة وضمان حقها الفعلي في العمل، تشير اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) إلى ضرورة التزام الدول الأطراف في الاتفاقية باتخاذ التدابير المطلوبة لتوفير ما يلزم من الخدمات الاجتماعية الداعمة لتمكين الآباء من التوفيق بين الالتزامات العائلية ومسؤوليات العمل والمشاركة في الحياة العامة.
إن من أجل النعم التي أنعم الله – عز وجل – بها على الإنسان بعد نعمة الإيمان بالله سبحانه وتعالى نعمة الولد الذي به يُحفظ النسل، وتُقر العين، فالأطفال نعمة إلهية، وهبة ربانية، يختص الله بها من يشاء من عباده، قال تعالى: ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمٰوٰتِ وَالأرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (٤٩)أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾ (الشورى:49-50)، فبالأطفال تُملأ الحياة بهجة وسرورًا، ويُبدل ظلام البيوت إلى ضياء ونور، فهم مصابيح البيوت، وقرة العيون، وفلذة الأكباد، فهم زينة الحياة الدنيا، كما قال ربنا في القرآن الكريم: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَوٰةِ الدُّنْيَا وَالْبٰـقِيٰتُ الصّٰــلِحٰتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾ (الكهف:46)،
هذه النعمة العظيمة – نعمة الأطفال – تستوجب شكر الله – عز وجل – عليها، قال الخليل إبراهيم عليه السلام بعد أن رزقه الله – عز وجل – بنعمة الولد: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمٰعِيلَ وَإِسْحٰقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ * رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَوٰةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾ (إبراهيم:39-40)، فالشكر على النعم ويحفظها، قال تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ (إبراهيم:7)، وتستلزم الاهتمام بها حتى ينشأ جيل يعرف حقوق الله – عز وجل – وحقوق الوالدين والوطن والمجتمع.
ولقد اعتنى الإسلام عناية فائقةً بالأطفال وتربيتهم تربيةً تحقق للأبناء وللآباء سعادةً في الدنيا والآخرة، فاعتنى الإسلام بالطفل قبل أن يأتي للحياة فأمر راغبي الزواج بالانتقاء واختيار الزوجة الصالحة؛ لأنّ البيوت إذا شاع فيها جوُّ الإيمان انعكست آثاره على أهله خيرًا وبرًا، وسعادةً وهناءً، وهذا ما أشار إليه الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: «… فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ» (صحيح مسلم)، وكان اهتمام الإسلام بالطفولة قبل ظهور المنظمات الدولية التي تهتم بشأن الطفولة، وذلك لأهمية هذه المرحلة الخطيرة والحرجة في حياة الإنسان، فالطفولة مرحلة أساسية يعبر بها كل إنسان إلى مرحلة النضج والرشد، فاعتنى الإسلام بالأطفال حتى يكونوا إضافة إيجابية وعنصرًا فاعلًا في المجتمع، فشرع لهم الكثير من الأحكام التي تعود على الولد والأسرة ثم المجتمع بالنفع والفائدة.
واهتمام الإسلام بالطفولة بدأ من مرحلة كونه جنينًا في بطن أمه، فشرع له من الأحكام والتشريعات ما يكفل له حقه، ويحافظ على آدميته واحترامه، في عناية فائقة ورعاية شاملة، فهذه المرحلة هي نقطة البدء، التي تستحق العناية والاهتمام، ومن ثمّ ضمن حق الحياة وهو في بطن أمّه، فحرّم الإجهاض عمدًا، وأوجب رعاية الحامل طيلة فترة حملها، وأباح للمرأة الحامل الفطر في شهر رمضان إذا خافت على جنينها، حتى ينمو الجنين نموًا طبيعيًا، فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللهَ وَضَعَ عَنْ المُسَافِرِ نِصْفَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمَ وَعَنْ الحُبْلَى وَالمُرْضِعِ» (رواه النسائي).
كذلك من مظاهر عناية الإسلام بالطفل: اختيار أحسن الأسماء له، فقد ألزم الآباء اختيارَ الأسماء الحسنة لأولادهم التي ينادون بها بين الناس، فالاسم الحسن يبعث في النفس راحة وطمأنينة لا تتحقق مع الاسم السيئ، فعَنْ أَبِي الدَّرْدَاء رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آَبَائِكُمْ، فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ» (رواه أبوداوود)، فإذا ما أَهَلَّ المولود على أبويه فهما مأموران باختيار أحسن الأسماء له، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الغُلامُ مُرْتَهَنٌ بعقيقته يُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِع، وَيُسَمَّى، وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ» (سنن الترمذي). ولقد رغب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الأمة في أحسن الأسماء وأحبها إلى الله، فعَنْ نَافِعٍ، عن ابْنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللهِ تَعَالَى عَبْدُ اللهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ» (سنن أبي داود) وفي رواية الإمام مسلم، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إَنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إِلَى اللهِ عَبْدُ اللهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ»، وكان صلى الله عليه وسلم ينهى عن تسمية الأبناء بأسماء قبيحة، فقال: «لَا تُسَمِّ غُلَامَكَ رَبَاحًا، وَلَا يَسَارًا، وَلَا أَفْلَحَ، وَلَا نَافِعًا» (صحيح مسلم).
والعلة في النهي عن الأسماء القبيحة مراعاة الجانب النفسي عند الطفل، حتى لا تسبب له أي نوع من أنواع الإيذاء النفسي، جاء رجل إلى الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكو إليه عقوق ابنه، فأحضر عمر الوالد وابنه، وعاتبه على عقوقه لأبيه، ونسيانه لحقوقه، فقال الولد: يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه؟ قال: بلى، قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟ قال عمر: أن ينتقي أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه الكتاب (أي القرآن)، قال الولد: يا أمير المؤمنين إن أبي لم يفعل شيئًا من ذلك، أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي، وقد سماني جُعلًا (أي: خنفساء)، ولم يعلمني من الكتاب حرفًا واحدًا، فالتفت عمر إلى الرجل وقال له: جئت إلى تشكو عقوق ابنك، وقد عققته قبل أن يعقك، وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك. (تربية الأولاد في الإسلام).
وختمت حديثها بقول سفيان الثوري: «حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه، وأن يزوجه إذا بلغ، وأن يحسن أدبه»؛ فإن حسن اختيار الاسم للولد يساعد على تنشئته في حياة كريمة فيبعد عنه السخرية والاستهزاء، ويوفر له الراحة النفسية التي يحتاجها كلما ذُكر اسمه، فالاسم هو عنوان الشخصية.
إتبعنا