الأوقاف
انطلاق الأسبوع الثقافي بأوقاف أسيوط حول موضوع هام ” ظاهرة أطفال الشوارع الأسباب والحلول”
بتوجيهاتٍ كريمة من معالي الأستاذ الدكتور أسامة السيد الأزهري، وزير الأوقاف، وبرعاية الدكتور محمود سعد شاهين، وكيل وزارة الأوقاف بأسيوط،
شهد مسجد الحق التابع لإدارة أوقاف جنوب المدينة، يوم الأحد الموافق 5 يناير 2025، فعاليات اليوم الأول من الأسبوع الثقافي بعنوان: “ظاهرة أطفال الشوارع: الأسباب والحلول”. هذه الفعالية جاءت لتسليط الضوء على واحدة من أخطر الظواهر التي تهدد المجتمع بأسره، وذلك من منظور ديني وشَرعي يسعى إلى تقديم حلول عملية مستمدة من تعاليم الإسلام.
بدأت الفعالية بتلاوة قرآنية عطرة بصوت فضيلة الشيخ هاني فتحي حسانين، الذي أبدع في قراءة آيات من سورتي النساء والمائدة. جاءت هذه الآيات لتُذكّر الحاضرين بقيمة التعاون والتراحم في الإسلام، مستندة إلى قوله تعالى: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ” (المائدة: 2). كانت التلاوة بمثابة انطلاقة مميزة، أثرت القلوب وفتحت العقول لاستيعاب أبعاد الموضوع المطروح.
ألقى فضيلة الشيخ محمد عبد اللطيف محمود، مدير عام الدعوة والمراكز الثقافية بمديرية أوقاف أسيوط، كلمة شاملة تناول فيها خطورة ظاهرة أطفال الشوارع وأبعادها المختلفة. استهل حديثه بتوضيح أن هذه الظاهرة ليست مجرد مشكلة اجتماعية، بل هي أزمة أخلاقية ودينية تستوجب تدخلًا عاجلًا ومسؤولًا. وأكد أن الإسلام أولى اهتمامًا بالغًا بالطفولة، فجعلها أمانة في أعناق الآباء والمجتمع بأسره، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته” (صحيح البخاري).
وأشار فضيلة الشيخ إلى أن من أبرز أسباب انتشار هذه الظاهرة التفكك الأسري، وضعف التوجيه الديني، والفقر الذي يدفع بالأطفال إلى الشوارع بحثًا عن لقمة العيش. وأضاف أن الإسلام يحث على رعاية الأيتام والمحتاجين، كما جاء في قوله تعالى: “فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ” (الضحى: 9). ودعا إلى ضرورة استنهاض الجهود المجتمعية لمعالجة هذه الظاهرة عبر تعزيز التكافل الاجتماعي، وتوفير البيئة المناسبة للأطفال للنمو في ظل رعاية أسرية ودينية سليمة.
ثم تحدث الأستاذ الدكتور بدوي فوزي محمد، أستاذ الحديث المساعد بكلية أصول الدين بأسيوط، عن البعد الشرعي للظاهرة، مشيرًا إلى أن الشريعة الإسلامية وضعت أسسًا واضحة لحماية الأطفال ورعايتهم. قال الدكتور: “إن الأطفال هم أمانة عظيمة، ورعايتهم مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمجتمع والدولة. وقد شدد الإسلام على أهمية الرحمة واللطف، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا” (سنن الترمذي).
وأضاف الدكتور بدوي أن ظاهرة أطفال الشوارع تحتاج إلى حلول جذرية تبدأ من الأسرة، حيث يجب أن تتحمل مسؤوليتها في تربية الأبناء وغرس القيم الأخلاقية والدينية في نفوسهم. كما دعا إلى تفعيل دور المساجد والمدارس الدينية في تقديم التوجيه والدعم لهؤلاء الأطفال، مشددًا على أن المجتمع بأسره مسؤول عن احتضانهم وحمايتهم من الاستغلال.
وأوضح الدكتور بدوي أن معالجة هذه الظاهرة لا تقتصر على الجانب الديني فقط، بل تشمل أيضًا الجوانب الاقتصادية والاجتماعية. وأشار إلى أهمية إطلاق مبادرات حكومية لتوفير الدعم المادي والمعنوي للأسر الفقيرة، وإنشاء مراكز متخصصة لإعادة تأهيل الأطفال المشردين ودمجهم في المجتمع. كما أكد على ضرورة تطبيق القوانين بحزم لحماية الأطفال من الإهمال والاستغلال.
في ختام الفعالية، أكد الشيخ محمد عبد اللطيف على أهمية تضافر الجهود بين المؤسسات الدينية والمجتمعية والحكومية لمعالجة هذه الظاهرة التي تمثل نداءً صريحًا للإنسانية. وأشار الشيخ محمد إلى أن الإسلام يدعو إلى إحياء قيم الرحمة والتكافل، مستشهدًا بقوله صلى الله عليه وسلم: “من لا يَرحم لا يُرحم” (صحيح مسلم).
أكد المشاركون أن هذه الفعالية تمثل خطوة مهمة في تسليط الضوء على القضايا المجتمعية التي تحتاج إلى حلول شاملة ومستدامة، داعين الجميع إلى تحمل مسؤولياتهم تجاه هذه الظاهرة الإنسانية والعمل على إعادة بناء مستقبل أكثر إشراقًا لأطفالنا.
إتبعنا
تعليق واحد