عاجل

الفن ….. والبلاغ إلى الناس … بقلم : أسامة فخري الجندي

الفن ….. والبلاغ إلى الناس … بقلم : أسامة فخري الجندي

986770_603569243060455_1557443147_n (1)

اخترت أن أبدأ المقال بتلك الكلمات (( الفن والبلاغ إلى الناس )) ، نعم فالفن سلاح فعّال ، الواجب فيه أن يكون أداة للبلاغ المبين نحو معالجة قضايا الأمة ، وجمع شتاتها ، والمحافظة على ثوابتها ، فالفن يجب أن يكون من مكونات الذات الإنسانية السوية ، وأداة فاعلة في تحصيل العلم ، وحفظ المعلومات ، إن الفن الأصل فيه أن يكون من ضرورات الوجود والارتقاء بالنسبة للإنسان …. ولكن !!!

يواجه مجتمعنا الآن نوعًا من الفنون – خاصة ما يتم مشاهدته أو سماعه من خلال بعض الأفلام أو المسلسلات أو الأغاني أو غير ذلك – قد غلب عليه المجون والانحرافات ، يواجهُ فنًّا أصبح عاملاً من عوامل التحلل والانحلال ، يواجه فنًّا أصبح غالب توجيهاته هو إثارة لغرائز العنف والغضب والشهوة واللذة المادية في الإنسان ؛ مما أصاب قوى الأمة بالتفكك والانحلال ، وضرب الوهنُ قدراتِها ، وأصاب الشللُ تفكيرَها ؛ لأنها أصبحت – وللأسف –  منحصرة في دائرة واحدة لا تخرج منها ، وهي دائرة الترف واللذة وإبراز نماذج البلطجة وإلقاء الكلمات الخاضعة على مسامع أطفالنا ونسائنا ، فماذا ننتظر من أمة تتقلب في مثل هذا الفن ؟ وماذا ننتظر من جيل تمتلئ جوارحه بسماع الألفاظ النائية والكلمات الخاضعة ، بل والمبتذلة ، وكذلك بمشاهدة المناظر الجارحة السافرة التي ضربت حتى العادات الاجتماعية قبل ما يدين به كل فرد في أمتنا ؟ .

إن الأصل في الفن أن يكون هادفًا ، أن يُرسخ القيم الاجتماعية من خلال أنواع الدراما المختلفة ، أن يرسخ القيم التاريخية والبطولية من خلال الفن التاريخي ، وقبل ذلك أن يُرسخ القيم الرُّوحية لا في البرامج الدينية المختلفة وحسب ، بل في سائر الفنون باختلافها .

نحن نريد فنَّا يقوم على مصالح الأمة ، ويعمل على تنمية معارفها العلمية ، ويهذب طباعها وسلوكها ، يحاول أن يعالج المشكلات التي تتقلب فيها الأمة ، يحاول أن يعطي نموذجًا لإدارة الأزمات ، وقبل ذلك كله يحافظ على هُوية الأمة .

إننا نريد فنًّا يرتقي بالذوق والحس الإنساني ، لا أن يبرز لنا حالات البلطجة في صورة البطولة ، وحالات السفور والإباحية في صورة الأمر المعتاد وكأنه أصبح معهودًا لا شيء فيه ، وحالات الصراع في صورة أنه أمر لا بد منه .

إن انفعال النفس الإنسانية بجماليات الحياة هو فطرة فطر الله النفس الإنسانية السوية عليها ، ونحن نريد من القائمين على الفنون أن يحافظوا على ذلك بعدم معاندة الفطرة الإنسانية ، بل أن تكون عونًا على ترقيتها وتهذيبها .

نريد فنًا يكون سبيلاً لتهذيب النفس ، يكون وسيلة لتوجيه الطاقات نحو البناء ، ومعلوم أن بناء الأمم وبناء الحضارات يرتبط ارتباطًا وثيقا بالبناء الأخلاقي ، وأن انهيارها يرتبط أيضًا ارتباطًا وثيقًا بانهيار الأخلاق فيها …

إنه من الواجب على الأسر جميعًا أن يدركوا أنه بواسطة هذا النوع من الفن المبتذل ، وبطريقة غير مباشرة ، بل ومباشرة في بعض الأحايين ، أنه فن يبذر بذور الفتنة ، ويفرق بين أفراد الأمة ، ويدعوا إلى الأخلاق المذمومة كالنميمة ، والغيبة ، والخوض في أعراض الغير ، إن هذا النوع من الفن وكأنه يمسك بيده معول (فأس) يهدم به البنيان الذي جاء الإسلام ليقيمه ، وكأنه ينسف الإنسان قِيما وأخلاقًا ورُوحًا …. فإذا كانت الحروب والأزمات والكوارث تستهدف الإنسان بأسلحتها الفتاكة ، فإنما تستهدف الإنسان كجسد … لكن هناك حربًا أخرى أشد فتكًا وهي ما نشاهده من أمثال ذلك النوع من الفن .

إن هذا النوع من الفن يضرب الأمن الاجتماعي للأمة ؛ مما يدعو إلى حالة من التخوف والقلق وعدم الطمأنينة .

إن هذا النوع من الفن يحرِّك السلوك الإنساني إلى تقليد ما يراه وما يسمعه من رذائل ومخالفات وانحرافات ، الأمر الذي يتوجب على الأسرة من خلال وليّها أن يعيد ترتيب أوراقه جيدًا ويباشر بنفسه ما تشاهده أسرته وما يأتي على مسمعها ، هذا إذا أردنا مجتمعًا نقيًّا مترابطًا .

 

دور المؤسسات في مواجهة هذه الظاهرة :

إننا ندعو المؤسسات المعنية بهذا الأمر أن يشددوا الرقابة على المنتجات الفنية المختلفة ، وأن يكون هناك ترابط بين المؤسسات المختلفة ، الدينية والاجتماعية والتعليمية والثقافية والبيئية والفنية … وغيرها ، في إبراز الدور الأصيل أولاً للفن بصفة عامة ، ثم ما يعرض عليهم من أعمال وأن يكون الهدف العام للفن باختلاف توجهاته موافقًا للفطرة السليمة النقية لا أن يعاندها . أن يكون قائمًا على نشر مناخ من التعايش والوئام ونبذ الخلافات ومجالات الانفصال . أن يقوم على إصلاح الفكر وتجديد لغة الثقافة والحوار لما يُرى من المتغيرات التي تطرأ على الحياة ، فالأمم الواعية هي التي تحاول تجديد حيوية ثقافتها وحضارتها . أن يقوم على إبراز تجريم العنف والترويع والإرهاب والتمييز والتطرف . أن يبرز قيمالحب والتسامح ،‏ رافضاً لنشر بذور الفتنة . أن يحافظ على ثوابت وهوية الأمة خاصة الجانب الأخلاقي ، لا أن ننفلت أخلاقيًا فيؤثر ذلك على العقل الجمعي للأمة ، ولن نجد حينها إلا أجيالا لا تستطيع حتى أن تحمل راية البناء ؛ نظرًا لما يعيشونه من ترهل فكري وانعدام أخلاقي وتشتت فكري بسبب ما يتم مشاهدته وسماعه عبر تلك الأنواع المشار إليها للفن .  

كتبه  : أسامة فخري الجندي

 

اظهر المزيد

admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »