عاجل

العشر من ذي الحجة فضائل ومزايا ومنح وعطايا ، للشيخ /كمال المهدي

العشر من ذي الحجة فضائل ومزايا ومنح وعطايا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه..
وبعد :
أحبتي في الله :_
إن أعمار أمة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم هي أقصر الأمم أعماراً، قال صلى الله عليه وسلم: ( أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين)..
ومن فضل الله وكرمه أن عوضها بأن جعل لها،مواسم للخيرات تزداد وتضاعف فيها الحسنات وترفع فيها الدرجات فكأن من عمل عملا ًفي هذه المواسم رزق عمراً طويلاً،
فعن ابن عمر – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( مثلكم ومثل أهل الكتابين كمثل رجل استأجر أجيراً فقال: من يعمل لي غدوة إلى نصف النهار على قيراط؟ فعملت اليهود، ثم قال: من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط؟ فعملت النصارى، ثم قال: من يعمل لي من صلاة العصر إلى أن تغيب الشمس على قيراطين؟ فأنتم هم. فغضبت اليهود والنصارى وقالوا: ما لنا أكثر عملاً وأقل أجراً !؟ قال: هل نقصتكم من حقكم شيئاً؟ قالوا: لا، قال: ذلك فضلي أوتيه من أشاء)..
هذه المواسم منحة ومنة من الله تعالى على عباده؛ لأن العمل فيها قليل والأجر والثواب جزيل، وهى والله فرصة عظيمة لا يحرم خيرها إلا محروم، ولا يغتنمها إلا السعيد الذي وفَّقهُ الله تعالى ..
فالسعيد من اغتنم هذه الأوقات وتعرض لهذه النفحات..
ففي الحديث الذي رواه الطبراني قال صلى الله عليه وسلم: (إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبداً) .
… ومن هذه النفحات ومواسم الخيرات والطاعات التي نحن بصددها…
**العشر الأولى من شهر ذي الحجة**.
هذه العشر من أعظم الأيام عند الله تعالى ولها العديد من الفضائل والمزايا…
****
** أولها : أن الله تعالى أقسم بها في كتابه الكريم تنويها بشرفها وعظم شأنها..
فقال سبحانه: (والفجر * وليال عشر * والشفع والوتر) قال المفسرون وأهل العلم: إنها عشر ذي الحجة. والله جل وعلا حينما يقسم بشئ فهذا دليل على عظم قدره. فالعظيم لا يقسم إلا بما هو عظيم.
**ثانيها: أنها الأيام المعلومات التي ذكرها الله في كتابه وحث على ذكره فيها…
قال تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ) ، قال ابن عباس وابن كثير يعني: (أيام العشر) .
**ثالثها : أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد بأنها أعظم أيام الدنيا، وأن العمل الصالح فيها أفضل منه في غيرها…
ففي حديث ابن عباس رضي الله عنهما، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، فقالوا: يارسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) رواه الترمذي،
وورد في حديث ابن عمر : (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد)..
**رابعها: فيها يوم عرفه…
وما أدراك ما عرفه؟
يوم عرفة الذي قال فيه – صلى الله عليه وسلم – كما في حديث عائشة رضي الله عنها: ( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء ؟ ) رواه مسلم ، وهو يوم مغفرة الذنوب وصيامه يكفر سنتين.
**خامسها : فيها يوم النحر…
ويوم النحر أعظم الأيام عند الله تعالى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعظم الأيام عند الله تعالى، يوم النحر، ثم يوم القرّ) رواه أبو داود .
****
ولعل السر في أن هذه العشر من ذي الحجة اختصت بهذه المكانة والمنزلة هو اجتماع أمهات العبادة فيها :من الصلاة والصيام والصدقة والحج والذكر ، ولا يتأتى ذلك في غيرها..
ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه رضوان الله عليهم أن يغتنموها وأن يجتهدوا فيها بالأعمال الصالحات..
وهذا سعيد بن جبير رحمه الله كان إذا دخلت العشر اجتهد اجتهاداً شديد حتى ما يكاد يُقدَر ُ عليه.
***
إذاً هذه الأيام المباركات وهذه النفحات
حري بنا أن نستغلها ولا نجعلها تمر من بين أيدينا فلنتعرض لها عسى أن نكون فيها من المقبولين والفائزين..
فالسعيد كما قلنا من اغتنم هذه الأوقات وتعرض لهذه النفحات.
والسؤال الآن كيف نغتنم هذه الأيام؟؟
نقول نغتمها بالأعمال الصالحات التي أمرنا بها رب العزة وأمرنا بها حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ومن هذه الأعمال :_
أولها : * المحافظة على الفرائض والواجبات *
فينبغي على المسلم أن يحافظ على الفرائض وان يؤديها على وجهها الكامل ، ففي الحديث القدسي عن أبي هريرة : (وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه) رواه البخاري .
ثانيها : *الإكثار من النوافل *
بعد إتقان الفرائض والمحافظة على الواجبات ينبغي للعبد أن يستكثر من النوافل والمستحبات، قال تعالى في الحديث القدسي : (ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه) فلنكثر من صلاة النوافل والصدقة وغيرها في هذه الأيام المباركات..
ثالثها: *الصيام *
والصيام من أفضل الأعمال. وقد اصطفاه الله تعالى لنفسه كما في الحديث القدسي: (قال الله: كل عمل بني آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به)
وعن حفصة رضي الله عنها قالت: (أربع لم يكن يدعهن النبي صلى الله عليه وسلم: صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة) رواه أبو داود وغيره، والمقصود صيام التسع، لأنه قد نُهِي عن صيام يوم العيد، قال الإمام النووي عن عشر ذي الحجة ” صيامها مستحب استحباباً شديداً “، وآكدها صوم يوم عرفة لغير الحاج، فقد ثبت عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: (يكفّر السنةالماضيةوالباقية) رواه مسلم
رابعها : * ذكر الله والتكبير والتهليل *
فينبغي علينا أن نكثر من ذكر الله في هذه الأيام. وان نكثر من التكبير والتهليل والتحميد
لقول الله تعالى: ( ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) وجمهور العلماء على أن المقصود بالآية أيام العشر، وكما في حديث ابن عمر (فأكثروا فيهنّ من التهليل والتكبير والتحميد ) رواه أحمد .
فيسن التكبير والتحميد والتهليل والتسبيح أيام العشر. والجهر بذلك في المساجد والمنازل والطرقات وكل موضع يجوز فيه ذكر الله إظهاراً للعبادة، وإعلاناً بتعظيم الله تعالى…
ولقد كان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً..
وكان ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما،
خامسها :**الأضحية **
ومن الأعمال الصالحة في هذا العشر التقرب إلى الله تعالى بذبح الأضاحي فمن كان موسرا فليتقرب إلى الله جل وعلا في هذه الأيام بذبح الأضاحي قال تعالى (فصلي لربك وانحر)
سادسها : *الحج إلى بيت الله الحرام*
فمن المعلوم أن هذه الأيام توافق فريضة الحج، والحج من أعظم الأعمال كما قال صلى الله عليه وسلم حينما سُئل أي العمل أفضل، قال: (إيمان بالله ورسوله، قيل ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور) ، فينبغي للمسلم إن وجد سعة في ماله، وصحة في جسده أن يبادر بأداء هذه الفريضة العظيمة، لينال الأجر والثواب الجزيل، فهي خير ما يؤدّى في هذه الأيام المباركة.
***وختاما نقول أنه ينبغي علينا أن ننتبه إلى هذه المواسم ولا نغفل عنها ولنجتهد فيها حتى نخرج منها بثمرة فالعمر قصير ونحن في حاجة ماسة إلى الزاد ليوم الرحيل وها هي الفرصة سانحة فلنغتنمها
أسأل الله تعالى أن يوفقنا في هذه الأيام للطاعات وان يتقبل منا صالح الأعمال
***
كتبه : الشيخ /كمال السيد محمود محمد المهدي
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »