الدرس السابع : حسن الصحبة من سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ ، للدكتور خالد بدير
سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ الدرس السابع : حسن الصحبة ، للدكتور خالد بدير
لتحميل سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ الدرس السابع : حسن الصحبة ، للدكتور خالد بدير ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ الدرس السابع : حسن الصحبة ، للدكتور خالد بدير ، بصيغة pdf أضغط هنا.
وللإطلاع علي سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ الدرسُ الأولُ: الإخلاصُ والتحذيرُ من الرياء ، للدكتور خالد بدير
وللإطلاع علي سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ الدرس الثاني: التخطيط ودوره في بناء المجتمع ، للدكتور خالد بدير
وللإطلاع علي سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ الدرس الثالث : الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله تعالى ، للدكتور خالد بدير
وللإطلاع علي سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ الدرس الرابع : السعي على الرزق والكسب ، للدكتور خالد بدير
وللإطلاع علي سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ الدرس الخامس : نشأة التاريخ الهجري ، للدكتور خالد بدير
وللإطلاع علي سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ الدرس السادس : مكانة المسجد وعلاقته بالهجرة ، للدكتور خالد بدير
ولقراءة سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ الدرس السابع : حسن الصحبة ، للدكتور خالد بدير : كما يلي:
سلسلة دروس وعبر من هجرة سيد البشر ﷺ
الدرس السابع : حسن الصحبة.
لقد حث الإسلام على حسن اختيار الصحبة لأهميتها في بناء شخصية الأفراد؛ فينبغي على المرء أن يحسن اختيار الصاحب، لأنه يكون على هديه وطريقته ويتأثر به، كما قيل: الصاحب ساحب، حتى لو أردت أن تعرف أخلاق شخصٍ فسأل عن أصحابه. قال الشاعر:
عَنْ الْمَـــــــــــــرْءِ لَا تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ * * * فَكُلُّ قَـــــــــــــرِينٍ بِالْمُقَارَنِ يَقْـــــــــــــــــــــتَدِي
إذَا كُنْت فِي قَوْمٍ فَصَاحِبْ خِيَارَهُمْ * * * وَلَا تَصْحَبْ الْأَرْدَى فَتَرْدَى مَعَ الرَّدِي
وقال آخر:
واحـذرْ مُصاحبـةَ اللئيـم فـإنّـهُ * * * يُعدي كما يُعدي الصحيـحَ الأجـربُ
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ” [ أحمد والترمذي وحسنه ] . قال العلماء: يعني لا تخالل إلا من رضيت دينه وأمانته فإنك إذا خاللته قادك إلى دينه ومذهبه، ولا تغرر بدينك ولا تخاطر بنفسك فتخالل من ليس مرضيا في دينه ومذهبه. ( العزلة للخطابي ) .
وقد صور النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك فقال:” مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً”( متفق عليه ) يعني: هو مستفيد على كل حال، إما أن يعطيك، وإما أن يبيع لك، وإما أن يعلق فيك رائحة طيبة، كذلك الجليس الصالح: إما أن يأمرك بالخير، وإما أن ينهاك عن الشر، وإما أن يدعوك إلى الخير ويحضك عليه، فأنت مستفيد، كذلك جليس السوء إما أن يزهدك من الخير أو يرغبك في الشر، فأنت متضرر على كل حال.
حتى أن أثر الصحبة – صالحة أو طالحة – تعدَّى من عالم الإنسان إلى عالم الكلاب. قال تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ } ( الكهف: 22) فقد استفاد الكلب من صحبة الأخيار، وهو الآن معروف أنه من أخس الحيوانات، ومع ذلك لما صاحب الأخيار صار له شأن وذكر معهم في القرآن وأصابه ما أصابهم.
لهذا كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ في دعائه من صاحب السوء ؛ فعَنْ عُقْبَةَ بن عَامِرٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:” اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ يَوْمِ السُّوءِ، وَمِنْ لَيْلَةِ السُّوءِ، وَمِنْ سَاعَةِ السُّوءِ، وَمِنْ صَاحِبِ السُّوءِ، وَمِنْ جَارِ السُّوءِ فِي دَارِ الْمُقَامَةِ “. [الطبراني وابن حبان في صحيحه وحسنه ] .
أنتَ في النَّاس تُقَاس …………… بالذي اختَرت خَلِيلا
فاصْحَب الأخيَار تَعلو ……………. وتَنل ذِكرًا جَميلا
صُحبة الخَامِل تكسُو …………… من يُؤاخِيه خُمُولا
فلا تصاحب الفساق والفاسدين فتكون مثلهم، ولا تجلس إلى أهل الدنايا فإن خلائق السفهاء تعدي، قال علي بن أبي طالب : «لا تصاحب الفاجر فإنه يزين لك فعله ويود لو أنك مثله».
أيها الإخوة المؤمنون: ونحن على أعتاب أهم حدث في التاريخ الإسلامي ؛ ألا وهو حدث الهجرة النبوية المباركة ؛ لا يفوتنا أن نذكر صداقة أبي بكر رضي الله عنه الذي لقب بالصديق ؛ لتصديقه الرسول صلى الله عليه وسلم في كل شيء؛ فحينما عاد صلى الله عليه وسلم من رحلة الإسراء والمعراج وقص على قريش ما حدث كذبوه فيما قال؛ وعلى رأسهم المطعم بن عدي الذي قال: أنا أشهد أنك كاذب، نحن نضرب أكباد الإبل إلى بيت المقدس مصعدا شهرا ومنحدرا شهرا، أتدعي أنت أتيته في ليلة؟! واللات والعزى لا أصدقك. وانطلق نفرٌ من قريش إلى أبي بكر رضي الله عنه يسألونه عن موقفه من الخبر ، فقال لهم: ” لئن كان قال ذلك لقد صدق” ، فتعجّبوا وقالوا: ” أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح ؟! ” ، فقال: ” نعم؛ إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك ، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة ” ، فأطلق عليه من يومها لقب ” الصديق”. (عيون الأثر , وسبل الهدى والرشاد) .
ولا ننسى لهفة أبي بكر وحبه لصحبة الرسول صلى الله عليه وسلم في الهجرة؛ وهذا الحب هو الذي أبكى أبا بكر فرحاً بصحبته صلى الله عليه وسلم!! إن هذا الحب هو الذي أرخص عند أبي بكر كل ماله ليؤثر به الحبيب صلى الله عليه وسلم على أهله ونفسه.
لهذا كان أمن الناس على النبي – صلى الله عليه وسلم – في صحبته ؛ فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ، قَالَ : خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ” إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ ، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي مَا يُبْكِي هَذَا الشَّيْخَ ؟ إِنْ يَكُنِ اللَّهُ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ العَبْدَ ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا ، قَالَ : يَا أَبَا بَكْرٍ لاَ تَبْكِ ، إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ وَمَوَدَّتُهُ ، لاَ يَبْقَيَنَّ فِي المَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ ، إِلَّا بَابُ أَبِي بَكْرٍ ” . ( البخاري ) .
وفي طريق الهجرة كما ذكر ابن القيم في زاد المعاد، والبيهقي في الدلائل: ” أن أبا بكر ليلة انطلق مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الغار، كان يمشي بين يديه ساعة، ومن خلفه ساعة، فسأله، فقال: أذكر الطلب (ما يأتي من الخلف) فأمشي خلفك، وأذكر الرصد (المترصد في الطريق) فأمشي أمامك، فقال صلى الله عليه وسلم: ” لو كان شيء أحْبَبْتَ أن تُقتل دوني؟ “، قال: أي والذي بعثك بالحق، فلما انتهيا إلى الغار قال: مكانك يا رسول الله حتى أستبرئ لك الغار، فاستبرأه ”
لقد ضرب الصديق لنا مثلا رائعا في أن الصداقة مبادئ ومواقف، وليست شعارات وأقوالا؛ وهكذا الصداقة الحقيقية ؛ ولله در من قال:
جزى الله الشدائد كل خير * * * * * عرفت بها عدوي من صديقي
ومن مواقف الإخلاص في الصداقة الحقيقية ما رواه أبو علي الرباطي قال: صحبت عبد الله الرازي وكان يدخل البادية فقال: على أن تكون أنت الأمير أو أنا ؟ فقلت: بل أنت فقال: وعليك الطاعة فقلت: نعم فأخذ مخلاة ووضع فيها الزاد وحملها على ظهره فإذا قلت له أعطني. قال: ألست قلت: أنت الأمير؟ فعليك الطاعة فأخذنا المطر ليلة فوقف على رأسي إلى الصباح وعليه كساء وأنا جالس يمنع عني المطر فكنت أقول مع نفسي: ليتني مت ولم أقل: أنت الأمير. ( إحياء علوم الدين ) .
أين أخي الحبيب هؤلاء من رفقة اليوم .. وصحبة هذا الزمن؟ ! إنك لو نظرت إلى واقعنا المعاصر تجد أن الصداقة من أجل المصلحة والمنفعة والفائدة؛ فإذا انتهت المصلحة والفائدة انقطع حبل الصداقة؛ وتجد الشخص يتودد إليك بالكلام المعسول؛ ويقابلك بالقبلات والأحضان والمعانقة؛ فإذا احتجت إليه وقت العسر والشدة كأنه لا يعرفك؛ وكان أبعد الناس منك؛ فأنت لك آلاف الأصدقاء ؛ ولكن لا تجدهم عند الحاجة ؛ فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ” إِنَّمَا النَّاسُ كَالْإِبِلِ الْمِائَةِ ؛ لَا تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً ” . ( متفق عليه ) . يقول ابن حجر – رحمه الله – : ” المعنى: لا تجد في مائة إبل راحلة تصلح للركوب ، لأن الذي يصلح للركوب ينبغي أن يكون وطيئاً سهل الانقياد ، وكذا لا تجد في مائة من الناس من يصلح للصحبة ؛ بأن يعاون رفيقه ويلين جانبه” . ( فتح الباري ) .
وفي ذلك يقول لقمان الحكيم: ثلاثة لا يعرفون إلا عند ثلاثة: لا يعرف الحليم إلا عند الغضب؛ ولا يعرف الشجاع إلا عند الحرب؛ ولا يعرف الأخ إلا عند الحاجة إليه.( المجالسة وجواهر العلم للدينوري).
وكفي بالواقع المعاصر على ذلك دليلا!!! وصدق من قال:
لا خيرَ فـي ودِّ امـريءٍ مُتملِّـقٍ ……… حُلـوِ اللسـانِ وقلبـهُ يتلهَّـبُ
يلقاكَ يحلفُ أنـه بـكَ واثـقٌ …….. وإذا تـوارَى عنـكَ فهـوَ العقـرَبُ
يُعطيكَ من طَرَفِ اللِّسانِ حلاوةً…. ويَروغُ منكَ كمـا يـروغُ الثّعلـبُ
فاحرصوا على انتقاء الصحبة الصالحة لكم ولأبنائكم وبناتكم وأزواجكم؛ لتفوزوا بسعادة العاجل والآجل .
اللهم إنا نسألك صحبة الأخيار، وعيشة السعداء، وميتة الشهداء، وحياة الأتقياء، ومرافقة الأنبياء، إنك على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير .
كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف