الخاطرة الثالثة عشرة : شهر الأمل لوزير الأوقاف
شهر رمضان شهر عظيم مفعم بالأمل، فيه الحسنات مضاعفة، وفيه تفتح أبواب الجنة، وتغلق أبواب النيران، فحق لباغي الخير أن يقبل، ويشمر عن ساعد الجد والعمل، وحق لباغي الشر أن يقصر، وقد أمَّن سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على دعاء جبريل (عليه السلام ) إذ قال: “مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ الله، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ”(صحيح ابن حبان).
لقد غرس الإسلام الأمل في نفوس أتباعه من خلال قصص القرآن الكريم، فإبراهيم (عليه السلام) جاءته الملائكة فبشرته بالولد، بعد أن بلغ من الكبر عتيا، قال الله (تعالى): “قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ * قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ” (الحجر: 54، 55)، وقال (تعالى): “وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ”(هود: 71)، وهذا سيدنا زكريا (عليه السلام) قد تقدمت به السن، وضعفت قواه، ووهن عظمه، وكانت امرأته عاقرًا، فلم ييأس ودعا ربه : “قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا” (مريم: 4).
فما أجمل الأمل، وما أصعب اليأس، وما أشقه، وما أخطره، اليأس مدمر للنفوس، محبط للآمال، مولد للكآبة، مثبط للهمم ؛ لذا نهى الإسلام عن اليأس والتأييس، وعدّه بعض أهل العلم من الكبائر .
وفي شهر رمضان يفتح باب الأمل واسعًا، فللَّه (عز وجل) في كل ليلة عتقاء من النار، وفيه ليلة خير من ألف شهر، وهو شهر الدعاء، وشهر الإجابة، وشهر الأمل والرجاء .