” الجواز والوقوع العقلي” بين فتاوى البيان وأحكام التطبيق لوزير الأوقاف
شتان بين العالم المتخصص وبين أدعياء العلم الذين يقحمون أنفسهم علي عالم الفتوي عبر صفحات “اللايك والشير” دون أن يتمكنوا من أدنى درجات سلّم العلم ، فضلا عن التأهل للفتوي أو فهم قواعد اللغة أو أساسيات العلوم المؤهلة للحديث في الشأن العام .
ويفرق المناطقة بين الجواز والوقوع العقلي ، فيقولون كل واقع جائز ولا عكس ، أي وليس كل جائز واقعًا.
فمثلا لو قلنا هل يجوز لكل الحاصلين علي 99% الالتحاق بكلية الطب وفق معطيات التنسيق الذي يسمح بذلك في عام ما فإن الإجابة تكون نعم يجوز ، وهذا هو السؤال عن الجواز.
فإن سألت السؤال الثاني هل التحق كل الطلاب الحاصلين علي هذا المجموع بهذه الكلية في هذا العام ، فإن الإجابة تختلف لأن بعضهم قد يؤثر الصيدلة أو العلوم أو الزراعة أو أي كلية أخرى.
وإذا سُئلنا هل يجوز إلغاء صلاة الجمعة في مكان ما إذا تفشي الوباء في هذا المكان بما يشكل خطرًا على الأرواح تكون الإجابة بلا أي تردد : نعم يجوز ، حفاظًا على الأرواح بشرط أن تكون الجهة الصحية المختصة هي التي تطلب ذلك وتعممه على جميع أماكن التجمع المماثل وليس على خطبة الجمعة وحدها ، فهذا حكم مطلق يقع في دائرة الجواز .
فأن سألتنا هل نحن في حاجة في مصرنا العزيزة إلى إلغاء صلاة الجمعة ، قلنا وبكل تأكيد : لا ، لأن بلدنا بفضل الله ليس فيها ما يستدعي ذلك على الإطلاق ، مع تأكيدنا على أن الرأي الديني يتبع الرأي العلمي المتخصص في ذلك ويبنى عليه ، ولا يسبقه .
ومما يؤكد أننا ندرك أن بلدنا بخير ونسأل الله (عز وجل) أن يحفظنا من كل بلاء ووباء ، أننا لم ولن ننساق خلف أي دعوات تنظيمية مغرضة ومشبوهة وغير مدركة للواقع للدعوة إلى صلاة الحاجة ، فمع إيماننا باستحباب اللجوء إلى الله (عز وجل) بالدعاء أو التسبيح أو الصلاة عند تفشي الأوبئة والكوارث فإننا وجهنا تحذيرًا شديد اللهجة من الانسياق خلف أي دعوات لذلك على مواقع التواصل بالتحذير التالي :
“تنبيه هام بشأن الدعوات التي تنتشر على بعض الصفحات أو بعض مواقع التواصل تدعو إلى صلاة الغائب تارة والحاجة مرة أخرى أو الاستسقاء أو غيره دون الرجوع إلى جهة الولاية الشرعية والقانونية على المساجد وهي وزارة الأوقاف ، فإن الوزارة تؤكد على عدم الانسياق خلف أي من هذه الدعوات أو تمكين أصحابها من المسجد لتحقيق دعواتهم ، وعدم القيام بأي عمل خارج المهام المكلف بها الأئمة ، وعدم السماح بتمكين أي شخص من استخدام المسجد وفق ما يعن له دون
الرجوع إلى جهة الولاية الشرعية والقانونية ، مؤكدة أنها ستتعامل بكل حسم مع من يقحم المساجد في أي من هذه الدعوات التي تبثها مواقع التواصل بين حين وآخر ، وأن تلتزم جميع المساجد بما يكلف به أئمتها من الصلوات المكتوبة وما يصاحبها من سنن ونوافل في وقتها المشروع والمحدد ، دون الانسياق أو الاستجابة لأي دعوات تصدر عن صفحة أو موقع سوى موقع الوزارة الرسمي ومن خلال التعليمات الرسمية الصادرة للمديريات ، لما يترتب على اتباع غير جهة الولاية الشرعية القانونية من مخاطر ، كما تحذر الوزارة وبشدة من فتح المساجد لأي شخص أو مجموعة في غير الأوقات المحددة للصلاة ، وهو ما ستتعامل الوزارة مع من يخالفه بمنتهى الحسم حال وقوع المخالفة ، وينبه على جميع مديري المديريات والإدارات والمفتشين والأئمة وجميع العاملين بالأوقاف التزام أقصى درجات الحفاظ على المساجد وعدم السماح لأحد بالخروج على تعليمات الوزارة وسرعة موافاة رئيس القطاع الديني بأي مخالفة” ، لدعواته التي ظاهرها الرحمة وباطنها أغراض تلك الجماعات والتنظيمات الخبيثة .
وقد وجهنا هذا التنبيه والتحذير لأمرين :
الأول : ترسيخ مرجعية الجهة ذات الولاية الشرعية القانونية على المساجد وهي وزارة الأوقاف ، وعدم تمكين أي طرف أو جهة أو تنظيم من توجيه أي أمر يخص المساجد أو يحاول استغلالها .
ثانيًا : عدم إتاحة الفرصة لأبواق الفتنة وجماعات الضلال من تصوير الأمر على غير ما هو عليه ، بنقل صورة غير صحيحة عن الوضع الصحي الآمن المستقر في وطننا المحفوظ بحفظ الله (عز وجل) له .
ولا حرج على من أراد الصلاة تعبدًا أو تضرع إلى الله عز وجل أن يرفع البلاء عن البشرية أن يصلي بينه وبين الله ما شاء ، متى شاء : في جوف الليل أو غيره في بيته دون أن يجر المساجد إلى خدمة أغراض جماعات أو تنظيمات ظاهرها لبوس الرحمة وباطنها من قبله الضلال والبهتان والعمل على هدم الأوطان .
وختامًا نقول : شتان بين فتاوى البيان وأحكام التطبيق ، وتلك فروق لا يدركها قصيرو النظر ولا أدعياء العلم .