البيان في الحكمة من صيام الرسول في شعبان ، للدكتور خالد بدير
مقال بعنوان البيان في الحكمة من صيام الرسول في شعبان، للدكتور خالد بدير
لتحميل مقال بعنوان البيان في الحكمة من صيام الرسول في شعبان، للدكتور خالد بدير بصيغة word
لتحميل مقال بعنوان البيان في الحكمة من صيام الرسول في شعبان، للدكتور خالد بدير بصيغة pdf
ولقراءة المقال كما يلي
في هذه الأيام تستقبل الأمة الإسلامية شهراً عزيزاً كريما علينا ألا وهو شهر شعبان، ونحن نعلم جميعاً أن الرسول – صلى الله عليه وسلم -كان يجتهد في شعبان ويخصه بأعمال دون غيره من الشهور، ومن أهم هذه الأعمال اختصاص شهر شعبان بالصيام، مما أثار انتباه الصحابة إلى ذلك . فعن أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ! قَالَ: ” ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ “(أحمد والنسائي بسند حسن) . فكان صلى الله عليه وسلم يصوم من شعبان ما لا يصوم من غيره من الشهور، بل إن بعض الروايات صرحت بصيامه كله.
ففي الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : ” مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلَّا رَمَضَانَ وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ “، وزاد البخاري في رواية: ” كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ “
فشعبان وقع بين شهرين عظيمين رجب ورمضان، فرجب من الأشهر الحرم ، ورمضان خير الشهور على الإطلاق، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ، ما الحكمة من تخصيص الرسول- صلى الله عليه وسلم – شهر شعبان بالصيام ؟!!
وإنه من الواجب علينا أن نبحث وندقق حول العلة التي من أجلها كان يفعل النبي – صلى الله عليه وسلم – ذلك، حتى نقتدي به في أقواله وأفعاله، وبالنظر في الأحاديث السابقة وأقوال العلماء نجد أن ذلك يرجع إلى حكم أربعة ، حكمتان ذكرا في حديث أسامة السابق، وحكمتان ذكرهما العلماء، وهاك البيان والله المستعان وعليه التكلان:
الحكمة الأولى: غفلة الناس
كثير منا يهتم بشهر رجب ورمضان لفضلهما، ويغفل عن شعبان ويعتبره راحة وهدنة، فقد بيَّن النبي الأمين – صلى الله عليه وسلم – أن شهر شعبان شهر يَغفلُ عنه الناس، ” ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ “، فقول النبي – صلى الله عليه وسلم – ذلك يشير إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان الشهر الحرام وشهر الصيام اشتغل الناس بهما عنه فصار مغفولاً عنه، والكيس من الناس الذي يغتنم غفلتهم، فيفوز بالقبول عند مولاه اقتداءً بنبيه ومصطفاه.
فعلى المؤمنين في وقت الغفلة أن يزدادوا قرباً وطاعة لله تعالى، وهذا ما كان يَحثُّ عليه النبي – صلى الله عليه وسلم -، واعلموا أن العمل وقت الغفلة محبوبٌ لله تعالى, لذا حثَّ عليه – صلى الله عليه وسلم -، فاستحب النبي – صلى الله عليه وسلم – القيام وسط الليل وقت غفلة الناس، فقد أخرج الترمذي أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال لبعض أصحابه: “إن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن” ، فهذا الوقت هو وقت نوم الناس وغفلتهم, فإذا قام المؤمن لرب العالمين ليفوز بجنة النعيم, فلا يستوي هو ومن آثر الوسادة على العبادة, وكما قيل: “من أراد الراحة، تَرَكَ الراحة “، فهؤلاء هم السابقون الذين قال الرسول صلى الله عليه وسلم فيهم: «سبق المفردون». ثم عرفهم بقوله: «الذاكرون الله كثيراً والذاكرات». ( رواه مسلم) قال المناوي رحمه الله: “المفردون: أي المنفردون المعتزلون عن الناس، من فرد إذا اعتزل وتخلى للعبادة، فكأنه أفرد نفسه بالتبتل إلى الله تعالى.”(فيض القدير). فهؤلاء لما ذكروا الله وقد غفل غيرهم كان السبق لهم.
ولذلك جاء في الحديث الذي أخرجه الترمذي والنسائي وأحمد عن أبى ذر رضي الله عنه: “ثلاثة يحبهم الله: قوم ساروا ليلتهم حتى إذا كان النوم أحب إليهم مما يُعْدَلُ به، نزلوا فوضعوا رءوسهم , فقام أحدهم يتملقني ( يتضرع إليَّ بالثناء والدعاء ) ويتلوا آياتي، وقوم كانوا في سرية فانهزموا فتقدم أحدهم فلقي العدو فصبر حتى قتل، وذكر أيضاً قوماً جاءهم سائل فسألهم فلم يعطوه فانفرد أحدهم حتى أعطاه سرا .”، فهؤلاء الثلاثة انفردوا عن رفقتهم بمعاملة الله سراً بينهم وبينه فأحبهم الله، فكذلك من يذكر الله في غفلة الناس أو من يصوم في أيام غفلة الناس عن الصيام كصيام شعبان الآن، وفى يوم أخَّر النبي – صلى الله عليه وسلم – العشاء إلى ثلث الليل فقال كما عند البخاري:”ما ينتظرها- يعنى العشاء- أحد من أهل الأرض غيركم”، وكأنه – صلى الله عليه وسلم – يقول لصحابته: هذه الصلاة التي تُصلُّون إنما أنتم الذين تصلونها في الدنيا كلها، حال غفلة الناس عن الله تعالى، ففي هذا الشهر الذي يغفل فيه الناس، عليك أخي الكريم أن تكون أنت المقبل حال فرار الناس، والمتصدق حال بخلهم وإحجامهم وحرصهم…، والصائم حين فطرهم، والقائم حال نومهم وغفلتهم…والذاكر لله تعالى حين إعراضهم، فإن هذا سبب لمحبة الله تعالى لك، إذ كلهم في غفلة عن الله وأنت مع الله.
الحكمة الثانية: ترفع فيه الأعمال إلى الله
ففي حديث سيدنا أسامة ” وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ “
فالنبى – صلى الله عليه وسلم – يحرص وقت رفع العمل أن يكون في أحسن حالٍ مع الله، إذ تأتي الملائكة فتجده صائماً قائماً ، فإذا كان الواحد منا يستحى أن يراه ولى أمره أو رئيسه أو مديره وهو على معصية أو في وضعٍ غير لائق، فمن باب أولى أن يكون في أتقى وأنقى وأصفى حال مع الله، ولا سيما حين رفع التقرير السري السنوي إليه سبحانه وتعالى.
ورفع الأعمال إلى رب العالمين على ثلاثة أنواع:- رفع يومي, ورفع أسبوعي, ورفع سنوي.
فالنوع الأول:أن تُرفع الأعمال إلى الله تعالى رفعاً عاماً كل يوم ( رفعاً يومياً )
- فيرفع إليه عمل النهار في أول الليل وذلك في ( صلاة العصر).
- ويرفع إليه عمل الليل في أول النهار وذلك في ( صلاة الفجر ).
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: ” يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَصَلَاةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ، كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ.”(متفق عليه)، وعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ فَقَالَ: ” إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ .”(مسلم) ، لذلك كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يؤكد على هاتين الصلاتين لأن عمل اليوم يرفع فيهما إلي الله تعالى.
النوع الثاني: رفع الأعمال إلى الله تعالى يومي الاثنين والخميس( رفعاً أسبوعياً )
وهذا عرض خاص غير العرض العام كل يوم، فترفع أعمال الأسبوع في يومي الاثنين والخميس.
ولذلك كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يحب أن يصوم الاثنين والخميس لأن الأعمال ترفع فيهما، فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده:”أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان أكثر ما يصوم الاثنين والخميس، فقيل له: ( أي سُئل عن ذلك ) ، قال: إن الأعمال تُعرض كل اثنين وخميس فيُغْفَر لكل مسلم ، أو لكل مؤمن ، إلا المتهاجرين، فيقول أَخِّرهما”، وعند الترمذي بلفظ:”تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأحبُّ أن يُعْرض عملي وأنا صائم”
وكان إبراهيم النخعي يبكى على امرأته يوم الخميس وتبكي إليه، ويقول: اليوم تُعْرَض أعمالنا على الله عز وجل.
النوع الثالث:هو رفع الأعمال إلى الله تعالى في شعبان ( رفعًا سنويًا ):
فترفع أعمال السنة في شهر شعبان، ولكن لم خص شهر شعبان برفع الأعمال مع أنه ليس نهاية العام الهجرى؟!!
أقول : إذا كان العام الهجري ينتهى في ذى الحجة، والعام الميلادي ينتهي في ديسمبر، والعام المالى ينتهى فى يونية، فإن العام التشريعى عند الله ينتهى في شعبان، لأنه بدأ في رمضان حينما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يتعبد في غار حراء وجاءه جبريل وأقرأه، وكان ذلك في رمضان، ويدل على ذلك قوله تعالى:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} (البقرة : 185)، وقوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ }، فشهر شعبان نهاية العام التشريعى، لذلك كان النبي يحرص على صيامه لأن عمله يرفع فيه إلى الله، ورفع الأعمال إلى الله تعالى مع كونه صائماً أدعى إلى القبول عند الله تعالى، وإذا كان النبي يحرص على ذلك وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فحري بنا – ونحن أكلتنا الذنوب – أن نتأسى بنبينا – صلى الله عليه وسلم – بالمسارعة إلى ذلك وأن نكون على أتقى قلب رجلٍ واحد!!!
الحكمة الثالثة: أن شهر شعبان مقدمة وتمرين وتمهيد لرمضان
فصيام شعبان كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل قد تمرن على الصيام واعتاده ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط، ولذلك نزل القرآن والأوامر والنواهي تدريجياً حتى لا توجد على الناس مشقة، قال تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً} (الفرقان: 32) ، وعن عَائِشَةَ قَالَت:”إِنَّمَا نَزَلَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْهُ سُورَةٌ مِنْ الْمُفَصَّلِ فِيهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، حَتَّى إِذَا ثَابَ النَّاسُ إِلَى الْإِسْلَامِ نَزَلَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ ، وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ شَيْءٍ لَا تَشْرَبُوا الْخَمْرَ لَقَالُوا: لَا نَدَعُ الْخَمْرَ أَبَدًا ، وَلَوْ نَزَلَ لَا تَزْنُوا لَقَالُوا لَا نَدَعُ الزِّنَا أَبَدًا”( البخاري)، ولذلك فإن الشخص الذي لم يصم ولا يوماً من رمضان حتى رمضان الثاني، فإن خبر رؤية هلال رمضان يكون عليه كالصاعقة، وكأنه كلف بنقل جبلٍ وما هو بناقله، ولننزل إلى أرض الوقع قليلاً لنضرب لكم مثالاً ثم نعود إليكم: لو أن أحدكم لديه ماكينة أو آلة واحتاجت إلى صيانة كاملة وأوصاه المهندس أن يشغلها تدريجياً ( يعنى عملية تليين ) ثم شغلها عشر ساعات متتاليات فإنها ستكسر فوراً، فكذلك حال الصيام لابد فيه من التدرج والتمرين، ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن ليحصل التأهب لتلقي رمضان وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن ، فعن أنس قال: كان المسلمون إذا دخل شعبان انكبوا على المصاحف فقرءوها وأخرجوا زكاة أموالهم تقوية للضعيف والمسكين على صيام رمضان، وقال سلمة بن كهيل: كان يقال شهر شعبان شهر القراء، وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال: هذا شهر القراء ، وكان عمرو بن قيس إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن.
الحكمة الرابعة: أن شهر شعبان كسُنَّةٍ قبلية لرمضان
إن شهر شعبان سنة قبلية ونافلة لرمضان؛ كما أن الستة أيام من شوال سنة بعدية، فصيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم، وأفضل التطوع – كما قال العلماء- ما كان قريباً من رمضان قبله وبعده، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها، وهي تكملة لنقص الفرائض ، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده ، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة؛ فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بَعُد عنه.
ولما كان صوم رمضان لا بد أن يقع فيه تقصير وتفريط, وهضم من حقه وواجبه ندب إلى صوم شعبان وستة أيام من شوال, جابرة له, ومسددة لخلل الذي يقع فيه، فجرى صيام هذه الأيام مجرى سنن الصلوات التي قبلها وبعدها جابرة ومكملة.
فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ ” إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ بِصَلَاتِهِ فَإِنْ صَلَحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ قَالَ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلُ بِهِ مَا نَقَصَ مِنْ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ”(سنن الترمذي)
فلو صلينا الظهر – مثلاً – فإن الدرجة التي يحصل عليها كل واحد منا تختلف عن الآخر تماماً، وهذا راجع إلى خشية العبد وتقواه لربه، والنسبة المئوية الناقصة تكمل من النوافل، ورسولنا – صلى الله عليه وسلم – يصور ذلك فيقول: “إنَّ العبدَ لَيصلِّي الصَّلاةَ ما يُكتُبُ لَهُ منْها إلَّا عُشرُها، تُسعُها، ثمنُها، سُبعُها، سُدسُها، خمسُها، ربعُها، ثلثُها نصفُها”( أحمد وأبوداود والبيهقي). وقس على ذلك سائر الأعمال كما في الحديث .
ألا فلنسارع إلى الله، ونجد ونجتهد، فمن جد وجد، ومن زرع حصد، كما قال أبو بكر البلخي: شهر رجب شهر الزرع، وشهر شعبان شهر سقي الزرع، وشهر رمضان شهر حصاد الزرع ، فمن لم يزرع ويغرس في رجب، ولم يسق في شعبان فكيف يريد أن يحصد في رمضان؟! وها قد مضى رجب فما أنت فاعل في شعبان ؟!!
مضى رجب وما أحسنت فيه — وهذا شهر شعبــان المبارك
فيا من ضيع الأوقات جـهلاً — بحرمتها أفق واحـذر بوارك
فسوف تفارق اللذات قـسراً — ويخلي الموت كرهاً منك دارك
تدارك ما استطعت من الخطايا — بتوبة مخلص واجعـل مدارك
على طلب السلامة من جحيم — فخير ذوي الجرائم من تدارك
نسأل الله أن يبارك لنا في رجب وشعبان وأن يبلغنا رمضان.
كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي