الأوقاف
الأوقاف بأسيوط: انعقاد الندوة العلمية الكبرى بمسجد تنمية المجتمع بالقوصية غرب
بتوجيهات كريمة من معالي الأستاذ الدكتور أسامة السيد الأزهري، وزير الأوقاف، وبرعاية الدكتور محمود سعد شاهين، وكيل وزارة الأوقاف بأسيوط.
نظمت مديرية أوقاف أسيوط ندوة علمية كبرى بعنوان: “وجوب العدل بين الأولاد في كافة الأمور المادية والمعنوية”، وذلك يوم الأحد الموافق 29 ديسمبر 2024، بمسجد تنمية المجتمع التابع لإدارة أوقاف القوصية غرب. جاءت هذه الندوة ضمن سلسلة من الفعاليات الهادفة التي تسعى الوزارة من خلالها إلى تعزيز القيم الإسلامية وتوضيح أثرها في بناء المجتمع واستقراره.
بدأت الندوة بتلاوة عطرة من آيات الذكر الحكيم بصوت الشيخ محمد صلاح عبد المجيد، الذي أبدع في أدائه، مما أضفى أجواءً من الخشوع والسكينة على الحضور.
ثم ألقى الشيخ محمد عبد اللطيف محمود، مدير عام الدعوة والمراكز الثقافية، كلمة مؤثرة أكد فيها على أهمية العدل بين الأولاد باعتباره واجبًا شرعيًا لا يجوز التفريط فيه. استشهد بقول الله تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} (النحل: 90)،
مبينًا أن العدل في الإسلام ليس مجرد قيمة أخلاقية، بل هو ركن أساسي من أركان الاستقامة الاجتماعية. وأشار إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
“اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم” (رواه البخاري ومسلم)،
مؤكدًا أن التمييز بين الأبناء في الهدايا أو المعاملة يؤدي إلى نشوب الكراهية والبغضاء بينهم. وأوضح الشيخ أن العدل لا يقتصر على الأمور المادية فقط، بل يشمل أيضًا المشاعر والاهتمام. فكما أن الله سبحانه وتعالى عادل في تقسيم الأرزاق، يجب على الإنسان أن يكون عادلًا في معاملته لأبنائه.
وأضاف فضيلته أن الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع، وأن غرس العدل بين الأبناء يساهم في تعزيز الترابط الأسري والانسجام داخل المنزل، مشددًا على أن التربية بالعدل تزرع في الأبناء قيم المحبة والإيثار والاحترام المتبادل، مما يجعلهم أفرادًا نافعين لمجتمعهم.
ثم ألقى الشيخ ناصر محمد السيد علي، مدير المتابعة، كلمته الذي تحدث بشمولية عن أثر العدل في تحقيق السكينة الأسرية. استشهد الشيخ بقوله تعالى:
> {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا، اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (المائدة: 8)،
موضحًا أن العدل هو أساس التقوى والالتزام بشرع الله. وأكد الشيخ ناصر أن العدل بين الأبناء لا يعني المساواة المطلقة في جميع الأحوال، بل هو مراعاة احتياجات كل ابن بما يناسب ظروفه وأوضاعه. وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان نموذجًا للعدل في تعامله مع أهل بيته، حيث كان يوازن بين حب فاطمة الزهراء رضي الله عنها كابنته، وحبه لعائشة رضي الله عنها كزوجة.
وأشار الشيخ إلى أن التمييز بين الأبناء، سواء كان ذلك بقصد أو بغير قصد، يؤدي إلى اضطرابات نفسية لديهم، وقد يدفعهم إلى العناد والتمرد. وأكد على أهمية دور الأبوين في تحقيق العدل بين الأبناء من خلال توزيع الوقت، الكلمات الطيبة، والهدايا بشكل متوازن يعكس اهتمامهم بجميع الأبناء دون استثناء.
أما الكلمة الختامية، فكانت لفضيلة الشيخ محمود جميل محمود، مدير مكتب وكيل وزارة الأوقاف بأسيوط، الذي تناول الموضوع من منظور شامل يجمع بين الجوانب الشرعية والاجتماعية. أوضح الشيخ أن العدل بين الأبناء ليس مجرد واجب فردي، بل هو مسؤولية مجتمعية تسهم في تحقيق الاستقرار والتنمية. وذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: “سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلًا أحدًا لفضلت النساء” (رواه أحمد).
وأشار إلى أن هذا الحديث يعكس عدل النبي في تربيته للأمة، حيث جعل العدل قاعدة أساسية في العلاقات الأسرية.
استعرض الشيخ محمود جميل محمود أمثلة من السيرة النبوية، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على تقسيم الوقت والاهتمام بين أهل بيته بشكل عادل، مما جعله قدوة يحتذى بها. وأضاف أن العدل ليس فقط في الأمور المادية، بل يتجلى في الكلمة الطيبة والنصيحة الصادقة والاهتمام بمشاكل الأبناء على حد سواء.
وفي ختام ، أشاد الحضور بجهود وزارة الأوقاف، التي لا تدخر وسعًا في توعية المجتمع بأهم القضايا التي تعزز من استقراره وترابطه. وأثنى الجميع على الدور البارز الذي تقوم به مديرية أوقاف أسيوط في تنسيق هذه الفعاليات وإبراز قيم الإسلام السمحة، داعين الله أن يوفق القائمين على هذه الأعمال لكل خير.
إتبعنا
تعليق واحد