خطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfخطبة الجمعة خطبة الأسبوع ، خطبة الجمعة القادمة، خطبة الاسبوع، خطبة الجمعة وزارة الأوقاف

الأعياد عبادة وفرحة ، خطبة عيد الفطر المبارك 1440 هـ للدكتور خالد بدير

خطبة عيد الفطر المبارك 4 يونيو 2019 للدكتور خالد بدير : الأعياد عبادة وفرحة ، بتاريخ 1 من شوال 1440 هـ ، الموافق 4 يونيو 2019م.

 

لتحميل خطبة الأعياد عبادة وفرحة 4 يونيو 2019 للدكتور خالد بدير  4/6/2019 وعناصرها:

لتحميل خطبة الأعياد عبادة وفرحة 4 يونيو 2019 للدكتور خالد بدير بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل خطبة الأعياد عبادة وفرحة 4 يونيو 2019 للدكتور خالد بدير بصيغة  pdf أضغط هنا.

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

ولقراءة خطبة الأعياد عبادة وفرحة 4 يونيو 2019 للدكتور خالد بدير  كما يلي:

عناصر خطبة العيد : الأعياد عبادة وفرحة 4 يونيو 2019 :

العنصر الأول: الأعياد عبادة

العنصر الثاني: الأعياد فرحة

العنصر الثالث: آداب العيد وسننه

     المقدمة:                                                            أما بعد:

 

الأعياد عبادة وفرحة:

 

العنصر الأول: الأعياد عبادة

عباد الله: إن الله خلق الخلق ليعبدوه ويوحدوه ولا يشركوا به شيئاً، يقول الحق عزّ وجلّ: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}( الذاريات: 56 – 58) .

فقد تكفل الله لعباده بالرزق وضمنه لهم، ومع ذلك إذا انقطع  العبد عن الطاعة والعبادة فإن الله لا يقطع عنه الرزق، ( عبدي لي عليك فريضة ولك عليَّ رزقٌ، فإذا خالفتني في فريضتي لم أخالفك في رزقك ) .

وقد جاءت جميع الرسالات السماوية بدعوة الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك الله ؛ قال تعالى على لسان رسله عليهم السلام: { اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } ( الأعراف/59) ، وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، قَالَ : ” كُنْتُ رِدْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ ، يُقَالُ لَهُ : عُفَيْرٌ ، قَالَ : فَقَالَ : يَا مُعَاذُ ، تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ ؟ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ: فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ، وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، قَالَ : قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا أُبَشِّرُ النَّاسَ، قَالَ: لَا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا ” . [متفق عليه].

أيها المسلمون:

إن شهر رمضان شهر عبادة وطاعة ؛ بما فيه من الصيام والصلاة والقيام والقرآن والجود والصدقات ؛ وجميع أنواع الخير والبر والطاعة ؛ وتأتي هذه الأعياد طاعة بعد طاعة وعبادة بعد عبادة وذلك من خلال الوجوه التالية :

الوجه الأول: أن الله أمرنا بالتكبير في العيدين الكريمين :

فالله- عز وجل – أمرنا بالتكبير عند اكتمال عدة رمضان ورؤية هلال شوال ( عيد الفطر ) قال تعالى: { وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (البقرة: 185) .

 وفي عيد الأضحى أمرنا الله بالتكبير فقال: {كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} (الحج: 37) .

فالتكبير من شعارات المسلمين، وسنة من سنن سيد المرسلين، وعلامة من علامات الفرحة لدى الموحدين، وابتهاج بقدوم العيدين، وفيه قمع وغيظ للكفار والمنافقين؛ فالتكبير في العيدين طاعة بعد طاعة ؛ وعبادة بعد عبادة ؛ فالأعياد عبادة .

الوجه الثاني: شكر الله في العيدين الكريمين:

فالله أمرنا بالشكر في العيدين الكريمين على إتمام فريضتين عظيمتين وهما : الصيام والحج . ففي الصيام قال تعالى: { وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (البقرة: 185) .

وفي الحج عند الحديث عن الأضاحي قال:

{كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (الحج: 36)؛ أي: تشكرون الله على ما أنعم عليكم من الصيام والقيام والحج وجميع الطاعات. قال ابن كثير : ” وقوله: { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } أي: إذا قمتم بما أمركم الله من طاعته بأداء فرائضه، وترك محارمه، وحفظ حدوده، فلعلكم أن تكونوا من الشاكرين بذلك.”

قال العلماء : ” شُكر الطاعة طاعة مثلها ” ، فشكر الصيام صيام مثله وهكذا ، بمعنى أنك صمت شهر رمضان والصيام لم ينته بعد، فهناك ست من شوال، والاثنين والخميس وغيرها، ولذلك هناك فرق بين الشكر والحمد، فالحمد باللسان والشكر بالعمل ، قال تعالى : { اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }.( سبأ : 13)، فالشكر يكون من جنس النعمة التي أنعم الله بها عليك، فإذا تكاسل العبد عن الطاعة فهذا يكون دليل على عدم قبول العمل عند الله، وإذا داوم عليها وثبتها فهذا دليل على قبولها عند الله، وكان هدي النبي -صلى الله عليه وسلم – المداومة على الأعمال الصالحة، فعن عائشة- رضي الله عنها – قالت:

(كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم –  إذا عمل عملاً أثبته) (رواه مسلم)، وأحب الأعمال إلى الله وإلى رسوله أدومها وإن قلَّت، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: ( أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل)( متفق عليه)، وقَالَت عَائِشَةَ – رضي الله عنها -: ” كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً “( البخاري ومسلم).

والشكر طاعة بعد طاعة ؛ وعبادة بعد عبادة ؛ فالأعياد عبادة .

الوجه الثالث: تحقيق تقوى الله في العيدين الكريمين:

فقد شرع الصيام والحج من أجل تحقيق تقوى الله عز وجل؛ ففي الصيام قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }( البقرة : 183)، وفي الحج قال تعالى: { الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} (197)؛ وقال: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} (الحج: 32). وقال عن الأضاحي: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ }(الحج: 37) .

فالحج شرع لتحقيق التقوى ولتمتنع عن الرفث والفسوق والجدال؛ إن فعلت ذلك رجعت من ذنوبك كأنك ولدت من جديد ؛ ” مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ”. ( متفق عليه من حديث أبي هريرة).

وبمفهوم المخالفة من ساءت أخلاقه ولم يعصم نفسه من الرفث والفسوق والجدال فلا غفران ولا حج له !!!

فما أجمل تجمل العباد بلباس الزينة ظاهراً ؛ ولباس التقوى باطناً في العيدين الكريمين !! فالأعياد عبادة .

الوجه الرابع : العيدان الكريمان عقب فريضتين عظيمتين :

فمن ينظر إلى العيدين الكريمين يجد أنهما شرعا عقب فريضتين عظيمتين وهما الصيام والحج .

فعيد الفطر شرع بعد إتمام عدة صيام رمضان؛ فهو يوم الفرحة والبهجة والسرور ؛ وعيد الأضحى شرع بعد فريضة عظيمة ألا وهي فريضة الحج؛ فعودة الحجاج من الأراضي المقدسة إلى بلادهم وأسرهم بعد أداء الفريضة فرحة ما بعدها فرحة وبهجة ما بعدها بهجة !! ولعل سائلاً يسأل : لماذا جاء العيدان بعد الصيام والحج خاصة ؟!!

والجواب : أن هاتين الفريضتين لا يتكرران إلا في كل عام مرة؛ ولهما وقت محدد يشمل جميع الأفراد في هذا التوقيت المحدد ؛ بخلاف الصلاة تتكرر كل يوم؛ والزكاة مرتبطة بحول كل فرد !!

فجاء عيد الفطر بعد الصيام لتعم الفرحة جميع الأفراد ؛ وجاء عيد الأضحى أيضا بعد فريضة الحج لتعم الفرحة جميع الأفراد كذلك!! إذاً فالأعياد شكر وتكبير وتقوى وبر وصلة وذكر ودعاء وكلها عبادات لله تعالى ؛ فالأعياد عبادة .

 

الأعياد عبادة وفرحة:

 

العنصر الثاني: الأعياد فرحة

 عباد الله: إن كل العبادات والطاعات التي فعلناها طوال شهر رمضان طريق إلى الفرحة ؛ فالفرحة تكون بالطاعة والعبادة والقرآن:{ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} ( يونس: 58) .

وقد صور رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هذه الفرحة بقوله ” لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ” ( متفق عليه ) .

فالصائم يفرح عند فطره كل يوم من رمضان ؛ ولذلك نجد الجميع كباراً وصغاراً تغمرهم الفرحة عندما يُضرب مدفع الإفطار ؛ ثم تأتي الفرحة الكبرى في هذا اليوم يوم العيد ؛ يوم الفرحة والبهجة والسرور ؛ الفرحة أن أنعم الله عليك بإتمام نعمة الصيام والقيام ؛ الفرحة حينما تقابل أخيك المسلم مسروراً يقدم كلٌ منكما التهنئة للآخر : تقبل الله منا ومنكم .

وهذه الفرحة باللعب والمرح في يوم العيد أمر مشروع في حدود المباح ؛ فعَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا ؛ فَقَالَ: مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ ؟ قَالُوا : كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا ؛ يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ ” . ( أحمد وأبو داود والحاكم وصححه ) .

وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الْأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ ، قَالَتْ : وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا ” . ( متفق عليه ).

ثم تأتي الفرحة الحقيقة في الآخرة ؛ ” وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ” ؛ وهنا سؤال وجيه يطرح نفسه : لماذا يفرح بالصوم خاصة دون بقية العبادات من صلاة وزكاة وحج وغيرها ؟!

والجواب: أن حسنات جميع العبادات تكون كفارة ويقتص من حسناتها مظالم العباد إلا حسنات الصوم فهي خاصة لله ؛ ولا يقتص منها مظالم العباد ؛ ثم يدخل العبد الجنة بصومه ؛ لذلك يفرح العبد بصومه إذا لقى ربه !!

ومعنى ذلك أن الإنسان يأتي يوم القيامة ومعه حسنات كالجبال ، ولكنه عليه مظالم تستغرق كل حسناته، فجميع العبادات توفى منها مظالم العباد إلا الصيام، فالاستثناء يعود إلى التكفير بالأعمال ، ومن أحسن ما قيل في ذلك ما قاله سفيان بن عيينة رحمه الله قال : هذا من أجود الأحاديث وأحكمها : ” إذا كان يوم القيامة يحاسب الله عبده ، و يؤدي ما عليه من المظالم من سائر عمله حتى لا يبقى إلا الصوم فيتحمل الله عز وجل ما بقي عليه من المظالم ويدخله بالصوم الجنة “( أخرجه البيهقي في شعب الإيمان وسننه الكبرى ) .

فالصيام لله عز و جل ولا سبيل لأحد إلى أخذ أجره من الصيام بل أجره مدخر لصاحبه عند الله عز وجل، فالصوم لا يسقط ثوابه بمقاصة ولا غيرها بل يوفر أجره لصاحبه حتى يدخل الجنة فيوفى أجره فيها.

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم-  قَالَ: ” أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ”( مسلم ) .

فظاهره أن الصيام مشترك مع بقية الأعمال في ذلك، ولكن الأحاديث الصريحة خصصت الصيام من ذلك، فعن أبي هريرة قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: ”  كل العمل كفارة إلا الصوم ، الصوم لي وأنا أجزي به “( مجمع الزوائد ، للهيثمي ، وقال: رجاله رجال الصحيح ).

فالإنسان تغمره الفرحة حينما يلقى الله تعالى بالعبادات والطاعات، وهذا عبدالله بن حرام والد سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ؛ يلقى الله شهيداً وتغمره الفرحة ؛ ويتمني أن يرجع إلى الدنيا ليقتل مرة أخرى ليفرح مرة ثانية بلقاء الله تعالى؛ فعن جابر بنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قال: ” لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِي: يَا جَابِرُ مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا؟ قُلْتُ :يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتُشْهِدَ أَبِي، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ عِيَالًا وَدَيْنًا. قَالَ: أَفَلَا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ؟ قَالَ: قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ.قَالَ: مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَأَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ كِفَاحًا فَقَالَ: يَا عَبْدِي تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ. قَالَ: يَا رَبِّ تُحْيِينِي فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيَةً. قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ. قال:

يا رب فأبلغ من ورائي ” فنزلت هَذِهِ الْآيَةُ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) } ( آل عمران ) ( ابن ماجة والترمذي بسند حسن )، فهو يريد أن يبلغ جابرا ومن وراءه بالفرحة التي فيها، فبلغ عنه الله وجاء التعبير بقوله ( فرحين ) وإعرابها: حال منصوبة، فهذا حال كونهم فرحين بالطاعة والجهاد والصيام وغير ذلك، لأن العبد الطائع يفرح بلقاء الله ويحبه ويتمناه، والعاصي بخلافه.

فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

” مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ؛ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ” قَالَتْ عَائِشَةُ أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ: إِنَّا لَنَكْرَهُ الْمَوْتَ! قَالَ:” لَيْسَ ذَاكِ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا حُضِرَ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ.” ( متفق عليه )، فالطاعة والعبادة دليل الحب ، والمعاصي والذنوب دليل البغض والكره. قال سليمان بن عبد الملك لأبي حازم يا أبا حازم : كيف القدوم على الله عز وجل؟ فقال : يا أمير المؤمنين أما المحسن فكالغائب يأتي أهله فرحا مسرورا، وأما المسيء فكالعبد الآبق يأتي مولاه خائفا محزونا.

فعليكم بدوام الطاعة والعبادة بعد رمضان ؛ حتى تلقوا ربكم فرحين مسرورين .

العنصر الثالث: آداب العيد وسننه

أحبتي في الله: ونحن في يوم العيد نذكركم بأهم آداب وسنن العيد التي يجب أن نستن بها من هدي نبينا صلى الله عليه وسلم في يوم العيد والتي تتمثل فيما يلي:

أولاً: الاغتسال قبل الخروج إلى الصلاة

فقد صح في الموطأ وغيره :”أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى.” (الموطأ )؛ وذكر النووي رحمه الله اتفاق العلماء على استحباب الاغتسال لصلاة العيد .

ثانياً: الأكل قبل الخروج في الفطر وبعد الصلاة في الأضحى

لما رواه البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ :”كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ .. وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا “؛ وإنما استحب الأكل قبل الخروج مبالغة في النهي عن الصوم في ذلك اليوم وإيذانا بالإفطار وانتهاء الصيام؛ وعلل ابن حجر رحمه الله بأنّ في ذلك سداً لذريعة الزيادة في الصوم ، وفيه مبادرة لامتثال أمر الله . (فتح الباري)؛ فسبحان من جعل الفطر بالأمس حراما؛ واليوم واجبا؛ وجعل الصوم بالأمس واجبا واليوم حراما!!

ومن لم يجد تمرا فليفطر على أي شيء مباح ؛ وأما في عيد الأضحى فإن المستحب ألا يأكل حتى يرجع من الصلاة فيأكل من أضحيته إن كان له أضحية، فإن لم يكن له من أضحية فلا حرج أن يأكل قبل الصلاة .

ثالثاً: التكبير يوم العيد

 فالتكبير من السنن العظيمة في يوم العيد لقوله تعالى :{ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (البقرة: 185)؛ وعن الوليد بن مسلم قال : سألت الأوزاعي ومالك بن أنس عن إظهار التكبير في العيدين ، قالا : نعم كان عبد الله بن عمر يظهره في يوم الفطر حتى يخرج الإمام .

رابعاً: التهنئة

ومن آداب العيد التهنئة الطيبة التي يتبادلها الناس فيما بينهم أيا كان لفظها مثل قول بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنكم؛ أو عيد مبارك وما أشبه ذلك من عبارات التهنئة المباحة ؛ وعن جبير بن نفير ، قال : “كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض ، تُقُبِّل منا ومنك .”( قال ابن حجر في الفتح: إسناده حسن)؛ ولا ريب أن هذه التهنئة من مكارم الأخلاق والمظاهر الاجتماعية الحسنة بين المسلمين .

خامساً: التجمل للعيدين

 فعن عبد الله بن عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ:” أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَأَخَذَهَا فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ؛ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لا خَلاقَ لَهُ ..” ( البخاري )؛ فأقر النبي صلى الله عليه وسلم عمر على التجمل للعيد لكنه أنكر عليه شراء هذه الجبة لأنها من حرير ؛ وعن جابر رضي الله عنه قال : “كان للنبي صلى الله عليه وسلم جبة يلبسها للعيدين ويوم الجمعة”( صحيح ابن خزيمة)؛ وعن الحسن السبط قال:

أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العيدين أن نلبس أجود ما نجد وأن نتطيب بأجود ما نجد وأن نضحي بأثمن ما نجد.( الحاكم) ؛ فينبغي للرجل أن يلبس أجمل ما عنده من الثياب عند الخروج للعيد .أما النساء فيبتعدن عن الزينة إذا خرجن لأنهن منهيات عن إظهار الزينة للرجال الأجانب وكذلك يحرم على من أرادت الخروج أن تمس الطيب أو تتعرض للرجال بالفتنة فإنها ما خرجت إلا لعبادة وطاعة .

سادساً: الذهاب إلى الصلاة من طريق والعودة من آخر

فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:” كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ.” ( البخاري).

وقيل الحكمة من ذلك ليشهد له الطريقان عند الله يوم القيامة، والأرض تحدّث يوم القيامة بما عُمل عليها من الخير والشرّ ؛ وقيل لإظهار شعائر الإسلام في الطريقين؛ وقيل لإظهار ذكر الله؛ وقيل لإغاظة المنافقين واليهود وليرهبهم بكثرة من معه؛ وقيل ليقضى حوائج الناس من الاستفتاء والتعليم والاقتداء أو الصدقة على المحتاجين أو ليزور أقاربه وليصل رحمه؛ وقيل لأن الملائكة تقف على مفترق الطرق تكتب كل من يمر من هنا هناك ؛ وقيل غير ذلك.

سابعاً: صلة الرحم:

لأن القطيعة والخصام سببٌ لعدم رفع الأعمال؛ فيجب عليك أن تلقي السلام على الجميع حتى المتخاصم معك؛ لأن هذه تحية الإسلام؛ وإن لم يرد عليك فقد وكَّل الله ملكا يرد عنك ؛ ويرد على الآخر الشيطان.

 فعن هِشَامَ بْنَ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ مُسْلِمًا فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ؛ فَإِنْ كَانَ تَصَارَمَا فَوْقَ ثَلَاثٍ فَإِنَّهُمَا نَاكِبَانِ عَنْ الْحَقِّ مَا دَامَا عَلَى صُرَامِهِمَا؛ وَأَوَّلُهُمَا فَيْئًا فَسَبْقُهُ بِالْفَيْءِ كَفَّارَتُهُ ؛ فَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ وَرَدَّ عَلَيْهِ سَلَامَهُ رَدَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ وَرَدَّ عَلَى الْآخَرِ الشَّيْطَانُ؛ فَإِنْ مَاتَا عَلَى صُرَامِهِمَا لَمْ يَجْتَمِعَا فِي الْجَنَّةِ أَبَدًا ” . (البخاري في الأدب المفرد وأحمد والبيهقي وابن حبان وصححه ).

فبادر أنت بالخير إذا أعرض عنك أخوك وكن أنت الأخير ، فعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ”(متفق عليه) .

ثامناً: تشرع التوسعة على الأهل والعيال في أيام العيد دون إسراف أو تبذير

شرع الإسلام في هذه الأيام إدخال السرور على الأهل والأولاد؛ ولكن لا بد أن يكون ذلك بالضوابط الشرعية التي أرشدنا إليها ديننا الحنيف بعيداً عما يغضب الله تبارك وتعالى من الإسراف والتبذير ؛ مصداقاً لقوله تعالى:{ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ} ( الأعراف:31)؛ فعلى المسلم إذن أن يتجنب الإسراف والتبذير في شتى صوره ،  في المأكل والمشرب والمسكن والترفيه ، وسائر الأغراض المشروعة ، لأن الإسراف تبديد للموارد ،  وإضاعة للثروات ، من أجل هذا فإن أهم ما فسرت به إضاعة المال التي نهى عنها النبي هو الإسراف.

هذا هو هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم في يوم العيد؛ ألا فلنتمثل بهديه في جميع أعمالنا وأقوالنا وأفعالنا !!

الدعاء؛؛؛؛؛؛؛

وكل عام وأنتم بخير؛؛؛؛؛

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛؛؛؛؛؛؛

كتب الأعياد عبادة وفرحة : خادم الدعوة الإسلامية

د / خالد بدير بدوي

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »