الأوقاف
استمرار الدراسة للدورة الثانية بمركز إعداد الخطباء والواعظات بأسيوط
بتوجيهات كريمة من معالي الأستاذ الدكتور أسامة السيد الأزهري وزير الأوقاف، وبرعاية الدكتور محمود سعد شاهين وكيل وزارة الأوقاف بأسيوط، والأستاذ الدكتور محمود مهني محمود، عميد مركز الثقافة الإسلامية، وفضيلة الشيخ محمد عبد اللطيف محمود، مدير مركز إعداد الخطباء والواعظات بأسيوط، تواصلت اليوم الأربعاء الموافق 4 ديسمبر 2024 فعاليات الدورة الثانية بالمركز. هذا المركز الرائد يُعد منارة علمية تسعى إلى نشر الوعي الثقافي والديني بين الخطباء والواعظات، وتطوير مهاراتهم اللغوية والدعوية بما يتناسب مع متطلبات العصر.
ألقى الأستاذ الدكتور أحمد عبد الحي محمد، عميد كلية الشريعة والقانون الأسبق بجامعة الأزهر بأسيوط، لمادة الفقه بعنوان “مسائل من باب الزكاة”.
استهل الأستاذ الدكتور أحمد محاضرته بالتأكيد على الأهمية الكبرى للزكاة باعتبارها الركن الثالث من أركان الإسلام، ودورها المحوري في تحقيق التوازن الاجتماعي والتكافل بين أفراد المجتمع. وأوضح أن الزكاة ليست مجرد فريضة مالية، بل هي عبادة ترتبط بصلة العبد بربه، وتُظهر المعاني السامية للإسلام في تحقيق العدالة والمساواة.
تعمق الاستاذ الدكتور أحمد عبد الحي في شرح مفهوم الزكاة من الناحية اللغوية والشرعية، مبينًا أن الزكاة تعني الطهارة والنماء، وأنها تهدف إلى تطهير المال والروح من البخل والأنانية، وإلى تعزيز الروابط الإنسانية بين أفراد المجتمع. واستعرض خلال المحاضرة الأحكام التفصيلية للزكاة، مشيرًا إلى الشروط التي تجعل الزكاة واجبة على المسلم، وهي الملك التام، والنصاب، وحولان الحول. وأكد أن هذه الشروط تأتي لضمان تحقق العدالة والإنصاف في فرض هذه الفريضة العظيمة.
استند الاستاذ الدكتور أحمد عبد الحي إلى أدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية في تأصيل أحكام الزكاة، مستشهدًا بقول الله تعالى: “خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها” (التوبة: 103)، وبحديث النبي ﷺ: “إن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم”. كما تناول المسائل المتعلقة بزكاة المال، وزكاة الزروع والثمار، وزكاة الأنعام، وزكاة الفطر، موضحًا أحكام كل نوع منها بالتفصيل وشارحًا كيفية حساب النصاب وتقدير الحول.
ركز المحاضر على أوجه صرف الزكاة كما وردت في قول الله تعالى: “إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل” (التوبة: 60). وشدد على أهمية الالتزام بهذه الأوجه لضمان وصول الزكاة إلى مستحقيها، مما يسهم في تعزيز التضامن الاجتماعي وتحقيق الاكتفاء للفئات المحتاجة.
تطرقت المحاضرة أيضًا إلى القضايا المعاصرة المتعلقة بالزكاة، مثل زكاة الرواتب والأجور، وزكاة الشركات، وزكاة الأصول الثابتة، وكيفية التعامل مع هذه المستجدات وفقًا للضوابط الشرعية. وقد عرض الدكتور أحمد عبد الحي وجهات نظر الفقهاء في هذه المسائل، مستعينًا بمراجع معتمدة من كتب الفقه وصحيح الأحاديث.
شهدت المحاضرة تفاعلًا كبيرًا من الطلاب، حيث تخللتها أسئلة حول قضايا الزكاة الحديثة، مما أتاح فرصة لتعزيز الفهم وترسيخ المفاهيم الفقهية. وقد أجاب الدكتور أحمد عبد الحي عن هذه الأسئلة بإجابات دقيقة مدعومة بالأدلة الشرعية، مما أضفى على المحاضرة طابعًا علميًا غنيًا وأثرى النقاش بين الحضور.
جاءت هذه المحاضرة ضمن الجهود المتواصلة التي يبذلها مركز إعداد الخطباء والواعظات بأسيوط و الهيكل الإداري للمركز. هذه الجهود تُركز على إعداد جيل جديد من الخطباء والواعظات يتمتعون بالكفاءة العلمية واللغوية، قادرين على مواجهة تحديات العصر وتقديم الخطاب الديني بأسلوب حضاري يجمع بين الأصالة والمعاصرة.
وتُعد هذه الدورة استكمالًا لرؤية وزارة الأوقاف بقيادة معالي الدكتور أسامة السيد الأزهري، الهادفة إلى تطوير الخطاب الديني وإعداد كوادر دعوية تتمتع بالعلم والمهارة والقدرة على التأثير في المجتمع. يتم تقديم برامج تدريبية مكثفة تتضمن دراسات نظرية وتطبيقات عملية تغطي جميع جوانب الدعوة الإسلامية، مع التركيز على تعزيز المهارات اللغوية والبلاغية للخطباء والواعظات.
وختاماً أن هذه الجهود يعكس الالتزام الراسخ برفع مستوى الخطاب الديني، وتقديم صورة مشرقة للخطيب والواعظة المتميز الذي يجمع بين العمق العلمي والمهارة اللغوية، ليؤدي رسالته على أكمل وجه.
إتبعنا