عاجل
احذروا القمار: الواعظة كريمة خلف بأوقاف أسيوط تكشف كيف يدمر الميسر حياتك ويهدم مجتمعك
“احذروا القمار: الواعظة كريمة خلف تكشف في درسها بمسجد المجموعة الصحية بالحواتكة عن كيف يدمر الميسر حياتك ويهدم مجتمعك”
بتوجيهات كريمة من معالي الأستاذ الدكتور أسامة السيد الأزهري، وزير الأوقاف، وبرعاية الدكتور محمود سعد شاهين، وكيل وزارة الأوقاف بأسيوط، وإشراف الشيخ محمد عبد اللطيف محمود، مدير عام الدعوة والمراكز الثقافية، أقيم اليوم الخميس 14 نوفمبر 2024 في مسجد المجموعة الصحية بالحواتكة، إدارة أوقاف منفلوط، درسًا قيمًا ألقت فيه الواعظة كريمة خلف علي محاضرة بعنوان “حرمة الميسر وخطورته على الفرد والمجتمع”.
في هذا اللقاء المميز، استهلت الواعظة كريمة خلف حديثها بآيات من الذكر الحكيم، مؤكدة على ضرورة فهم النصوص القرآنية والسنة النبوية في تناول موضوع الميسر (القمار)، وبيان حرمته وخطورته الكبيرة على الفرد والمجتمع. وأشارت إلى أن الميسر من كبائر الذنوب التي نهى الله عنها في كتابه العزيز، إذ قال سبحانه وتعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” (المائدة: 90). وبينت أن الميسر يشمل كل أشكال القمار التي تعتمد على الحظ والمخاطرة، وهو من عمل الشيطان الذي يسعى لإفساد حياة الناس وإيقاعهم في المهالك.
ثم تحدثت الواعظة عن آثار القمار على الفرد والمجتمع، مشيرة إلى أن الميسر ليس مجرد لعبة أو وسيلة ترفيه، بل هو خطر يهدد القيم والأخلاق ويُضعف العلاقات الإنسانية. فإدمان القمار يقود الشخص إلى خسارة ماله وممتلكاته، وقد يصل إلى حد الإفلاس، مما يجعله يلجأ إلى الاقتراض أو السرقة لسد حاجاته، فيقع في دائرة لا تنتهي من الديون والمشكلات المالية. وقالت الواعظة: “القمار لا يقتصر ضرره على الجوانب المالية فقط، بل يمتد ليشمل الجانب النفسي والاجتماعي، حيث يشعر المدمن بالقلق والاكتئاب واليأس بعد كل خسارة، مما يؤثر على حياته الشخصية وعلاقاته الأسرية والاجتماعية”.
استدلت الواعظة أيضًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يُحذر فيه من القمار وأضراره، فقد قال صلى الله عليه وسلم: “من قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق” (رواه البخاري ومسلم). وأوضحت أن هذا الحديث الشريف يُبرز خطورة حتى الدعوة إلى القمار، حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتصدق ككفارة عن مجرد الدعوة إلى المقامرة، فكيف بمن يمارسها ويغرق فيها؟
وتناولت الواعظة كريمة خلف كذلك الأضرار الاجتماعية للميسر، حيث يؤدي إلى تدمير العلاقات الأسرية وتفككها. فغالبًا ما يقع المدمن في مشكلات زوجية نتيجة إنفاق المال على القمار بدلاً من تلبية احتياجات الأسرة الأساسية. كما أن الأطفال يتأثرون بشكل كبير بمشكلات الأسرة الناتجة عن القمار، مما قد يؤدي إلى انحرافهم وسلوكياتهم الخاطئة في المستقبل، نتيجة عدم الاستقرار الأسري وفقدان القدوة الصالحة. وبيّنت أن الإسلام جاء ليحمي المجتمع من كل ما يُضعف أفراده ويُفكك أواصرهم، وأن تحريم الميسر جاء ليكون حاجزًا يمنع الناس من التورط في هذه الممارسات التي تُهلك الحرث والنسل.
أشارت الواعظة أيضًا إلى أن الميسر يُعتبر من صور أكل أموال الناس بالباطل، وهو ما نهى عنه القرآن الكريم بقول الله تعالى: “وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ” (البقرة: 188). وأوضحت أن كسب المال من خلال القمار هو كسب غير مشروع، لأنه يعتمد على استغلال ضعف الآخرين وإغرائهم بالخداع لتحقيق الربح السريع، مما يؤدي إلى تدمير حياة الناس وإهدار أموالهم.
ثم انتقلت الواعظة كريمة خلف للحديث عن الحلول الشرعية لمواجهة ظاهرة القمار، مؤكدة على أهمية تعزيز الوعي الديني والتربوي بين أفراد المجتمع. وقالت إن المساجد لها دور كبير في توعية الناس بأضرار القمار وحثهم على البُعد عن هذه الآفة الخطيرة. ودعت إلى تقديم برامج توعوية من خلال الدروس والمحاضرات التي تُنظمها وزارة الأوقاف، بهدف نشر الثقافة الدينية السليمة وتوجيه الشباب نحو استثمار أوقاتهم في ما ينفعهم وينفع مجتمعهم.
وأوضحت أن من أهم وسائل الوقاية من القمار هو ملء وقت الفراغ بالأعمال الصالحة والأنشطة المفيدة، فالنفس إذا لم تُشغل بالحق شغلتها بالباطل. ودعت الشباب إلى الانخراط في الأنشطة الرياضية والثقافية، والمشاركة في الفعاليات التي تُنظمها المراكز الشبابية والمساجد، معتبرة أن هذه الأنشطة تُساعد في بناء شخصية قوية ومتماسكة.
كما تناولت الواعظة أهمية تعزيز القيم الأخلاقية والإيمان بالله سبحانه وتعالى في قلوب الناس، وأشارت إلى أن الإيمان القوي هو الحصن المنيع الذي يحمي الفرد من الوقوع في فخ الميسر وغيره من الذنوب. وقالت: “علينا جميعًا أن نتذكر أن المال الذي نكسبه بالطرق غير المشروعة لن يجلب لنا السعادة، بل قد يكون سببًا في شقاء الدنيا والآخرة”. واستشهدت بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن علمه ماذا عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه” (رواه الترمذي).
واختتمت الواعظة كريمة خلف درسها بالدعوة إلى التوبة النصوح والابتعاد عن كل ما حرمه الله عز وجل، والالتزام بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي يدعو إلى العمل الصالح والكسب الحلال. ودعت الله أن يحمي شبابنا ومجتمعنا من آفة القمار وكل ما يضر بأخلاقهم ودينهم، وأن يهدي الجميع إلى الطريق المستقيم.
لقد تركت هذه المحاضرة أثرًا عميقًا في نفوس الحاضرين، حيث استشعروا خطورة الميسر وأدركوا أهمية الالتزام بتعاليم الدين الإسلامي في كل أمور حياتهم، وخاصة فيما يتعلق بكسب الرزق وإنفاقه. وقد أثنى الحاضرون على الجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة الأوقاف في نشر الوعي والتوجيه السليم من خلال الدروس والمحاضرات التي تُقيمها في المساجد، داعين إلى المزيد من هذه اللقاءات التوعوية التي تُنير العقول وترشد النفوس.
إتبعنا