الأوقاف

وزير الأوقاف: يا أهل مصر لا تنخدعوا مرتين

  يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين ” (صحيح مسلم) ، ويقولون : المؤمن كيّس فطن ، وكان سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يقول : لست بالخِب ولكن الخِب لا يخدعني ، وكان المغيرة بن شعبة (رضي الله عنه) يقول : لولا الإسلام لمكرت مكرًا لا تطيقه جزيرة العرب ، وكان سيدنا عمر يقول عن خالد بن الوليد : رميت أرطبون الروم بأرطبون العرب ، يقصد داهية الروم بداهية العرب في حيل الحرب ، وكان السبق لخالد والنصر للمسلمين ، ومن لم يتعلم من حكم الأيام والليالي ويأخذ منها الدروس والعبر فلا يلومن إلا نفسه.

       والإسلام يقتضي من أهله المؤمنين به العاملين له ألا يخدعوا أو يتاجروا به ، فيسيئوا إليه وإلى أنفسهم ، وإذا كانت المخادعة مذمومة وغير مقبولة من عامة الناس ، فإنها تكون أكثر خطرًا وأشد ذمًا لو أتت من بعض المحسوبين على الدين أو المنتسبين إليه أو المحمولين عليه .

       ومن هنا أحذر من بعض الظواهر السلبية ، أحذر المخادعين أولا من غضب الله ( عز وجل ) والمتاجرة بدينه ، فإنهم لن يفلحوا لا في أمر دينهم ولا في أمر دنياهم ، لأن هذه المخادعات ستنقلب عليهم حسرة وندمًا في الدنيا وذلا وهوانًا يوم القيامة .

        أحذر من استخدام الدين في الدعاية الانتخابية ، أحذر من النصب باسمه من الدجالين والمشعوذين ومن يدعون أنهم يعالجون من مس الجان ومحاربة الشيطان ، ولو نطق الشيطان لاستغاث بالله من شرهم ، أحذر ممن يلتزمون بالإسلام شكلا ومظهرا ويضيعونه موضوعا وواقعا وجوهرا .

         فالعبرة بالجوهر والمعدن الأصيل الذي يتجلى في الصدق والأمانة والوفاء ، وأن يكون ظاهر الإنسان كباطنه ، فعندما جاء أحد الناس يزكي آخر عند سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ، قال له عمر : أجارك الأدنى الذي تعرف مدخله ومخرجه ؟ قال : لا ، قال : أرفيقك في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق ؟ قال : لا ، قال : أمعاملك بالدينار والدرهم الذي يستدل بهما على الورع أو عدمه ؟ قال : لا ، قال : إذن لم تعرفه ، ولما رأى (رضي الله عنه) رجلا يتماوت في صلاته قال له : يا أخي لا تمت علينا ديننا أماتك الله ، من أبدى فوق ما في قلبه فهو منافق .

         لذا أقول للمصريين جميعا لا تنخدعوا بالوعود المعسولة أو المكذوبة ، لا تنخدعوا بالمن والسلوى الذي وعدكم بهما أصحاب المعزول ، لا تنخدعوا بمشروع موهوم أو مكذوب من أناس لا خبرة لهم ، لا تنساقوا خلف من كان أكثر همهم أن يكفروا المجتمع أو يفسقوه ، ونصبوا من أنفسهم آلهة من دون الله ، وجعلوا الجنة والنار قصرًا على صكوكهم ، فالجنة والنار أمرهما إلى الله وحده ، ” إن الرجل يعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها غير باع أو ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها غير ذراع أو ذراعين فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ” (صحيح البخاري) ، ولذا كان الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) يقول : لا تدخلوا المؤمنين الموحدين الجنة ، ولا العصاة المقصرين النار حتى يقضي الله فيهم بأمره .

         وفي الحديث : ” كان رجلان من بني إسرائيل متواخيين فكان أحدهما يذنب والآخر مجتهد في العبادة ، فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب فيقول أقصر فوجده يوما على ذنب فقال له أقصر فقال خلني وربي ، أبعثت علي رقيبا ؟ فقال : والله لا يغفر الله لك أو لا يدخلك الله الجنة ، فقبض أرواحهما ، فاجتمعا عند رب العالمين فقال لهذا المجتهد : أكنت بي عالما أو كنت على ما في يدي قادرا ؟ وقال للمذنب : اذهب فادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر : اذهبوا به إلى النار ، قال أبو هريرة : والذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته ” .

        أما الإيمان والكفر ، فقد وضع العلماء قولا فاصلا بأنه لا يخرج من الإسلام إلا جحد ما أدخلك فيه أو إنكار المعلوم من الدين بالضرورة مما لا يسع المسلم إنكاره .

         غير أننا ابتلينا في عصرنا هذا بأناس لبسوا غير ثيابهم ، واقتحموا عنوة ميدانا غير ميدانهم ، واتخذوا رءوسا جهالا بأصول العلم الشرعي وطرائق دراسته على العلماء المتخصصين ، فأفتوا بدون علم فضلوا وأضلوا وضللوا ، وأخطر من ذلك أن يذهب بعضهم إلى المتاجرة بالدين أو المخادعة به مستغلا حوائج المحتاجين ، ليساوم ويناور بمال خبيث مشبوه يأتي من الشرق أو الغرب ، في ضوء مخططات مشبوهة لتدمير منطقتنا وتفتيت كيانها لصالح العدو الصهيوني ومن يسانده والاستعمار الجديد الذي يسعى للانقضاض على ما تبقى من خيرات هذه المنطقة ومواردها الطبيعية ، مما يستدعي اليقظة والحذر حتى لا نلدغ من الجحر ذاته مرتين .

اظهر المزيد

admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »