وزير الأوقاف: شباب الأئمة أمل قادم
لقد عنى الإسلام بالشباب عناية خاصة , فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ” سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : الإمام العادل ، وشاب نشأ في عبادة الله ، ورجل قلبه معلق في المساجد ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه” (متفق عليه) ، فقد جعل الحديث الشاب المستقيم إيمانياً وأخلاقياً فى المرتبة التالية لمرتبة الإمام العادل .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعـن ماله من أين أكتسبه وفيـم أنفقه وما عمـل فيما علم ” (رواه مسلم ) ، فمع أن الشباب هو مرحلة من جملة مراحل العمر إلا أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) خصه بالذكر لأهمية هذه المرحلة العمرية وكأنها عمر قائم بذاته , لأنها لباب العمر .
ولا شك أن الدولة تعى فى هذه المرحلة أكثر من أى وقت مضى دور الشباب فى بناء الأوطان , وقد أردنا فى وزارتى الأوقاف والشباب أن نأخذ جانباً من زمام المبادرة معاً , من خلال اللقاءات والمنتديات المشتركة .
ويأتى عقد الملتقى الفكرى لشباب الأئمة غداً السبت 15 / 11 / 2014م , ليؤكد أنهم جاهزون لخدمة دينهم ووطنهم , وأنهم مؤهلون للمهمة بل للمهام المنوطة بهم دعوياً ووطنياً , وأنهم يقفون صفاً واحداً فى مواجهة الإرهاب والإهمال والتحديات , وأنهم سيقفون بالمرصاد لكل من يحاولون المخادعة أو المتاجرة بالدين أو استغلال عاطفة التدين لدى أبناء الشعب المصرى لتحقيق مآرب انتخابية أو حزبية , فقد عانى هذا الشعب أشد المعاناة من محاولات الاعتداء على قدسية المساجد بما كاد يخرجها عن رسالتها الإيمانية الأخلاقية التعبدية إلى خدمة مصالح بعض الأحزاب أو الجماعات أو الجمعيات , وصارت أيامها الخطابة مهنة ً من لا مهنةً له , والتكسب من خلال تبرعات المساجد وظيفة من لا وظيفة له , مما انعكس سلباً على صورة الدعوة والدعاة , وها هم شباب الأئمة الشرفاء يعلنون بوضوح أن هذا الزمن قد ولى إلى غير رجعة , وأنهم لن يرهبهم بعد اليوم مكر الماكرين أو خداعهم أو تهديدهم بالقول أو بالفعل , وأنهم سيقفون من اليوم صفاً واحداً فى وجه أى محاولة للاعتداء على قدسية المساجد أو كرامة الإمام .
ها هم يجتمعون ليعبروا عن تمسكهم بسماحة الإسلام , بمنهجه الوسطى , بأزهريتهم , بانتمائهم لوطنهم ، و لأزهرهم الشريف ، ولوزارتهم ورسالتهم , مؤكدين أن الإسلام يرفض كل ألوان التشدد والتطرف والغلو ودعوات التكفير التى تسلم إلى التفجير , مبينين للناس جميعاً أن الإسلام قائم على اليسر , وعلى السماحة , وعلى رفع الحرج والمشقة والعنت , وأن الفقه هو التيسير بدليل , إذ لم يقل أحد من أهل العلم أو الفقه إن الدين قائم على التشدد قط , يقول الحق سبحانه وتعالى مخاطباً نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ” (آل عمران :159) . ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم : “يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا ” ، ويقول عليه الصلاة والسلام : “إِنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ فِي شَيء إِلاَّ زَانَهُ وَلاَ يُنْزَعُ مِنْ شَىْءٍ إِلاَّ شَانَهُ” .
يجتمع الأئمة غداً ليؤكدوا أنهم غير غائبين عن المشهد ولا غافلين عنه , إنما هم فى قلب الحدث فى حدود مهامهم الدعوية الوطنية , بعيداً عن الصخب , لا يبغون جزاء ولا شكوراً سوى مصلحة دينهم ووطنهم والوفاء بحق الأمانة التى حملوها ، ويعلنون عن ملتقى جديد يسعى للاندماج أكثر بالمجتمع , ومعايشة مشكلات الناس والإسهام فى حلها , تلك الوظيفة التى كان يؤديها المسجد على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) , والتى عشناها واقعاً ملموساً فى حياتنا عندما كان إمام المسجد يقوم بدور المصلح بين الناس , والعمل على تحقيق التكافل بينهم , بالإسهام فى قضاء حوائجهم : من بناء المساجد والمدارس والمستشفيات وصيانتها , والسعى فى مصالح القرية أو المدينة أو الحى الذى يعمل فى نطاقه, كان ملجأ للفقراء والمحتاجين وأصحاب الحوائج ، يسعى فى قضائها كما علمنا نبينا صلى الله عليه وسلم وهو ما نسعى إليه ونريده واقعا ملموسا في الغد القريب إن شاء الله تعالى .