فاطمة موسى تكتب: أين ذهب الطيبون؟!
سألت نفسى يوما أين ذهب الطيبون؟! فتخيلتهم فتحوا حقائبهم ووضبو أغراضهم ، ووضعوا فى حقائبهم التسامح ، وغادرو وتركوا أصدقاءهم فى الطيبة قليلين وحيدين غارقين فى بحر من القسوة لا يراهم أحد لقلتهم ، ولا حتى يرو بعضهم البعض ويسألون أنفسهم أين ذهب عمر بن الخطاب ، وأبا ذر .
فقد جاء عمر بن الخطاب شابين وهما يقودان رجلا من البادية فقالو ياأمير المؤمنين هذا قتل أبانا ، فقال عمر: أقتلت أباهم؟! قال نعم فقال عمر: القصاص ، فقال الرجل – لعمر بن الخطاب : أسألك بالذى قامت به السموات والأرض أن تتركنى ليلة واحدة أذهب إلى زوجتى وأطفالى فى البادية ، أخبرهم بأنك سوف تقتلنى ثم أعود إليك ، ليس لهم عائل إلا الله ثم أنا، فسكت عمر ، ونكس الجميع رأسه ، وقال عمر: أتعفوان عنه ، قالوا: لا من قتل أبانا لا بد أن يقتل! فقال أبو ذر: انا أكفله ، فقال عمر: ياأبا ذر أتظن أنه لو تأخر أنى تاركك ، قال الله المستعان ، فذهب الرجل وأعطاه ثلاثة أيام يودع أطفاله ثم يعود .
ومرت الثلاثة أيام ، وناد مناد فى المدينة – فى العصر – الصلاة جامعة ، وأجتمع الناس ، وأتى ابو ذر وجلس عمر فقال: عمر أين الرجل ياأبا ذر؟! قال: ماأدر يأمير المؤمنين ، وتلفت ابو ذر إلى الشمس وقبل الغروب بلحظات إذا بالرجل يأتى فكبر عمر وكبر المسلمون ، فقال عمر: للرجل أما لو بقيت فى باديتك ماشعرنا بك وما عرفنا مكانك ، قال يأمير المؤمنين تركت أطفالى كفراخ الطير لا ماء ولا شجر فى البادية وجئت لاقتل وخشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس ، فسأل عمر أبا ذر لماذا ضمنته؟! فقال خشيت أن يقال ذهب الخير من الناس ، فوقف عمر وقال للشابين ماذا تريان قالا وهما يبكيان عفونا عنا لصدقه ونخشى ان يقال ذهب العفو من الناس .
الطيبون موجودون فى كل مكان ولكن قليلين فلذلك لا تراهم ، وربما لا تراهم فلا ترجع عن طيبتك فأقوى الأقوياء صاحب القلب الطيب والسريرة الطاهر فى هذا العصر القاسى .
ألا إن سلعة الله غالية .. فما هو أغلى من الوفاء والصدق والتسامح والله لا يضيع اجر من احسن عملا ، كفاك سعادة رضا ربك وسعادة الدارين وان الجزاء عند رب العباد فانظر الى قول الرسول – صلى الله عليه وسلم – كأنه بيننا الآن ، فقد قال: (ستجدون بعدى إثرة وأشياء ستنكرونها فقال الصحابة فماذا نفعل يارسول الله قال اعطوا الناس حقهم وسلوا الله حقكم) ولا يضيع حق عند رب العباد .. فحافظوا على طيبتكم وسيرجع الله لكم حقكم .