سلسلة فقه الصيام ، الدرس الخامس عشر: صلاة التهجد فضائل وأحكام ، للدكتور خالد بدير

سلسلة فقه الصيام ، الدرس الخامس عشر: صلاة التهجد فضائل وأحكام ، للدكتور خالد بدير
لتحميل الدرس بصيغة word أضغط هنا
لتحميل الدرس بصيغة pdf أضغط هنا
ولقراءة الدرس كما يلي:
(سلسلة فقه الصيام) الدرس الخامس عشر: صلاة التهجد فضائل وأحكام
من أفضل الأعمال عند الله على الإطلاق – صلاة التهجد – ولا سيما في العشر الأواخر من رمضان .
ولقد أمر الله به نبيه ﷺ فقال: { وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} (الإسراء: 79).؛ وهذا الامر وإن كان خاصا برسول الله ﷺ إلا أن عامة المسلمين يدخلون فيه بحكم أنهم مطالبون بالاقتداء به ﷺ.
وبين الله أن المحافظين عليه هم المحسنون المستحقون لخيره ورحمته فقال: { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }. (الذاريات: 15 – 18) . ونفى التسوية بينهم وبين غيرهم ممن لم يتصف بوصفهم فقال: { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}. (الزمر: 9)
كما تضافرت النصوص النبوية التي تحث على التهجد وقيام الليل؛ فعن عبد الله بن سلام قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقول:” يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصِلُوا الْأَرْحَامَ وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ”.(أحمد وابن ماجة والترمذي وقال: هذا حديث صحيح). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ:” رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ، نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، ورَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى، نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ.”(أبوداود والحاكم وصححه). وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ:”عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ، فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَهُوَ قُرْبَةٌ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ، وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَنْهَاةٌ عَنِ الإِثْمِ”. (الطبراني والبيهقي والحاكم وصححه). لذلك كان يجتهد النبي ﷺ بالعبادة والقيام في هذه العشر؛ فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ؛ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ؛ وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ”( متفق عليه ). وشد المئزر كناية عن بلوغ الغاية في اجتهاده ﷺ في العشر الأواخر؛ يقال: شددت لهذا الأمر مئزري؛ أي: تشمرت له وتفرغت؛ وهو كناية عن اعتزال النساء للاشتغال بالعبادات.
والتهجد من الليل هو دأب الصالحين من السلف الصالح – رضي الله عنهم – ؛ ففي الموطأ أن عمر بن الخطاب كان يصلي من الليل ما شاء الله أن يصلي، حتى إذا كان نصف الليل أيقظ أهله للصلاة، يقول لهم: الصلاة الصلاة، ويتلو هذه الآية: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه:132].
وقال الحسن البصري: ” لم أجد شيئاً من العبادة أشد من الصلاة في جوف الليل “.
ووقت التهجد أو قيام الليل يبدأ من الانتهاء من صلاة العشاء، ويستمرّ وقتها حتى طلوع الفجر، ومن الأفضل أن يكون في الثّلث الأخير من الليل، وذلك لأنّ الرّب تبارك وتعالى ينزل فيه إلى السّماء الدّنيا ؛ فهذا الوقت أرجى لقبول الدعاء والتوبة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ : يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا , حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ فَيَقُولُ : مِنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ ؟ وَمَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ , وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ “.( متفق عليه ). وعن عَمْرُو بْن عَبَسَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ:” أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنْ الْعَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الْآخِرِ ؛ فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ “.( الترمذي والحاكم وصححه). فإن لم يستطع قيام الثلث الأخير قام الأوسط ؛ وإلا قام الثلث الأول؛ فالأفضلية تأتي من الثلث الأخير فالأوسط فالأول.
فإذا قام المسلم بأداء قيام الليل في أيّ وقت منها فقد أصاب السنّة، ونال الأجر إن شاء الله.
ويتحقق قيام الليل ولو بركعتين؛ فأقله ركعتان ولا حد لأكثره؛ وللمسلم أن يصلي ما يشاء، لقوله ﷺ:” صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصّبح صلى ركعةً واحدةً، توتر له ما قد صلى “.(متفق عليه).
وإن اقتصر على إحدى عشرة ركعةً مع الوتر فهذا هو الأفضل، وذلك لأنّها صلاة رسول الله ﷺ ، وقد قالت عائشة رضي الله عنها، وقد سئلت عن صلاته بالليل في رمضان فقالت:” ما كان رسول الله ﷺ يزيد في رمضان ولا في غيره عن إحدى عشرة ركعةً، يصلي أربعًا فلا تَسلْ عن حسنهنَّ وطُولِهِنَّ، ثم يصلي أربعًا فلا تسلْ عن حسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثم يصلي ثلاثًا “. قالت عائشة رضي الله عنها:” فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ فقال: يا عائشة، إن عيني تنامان، ولا ينام قلبي ” . (البخاري).
وينبغي على العبد أن لا يفوت التهجد وقيام الليل في رمضان ولا في غيره ؛ حتى يكتب عند الله من القائمين؛ ولا يشترط النوم ثم الاستيقاظ حتى يتحقق القيام؛ فلو شق عليك الاستيقاظ فيكفي أن تصلى ولو ركعتين قبل النوم ؛ لأن وقت القيام يبدأ من بعد الانتهاء من صلاة العشاء مباشرة كما ذكرنا .
جعلنا الله وإياكم من القائمين القانتين العابدين؛؛؛؛
والله أعلم،،،،
كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
____________________________________________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
و للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع
و للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف