سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس الثالث: رمضان شهر التوبة، للدكتور خالد بدير
يسر جريدة صوت الدعاة الإلكترونية أن تقدم لكم سلسلة الدروس الرمضانية للدكتور خالد بدير طوال هذا الشهر الكريم للتعرف علي فوائد الصوم وأسراره ؛ وذلك بنشر درس واحد يومياً ؛ للاستعانة بها في دروس العصر والقوافل ودروس الراحة وغير ذلك ولمعرفة المزيد عن فوائد الصوم وأسراره .
كما ننشر دروس وزارة الأوقاف للاستعانة بها في درس التراويح.
ويراعى في هذه الدروس مقتضى الحال والزمان والمناسبة؛ مع ذكر وجه ارتباطها بالصيام ؛ مع الجمع فيها بين النظرية والتطبيق العملي في حياتنا العملية والأخلاقية والعبادية .
سلسلة الدروس الرمضانية، الدرس الثالث: رمضان شهر التوبة، للدكتور خالد بدير
لتحميل الدرس بصيغة word أضغط هنا
لتحميل الدرس بصيغة pdf أضغط هنا
ولقراءة الدرس كما يلي:
سلسلة الدروس الرمضانية للتعرف علي فوائد الصوم وأسراره
لقد خلق الله الإنسان وجعله خليفة في الأرض ؛ وأمره أن يعمرها ويوحده ويعبده ويشكره ؛ ووضع له منهاج العبادة والطاعة وعمارة الكون: افعل ولا تفعل ؛ ولكن الإنسان جبل وخلق على النسيان فكثيراً يضل أو ينسى ؛ فشرع الله له التوبة .
ولو خلقنا الله معصومين من الخطأ ما كان هناك فائدة وغاية من الابتلاء والاختبار والامتحان ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :” وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ “.( مسلم ).
وفي هذا المعنى يقول إبراهيم بن أدهم – رحمه الله - : خلا لي الطواف ليلة وكانت ليلة مطيرة مظلمة؛ فوقفت في الملتزم عند الباب فقلت: يا رب اعصمني حتى لا أعصيك أبداً ؛ فهتف بي هاتف من البيت: يا إبراهيم أنت تسألني العصمة ؛ وكل عبادي المؤمنين يطلبون مني ذلك ؛ فإذا عصمتهم فعلى من أتفضل ولمن أغفر ؟!! ( إحياء علوم الدين ) .
ولقد أنعم الله – سبحانه وتعالى – على عباده بأعمال كثيرة ومتنوعة تكون سبيلاً لمحو سيئاتهم وكفارة لذنوبهم ؛ ومن أفضل هذه الأعمال شهر رمضان و فوائد الصوم وأسراره:
بما فيه من الصيام والقيام وليلة القدر ؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم : ” مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ” ؛ وقال: ” مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ “. ؛ وقال:” مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ” . وهذه الأحاديث الثلاثة متفق عليها من حديث أبي هريرة رضى الله عنه.
وإذا كان الحاج يرجع من حجه كيوم ولدته أمه ؛ فكما أن المولود يولد على الفطرة لم يرتكب ذنباً أو خطيئةً ؛ فكذلك الحاج !! فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ “(متفق عليه) . فكذلك الصائم إذا أحسن قيام وصيام رمضان وليلة القدر فحري أن يخرج من رمضان كيوم ولدته أمه ؛ لأن الله بعفوه وكرمه ومنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه !! فأي كرم وأي فضل أعظم من هذا ؟!!!
فعليك أخي الصائم أن تسرع إلى باب التوبة ؛ وأقبل على الله بالندم والاستغفار ؛ يغفر الله لك الذنب مهما تكرر منك مرات ومرات ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، قَالَ : أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا ، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ ، فَقَالَ : أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا ، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ : أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا ، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ، اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ ، قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى : لَا أَدْرِي أَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ : اعْمَلْ مَا شِئْتَ “. ( مسلم ) .
قال النووي بعد ذكر أحاديث التوبة:
” هَذِهِ الْأَحَادِيثُ ظَاهِرَةٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلى التَّوْبَةِ ، وَأَنَّهُ لَوْ تَكَرَّرَ الذَّنْبُ مِائَةَ مَرَّةٍ أَوْ أَلْفَ مَرَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ ، وَتَابَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ ، قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ ، وَسَقَطَتْ ذُنُوبُهُ ، وَلَوْ تَابَ عَنِ الْجَمِيعِ تَوْبَةً وَاحِدَةً بَعْدَ جَمِيعِهَا صَحَّتْ تَوْبَتُهُ . وقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلَّذِي تَكَرَّرَ ذَنْبُهُ : ( اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ ) مَعْنَاهُ : مَا دُمْتَ تُذْنِبُ ثُمَّ تَتُوبُ غَفَرْتُ لَكَ ، وَهَذَا جَارٍ عَلَى الْقَاعِدَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا . ” ( شرح النووي) . وقال أبو حاتم – رضي الله عنه -ـ: قوله: (اعمل ما شئت) لفظة تهديد أعقبت بوعد يريد بقوله: (اعمل ما شئت) أي: لا تعص. وقوله: (قد غفرت لك) يريد: إذا تبت .
فمهما أسرفت على نفسك من المعاصي لا تيأس فباب التوبة مفتوح؛ قال تعالى: { قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}. (الزمر: 53). يقول الإمام ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: ” هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة ، وإخبار بأن الله يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها ورجع عنها ، وإن كانت مهما كانت وإن كثرت وكانت مثل زبد البحر ” . أ هـ
وسبب نزل هذه الآية الكريمة كما قال ابن عباس – رضي الله عنهما – أن ناسا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا فأكثروا، وزنوا فأكثروا. فأتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة . فنزل: { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ } [الفرقان:68]، ونزل قوله : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ }. الزمر: 53). ( مسلم) .
وعن أَنَس بْن مَالِكٍ ، قَالَ :
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : ” قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً ” .( الترمذي وحسنه ).
بل إن الله يفرح بتوبة العبد إذا أذنب وتاب من ذنبه؛ فعن أَنَس بْن مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ ، مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ ، فَأَيِسَ مِنْهَا ، فَأَتَى شَجَرَةً ، فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا ، قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا ، قَائِمَةً عِنْدَهُ ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ : اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ ” . (مسلم) .
أخي الصائم: اعلم أن قلبك مُسودٌّ من كثرة المعاصي طوال الأحد عشر شهراً الماضية؛ لأن كل ذنب ارتكبته نكت نكتة سوداء في القلب حتى اسود وأظلم وعلاه الصديد والران ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ؛ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ؛ فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ ؛ وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ ؛{ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } ( أحمد وأبو داود والحاكم والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح ).
فعليك أن تغسل قلبك وتطهره مما علق به من سواد وران وصديد:
واعلم أن ما أنت فيه من ضيق في الرزق ؛ وهم وحزن وفقر ومرض ؛ سببه كثرة المعاصي وظلمة القلب؛ وما أجمل مقولة عبد الله بن عباس: ” إن للحسنة ضياءً في الوجه ، ونورا في القلب ، وسعة في الرزق ، وقوة في البدن ، ومحبة في قلوب الخلق ، وإن للسيئة سوادا في الوجه ، وظلمة في القبر والقلب ، ووهنا في البدن ، ونقصا في الرزق ، وبغضة في قلوب الخلق . ” ( الداء والدواء لابن القيم )
فعلى الصائم أن يداوم على الاستغفار والتوبة في كل وقت وحين ويستفيد من ؛ فإن عرف أنه ارتكب ذنباً تداركه بالتوبة، والاستغفار، والحسنات الماحية . ” قال مجاهد: وكَّلَ الله بالإنسان مع علمه بأحواله ملكين بالليل وملكين بالنهار يحفظان عمله، ويكتبان أثره إلزاما للحجة: أحدهما عن يمينه يكتب الحسنات، والآخر عن شماله يكتب السيئات، فذلك قوله تعالى: (عن اليمين وعن الشمال قعيد).”( تفسير القرطبي).
ومن رحمة الله بنا أن العبد إذا فعل حسنة كتبها ملك الحسنات في الحال عشر حسنات؛ وإذا فعل سيئة كتبت بمثلها. { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} ( الأنعام: 160). وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ:” إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ؛ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً؛ فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ؛ وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً؛ فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً” ( متفق عليه ) .
بل من كرم الله وفضله على عباده أن العبد إذا فعل سيئة لم يكتبها ملك السيئات؛ بل يصبر عليه ست ساعات لعله يستغفر الله عز وجل فلا تُكتب!!
فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:”إِنَّ صَاحِبَ الشِّمَالِ لِيَرْفَعُ الْقَلَمَ سِتَّ سَاعَاتٍ عَنِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ الْمُخْطِئِ أَوِ الْمُسِيءِ، فَإِنْ نَدِمَ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْهَا أَلْقَاهَا، وَإِلا كُتِبَتْ وَاحِدَةً”. ( مجمع الزوائد).
وقال الأحنف بن قيس: ” صاحب اليمين يكتب الخير، وهو أمير على صاحب الشمال، فإن أصاب العبد خطيئة قال له: أمسك، فإن استغفر الله تعالى نهاه أن يكتبها، وإن أبى كتبها.” (رواه ابن أبي حاتم).
ومن المعلوم أن الإنسان كثير الكلام؛ وكلما كثر كلامه كثر لغطه؛ فينبغي عليه أن يكثر من الاستغفار والتوبة في كل وقت وحين؛ ولا سيما في هذا الشهر الفضيل؛ فقد يقع في لغو الكلام وباطله وخبيثه دون أن يشعر أو يلقي له بالا ؛ وهذا حبيبكم صلى الله عليه وسلم يستغفر ربه في اليوم أكثر من سبعين مرة؛ وقد غفر له ذنبه المتقدم منه والمتأخر!! ونحن أكلتنا الذنوب ولم نستغفر الله بالمرة !!!
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:” وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً” (البخاري)، وفي رواية مسلم مائة مرة؛ فعن ابْنَ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ”.
فرمضان فرصة عظيمة لكل من ألف المعصية ؛ فأقبل على الله قبل فوات الأوان؛ أقبل على التوبة قبل أن يأتيك الموت بغتة وتندم ولا ينفع الندم؛ قبل أن تأتيك غرغرة الموت ؛ فَعَن ابْنِ عُمَرَ؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ.”( ابن ماجه والترمذي وحسنه)؛ قال تعالى: { إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (النساء: 17 ؛ 18).
وبعد؛ فهذه رسالة أوجهها لكل الشباب أن يكفوا عن الذنوب والمعاصي؛ وأن يتوبوا توبة نصوحاً بشروطها المعتبرة ؛ وأن يردوا المظالم إلى أهلها حتى يخرجوا من رمضان مغفوراً لهم كيوم ولدتهم أمهاتهم !! وتلك من فوائد الصوم وأسراره .
كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع
للمزيد عن دروس شهر رمضان المبارك وللمزيد عن فوائد الصوم وأسراره