خطبة عيد الفطر المبارك لسنة 1440 هـ ، للشيخ عبد الناصر بليح
خطبة عيد الفطر المبارك 4 يونيو 2019 للشيخ عبد الناصر بليح ، بتاريخ 1 من شوال 1440 هـ ، الموافق 4 يونيو 2019م.
لتحميل خطبة عيد الفطر المبارك 4 يونيو 2019 للشيخ عبد الناصر بليح 4/6/2019 وعناصرها:
لتحميل خطبة عيد الفطر المبارك 4 يونيو 2019 للشيخ عبد الناصر بليح بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة عيد الفطر المبارك 4 يونيو 2019 للشيخ عبد الناصر بليح بصيغة pdf أضغط هنا.
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
ولقراءة خطبة عيد الفطر المبارك 4 يونيو 2019 للشيخ عبد الناصر بليح كما يلي:
ولقراءة خطبة عيد الفطر المبارك كما يلي:
يوم العيد: “لعلنا أن نكون جميعاً هذا الرجل”
الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيراً ، والحمد لله كثيراً وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلاً .
الحمد لله رب العالمين ..وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تنفع العبد يوم لا ينفع مال ولا بنون وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه خيرمن صام وقام وخيرمن علم الأنام القائل:”إن في الجنة غرفاً يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها . فقام إليه أعرابي فقال لمن هي يا رسول الله ؟ قال:”هي لمن أطاب الكلام ، وأطعم الطعام ، وأدام الصيام ، وصلى لله بالليل والناس نيام”(الترمذي) . صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد .
فيا عباد الله :”
بالأمس كان الإفطار حراماً واليوم يكون الصيام حراماً من الذي حرم هذا وأحل هذا إنه علام الغيوب عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال القائل:”تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا”وقوله تعالى:”تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا”فهوالذي يعلم بحالنا جميعاً وأدري بمصلحتنا ففي الصيام منافع كثيرة وفي الأعياد فرحة عظيمة ..
عباد الله:”ها هو رمضان قد رحل ورحل عنا شهر الجود والكرم ، شهر الصيام والقيام والقرآن ، شهر البر والجود والإحسان، ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر، فليت شعري من المقبول منا فنهنيه ، ومن المطرود المحروم منا فنعزيه ؟وَقدمَضَتْ أَيَّامٌ مَشْهُودَةٌ، وَمَوْسِمٌ مَذْكُورٌ فَازَ فِيهَا أَقْوَامٌ مَغْفِرَةَ الذُّنُوبِ، وَحَازَ فِيهَا رِجَالٌ رِضَا عَلَّامِ الْغُيُوبِ، مَضَتْ تِلْكَ الْأَيَّامُ بِبِرِّهَا وَمَنَافِعِهَا، وَأَغْلَقَتْ مَعَهَا مَدْرَسَةُ الصيام أَبْوَابَهَا.
أيها الناس :”
إن يومكم هذا، يوم عظيم ، وعيد كريم، في هذا اليوم الذي توج الله به شهر الصيام ؛ تعلن النتائج وتوزع الجوائز، في هذا اليوم يفرح الذين جدوا واجتهدوا في رمضان، سبق قوم ففازوا، وتأخر آخرون فخابوا، في هذا اليوم يفرح المصلون ، ويندم الكسالى النائمون والعابثون اللاعبون .
عباد الله :” في يوم العيد لعلنا أن نكون جميعاً هذا الرجل الفرح المسرور الذي فرح حين أفطر كل ليلة من ليالي رمضان وأتمها اليوم بالفرحة الكبري فرحة العيد وتسلم الجائزة قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم:”للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح،وإذا لقي ربه فرح بصومه”(البخاري) .قال ابن رجب:” وأما فرحه عند لقاء ربه، ففيما يجده عند الله من ثواب الصيام مدخرا ” .
#عباد الله:
في هذا اليوم لعلنا أن نكون جميعاً هذا الرجل التقي الورع فالثمرة المرجوة من الصيام :” لعلكم تتقون” قال سيبويه: إنَّ معنى (لعلَّ) في القرآن الكريم هو الترجِّي أو الإشفاق باعتبار حال المخاطبين،وقيل:إنَّ (لَعَلَّ) تُفيد تحقيق مضمون الجملة التي بعدها ووقوعه، نحو قولك: لَعَلَّ المجتهدَ ينجحُ،..
فلعلنا قد خرجنا من صيام رمضان بتلك الثمرة المرجوة النافعة التي تقيد العبد عند حدود الله ومحارمه ولها فوائد جمة فهي خير زاد يتزود به الإنسان :” وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ”(البقرة/197).وهي وسيلة العلم :”وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ”(البقرة: 282). وهي وسيلة البركة :”وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ.”(الأعراف/97). وهي خيرميراث يتركه الإنسان لولده:” وَلْيَخْشَ ٱلَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَٰفًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلًا سَدِيدًا”(النساء/9).
والتقوي سبب لصلاح الحال ومغفرة الذنوب :” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا”(الأحزاب/71). والتقوي سبب للخروج من الضيق والشدة،والرزق من حيث لايحتسب:”وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ”(الطلاق : 2- 3).
#عباد الله في يوم العيد لعلنا أن نكون جميعاً هذا الرجل الشاكر لأنعم الله فالثمرة المرجوة من الصيام:”وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”(البقرة: 185).
فالشكرُ عبادةٌ يُحبها اللهُ ويَرْضى عن أهلِها،”وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ”(النمل: 40).
فبالشكر كانت أولى وصايا الرحمن لبني الإنسان:”وَوَصَّيْنَاالْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ”(لقمان: 14).
وأخبرَ عزَّ شأنه أن رِضاه في شُكره: “وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ”(الزمر: 2).
بل لا يعبُده سبحانه حقَّ عبادته إلا الشاكرون يقول عز شأنه:”وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ”(البقرة: 172).
وبالشكر لهج الأنبياء، وأوصوا بها أُممهم، وخير الخلق -صلى الله عليه وسلم- قام حتى تفطرت قدماه، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: “لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: “أَفَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا”؟!
ويقول صلي الله عليه وسلم:”الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر”(أحمدوغيره).
قال تعالي :”وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ”(إبراهيم: 7).
عباد الله: وسائل الشكر لا تُحصَى، وميادينَه لا تُحصَر، اشكُروا ربَّكم على ما أظهرَ من جميل، وعلى ما ستَرَ من قبيح.اشكروه بأداء حقوقه –تعالى- من فرائض ومستحبات.
كما يكونُ الشكرُ عند حصول النعم وتجددها، ولذا شرع لنا سجود الشكر.
وقد سجدَ نبيُّكم محمدٌ –صلى الله عليه وسلم- حين أخبرَه جبريل -عليه السلام- أن الله يقول: “من صلَّى عليك صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا”.
وتَعدادُ النِّعم من الشكر، والتحدُّث بالنِّعم من الشكر، ومن أثنَى فقد شكَر، والقناعةُ شكرٌ؛ فكن قانِعًا تكُن أشكرَ الناس.ومن أسدى لك معروفاً فحقه المكافأة، ومن قصُرت يدُه عن المُكافأة فليُكثِر من الشكر والثناء، ومن لا يشكُر القليل لا يشكُر الكثير.
تذكروا عباد الله ما مَنّ الله -عز وجل- به عليكم من نعمة الأمن والإيمان والاجتماع على القرآن والسنة المطهرة حافظوا عليها ولا تبدلوا نعمة الله كفراً ولا ترتدوا على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين واعلموا أن الله لا يغير ما يقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
احمدوا الله عباد الله أن جمع شملكم وأمن خوفكم وأمدكم بنعمته وقواكم، قال تعالى:”فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ”(قريش: 3، 4).
فالحمد لله أولاًوآخراً، وظاهراً وباطناً على نعمه التي لا تحصى وآلائه التي تترى، قال الله: “وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ”(إبراهيم: 34).
#عباد الله في يوم العيد لعلنا أن نكون جميعاً هذا الرجل الذي نال الجائزة بالعتق من النيران ففي يوم العيد يتسلم كل صائم إيماناً واحتساباً وكل قائم إيماناً واحتساباً جائزته كماورد:”إذا كان يوم الفطر وقفت الملائكة على أبواب الطرق، فنادوا: اغدوا يا معشر المسلمين إلى رب كريم يمن بالخير، ثم يثيب عليه الجزيل، لقد أمرتم بقيام الليل فقمتم، وأمرتم بصيام النهار فصمتم، وأطعتم ربكم، فاقبضوا جوائزكم، فإذا صلوا، نادى مناد: ألا إن ربكم قد غفر لكم، فارجعوا راشدين إلى رحالكم، فهو يوم الجائزة، ويسمى ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة”(الطبراني وأبو نعيم).وورد بسند صحيح :
“إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ ، وَمَرَدَةُ الْجِنِّ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ ، وَيُنَادِي مُنَادٍ : يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ “(الترمذي) .
#عباد الله :
” في هذا اليوم يوم العيد لعلنا أن نكون جميعاً هذا الرجل الذي قد شفع له الصيام وشفع له القرآن تصور نفسك يامن أتممت صيام شهركامل حينما تقف بين يدي الديان تبارك وتعالى يوم القيامة ، فيعرض عليك سجلاتك التي لن تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصتها ، فتجدها مثقلة بجبال الحسنات التي أكرمك بها جزاءً على صيامك وصلاتك وزكواتك وصدقاتك ، لكنك مع هذا فإن خوفاً يساورك على ما اقترقت من ذنوب وخطايا ، وتخشى أن تـأكل حسناتك أكلاً ، فلا تدري إلا وينبري لك صيامك وقراءتك القرآن فيشفعان لك ويطلبان من العفو الغفور أن يعفو عنك ويتجاوز عن سيئاتك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
“الصيام والقرآن يشفعان للعبد ، يقول الصيام رب إني منعته الطعام والشراب بالنهار فشفعني فيه ، ويقول القرآن رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه ، فيشفعان”(أحمد). ، فيقبل الله شفاعتهما ، ثم يتفضل المنان عليك بأعظم نعمة وأجلها،وهي العتق من النيران،والفوز بالجنان ، جزاءً وفاقاً على إحسانك ، ثم يعطيك كتابك بيمينك ، فترفع يديك بين البشر وتصرخ:”هاؤم اقرؤوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه” .
هذا جزاؤك،وهذه هديتك ، وهذا قدرك ، سمعت أمر ربك فأخذته ، قرأت كتابه فالتزمته ، عرفت رسوله فاتبعته ، فكان جزاؤك أعظم جزاء ، الجنة دار المتقين ، وعدك الوهاب بها فأوفى بوعده ( جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا ).
فتيمم وجهك شطر الجنة وتمر على الصراط كلمح البصر ، أو كلمح البرق ، أو كجياد الخيل ، أو كجياد الرجال ، حتى تقف عند باب الريان الذي أعده الكريم للصائمين دون غيرهم ،فعن النبي – صلى الله عليه وسلم قال:”إن في الجنة بابا يقال له: الريان،يدخل منه الصائمون يوم القيامة ، لا يدخل منه أحد غيرهم ، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد ” فتضع رجلك عند باب الجنة فتستقبلك الملائكة الكرام بأحلى كلمة :”والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار فتطأ الجنة برجلك ، وتصبح في وهلة واحدة ، وفي لمحة سريعة ، بل في لمحة بصر ، من أهل الجنة التي أعد الله فيها لعباده الصالحين ما لا يخطر ببال ولم يدر في خيال ، قال رسول الله :”قال الله تعالى :
“أعددت لعبادي الصالحين : ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، واقرؤوا إن شئتم:” فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ “قال ابن كثير:”أي: فلا يعلم أحد عظمة ما أخفى الله لهم في الجنات من النعيم المقيم، واللذات التي لم يطلع على مثلها أحد، لَمَّا أخفوا أعمالهم أخفى الله لهم من الثواب، جزاء وفاقا؛ فإن الجزاء من جنس العمل ” .
ولا تدري فقد يكون قصرك من القصور الجميلة التي ذكرها النبي – صلى الله عليه وسلم – بقوله:
“إن في الجنة غرفاً يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها . فقام إليه أعرابي فقال لمن هي يا رسول الله ؟ قال:”هي لمن أطاب الكلام ، وأطعم الطعام ، وأدام الصيام ، وصلى لله بالليل والناس نيام”(الترمذي) .
بل إنك لا تدري فقد يكون قصرك تلك الخيمة من اللؤلؤ التي أعدها الله لعباده المؤمنين ، قال – صلى الله عليه وسلم – حينما قال : ( إن للمؤمن فى الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة ، طولها ستون ميلا ، للمؤمن فيها أهلون،يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضا”(مسلم).
تقف عند باب قصرك ، وتستقبل استقبالاً لم يحلم به أعظم ملوك الدنيا ، إذ الحور العين على الباب واقفات ، وعند الناصية صافات ، طاهرات مطهرات ، قاصرات الطرف مطيعات ، الواحدة منهن كاللؤلو المكنون ، يحار الطرف في حسنها ، وكأنه يريد أن يشرب من كأس جمالها ، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم:”ولو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت إلى أهل الدنيا لأضاءت ما بينهما،ولملأته ريحا،ولنصيفها – خمارها – على رأسها خير من الدنيا وما فيها”(البخاري) .
فهذه جائزة الصيام ، أعدها الكريم لعباده الصائمين ، قال تعالى:
“كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية”قال مجاهد : الأيام الخالية هي أيام الصيام،أي:كلوا واشربوا بدل ما أمسكتم عن الأكل والشرب لوجه الله ) .
#عباد الله :” لعلنا أن نكون جميعاً هذا الرجل البار بوالديه الواصل لرحمه الساعي علي الأرامل واليتامي والمساكين في العيد وفي غير العيد ..فعن أبي هريرة:”أَنَّ رجلًا قَالَ: يَا رَسُول اللَّه، إِنَّ لِي قَرابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُوني، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِم وَيُسِيئُونَ إِليَّ، وأَحْلُمُ عنهُمْ وَيَجْهَلُونَ علَيَّ، فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ المَلَّ، وَلا يَزَالُ معكَ مِنَ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلكَ”( مسلم). وعن أَنسٍ :أَنَّ رسولَ اللَّه صلي الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ أَحبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ في رِزقِهِ، ويُنْسَأَ لَهُ في أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ”(متفقٌ عَلَيهِ).
ينبغي أن نكون هذا الرجل:”الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، وأحسبه قال: وكالقائم الذي لا يفتر، وكالصائم الذي لا يفطر”(متفق عليه).
الخطبة الثانية
الله أكبر كبيراً ، والحمد لله بكرة وأصيلاً .
الحمد لله رب العالمين ونصلي ونسلم علي خير من صام وقام وزكي وحج وبعد .
فلقد مر بنا شهر رمضان كطيف خيال، مرّ بخيراته وبركاته ، إن أودعت فيه خيراً فخير ، وإن شراًفشر،ونسأل الله تعالى أن يبارك فيما كان فيه من خير،وأن يتجاوز عما كان فيه من تقصير، وأن يتقبل صيامنا وقيامنا .
أيها المؤمنون :
إن العاقل الفطن لا يفكر في العيد ؛ بقدر تفكيره واهتمامه بقبول الله تعالى لعمله ، إذ إن مصيبة المصائب أن تصوم ثم يرد عليك صيامك ،وأن تصلي فلا تقبل صلاتك ، وهذه والله مصيبة المصائب ، قال علي ـ رضي الله عنه ـ قال:”كونوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل ، ألم تسمعوا الله عز وجل يقول:”إنما يتقبل الله من المتقين” .
وسألت عائشة – رضي الله عنها – رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم عن قوله سبحانه: “وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا ءاتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ”قالت:”أهُم الذين يزنون ويسرقون ويشربون الخمر؟ قال:”لا يا ابنة الصديق، ولكنهم الذين يصلّون ويصومون ويتصدّقون ، ويخافون أن لا يُتقبَّل منهم”وكان بعض السلف يظْهَرُ عليه الحزن يوم عيد الفطر فيقال له : إنه يوم فرح وسرور فيقول : صدقتم ، ولكني عبد أمرني مولاي أن أعمل له عملاً فلا أدري أيقبله مني أم لا ؟فنسأل الله تعالى أن يتقبل عملنا وعملكم وصيامنا وصيامكم .
عباد الله:
“في يوم العيد لعلنا أن نكون جميعاً هذا الرجل التائب لأن من أعظم علامات قبول العمل في رمضان ، التوبة النصوح من جميع الذنوب الماضية والعزيمة الصادقة على الاستقامة على الطاعة في الأيام القادمة ،فما أحسن الحسنة بعد السيئة تمحها،وأحسن منها الحسنة بعد الحسنة تتلوها:”وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”(النور/31).ويقول صلى الله عليه وسلم:”إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهارويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل , حتى تطلع الشمس من مغربها”(صحيح)
#عباد الله :”ينبغي أن نكون جميعاً ذلك الرجل الذي يحرص علي الصلاة مع الجماعة في المساجد ما أجمل التوبة بعد رمضان .وهذاالرجل الذي كان قدقصرفي بروالديه وسرعان مارجع وتاب لوالديه ما أجمل التوبةبعد رمضان .
وهذا الرجل الذي قصر في صلة رحمه ولكنه أفاق واستفاق ما أجمل التوبة بعد رمضان .
أخي المقصر في حق زوجته ما أجمل التوبة بعد رمضان .
أخي المقصر في حق أولاده ما أجمل التوبة بعد رمضان .
أخي المقصر في حق جيرانه ما أجمل التوبة بعد رمضان .
أخي العاشق للغيبة والحديث في أعراض الناس وأسرارهم ما أجمل التوبة بعد رمضان .
أخي آكل الربا ما أجمل التوبة وأكل الحلال بعد رمضان .
أخي المدخن ما أجمل التوبة بعد رمضان .
أختي غير المحجبة ما أجمل الحجاب بعد رمضان .
نسأل الله تعالى أن يجعلناجميعاً ذلك الرجل وأن يجعلنا من المقبولين،وأن يختم لنا بخير وأن يجمعنا على خير،وان يتقبل صيامنا وقيامنا وصالح أعمالنا.
“وقوموا إلي صلاتكم يرحمكم الله “
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع