أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة خطبة الأسبوع ، خطبة الجمعة القادمة، خطبة الاسبوع، خطبة الجمعة وزارة الأوقافعاجل

خطبة بعنوان: “الإرهاب –الأسباب والعلاج”، لفضيلة الشيخ عبد الناصر بليح، بتاريخ 9 من ذي القعدة الموافق 12 أغسطس 2016هـ

خطبة بعنوان: “الإرهاب –الأسباب والعلاج”، لفضيلة الشيخ عبد الناصر بليح، بتاريخ 9 من ذي القعدة الموافق 12 أغسطس 2016هـ.

لتحميل الخطبة بصيغة word أضغط هنا

لتحميل الخطبة بصيغة pdf أضغط هنا

 

 

ولقراءة الخطبة كما يلي:

 الحمد لله رب العالمين – يارب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في سلطانه . وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه .. القائل :” من حمل علينا السلاح فليس منا” اللهم صلاة وسلاماً عليك ياسيدي يارسول الله وعلي آلك وصحبك الطيبين الطاهرين وسلم تسليماً كثراً .

أما بعد فيا عباد الله. نحن اليوم بصدد الحديث عن ظاهرة خطيرة من أخطر ظواهر المجتمع قد وقف لها الإسلام بالمرصاد وهي ظاهرة الإرهاب –الأسباب والعلاج .

 وقبل أن نشرع في أسباب ظاهرة الإرهاب لابد لأن نعرف أولاً: مفهوم الإرهاب وحكمه – الإرهاب في اللغة: أصله أرهب ، يرهب ، إرهابًا وترهيبًا ، فمعاني هذه الكلمة في اللغة تدور حول: الإخافة والترويع – الإرهاب في الشرع: جاء ذكر لفظة ” رَهِبَ ، وأَرْهَبَ ” واشتقاقاتهما في القرآن في مواضع: – منها في قوله تعالى: ” وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ “(الأنفال / 60 .) ، قال ابن جرير : ” يقول تخيفون بإعدادكم ذلك عدو الله وعدوكم من المشركين ، وعن ابن عباس : تخزون به عدو الله وعدوكم “- ومنها في قوله تعالى: ” لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ” أي: يخافون منكم أكثر من خوفهم من الله . ومنها في قوله تعالى عن سحرة فرعون: ” فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ” (الأنفال /60). أي: أخافوا الناس من العصي والحبال ظنًا منهم أنها حيات ( الطبري ، جامع البيان 9 / 20). – ومنها في قوله تعالى مخاطبًا بني إسرائيل:” يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ( البقرة / 40 ( . فبعد أن ذكرهم نعمه وإحسانه ، أمرهم بامتثال أمره واجتناب نهيه خوفًا منه ، وخشية له . – ومنها ما أخبر به -سبحانه- عن عباده الصالحين أنهم يدعونه ويتقربون إليه رجاءً لثوابه ، وخوفًا من عقابه ، فقال سبحانه ” إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ “( الأنبياء ، /90 .) ، قال القرطبي : ” أي يفزعون إلينا فيدعوننا في حال الرخاء وحال الشدة ، وقيل: المعنى يدعون وقت تعبدهم وهم بحال رغبة ورجاء ، ورهبة وخوف ” ( القرطبي الجامع لأحكام القرآن 11 / 336 .)

مما تقدم يتبين لنا أن مادة (رهب) واشتقاقاتها جاء استخدامها في نصوص القرآن وفق معناها اللغوي الذي يعني الإخافة للآخرين أو الخوف منه لقوته ولما يخشى من بطشه أو عقوبته ، وسواء وقع هذا الخوف من الله عز وجل ، أو من الخلق ، وأن من التخويف ما يكون بحق ومنه ما يكون بالباطل .

المختار في تعريف الإرهاب: – هو الاعتداء المنظم من فرد أو جماعة أو دولة على النفوس البشرية ، أو الأموال العامة أو الخاصة بالترويع والإيذاء والإفساد من غير وجه حق شرح التعريف وبيان محترزاته: الاعتداء المنظم: أي الظلم الذي يقع على صورة مرتبة ومتسقة لتحقيق أهداف عامة سياسية أو اقتصادية . . وله بواعثه العقدية أو الفكرية .حكم الإرهاب: الإرهاب بهذا المعنى محرم وممنوع منه شرعًا ، لأنه عدوان على الناس ، وسعي في الأرض بالفساد ، وقد قال تعالى: { مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا } (المائدة ، الآية: 32 ) ، وقال تعالى: { إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } (المائدة ، الآية: 33 .) ، وقال تعالى: ” وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ” (الأعراف/ 56 .) ، قال القرطبي : “نهى – سبحانه- عن كل فساد قل أو كثر بعد صلاح قل أو كثر فهو على العموم على الصحيح من الأقوال ” . ( الجامع لأحكام القرآن 7 / 226 (.

 أما عقوبة من قام بشيء من تلك الأعمال فتختلف ولكنها قد تصل إلى القتل إذا كان من أعمال الحرابة أو يفوقها في الشر والضرر. أخوة الإيمان والإسلام ومن أسباب ظاهرة الإرهاب الانحراف الفكري والقصور في العلم الشرعي: إن الإنسان يمتاز عن سائر الكائنات الحية بأن حركاته وتصرفاته الاختيارية يتولى قيادتها فكره وعقيدته ، فالإنسان مقود أبدًا بفكرة صحيحة أو فاسدة . وعلى هذا فإن السبب الرئيس للغلو وسلوك سبل العنف والإرهاب انحراف الفكر وضلاله ، والتباس الحق بالباطل لدى أصحاب هذا الاتجاه .

ولهذا الانحراف الفكري أسباب ، منها: *- الخلل في منهج التلقي ؛ حيث تتلمذ طائفة من الغلاة على من لا علم عنده ، أو على أنفسهم ، فلا يقتدون ولا يهتدون بما عليه العلماء الراسخون ، بل يقدحون فيهم ، ويلمزونهم . وهؤلاء الغلاة يعتدون بآرائهم ، وينساقون مع أهوائهم ، فيحرمون العلم النافع المتلقي من مشكاة النبوة وأنوار الرسالة ، ويقعون في ضروب من الضلال ، والقول على الله بغير علم ، فيَضلون ويُضِلون .

** كيد الأعداء وظلمهم للمسلمين إن العداء بين الحق والباطل قديم ، وهو باق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، فمنذ بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ومؤامرات الأعداء ومكرهم وكيدهم لهذا الدين ، ولرسوله وأتباعه يتتابع ، وقد بين الله تعالى موقف الأمم الكافرة من المسلمين فقال عز وجل: { وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا } . ( البقرة ، الآية: 217) قال ابن كثير رحمه الله: ” أي هم مقيمون على أخبث ذلك وأعظمه ، غير تائبين ولا نازعين ” . وقال ابن سعدي – رحمه الله -: ” هذا الوصف عام لكل الكفار ، لا يزالون يقاتلون غيرهم حتى يردوهم عن دينهم ، وخصوصًا أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، ألفوا الجمعيات ، ونشروا الدعاة ، وبثوا الأطباء ، وبنوا المدارس لجذب الأمم إلى دينهم ، وإدخالهم عليهم كل ما يمكنهم من الشبه التي تشككهم في دينهم. **

القصور والتبعية في مناهج التعليم لقد كان من آثار الاستعمار والتغريب أن أسس التعليم في كثير من البلاد الإسلامية وفق النظام الغربي في مناهجه ، ووسائله ، وغاياته . ولم يسلم ما بقي من العلوم الإسلامية والعربية من المسخ والتشويه ، فتاريخ الأمة الإسلامية ، وآدابها وتراثها الفكري يدرس من وجهة نظر الغرب ، وحسب مقاييسه . والمقررات الشرعية حذفت ، أو خففت لتكون مجرد ومضة روحية خافتة الضياء ، ضعيفة التأثير ، وما يدرس منها لا يفي بالقدر الواجب تعلمه على كل مسلم في أمور عقيدته ، وعباداته ، ومعاملاته . وأما المعاهد الدينية والكليات الشرعية فحوصرت ، أو ألغيت تجفيفًا لمنابع التدين وموارده . ولما كان التدين فطرة إنسانية مشتركة بين الأمم ، ثم هو أيضًا واجب شرعي ، فقد أدى انحراف التعليم ، وانصرافه عن تعليم القدر الضروري من العلوم الشرعية ، إلى أن يحرم الناس من تعلم أمور دينهم ، كما كان من آثار ذلك أن يلجأ طوائف من أفراد المجتمع ، ولا سيما الشباب منهم إلى من يجدون فيهم الغيرة على الدين ، وإظهار الاستقامة عليه ، ولو صاحب ذلك قلة في العلم ، وضعف في البصيرة ، وجهل بمقاصد الشريعة ، أو يكون لديهم شطحات فكرية ، ونظرات غالية ، فتبرز بسبب ذلك تيارات الغلو والتكفير ، الممهدة للعنف والإرهاب .

** التأثير السلبي لبعض وسائل الإعلام تعد وسائل الإعلام في هذا العصر من أكثر الوسائل تأثيرًا في فكر الناس ، وأخلاقهم وسلوكهم ، وفي بناء توجهاتهم ، لشدة سيطرتها على عقول الناس ، واستحواذها على اهتماماتهم وأوقاتهم ، وقوة تأثيرها فيهم . والأصل في الإعلام على اختلاف وسائله أن يقدم للناس المعلومات النافعة ، والحقائق الثابتة ، والأخبار الصحيحة ، ليكون بذلك أداة توجيه وبناء ، ومصدر معلومات موثوقة . إلا أن الواقع في بعض الأحيان بخلاف ذلك ، حيث اتخذ من الإعلام وسيلة للدعاية لأفكار وتوجهات معينة ، ومهاجمة ما يضادها أو يخالفها ، كما أضحى الإعلام اليوم أداة من أدوات الصراع الثقافي والعسكري بين الأمم . وأما عن صلة الإعلام بقضايا الغلو والعنف والإرهاب ، فتظهر من خلال ما يصدر عن بعض وسائل الإعلام في البلاد الإسلامية من مقالات صحفية ، أو ندوات ثقافية ، أو مسلسلات ومسرحيات تهزأ بالدين وأهله ، وتسخر من القيم الإسلامية ، ومن بعض الأحكام الشرعية ، والمبادئ الإسلامية الثابتة .. أخوة الإيمان والإسلام.

ومن الأسباب غير المباشرة *- التعصب للجماعة أو الطائفة ، فلا يقبل من الدين والعلم والرأي إلا ما جاء عن طريقهم ، ولا يصدر إلا عن رأيهم ، ومثل هذا التعصب: “من التفرق الذي ذمه الله تعالى ورسوله ” . ( ابن تيمية ، مجموع الفتاوى 11 / 92) وهو من فعل أهل الجاهلية . ومما اتفقت عليه الأمة أن كل فرد من الناس – فردًا أو جماعة – يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأما غيره فتعرض أقوالهم على الكتاب والسنة فما وافقهما قبل وما خالفهما رد على قائله . والتعصب من أعظم الأمور شرًا وفسادًا ، فهو يجر على الأمة المصائب والويلات ، لأنه يمنع من سماع الحق فضلًا عن قبوله ، ويحمل على الانقياد للأهواء ، والمتابعة على غير حجة أو برهان ، قال الشوكاني رحمه الله: ” واعلم أنه كما يتسبب عن التعصب محق بركة العلم ، وذهاب رونقه ، وزوال ما يترتب عليه من الثواب ، كذلك يترتب عليه من الفتن المفضية إلى سفك الدماء ، وهتك الحرم ، وتمزيق الأعراض ، واستحلال ما هو في عصمة الشرع ما لا يخفى على عاقل ، ولا يخلو عصر من العصور ، ولا قطر من الأقطار من وقوع ذلك . . وهذا يعرفه كل من له خبرة بأحوال الناس ” . (أدب الطلب ومنتهى الأرب ، ص92 .

والواجب أن يغرس في النفوس تعظيم الحق – والذي منبعه نصوص الكتاب والسنة – والصدور عنه ، والرد إليه عند الاختلاف والتنازع ، كما قال الله تعالى: { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } . ( النساء ، الآية: 59) وأن تربى الأمة على ذلك ، وتنشأ الأجيال عليه ، حتى تكون في منأى من مزالق التعصب المذموم الموجب للضلال والتفرق .

* التقصير في بيان بعض المسائل الشرعية الملحة في ضوء ما يستجد من وقائع معاصرة ، مثل قضية التكفير ، والولاء والبراء ، والجهاد وضوابطه ، ولاسيما مع تسلط الكفرة واستيلائهم على بعض بلاد المسلمين ، وأيضًا التقصير في الرد على ما يثيره بعض دعاة التكفير من شبه تلبس على الناس ، وتروج لفكرهم وضلالاتهم . والواجب البيان وتجلية الأمور ، ورد الشبه بالحجج والبراهين ، وأن يتصدى لذلك طائفة من الراسخين في العلم ، حتى يكون الناس – ولاسيما الشباب – على بصيرة من أمرهم ، وحتى لا يصدر عنهم من الأعمال والتصرفات إلا ما يتوافق مع الشرع ، ويجلب الخير والمصلحة ، ويدرأ عنهم وعن مجتمعاتهم الشر والفساد.

* عيش الشاب في بيئة تحمل أفكار الغلو والتكفير والعنف ، مثل بعض البيئات الجهادية ، فقد أمّ تلك البيئات كثير من الشباب ، وعامتهم ممن ليس لديهم من العلم الشرعي القدر الذي يتمكنون به من دفع شبه أولئك المكفرين ، فحملوا تلك الأفكار وتبنوا العنف منهجًا للإنكار والتغيير . وإذا كانت بعض تلك البيئات قد اندرست ، أو ضعف أثرها ، فإن بيئات أخرى قد تجددت ، وقد تكون مهيأة لرواج الفكر الغالي ، مما يحتم على العلماء والمربين التحذير منها صيانة لأبناء الأمة من مسالك الغلو والضلال . كما أن على العلماء وطلبة العلم مدافعة من يحملون الفكر المنحرف بالحجة والبيان ، وكشف الشبه ، والجدال بالتي هي أحسن ، قيامًا بالواجب ونصحًا للأمة ، وصيانة للمجتمعات من أسباب الغواية والضلال .

 *- الشحن العاطفي غير المرشد ، بالحديث المطرد عن الجهاد وفضائله ، وعن شيوع المنكرات والمظالم في المجتمعات الإسلامية ، وعن مكائد الأعداء وظلمهم للمسلمين ، وهذا من شأنه أن يوقد من جذوة الغيرة في النفوس ، ويشوق للبذل والمدافعة . ومع قلة العلم ، وغياب الضوابط الشرعية ، تسهل استجابة الشباب لدعاة الغلو والعنف والإرهاب . والواجب على من يتصدى للتعليم والتربية والدعوة ، العناية بالتوازن في البيان والبناء ، ويتأكد ذلك لمن كان هو وحده مصدر التوجيه لطائفة أو جماعة من الأمة ، حتى يكون أثره فيمن تحت يده إيجابيًّا وفق سنن الهدى ؛ يجمع بين تعظيم الحق ، والرحمة بالخلق ، والعناية بالنفس ، والبذل للآخرين ، والانقياد للنصوص والوقوف عند حدودها ، بعيدًا عن الغلو والإفراط أو التساهل والتفريط .

-** معاناة الشباب من الفراغ بأبعاده المختلفة ؛ الروحي ، والفكري ، والزمني ، هذا الفراغ الممتد – بدرجات متفاوتة – في حياة الشباب ، يوجد لديهم القابلية لسائر المؤثرات ، سواء المتجهة إلى التفريط والانحلال ، أو إلى الإفراط والغلو والعنف .

وهذا الفراغ بآثاره السيئة يؤكد الحاجة إلى توفير المحاضن التربوية ؛ من أندية طلابية ، ومراكز علمية وثقافية ونحوها ، لتشغل وقت فراغ الشباب بما يعود عليهم بالنفع ، من خلال برامج متكاملة ، تنمي العقول ، وتزكي النفوس ، وترتقي بالاستعدادات والمواهب ، وتسهم في غرس القيم الفاضلة ، وتروح عن النفوس بما يحل ويجمل ، وفي ظل عناية تامة بالإشراف والمتابعة . بهذا ونحوه ينشأ الشباب نشأة سوية متوازنة ، تبعثهم نحو الأعمال الإيجابية النافعة ، وتحميهم من التوجهات المنحرفة ، والتصرفات المشينة . والحق أن البذل والإنفاق في هذه الميادين ونحوها من أجل صور البذل ، ومن أنفع الاستثمار ، لأنه متجه إلى بناء الإنسان ، وتهيئته لحياة كريمة صالحة تحقق السعادة له ولمجتمعه .

** ما يلاقيه بعض المتهمين من صور الأذى والتعذيب والإهانة مع عدم اقترافه ما يوجب ذلك ، أو معاقبته بأكثر مما يستحق ، أو بطريقة لا تجوز شرعًا ، فيخرج الفرد بعد ذلك من السجن وهو ناقم على مجتمعه ، مسيء الظن بولاته ، متهيئ لتلقف الأفكار الغالية ، وتبين الأعمال الإرهابية ، لما في نفسه من الغيظ وحب الانتقام . ولا شك أن المخطئ يجب أن يعاقب ويؤدب ، زجرًا له وحماية للمجتمع من شره وظلمه . ولكن مع ذلك يجب مراعاة الضوابط الشرعية ، والحقوق الإنسانية من الجميع وعلى اختلاف الأحوال ، فالأصل البراءة حتى تثبت التهمة والإدانة ، والعقوبة يجب أن تكون بقدر الجرم ، كما يجب حماية المسجونين والموقفين من صور التجاوز ، والاعتداء غير المشروع . وذلك أن العدل وفق ما جاء به الشرع هو الكفيل وحده بإصلاح الفرد ورده إلى جادة الصواب ، وإعادته – وإن أدب أو عذب – إلى أن يعيش حياة طبيعية في مجتمعه بعيدًا عن الانعزال والنفرة والسلبية ، أو الغلو والحقد والسعي في الأرض بالفساد . ** يذهب بعض الباحثين إلى أن العوامل الاقتصادية كالفقر والبطالة من أسباب اختيار طريق العنف والإرهاب ؛ لكون الفرد غير قادر على الوفاء بحاجاته الأساسية ، وفاقد الأمل في المستقبل . مما يحمله على النقمة على المجتمع ومؤسساته ، ويبعثه على تبني العنف . والذي يظهر أن الفقر والبطالة والضغوط الاقتصادية بعامة ليست أسبابًا كافية لسلوك طريق العنف والإرهاب ، لأن هذه الظواهر لم تغب عن المجتمعات الإسلامية منذ دهر طويل وإن تفاوتت في درجات الفقر ونسب البطالة ، ومع ذلك لم تحمل الناس على أعمال إرهابية منظمة كما يجري اليوم . والذي يمكن التسليم به أن الفقر والبطالة ، وعدم وجود فرص وظيفية ، تثير في النفوس مشاعر الحقد والبغضاء ، وتجعل من الذين يعانون من ذلك هدفًا لأصحاب التوجهات الغالية ، يمكن استدراجهم باستغلال حاجتهم ، وتوظيف نقمتهم للالتحاق بركب الغالين وسلوك سبيلهم . الخطبة الثانية . الحمد لله وكفي والصلاة علي النبي المصطفي أما بعد فياجماعة الإسلام .

 **وبعد هذه الدراسة لأسباب الإرهاب في المجتمعات الإسلامية ، نجمل أبرز النتائج ومنها : -1 أن أسباب الإرهاب تختلف باختلاف المجتمعات ؛ تبعا لاختلافها في اتجاهاتها السياسية ، وظروفها الاقتصادية ، والاجتماعية ، وأحوال شعوبها الدينية . -2 أن التفريط في أمر الله عز وجل ، والوقوع فيما نهى عنه ، والأعراض عن شريعته ، من أعظم أسباب المصائب ، من كوارث وإرهاب وغيرها. -3 أن للإرهاب أسبابا مباشرة ، وهي تعد كافية وحدها لوجوده ، وله أسباب غير مباشرة ، وهي العوامل المؤثرة في النفوس بحيث تجعلها سهلة الانقياد لدعاة العنف الإرهاب . 4- أن أسباب الإرهاب على اختلافها ، تعود إلى ثلاثة عوامل رئيسة: – فمنها ما يعود إلى الأفراد أنفسهم ، بسبب تقصيرهم في تلقي العلم الشرعي من مصادره الرئيسة ، واعتدادهم بآرائهم ، واتباعهم لأهوائهم . ومنها ما يعود إلى البيئة التي يعيشون فيها ، وما تموج به من انحرافات وتناقضات ، تثير كوامن النفوس ، وتبعث على المعارضة والمدافعة – ومنها ما يرجع إلى عوامل خارجية تتمثل في كيد الأعداء ، وتسلطهم على المسلمين ، وظلمهم لهم ، مما يؤجج مشاعر المسلمين ، ويبعث في نفوسهم الحمية لدينهم ، ودمائهم ، وأعراضهم ، وحرياتهم ، وثرواتهم . أخوة الإيمان والإسلام.

 وهل إلي خروج من سبيل لهذا الإرهاب وفي الحقيقة فإنه لابد من العلاج: وبعد هذا كله ، فإن المخرج من مخاطر الإرهاب وآلامه يتمثل في أمور ، أهمها ما يأتي:

1-نشر العلم الشرعي الصحيح المستمد من نصوص الكتاب والسنة ، وفق فهم سلف الأمة ، من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين ، والإعانة عليه ، وتسهيل سبله ، وإصلاح مناهج التعليم بما يتوافق مع عقيدة الأمة وثوابتها . 2- الاجتهاد في إصلاح دين الناس الذي هو قوام حياتهم ، وغاية وجودهم ، ونفي كل ما يتعارض معه ، أو يقدح فيه ، لتطمئن النفوس ، وتتحد الكلمة ، ويجتمع الصف 3- العمل الجاد – وفق خطط مدروسة – على إصلاح أحوال الناس الدنيوية ، وتلبية مطالبهم الضرورية ، وعلاج مشكلاتهم ، وتيسير أسباب الحياة الكريمة لهم ، ليزداد التواصل الإيجابي بين الناس وولاتهم ، وتتعاظم الثقة بينهم -4أن تأخذ الدول الإسلامية بأسباب القوة المادية ، بما يحقق لها السيادة والعزة ، ويمنحها القدرة على الاستقلال في سياساتها ، وقراراتها وتوجهاتها

 

اظهر المزيد

admin

مجلس إدارة الجريدة الدكتور أحمد رمضان الشيخ محمد القطاوي رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) تليفون (phone) : 01008222553  فيس بوك (Facebook): https://www.facebook.com/Dr.Ahmed.Ramadn تويتر (Twitter): https://twitter.com/DRAhmad_Ramadan الأستاذ محمد القطاوي: المدير العام ومسئول الدعم الفني بالجريدة. الحاصل علي دورات كثيرة في الدعم الفني والهندسي للمواقع وإنشاء المواقع وحاصل علي الليسانس من جامعة الأزهر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »