خطبة الجمعة word , pdf بتاريخ 14 فبراير 2020م، 20 جمادي الآخرة 1441 بعنوان
خطبة الجمعة
خطبة الجمعة القادمة word , pdf بتاريخ 14 فبراير 2020م، 20 جمادي الآخرة 1441هـ: بعنوان : عناية القرآن الكريم بالقيم الأخلاقية.
حصرياً : تحميل خطبة الجمعة القادمة word : عناية القرآن الكريم بالقيم الأخلاقية
لتحميل خطبة الجمعة القادمة pdf : عناية القرآن الكريم بالقيم الأخلاقية
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة:
الحمد لله رب العالمين ، القائل في كتابه الكريم : {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} ، وأَشهدُ أنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وأََشهدُ أنَّ سيدَنا ونبيَّنا مُحَمّدًا عَبدُه ورسوله ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وصحبِهِ ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ .
وبعد :
فإن جوانب العظمة في القرآن الكريم لا تُحصى ولا تعد ، فالقرآن الكريم حبل الله المتين ، والذكر الحكيم ، والنور المبين ، والصراط المستقيم ، الذي لا يناله التحريف ، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا يخلق على كثرة الرد ، ولا تنقضي عجائبه ، من قال به صدق ، ومن عمل به أُجر ، ومن حكم به عدل ، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم ، يقول الحق سبحانه : {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} ، ويقول جل شأنه : {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} .
وإن من جوانب العظمة في القرآن الكريم عنايته بالبناء الأخلاقي في حياة الأفراد والأمم من خلال منظومة من القيم والمبادئ والقواعد المنظمة للسلوك الإنساني ، والتي تؤسس لمجتمع مترابط ، يتسم بنفوس زكية ، وقلوب نقية ، يتعامل أصحابها فيما بينهم بالصدق، والأمانة ، والرحمة ، والعدل ، ويؤمن كل منهم بسنة الاختلاف بين الناس ، والتعايش السلمي ، واحترام الآخر ، والسعي على إعمار الدنيا بالدين ، حيث يقول الحق سبحانه :
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} ، ويقول سبحانه : {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ…} ، ويقول جل شأنه : {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} .
والمتدبر لآيات الذكر الحكيم يدرك يقينًا أن القيم الأخلاقية التي دعا إليها القرآن الكريم:
ليست لونًا من ألوان الترف يمكن الاستغناء عنه ، أو العمل به في بيئة دون أخرى ، بل هي مجموعة من القيم الثابتة لا تتغير بتغير الزمان ، ولا تختلف باختلاف المكان ، وليس أدل على ذلك من أن هذه القيم الأخلاقية كانت منهج حياة طبَّقه النبي (صلى الله عليه وسلم) ، وحث عليه ، ودعا إليه ، فعندما سئلت أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) عن خلق رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) لم تعدد على سائلها جملة من الأخلاق المتنوعة ، وإنما أحالته إلى القرآن الكريم ، فعن سعد بن هشام ، في قول الله عز وجل: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، قال: سألت عائشة (رضي الله عنها):
يا أم المؤمنين، أنبئيني عن خلق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فقالت: “أتقرأ القرآن؟” فقلت: نعم ، فقالت: “إن خلق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) القرآن” ، وفي توجيه السيدة عائشة (رضي الله عنها) لسائلها تأكيد على أن القرآن كله بما فيه من عقائد وشرائع وعبادات ومعاملات إنما هو في الأساس دعوة قوية إلى بناء الإنسان بناء أخلاقيا متكاملاً ، وأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان الأنموذج الأمثل لهذا البناء في جميع شئون حياته .
ومن أهم القيم : احترام آدمية الإنسان ، وحفظ كرامته ، وعدم امتهانه:
فهذا أمر الله تعالى في كتابه الكريم للمؤمن أن ينزه نفسه عن كل ما يؤذي مشاعر الناس كالسخرية ، والاستهزاء ، وسوء الظن حيث يقول سبحانه : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ، ويقول سبحانه (جل شأنه) :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} ، فالقرآن الكريم يأمر بطهارة القلب وسلامته من كل الرذائل والأضغان ، وعدم سوء الظن بالآخرين ، قال تعالى : {لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ}.
وكذلك من القيم التي عُني القرآن الكريم بترسيخها : قيمة التعاون ، والتكافل والتراحم ، حيث أمر القرآن الكريم المجتمع بجميع أطيافه بالتعاون على البر والتقوى ، فقال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} ، فالتعاون بين أفراد المجتمع عامل من عوامل قوة الدولة ، وتحقيق الأمن الاجتماعي لأبنائها ، فلكل إنسان متطلبات يسعى إلى تحقيقها، ويجتهد في سبيل تلبيتها، فإن ارتفعت روح التكافل في المجتمع اطمأن وهدأت نفسه تجاه هذه المتطلبات ، بل وسارع هو الآخر في إعلاء قيمة التكافل في المجتمع على قدر وسعه وطاقته ، ولله در القائل :
الناس للناس من عرب ومن عجم بعض لبعـض وإن لم يشعـروا خدم
وقد وجّه النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى قيمة التعاون في كثير من الأحاديث الشريفة ، حيث قال: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)، وقال(صلى الله عليه وسلم) : )المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ ولا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرُبَاتِ يَومِ القِيَامَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ) .
ومن هذه القيم : قيمة التفكر ، وإعمال العقل ، فلقد أمر الله (عز وجل) عباده بالتفكر في ملكوت السموات والأرض ، وأثنى سبحانه على المتفكرين، فقال (جل شأنه) : {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} ، وقال سبحانه : {أَوَلَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ} ، وفتح لنا أبواب التدبر ، والتأمل ، فقال سبحانه: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} ، وقال تعالى :
{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} ، كما أمرنا بالتفكر في النفس ، فقال تعالى : {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ في أَنفُسِهِمْ} ، وقال جل شأنه : {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}، فالقرآن الكريم يفتح لنا باب التفكر في كل ما يفيد الإنسان ، وهذا التفكر عبادة فقهها الصحابة والتابعون (رضوان الله عليهم) ، وفطنوا إلى غايتها ، يقول أبو الدرداء (رضي الله عنه) : تفكر ساعة خير من قيام ليلة ، ويقول وهب بن منبه (رحمه الله) : ما طالت فكرة امرئ قط إلا فهم ، وما فهم إلا علم ، وما علم إلا عمل .
ومنها : قيمة الحوار ، واحترام الآخر:
فكثير من آيات القرآنِ تُرشِدُ الأمة ، بل ترشد الإنسانية كلها إلى أهمية الحوار فِي حياة الناس ، فالحوار هو الأسلوب الذي ارتضاه الله (عز وجل) منهجًا للأنبياء والمرسلين في تبليغ رسالته للناس ؛ ذلك أن الإسلام يؤمن بحرية الاعتقاد ، حيث يقول الحق سبحانه: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} ، فهذا نبي الله نوح (عليه السلام) يخاطب قومه في موقف من مواقف حياته الدعوية الطويلة قائلا: {..يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} .
وهذا نبي الله إبراهيم (عليه السلام) يقيم الحجة على الملك الطاغية في حوار عقلاني يصوره لنا القرآن الكريم في قوله تعالى : {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} ، وعلى المنهج نفسه سار نبي الله موسى (عليه السلام) في حواره مع فرعون ، وفي ذلك يقول الحق سبحانه :
{قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ * قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ* قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ * قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} .
إن في ترسيخ القرآن الكريم لقيمة الحوار دعوة للرقي الإنساني:
واحترام الآخر بغض النظر عن لونه، أو دينه، أو جنسه نبذ للنظرة الأُحادية والعنصرية والاستعلائية، حيث إن القرآن الكريم قد حفظ للجنس البشري كرامته من أجل إنسانيته لا من أجل شيء آخر ، وأقر بوحدة أصله مهما اختلفت الأجناس ، يقول الحق سبحانه: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} ، ويقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} .
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ
* * *
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ ، وَأَشْهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُه ، اللَّهُمّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ ، وعَلى آلهِ وَصَحْبهِ أَجْمَعِينَ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
إِخْوَةَ الإِسْلامِ:
ومن القيم الأخلاقية التي دعا إليها القرآن الكريم : ضبط النفس ، وكظم الغيظ ، فمعلوم أن الإنسان في هذه الحياة لا يسلم من أن يتعرض لبعض المواقف أو الأحداث التي من شأنها أن تُثيرَ وتستثيرَ غضبَه ؛ والنفس الإنسانية تنفعل وتتأثر بما تسمع وترى ، وقد جاءت النصوص القرآنية تدعو إلى ضبط النفس ، وكظم الغيظ ، وسلوك سبيل الصفح والعفو ، حيث يقول الحق سبحانه:
{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} ، ويقول تعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ، ويقول جل شأنه :
{وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} ، ويقول سبحانه: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} .
ومن القيم : إصلاح ذات البين:
فما أكثر آيات القرآن الكريم التي تأمر بالإصلاح بين الناس ، وتبشر المصلحين بالأجر العظيم ، قال تعالى : {لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} ، ويقول سبحانه : {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ، ويقول جل شأنه:
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ اليَتَامَى، قُلْ إِصْلاَحٌ لَهُمْ خَيْرٌ، وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ، وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ، وحذر الحق سبحانه من يقومون بالإفساد بين الناس تحذيرًا شديدًا، فقال سبحانه : {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} .
فما أحوجنا إلى التمسك بالقيم الأخلاقية التي دعا إليها كتاب الله (عز وجل) ، وطبقها رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) ، حتى نبلغ ما بلغ أجدادنا من الحضارة والرقي والتقدم ، ولله در شوقي حيث قال :
إنما الأمــم الأخــلاق مــا بقيـت * * فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، واصرف عنَّا سيئها لا يصرف عنّا سيئها إلا أنت ، واحفظ بلادنا وشعبنا وجيشنا وشرطتنا ، وارزقنا الأمن والأمان وسائر بلاد العالمين .
وتؤكد الأوقاف علي الالتزام بـ خطبة الجمعة القادمة: عناية القرآن الكريم بالقيم الأخلاقية ، بتاريخ 20 من جمادي الثانية لسنة 1441 هـ ، الموافق 14/2/2020 م.
وتؤكد وزارة الأوقاف على جميع السادة الأئمة الالتزام بنص الخطبة : عناية القرآن الكريم بالقيم الأخلاقية ، بتاريخ 20 من جمادي الآخرة لسنة 1441 هـ ، الموافق 14 من فبراير لسنة 2020 م، أو بجوهرها على أقل تقدير مع الالتزام بضابط الوقت ما بين 15 – 20 دقيقة كحد أقصى.
كما أن وزارة الأوقاف واثقة في سعة أفقهم العلمي والفكري ، وفهمهم المستنير للدين.
وتؤكد تفهم الأئمة لما تقتضيه طبيعة المرحلة من ضبط للخطاب الدعوي ، مع استبعاد أي خطيب لا يلتزم بموضوع الخطبة 14 فبراير 2020.
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف