خطبة الجمعة 18 ديسمبر 2020م : الوقاية خير من العلاج ، للدكتور خالد بدير
خطبة الجمعة القادمة 18 ديسمبر 2020م : الوقاية خير من العلاج ، للدكتور خالد بدير ، بتاريخ: 3 من جمادي الأول 1442هـ – 18 ديسمبر 2020م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 18 ديسمبر 2020م ، للدكتور خالد بدير : الوقاية خير من العلاج:
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 18 ديسمبر 2020م ، للدكتور خالد بدير : الوقاية خير من العلاج ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 18 ديسمبر 2020م ، للدكتور خالد بدير : الوقاية خير من العلاج ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
عناصر خطبة الجمعة القادمة 18 ديسمبر 2020م ، للدكتور خالد بدير : الوقاية خير من العلاج : كما يلي:
العنصر الأول: الصحة نعمة تستوجب الشكر
العنصر الثاني: مظاهر وسبل الوقاية من الوباء
العنصر الثالث: واجبنا عند نزول الوباء والبلاء
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 18 ديسمبر 2020م ، للدكتور خالد بدير : الوقاية خير من العلاج : كما يلي:
الحمد لله ؛ نحمده ونستعينه ونتوب إليه ونستغفره ؛ ونؤمن به ونتوكل عليه ؛ ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. أما بعد:
العنصر الأول: الصحة نعمة تستوجب الشكر
عباد الله: لقد أنعم الله عز وجل على الإنسان بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى ؛ قال تعالى: { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا } . (إبراهيم: 34). ومن أهم هذه النعم نعمة الصحة ؛ فهي من أجلِّ النعم وأفضلها ؛ فكل إنسان معافى في بدنه فكأنه ملك الدنيا كلها!! قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ؛ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ؛ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ؛ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا.” (الترمذي وابن ماجة ) .
فكم من إنسان معه مال كمال قارون ؛ ولكنه محروم وممنوع من أشهى المأكولات والمشروبات؛ فما نفعه ماله ؛ فالصحة تاج على رءوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى!! وهذا يدل على أن الإنسان منغمس في النعم ولا يعرف قدرها إلا عند فقدها !! تخيل لو فقد بصرك أو سمعك أو نطقك ….أو خلافه!! وقتها تعرف قدر النعمة!! تخيل لو الماء حبس فيك ماذا تصنع!!
ومما يؤكد أن الصحة أغلى وأنفس من الملك هذه القصة الرائعة: فقد روي أن ابن السماك دخل على هارون الرشيد الخليفة العباسي يوما؛ فاستسقى الخليفة فأُتى بكأس بها؛ فلما أخذها قال ابن السماك : على رسلك يا أمير المؤمنين! لو منعت هذه الشربة بكم كنت تشتريها؟! قال: بنصف ملكي. قال: اشرب هنأك الله تعالى يا أمير المؤمنين. فلما شربها قال: أسألك بالله لو منعت خروجها من بدنك بماذا كنت تشترى خروجها؟! قال: بجميع ملكي. قال ابن السماك : لا خير في ملك لا يساوي شربة ماء. فبكى هارون الرشيد …
ملك يمتد من الصين شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً لا يساوي شربة ماء؛ فكم من نِعَمٍ لا نؤدي شكرها!!!
أيها المسلمون: إن الإسلام اهتم اهتماما كبيرا بصحة الإنسان؛ لأن الإسلام يهدف إلى أن يرى أتباعه أصحاء أقوياء؛ وبهذه القوة والصحة ينال العبد محبة الله تعالى؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ؛ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ”( مسلم) .
عباد الله: إن نعمة الصحة تستوجب منا الشكر لله تعالى؛ فقد حثنا صلى الله عليه وسلم على أن نخرج كل يوم (360 ) صدقة عن عدد أعضاء ومفاصل الجسم شكراً لله أن أصبحت الأعضاء سليمة صحيحة !! فعَنْ أَبِي ذَرٍّ: عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ؛ فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ؛ وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ؛ وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ؛ وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ؛ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ؛ وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ؛ وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى.” (مسلم)؛ وعن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَرُّوخَ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” إِنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلَاثِ مِائَةِ مَفْصِلٍ؛ فَمَنْ كَبَّرَ اللَّهَ وَحَمِدَ اللَّهَ وَهَلَّلَ اللَّهَ وَسَبَّحَ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ وَعَزَلَ حَجَرًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ شَوْكَةً أَوْ عَظْمًا عَنْ طَرِيقِ النَّاس؛ِ وَأَمَرَ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ؛ عَدَدَ تِلْكَ السِّتِّينَ وَالثَّلَاثِ مِائَةِ السُّلَامَى؛ فَإِنَّهُ يَمْشِي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنْ النَّارِ.”(مسلم) . ألا فلنحمد الله تعالى على نعمة الصحة والمعافاة لنا ولأولادنا ؛ وأنه مهما ابتلينا به من الأمراض فلا يمنعنا عن الحمد الشكر والثناء على الله عز وجل .
وأختم هذا العنصر بهذه القصة الجميلة: يحكى أن رجلًا ابتلاه الله بالعمى وقطع اليدين والرجلين، فدخل عليه أحد الناس فوجده يشكر الله على نعمه، ويقول: الحمد الله الذي عافاني مما ابتلى به غيري، وفضَّلني على كثير ممن خلق تفضيلا . فتعجب الرجل من قول هذا الأعمى مقطوع اليدين والرجلين!! وسأله: على أي شيء تحمد الله وتشكره؟!! فقال له: يا هذا، أَشْكُرُ الله أن وهبني لسانًا ذاكرًا، وقلبًا خاشعًا وبدنًا على البلاء صابرًا!!
فاشكروا الله على نعمه يزدكم؛ واسألوه العفو والعافية في الدنيا والآخرة .
العنصر الثاني: مظاهر وسبل الوقاية من الوباء
عباد الله: لقد جعل الإسلام سبلًا وضماناتٍ كثيرةً للوقاية من الوباء والأمراض تتمثل فيما يلي:
أولًا: تطبيق الحجر الصحي والعزل: وقد سبقت به السنة النبوية المطهرة منذ أربعة عشر قرنًا من الزمان؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: ” لَا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ “. ( البخاري ومسلم ) . وقال أيضًا: ” إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا ؛ وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا “. ( البخاري ومسلم ) .
وهذا أخذًا بكل أسباب الوقاية تحرزًا من نقل البلاء إلى الآخرين .
وقد رجع عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – ولم يدخل بلاد الشام حينما أراد فتح بيت المقدس فرارًا من الطاعون وتطبيقًا للتعاليم النبوية ؛ فقيل له: أتفر من قدر الله يا عمر ؟! فقال: نفر من قدر الله إلى قدر الله !!
ثانيًا: الأخذ بأسباب التداوي: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً” (البخاري)؛ وعَنْ جَابِرٍ؛ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:” لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ؛ فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.” ( مسلم)؛ قال الإمام النووي – رحمه الله-: ” هذا فيه بيان واضح ، لأنه قد علم أن الأطباء يقولون : المرض هو خروج الجسم عن المجرى الطبيعي ، والمداواة رده إليه ، وحفظ الصحة بقاؤه عليه ، فحفظها يكون بإصلاح الأغذية وغيرها ، ورده يكون بالموافق من الأدوية المضادة للمرض ، ……قلت : لكل داء دواء ، ونحن نجد كثيرين من المرضى يداوون فلا يبرءون ، فقال: إنما ذلك لفقد العلم بحقيقة المداواة ، لا لفقد الدواء ، وهذا واضح . والله أعلم .”أ.ه
فالأمراض المزمنة والأمراض التي لم يستكشف الأطباء لها علاجاً حتى الآن ليس نقصا في الدواء أو خاماته وإنما هو عدم وصول العلم الحديث إلى استكشاف هذه الأدوية ؛ وهذا ما أشار إليه الإمام النووي رحمه الله.
فالأمر بالتداوي مطلوب؛ وكل داء له دواء إلا الهرم والموت؛ ويحضرني في ذلك قصة جميلة لأمير المؤمنين هارون الرشيد رحمه الله؛ لما مَرِضَ مَرَضَ الموت واشتد به مرضه الذي مات به؛ عُرض بوله على الطبيب وهو لا يدري أنه للرشيد. فقال الطبيب: إن صاحب هذا البول ميئوس منه. وبلغ ذلك الرشيد فأنشد وهو في المرض:
إن الطــــــــبيب له علم يــــدل به****** مـــــادام في أجـــــل الإنسان تأخير
حتى إذا ما انقضى أيام مهلته***** حار الطبيب وخانته العقاقير
فالطبيب والدواء ينفع مادام في أجل الإنسان متسع؛ أما حين يأتي الأجل فلا يملك الأطباء من الأمر شيئاً !!!
ثالثًا: النهي عن الإسراف في الأكل والشبع المفرط : حيث يقول الله عز وجل: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } (الأعراف: 31) . قال القرطبي: ”من الإسراف الأكل بعد الشبع، وكلُّ ذلك محظور. وقال لقمان لابنه: يا بني لا تأكل شبعًا فوق شبع، فإنك أن تنبذه للكلب خير من أن تأكله.” وعن المِقدام بن معدِي كَرِب – رضي الله عنه – أنَّ النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – قال: “ما مَلأ آدميٌّ وِعاءً شرًّا مِن بطنه، بحسْبِ ابن آدم أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَه، فإن كان لا محالة، فثُلُثٌ لطعامه، وثُلُثٌ لِشَرَابه، وثُلُثٌ لِنَفَسِه” (الترمذي )؛ وعَنْ نَافِعٍ قَالَ : كَانَ ابْنُ عُمَرَ لاَ يَأْكُلُ حَتَّى يُؤْتَى بِمِسْكِينٍ يَأْكُلُ مَعَهُ ، فَأَدْخَلْتُ رَجُلًا يَأْكُلُ مَعَهُ ، فَأَكَلَ كَثِيرًا ، فَقَالَ : يَا نَافِعُ ! لاَ تُدْخِلْ هَذَا عَلَيَّ ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ” الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ ” ( البخاري ومسلم ) ، يقول النووي في شرح هذا الحديث:” قال العلماء : ومقصود الحديث التقليل من الدنيا ، والحث على الزهد فيها والقناعة ، مع أن قلة الأكل من محاسن أخلاق الرجل ، وكثرة الأكل بضده ، وأما قول ابن عمر فى المسكين الذى أكل عنده كثيرا : ” لا يدخلن هذا علي ” ، فإنما قال هذا لأنه أشبه الكفار ، ومن أشبه الكفار كرهت مخالطته لغير حاجة أو ضرورة ؛ ولأن القدر الذى يأكله هذا يمكن أن يسد به خلة جماعة ” انتهى .
ثم إن الإسراف في الطعام يؤدي إلى البدانة، ومن ثم يتعرض الإنسان لأمراض القلب وارتفاع الضغط وأمراض الكُلَى والسكر. لذلك قال بعض السّلف: جمع الله الطّبّ كلّه في نصف آية {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا} .
وقد قالت العرب قديما : المعدة بيت الداء ، والحمية رأس الدواء ، واعلم أن جسد الإنسان يستفيد بجرامات معدودة فقط مما يأكل ومما يشرب ويتخلص من الباقي!!
رابعًا: الاهتمام بسنن الفطرة: وتكميلاً لذلك جاءت الأحاديث بما عرف باسم (سنن الفطرة) التي تدل رعايتها على مدى حرص الإنسان على النظافة والتجمل، والمحافظة على نعمة الصحة والزينة، فَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ” عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ : قَصُّ الشَّارِبِ ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ ، وَالسِّوَاكُ ، وَالاِسْتِنْشَاقُ بِالْمَاءِ ، وَقَصُّ الأَظْفَارِ ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ ، وَنَتْفُ الإِبْطِ ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ ، يَعْنِي الاِسْتِنْجَاءَ. قَالَ زَكَرِيَّا : قَالَ مُصْعَبٌ : وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ ، إِلاَّ أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ.”( مسلم ).
خامسًا: الاهتمام بالنظافة بجميع صورها: نظافة الفم والأسنان؛ والشعر والبدن ؛ والثوب والطعام والشراب؛ والمسكن والطريق والمرافق العامة ؛ وكل ذلك له دليله من السنة لا يتسع المقام لذكره ؛ فعن سعيد بنِ المُسَيَّبِ مرسلاً قال: صلى الله عليه وسلم “إنَّ اللهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ ، نظيفٌ يُحِبُّ النظافةَ ، كريمٌ يُحِبُّ الكرمَ ، جَوادٌ يُحِبُّ الجُودَ ؛ فنَظِّفُوا أَفْنِيَتَكم ؛ ولا تَشَبَّهوا باليهودِ” ” الترمذي”؛ وكذلك نظافة الأطعمة والأشربة، وحمايتهما من أسباب التلوث، فَعَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:” أَغْلِقُوا أَبْوَابَكُمْ ، وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ ، وَأَطْفِئُوا سُرُجَكُمْ ، وَأَوْكُوا أَسْقِيَتَكُمْ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا ، وَلَا يَكْشِفُ غِطَاءً ، وَلَا يَحُلُّ وِكَاءً ، وَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ الْبَيْتَ عَلَى أَهْلِهِ ” يَعْنِي: الْفَأْرَةَ .” ( مسلم).
وكذلكَ أمرَنا بتغطيةِ آنيةِ الطعامِ والشرابِ خشيةَ أنْ يقعَ فيهَا مَا يسببُ الأمراضَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « غَطُّوا الإِنَاءَ وَأَوْكُوا السِّقَاءَ ، فَإِنَّ فِى السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ ، لاَ يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ إِلاَّ نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ» . (مسلم) .
كما يجب غسل الأيدي والمبالغة في الاستنشاق والاستنثار باستمرار؛ وعدم التنفس في الإناء؛ وتغطية الوجه عند العطس ؛ وكل ذلك أمرتنا به السنة النبوية المطهرة ؛ فقد ” نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتنفس في الإناء أو ينفخ فيه”.( أبو داود )، وكذلك: ” كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عطس غطى وجهه بيديه أو بثوبه وغض بها صوته ” . ( الترمذي وحسنه ) .
سادسًا: الأخذ بالأسباب واتباع تعليمات وتوجيهات جهات الاختصاص: وفي مقدمتها ما يصدر عن وزارة الصحة فيما نحن بصدده من مواجهة انتشار فيروس كورونا .
العنصر الثالث: واجبنا عند نزول الوباء والبلاء
أيها المسلمون: يجب علينا جميعًا أن نرجع إلى الله ونتوب إليه ليرفع عنا ما نحن فيه؛ لأن ارتكاب المعاصي والفواحش من أهم أسباب وقوع البلاء؛ قال تعالى: { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.( الروم:41). وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم : ” لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا … ” الحديث. (البيهقي والحاكم وصححه). وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: « إِنَّ الْهَلَكَةَ كُلَّ الْهَلَكَةِ أَنْ تَعْمَلَ السَيئات فِي زَمَانِ الْبَلَاءِ ». ( العقوبات لابن أبي الدنيا ) .
فبالتوبة والاستغفار يكشف البلاء بإذن رب الأرض والسماء، فإنه ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة.
كما يجب علينا التحصن بالأدعية والأذكار والتضرع إلى الله تعالى أن يكشف عنا ما نحن فيه من بلاء ووباء ؛ فعن عثمان رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :” مَنْ قَالَ : بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ “. ( أبو داود والترمذي وصححه ) .
وعن عبد الله بن خبيب رضي الله عنه قال: خَرَجْنَا فِي لَيْلَةِ مَطَرٍ وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ نَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ لَنَا ، فَأَدْرَكْنَاهُ فَقَالَ : ( أَصَلَّيْتُمْ ؟ ) فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا ، فَقَالَ : ( قُلْ ) ، فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا ، ثُمَّ قَالَ : ( قُلْ ) ، فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا ، ثُمَّ قَالَ : ( قُلْ ) ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَقُولُ ؟ قَالَ : قُلْ ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَحِينَ تُصْبِحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ) . ( أبو داود والترمذي وحسنه ) .
وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يكثر من الاستعاذة بالله « مِنْ الْبَرَصِ، وَالْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَمِنْ سَيِّئْ الْأَسْقَامِ» .( أبو داود ). فعليكم أن تكثروا من الذكر والدعاء والتضرع إلى الله ليكشف عنا الغمة؛ { فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا } . ( الأنعام: 43).
كما يجب عليكم أن تتخلصوا من الأوهام التي تؤدي بكم إلى الهلكة؛ فكم من أناس أوهموا أنفسهم بالوباء بمجرد صداع الرأس أو حمى خفيفة؛ فيمرض بسبب الوهم ؛ وقد أجرى أحدهم حوارًا في قصة مع الوباء ليصور لنا الواقع فقال: أن الوباء -أي المرض أو الطاعون- مر برجل! فقال له الرجل: إلى أين أنت ذاهب؟ قال: ذاهب إلى قرية كذا وكذا، لأهلك خمسة آلاف رجل قد أمرت بإهلاكهم، وفعلاً انتشر الطاعون في تلك القرية، ولكن مات خمسون ألفاً بدلاً من خمسة آلاف، ثم رجع الوباء فمر بالرجل، فقال له: من أين أتيت؟ قال: من قرية كذا وكذا، قال: إنك كذبتني! أخبرتني أنك سوف تقتل خمسة آلاف، والواقع أنك قتلت خمسين ألفاً، فقال له الوباء: كلا! أنا قتلت خمسة آلاف، أما الباقون فقد قتلهم الوهم، أي: من شدة الخوف من هذا المرض، توهموا أنهم أصيبوا بجرثومته، فما زالت بهم الأوهام حتى أودت بهم إلى مراقدهم وإلى قبورهم.
فعليكم أن تحافظوا على أوامر الله ورسوله ؛ وتقلعوا عن المعاصي والموبقات ؛ وتكثروا من الدعاء والتضرع إلى الله ليرفع عنا الغلاء والوباء والأسقام والأمراض .
اللهم ارفع عنا البلاء والوباء والزلازل والمحن ؛ وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن ؛؛؛
الدعاء…….. وأقم الصلاة،،،، كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف