خطبة الجمعة للدكتور محمد حرز “حق الوطن والتضحية في سبيله”
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : “حق الوطن والتضحية في سبيله” ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 25 جمادي الآخرة 1443هـ، الموافق 28 يناير 2022م.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 28 يناير 2022م بعنوان : “حق الوطن والتضحية في سبيله”.
أولًا: مَحَبَّةُ الوَطَنِ فِي النَّفْسِ عَظِيمَةٌ.
ثانيــــًا :فما بالكُم إذا كان الوطنُ هو مصرُ؟
ثالثــــًا: التضحيةُ من أجلِ الأوطانِ شرفٌ وكرامةٌ .
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 28 يناير 2022م بعنوان : “حق الوطن والتضحية في سبيله” : كما يلي:
خطبةُ الجمعةِ القادمةِ: حقُّ الوطنِ والتضحيةُ في سبيلِهِ د. محمد حرز بتاريخ: 17 جمادى الثاني 1443هــ – 21 يناير 2022م
الحَمْدُ للهِ الذِي مَنَّ عَلَينَا بِوَطَنٍ مِنْ خِيرَةِ الأَوطَانِ، وَنشَرَ عَلَينَا فِيهِ مَظَلَّةَ الاستِقْرَارِ والأَمَانِ، الحَمْدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ ﴿ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِين﴾(يوسف: 99)وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وليُ الصالحينَ، غَرَسَ فِي النُّفُوسِ حُبَّ الوَطَنِ، وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفيُّهُ من خلقِهِ وخليلُهُ القائلُ كما في حديثِ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله ُعليه وسلم: «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ، وصَحِّحْهَا، وبَارِكْ لَنَا في صَاعِهَا ومُدِّهَا، وانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بالجُحْفَةِ» متفقٌ عليه ،فاللهمَّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ المختارِ وعلى آله وصحبِهِ الأطهارِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ.
أما بعدُ …..فأوصيكُم ونفسي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِفَالتَّقْوَى أَسَاسُ الفَلاحِ وَمِفْتَاحُ النَّجَاحِ، فَمَا بُنِيَ تَقَدُّمٌ مِنْ غَيْرِ تُقًى إِلاَّ انعَدَمَ، وَمَا شُيِّدَ بُنْيَانٌ مِنْ دُونِهِا إِلاَّ انهَدَمَ، فَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ تَكُونُوا مِنَ الفَائِزِينَ، وَاشكُرُوهُ عَلَى فَضْـلِهِ وَعَطَائِهِ تُكْـتَبُوا مَعَ المُفْـلِحِينَ قال جلَّ وعلا{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }سورة أل عمران :102 ) عبادَ اللهِ :(( حقُّ الوطنِ والتضحيةُ في سبيلهِ))عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا .
عناصرُاللقاءِ :
أولًا: مَحَبَّةُ الوَطَنِ فِي النَّفْسِ عَظِيمَةٌ.
ثانيــــًا :فما بالكُم إذا كان الوطنُ هو مصرُ؟
ثالثــــًا: التضحيةُ من أجلِ الأوطانِ شرفٌ وكرامةٌ .
أيُّها السادةُ :ما أحوجنَا إلي أنْ يكونَ حديثُنَا في هذه الدقائقِ المعدودة ِعن حقِّ الوطنِ والتضحيةِ في سبيلِه وخاصةً ووطنُنَا في حاجةٍ إلى سواعدِ الجميعِ في التضحيةِ والبناءِ والاستقرارِ والتنميةِ والتقدمِ والرقيِ والازدهارِ، كلٌّ في مجالِه وتخصصهِ وخاصةً وأنَّ مصرنَا الغاليةَ مستهدفةٌ من الداخلِ والخارجِ ممن يريدونَ النيلَ منها ومن أمنِهَا واستقرارِهَا؛ لتعُمَّ الفوضَى والخرابُ والهلاكُ والدمارُ، ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ .وخاصةً أنَّ الحديثَ عن الأوطانِ شيقٌ وممتعٌ وجميلٌ، وسَلُوا مَن تغربَ في بلادِ الغربةِ عن اشتياقِهِ وحبِّهِ لوطنِهِ
وطنيِ لو شُغلتُ بالخلدِ عنه**** نازعتنِي إليه في الخلدِ نفسيِ
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة
أولًا: مَحَبَّةُ الوَطَنِ فِي النَّفْسِ عَظِيمَةٌ:
أيُّها السادةُ: أَنَّ الوطنَ نِعْمَةٌ عظيمةٌ وكبيرةٌ مِنْ نعمِ اللهِ العَظِيمَةِ الَّتِي لا تُقَدَّرُ بِثَمَنٍ وَلا تُسَاوَمُ بِالأَمْوَالِ وَالأَرْوَاحِ، بَلْ تُبْـذَلُ الأَمْوَالُ لأَجْـلِهَا وَتُرْخَصُ الأَرْوَاحُ فِي سَبِيلِ وَحْدَتِهَا وَالدِّفَاعِ عَنْهَا. إِنَّ الوَطَنَ كَلِمَةٌ صَغِيرَةٌ فِي مَبْـنَاهَا، عَظِيمَةٌ فِي مَعْـنَاهَا، كَلِمَةٌ مَا إِنْ تُذْكَرُ حَتَّى تَتَحَرَّكَ لَهَا المَشَاعِرُ وَتَتَفَاعَلَ مَعَهَا الأَحَاسِيسُ؛ كَيْفَ لا؟، وَحُبُّ الوَطَنِ حُبٌّ فِطْرِيٌّ مَغْرُوسٌ فِي النُّفُوسِ، مَجْبُولَةٌ عَلَيْهِ الخَلِيقَةُ، حَتَّى الحِيتَانُ فِي أَعْـمَاقِ بِحَارِهَا، وَالوُحُوشُ فِي غَابَاتِهَا، وَالطُّيُورُ فِي سَمَائِهَا، تَحِنُّ إِلَى أَوْطَانِهَا، وَلأَجْـلِ هَذَا كُلِّهِ كَانَ لِفَقْدِ الوَطَنِ فِي القَلْبِ أَلَمٌ وحسرةٌ قَلَّ أَنْ يُحْـتَمَلَ، وَلِفِرَاقِهِ فِي النَّفْسِ جُرْحٌ لا يَنْدَمِلُ، لِذَا قَرَنَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ العَظِيمِ بَيْنَ مُفَارَقَةِ الوَطَنِ وَقَتْـلِ النَّفْسِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ: (( وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا “، وَنَهَى عَزَّ وَجَلَّ عَنْ مُدَاهَنَةِ مَنْ يَسْعَى لإِيذَاءِ النَّاسِ وَإِخْرَاجِهِمْ مِنْ أَوْطَانِهِمْ فَقَال(( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ))الممتحنة 8، وَلأَجْـلِ هَذَا كَانَ الدِّفَاعُ عَنِ الوَطَنِ وَالذَّوْدُ عَنْ حِمَاهُ وَمُقَارَعَةُ الأَعْـدَاءِ مِنْ أَعْـظَمِ المَوَاطِنِ الَّتِي تُبْذَلُ فِيهَا الأَرْوَاحُ وَتُقَدَّمُ فِيهَا الدِّمَاءُ، يَقُولُ سُبْحَانَهُ عَنِ المَلإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ(( قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ))البقرة 264 فحبٌ الوطنِ والدفاعُ عنه دينٌ وإيمانٌ وإحسانٌ وكيف لا؟ وحبُّ الوطنِ من هدى النبيِّ العدنانِ صلى اللهُ عليه وسلم والنبيين الأخيارِ،والدفاعُ عن الوطنِ مطلبٌ شرعيٌ، وواجبٌ وطنيٌ ،ومَسْؤولـيَّةٌ ووَفَاءٌ تقعُ على عاتقِ الجميعِ ،والموتُ في سبيلِه عِزةٌ وكرامةٌ وشهامةٌ وشجاعةٌ ورجولةٌ وشهادةْ.
ولِمَ لا؟وأغلَى ما يملكُ المرءُ بعدَ دينِهِ وطنِهِ ، وما مِن إنسانٍ إلا ويعتزُّ بوطنِهِ؛ لأنَّه نشأَ فيه وترعرعَ وتربَّى وشبَّ على أرضهِ وعاشَ حياتَهُ وذكرياتهِ بحلوِهَا ومرِّهَا،وهو موطنُ آبائِهِ وأجدادِهِ، ومأوى أبنائِهِ وأحفادِهِ، وهو مسقطُ الرأسِ، ومستقرُ الحياةِ، ومن أجلِه نُضحِّي بكلِّ غالٍ ونفيسٍ، وسَلُوا مَن تغربَ في بلادِ الغربةِ عن اشتياقِهِ وحبِّهِ لوطنِهِ وكيف أنَّ الوطنَ حياةٌ ما بعدها حياة, ، والمحافظةُ على الوطنِ من الكلياتِ الستِ التي أمرنَا الإسلامُ بالمحافظةِ عليها.
لذا لَمَّا كَانَتْ مَحَبَّةُ الوَطَنِ فِي النَّفْسِ عَظِيمَةٌ، وَكَانَ فِرَاقُهُ عَلَى القَلْبِ مُؤْلِمًا، نَجِدُ أَنَّ أَعَدَاءَ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ يُهَدِّدُونَ أَنْبِياءَهُمْ بِإِخْرَاجِهِمْ مِنْ أَوْطَانِهِمْ وَحِرْمَانِهِمْ مِنْ نِعْمَةِ الوَطَنِ، قَالَ تَعَالَى : ((وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ ))الأعراف 88، فَهَذَا شُعَيْبٌ -عَلَيْهِ السَّلامُ- قَالَ لَهُ المَلأُ الَّذِينَ استَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ: (( لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ ))، وَهَذَا نَبِيُّ اللهِ لُوطٌ -عَلَيْهِ السَّلامُ- وَمَنْ مَعَهُ قَالَ عَنْهُمْ قَومُهُمْ)) أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ))الأعراف 82، وَقَدْ لاقَى سَيِّدُ أُولِي العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الإِيذَاءِ البَلِيغِ، فَهَا هُوَ يَلْتَفِتُ إِلَى مَكَّةَ، وَطَنِهِ الحَبِيبِ إِلَى قَلْبِهِ، (( إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا )، قَائِلاً: ((مَا أَطْـيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ وَأَحَبَّكِ إِلَيَّ، وَلَوْلا أَنَّ قَوْمَكِ أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ)) رواه الترمذي الله أكبر خاطبُ مكةَ المكرمةَـ زادَها اللهُ تكريمًا وتشريفًا إلى يومِ الدينِـ مودّعًا إياها وهي وطنُهُ الذي أُخرجَ منه، بكلماتٍ تُؤلمُ القلبَ وتُبكي العينَ بدلِ الدموعِ دمًا،بكلماتٍ كلّها حنينٌ ومحبةٌ وألمٌ وحسرةٌ على الفراقِ،بكلماتٍ كلها انتماءٌ وتضحيةٌ ووفاءٌ فقد رُوي عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ -رضي اللهُ عنهما- أنَّه قال: قال رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- لمكةَ: “ما أطيبكِ من بلدٍ، وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أنّ قومي أخرجونِي منكِ ما سكنتُ غيركِ وفي رواية((وَاللهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللهِ إِلَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ))رواه الترمذيُّ
وتعلنُ السماءُ حالةَ الطوارئِ ليهبطَ أمينُ السماءِ جبريلُ عليه السلامُ بقرآنٍ يُتلَى إلى يومِ الدينِ ليجففَ للبنيِّ العدنانِ صلى اللهُ عليه وسلم دموعَهُ, وليخففَ عنه آلامَهُ فقال جلَّ وعلا:(إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ))القصص: 85)، أي وبحقِّ القرآنِ ليأتي اليومُ ويردُكَ اللهُ إلى وطنِكَ و إلى مكةَ التي أخرجوكَ منها فاتحًا منتصرًا.
وَيَتَجلَّى هَذَا الحُبُّ مِنْهُ -صلى اللهُ عليه وسلم- حِينَ جَلَسَ إِلى وَرَقةَ بنِ نَوفلٍ ابنِ عَمِّ السَّيِّدَةِ خَدِيجَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْها- وَلَمْ يَلْتَفِتْ -صلى اللهُ عليه وسلم- كَثِيرًا إِلى مَا أَخْبَرَهُ بِهِ مِمَا سَيَتَعرَّضُ لَهُ فِي دَعْوَتِهِ مِنْ مِحَنٍ وَمصَاعِبَ مِنْ قَوْمِهِ، حَتَّى قَالَ لَهُ وَرَقَةُ:((وَلَيتَنِي أَكُونُ مَعَكَ إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ)) عِنْدَها قَالَ -صلى اللهُ عليه وسلم- : ((أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟!))، إِنَّهُ الوَطَنُ ياسادةُ سَكِينَةُ النَّفْسِ، وَرَاحَةُ البَالِ، وَمَجْمَعُ الأَحِبَّةِ، وَمُنْطَلَقُ البِنَاءِ؛ اسْـأَلُوا عَنْ نِعْمَةِ الوَطَنِ مَنْ فَقَدَهَا، وَانظُرُوا إِلَى قِيمَتِهَا فِي مِيزَانِ مَنْ حُرِمَهَا، تُدْرِكُوا حَقِيقَةَ النِّعْمَةِ، وَعَظِيمَ المِنَّةِ. فحبُّ الوطنِ من الإيمانِ والدفاعُ عن الوطنِ شرفٌ وعزةٌ وكرامةٌ وشهامةٌ وشهادةٌ في سبيلِ اللهِ.
بِلاَدِي هَوَاهَا فِي لِسَانِي وَفِي دَمِي ***يُمَجِّدُهَا قَلْبِي وَيَدْعُو لَهَا فَمِي
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة
ثانيــــًا :فما بالكُم إذَا كان الوطنُ هو مصرُ؟
أيُّها السادةُ: ما بالكُم إذا كان الوطنُ هو مصرُ الغاليةُ صَخرةُ الإسلامِ العاتية. التي ذَكَرهاَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- في القرآنِ مِرارًا وتكرارًا قال ربُّنَا:﴿ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِين﴾)يوسف: 99) مصرُ التي قال عنها نبيُّنَا العدنانُ صلى اللهُ عليه وسلم:”إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ ، وَهِيَ أَرْضٌ يُسَمَّى فِيهَا الْقِيرَاطُ ، فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا ؛ فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا” رواه مسلمٌ.وعن أبي ذرٍ عَن النَّبِيِّ ﷺأَنَّهُ قَالَ: «سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا القِيرَاطُ فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُم ذِمَّةً وَرَحِمًا». أَخْرَجَهُ الطبرانيُّ والحَاكِمُ. وعن كَعْبِ بنِ مَالِك يَرْفَعُهُ: «إِذَا فُتِحَت مِصْرُ فَاسْتَوْصُوا بِالقِبْطِ خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا». مصرُ التي طلبَ يوسفُ عليه السلامُ أنْ يكونَ على خزائِنِهَا فهي خزائنُ الأرضِ بشهادةِ العزيزِ الغفارِ )قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ))يوسف:55.
مصرُ التي افتخَرَ فرعونُ بأنَّهُ يملكُهَا دونَ غيرِهَا، فقال كما حكى اللهُ -جلَّ وعلا- عنه: (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ)؟!مصرُ قال عنها سيدنُا عمرُو بنُ العاصِ رضى اللهُ عنه وأرضاهُ ولايةَ مصر جامعةً تعدلُ الخلافةَ ,يعني: ولايةُ كلِّ بلادِ الإسلامِ في كفةٍ، وولايةُ مصرَ في كفةٍ و قال الجاحظ:ُ إنّ أهلَ مصرَ يستغنونَ بما فيها من خيراتٍ عن كلِّ بلدٍ، حتى لو ضُرِبَ بينها وبين بلادِ الدنيا بسورٍ ما ضرَّها. اللهُ أكبرُ
فمصرُ هي أمُّ البلادِ، وهي موطنُ المجاهدينَ والعُبادِ، قهرتْ قاهرتُهَا الأممَ، ووصلتْ بركاتُهَا إلى العربِ والعجمِ , سكنَهَا الأنبياءُ والصحابةُ والعلماءُ.
مصرُ الكنانةُ ما هانتْ على أحدٍ *** اللهُ يحرسُها عطفًا ويرعَاها
ندعوكَ يارب أن تحمى مرابعَها *** فالشمسُ عينٌ لها والليلُ نجواهَا
مَن شاهَدَ الأرْضَ وأَقْطَارَها *** والنَّاسَ أنـواعًا وأجناسًا
ولا رأى مِصْـرَ ولا أهلها *** فما رأى الدنيا ولا الناسَ
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة
ثالثــــًا: التضحيةُ من أجلِ الأوطانِ شرفٌ وكرامةٌ:
أيُّها السادةُ : حبُّ الوطنِ والتضحيةُ في سبيلِهِ ليستْ مجردَ كلماتٍ تُقالُ أو شعاراتٍ تُرفعُ، إنَّما هو سلوكٌ وتضحياتٌ وحقوقٌ تُؤدَّى، الجنديٌّ بثباتِهِ وصبرِهِ وفدائِهِ وتضحيتِهِ، والشرطيُّ بسهرِهِ على أمنِ وطنِهِ، والفلاحُ والعاملُ والصانعُ بإتقانِ كلٍّ منهم لعملِهِ، والطبيبُ والمعلمُ والمهندسُ بما يقدمُ كلُّ منهم في خدمةِ وطنِهِ، وهكذا في سائرِ الأعمالِ والمهنِ والصناعاتِ يجبُ على كُلٍّ منَّا أنْ يقدمَ ما يثبتُ بهِ أنَّ حُبَّهُ للوطنِ ولاءٌ وعطاءٌ وانتماءٌ ليس مجردَ كلامٍ أو أماني أو أحلامٍ.
ومِن أعظمِ صورِ التضحيةِ : المحافظةُ على أمنِهِ واستقرارِهِ وعدمِ الاستماعِ إلى الدعواتِ المغرضةِ من هنا وهناك للنيلِ من دولتِنَا واستقرارِهَا وأمنِها ,فالأمنُ في الأوطانِ مطلبٌ لكُلِّ مَن يريدُهُ ويطلبُهُ، ومَن يسعَى لزعزعةِ الأمنِ إنَّمَا يريدُ الإفسادَ في الأرضِ، وأنْ تعمَّ الفوضَى والشرُّ بين عبادِ اللهِ، فزعزعةُ أمنِ الأمّةِ وترويعُ الآمنينَ جريمةٌ نكراءُ فيها إعانةُ لأعداءِ الإسلامِ على المسلمين، فالأمنُ والأمانُ مِن أجلِّ النعمِ التي أنعمَ اللهُ بها علينَا؛ لقولِ النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم كما في حديثِ أبي الدرداءِ رضى اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ: ” مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بحذافيرها ” رواه البخاريُّ في الأدب المفرد والترمذي في السنن.
وِمن أعظمِ صورِ التضحيةِ: الدفاعُ عن البلادِ وأهلِهَا يُعدُّ من الجهادِ المشروعِ، ومَن يُقتلُ في ذلك يُعدُّ شهيدًا، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلى اللهُ عَلَيه وسَلم يَقُولُ: مَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دَونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دَونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دَونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ)
ومِن صورِ التضحيةِ للوطنِ: المشاركةُ بإخلاصٍ في بنائِهِ وذلك بإتقانِ العملِ والحرصِ على جودةِ الإنتاجِ فهو سببٌ لتقدمِ الأممِ فكمْ مِن أممٍ تقدمتْ بسببِ اتقانِهَا للعملِ، وكمْ مِن أممٍ تأخرتْ بسببِ عدمِ إتقانِهَا للعملِ لذا قال رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم كما في حديثِ عائشةَ أمِّ المؤمنين:((إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ) رواه البيهقيُّ.
ومِن صورِ التضحيةِ للوطنِ :المرابطةُ على الثغورِ لحفظِ أمنِ الأوطانِ، سببُ الفلاحِ والنجاح، قال اللهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ آل عمران: 200.
فجنودُنَا البواسلُ الذين يسهرونَ ليلَهُم ويكابدونَ نهارَهُم، أجرُهُم عظيمٌ وثوابُهُم جليلٌ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، وَأَمِنَ الْفَتَّانَ)) وفي الصحيحينِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا العَبْدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ الغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنَ الدنُّيَا ومَا عَلَيهَا》
أقولُ قولي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم
خطبة الجمعة القادمة ، الخطبة الثانية
الخطبةُ الثانيةُ: الحمدُ للهِ ولا حمدَ إِلّا لهُ وبسمِ اللهِ ولا يستعانُ إلا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ……………………وبعدُ
أيُّها السادةُ: مِن أعظمِ صورِ التضحيةِ للوطنِ: الوفاءُ للوطنِ بكلِّ ما تحملِهُ الكلمةُ مِن معنى(( هَلْ جَزَآءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَان((الرحمن:60 قال الأصمعيُّ: إذا أردتَ أنْ تعرفَ وفاءَ الرجلِ ووفاءَ عهدِهِ، فانظرْ إلى حنينِهِ إلى أوطانِهِ، وتشوُّقِهِ إلى إخوانِهِ، وبكائِهِ على ما مضىَ مِن زمانِهِ.اللهَ اللهَ في حبِّ الأوطانِ. و شتانَ شتانَ بينَ الشهادةِ من أجلِ الحقِّ والموتِ من أجلِ الباطلِ ،شتانَ شتانَ بينَ مَن أخلصَ لدينهِ ووطنهِ وضحَّى بالغاليِ والنفيسِ وبينَ مَن باعَ وطنَهُ بالغاليِ والرخيصِ.
لذا بشرَ اللهُ جلَّ وعلا أسرَ الشهداءِ بأنّ ذويهِمْ في أعلَى المنازلِ يومَ القيامةِ مع الأكابرِ مِن النبيينَ والصديقينَ والصالحينَ وحسنُ أولئكَ رفيقًا قالَ ربُّنَا( وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا) سورة النساء (69(
وبشرَ نبيُّنَا صلى اللهُ عليه وسلم أسرَ الشهداءِ مُطَمئِنًا نفوسَهُم وقلوبَهُم عن ذويِهِم الذين استشهدُوا دفاعًا عن دينِهِم ونبيِّهِم ووطنِهِم بالمكانةِ العُلَى بجوارِ ربِّ البريةِ جلّ وعلا فقال: “يا جابرُ ما لي أراكَ منكسِرًا ؟”قلتُ : يا رسولَ اللَّهِ استُشْهِدَ أبي قُتِلَ يومَ أُحُدٍ ، وترَكَ عيالًا ودَينًا ، قالَ : ( أفلَا أبشِّرُكَ بما لقيَ اللَّهُ بِهِ أباكَ ؟ ) قلتُ : بلَى يا رسولَ اللَّهِ قالَ : ما كلَّمَ اللَّهُ أحدًا قطُّ إلَّا من وراءِ حجابِه وأَحْيَى أباكَ فَكَلَّمَهُ كِفاحًا فقالَ : يا عَبدي تَمنَّ عليَّ أُعْطِكَ قالَ : يا ربِّ تُحييني فأقتلَ فيكَ ثانيةً قالَ الرَّبُّ تبارك وتعالَى : إنَّهُ قد سبقَ منِّي أنَّهم إليها لَا يُرجَعونَ قالَ : وأُنْزِلَت هذِهِ الآيةُ : (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا) الآيةَ
وحبُّ الوطنِ والتضحيةُ في سبيلِهِ تظهرُ في احترامِ أنظمتهِ وقوانينهِ، وفي التشبثِ بكلِّ ما يُؤَدِّي إلى وحدتهِ وقوتهِ، حبُّ الوطنِ يظهرُ في المحافظةِ على منشآتهِ ومنجزاتهِ، وفي الاهتمامِ بنظافتهِ وجمالهِ، حبُّ الوطنِ يظهرُ في دعمِ منتجاتهِ الصناعيةِ والزراعيةِ والتجاريةِ حبُّ الوطنِ يظهرُ في إخلاصِ العاملِ في مصنعهِ، والموظفِ في إدارتهِ، والمعلمِ في مدرستهِ، حبُّ الوطنِ يظهرُ في المحافظةِ على أموالهِ وثرواتهِ، حبُّ الوطنِ يظهرُ في المحافظةِ على أمنهِ واستقرارهِ والدفاعِ عنه، حبُّ الوطنِ يظهرُ بنشرِ القيمِ والأخلاقِ الفاضلةِ ونشرِ روحِ التسامحِ والمحبةِ والأخوةِ بين الجميعِ، وأنْ نحققَ مبدأَ الأخوةِ الإيمانيةِ في نفوسِنا، وأنْ ننبذَ أسبابِ الفرقةِ والخلافِ والتمزقِ، وأنْ نقيمَ شرعَ اللهِ في واقعِ حياتِنا وسلوكِنا ومعاملاتِنا، ففيه الضمانُ لحياةٍ سعيدةٍ وآخرةٍ طيبةٍ؛ وصدقَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ يقولُ كما في صحيحِ مسلمٍ من حديثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)
فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ-، وَكُونُوا لِوَطَنِكُمْ هَذَا خَيْرَ بُنَاةٍ، وَلِمُقَوِّمَاتِهِ وَأُسُسِهِ حُمَاةً، رَاعُوا نُظُمَهُ وَقِيَمَهُ، وَأَوْفُوا بِجَمِيعِ حُقُوقِهِ.وقِفُوا صَفًّا واحِدًا فِي وَجْهِ كُلِّ مُرْجِفٍ، وَتَنَبَّهُوا لِسَعْيِ كُلِّ مُفْسِدٍ، اغْرِسُوا فِي أَبنَائِكُمْ حُبَّ الوَطَنِ وَالاعتِزَازَ بِإِنْجَازَاتِهِ الحَاضِرَةِ وَمَجْدِهِ التَّلِيدِ، حَتَّى يُحَقِّقُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَعْنَى المُوَاطَنَةِ الصَّالِحَةِ، فَهُمْ أَمَلُ الوَطَنِ وَبُنَاةُ الغَدِ.
فاللهَ اللهَ في الأوطانِ، اللهَ اللهَ في مصرَ وأهلِهَا، اللهَ اللهَ في قواتِنَا المسلحةِ وشرطتِنَا الساهرةِ على حمايةِ أوطانِنَا، اللهَ اللهَ في كلِّ غيورٍ يحبُّ وطنَهُ، اللهَ اللهَ في التضحيةِ من أجلِ الأوطانِ.
حفظَ اللهُ مصرَمن كيدِ الكائدين، وشرِّ الفاسدين وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.
كتبه العبدُ الفقيرُ إلى عفوِ ربِّهِ
د/ مُحمد حرز
إمامٌ بوزارةِ الأوقافِ
_______________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف