أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة للدكتور محمد حرز : الحذر واليقظة والإعداد في القرآن الكريم

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الحذر واليقظة والإعداد في القرآن الكريم ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 17 جمادي الأولي 1445هـ ، الموافق 1 ديسمبر 2023م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 1 ديسمبر 2023م بصيغة word بعنوان : الحذر واليقظة والإعداد في القرآن الكريم ، للدكتور محمد حرز.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 1 ديسمبر 2023م بصيغة pdf بعنوان : الحذر واليقظة والإعداد في القرآن الكريم ، للدكتور محمد حرز.

عناصر خطبة الجمعة القادمة 1 ديسمبر 2023م بعنوان : الحذر واليقظة والإعداد في القرآن الكريم.

 

أولًا: الحذرُ واليقظةُ مِن صفاتِ أهلِ الإيمانِ.

ثانيًا: أمورٌ يجبُ الحذرُ منهَا!!

ثالثــــًا وأخيرًا: كُن حذرًا يقظًا قبلَ فواتِ الأوانِ!!!!

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 1 ديسمبر 2023م بعنوان : الحذر واليقظة والإعداد في القرآن الكريم : كما يلي:

خطبةُ الجمعةِ القادمةِ: الحذرُ والحيطةُ والإعدادُ في القرآنِ الكريمِ د/ محمد حرز

بتاريخ: 17 جمادى الأولى  1445هــ – 1 ديسمبر 2023م

الحمدُ للهِ القويِّ العزيزِ، الفعالِ لِمَا يريدُ، الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ ﴿يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَٱنفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنْفِرُواْ جَمِيعًا [النساء:71، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ وليُّ الصالحين وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفيُّهُ مِن خلقهِ وخليلُهُ ؛ القائلُ كما في حديث أَبِي أُمَامَةَ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ( لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ:” بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ” ) فاللهُمَّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ  المختارِ وعلى آلِهِ وأصحابِهِ الأطهارِ الأخيارِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ.  أمَّا بعدُ …..فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (سورة  أل عمران :102) 

عبادَ الله : ((الحذرُ والحيطةُ والإعدادُ في القرآنِ الكريمِ))عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا .

عناصرُ اللقاءِ:

أولًا: الحذرُ واليقظةُ مِن صفاتِ أهلِ الإيمانِ.

ثانيًا: أمورٌ يجبُ الحذرُ منهَا!!

ثالثــــًا وأخيرًا: كُن حذرًا يقظًا قبلَ فواتِ الأوانِ!!!!

أيُّها السادةُ: ما أحوجنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلي أنْ يكونَ حديثُنَا عن الحذرِ والحيطةِ والإعدادِ في القرآنِ الكريمِ والسنةِ النبويةِ المطهرةِ ،وخاصةً وإنَّ أعظمَ ما يسعى إليه أعداءُ الإسلامِ بالليلِ والنهارِ، لاسيَّمَا في هذا العصرِ، هي محاولةُ اختراقِ المسلمين واختراقِ أرضِنَا ومصرَ الحرةِ الأبيةِ بواسطةِ نفرٍ مِن داخلِنَا، أو مِن خارجِنَا لضربِنَا أو على الأقلِ إجهاضِنَا، ويتمكنُ هؤلاءِ مِن تحقيقِ هذه المحاولةِ، والوصولِ إلى المرادِ عندَ عدمِ الانتباهِ، وفقدانِ الوعيِ وشيوعِ التفريطِ، وصدقَ اللهُ إذ يقولُ:( وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً)(النساء:102).لذا كان لازمًا علينَا جميعًا نحن المصرين بصفةٍ خاصةٍ الوقوفُ خلفَ قادتِنَا لنعبرَ بمصرِنَا إلى برِّ الأمانِ ،وخاصةً لا بدَّ مِن الحذرِ والحيطةِ والإعدادِ؛ لأنَّ أعداءَ الإسلامِ والمسلمين يريدون القضاءَ على الإسلامِ بكلِّ وسيلةٍ ممكنةٍ وغيرِ ممكنةٍ، وهذا ما أخبرنَا اللهُ تعالَى بهِ وبمَا يدبرونَهُ مِن مكايدَ، فقالَ جلَّ وعلا: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ.(الصف:8، وخاصةً والواجبُ  علينَا نحن المسلمين أنْ نقِي أنفسَنَا مِن الوقوعِ في هذا الخطرِ وذلك مِن خلالِ بنيانِ الشخصيةِ المسلمةِ قائمًا على أساسِ مِن الانتباهِ الشديدِ، والوعيِ التامِّ، والجديةِ، وعدمِ التفريطِ، واليقظةِ والحيطةِ، وخاصةً وأولُ خطوةٍ في هذا الأساسِ إنَّما تبدأُ بالتذكيرِ وتصحيحِ المفاهيمِ، ووضعِ النقطِ على الحروفِ، وخاصةً إِخْوَانُنَا في فِلَسْطِينَ يَتَعَرَّضُونَ للقَتْلِ بِوَحْشِيَّةٍ وَهَمَجِيَّةٍ مِنْ هَؤُلَاءِ المَلْعُونِينَ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ، وَالعَالَمُ مَكْتُوفُ الأَيَادِي، لَا يُعَاتِبُ المُجْرِمَ وَلَا يُوقِفُهُ عِنْدَ حَدِّهِ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ المُعْتَدِي وَالغَاصِبُ وَالظَّالِمُ وَالجَائِرُ وَالمُجْرِمُ. وَالعَالَمُ كُلُّهُ يَعْلَمُ أَنَّ اليَهُودَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ، وَلَا عَهْدَ، وَلَا مِيثَاقَ، وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ الذي هُوَ أَصْدَقُ القَائِلِينَ يَقُولُ عَنْهُمْ: ﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾(البقرة:100)

العنصر الأول من خطبة الجمعة للدكتور محمد حرز

أولًا: الحذرُ واليقظةُ مِن صفاتِ أهلِ الإيمانِ.

أيُّها السادةُ: الحَذَرُ هو: اليقظةُ والتأهبُ، وأخذُ الحيطةِ للأمرِ قبلَ وقوعِ المكروهِ ،و هو اجتِنابُ الشَّيءِ خَوفًا منهُ، والحَذَرُ: هو الاحترازُ والاستعدادُ لاتِّقاءِ شَرِّ العَدُوِّ، بأن نَعرِفَ حالَ العَدُوِّ ومبلَغَ استعدادِه وقوَّتِه، ووسائِلَ مقاومتِه، وأن نعمَلَ بتلك الوسائِلِ، والحَذَرُ سببٌ مشروعٌ أمرَ اللهُ بهِ في قولِهِ: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ))البقرة: 235)

و لمَّا كان الحَذَرُ واليَقَظةُ والحَيطةُ مَطالِبَ إيمانيَّةً وحاجاتٍ بشريَّةً ضروريَّةً، لا غنَى للإنسانِ عنهَا قديمًا وحديثًا ومُستقبلًا؛ لأنَّهَا بمثابةِ الأمنِ الوِقائيِّ للإنسانِ- فقد أولَاهَا القرآنُ اهتمامًا خاصًّا مِن خلالِ سُوَرِه وآياتِه، فقالَ جلَّ وعلَا في كَشفِ كَيدِ الشَّيطانِ الذي يسعَى جاهِدًا لصَرفِ الإنسانِ عن إيمانِهِ، وفتنتِهِ عن دينِهِ، ولافتًا سبحانَهُ لوجوبِ أخذِ الحَيطةِ، والحَذَرِ لمواجَهةِ كَيدِه(( يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ))(الأعراف: 24) فاحذَرُوا أنْ تفتَتِنُوا بوَسْوستِهِ فتُعاقَبُوا، كما فَتَنَ أبَويكُم آدَمَ وحوَّاءَ، فأخرَجَهُمَا مِن الجنَّةِ بسَبَبِ اتِّباعِهِمَا إيَّاهُ، بعدَ ما تسَبَّبَ في نزعِ لِباسِهِمَا عنهمَا ليُريَهُمَا عَوراتِهِمَا) وقال جلَّ وعلا مُحَذِّرًا عبادَهُ منهُ سُبحانَه، وهو أدَقُّ وأخطَرُ ما ينبغِي أنْ يحتاطَ المُسلِمُ لهُ ويحذَرَهُ، فيبقَى يَقِظًا منتَبِهًا خوفَ مخالفةِ هذا الأمرِ الجليلِ(( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ )البقرة: 235
 قال السَّعديُّ:(وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أي: فانووا الخيرَ، ولا تَنووا الشَّرَّ؛ خوفًا من عقابِه، ورَجاءً لثوابِه) وقال جلَّ وعلا داعيًا عبادَهُ إلى اليَقَظةِ في كافَّةِ أعمالِهِم، والحَذَرِ من جنايتِهِم على أنفُسِهِم بالقبيحِ مِن القَولِ والفِعلِ(( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ )آل عمران: 30، فلْيَحذَرِ العبدُ مِن أعمالِ السُّوءِ التي لا بُدَّ وأنْ يحزَنَ عليها أشَدَّ الحُزنِ يومَ القيامةِ يومَ الحسرةِ والندامةِ، ولْيترُكْهَا وقتَ الإمكانِ ،قبلَ أنْ يقولَ): يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ)(الزمر: 56)وساعتهَا لا ينفعُ الحذرُ والندمُ ،وقالَ جلَّ وعلَا مُبَيِّنًا ما يجِبُ على المُسلِمِ في احتياطِهِ لأمرِ دينِهِ، وذلك بأنْ يكونَ يَقِظًا في البُعدِ عمَّا نهَى اللَّهُ سُبحانَه عنهُ، حريصًا على وجودِ مَسافةٍ كافيةٍ بَينَهُ وبينَ الوُقوعِ في المعصيةِ والخطيئةِ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ )البقرة: 187أي: تلك الأشياءُ التي مُنِعْتُم عنها إنَّما مُنِعْتُم عنها بمنعِ اللَّهِ ونهْيِهِ عنها؛ فلا تَقْرَبُوهَا، وقال جلَّ وعلَا مُنَبِّهًا المُؤمِنينَ على ضرورةِ التَّيقُّظِ لخِداعِ المُنافِقين وحلاوةِ منطوقِهِم، وأخذِ الحَذَرِ والحَيطةِ من خُبْثِهم ومَكْرِهم(( وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ )المنافقون 4، فالحذرُ والحيطةُ مِن صفاتِ أهلِ الايمانِ وكيف لا؟ وقد دعتْ السُّنَّةُ النبويةٌ المُشَرَّفةُ في كثيرٍ مِن نصوصِهَا المُسلِمَ إلى الأخذِ بالحَذَرِ والحَيطةِ والتَّيقُّظِ في شؤونِه كلِّهَا، وحذَّرَتْهُ مِن الطَّيشِ والغَفلةِ وقِصَرِ النَّظَرِ، فالمُسلِمُ العاقِلُ حكيمٌ يَعرِفُ الخَطَرَ قَبلَ وقوعِهِ بيَقَظتِهِ، فيأخُذُ الحَيطةَ والحَذَرَ قَبلَ وُقوعِ المكروهِ، وأمَّا الجاهِلُ فلا يُحِسُّ به ولا يُدرِكُ خطورتَه إلَّا بعدَ وُقوعِه.فعن الحَسَنِ بنِ عَليٍّ رَضِيَ اللَّهُ عنهما أنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ قال: دَعْ ما يَريبُك إلى ما لا يَريبُك؛ فإنَّ الصِّدقَ طُمَأنينةٌ، والكَذِبَ رِيبةٌ).

تابع / خطبة الجمعة للدكتور محمد حرز

وكيف لا؟ وعن أبي هُرَيرةَ t، عن النَّبيِّ ﷺ أنَّه قال: ( لا يُلدَغُ المُؤمِنُ من جُحرٍ واحِدٍ مَرَّتينِ)) حيطةٌ وحذرٌ ،وكيف لا؟ وعن كَعبِ بنِ مالِكٍ tقال: لم يكُنْ رسولُ اللَّهِ ﷺ يريدُ غزوةً إلَّا وَرَّى بغيرِهَا)حيطةٌ وحذرٌ وكيف لا؟ وعن أبي هُرَيرةَ أنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ قال: ((بادِرُوا بالأعمالِ فِتَنًا كقِطَعِ اللَّيلِ المُظلِمِ، يُصبِحُ الرَّجُلُ مُؤمِنًا ويُمسِي كافِرًا، أو يُمسِي مؤمِنًا ويُصبِحُ كافِرًا، يَبيعُ دينَه بعَرَضٍ من الدُّنيا)) سلمْ يا ربِّ سلمْ، حيطةٌ وحذرٌ وكيف لا؟ وعن النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، قال: سمِعتُ رسولَ اللَّهِ ﷺ يقولُ:  “إنَّ الحلالَ بَيِّنٌ، وإنَّ الحرامَ بَيِّنٌ، وبَيْنَهما مُشتَبِهاتٌ لا يعلَمُهنَّ كثيرٌ من النَّاسِ، فمَن اتَّقى الشُّبُهاتِ استبرَأَ لدينِه وعِرْضِه، ومن وَقَع في الشُّبُهاتِ وقَعَ في الحرامِ، كالرَّاعي يرعى حولَ الحِمى، يُوشِكُ أنْ يرتَعَ فيهِ“(متفق عليه)حيطةٌ وحذرٌ وكيف لا؟ وعن الحَسَنِ البَصريِّ أنَّه قال ذاتَ يومٍ لجُلَسائِه: (يا مَعشَرَ الشُّيوخِ: ما يُنتَظَرُ بالزَّرعِ إذا بلَغ؟ قالوا: الحَصادُ، قال: يا مَعشَرَ الشَّبابِ، إنَّ الزَّرعَ قد تُدرِكُه العاهةُ قَبلَ أن يَبلُغَ!) حيطةٌ وحذرٌ ، فالحذرُ مِن صفاتِ المؤمنين، وكيف لا؟ والمؤمنُ كيِّسٌ فطِنٌ حذِرٌ ، يقولُ عمرُ بنُ الخطابِt: ( لستُ بالخِبِّ ، و لا الخِبُّ يخدعُني)، لستُ بالخبِّ أيِ المخادعِ، ولا يستطيعُ مخادعٌ أنْ يخدعَنِي . وكيف لا؟ والمسلمُ لا ينبغِي أنْ يكونَ ساذجًا، لا يعتبرُ بالأحداثِ تدورُ حولَهُ، فإذا ما خانَكَ إنسانٌ فلا ينبغِي أنْ تثقَ بهِ مرةً أخرَى، فتلك هي السذاجةُ، وإذا ما جربتَ فسادَ أمرٍ فلا ينبغِي أنْ تعودَ مرةً ثانيةً ، لقولِ النبيِّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: ((لاَ يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ))، واعلمْ أنَّهُ لا يغنِي حذرٌ عن قدرٍ، وأنْ مشيئةَ اللهِ نافذةٌ، وعندَ البلاءِ ينبغِي أنْ تعلمَ أنَّكَ المقصودُ فيهِ، فإذا نجوتَ فإنّمَا تنجُو بقدرِ اللهِ عزَّ وجلَّ فإنْ أصابَكَ فهذا بقدرِ اللهِ كما قال الفاروقُ عمرُ t: نفرُّ مِن قدرِ اللهِ إلى قدرِ اللهِ، ولقولِ النبيِّ المختارِ ﷺ: ((اعلَم أنَّ ما أصابَكَ لم يكُن ليُخطِئَك وما أخطأكَ لم يكُن ليُصيبَكَ ، واعلَم أنَّ النَّصرَ معَ الصَّبرِ ، وأنَّ الفرجَ معَ الكربِ ، وأنَّ معَ العُسرِ يُسرًا))، لذا يعلمُنَا النبيُّ المختارُ ﷺ عندَ البلاءِ أنْ لا نكثرَ مِن اللومِ لأنفسِنَا بل أنْ نرضَى بقضاءِ اللهِ، فيقولُ المصطفَى ﷺ ((وإن أصابَك شيءٌ فلا تقلْ : لو أنِّي فعلتُ لكانَ كذا وكذا ، ولكن قلْ قدَّرَ اللهُ وما شاءَ فعلَ فإن لو تفتحُ عملَ الشيطانِ)) وكيف لا؟ ولقد تنوعتْ أساليبُ أعداءِ المسلمين في محاولاتٍ شتَّى للقضاءِ على دينِنَا، ووجهُوا إلينَا ألوانًا مِن الأسلحةِ وغزُوا المسلمين مِن كلِّ جهةٍ، غزُوا المسلمينَ بالسلاحِ العسكرِي، غزوهُم بالسلاحِ الفكرِي، غزوهُم بالسلاحِ الخلقِي، غزوهُم بالسلاحِ العاطفِي، غزُوا المسلمينَ بالسلاحِ العسكرِي، فأعلنُوا الحربَ على المسلمينَ وشنُّوا الغارةَ عليهِم بأقوَى الأسلحةِ التي تمكنُهُم الفرصةُ مِن استعمالِهَا. وغزُوا المسلمينَ بالسلاحِ الفكرِي فأفسدُوا أفكارَهُم وعقائدَهُم إلّا مَن رحمَ اللهُ تعالى، يحاولُون تشكيكَ المسلمينَ في دينِهِم، وزعزعةَ العقيدةِ مِن قلوبِهِم بمَا ينشرونَهُ مِن كتبٍ ورسائلَ، وما يلقونَهُ مِن خطبٍ ومقالاتٍ بالطعنِ في الإسلامِ وقادتِهِ أحيانًا، وبتزيينِ ما هم عليهِ مِن الباطلِ أحيانًا أخرى، فإنْ اعتنقَ المسلمُ ما هُم عليهِ مِن الكفرِ والضلالِ فذلك غايةُ مناهُم وتمامُ رضاهُم، قال اللهُ تعالى وهو العالمُ بما تُخفِي صدورُهُم(وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءً [النساء:89]، وقالَ عالمُ الغيبِ والشهادةِ(( وَلَنْ تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلاَ ٱلنَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَآءَهُمْ بَعْدَ ٱلَّذِي جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) [البقرة:120].وغزُوا المسلمينَ بالسلاحِ الخلقِي، فنشرُوا بينَ المسلمينَ ما تفسدُ بهِ أخلاقهُم، نشرُوا فيهم ما يثيرُ الغرائزَ والشهوةَ إمّا بالأغانِي والألحانِ، وإمَّا بالكلماتِ الماجنةِ والقصصِ الخليعةِ، وإمَّا بالصورِ الفاتنةِ والمقاطعِ الإباحيةِ، حتى يصبحَ المسلمُ فريسةً لشهوتِه، يتحللُ مِن كلِّ خلقٍ فاضلٍ، وينزلُ إلى مستوى البهائِم، ولا يكونُ له همٌّ سوى إشباعِ غريزتِه مِن حلالٍ أو حرامٍ، وبذلك ينسَى دينَهُ ويهدرُ كلَّ فضيلةٍ، وينطلقُ مع شهواتِهِ ولذاتِهِ إلى غيرِ حدودٍ شرعيةٍ ولا عرفيةٍ فيتنكرُ للشرعِ والعادةِ. وغزُوا المسلمينَ بالسلاحِ العاطفِي: سلاحُ المحبةِ والعطفِ، فيتظاهرونَ بمحبةِ المسلمينَ والولاءِ لهُم والعطفِ عليهم ومراعاةِ مصالحِهِم حتى يغترَّ بهم مَن يغترُّ مِن المسلمين وتُنزَعُ مِن قلوبهِم العاطفةُ الدينيةُ فيميلونَ إلى هؤلاءِ الأعداءِ بالمودةِ والإخاءِ والقربِ والولاءِ وينسونَ قولَ اللهِ عزَّ وجلَّ(( يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُمْ مِّنَ ٱلْحَقِّ [الممتحنة:1]، وينسونَ قولَ اللهِ جلَّ وعلا(( لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ)) [المجادلة:22].فالحذرَ الحذرَ والحيطةَ الحيطةَ والإعدادَ الإعدادَ قبلَ فواتِ الأوانِ والندمِ على ما فاتَ.

العنصر الثاني من خطبة الجمعة للدكتور محمد حرز

ثانيًا: أمورٌ يجبُ الحذرُ منهَا!!

أيُّها السادةُ: هناك أمورٌ كثيرةٌ وعديدةٌ لا يتسعُ الوقتُ لذكرِهَا يجبُ الحذرُ منهَا قبلَ الهلاكِ والدمارِ والخزيِ والعارِ منهَا على سبيلِ المثالِ لا الحصرِ:

أولُهَا: حذرُ العبدِ مِن ذنوبِهِ ومعاصيهِ، فإنَّ للحسنةِ خيرًا وبركةً كمَا أنَّ للسيئةِ غضبًا مِن اللهِ ولعنةً، قال ابنُ عباسٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ : ((إنَّ لِلْحَسَنَةِ نُورًا في القَلْبِ، وضِياءً في الوَجْهِ، وقُوَّةً في البَدَنِ، وزِيادَةً في الرِّزْقِ، ومَحَبَّةً في قُلُوبِ الخَلْقِ، وإنَّ لِلسَّيِّئَةِ سَوادًا في الوَجْهِ، وظُلْمَةً في القَلْبِ ووَهَنًا في البَدَنِ، ونَقْصًا في الرِّزْقِ، وبُغْضَةً في قُلُوبِ الخَلْقِ، وهَذا يَعْرِفُهُ صاحِبُ البَصِيرَةِ، ويَشْهَدُهُ مِن نَفْسِهِ ومِن غَيْرِهِ))، وعلى العبدِ أنْ يحذرَ الذنبَ وأثرَ الذنبِ بعدَ ذلك، على مستوى الفردٍ وعلى مستوى الجماعةِ.على مستوى الفردِ يقولُ ربُّ العزةِ سبحانَهُ: (( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ))، وعلى مستوى الأمةِ، هلاكُ الأمةِ بمعاصِيهَا يكونُ، وصدقَ اللهُ العظيمُ: فأهلكنَاهُم بذنوبِهِم [الشورى:30]. عندما فتحَ المسلمونَ قبرصَ وسُبِيَ أهلُهَا، بكى أبو الدرداء ، قِيلَ له: أتبكِي في يومٍ أعزَّ اللهُ فيهِ الإسلامَ وأهلَهُ ؟! قال: (دعكَ مِن هذا، إنَّمَا أبكِي لهوانِ الخلقِ على اللهِ، فبينَمَا هي أمةٌ قاهرةٌ قادرةٌ، إذ عصتْ أمرَ ربِّهَا فصارتْ إلى ما ترَى) .

ومِن الحذرِ أيُّها الأخيارُ: أنْ يحذرَ العبدُ إمهالَ اللهِ واستدراجَهُ: إنَّ مِن أسماءِ اللهِ الحليم، كمَا أنَّ مِن أسماءِ اللهِ الصبور، كما أنَّ مِن أسماءِ اللهِ المنتقم، مِن حلمِ اللهِ عزَّ وجلَّ أنَّهُ لا يعجلُ العقوبةَ للظالمِ أو لغيرِهِ، قال النبيُّ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: ((إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ يُمْلِي لِلظّالِمِ، فإذا أخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، ثُمَّ قَرَأَ وكَذلكَ أخْذُ رَبِّكَ، إذا أخَذَ القُرَى وهي ظالِمَةٌ إنَّ أخْذَهُ ألِيمٌ شَدِيدٌ))، بل إنَّ اللهَ عزَّ وجلًّ ينعمُ على العاصِي حتى يوغلَ في المعصيةِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: “إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي العبدَ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى مَعاصيه مَا يُحِبُّ، فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاج”. ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾.

 ومِن الحذرِ أيُّها الأخيارُ: حذرُ العبدِ مِن نفسِه، وصفَ ربُّ العزةِ النفسَ فقالَ: (( وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ  ))[يوسف:53]، وقالَ النبيُّ المختارُ ﷺ: ((حُفَّتِ الجنَّةُ بالمكارِهِ وحُفَّتِ النَّارُ بالشَّهواتِ)).

ومِن الحذرِ أيُّها الأخيارُ حذرُ العبدِ مِن أهلهِ: مِن أنْ يحولُوا بينَهُ وبينَ طاعةِ اللهِ، كان عبدُ الرحمنِ بنُ مالكٍ الأشجعِي كلّمَا أرادَ الجهادَ قامتْ إليهِ زوجتُهٌ وولدُهُ يقولونَ لهُ: إلى مَن تتركُنَا، كيف لو قتلتَ؟، ماذا نفعلُ بالحياةِ مِن بعدِكَ؟ فيرقُّ لحالِهِم ويجلسُ ولا يجاهدُ، فأنزلَ ربُّ العزةِ قولَهُ: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ)) [التغابن:14]. عدوًّا لكُم يفعلونَ فعلَ العدوِّ في أنْ يحولُوا بينكُم وبينَ طاعةِ اللهِ سبحانَهُ، قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ))المنافقون:9، وليكنْ واضحًا في ذهنِكَ كيف يكونُ حالُ هؤلاءِ يومَ القيامةِ؟ يقولُ ربُّ العزةِ سبحانَهُ: (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ))[عبس:34-37].يقول عكرمة: (يلقَى الرجلُ زوجتَهُ يومَ القيامةِ يقولُ لهَا: أيّ زوجٍ كنتُ لكِ؟ تقولُ: نعمَ الزوجُ، فيقولُ لهَا: فإنِّي أسألُكِ حسنةً واحدةً أنجُو بهَا مِمّا أنَا فيهِ، فتقولُ لهُ: ما أيسرَ ما طلبت، ولكني أتخوفُ مِمّا تتخوف منه، أنا أخافُ عذابَ اللهِ كما أنَّكَ تخافُ، فتبخلُ عليهِ بالحسنةِ، يلقَى الوالدُ ولدَهُ يقولُ لهُ: أيّ والدٍ كنتُ لكَ؟ فيقولُ: نعمَ الوالدُ، فيقولُ: فإنٍّي أسألُكَ اليومَ حسنةً واحدةً أنجُو بها مِمّا أنَا فيه، فيقولُ: ما أيسرَ ما طلبت، ولكنِّي أتخوفُ مِمّا تتخوف منه). فمِن الغباءِ بمكانٍ أنْ يضيعَ العبدُ آخرتَهُ بدنيَا غيرِهِ.

ومِن الحذرِ أيُّها الأخيارُ: حذرُ العبدِ في صحبتِه: أوصانَا ربُّ العزةِ سبحانَهُ أنْ نصاحبَ الصالحينَ فقالَ: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )) [التوبة:119]. ورسولُ اللهِ عليهِ الصلاةُ والسلامُ يوضحُ لنَا أثرَ الصحبةِ الخيرةِ والفاسدةِ فيقولُ: (( إنَّما مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ، والْجَلِيسِ السَّوْءِ، كَحامِلِ المِسْكِ، ونافِخِ الكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ: إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ، وإمَّا أنْ تَبْتاعَ منه، وإمَّا أنْ تَجِدَ منه رِيحًا طَيِّبَةً، ونافِخُ الكِيرِ: إمَّا أنْ يُحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً))فإمَّا أنْ يوقعَكَ في مهلكةٍ وإمَّا أنَّكَ لن تسمعَ منهُ الكلمةَ الطيبةَ، وللهِ درُّ القائلِ:

احـذرْ عدوَّكَ مرةً و احذرْ صديقَكَ ألفَ مرة

                                         فلربَّمَا انقلبَ الصديقُ فكانَ أعلمَ بالمضـرةِ

تابع / خطبة الجمعة للدكتور محمد حرز

ومِن أعظمِ الحذَرِ -عبادَ الله-: الحذَرُ مِن مكرِ اللهِ -سبحانَهُ-؛ لأنَّ مَن أمِنَ مكرَ اللهِ هلَكَ وخسِرَ: (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) [الأعراف: 99.

ومِن الحذرِ أيُّهَا الأخيارُ: أنْ تحذرَ أعداءَ اللهِ جلَّ وعلا، قال جلَّ وعلا(( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا )) [المائدة:82].

يعطيكَ مِن طرفِ اللسانِ حلاوةً *** ويروغُ منك كما يروغُ الثعلبُ!
واعلمُوا يقينًا أنّ الصراعَ بينَ الحقِّ والباطلِ قديمٌ بقدمِ الحياةِ على ظهرِ الأرضِ، ولا يزالُ الإسلامُ العظيمُ منذُ أنْ ظهرَ فجرُهُ واستفاضَ نورُهُ إلى يومِنَا لا زالَ مستهدفًا مِن أعداءِ الإسلامِ، فأعداءُ الإسلامِ لا ينامون ليلًا ولا نهارًا يفكرون في هدمِ الإسلامِ وزعزعةِ المسلمين عن دينِهم ومعتقداتِهم ومقدساتِهم، ولا حولَ ولا قوةَ إلّا باللهِ، فأعداءُ الاسلامِ(لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ)[التوبة: 10) ولَا تَزَالُ الأُمَّةُ تُبْتَلَى بِأَحْدَاثٍ وَقَضَايَا، حَتَّى يُنْسِيَ آخِرُهَا أَوَّلَهَا، وَيُغَطِّيَ حَدِيثُهَا قَدِيمَهَا، وَصَدَقَ مَنْ قَالَ:

مَاذَا أَقُـولُ وَقَلْبِـي بَـاتَ يُعْتَصَـرُ؟   ***   مِمَّا يَدُورُ وَمَا يَجْرِي وَيَـنْفَـــــطِـرُ

مَـاذَا أَقُـولُ وَأَعْمَـاقِـي مُمَزَّقَــــةٌ؟   ***   وَالصَّمْتُ رَانَ كَأَنَّ الحَالَ يُحْتَضَـرُ

يَا عِبَادَ اللهِ: إِنَّ مَا يَجْرِي عَلَى أَرْضِ فِلَسْطِينَ جُرْحٌ عَظِيمٌ أَصَابَ الأُمَّةَ بِأَسْرِهَا، لِأَنَّ أَرْضَ فِلَسْطِينَ لَيْسَتْ مِلْكًا للفِلَسْطِينِيِّينَ وَحْدَهُمْ، بَلْ هِيَ للمُسْلِمِينَ جَمِيعًا، هِيَ أَمَانَةٌ في أَعْنَاقِهِمْ، فَهِيَ مِيرَاثُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. فكنْ على حذرٍ مِن أعداءِ الاسلامِ وترقبْ في كلِّ وقتٍ وحينٍ وقُلْ للدنيا كلِّهَا:

أنا مُسلمٌ والسِّلمُ فِي وِجْدَانِي *** سِلْمًا مِن الإرهابِ والعُدْوَانِ

رَبِّي السَّلامُ تقَدَّسَتْ أسمَاؤُهُ *** ذُو الفَضلِ والإكرامِ والإحسَانِ

أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لِي ولكُم

الخطبةُ الثانية: الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلَّا لهُ وبسمِ اللهِ ولا يستعانُ إلَّا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ …………………… وبعدُ

العنصر الثالث من خطبة الجمعة للدكتور محمد حرز

ثالثــــًا وأخيرًا: كنْ حذرًا يقظًا قبلَ فواتِ الأوانِ!!!!

أيُّها السادة: الدنيا مُلهيةٌ غرَّارةٌ، يتقلَّبُ المرءُ فيها بينَ خيرٍ وشرٍّ، وفرحٍ وترَحٍ، وغِنًى وفقرٍ، ونصرٍ وهزيمةٍ.أيامُها دُول، ولياليها حُبلَى بما لا يدري ما اللهُ كاتِبٌ فيها، إن سَرَّ زمنٌ فيها ساءَتْهُ أزمانٌ أُخرى، يومٌ لك، ويومٌ عليك(وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس )آل عمران: 140.فلا تغترْ بالدنيا وشهواتِهَا ولذاتِهَا وكُنْ حذرًا منها ومِن سرعةِ تقلبِهَا بأهلِهَا جاء في بعضِ الآثارِ أنَّ صحفَ نبِيِّ اللهِ موسَى كانت كلُّهَا مواعظَ وعبرَ ، ومِمّا جاءَ فيهَا : عَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ ، ثُمَّ هُوَ يَفْرَحُ ، وَعَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالنَّارِ ، ثُمَّ هُوَ يَضْحَكُ ، وَعَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْقَدَرِ ثُمَّ هُوَ يَنْصَبُ [ أي يتعب ] ، عَجِبْتُ لِمَنْ رَأَى الدُّنْيَا وَتَقَلُّبَهَا بِأَهْلِهَا ، ثُمَّ اطْمَأَنَّ إِلَيْهَا ، وَعَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْحِسَابِ غَدًا ثُمَّ لاَ يَعْمَلُ.

انظروا يا سادة إلى حسانِ بنِ سنانٍ لما نامَ على  فراشِ الموتِ قالوا كيف تَجِدُكَ؟ قال: بخيرٍ أنْ نجوتُ مِن النارِ .فقال ماذا تشتهِي؟ قال: ليلةً أُحيي ما بينَ طرفَيهَا، بماذا؟ بالجلوسِ أمامَ المسلسلاتِ بالجلوسِ أمامَ الأفلامِ والمصارعةِ كلا أُحيي ما بينَ طرفَيهَا بذكرِ اللهِ تباركَ وتعالى . بل هذا هو عامرُ بنُ قيسٍ لما نامَ على  فراشِ الموتِ أخذَ يبكي قالوا: ما يُبكيكَ ؟ قال ثلاثةَ أشياءٍ: ليلةً نمتُها،, يا ربِّ سلم، وساعةً غفلتُ عنها ,ويومًا أفطرتُهُ،  يا ربِّ سلمْ.

دَقَّاتُ قلبِ المرءِ قائلةٌ  له***إنَّ الحياةَ  دقائقٌ وثواني

فارفعْ لنفسِكَ بعدَ موتِكَ ذكرَهَا ***فالذكرُ للإنسانِ عُمرٌ ثاني

لكنْ إياكَ  أنْ يحولَ طولُ الأملِ بينك وبينَ طاعةِ مولاكَ حينئذٍ ( ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) لذا حذرَ النبيُّ ﷺ مِن حديثِ ابنِ عمرَـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ   كما في صحيحِ البخاريِ: ( كنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ )وَكَانَ ابْنُ عُمَرَـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ   يَقُولُ: إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرْ الصَّبَاحَ وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرْ الْمَسَاءَ وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ) رواه البخاري) وروى عن علىٍّ بنِ أبى طالبٍـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ  أنّه قال :  اعملْ لدنياكَ كأنَّك تعيشُ أبدًا واعملْ لأخرتِكَ كأنَّكَ تموتُ غدًا .يفكرُ الإنسانُ أنْ سيخلدَ أنّه لا يزالُ صغيرًا , لا يزالُ صحيحًا  وهو لا يدري كم مِن صحيحٍ ماتَ لا مِن علةٍ وكم مِن مريضٍ عاشَ حينًا مِن الدهرِ وصدقَ النبيُّ ﷺ  إذ يقولُ كما في حديثِ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ : “يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ وَتَبْقَى مِنْهُ اثْنَتَانِ الْحِرْصُ وَالْأَمَلُ رواه أحمد

يا مَن بدنياهُ اشتغلْ … وغره طولُ الأمل

ولم يزلْ في غفلةٍ … حتى دنَا منه الأجل

الموتُ يأتي بغتةً … والقبرُ صندوقُ العمل

تابع / خطبة الجمعة للدكتور محمد حرز

فالحذرَ الحذرَ قبلَ فواتِ الأوانِ قالَ جلَّ وعلا(يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) آل عمران: 30. فالحيطةَ الحيطةَ قبلَ الندمِ على ما فات، والبدارَ البدارَ قبلَ فواتِ الأوانِ، البدارَ البدارَ قبلَ الندمِ والحسرةِ على ما فاتَ، فأصلحْ بالتوبةِ ما هو آتٍ، واندمْ يا مسكينُ على  ما فات، واستعدْ لليومِ الثقيلِ والهولِ الكبيرِ والخطبِ الجليلِ  والعذابِ الشديدِ، آهٍ لنفسٍ لا تعقلُ آمرَهَا ثم جهلتْ قدرَهَا وتُضَيِّعُ في المعاصِي عمرَهَا  وللهِ درُّ عليٍّ بنِ أبِي طالبٍ رضى اللهُ عنهُ.

النَفسُ تَبكي عَلى الدُنيا وَقَد عَلِمَت****إِنَّ السَلامَةَ فيها تَركُ ما فيها

لا دارَ لِلمَرءِ بَعدَ المَوتِ يَسكُنُها****إِلّا الَّتي كانَ قَبلَ المَوتِ بانيها

فَإِن بَناها بِخَيرٍ طابَ مَسكَنُها****وَإِن بَناها بَشَرٍّ خابَ بانيها

أَموالُنا لِذَوي الميراثِ نَجمَعُها****وَدورُنا لِخرابِ الدَهرِ نَبنيها

كَم مِن مَدائِنَ في الآفاقِ قَد بُنِيَت***أًمسَت خَراباً وَدانَ المَوتُ دانيها

لا تركنَنّ إلى الدنيا وما فيها****فالموتُ لا شكَّ يُفنينا ويُفنيها

حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كيدِ الكائدين، وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.

كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه

 د/ محمد حرز

 إمام بوزارة الأوقاف

_______________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »
error: Content is protected !!