خطبة الجمعة للدكتور خالد بدير : هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) في بيان منزلة الشهادة والشهداء
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) في بيان منزلة الشهادة والشهداء ، للدكتور خالد بدير ، بتاريخ 11 ربيع أول 1444هـ ، الموافق 7 أكتوبر 2022م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 7 أكتوبر 2022م ، للدكتور خالد بدير : هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) في بيان منزلة الشهادة والشهداء:
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 7 أكتوبر 2022م ، للدكتور خالد بدير: هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) في بيان منزلة الشهادة والشهداء ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 7 أكتوبر 2022م ، للدكتور خالد بدير : هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) في بيان منزلة الشهادة والشهداء ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
عناصر خطبة الجمعة القادمة 7 أكتوبر 2022م ، للدكتور خالد بدير : هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) في بيان منزلة الشهادة والشهداء : كما يلي:
أولًا: فضلُ الشهادةِ في سبيلِ اللهِ والحثُّ على طلبِهَا
ثانيًا: منزلةُ الشهداءِ عندَ ربِّهِم
ثالثًا: استحبابُ تمنِّي الشهادة في سبيلِ اللهِ
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 7 أكتوبر 2022م ، للدكتور خالد بدير: هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) في بيان منزلة الشهادة والشهداء : كما يلي:
خطبةٌ بعنوان: هديُ النبيِّ ﷺ في بيانِ منزلةِ الشهادةِ والشهداءِ
بتاريخ: 11 ربيع الأول 1444هـ – 7 أكتوبر 2022م
المـــوضــــــــــوعُ
الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ وأنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ، أمَّا بعدُ:
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة
أولًا: فضلُ الشهادةِ في سبيلِ اللهِ والحثُّ على طلبِهَا
نحنُ نعيشُ اليوم ذكرتينِ عزيزتينِ كريمتينِ علينَا، الأولَى:
ذكرى ميلادِ المصطفَى ﷺ، الذي جاءَ ميلادُهُ نورًا وهدىً للبشريةِ جمعاء، والذي تمنَّى الشهادةَ في سبيلِ اللهِ مراتٍ ومراتٍ عديدةً كمَا سيأتِي مفصلًا.
والذكرى الثانيةُ:
هي ذكرَى نصرِ أكتوبر المجيد، وقد أكرمَ اللهُ – عزَّ وجلَّ – جنودَنَا البواسلَ بالحسنيينِ :
النصرِ والشهادةِ في سبيلٍ اللهِ لمَن لقيَ اللهَ – عزَّ وجلَّ – في هذا اليومِ الأغرِّ
ومِن المعلومِ أنَّ لذةَ الشهادةِ في سبيلِ اللهِ لا يحصرُهَا قلمٌ، ولا يصفُهَا لسانٌ، ولا يحيطُ بها بيانٌ، وهي الصفقةُ الرابحةُ بينَ العبدِ وربِّهِ، قالَ تعالَى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ }[التوبة:111].
فالمشترِى هو اللهُ، والثمنُ الجنة، ولهذا كان الصحابةُ رضي اللهُ عنهم يتسابقونَ إلى الشهادةِ في سبيلِ اللهِ، لِمَا لها مِن هذه المكانةِ العظيمةِ، فهذا حنظلةُ تزوَّجَ حديثًا وقد جامعَ امرأتَهُ في الوقتِ الذي دعَا فيهِ الداعِي للجهادِ، فخرجَ وهو جنبٌ ليسقطَ شهيدًا، فيراهُ النبيُّ بيدِ الملائكةِ تغسلهُ، ليُسمَّى بغسيلِ الملائكةِ.
وهذا مثالٌ آخرٌ لطلبِ الشهادةِ، ففِي غزوةِ بدرٍ، قالَ ﷺ لأصحابِهِ :
” قومُوا إلى جنَّةٍ عرضُها السَّمَواتُ والأرضُ، فقالَ عميرُ بنُ الحمامِ الأنصاريُّ: يا رسولَ اللهِ، جنَّةٌ عرضُها السَّمواتُ والأرضُ؟ قال: نعَم ، قال: بخٍ بخٍ ، فقالَ رسولُ اللهِ وما يحملُكَ علَى قولِ بخٍ بخٍ؟ قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ، إلَّا رجاءَ أن أَكونَ من أَهلِها ؟ قال: فإنَّكَ من أَهلِها . . . فأخرجَ تمراتٍ من قرنِهِ، فجعلَ يأْكلُ منْهنَّ. ثمَّ قال:
لئِن أنا حييتُ حتَّى آكلَ تمراتي هذِهِ إنَّها حياةٌ طويلةٌ ، فرمى ما كانَ معَهُ منَ التَّمرِ ثم قاتَلَهم حتَّى قُتلَ َ “. ( مسلم ).
وهذا أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ تَغَيَّبَ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ وَقَالَ:
تَغَيَّبْتُ عَنْ أَوَّلِ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ النَّبِيُّ ﷺ، وَاللَّهِ لَئِنْ أَرَانِي اللَّهُ قِتَالًا لَيَرَيَنَّ مَا أَصْنَعُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ وَأَقْبَلَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ يَقُولُ: أَيْنَ؟! أَيْنَ؟! فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ دُونَ أُحُدٍ قَالَ:
فَحَمَلَ فَقَاتَلَ , فقُتِلَ فَقَالَ سَعْدٌ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَطَقْتُ ما أطاق فقالت أخته: والله ما عرفت أَخِي إِلَّا بِحُسْنِ بَنَانِهِ فَوُجِدَ فِيهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ جِرَاحَةً ضَرْبَةُ سَيْفٍ وَرَمْيَةُ سَهْمٍ وَطَعْنَةُ رُمْحٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23] ( ابن حبان ).
وإذا كانَ اللهُ أنعمَ عليكَ بالصحةِ فهذا مثالٌ لصحابيٍّ أعرج رُخِّصَ لهُ في عدمِ الخروجِ ومع ذلك خرجَ لطلبِ الشهادةِ
ألَا وهو عمروُ بنُ الجموحِ رضي اللهُ عنه كان شيخًا مِن الأنصارِ أعرج، فلمَّا خرجَ النبيُّ ﷺ إلى غزوةِ بدرٍ قال لبَنِيهِ : أخرجونِي ( أي للقتالِ ) فذُكرَ للنبيِّ ﷺ عرجُهُ ، فأذنَ له في البقاءِ وعدمِ الخروجِ للقتالِ، فلمَا كان يومُ أحدٍ خرجَ الناسُ للجهادِ ، فقالَ لبنِيهِ أخرجونِي !! فقالُوا له : قد رخصَّ لك رسولُ اللهِ ﷺ في عدمِ الخروجِ للقتالِ، فقالَ لهم هيهاتَ هيهاتَ!! منعتمونِي الجنةَ يومَ بدرٍ والآن تمنعونيهَا يومَ أحدٍ!!
فأبَى إلّا الخروجَ للقتالِ، فأخرجَهُ أبناؤهّ معهم ، فجَاءَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ قُتِلَ الْيَوْمَ دَخَلَ الْجَنَّةَ؟ قَالَ:(نَعَمْ) قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أرجعُ إِلَى أَهْلِي حَتَّى أَدْخُلَ الْجَنَّةَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا عَمْرُو! لَا تَألَّ عَلَى اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ” مَهْلًا يَا عُمَرُ! فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَّره، مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ يَخُوضُ فِي الجنة بعرجته” (صحيح ابن حبان ) .
وغيرُ ذلك مِن المواقفِ الكثيرةِ، والتي لا يتسعُ المقامُ لذكرِهَا .
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة
ثانيًا: منزلةُ الشهداءِ عندَ ربِّهِم
إنّ ثمراتِ الشهادةِ وكراماتِ ومنازلَ الشهداءِ كثيرةٌ في الدنيا والآخرةِ، وقد جمعَ الرسولُ ﷺ بعضًا منها في حديثِهِ النبويِّ الشريفِ، فعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ :” لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللهِ سِتُّ خِصَالٍ : يَغْفِرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دُفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ ، وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَيَأْمَنُ مِنَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ ، وَيُحَلَّى حُلَّةَ الإِيمَانِ ، وَيُزَوَّجُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ ، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ إِنْسَانًا مِنْ أَقَارِبِهِ”. (أحمد وابن ماجة والترمذي وصححه).
ومن هذه المنازلِ والكراماتِ أيضًا:
الحياةُ بعد الاستشهادِ مباشرة : قال تعالى: { وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لاَ تَشْعُرُونَ} ( البقرة: 154)، وقال تعالى: { وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } ( آل عمران : 169 ) .
وهذه هي صفةُ الحياةِ الأولَى فهُم أحياءٌ أولًا بهذا الاعتبارِ الواقعِي في دنيا الناسٍ، ثم هُم أحياءٌ عندَ ربِّهِم باعتبارٍ آخر لا ندرِي عن كنههِ، وحسبُنَا إخبارُ اللهِ تعالَى بهِ {أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لاَ تَشْعُرُونَ}، لأنَّ كنهَ هذه الحياةِ فوقَ إدراكِنَا البشرِى القاصرِ المحدودِ لكنَّهُم أحياءٌ، ومَن ثم لا يُغسلونَ كما يُغسلُ الموتَى، ويُكفنونَ في ثيابِهِم التي استشهدُوا فيها، فالغسلُ تطهيرٌ للجسدِ، وهم أطهارٌ بمَا فيهِم مِن حياةٍ، وثيابُهُم في الأرضِ ثيابُهّم في القبرِ لأنَّهُم بعدُ أحياء.
والحياةُ ليستْ قاصرةً على الروحِ فقط، بل تشملُ حياةَ الأجسادِ وحفظهَا مِن التآكلِ والعفنِ، فقد رُوي:
” عَن عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ وَعَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو، الْأَنْصَارِيَّيْنِ، ثُمَّ السَّلَمِيَّيْنِ، كَانَا قَدْ حَفَرَ السَّيْلُ قَبْرَهُمَا، وَكَانَ قَبْرُهُمَا مِمَّا يَلِي السَّيْلَ، وَكَانَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، وَكَانَا مِمَّنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَحُفِرَ عَنْهُمَا لِيُغَيَّرَا مِنْ مَكَانِهِمَا، فَوُجِدَا لَمْ يَتَغَيَّرَا، كَأَنَّمَا مَاتَا بِالْأَمْسِ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا قَدْ جُرِحَ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جُرْحِهِ، فَدُفِنَ وَهُوَ كَذلِكَ، فَأُمِيطَتْ يَدُهُ عَنْ جُرْحِهِ، ثُمَّ أُرْسِلَتْ، فَرَجَعَتْ كَمَا كَانَتْ.
وَكَانَ بَيْنَ أُحُدٍ، وَبَيْنَ يَوْمَ حُفِرَ عَنْهُمَا، سِتٌّ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً”.( موطأ مالك) . وروى أنَّ ” أبَا طَلْحَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- غَزَا البَحْرَ فَمَاتَ، فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ جَزِيْرَةً يَدْفِنُوْنَهُ فِيْهَا إلَّا بَعْدَ سَبْعَةِ أيامٍ فَلَم يَتَغَيَّر”. ( سير أعلام النبلاء للذهبي).
ومنها: أنَّ الشهيدَ يأتي يومَ القيامةِ اللونُ لونُ الدمِ والريحُ ريحُ المسكِ:
فعن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قال: قال صلى اللهُ عليه وسلم: ” وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ؛ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ. ” (البخاري).
ومنها: أنّ الشهيدَ في الفردوسِ الأعلى:
فهذه أمُّ حارثةَ أتتْ النبيَّ ﷺ فقالت:
” يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَلَا تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ؟ وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ؛ فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ. قَالَ: يَا أُمَّ حَارِثَةَ إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ؛ وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى.”(البخاري)
ومنها : أنّ الشهيدَ لا يشعرُ بألمِ القتلِ وسكراتِ الموتِ :
وفي ذلك يقولُ رسولُ اللهِ ﷺ:
” ما يجدُ الشهيدُ من مسّ القتلِ إلا كما يجدُ أحدُكم مِن مسِّ القرصةِ” .
هذه هي كراماتُ الشهداءِ ومنازلهُم عندَ ربِّهم في الآخرةِ.
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة
ثالثًا: استحبابُ تمنِّي الشهادة في سبيلِ اللهِ
يُستحبُّ للعبدِ أنْ يتمنَى الشهادةَ وأنْ يطلبَهَا مِن اللهِ في كلِّ وقتٍ وحينٍ، ولأنَّ فضلَ الشهادةِ عظيمٌ فقد تمنىَّ ﷺ الشهادةَ مقسمًا فقال: ” وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ.” ( متفق عليه ).
يقولُ ابنُ بطالٍ:
” فيه فضلُ الشهادةِ على سائرِ أعمالِ البرِّ؛ لأنَّهُ ﷺ تمنّاهَا دونَ غيرِها، وذلك لرفيعِ درجتِهَا، وكرامةِ أهلِها لأنّ الشهداءَ أحياءٌ عند ربِّهم يرزقون، وذلك واللهُ أعلمُ لسماحةِ أنفسِهم ببذلِ مهجَتِهم في مرضاةِ اللهِ وإعزازِ دينِه، ومحاربةِ مَن حادهُ وعاداهُ، فجازَاهُم بأن عوضَّهم مِن فَقْدِ حياةِ الدنيا الفانيةِ الحياةَ الدائمةَ في الدارِ الباقيةِ، فكانتْ المجازاةُ مِن حُسنِ الطاعةِ.”أ.ه
ولذلك قال ﷺ: ” مَا أَحَدٌ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَلَهُ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا الشَّهِيدُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى مِنْ الْكَرَامَةِ .” (البخاري).
ولهذا تمنَّى عبدُاللهِ – والدُ جابرٍ رضي اللهُ عنهما
والذي استشهدَ في غزوةِ أحدٍ – الرجوعَ إلى الدنيا ليقتلَ في سبيلِ اللهِ مرةً أُخرى؛ لمَا يراهُ مِن النعيمِ! فعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ : ” لَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ يَوْمَ أُحُدٍ ، لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : يَا جَابِرُ ، مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا ؟ قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، اسْتُشْهِدَ أَبِي ، وَتَرَكَ عِيَالاً وَدَيْنًا ، قَالَ : أَفَلاَ أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ ؟ قَالَ :
بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلاَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ، وَكَلَّمَ أَبَاكَ كِفَاحًا ، فَقَالَ : يَا عَبْدِي ، تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ ، قَالَ : يَا رَبِّ تُحْيِينِي ، فَأُقْتَلُ فِيكَ ثَانِيَةً ، فَقَالَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ : إِنَّهُ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لاَ يَرْجِعُونَ ، قَالَ : يَا رَبِّ ، فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي ، قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}.( ابن ماجة والترمذي وحسنه).
فينبغي لك – يا عبدَاللهِ- أنْ تسألَ اللهَ الشهادةَ
وتتمني الشهادةَ بصدقٍ وبنيةٍ خالصةٍ، يقول ﷺ:
” مَن سأَل الشَّهادَةَ بصِدقٍ ، بلَّغَه اللهُ مَنازِلَ الشُّهَداءِ ، وإنْ مات على فِراشِه “. ( مسلم ).
يقولُ الإمامُ النوويُّ:
” معناه :
أنَّه إذا سألَ الشهادةَ بصدقٍ أُعطيَ مِن ثوابِ الشهداءِ، وإنْ كانَ على فراشهِ . وفيه:
استحبابُ سؤالِ الشهادةِ، واستحبابُ نيةِ الخيرِ . “. (شرح مسلم ).
لذلك كان عمرُ رضيَ اللهُ عنهُ يقولُ في دعائِه :
” اللهمَّ ارزقْنِي شهادَةً في سبيلِكَ ، واجعلْ موتِي في بلَدِ رسولِكَ – صلى الله عليه وسلم -.” ( البخاري)،
وفي رواية للطبراني عَنْ حَفْصَةَ ابْنَةِ عُمَرَ قَالَتْ:
سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ قَتْلًا فِي سَبِيلِكَ، وَوَفَاةً فِي بَلَدِ نَبِيِّكَ» قُلْتُ:
وَأَنَّى يَكُونُ هَذَا؟ قَالَ: «يَأْتِي بِهِ اللَّهُ إِذَا شَاءَ».
وفي فتح الباري:
” عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ رَأَى رُؤْيَا فِيهَا أَنَّ عُمَرَ شَهِيدٌ مُسْتَشْهَدٌ، فَقَالَ لَمَّا قَصَّهَا عَلَيْهِ:
أَنَّى لِي بِالشَّهَادَةِ وَأَنَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ لَسْتُ أَغْزُو وَالنَّاسُ حَوْلِي؟! ثُمَّ قَالَ: بَلَى يَأْتِي بِهَا الله إِن شَاءَ “.
ولأنَّ سيدَنَا عمرَ بنَ الخطابِ رضي اللهُ عنه تمنَّى الشهادةَ بصدقٍ،
استجابَ اللهُ دعاءَهُ،
ورزقَهُ اللهُ الشهادةَ،
ودُفنَ بجوارِ المصطفَي ﷺ.
وسببُ استشهادهِ أنْ طعنَهُ أبو لؤلؤةَ المجوسِي وهو خارجٌ لصلاةِ الفجرِ
ولمَّا أفاقَ رضي اللهُ عنه سألَ مَن الذي طعننِي؟ فقيلَ لهُ:
أبو لؤلؤةَ المجوسِي! فقال:
«الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ قَتْلِي عَلَى يَدَيْ عَبْدٍ قَدْ سَجَدَ لَكَ سَجْدَةً يُحَاجُّنِي بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ».( الاستيعاب لابن عبد البر).
وفي الختامِ نُصلِّى على النبيِّ ﷺ صاحبِ الذكرَى العطرةِ
وتحيةً عطرةً لأرواحِ شهداءِ حربِ أكتوبر المجيدةِ
الذين ضحُّوا بأنفسِهِم وأرواحِهِم في الدفاعِ عن أرضِنَا ومقدساتِنَا
فهذا اليومُ يومُ برٍّ وفاءٍ.
نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا عيشَ السعداءِ، وميتةَ الشهداءٍ
ومرافقةَ الأنبياءِ،،
الدعاء،،،،،،،
وأقم الصلاة،،،،،
كتب خطبة الجمعة القادمة
: خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف