خطبة الجمعة فريدة ومميزة: يا باغي الخير أقبِل ، خطبة صوت الدعاة
للشيخ محمد القطاوى، بتاريخ 29 شعبان 1446 هـ ، الموافق 28 فبراير 2025م

خطبة الجمعة بعنوان : يا باغي الخير أقبِل ، للشيخ محمد القطاوى، بتاريخ 29 شعبان 1446 هـ ، الموافق 28 فبراير 2025م.
تحميل خطبة الجمعة القادمة 28 فبراير 2025م ، للشيخ محمد القطاوى بعنوان : يا باغي الخير أقبِل :
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 28 فبراير 2025م ، للشيخ محمد القطاوى بعنوان : يا باغي الخير أقبِل ، بصيغة word أضغط هنا.
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 28 فبراير 2025م ، للشيخ محمد القطاوى بعنوان : يا باغي الخير أقبِل ، بصيغة pdf أضغط هنا.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 28 فبراير 2025م ، للشيخ محمد القطاوى ، بعنوان : يا باغي الخير أقبِل : كما يلي:
أولًا: فضل الشهر الكريم
ثانياً : يا باغي الخير أقبل.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 28 فبراير 2025م ، الشيخ محمد القطاوى ، بعنوان : يا باغي الخير أقبِل : كما يلي:
﴿ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ﴾
لفضيلة الشيخ محمد القطاوى
بتاريخ 29 شعبان 1446 هـ، الموافق 28 فبراير 2025 م.
الحمد لله الذي زين قلوب أوليائه بأنوار الوفاق، وسقى أسرار أحبائه شرابًا لذيذ المذاق، وألزم قلوب الخائفين الوجَل والإشفاق، فلا يعلم الإنسان في أي الدواوين كتب ولا في أيِّ الفريقين يساق، فإن سامح فبفضله، وإن عاقب فبعدلِه، ولا اعتراض على الملك الخلاق.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، إلهٌ عزَّ مَن اعتز به فلا يضام، وذلَّ مَن تكبر عن أمره ولقي الآثام.
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمدًا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، خاتم أنبيائه، وسيد أصفيائه، المخصوص بالمقام المحمود، في اليوم المشهود، الذي جُمع فيه الأنبياء تحت لوائه.
آياتُ أحمدَ لا تحدُّ لواصف ولوَ انَّه أُمليْ وعاش دهورَا
بشراكمُ يا أمة المختار في يوم القيامة جنة وحريرَا
فُضِّلتمُ حقًّا بأشرف مرسَل خير البرية باديًا وحضورَا
صلى عليه الله ربي دائمًا ما دامت الدنيا وزاد كثيرَا
وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه، وتمسَّك بسنته، واقتدى بهديه، واتَّبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ونحن معهم يا أرحم الراحمين.
ثم أما بعد:
أخوة الإيمان والإسلام : نلتقي مع نفحة من نفحة ربنا ونداء الهي شرفت به الأمة المحمدية بعنوان ﴿ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ﴾
عناصرُ الخطبة :
أولًا: فضل الشهر الكريم
ثانياً : يا باغي الخير أقبل.
أخوة الإيمان والإسلام: إن لربكم في أيام دهركم لنفحات الا فتعرضوا لها فما أجمل أن يتعرض المسلم لنفحات ربه وعطاياه تلك النفحات التي تعلن عن محبة الله لعباده محبة عظيمة جعلته سبحانه يجدد لعباده مواسم النفحات والرحمات وما ذلك الا لانه سبحانه يريد العباد دوما في رحابه فنحن علي أعتاب نفحة من نفحات ربنا وعطية من عطاياه نستقبل ضيفا عزيزا لطالما اشتاقت نفوسنا الي ايامه ولياليه ولأنه الله سبحانه يحب عباده فيناديهم نداءا عظيما في كل ليلة من ليالي رمضان ” يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ ، ويَا بَاغِيَ الْشرِ أقصِر“.
تلك نعمة من نعم الله عليك موسم من أعظم مواسمِ الخيرِ والطاعةِ والبركاتِ، شهرٌ كريمٌ تُضاعفُ فيهِ الحسناتُ وتُمحَى فيهِ السيئاتُ، وتُجزَلُ فيهِ الهباتُ، وتُرجَى فيهِ المغفرةُ والغفران، ضيف كريم ينتظره المسلمون انتظار المحب لحبيه مِن السنةِ إلى السنةِ؛ طمعًا في الرحمةِ والمغفرةِ والرضوانِ والعتقِ مِن النيرانِ، فتعالو لنهئ أنفسنا وقلوبنا وأرواحنا لاستقبالِ هذا الشهرِ الكريمِ وهذا الموسمُ العظيمُ أنَّهُ ربيعُ أمةِ سيدِ النبيينَ ﷺ، فرمضانُ فرصةً للعابدينَ، ورمضانُ يرفعَ في الجنةِ درجاتِ المحبين، ورمضانُ يغسلَ ذنوبَ التائبينَ النادمينَ
يا أيها العبد قم لله مجتهداً وانهض كما نهضتْ من قَبلِك السعدا
هذه ليالي الرضا وافَتْ وأنت على فعل القبيح مُصِرَّاً ما جلوتَ صدا
قم فاغتنم شهرا تحيا النفوسُ به ومثله لم يكن في فضله أبدا
طوبى لمن بالروح والقلب أدركه ونال منه الذي يبغيه مجتهدا
أولًا: فضل الشهر الكريم
إخوة الإيمان والإسلام : ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا ابن آدم أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني فإني لا أعود إلى يوم القيامة فالوقت هو رأس مال العبد الذي يتاجر فيه مع الله، ويطلب به سعادة الدنيا والآخرة، وبقدر ما يفوت من هذا الوقت في غير طاعة وقربة بقدر ما يضيع على العبد من السعادة في الآخرة، وهذا الوقت ـ والله ـ أغلى من الذهب والفضة؛ فإنه لا يشترى بمال ولا يسترجع بالآمال.. ولا والله ما كان لمسلم أن يضيع ساعة من وقته ولا لحظة من عمره هباءً؛ وكل شيء في دينه يدعوه إلى حسن استغلال الوقت والانتفاع به. ولنا في انقضاء الأيام عبرة لمن كان له قلب فما أسرع عجلة الزمان فهاهي الأيام تمرُّ سريعةً وكأنَّهَا لحظاتٌ وما أشبه الليلة بالبارحة..ويكأننا بالأمس كنت نستقبل رمضان ثم ودعناه ومر بعده عام وكأنه مجرد أيام وما هي إِلّا أشهرٌ مرَّتْ كساعاتٍ .. فإذَا بنَا نقف علي أعتابه مرة ثانية لنستقبله ..وفي الأذهان تساؤلات كم من عزيز وحبيب كان معنا في رمضان الماضي بل في كم من عزيز أدرك معنا رمضان أعواما وأعواما .ولم يكتب له استقبال نفحات الله هذا العام بعدما توسد التراب وصار من أهل القبور ينتظرالبعث والنشور .. ينتظرونَ البعثَ والنشورَ ..هل سنستقبله نحن ام سنلحق بمن سبقونا هل سيكون هو اخر رمضان ام ان له فينا عودة بعد عودة حتي يحين الأجل الا توقظنا هذه التساؤلات من الغفلة التي خيمت علي القلوب لتعيدنا الي رحاب ربنا ،إنَّ إدراكنَا لرمضانَ .. نعمةٌ ربانيةٌ .. ومنحةٌ إلهيةٌ ..فهو بشرَى .. تساقطتْ لهَا الدمعاتُ .. وانسكبتْ العبراتُ ..إنه رمضان قد أقبلَ بفضائلهِ ، و فوائدهِ ، و نفحاتهِ …ولياليه العامرة بالطاعة والأعمال التي تقرب العبد من ربه ، جاء رمضانُ ليحي القلوب من جديد بعد فتوروخمول وكسل ؛ جاء رمضان و المسلمونَ يتشوقونَ إلى صيامِ نهارهِ و قيامِ ليلهِ ..جاء رمضان يفتح أبوابه للتائبين وينادي علي العابدين يا باغي الخير اقبل ويحذر الغافلين ويباغي الشر أقصرجاء ولسان حاله يقول
يا ذَا الذي ما كفاهُ الذنبُ في رجبٍ *** حتَّى عصَى ربَّهُ في شهرِ شعبانَ لقد أظلَّكَ شهرُ الصومِ بعدهُمَا *** فلا تُصَيِّرْهُ أيضًا شهرَ عصيان واتلُ القُرَآنَ وسبحْ فيهِ مجتهدًا *** فإنَّه شهرُ تسبيحٍ وقرآنِ
كمْ كنتَ تعرفُ مِمَن صامَ في سَلَفٍ *** من بينِ أهلٍ وجيرانٍ وإخوانِ
أفناهمُ الموتُ واستبقاكَ بعدهمُ*** حَيًّا فما أقربَ القاصِي مِن الدانِي
يا رَمَضان، إنّ يومَ إقبالك لهوَ يومٌ تتفتح له قلوبُنا وصدورُنا، وتمتليء فيه نفوسنا غبطةً وأمَلاً، نستبشر بعودةِ فضائِك الطاهر الذي تسبَح به أرواحُنا بعد جفافِها وركودِها، نستبشر بساعةِ صلحٍ مع الطاعاتِ بعدَ طول إعراضِنا وإباقنا، أعاننا الله على بِرِّك ورفدِك، فكم تاقت لك الأرواحُ وهفَت لشدوِ أذانِك الآذانُ وهمَت سحائبُك الندِيّة هتّانةً بالرّحمة والغفران .
فعن فضائله حدث ولا حرج فهو سيِّد الشهور وخيرُها، وهو موسم الطاعات وشهر الخيرات وهو شهر تضاعف فيه الحسنات وتغفر فيه الزلات فمن صامه وقامه غفِر له ما تقدَّم من ذنبِه، فيه ليلةٌ هي خيرٌ من ألفِ شهر، وقد ثبت في الصحيحَين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مَن صام رمَضان إيمانًا واحتسابًا غفِر له ما تقدَّم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفِر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلةَ القدر إيمانًا واحتسابًا غفِر له ما تقدَّم من ذنبه .
فالمؤمنُ يفرحُ بقدومِ شهرِ رمضانَ، لانه يستشعر فضل الله عليه وتجلياته ونفحاته ورحماته التي تغمر العباد في كل لحظة من لحظاته {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} قالَ ابنُ رجب رحمه اللهُ : وكيفَ لا يُبشّرُ المؤمنُ بفتحِ أبوابِ الجنانِ؟ وكيفَ لا يُبشّرُ المذنبُ بغلقِ أبوابِ النيرانِ؟ وكيفَ لا يُبشّرُ العاقلُ بوقتٍ يُغلُّ فيه الشيطانُ، ومِن أينَ يشبهُ هذا الزمانُ زمانَ؟ ففضلُ رمضانَ عظيمٌ، فهو شهرُ الطاعاتِ، شهرُ الرحماتِ، شهرُ المغفرةِ، شهرُ العتقِ مِن النارِ، شهرٌ لهُ طابعٌ خاصٌّ في قلوبِ المؤمنينَ الموحدينَ باللهِ جلَّ وعلا.
اما الذي غرق في ملذات الحياة وزخارفها فلا معروف يعرف ولا منكر ينكر فهو المنافقُ الذي يتأذًّي كلَّ الأذَى بقدومِ شهرِ رمضانَ، لماذِا لأنه يري في شهر رمضان حرمانا من المعاصي الغارق فيها ليل نهار فيستثقل صيامه وقيامه فهو المحروم من الخيرات والنفحات وهو المطرود من الرحمات وهو الذي قال فيه المصطفي صلي الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه انس بن مالك رضي الله عنه إِنَّ هذا الشهرَ قدْ حضَرَكُمْ، وَفيهِ ليلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شهْرٍ، مَنْ حُرِمَها فَقَدْ حُرِمَ الخيرَ كُلَّهُ، ولَا يُحْرَمُ خيرَها إلَّا محرومٌ ) ( ابن ماجة والطبراني )
فاغتنم ايامه المعدودات فما شهر رمضان الاميقاتًا لتوبةِ التائبين وهدايةَ الضالِّين وعودةَ المنحرفين، فاحسنوا استقباله واستقبلوه استقبال المحبين اقتداءا بالنبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه حيث كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَسْتَبْشِرُ بِقُدُومِ رَمَضَانَ، وَيُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- بِهَذِهِ الْمِنْحَةِ الرَّبَّانِيَّةِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَتَاكُمْ شَهْرُ رَمَضَانَ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ ، فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفَتَّحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغَلَّقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ ». رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَكَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُونَ يَنْتَظِرُونَ قُدُومَ رَمَضَانَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ إِنَّهُمْ يَدْعُونَ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَنْ يَتَقَبَّلَ مِنْهُمُ الْعَمَلَ الصَّالِحَ مِنَ الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَالتِّلَاوَةِ فِي رَمَضَانَ، يَظَلُّونَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَدْعُونَ اللهَ -جَلَّ وَعَلَا- أَنْ يَتَقَبَّلَ مِنْهُمْ، وَيَدْعُونَ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَنْ يُبَلِّغَهُمُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ رَمَضَانَ.
والعجب كل العجب من أناس يدركون رمضان فيصومون ولا ينالهم من صيامهم الا الجوع والعطش فيدركون رمضان ويخرجون منه ولم يغتنمون من نفحاته وبركاته شئ الا فليحذر هؤلاء ان تتحقق فيهم دعوة المصطفي صلي الله عليه وسلم فلقد صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمِنْبَرَ، فَلَمَّا رَقِيَ عَتَبَةً، قَالَ: “آمِينَ” ثُمَّ رَقِيَ عَتَبَةً أُخْرَى، فقَالَ: “آمِينَ” ثُمَّ رَقِيَ عَتَبَةً ثَالِثَةً، فقَالَ: “آمِينَ” ثُمَّ، قَالَ: “أَتَانِي جِبْرِيلُ، فقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْتُ: آمِينَ، قَالَ: وَمَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا، فَدَخَلَ النَّارَ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْتُ: آمِينَ، فقَالَ: وَمَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ”. صحيـح الترغيـب : (1679)
فيا عبادَ اللهِ، هذا زمانُ المصالحةِ، وأوانُ التجارةِ الرابحةِ، فبادرُوا في هذا الشهرِ مِن الخيرِ كلَّ مُمكنٍ، فمَن لم يربحْ في هذا الشهرِ ففي أيِّ وقتٍ يربحُ!
جاء شهر الصيام بالبركات … فأكرم به من زائر هو آت
فاغتنمُوا شهرَ المتابِ وَمَا وَعدَكُم فِيهِ مِن جزيلِ الثَّوَابِ وَمِن الْعَفوِ عَن الأوزارِ وَعتقِ الرّقابِ، وَهُوَ شهرٌ لياليهِ أنورٌ مِن الْأَيَّامِ، وأيامُهُ مطهرةٌ مِن دنسِ الآثامِ، وصيامُهُ أفضلُ الصّيامِ وقيامُهُ أجلُّ الْقيامِ، شهرٌ فضّلَ اللهِ بِهِ أمةَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ أفضلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، شهرٌ جعلَهُ اللهُ مِصْبَاحَ الْعَامِ وواسطةَ النظامِ وأشرفَ قَوَاعِد الْإِسْلَامِ المشرف بِنورِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، شهرٌ أنزلَ اللهُ فِيهِ كِتَابَهُ وَفتحَ للتائبينَ فِيهِ أبوابَهُ فَلَا دُعَاءَ فِيهِ إِلَّا مسموعٌ وَلَا عملَ إِلَّا مَرْفُوعٌ وَلَا خيرَ إِلَّا مَجْمُوعٌ وَلَا ضَرَرَ إِلَّا مَدْفُوعٌ، شهرٌ السَّيِّئَاتُ فِيهِ مغفورةٌ والأعمالُ الْحَسَنَةٌ فِيهِ موفورةٌ وَالتَّوْبَةُ فِيهِ مَقْبُولَةٌ وَالرَّحْمَةُ مِن اللهِ لملتمسِهَا مبذولةٌ والمساجدُ بِذكرِ اللهِ فِيهِ معمورةٌ وَقُلُوبُ الْمُؤمنِينَ بِالتَّوْبَةِ فِيهِ مسرورةٌ.
مَرَّ الحسن البصري رحمه الله بقوم يضحكون فوقف عليهم وقال: إن الله تعالى قد جعل شهر رمضان مضماراً لخلقِه يستبقون فيه بطاعته، فسبق أقوام ففازوا، وتخلف أقوام فخابوا، فالعجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه المسارعون وخاب فيه الباطلون.
يقول ابن الجوزي رحمه الله في كتابه “رياض السامعين” الله الله عباد الله صوموا جوارحكم عن المنكرات، واستعملوها في الطاعات، تفوزوا بنعيم الأبد في قرار الجنات، والتمتع بالنظر إلى جبار الأرض والسموات.
وشهر الصوم شاهده علينا *** بأعمال القبائح والذنوبِ
فيا رباه عفواً منك وألطف *** بفضلك للمجير والكئيب
وهذا الصوم لا تجعله صوماً *** يُصيِّرنا إلى نار اللهيب
﴿شَهْرُ رَمَضَانَ﴾ شهرٌ عظيمٌ، شهرٌ جعلَ اللهُ صيامَ نهارِهِ فريضةً وقيامَ ليلهِ تطوعًا، رمضانُ شهرٌ نزلَ فيهِ القرآنُ، {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، فرمضانُ شهرُ القرآنِ.
وكفَاه شرفًا وفضلًا أنَّه سببٌ مِن أسبابِ دخولِ جنةِ النعيمِ وان الله جعل له بابا مخصوصا للصائمين فعَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ)، رواه مسلم. نعمْ.. كمْ مِن قلوبٍ تمنتْ.. ونفوسٍ حنتْ.. أنْ تبلغَ هذه الساعاتِ ..شهرٌ .. تتضاعفُ فيهِ الحسناتُ .. وتكفرُّ فيهِ السيئاتُ ..وتُقالُ فيهِ العثراتُ .. وتُرفعُ فيهِ الدرجاتُ ..تُفتحُ فيهِ الجنانُ .. وتُغلقُ فيهِ النيرانُ .. وتُصفدُ فيهِ الشياطينُ ..فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ) رواه البخاري.
ولولم يكن لهذا الشهر من شرف وفضل الا ان الله تولي بنفسه مكافاة الصائمين فيه لكفي فعن أَبَى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ( قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ) متفق عليه.
وهل يكفيك من شرف يا شهر الصيام ان جعلك الله شهر عتق من النيران لقولِ النبيِّ ﷺ: ( إِنَّ لِلَّهِ عُتَقَاءَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ )،
الا فانتبهْ قبلَ فواتِ الأوانِ واغتنمْ هذه النفحة الربانية التي ربما لا تعودُ فهل تضمن لنفسك أن تدرك رمضان المقبل ام هل تضمن لنفسك إذا جنَّ ليلٌ هل تعيش إلى الفجرِ.
شهرٌ يفوقُ على الشهورِ بليلةٍ *** مِن ألفِ شهرٍ فُضلتْ تفضـيلاً
طُوبَى لعبدٍ صحَّ فيهِ صيامُهُ *** ودعَا المهيمنَ بكرةً وأصيــلًا
وبليلةٍ قــدْ قامَ يختمُ وردَهُ *** متبتِّـــلاً لإلهــهِ تبتــيلاً
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف