أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة بعنوان : الصحة الإنجابية بين حق الوالدين وحق الطفل ، للدكتور محمد حرز

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الصحة الإنجابية بين حق الوالدين وحق الطفل ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 23 جماد الآخر 1445هـ ، الموافق 5 يناير 2024م

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 5 يناير 2024م بصيغة word بعنوان : الصحة الإنجابية بين حق الوالدين وحق الطفل ، للدكتور محمد حرز.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 5 يناير 2024م بصيغة pdf بعنوان : الصحة الإنجابية بين حق الوالدين وحق الطفل ، للدكتور محمد حرز.

عناصر خطبة الجمعة القادمة 5 يناير 2024م بعنوان : الصحة الإنجابية بين حق الوالدين وحق الطفل.

 

أولًا: الإنجابُ نعمةٌ عظيمةٌ ومنةٌ كبيرةٌ.

ثانيــــًا: تنظيمُ الإنجابِ أمرٌ مطلوبٌ ومشروعٌ.

ثالثــــًا :رسالةٌ لِمَن حُرِمَ نعمةَ الإنجابِ !!!

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 5 يناير 2024م بعنوان : الصحة الإنجابية بين حق الوالدين وحق الطفل : كما يلي:

الصحةُ الانجابيةُ بينَ حقِّ الوالدينِ وحقِّ الطفلِ

 د. مُحمد حرز بتاريخ: 22 جماد الآخر  1445هــ  –5 يناير 2023م

الْحَمْدُ لِلَّهِ أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهُ، وَأُثْنِي عَلَيْهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) الفرقان: 74،وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ وليُّ الصالحين، وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفيُّهُ مِن خلقهِ وخليلُهُ، القائلُ كما في حديثِ أبي هريرةَ  رضي اللهُ عنه  أنَّ النبيَّ ﷺ قال: (كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ) (رواه البخاري) يا مصطفَى

وأَحسنُ منكَ لم ترَ قطُّ عيني ** وَأجْمَلُ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النّسَاءُ

خلقتَ مبرأً منْ كلّ عيبٍ ** كأنكَ قدْ خلقتَ كما تشاءُ

فاللهُمّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ  المختارِ وعلى آلهِ وصحبهِ الأعلامِ، مصابيحِ الظلامِ، خيرِ هذه الأمةِ على الدوامِ، وعلى التابعينَ لهم بإحسانٍ والتزام. أمَّا بعدُ …..فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (أل عمران : :102

 عبادَ الله: (الصحةُ الانجابيةُ بينَ حقِّ الوالدينِ وحقِّ الطفلِ) عنوانُ وزارتنِا وعنوانُ خطبتِنا

عناصر اللقاء:

أولًا: الإنجابُ نعمةٌ عظيمةٌ ومنةٌ كبيرةٌ.

ثانيــــًا: تنظيمُ الإنجابِ أمرٌ مطلوبٌ ومشروعٌ.

ثالثــــًا :رسالةٌ لِمَن حُرِمَ نعمةَ الإنجابِ !!!

أيُّها السادة: ما أحوجنَا إلى أنْ يكونَ حديثُنا في هذه الدقائقِ المعدودةِ عن الصحةِ الانجابيةِ بينَ حقِّ الوالدينِ وحقِّ الطفلِ، وخاصةً وأنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ مُسْتَقْبَلًا تَأْمُلُهُ وَتَنْشُدُهُ، وَلَا يَقُومُ هَذَا الْمُسْتَقْبَلُ إلاَّ عَلَى النَّاشِئِ، فَأَطْفَالُ الْيَوْمِ هُمْ رِجَالُ الْغَدِ، أَطْفَالُ الْيَوْمِ هُمْ حُمَاةُ الدينِ وأَبطَالُ الوَطَنِ، أَطفالُ الْيَوْمِ هُمْ نَوَاةُ أُمَّتِنَا وَهُمْ فَخْرُهَا وَعِزَّتُهَا، وخاصةً في زمنٍ تكالبَ فيهِ أعداءُ الإسلامِ على أهلِه، وفي زمنٍ كشّرَ الشرُّ فيه عن أنيابِه

وفي زمنٍ انتشرتْ فيه وسائلُ الفسادِ وعمتْ وطمّتْ، كان لزامًا علينا -نحن الآباءَ والمربين وأولياءَ الأمورِ- أنْ نهتمَّ بشأنِ تربيةِ الأولادِ، وأنْ نبحثَ عن كلِّ ما مِن شأنِه أنْ يعيننَا على القيامِ بهذه المسؤوليةِ، وخاصةً ونحن في زمنٍ ضاعتْ فيه التربيةُ بين النشءِ إلّا ما رحمَ اللهُ، وخاصةً وهناكَ محاولاتٌ بالليلِ والنهارِ للنيلِ مِن شبابِنَا وبناتِنَا، أعداءُ الإسلامِ لا ينامون ليلًا ولا نهارًا، يريدون النيلَ مِن شبابِنَا وشباتِنَا، فلابدَّ مِن تربيتِهِم وتنشئتِهِم تنشئةً صحيحةً على كتابِ اللهِ وسنةِ رسولهِ ﷺ للحذرِ مِن هؤلاءِ الأعداءِ المتربصين لهم بالليلِ والنهارِ، وللهِ درُّ القائل:

مؤامرةٌ تدورُ على  الشبابِ***لتجعلَهُ ركامًا مِن تراب

مؤامرةٌ تقولُ لهم تعالوا*** إلى الشهواتِ في ظلِّ الشراب

مؤامرةٌ يحيكُ خيوطهَا ***أعداءُ سوءٍ في لؤمِ الذئاب

تفرقَ شملُهُم إلّا علينَا *** فصرنَا كالفريسةِ للكلابِ

العنصر الأول من خطبة الجمعة بعنوان : الصحة الإنجابية بين حق الوالدين وحق الطفل 

أولًا: الإنجابُ نعمةٌ عظيمةٌ ومنّةٌ كبيرةٌ.

أيُّها السادة: إنَّ مِن أعظمِ النِّعمِ التي ينعمُ اللهُ بها على عِبادِه نعمةَ الإنجابِ

وقد جاءتْ كثيرٌ مِن الآياتِ القرآنيةِ والأحاديثِ النبويةِ في بيانِ أهميةِ النسلِ، قالَ جلَّ وعلَا:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ﴾ (النساء: 1)، وقالَ جلَّ وعلا: ﴿ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴾ الشورى: 49، 50. وقالَ جلَّ وعلا: ﴿ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ البقرة: 187. قال الطبريُّ رحمَهُ اللهُ تعالى: وابتغّوا ما كتبَ اللهّ في مباشرتِكُم إيَّاهُنَّ مِن الولدِ والنسلِ، ونعمةُ الأولادِ إذا صلحُوا فهم عملٌ صالحٌ يستمرُّ للأبوينِ حتى بعدَ موتِهِمَا، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي اللهُ عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: ” إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ” رواه مسلم.

فالأولادُ نعمةٌ إلهيةٌ، ومنحةٌ ربانيةٌ

تتعلقُ بها قلوبُ البشرِ وترجوهَا، لتأنسَ بها مِن الوحشةِ، وتقوَى بها عندَ الوحدةِ، وتكونُ قرةَ عينٍ لهَا في الدنيا والآخرةِ، ولذلك طلبَهَا إبراهيمُ الخليلُ عليهِ وعلى نبيِّنَا السلامُ، فقالَ: ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ (الصافات: 100) . وطلبَهَا زكريَّا ـ عليهِ السلامُ ـ مِن ربِّه، فقالَ تعالًى: ﴿ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ﴾ (الأنبياء: 89) . وأثنَى اللهُ سبحانَهُ وتعالَى على عبادِهِ الصالحين، فقالَ جلَّ وعلا عن صفاتِ عبادِ الرحمنِ: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ الفرقان: 74.

وعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: [جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ، وَإِنَّهَا لَا تَلِدُ، أَفَأَتَزَوَّجُهَا؟، قَالَ: “لَا”، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: “تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ”، فالأولادُ نعمةٌ إلهيةٌ، وهبةٌ ربانيةٌ، فهم زنيةُ الحياةِ الدنيا، قالَ ربُّنَا: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾ الكهف: 46،فلابُدَّ مِن شكرِ اللهِ جلَّ وعلا على نعمةِ الأولادِ.

إذا كنـتَ في نعمـةٍ فارعَـهَا***فإنَّ الذنـوبَ تـزيلُ النعـم

واحفظهَـا بطاعةِ ربِّ العبـادِ***فربُّ العـبادِ سريـعُ النـقـم

والصحةُ الانجابيةُ للوالدينِ  وللطفلِ مطلبٌ شرعيٌّ مهمٌّ للغايةِ، والعنايةُ بهِم أمرَنَا بها المولَى جلَّ وعلا في قرآنِهِ ونبيُّنَا ﷺ في سنتِهِ

لذا اعتنَى الإسلامُ بالطفلِ مِن قبْلِ وجودِهِ، فحَثَّ رسولُ اللهِ ﷺ المرأةَ وأهلَهَا على قبولِ الرجلِ الصالحِ إذا تقدَّمَ لِخِطبتِهَا، فقالً:

“إذا خَطَبَ إليكُم مَن ترضوْنَ دينَهُ وخُلقَهُ فزوِّجوهُ، إلَّا تفعلوا تكنْ فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ)

وحثَّ الرجلَ على اختيارِ المرأةِ الصالحةِ، كما قال ﷺ:

“تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ).

وإذا تمَّ عَقْدُ النكاحِ وأرادَ الرجلُ أنْ يأتيَ زوجتَهُ فقدْ أُمِرَ بالدعاءِ المأثورِ عن النبيِّ ﷺ، حيثُ قال النبيُّ المختارُ ﷺ:

(لَوْ أنَّ أحَدَكُمْ إذا أرادَ أنْ يَأْتِيَ أهْلَهُ، فقالَ: باسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنا الشَّيْطانَ وجَنِّبِ الشَّيْطانَ ما رَزَقْتَنا، فإنَّه إنْ يُقَدَّرْ بيْنَهُما ولَدٌ في ذلكَ لَمْ يَضُرُّهُ شيطانٌ أبَدًا)، فإذا تكوَّنَ الطفلُ في الرَّحِم أعَدَّ اللهُ له فائقَ الرِّعايةِ والعنايةِ، وحرَّمَ الاعتداءَ عليه، وأجازَ لأُمِّهِ أنْ تُفطِرَ في رمضانَ أثناءَ حَمْلِهَا؛ رحمةً بها، وحتى تتهيأَ للطفلِ ظُروفُ النُّمُو، فإذا حَلَّ الطفلُ بأرضِ الحياةِ، جعلَهُ اللهُ بَهْجَةً وزينةً في قلوبِ مَنْ حولَهُ، قال جلَّ وعلا: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [الكهف: 46]، فأولادُنَا ثمارُ قلوبِنَا، وعمادُ ظهورِنَا، وفلذاتُ أكبادِنَا، وأحشاءُ أفئدتِنَا، وزينةُ حياتِنَا، أولادُنَا نعمةٌ عظيمةٌ، ومنةٌ كبيرةٌ ومنحةٌ جليلةٌ ،أولادُنَا زينةُ الحاضرِ وأملُ المستقبلِ، هم حباتُ القلوبِ سمَّاهُمُ اللهُ زينةً في محكمِ التنزيلِ، قال جلّ وعلا:

﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾ [آل عمران: 14]، أولادُنَا  قرةُ الأعينِ ، وبهجةُ الحياةِ، وأنسُ العيشِ، بهم يحلُو العمرُ، وعليهم تعلقُ الآمالُ، وببركةِ تربيتِهِم يُستجلبُ الرزقُ، وتنزلُ الرحمةُ، ويُضاعفُ الأجرُ، وإذا أردتَ أنْ تعرفَ عظيمَ منةِ اللهِ عليك بهذه النعمةِ، فانظرْ إلى مَن حُرمهَا، وكيف يذوقُ ويتجرعُ مرارةَ الحرمانِ والفقدِ، حينما يرى الناسَ معهم أولادهُم، فيحترقُ قلبُهُ شوقًا وحزنًا للأولادِ!. فنعمةُ الولدِ نعمةٌ عظيمةٌ ومنةٌ كبيرةٌ ……

اللهُ عزَّ وجلَّ قد بيَّنَ لنَا أنَّ أولادَنَا نعمةٌ أو نقمةٌ:

قالَ جلَّ وعلا: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ} [التغابن: 14]

وقالَ جلَّ وعلا: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15]

هذا في جانبِ الخطرِ.

وفي الجانبِ الآخرِ قالَ جلَّ وعلا:

{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الطور: 21]

وقالَ سبحانَهُ: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74]

فالولدُ إمَّا أنْ يكونَ قرةَ عينٍ يسرُّكَ أنْ تلقاهُ في الدنيا وتجتمعَ بهِ في الجنةِ في الآخرةِ

وإمَّا أنْ يكونَ فتنةً وعدوًّا تقولُ: {يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ} [الزخرف: 38].

وللهِ درُّ القائلِ

وَإنما أوْلاَدُنَا بَيْنَنا *** أكْبَادُنَا تَمْشِي عَلى الأرْضِ

لَوْ هَبَّتِ الرِّيحُ عَلى بَعْضِهِمْ *** لاَمْتَنَعَتْ عَيْني مِنَ الْغَمضِ

العنصر الثاني من خطبة الجمعة بعنوان : الصحة الإنجابية بين حق الوالدين وحق الطفل 

ثانيــــًا: تنظيمُ الإنجابِ أمرٌ مطلوبٌ ومشروعٌ.

أيُّها السادة: مِن المعلومِ أَنَّ شَرِيعَةَ الْإِسْلَامِ قَدْ جاءتْ بِحفْظِ الضَّرُورِيَّاتِ الْخَمْسِ أو الكلياتِ الخمس

وَحَرَّمَتْ الِاعْتِدَاءَ عَلَيْهَا، وَهِيَ: الدِّينُ، وَالنَّفْسُ، وَالْمَالُ، وَالْنسل، وَالْعَقْلُ.

فحفظُ النسلِ مِن الكلياتِ الخمسِ التي أمرَنَا الإسلامُ ونبيُّ الإسلامِ ﷺ بالمحافظةِ عليها، لذا شرعَ الإسلامُ الزواجَ لبقاءِ النسلِ، وحرَّمَ الزنَا محافظةً على النسلِ، وشتانَ شتانَ بينَ تنظيمِ النسلِ وبينَ تحديدِ النسلِ!!!!!!!شتانَ شتانَ بينَ تنظيمِ النسلِ وبينَ منعِ النسلِ بالكليَّةِ !!!!!فتنظيمُ النسلِ مشروعٌ، وتحديدُ النسلِ محرّمٌ إلّا لضرورةٍ. تنظيمُ النسلِ مباحٌ، ومنعُ النسلِ بالكليَّةِ محرمٌ إلَّا لضرورةٍ. وتنظيمُ النسلِ جائزٌ لفعلِ الصحابةِ الأخيارِ، فكانوا يعزلونَ والقرآنُ ينزلُ وما نهاهُم نبيُّ الإسلامِ ﷺ   فلا مانعَ مِن ذلك إذا اتفقَ عليهِ الزوجان، ولم يضرْ الزوجةَ.

وتنظيمُ النّسلِ: عبارةٌ عن تنظيمِ عمليةِ الإنجابِ باتباعِ وسائلَ معينةٍ بحيثُ تكونُ هناك مدةٌ بينَ مولودٍ وآخر.ولا تعارضَ بينَ الدعوةِ إلى تنظيمِ النسلِ والتوكلِ على اللهِ، فمنعُ الحملِ مؤقتًا لا يعدُو أنْ يكونَ أخذًا بالأسبابِ مع التوكلِ على اللهِ فهذا شأنُ المسلمِ في كلِّ أعمالِه، أرأيتَ إلى الرسولِ ﷺ حين قالَ لصاحبِهِ (اعقلْهَا وتوكلْ) أي أعقلْ الناقةَ واتركْهَا متوكلًا على اللهِ في حفظِهَا). فتنظيمُ النسلِ مصلحةٌ للأسرةِ بجميعِ أطرافِهَا للوالدينِ وللطفلِ، فلا تمنعُ الشريعةُ الإسلاميةُ مِن التنظيمِ المؤقتِ للنسلِ ما دامَ سيتمُّ برضَا وموافقةِ الزوجينِ، لكنْ لا يجوزُ فرضُ هذا التنظيمِ بقانونٍ ملزمٍ؛ لأنَّهُ سيتحولُ حينهَا إلى تحديدٍ للنسلِ، والتحديدُ محرمٌ شرعًا، بل يجبُ تركُ هذا الأمرِ لحاجةِ وظروفِ الزوجينِ.

والهدفُ أيُّها السادةُ مِن تنظيمِ النسلِ:

الخشيةُ على حياةِ الأمِّ أو صحتِهَا مِن الحملِ أو الوضعِ، خاصةً في ظلِّ الولادةِ القيصريةِ، إذا عُرفَ بتجربةٍ أو إخبارِ طبيبٍ ثقةٍ؛ لأنَّ الإسلامَ نهَى عن ذلك، قالَ جلَّ وعلا: ( وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (البقرة: 195)، وقالَ سبحانَهُ: ( وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)النساء :29، والخشيةُ في وقوعِ حرجٍ دنيويٍّ قد يُفضَي به إلى حرجٍ في دينِهِ فيقبلُ الحرامَ، ويرتكبُ المحظورَ مِن أجلِ الأولادِ، قال تعالى: (يُريدُ اللهُ بكمُ اليسرَ ولا يُريدُ بكمُ العسرَ) (البقرة: 185).

الخشيةُ على الرضيعِ مِن حملٍ جديدٍ ووليدٍ جديدٍ. ومِن الضروراتِ المعتبرةِ شرعًا أيُّهَا السادة :الحرصُ على تربيةِ الأولادِ تربيةً صحيحةً على كتابِ اللهِ وسنةِ رسولِهِ ﷺ فهُم أمانةٌ يجبُ تأديتِهَا كما يحبُّ اللهُ جلَّ في علاه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ (التحريم: 6)، فالمرءُ يا سادةٌ يُسألُ عن رعيَّتِه يومَ الدينِ، فبأيِّ شيءٍ يجيبُ مَن ضيَّعَ أولادَهُ؟ وبماذا سينطقُ مَن خانَ الأمانةَ؟ فالأنجابُ وأولادُكَ  أمانةٌ في رقبتِكَ  وتربيتُهُم أمانةٌ ستسألُ عنها يومَ القيامةِ إذا حافظتَ عليهم فقد صُنتَ الأمانةَ، وإذا أهملتَهُم فقد خُنتَ الأمانةَ كما أخبرَ بذلك الصادقُ المصدوقُ ﷺ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّهُ عَنْهمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ :

(أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَالْإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ 

وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ 

وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ) متفق عليه

لذا كان إهمالُ هذه النعمةِ سببًا لمعاقبتِهِ في الأخرةِ

ففي صحيحِ مسلمٍ مِن حديثِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضى اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ:

(مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ، وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ)

وقالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: (كَفَى بالمرءِ إثمًا أنْ يُضيِّعَ مَنِ يَقُوتُ). وللهِ درُّ القائلِ:

ليس اليتيمُ مَن انتهَى أبواهُ  ***  مِن الحياةِ وخلفَاهُ ذليلًا

إنّ اليتيمَ هو الذي تَرى لهُ  *** أُمَّا تَخَلّتْ أو أَبًا مشغولًا

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية …

الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلّا لهُ، وبسمِ اللهِ ولا يستعانُ إلّا به

وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .. وبعد

العنصر الثالث من خطبة الجمعة بعنوان : الصحة الإنجابية بين حق الوالدين وحق الطفل 

ثالثــــًا :رسالةٌ لِمَن حُرِمَ نعمةَ الإنجابِ !!!

أيُّها السادة: تحدثنَا عن النسلِ وتنظيمِهِ لكنْ لابُدَّ مِن مراعاةِ شعورِ الآخرينَ الذين لم يرزقْهُم اللهُ نعمةَ الولدِ، أقولُ لهُم: اصبرُوا واحتسبُوا وفوضُوا الأمرَ إلى اللهِ وخذُوا بالأسبابِ المشروعةِ للإنجابِ وليَجْتَهدُوا فِي الدعاءِ لرَبِّهِم جلَّ وعلا أَنْ يرزقَهُم الْوَلَدَ الصَّالِحَ، وَمَا ذلك على الله بِعزِيز، فَقَدْ أَصْلَحَ الله ُجلَّ وعلا الْمَرْأَةَ الْعَقِيمَ الَّتِي لَا تَلِدُ، وَرَزَقَ الشَّيْخَ الْكَبِيرَ الَّذِي يظنُّ ألَّا ينجب.وعليكُم بكثرةِ الاستغفارِ: قالَ جلَّ وعلا: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا ( نوح: 10-12)، واعلمْ أنَّ هذا ابتلاءٌ واختبارٌ مِن اللهِ جلَّ وعلا ( فمَن رضِيَ فلهُ الرضَا ومَن سخطَ فعليهِ السخط ).

واعلمْ إنْ كان اللهُ قد حرمَكَ مِن شيءٍ فقد اعطاكَ شيءٍ آخرَ هو أنفعُ لكَ وأنتَ لا تدرِي !!! أخِي

كُن عَن هُمُومِكَ مُعْرِضًا  *** وَدَع الأُمُورَ إِلَى القَضَا
وَانعَم بِطُولِ سَلَامَةٍ *** تُسْلِيكَ عَمَّا قَدْ مَضَى
فَلَرُبَّمَا اتَّسَعَ المَضِيقُ *** وَ لَرُبَّمَا ضَاقَ الفَضَا
اللهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ  *** فَلَا تَكُن مُتَعَرِّضَـــــا

وخيرُ ميراثٍ يورثُهُ الآباءُ للأبناءِ، هو الإعدادُ الصالحُ والتوجيهُ الصحيحُ:

وإذا كان الولدُ مِن زينةِ هذه الحياةِ، كما قال تعالى:

{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، فخيرٌ لنَا أنْ نحرصَ على تكميلِ هذه الزينةِ

ونجتهدَ في العنايةِ بهَا، والولدُ قبلَ أنْ تربيَهُ المدرسةُ والمجتمعُ يربيَهُ البيتُ والأسرةُ.

 قالَ ابنُ القيمِ:

وَكمْ مِمَّن أَشْقَى وَلَدَهُ وفلذةَ كبدِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة بإهمالِهِ وَتركَ تأديبَهُ وإعانتَهُ لَهُ على شهواتِهِ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ يُكرمُهُ وَقد أهانَهُ وَأَنّه يرحمُهُ وَقد ظلمَهُ وَحرمَهُ ففاتَهُ انتفاعهُ بولدهِ وفوّتَ عَلَيْهِ حَظَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَإِذا اعْتبرتَ الْفسادَ فِي الْأَوْلَادِ رَأَيْتَ عامتَهُ مِن قبلِ الْآبَاءِ.

وأولَى الناسِ ببرِّكَ وأحقهُم بمعروفِكَ أولادُكَ

فإنَّهُم أماناتٌ جعلَهُم اللهُ عندَكَ وأمرَكَ  بتربيتِهِم تربيةً صالحةً لأبدانِهِم وقلوبِهِم وعقولِهِم ودينِهِم ودنياهُم وآخرتِهِم

قالَ جلَّ وعلا:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6]

حفظَ اللهُ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كيدِ الكائدين

وحقدِ الحاقدين

ومكرِ الـماكرين

واعتداءِ الـمعتدين

وإرجافِ الـمُرجفين

وخيانةِ الخائنين.

كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه

د/ محمد حرز

إمام بوزارة الأوقاف

_______________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »