أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة : الوطنية بين الحقيقة والادعاء ، للدكتور خالد بدير

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الوطنية بين الحقيقة والادعاء ، للدكتور خالد بدير ، بتاريخ 5 رجب 1444هـ ، الموافق 27 يناير 2023م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 27 يناير 2023م ، للدكتور خالد بدير : الوطنية بين الحقيقة والادعاء :

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 27 يناير 2023م ، للدكتور خالد بدير: الوطنية بين الحقيقة والادعاء ، بصيغة word  أضغط هنا.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 27 يناير 2023م ، للدكتور خالد بدير : الوطنية بين الحقيقة والادعاء ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن الدروس الدينية

 

للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 27 يناير 2023م ، للدكتور خالد بدير : الوطنية بين الحقيقة والادعاء : كما يلي:

 

أولًا: حبُّ الوطنِ غريزةٌ فطريةٌ.

ثانيًا: صفاتُ وسماتُ الشخصيةِ الوطنيةِ.

ثالثًا: الوطنيةُ بينَ الحقيقةِ والادعاءِ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة  27 يناير 2023م ، للدكتور خالد بدير: الوطنية بين الحقيقة والادعاء : كما يلي:

الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنَّ مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ . أمَّا بعدُ:

العنصر الأول من خطبة الجمعة للدكتور خالد بدير

أولًا: حبُّ الوطنِ غريزةٌ فطريةٌ

إنَّ حبَّ الوطنِ غريزةٌ فطريةٌ في جميعِ الكائناتِ الحيةِ، مِن إنسانٍ وحيوانٍ وطيرٍ، بل إنَّ بعضَ المخلوقاتِ إذا تمَّ نقلُهَا عن موطنِهَا الأصليِّ فإنَّهَا تموتُ، ولذا يقولُ الأصمعيُّ – رحمَهُ اللهُ –:” ثلاثُ خصالٍ في ثلاثةٍ أصنافٍ مِن الحيواناتِ: الإبلُ تحنُّ إلى أوطانِهَا وإنْ كان عهدُهَا بهَا بعيدًا، والطيرُ إلى وكرِهِ وإنْ كان موضعُهُ مجدبًا، والإنسانُ إلى وطنِهِ وإنْ كان غيرُهُ أكثرَ نفعًا“.

لذلك كان مِن حقِّ الوطنِ علينَا أنْ نُحبَّهُ، وهذا ما أعلنهُ النبيُّ وهو يتركُ مكةَ تركًا مؤقتًا، فعن عبدِ اللهِ بنِ عديٍّ أنَّهُ سمعَ رسولَ اللهِ وهو واقفٌ على راحلتِهِ بالحَزْوَرَة مِنْ مَكَّةَ يَقُول: “وَالله إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرضِ اللهِ وَأحَبُّ أرْضِ اللهِ إِلىَ اللهِ، وَلَوْلاَ أنِّي أخْرِجْتُ مِنْكِ مَاَ خَرَجْتُ” (الترمذي وحسنه).

 فما أروعَهَا مِن كلماتٍ! كلماتٌ قالَها الحبيبُ وهو يودِّعُ وطنَهُ، إنَّهَا تكشفُ عن حبٍّ عميقٍ، وتعلُّقٍ كبيرٍ بالوطنِ، بمكةَ المكرمةِ، بحلِّها وحَرَمِهَا، بجبالِهَا ووديانِهًا، برملِهَا وصخورِهَا، بمائِهَا وهوائِهَا، هواؤُهَا عليلٌ ولو كان محمَّلًا بالغبارِ، وماؤُهَا زلالٌ ولو خالطَهُ الأكدارُ، وتربتُهَا دواءٌ ولو كانتْ قفارًا.

قال الحافظُ الذهبيُّ – مُعَدِّدًا طائفةً مِن محبوباتِ رسولِ اللهِ : ” وكان يحبُّ عائشةَ، ويحبُّ أَبَاهَا، ويحبُّ أسامةَ، ويحبُ سِبطَيْهِ، ويحبُ الحلواءَ والعسلَ، ويحبُ جبلَ أُحُدٍ، ويحبُ وطنَهُ”.

ولتعلقِ النبيِّ بوطنِهِ الذي نشأَ وترعرعَ فيهِ ووفائِهِ لهُ وانتمائِهِ إليهِ، دعَا ربَّهُ لمَّا وصلَ المدينةَ أنْ يغرسَ فيهِ حبَّهَا فقالَ: ” اللهمَّ حبِّبْ إلينَا المدينةَ كحُبِّنَا مكةَ أو أشدَّ”. (البخاري ومسلم).

وقد استجابَ اللهُ دعاءَهُ، فكان يحبُّ المدينةَ حبًّا عظيمًا، وكان يُسَرُّ عندمًا يَرى معالِمَهَا التي تدلُّ على قربِ وصولِهِ إليهَا؛ فعن أنسِ بنِ مالكٍ رضي اللهُ تعالَى عنهُ قال: “كان رسولُ اللهِ إذًا قدمَ مِن سفرٍ، فأبصرَ درجاتِ المدينةِ، أوضعَ ناقتَهُ – أي: أسرعَ بهَا – وإنْ كانتْ دابةً حرَّكَهَا”، أي “حركَهَا مِن حبِّهَا”. (البخاري) .

ومع كلِّ هذا الحبِ للمدينةِ لم يستطعْ أنْ ينسىَ حبَّ مكةَ لحظةً واحدةً؛ لأنَّ نفسَهُ وعقلَهُ وخاطرَهُ في شغلٍ دائمٍ وتفكيرٍ مستمرٍ في حبِّهَا؛ فقد أخرجَ الأزرقيُّ في “أخبارِ مكةَ” عن ابنِ شهابٍ قال: قدمَ أصيلٌ الغفاريُّ قبلَ أنْ يُضرَبَ الحجابُ على أزواجِ النبيِّ ، فدخلَ على عائشةَ -رضي اللهُ عنها- فقالتْ له: يا أصيلُ: كيف عهدتَ مكةَ؟! قال: عهدتُهَا قد أخصبَ جنابُهَا، وابيضتْ بطحاؤُهَا، قالتْ: أقمْ حتّى يأتيكَ النبيُّ، فلم يلبثْ أنْ دخلَ النبيُّ، فقالَ له: “يا أصيلُ: كيفَ عهدتَ مكةَ؟!”، قالَ: واللهِ عهدتُهَا قد أخصبَ جنابُهَا، وابيضتْ بطحاؤُهَا، وأغدقَ إذخرُهَا، وأسلتْ ثمامُهَا، فقالَ: “حسبُكَ -يا أصيلُ- لا تُحزِنَّا”. وفي روايةٍ أُخرى قال: “وَيْهًا يا أصيلُ! دعْ القلوبَ تقرُّ قرارَها”.

وهكذا يظهرُ لنا بجلاءٍ فضيلةُ وأهميةُ حبِّ الوطنِ والانتماءِ والحنينِ إليه في الإسلامِ.

العنصر الثاني من خطبة الجمعة للدكتور خالد بدير

ثانيًا: صفاتُ وسماتُ الشخصيةِ الوطنيةِ

تعالُوا معنَا لنعرفَ معًا صفاتِ وسماتِ الشخصيةِ الوطنيةِ الحقيقيةِ؛ وهذه الصفاتُ تنقسمُ إلى ثلاثةِ أقسامٍ:

القسمُ الأولُ: صفاتٌ اجتماعيةٌ: مثلُ قضاءِ الحوائجِ وفعلِ الخيرِ ومساعدةِ الضعفاءِ والمحتاجين؛ وهذه مسألةٌ إنسانيةٌ تحدثتْ عنهَا كلُّ الشرائعِ السماويةِ وجميعُ الدساتيرِ الأرضيةِ. فعَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَجُلا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ وَأَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٍ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً ، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا ، أَوْ تُطْرَدُ عَنْهُ جُوعًا ، وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ ، يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ ، شَهْرًا ، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ ، مَلأَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَلْبَهُ أَمْنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى أَثْبَتَهَا لَهُ ، أَثْبَتَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدَمَهُ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الأَقْدَامُ “. ( ابن أبي الدنيا في كتاب: قضاء الحوائج، والطبراني وغيرهما، بسند حسن).

وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ”. (رواه الطبراني بسند حسن). والمصرعُ: مكانُ الموتِ، فيقِي اللهُ مَن يحسنُ إلى الناسِ بقضاءِ حوائجهِم مِن الموتِ في مكانٍ سيءٍ أو هيئةٍ سيئةٍ أو ميتةٍ سيئةٍ.

لذلك كثُرتْ أقوالُ السلفِ حولَ الحثِّ على فعلِ الخيرِ وقضاءِ الحوائجِ، يقولُ الحسنُ البصريُّ رحمَهُ اللهُ: ” لأنْ أقضِي حاجةً لأخٍ أحبُّ إليَّ مِن أنْ أُصلِّي ألفَ ركعةٍ، ولأنْ أقضِي حاجةً لأخٍ أحبُّ إليَّ مِن أنْ أعتكفَ شهرين”.

وكان عليٌّ بنُ الحسين يحملُ الخبزَ إلى بيوتِ المساكين في الظلامِ فلمَّا ماتَ فقدُوا ذلك ، وكان ناسٌ مِن أهلِ المدينةِ يعيشونَ ولا يدرونَ مِن أين معاشُهُم؟! فلمَّا ماتَ عليٌّ بنُ الحسين فقدُوا ذلك الذي كانَ يأتِيَهُم بالليلِ.

القسمُ الثاني: صفاتٌ أخلاقيةٌ: مثلُ الصدقِ والأمانةِ والصبرِ والإخلاصِ والتقوىِ وغيرِهَا مِن الصفاتِ الحميدةِ، التي تدلُّ على سلوكِ المسلمِ الوطنِي الصحيح، فقوامُ الأممِ والحضاراتِ بالأخلاقِ وضياعُهَا بفقدانِهَا لأخلاقِهَا، فالأزمةُ أزمةُ أخلاقِ وقيمِ، يقولُ أميرُ الشعراءِ أحمد شوقي:

إنَّما الأممُ الأخلاقُ ما بقيتْ …  فإنْ همُو ذهبتْ أخلاقُهُم ذهبُوا

وقال:                   وَإِذا أُصـــيــبَ الـــقَــومُ فـــــي أَخــلاقِــهِـم  …   فَـــــأَقِـــــم عَـــلَـــيــهِــم مَــــأتَـــمـــاً وَعَـــــويــــلا

وقال:                     صَـلاحُ أَمْـرِكَ لِلأَخْـلاقِ مَرْجِعُـهُ …   فَقَـوِّمِ النَّفْـسَ بِالأَخْـلاقِ تَسْتَقِـمِ

لذلك أخبرَنَا النبيُّ أنَّ حسنَ الخلقِ طريقٌ إلى الجنةِ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ:” تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ” وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ؟ فَقَالَ:” الْفَمُ وَالْفَرْجُ” [ أحمد والترمذي وصححه ].

القسمُ الثالثُ: صفاتٌ وطنيةٌ: أي تتعلقّ بالوطنِ الذي نعيشُ فيهِ، وذلك بالحفاظِ على معالمِ الوطنِ وآثارهِ ومنشآتهِ العامةِ والخاصةِ، والحفاظِ على مياهِ نيلِهِ التي تربينَا عليهِ وروينَا منها أكبادَنَا، وعدمِ الإفسادِ في أرضهِ، أو تخريبهِ وتدميرهِ، وعدمِ قتلِ جنودهِ وحراسهِ الذين يسهرونَ ليلَهُم في حراستِنَا وحراسةِ أراضينَا!! والذين تمتدُّ إليهم يدُ الغدرِ والخيانةِ بينَ الحينِ والحينِ!! فعن الأصمعِي قال: ” إذا أردتَ أنْ تعرفَ وفاءَ الرجلِ ووفاءَ عهدهِ، فانظرْ إلى حنينهِ إلى أوطانهِ، وتشوُّقِهِ إلى إخوانهِ، وبكائِهِ على ما مضَى مِن زمانِهِ.” ( الآداب الشرعية لابن مفلح) .

العنصر الثالث من خطبة الجمعة للدكتور خالد بدير

ثالثًا: الوطنيةُ بينَ الحقيقةِ والادعاءِ

إنَّ الوطنيةَ الحقةَ قيمٌ ومبادئٌ ونصيحةٌ، وأمرٌ بالمعروفِ ونهيٌ عن المنكرِ، وعزةٌ وموالاةٌ وتضحيةٌ وإيثارٌ، والتزامٌ أخلاقيٌّ للفردِ والأمةِ، إنَّها شعورٌ بالشوقِ إلى الوطنِ حتى وإنْ كان لا يعيشُ الفردُ في مرابعهِ كما قالَ شوقي:

وطنِي لو شغلتُ بالخلدِ عنهُ  ***  نازعتنِي إليهِ بالخلدِ نفسِي

فأينَ هؤلاء الذين يدّعونَ حبَّ الوطنِ والوطنيةِ ولا ترى في أعمالِهِم وسلوكياتِهِم وكلامِهِم غيرَ الخيانةِ والعبثِ بمقدراتهِ، والعمالةِ لأعدائهِ، وتأجيجِ الفتنِ والصراعاتِ بينَ أبنائهِ، ونشرِ الرذيلةِ ومحاربةِ الفضيلةِ!!

 أين الوفاءُ للأرضِ التي عاشُوا فيها وأكلُوا مِن خيراتِهَا، وترعرعُوا في رُباهَا، واستظلُّوا تحتَ سماهَا، وكانت أرضَ الإيمانِ والتوحيدِ والعقيدةِ الصافيةِ!!

قيل لأعرابيٍّ: كيف تصنعونَ في الباديةِ إذا اشتدَّ القيظُ (الحرُّ) حين ينتعلُ كلُّ شيءٍ ظلَّهُ؟! قال: “يمشِي أحدُنَا ميلًا، فيرفضُ عرقًا، ثم ينصبُّ عصاهُ، ويلقي عليها كسَاهُ، ويجلسُ في فيهِ يكتالُ الريحَ، فكأنَّهُ في إيوانِ كسرى”. أيُّ حبٍّ هذا وهو يُلاقِي ما يُلاقِي!! إنَّه يقولُ: أنا في وطنِي بهذهِ الحالةِ مَلِكٌ مثلُ كسرَى في إيوانهِ.

إنَّ الوطنيةَ الحقيقيةَ لا تحتاجُ لمساومةٍ، ولا تحتاجُ لمزايدةٍ، ولا تحتاجُ لشعاراتٍ رنانةٍ، ولا تحتاجُ لآلافِ الكلماتِ، أفعالُنَا تشيرُ إلى حبِّنَا لوطنِنَا، حركاتُنَا تدلُّ عليهِ، حروفُنَا وكلماتُنَا تنسابُ إليهِ، أصواتُنَا تنطقُ بهِ، آمالُنَا تتجهُ إليهِ، طموحاتُنَا ترتبطُ بهِ، لأجلِ أرضٍ وأوطانٍ راقتْ الدماء، لأجلِ أرضٍ وأوطانٍ تشردتْ أممٌ، لأجلِ أرضٍ وأوطانٍ تحملتْ الشعوبُ ألوانًا مِن العذابِ، لأجلِ أنْ نكونَ منهَا وبهَا ولهَا، وإليها مطالبونَ أينمَا كنَّا أنْ نحافظَ عليهَا !!

بِلاَدِي هَوَاهَا فِي لِسَانِي وَفِي دَمِي …………… يُمَجِّدُهَا  قَلْبِي  وَيَدْعُو  لَهَا  فَمِي

تابع/  خطبة الجمعة للدكتور خالد بدير

يروى أنَّه عندما تقدَّمَ نابليون نحو الأراضِي الروسيةِ بقصدِ احتلالِهَا، صادفَ فلاحًا يعملُ بمنجلهِ في أحدِ الحقولِ، فسألَهُ عن أقربِ الطرقِ المؤديةِ إلى إحدَى البلدانِ بعدَ أنْ أعلنَ له عن شخصيتهِ، فقالَ له الفلاحُ ساخرًا: «ومَن نابليون هذا ؟!.. إنَّنِي لا أعرفهُ!». فقال نابليون غاضبًا: «سوف أجعلُكَ تعرفُ مَن أنا». ثم نادى أحدَ الضباطِ وأمرَهُ بأنْ يصهرَ قطعةً مِن المعدنِ على هيئةِ حرفِ «N» الذي يبدأُ بهِ اسمُ نابليون حتى درجةِ الاحمرارِ ثم يلصقُهَا بذراعهِ اليسرَى. وبعدَ أنْ تمَّ لنابليون ما أراد، هوى الفلاحُ بالمنجلِ على ذراعهِ مِن عند الرسغِ وقطعَهَا، وقال لنابليون والدمُ ينزفُ منه: «خيرٌ لي أنْ أموتَ أو أحيَا بذراعٍ واحدةٍ مِن أنْ أعيشَ بجسمٍ تلوثَ بالحرفِ الأولِ مِن اسمِكَ.. إنَّنِي وما أملكُ لبلادِي».

ذهلَ نابليون مِن ردِّ فعلِ هذا الفلاحِ، فصاحَ في جنودهِ أنْ يحضرُوا الزيتَ، ويقومُوا بغليهِ، ويغمرُوا البقيةَ الباقيةَ مِن يدهِ فيه، لإيقافِ النزيفِ، قائلًا لهم: «حرامٌ أنْ يموتَ رجلٌ يملكُ هذه الشجاعةَ وهذه الوطنيةَ»، لكنهُم إلى أنْ أحضرُوا الزيتَ وقامُوا بغليهِ كان الفلاحُ قد نزفَ دمًا كثيرًا، وما هي إلَّا دقائقٌ حتى لفظَ أنفاسَهُ.

وحزنَ نابليون عليه حزنًا شديدًا لدرجةِ أنَّه أمرَ بحفرِ قبرٍ لهُ يدفنُ فيهِ، ومكثَ في المكانِ نفسِهِ عدةَ أيامٍ، وقبلَ أنْ يغادرَ وضعَ قبعتَهُ الشخصيةَ على القبرِ وتركهَا تكريمًا وتقديرًا لذلك الفلاحِ الجريءِ، وأمرَ قواتِهِ بأنْ تتجاوزَ تلك القريةَ ولا تدخلهَا أبدًا.

إنَّ الوطنيةَ الحقيقيةَ أنْ يُضحِّي كلُّ فردٍ في المجتمعِ بحسبِ عملهِ ومسئوليتهِ، فيضحِّي الطبيبُ مِن أجلِ حياةِ المريضِ، ويضحِّي المعلمُ مِن أجلِ تعليمِ الأولادِ، ويضحِّي المهندسُ مِن أجلِ عمارةِ الوطنِ، ويضحِّي القاضِي مِن أجلِ تحقيقِ العدلِ، ويضحِّي الداعيةُ مِن أجلِ نشرِ الوعيِ والفكرِ الصحيحِ وتصحيحِ الأفكارِ المنحرفةِ المتطرفةِ، وتضحِّي الدولةُ مِن أجلِ كفالةِ الشعبِ ورعايتهِ، ويضحِّي الأبُّ مِن أجلِ معيشةٍ كريمةٍ لأولادهِ، ويضحِّي الجنديُّ مِن أجلِ الدفاعِ عن وطنهِ، ويضحِّي العاملُ مِن أجلِ إتقانِ عملهِ، وتضحِّي الأمُّ مِن أجلِ تربيةِ أولادِهَا ..إلخ .

 إنَّنَا إنْ فعلنَا ذلك فإنَّنَا ننشدُ مجتمعًا فاضلًا متعاونًا متكافلًا، تسودُهُ روابطُ المحبةِ والإحسانِ وجميعُ القيمِ الفاضلةِ.

 

نسألُ اللهَ أنْ يرفعَ عنَّا الغلاءَ والوباءَ، وأنْ يصبَّ علينَا الخيرَ صبًّا، وأنْ لا يجعلَ عيشنَا كدًّا، وأنْ يحفظَ مصرَنَا وبلادَنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ.

 

الدعاء،،،،                وأقم الصلاة،،،،                          كتبه : خادم الدعوة الإسلامية

                                                                         د / خالد بدير بدوي

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »