خطبة الجمعة القادمة word و pdf بتاريخ 24 يناير 2020، 29 جماد الأول 1441 هـ
خطبة الجمعة القادمة
حصرياً خطبة الجمعة القادمة word – و pdf بتاريخ 24 يناير 2020 م ، 29 جماد الأول 1441 هـ : فضل الشهادة ، وواجبنا نحو أسر الشهداء.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف word : فضل الشهادة ، وواجبنا نحو أسر الشهداء.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف pdf : فضل الشهادة ، وواجبنا نحو أسر الشهداء.
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة كما يلي:
فضل الشهادة ، وواجبنا نحو أسر الشهداء خطبة الجمعة القادمة .
الحمد لله رب العالمين ، القائل في كتابه الكريم : {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ* يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} ، وأَشهدُ أنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وأََشهدُ أنَّ سيدَنا ونبيَّنا مُحَمّدًا عَبدُه ورسوله ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ .
وبعد :
فقد خلق الله (عز وجل) الإنسان لعمارة الأرض وإصلاحها ، وحفظ الحق (جل وعلا) للإنسان ما يعينه على هذا الإعمار ، وأحاط النفس البشرية التي هي مناط التكليف بسياجات حفظٍ جعلت أيَّ اعتداء عليها – أو أيّ إفسادٍ في الأرض – اعتداء على الناس جميعًا ، وأيَّ حفظ لها – أو إصلاح في الأرض – حفظًا للناس جميعًا، قال تعالى : {مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} .
وغاية الإعمار والإحياء من أسمى الغايات التي لا تتحقق إلا بتضحيات كبيرة ، من أناس مخلصين لدينهم ووطنهم ، عرفوا قيمة الدين والوطن والحياة الآمنة المستقرة ، فضحوا بأنفسهم وأموالهم لتحقيق هذه الغاية ، ودخلوا في تجارة رابحة مع ربهم سبحانه وتعالى ، وهي تجارة لن تبور حيث يقول الحق (جل وعلا) :
{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} ، فكان جزاؤهم من جنس عملهم ؛ حيث حقق لهم الله سبحانه أفضل مما أرادوا أن يوفروه لغيرهم ، فرزقهم الله تعالى بنيتهم الطيبة الحياة الأبدية الآمنة المستقرة ، يقول تعالى: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ}.
والشهادة في سبيل الله منزلة من أسمى المنازل ، وغاية من أجل الغايات التي لا تتحقق إلا لصفوة الله سبحانه من خلقه ، قال تعالى :
{وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ} ، إنها منحة الله تعالى لأحب خلقه إليه بعد الأنبياء والصديقين ، يقول (جل وعلا) : {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} ، كما أن الله سبحانه ينجيهم من فتنة القبر، ومن الصعق يوم القيامة ، فقد قال رجل : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا بَالُ الْمُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ إِلَّا الشَّهِيد؟ قال (صلى الله عليه وسلم) :
(كَفَى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رَأْسِهِ فِتْنَةً) ، ولما سأل النبي (صلى الله عليه وسلم) جبريل (عليه السلام) عن هذه الآية : {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} ، من الذين لم يشأ الله أن يصعقهم؟ قال : (هم شهداء الله) ، ويكفي الشهداء منزلة قول رَسُولَ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : ( كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ ، إِلَّا الْمُرَابِطَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، فَإِنَّهُ يُجْرَى لَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ حَتَّى يُبْعَثَ) .
ولذلك فإن من رزقه الله الشهادة ، ورأى فضلها ، وبلغ منزلتها ، يتمنى لو يرجع إلى الدنيا فيستشهد مراتٍ ومراتٍ ، يقول : ( صلى الله عليه وسلم ) : (مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَأَنَّ لَهُ مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَيءٍ غَيْرُ الشَّهِيدِ ، فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ ، فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى مِنَ الْكَرَامَةِ) ، ولا أدل على ذلك الفضل من قول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : (…وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، ثُمَّ أُحْيَا ، ثُمَّ أُقْتَلُ ، ثُمَّ أُحْيَا ، ثُمَّ أُقْتَلُ ، ثُمَّ أُحْيَا ، ثُمَّ أُقْتَلُ) .
ولذلك كان الصحابة (رضوان الله عليهم) أشد الناس حرصًا على الشهادة:
فكانوا يحرصون عليها ، ويسارعون لنيلها ، فهذا سيدنا عمرو بن الجموح (رضى الله عنه) الصحابي الأعرج الذي كان يتمنى الخروج يوم بدر فأبى النبي (صلى الله عليه وسلم) ألا يخرج لما به من عرج ، فلما كان يوم أحد ، قال لبنيه : أخرجوني ، فقالوا له : قد رخص لك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في عدم الخروج ، فقال لهم : هيهات هيهات! منعتموني الجنة يوم بدر ، والآن تمنعونيها يوم أحد! فأبى إلا الخروج ، وجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) ، فَقَالَ :
يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ قُتِلَ الْيَوْمَ دَخَلَ الْجَنَّةَ؟ قَالَ (صلى الله عليه وسلم) : (نَعَمْ) ، قَالَ : فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أرجعُ إِلَى أَهْلِي حَتَّى أَدْخُلَ الْجَنَّةَ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ (رضي الله عنه) : يَا عَمْرُو ، لَا تَألَّ عَلَى اللَّهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : (مَهْلًا يَا عُمَرُ ، فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَّره ، مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ ، يَخُوضُ فِي الجنة بعرجته) .
ولما كان الإسلام دين المروءة ، والشهامة ، والرجولة ، والعفة ، وحفظ الأنفس ، والأعراض ، والأموال ، والحقوق:
جعل الحفاظ على ذلك كله من الإيمان ، وجعل الدفاع عن إقامة هذه الأخلاق والآداب من أشرف الغايات ، ومن مات في سبيل تحقيق ذلك فهو شهيد ، فالشهادة لا تقتصر على شكل واحد ؛ وإنما ألوانها متعددة ، حيث يَقُولُ(صلى الله عليه وسلم) :
(مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ) ، ويقول (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : (… الْقَتِيلُ شَهِيدٌ ، وَصَاحِبُ الْهَدْمِ شَهِيدٌ ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ ، وَالْغَرِيقُ شَهِيدٌ ، وَمَنْ أَكَلَهُ السَّبُعُ شَهِيدٌ ، وَالسَّلِيمُ شَهِيدٌ (يَعْنِي اللَّدِيغَ) ، وَصَاحِبُ السُّلِّ شَهِيدٌ ، وَمَنْ مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهِيدٌ ، وَمَنْ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ ثُمَّ مَاتَ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَالنُّفَسَاءُ ، وَمَنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ يُرِيدُ أَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَكَلِمَةُ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى شَهِيدٌ ) ، كما لا يحرم فضل الشهادة من سألها بصدق نية ، قال (صلى الله عليه وسلم) : (مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ) .
إن الشهيد الحق هو من اعتنق الحق ، وأخلص له ، وضحى في سبيله ، قال (صلى الله عليه وسلم) :
(مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ) ، والشهيد مشرف في الدنيا والآخرة ، ففي الدنيا يذكر اسمه ويكتب بحروف من نور في ذاكرة الأمة مثالا للتضحية ، والرجولة ، والشرف ، وسيظل شهداؤنا باقين في عقولنا وقلوبنا ، نذكرهم بالإعزاز والإكبار ، مهما تعاقبت الأجيال ، وفي الآخرة يبعث الشهيد في هيئة الفخر ، والشرف ، والجمال ، يقول (صلى الله عليه وسلم) : (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللهِ – وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ- إِلاَّ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ) .
لقد ضحى شهداؤنا الأبرار بأنفسهم من أجل غيرهم ، وتركوا خلفهم أسرهم ، وإن لهم علينا حقوقًا وواجبات ، منها : أن ننظر إليهم نظرة إجلال وإكبار واعتراف بالجميل الذي قدمه آباؤهم ، فلا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل ، حيث يقول الحق سبحانه : {هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ} ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : (لَا يَشْكُرُ اللهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ) ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : (وَمَنْ آتَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَعْلَمُوا أَنْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ) وأي معروف يوازى أو يضاهي بذل الإنسان روحه فداء لوطنه وعرضه .
ومنها : ألا نشعرهم بمرارة فقد الأب أو العائل:
ويكون ذلك بتعهدهم ، وقضاء بعض الأوقات معهم ، والبشاشة في وجوههم ، وحسن معاملتهم ، وقد كان النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) يتعهد أسر الشهداء وأبناءهم بالرعاية ، ومن ذلك ما كان منه (صلى الله عليه وسلم) مع أسرة سيدنا جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه) الذي استشهد يوم مؤتة ، وترك خلفه أولادا صغارًا ، فتولى النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) أمرهم ، وتعهدهم بملاطفته ، وحنوه ، وكفلهم بعد وفاة أبيهم .
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
* * *
الخطبة الثانية من خطبة الجمعة القادمة:
الحمد لله رب العالمينَ ، وأشهدُ أن لاَ إلهِ إلا اللهُ وحدَه لاَ شريكَ له ، وأشهدُ أنّ سيدَنا ونبينَا مُحمّدًا عَبدهُ وَرَسُولُه ، اللهُم صَلّ وسلمْ وباركَ عليهِ ، وعَلى آلهِ وصحْبهِ أَجمعينَ ، ومن تبعهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين .
إخوةَ الإِسلام :
إن من واجبنا نحو أسر شهدائنا : أن نوفر لهم الحياة الآمنة المستقرة فقد استشهد آباؤهم من أجل أن يوفروا لنا هذه الحياة ، وقد ضمن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لمن يقوم برعاية أسر والشهداء وأبنائهم الأجر والثواب ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : (مَنْ جهَّزَ غَازِيًا في سبيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا ، ومنْ خَلَفَ غَازيًا في أَهْلِهِ بخَيْر فَقَدْ غزَا) ، ومعنى خَلَفَ غَازيًا في أَهْلِهِ ؛ أي : قام على شئونهم ورعايتهم ، ووفر لهم ما يحتاجون إليه ، فينال بذلك مثل أجر الشهادة , كما أن رعاية أسر هم هي عرفان بالجميل واعتراف بالفضل، ومجازاة لبعض حقوقهم الواجبة علينا، جاء في صحيح البخاري عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ:
(خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ،( رَضِيَ اللهُ عَنْهُ )، إِلَى السُّوقِ فَلَحِقَتْ عُمَرَ امْرَأَةٌ شَابَّةٌ فَقَالَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلَكَ زَوْجِي وَتَرَكَ صِبْيَةً صِغَارًا وَاللهِ مَا يُنْضِجُونَ كُرَاعًا ، وَلاَ لَهُمْ زَرْعٌ ، وَلاَ ضَرْعٌ وَخَشِيتُ أَنْ تَأْكُلَهُمُ الضَّبُعُ وَأَنَا بِنْتُ خُفَافِ بْنِ إِيْمَاءَ الْغِفَارِيِّ وَقَدْ شَهِدَ أَبِي الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَوَقَفَ مَعَهَا عُمَرُ وَلَمْ يَمْضِ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِنَسَبٍ قَرِيبٍ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بَعِيرٍ ظَهِيرٍ كَانَ مَرْبُوطًا فِي الدَّارِ فَحَمَلَ عَلَيْهِ غِرَارَتَيْنِ مَلأَهُمَا طَعَامًا وَحَمَلَ بَيْنَهُمَا نَفَقَةً وَثِيَابًا ثُمَّ نَاوَلَهَا بِخِطَامِهِ ثمَّ قَالَ اقْتَادِيهِ فَلَنْ يَفْنَى حَتَّى يَأْتِيَكُمُ اللهُ بِخَيْرٍ فَقَالَ رَجُلٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَكْثَرْتَ لَهَا قَالَ عُمَرُ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ وَاللهِ إِنِّي لأَرَى أَبَا هَذِهِ وَأَخَاهَا قَدْ حَاصَرَا حِصْنًا زَمَانًا فَافْتَتَحَاهُ ثُمَّ أَصْبَحْنَا نَسْتَفِيءُ سُهْمَانَهُمَا فِيهِ).
ففي هذه الواقعة نرى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يبين لنا ما يتوجب علينا تجاه الشهداء:
من الاعتراف بجميل فعالهم وحسن صنيعهم، ويبين كذلك واجبنا تجاه أسرهم من بعدهم، وهو ما يمكن أن نترجمه في زماننا بدور ضروري – فردًا ومؤسسة – لرعاية أبناء الشهداء، بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان، ترضية لهم وعرفانا بجميلهم.
ومنها : حسن تأهيل أبنائهم ،وإنزال الأكفاء المنزلة التي يستحقونها:
ولنا الأسوة الحسنة في رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؛ فقد كان يتعهد أسر الشهداء بالرعاية والحفظ ، ويؤهل أبناءهم التأهيل الأمثل ، ومن ذلك ما كان منه (صلى الله عليه وسلم) مع سيدنا أسامة بن زيد (رضي الله عنهما) ؛ فقد استشهد أبوه سيدنا زيد ابن حارثة (رضي الله عنه) يوم مؤتة ، وقد تعهده النبي (صلى الله عليه وسلم) بالتأديب والتعليم حتى صار أصغر قائدٍ عسكري في التاريخ كله ، ولم يكن قد أتم العشرين من عمره ، حيث ولاه النبي (صلى الله عليه وسلم) قيادة الجيش وفيه كبار الصحابة ، وقد قَالَ النبي (صلى الله عليه وسلم):
(إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ ، فَقَدْ طَعَنْتُمْ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ ، وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ خَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ) . ونبشر أسر الشهداء وأبناءهم أيضا بحفظ الله تعالى ورعايته إياهم إكراما لآبائهم فأن وعد الله حق ، وإن الله (عز وجل) يتولى الصالحين ، فالله تعالى يجعل من صلاح الآباء ما يعود على أبنائهم في الدنيا والآخرة ، فقد وكل الله تعالى لغلامين يتيمين عبدين صالحين من عباده ؛ هما :
سيدنا موسى وسيدنا الخضر (عليهما السلام) ليحفظا لهما مالهما وكنزهما ، إكرامًا لأبويهما الصالحين ، حيث يقول سبحانه {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} ، وأما في الآخرة فيلحقهم ربهم بآبائهم إكرامًا لهم ، وإن قل عملهم ، يقول تعالى : {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ}.
وعلينا أن نعلم علم اليقين أن تضحيات شهدائنا تاج على جبين الوطن:
وعلى جبين كل مصري مخلص لوطنه ، وأن الوفاء لهذه التضحيات يتطلب أن يكون كل واحد منا جنديًّا لهذا الوطن في مجاله ، وأن يبذل أقصى طاقته في خدمة هذا الوطن العظيم ، وأن نقف جميعا صفًّا واحدًا وعلى قلب رجل واحد خلف جيشنا وشرطتنا وسائر المؤسسات الوطنية ، مؤكدين أن مؤسساتنا الوطنية صمام أمان المجتمع ، وعلينا جميعا مواجهة دعاة الفتنة والفوضى من جماعات التطرف والإرهاب التي لا تؤمن بوطن ولا بدولة وطنية ، مقدمة مصلحة الجماعة على مصلحة الدولة ، فهذه الكيانات وتلك الجماعات خطر داهم على الدين والدولة ومواجهتها والقضاء على فكرها المتطرف واجب ديني ووطني وإنساني
سائلين ا لمولى عز وجل أن يتغمد شهداءنا بواسع رحمته وأن يحفظ مصرنا العزيزة وجيشها ,وشرطتها وجميع أبناءها من كل سوء ومكروه.
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف