خطبة الجمعة القادمة 8 سبتمبر 2023م بعنوان : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه ، للشيخ عمر مصطفي
خطبة الجمعة القادمة 8 سبتمبر 2023م بعنوان : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه ، للشيخ عمر مصطفي، بتاريخ 23 صفر 1445هـ ، الموافق 8 سبتمبر 2023م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 8 سبتمبر 2023م بصيغة word بعنوان : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه ، للشيخ عمر مصطفي
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 8 سبتمبر 2023م بصيغة pdf بعنوان : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه ، للشيخ عمر مصطفي
عناصر خطبة الجمعة القادمة 8 سبتمبر 2023م ، بعنوان : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه ، للشيخ عمر مصطفي.
أولًا: مكانةُ النبيِّ ﷺ عندَ ربِّهِ.
ثانيًا: حالُ النبيِّ ﷺ مع ربِّهِ.
ثالثًا: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 8 سبتمبر 2023م ، بعنوان : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه ، للشيخ عمر مصطفي ، كما يلي:
حال النبي ﷺ مع ربه
23 صفر 1445هـ – 8 سبتمبر 2023 م
الموضوع
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، القائلِ في كتابهِ الكريمِ { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)}(التوبة)، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، لهُ الملكُ ولهُ الحمدُ وهو علَي كلِّ شيءٍ قدير، وأشهدُ أنَّ سيدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ البشيرُ النذيرُ، والسراجُ المنيرُ سيّدُ الأولينَ والآخرين، وعلي آلهِ وأصحابهِ أجمعين، ومَن تبعَهُم بإحسانٍ إلي يومِ الدينِ.
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 8 سبتمبر 2023م بعنوان : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه
أولًا: مكانةُ النبيِّ ﷺ عندَ ربِّهِ.
** عبادَ الله :إنَّ اللهَ أكرمَ نبيَّهُ ﷺ بفضائلَ جمةٍ، وصفاتٍ عدةٍ، فأحسنَ خلْقَه وأتمَّ خُلُقَهُ، حتى وصفَهُ تعالَى بقولِهِ: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ (القلم)، ومنحَهُ جلَّ وعلا فضائلَ عديدةً، وخصائصَ كثيرةً، تميّزَ بها ﷺ عن غيرِهِ مِن الأنبياءِ والمرسلين، مِن هذه الخصائصِ والفضائلِ:
**كان ﷺ أمانًا لأمتِهِ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: صَلَّيْنَا الْمَغْرِبَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قُلْنَا: لَوْ جَلَسْنَا حَتَّى نُصَلِّيَ مَعَهُ الْعِشَاءَ قَالَ فَجَلَسْنَا، فَخَرَجَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: «مَا زِلْتُمْ هَاهُنَا؟» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّيْنَا مَعَكَ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ قُلْنَا: نَجْلِسُ حَتَّى نُصَلِّيَ مَعَكَ الْعِشَاءَ، قَالَ «أَحْسَنْتُمْ أَوْ أَصَبْتُمْ» قَالَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَكَانَ كَثِيرًا مِمَّا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: «النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ»(صحيح مسلم).
** و مِن مكانةِ النبيِّ عندَ ربِّهِ وعلوِّ شأنِهِ أنَّهُ نادَى جميعَ الأنبياءِ بأسمائِهِم، فقال: يا آدمُ، يا نوحُ، يا إبراهيمُ، يا موسَى، يا عيسَى، يا زكريَّا، يا يحيَ، وعندما نادَى النبيَّ ﷺ قال : يا أيُّها النبيُّ – يا أيُّها الرسولُ – يا أيُّها المزملُ- يا أيُّها المدثرُ.
** وحين أثنَى اللهُ على أنبيائِهِ السابقين بمَا فيهم مِن أخلاقٍ كريمةٍ، كان يذكرُ لكلِّ نبيٍّ صفاتٍ محددةٍ، فقال عن خليلِهِ إبراهيمَ: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ}، وقال عن إسماعيلَ: {إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا}، وقال عن مُوسَى: {إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا}، وقال عن أيوب: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}، وحين تحدثَ عن سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ بيَّنَ أنَّهُ حازَ الكمالاتِ كلَّهَا فقالَ: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}.
**مِمّا يدلُّ علي مكانتِهِ ومنزلتِهِ عندَ ربِّهِ: أنَّ اللهَ أرسلَ كلَّ نبيٍّ إلى قومِهِ خاصةً، وفي القرآنِ ما يشيرُ إلى هذا، فيقولُ اللهُ عن عيسَى عليه السلام: {وَرَسُولا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ}، وعن هودٍ عليه السلامُ قال: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا}، أمَّا نبيُّنَا ﷺ فبُعِثَ إلى الناسِ كافةً في زمانِهِ وفيمَا بعدَ زمانِهِ، فهو خاتمُ النبيين، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}. وقال جلَّ ذكرُهُ: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}. وفي الحديثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: إِنَّ ” مَثَلِي وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ، وَيَعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ “(صحيح البخاري).
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 8 سبتمبر 2023م بعنوان : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه
ثانيًا: حالُ النبيِّ ﷺ مع ربِّهِ.
**عبادَ الله: إنَّنَا بحاجةٍ إلي مدارسةِ سيرةِ النبيِّ ﷺ وسنتِهِ لنتعرفَ أكثرَ علي حالِهِ مع ربِّهِ، فلقد كان له ﷺ حالٌ مع ربِّه في ليلِهِ وفي نهارِهِ، أشبَه براهبٍ لكن ليس له صومعةٌ ينقطعُ فيهَا للعبادةِ ، وإنَّما صومعتُهُ الحياةُ بأكملِهَا، وهكذا كان أصحابُهُ ﷺ ورضي اللهُ عنهم أجمعين، ومَن سارَ علي هديهِم ونهجِهِم .
ومِن حالِهِ مع ربِّهِ:
** كان يقومُ حتي تتفطرَ قدماهُ الشريفتين : فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: «أَفَلاَ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ صَلَّى جَالِسًا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ».(صحيح البخاري).
**وكان أتقَي الناسِ وأخشاهُم للهِ: عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي».(صحيح البخاري).
** ومِن حالِهِ مع اللهِ الحياءُ منهُ سبحانَهُ وتعالي: عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ” فَفَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلاَةً، فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ، حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ: مَا فَرَضَ اللَّهُ لَكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: فَرَضَ خَمْسِينَ صَلاَةً، قَالَ: فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعْتُ، فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، قُلْتُ: وَضَعَ شَطْرَهَا، فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ، فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعْتُهُ، فَقَالَ: هِيَ خَمْسٌ، وَهِيَ خَمْسُونَ، لاَ يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ، فَقُلْتُ: اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي. (صحيح البخاري).
**والتوبةُ والاستغفارُ مع أنَّهُ غُفرَ له ما تقدمَ مِن ذنبِهِ وما تأخر: عن أبي هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي اليَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً».(صحيح البخاري).
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 8 سبتمبر 2023م بعنوان : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه
ثالثًا: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.
عبادَ الله: إنَّنَا إذا تتبعنَا آياتِ القرآنِ الكريمِ وجدنَا أنَّ المولي سبحانَهُ وتعالي يأمرُنَا ويدعونَا إلي اتخاذِ القدواتِ، ويذكرُ في آياتٍ أُخرَي الكثيرَ مِن النماذجِ العمليةِ لنقتدِي بهَا مِن الأنبياءِ والصالحين، قالَ اللهُ تعالي لنبيِّه ﷺ بعدمَا ذكرَ جملةً مِن الأنبياءِ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ }(90)(الأنعام).
فاللهُ تعالى يخاطبُ سيدَنَا ونبيَّنَا مُحمدًا ﷺ: { أولئك } الأنبياءُ المذكورون مع مَن أضيفَ إليهم مِن الآباءِ والذريةِ والإخوانِ وهم الأشباهُ، { الذين هَدَى الله } هم أهلُ الهدَى لا غيرهُم { فَبِهُدَاهُمُ اقتده } اقتدِ واتبعْ، وإذا كان هذا للرسولِ ﷺ فأمتُه تبعٌ لهُ فيمَا يشرعُهُ ويأمرُهُم بهِ.(مختصر تفسير ابن كثير).
وأمرَنَا اللهُ عزَّ وجلَّ أنْ نقتدِيَ بالنبيِّ ﷺ قالَ تعالي: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا }(21)(الأحزاب).
تابع / خطبة الجمعة القادمة 8 سبتمبر 2023م بعنوان : حال النبي (صلى الله عليه وسلم) مع ربه
لقد كان لكم أيُّها المؤمنون في هذا الرسولِ العظيمِ قدوةٌ حسنة، تقتدونَ بهِ ﷺ في إخلاصِهِ، وجهادِهِ، وصبرِهِ، فهو المثلُ الأعلَى الذي يجبُ أنْ يُقتدَى به، في جميعِ أقوالِهِ وأفعالِهِ وأحوالِهِ، لأنَّهُ لا ينطقُ ولا يفعلُ عن هوَى، بل عن وحيٍ وتنزيلٍ، فلذلك وجبَ عليكم تتبعِ نهجِهِ، وسلوكِ طريقِهِ {لِّمَن كَانَ يَرْجُواْ اللهَ واليومَ الآخرَ} لِمَن كان مؤمنًا مخلصًا يرجو ثوابَ اللهِ، ويخافُ عقابَهُ {وَذَكَرَ الله كَثِيراً} وأكثرَ مِن ذكرِ ربِّه، بلسانِهِ وقلبِهِ.(صفوة التفاسير).
وقال الحسنُ البصري: زعمَ قومٌ أنَّهُم يحبونَ اللهَ فابتلاهُم اللهُ بهذه الآيةِ قالَ اللهُ تعالَي : {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }(31)(آل عمران).
قال ابنُ كثيرٍ: هذه الآيةُ الكريمةُ حاكمةٌ على كلِّ مَن ادّعَى محبةَ اللهِ، وليس هو على الطريقةِ المحمديةِ، فإنَّهُ كاذبٌ في دعواهُ في نفسِ الأمرِ، حتى يتبعَ الشرعَ المحمدي، والدينَ النبويَّ في جميعِ أقوالِهِ وأفعالِهِ ، كما ثبتَ في الصحيحِ عن رسولِ اللهِ ﷺ أنَّهُ قال: « مَن عملَ عملاً ليس عليه أمرُنَا فهو ردٌّ » ، ولهذا قال : { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ الله فاتبعوني يُحْبِبْكُمُ الله } أي يحصلُ لكُم فوقَ ما طلبتُم مِن محبتِكُم إيَّاهُ، وهو محبتُهُ إيَّاكُم وهو أعظمُ مِن الأولِ، كما قال بعضُ العلماءِ الحكماءِ: ليس الشأنُ أنْ تحبَّ إنَّما الشأنُ أنْ تُحَب، و عن عروةَ عن عائشةَ رضي اللهُ عنها قالتْ : قالَ رسولُ اللهِ ﷺ: « هل الدينُ إلّا الحبُّ في اللهِ والبغضُ في اللهِ؟ قال اللهُ تعالى : { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ الله فاتبعوني } »، ثُم قال تعالَى: { وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } باتباعِكُم الرسول ﷺ .(مختصر تفسير بن كثير ).
عبادَ اللهِ: إنَّ شرطَ المحبةِ للهِ أنْ تتبعَ رسولَ اللهِ ﷺ ، وكذلك محبتُه ﷺ سببٌ لدخولِ الجنةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى».(صحيح البخاري).
وعن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي».(صحيح البخاري).
وبعدَ موتِه ﷺ طاعتُه باتباعِ سنتِهِ، عَنِ العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْمًا بَعْدَ صَلاَةِ الغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلاَلَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ.(سنن الترمذي).
اللهُمَّ اعنَّا علي ذكرِكَ وشكرِكَ وحسنِ عبادَتِكَ ، ربَّنَا هب لنَا مِن لدنكَ رحمةً إنَّك أنتَ الوهاب ، ربَّنَا آتنَا في الدنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقنَا عذَابَ النار، ربَّنَا اغفرْ لنَا ولوالِدِينَا ولِجميعِ المسلمينَ، اللهُمَّ اجعلْ مصرَ أمنًا أمانًا سلمًا سلامًا سخاءً رخاءً وسائرَ بلادِ المسلمين، اللهُمَّ احفظهَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ، برحمتِكَ يا أرحمَ الراحمين، وصلَّى اللهُ وسلَّم على نبيِّنَا مُحمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
كتبه راجي عفو ربه عمر مصطفي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف