خطبة الجمعة القادمة 7 يناير 2022م “العمل شرف” ، للدكتور خالد بدير
خطبة الجمعة القادمة 7 يناير 2022م : “العمل شرف” ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ: 4 جمادي الآخرة 1443هـ – 7 يناير 2022م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 7 يناير 2022م ، للدكتور خالد بدير : “العمل شرف” :
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 7 يناير 2022م ، للدكتور خالد بدير: “العمل شرف” ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 7 يناير 2022م ، للدكتور خالد بدير : “العمل شرف” ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
عناصر خطبة الجمعة القادمة 7 يناير 2022م ، للدكتور خالد بدير : “العمل شرف” : كما يلي:
أولًا: أهميةُ العملِ ومكانتُهُ في الإسلامِ.
ثانيًا: العملُ والاحترافُ في حياةِ الأنبياءِ والصالحينَ.
ثالثًا: العملُ ضربٌ من ضروبِ العبادةِ في الإسلامِ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 7 يناير 2022م ، للدكتور خالد بدير : “العمل شرف” : كما يلي:
الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إِلَهَ إِلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ وأنّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، صلى اللهُ عليه وسلم.أمّا بعدُ:
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة
أولًا: أهميةُ العملِ ومكانتُهُ في الإسلامِ:
للعملِ أهميةٌ كُبرَى ومكانةٌ رفيعةٌ في الإسلامِ ، لذلكَ أمرَنَا اللهُ سبحانَهُ بالسعيِ والضربِ في الأرضِ مِن أجلِ الرزقِ، قال تعالي: { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } ( الملك: 15)؛ ويقررُ الإسلامُ أنّ حياةَ الإيمانِ بدونِ عملٍ، هي عقيمٌ كحياةِ شجرٍ بلَا ثمرٍ .
فالإسلامُ لا يعرفُ سنًّا للتقاعد:
ولذلك يدفعُنَا النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلمَ دفعًا إلى حقلِ العملِ حتى عندَ قيامِ الساعةِ. فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ ؛ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا، فليغرسها”. [ أحمد والبخاري في الأدب المفرد بسند صحيح ].
كما حثَّنَا على اتخاذِ المهنةِ للكسبِ، فهي خيرٌ من المسألةِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:” لَأَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَتَصَدَّقَ مِنْهُ فَيَسْتَغْنِيَ بِهِ عَنْ النَّاسِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ رَجُلًا أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا أَفْضَلُ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ” (الترمذي وحسنه).
لذلك كان سيدُنَا عمرُ بنُ الخطابِ رضي اللهُ عنه يهتمُّ بالعملِ والترغيبِ فيه فيقولُ: ما مِن موضعٍ يأتيني الموتُ فيه أحبُّ إلىَّ من موطنٍ أتسوقُ فيه لأهلِي أبيعُ وأشترِي، وكان إذا رأَي فتًى أعجبَهُ حالهُ، سألَ عنه: هل له مِن حرفةٍ ؟ فإن قِيلَ : لا. سقطَ مِن عينيهِ .
وكان إذا مُدِحَ بحضرتِهِ أحدٌ سألَ عنهُ : هل لهُ مِن عملٍ؟ فإن قِيلَ : نَعمْ .قال : إنّه يستحقُ المدحَ . وإنْ قالوا : لا. قال : ليس بذاكَ. وكان كلَّمَا مرَّ برجلٍ جالسٍ في الشارعِ أمامَ بيتِهِ لا عملَ لهُ أخذَهُ وضربَهُ بالدرةِ وساقَهُ إلى العملِ وهو يقولُ: إنّ اللهَ يكرَهُ الرجلَ الفارغَ لا في عملِ الدنيا ولا في عملِ الآخرةِ. وكان يقولُ أيضًا: “مكسبةٌ في دناءةٍ خيرٌ من سؤالِ الناسِ، وإنّ اللهَ خلقَ الأيدَي لتعملَ فإنْ لم تجدْ في الطاعةِ عملًا وجدتْ في المعصيةِ أعمالًا “. وكان سعيدُ بنُ المسيبِ يتاجرُ بالزيتِ ويقولُ: واللهِ ما للرغبةِ في الدنيا ولكنْ أصونُ نفسِي وأصلُ رحِمِي.”، وكان إبراهيمُ بنُ أدهمَ إذا قِيلَ لهُ : كيفَ أنتَ ؟ قال : بخيرٍ ما لم يتحملْ مؤنتِي غيرِي. (إحياء علوم الدين – الإمام الغزالي).
إنّ العملَ شرفٌ:
ولو لم يكنْ الإنسانُ في حاجةٍ للعملِ، لكانَ عليه أنْ يعملَ للمجتمعِ الذي يعيشُ فيه، فإنّ المجتمعَ يُعطِيه، فلابدَّ أنْ يأخذَ منه على قدرِ ما عندَهُ. يُروىَ أنّ رجلًا مرَّ على أبِي الدرداءِ الصحابِيِّ الزاهدِ – رضي اللهُ عنه- فوجدَهُ يغرسُ جوزةً، وهو في شيخوختِهِ وهِرَمِهِ، فقال له: أتغرسُ هذه الجوزةَ وأنت شيخٌ كبيرٌ، وهي لا تثمرُ إلا بعدَ كذَا وكذَا عامًا ؟! فقال أبو الدرداءِ: وما عليَّ أنْ يكونَ لي أجرُهَا ويأكلُ منها غيرِي.
وأكثرُ مِن ذلك أنّ المسلمَ لا يعملُ لنفعِ المجتمعِ الإنسانيِّ فحسب، بل يعملُ لنفعِ الأحياءِ، حتى الحيوانِ والطيرِ، والنبيُّ صلى اللهُ عليه وسلمَ يقولُ: ” مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ” [البخاري]. وبذلك يعمُّ الرخاءُ ليشملَ البلادَ والعبادَ والطيورَ والدواب.
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة
ثانيًا: العملُ والاحترافُ في حياةِ الأنبياءِ والصالحينَ:
إنّنَا لو نظرْنَا إلى جميعِ الأنبياءِ لوجدْنَا أنّ لهم دورًا بارزًا في مجالِ العملِ والاحترافِ، فقد كان لكلِّ واحدٍ مِن الأنبياءِ عليهم الصلاةُ والسلامُ جميعًا حرفةً يعيشُ بها، فهذا آدمُ – عليه السلامُ – كان حرَّاثًا، وكانتْ حواءُ تغزلُ القماشَ، وكان إدريسُ خيّاطًا وخطّاطًا، وكان إلياسُ نسَّاجًا، وكان نوح وزكريا نجارينِ، وكان هودُ وصالحُ تاجرينِ، وكان إبراهيمُ زرّاعًا وبناءًّ، وكان أيوبُ زرّاعًا، وكان داودُ زرّادًا – أي يصنعُ الزردَ – وهو درعٌ من حديدٍ يلبسُهُ المحاربُ، وكان سليمانُ خوّاصًا، وكان موسى وشعيبُ ومحمدٌ صلى اللهُ عليه وسلم وسائرُ الأنبياءِ عليهم السلامُ يعملون بمهنةِ رعيِ الأغنامِ. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الْغَنَمَ. فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟! فَقَالَ: نَعَمْ كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ “( البخاري).
إنّ سيدَنَا محمدًا صلى اللهُ عليه وسلم خاتمُ الأنبياءِ والمرسلينَ، ضربَ لنا أروعَ الأمثلةِ في العملِ والكسبِ والاحترافِ، فكان يقومُ بمهنةِ أهلهِ، يغسلُ ثوبَهُ، ويحلبُ شاتَهُ، ويرقعُ الثوبَ، ويخصفُ النعلَ، ويعلفُ بعيرَهُ، ويأكلُ مع الخادمِ، ويطحنّ مع زوجتِهِ إذا عييتْ ويعجنُ معها، وكان يُقطِّعُ اللحمَ مع أزواجِهِ، ويحملُ بضاعتَهُ من السوقِ، ونحرَ في حجةِ الوداعِ ثلاثًا وستينَ بدنةً بيدهِ، وكان ينقلُ الترابَ يومَ الخندقِ حتى اغبرَّ بطنُهُ، وكان ينقلُ مع صحابتِهِ اللبنَ – الطوبَ الترابيَّ- أثناءَ بناءِ المسجدِ، فَعَمَلُ رسولِ اللهِ صلى اللهِ عليه وسلمَ فيه ليرغبَ المسلمينَ في العملِ والبناءِ والتعميرِ، فقامَ المهاجرونَ والأنصارُ وعملُوا بجدٍّ ونشاطٍ حتّى قال أحدُهُم:
لئن قعدْنَا والنبيُّ يعملُ……………… لذاك منا العملُ المضللُ
إنّ العملَ والكسبَ والاحترافَ لم يكنْ في حياةِ الأنبياءِ فقط، بل ربَّي النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم صحابَتَهُ الكرامَ على الجدِّ والاجتهادِ والعملِ والاحترافِ من أجلِ البناءِ والتعميرِ، فكان لكلِّ واحدٍ منهم مهنةٌ يتكسبُ بها؛ فهذا أبو بكرٍ الصديقُ كان تاجرَ أقمشةٍ، وكان عمرُ بنُ الخطابِ دلّالًا، وعثمانُ بنُ عفانَ تاجرًا، وعليٌّ بنُ أبى طالبٍ عاملًا، وكان يقولّ مفتخرًا:
لنقلُ الصخرِ من قِمَمِ الجبالِ ………………….أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مِنَنِ الرَّجَالِ
يَقُولُ النَّاسُ لي في الكسْبِ عارٌ……………….. فقلتُ العارُ في ذلِّ السؤالِ
كما كان عبدُ الرحمنِ بن ُعوفٍ تاجرًا، والزبيرُ بنُ العوامِ خياطًا، وسعدُ بنُ أبِى وقاصٍ نبّالًا أي يصنعُ النبالَ، وعمرُو بنُ العاصِ جزارًا، وخبابُ بنُ الأرتِ حدادًا، وعبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ راعيًا، والزبيرُ بنُ العوامِ خياطًا، وبلالُ بنُ رباحٍ وعمارُ بنُ ياسرٍ كانا خادمين، وسلمانُ الفارسيِ كان حلّاقًا ومؤبّرًا للنخلِ، وخبيرًا بفنونِ الحربِ، والبراءُ بنُ عازبٍ وزيدُ بنُ أرقم كانَا تاجرينِ. (راجع فتح الباري لابن حجر) .
ومع أنّهُم دعاةٌ حملُوا مشاعلَ الهدايةِ والنورِ للأمةِ إِلّا أنّهم سَعوا للكسبِ والاحترافِ من أجلِ بناءِ المجتمعِ .
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة
ثالثًا: العملُ ضربٌ من ضروبِ العبادةِ في الإسلامِ:
مِن عظمةِ الإسلامِ وروحهِ أنّه صبغَ أعمالَ المسلمِ – أيًّا كانتْ هذه الأعمالُ دنيويةً أو أخرويةً – بصبغةِ العبادةِ إذا أخلصَ العبدُ فيها للهِ سبحانَهُ وتعالي، فالرجلُ في حقلِهِ، والصانعُ في مصنعِهِ، والتاجرُ في متجرِهِ، والمدرسُ في مدرستِهِ، والزارعُ في مزرعتِهِ،….. إلخ . كلُّ هؤلاءِ يعتبرونَ في عبادةٍ وجهادٍ، إذا ما أحسنُوا واحتسبُوا وأخلصُوا النيةَ للهِ تعالي في عملِهِم، وقد مدحَ الشرعُ الحنيفُ هؤلاء كما جاءَ في القرآنِ والسنةِ، قالَ تعالي:{ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّه وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } (المزمل: 20). يقولُ الإمامُ القرطبيُّ في تفسيرِهِ لهذه الآيةِ: “سوّى اللهُ تعالي في هذه الآيةِ بين درجةِ المجاهدين والمكتسبين المالَ الحلالَ ، فكان هذا دليلًا على أنّ كسبَ المالِ بمنزلةِ الجهادِ؛ لأنّه جمعَهُ مع الجهادِ في سبيلِ اللهِ”
وقد أكدَ الرسولُ – صلى اللهُ عليه وسلم- لأصحابهِ هذه الحقيقةَ. فعَنْ كَعْبِ بن عُجْرَةَ، قَالَ:
” مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَرَأَى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جِلْدِهِ وَنَشَاطِهِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” إِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يُعِفُّهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ رِيَاءً وَمُفَاخَرَةً فَهُوَ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ”. [الطبراني ورجاله رجال الصحيح ]، وقال لسيدِنَا سعد:” إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ”(البخاري) . بل إنّ الإسلامَ يذهبُ إلى أبعد من ذلك فيعدُّ المعاشرةَ الزوجيةِ طاعةً وقربةً وعبادةً، مع أنّ فيها مآربَ أُخرى للزوجينِ، وفي ذلك يقولُ صلى اللهُ عليه وسلم :
“وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟! قَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟! فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرًا”(مسلم) ، يقولُ الإمامُ النوويُّ – رحمه اللهُ -: ” في هذا دليلٌ على أنّ المباحاتِ تصيرُ طاعاتٍ بالنياتِ الصادقاتِ ، فالجماعُ يكونُ عبادةً إذا نوى به قضاءَ حقِّ الزوجةِ ومعاشرتِهَا بالمعروفِ الذي أمرَ اللهُ تعالى بهِ ، أو طلبَ ولدًا صالحًا، أو إعفافَ نفسِهِ، أو إعفافَ الزوجةِ ومنعهِمَا جميعًا من النظرِ إلى حرامٍ، أو الفكرِ فيه، أو الهمِّ به، أو غيرِ ذلك من المقاصدِ الصالحةِ.” أ.ه
إذن فالإسلامُ يعتبرُ سعىَ الإنسانِ على نفسِهِ وولدِهِ جهادًا وعبادةً يثابُ عليها في الآخرةِ:
ولو فطنَ كلُّ فردٍ إلى هذه الحقيقةِ لما تواني لحظةً في أداءِ عملهِ، بل إنّه يسارعُ إلى أداءِ عملهِ بجودةٍ وإتقانٍ وإخلاصٍ، لا من أجلِ الحصولِ على المالِ فسحب، وإنّمَا من أجلِ الثوابِ الجزيلِ والأجرِ العظيمِ الذي أعدَّهُ اللهُ له في الآخرةِ.
يؤخذُ من كلِّ ما سبقَ أنّ العملَ عبادةٌ:
ولكنْ في غير وقتِ العبادةِ، لأنّ اللهَ وقَّتَ الصلاةَ بوقتٍ فقالَ تعالى: { إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (النساء: 103 )، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }( الجمعة : 9 – 11 ). يقولُ الإمامُ ابنُ كثيرٍ في تفسيرِهِ :
” لَمَّا حَجَرَ اللهُ عليهم في التصرفِ بعدَ النداءِ بيعًا وشراءً وأمرَهُم بالاجتماعِ، أذنَ لهم بعدَ الفراغِ في الانتشارِ في الأرضِ والابتغاءِ من فضلِ اللهِ، كما كان عرَاكُ بنُ مالكٍ رضي اللهُ عنه إذا صلى الجمعةَ انصرفَ فوقفَ على بابِ المسجدِ، فقال: اللهمّ إنّي أجبتُ دعوتَكَ، وصليتُ فريضتَكَ، وانتشرتُ كما أمرتَنِي، فارزقنِي من فضلِكَ، وأنتَ خيرُ الرازقين . وقد عاتبَ اللهُ بعضَ الصحابةِ، إذ قدمَ المدينةَ عيرٌ تحملُ تجارةً، فانشغلُوا بها وتركُوا الخطبةَ، ولم يبقَ معه صلى اللهُ عليه وسلم إلا اثنا عشرَ رجلًا فأنزلَ اللهُ: { وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}” أ.ه
“وقيلَ: إنّ رجلين كانا في عهدِ النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم، أحدهُمَا بيّاعًا فإذا سمعَ النداءَ بالصلاةِ فإن كان الميزانُ بيدهِ طرحَهُ ولا يضعهُ وضعًا، وإن كان بالأرضِ لم يرفعْهُ. وكان الآخرُ قيّنًا يعملُ السيوفَ للتجارةِ، فكان إذا كانتْ مطرقتُهُ على السندانِ أبقاهَا موضوعةً، وإن كان قد رفعَهَا ألقاهَا من وراءِ ظهرِهِ إذا سمعَ الأذانَ، فأنزلَ اللهُ – ثناءً عليهما وعلى كلِّ مَن اقتدَى بهما – قولَهُ تعالى: { رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ( النور: 37).( تفسير القرطبي).
وبعدُ، فهذه رسالةٌ أحببتْ أنْ أبلغَهَا لإخوانِي وآبائِي الذين يعملون في حقولِهِم وزراعاتِهِم وتجاراتِهِم – حبًّا لهم وإشفاقًا عليهم – أنْ لا تشغلهُم عن ربِّهم، اللهمّ إنّي قد بلَّغتُ اللهمّ فاشهدْ يا ربَّ العالمين.
نسألُ اللهَ أنْ يباركَ في أعمالِنَا وأرزاقِنَا ، وأنْ يحفظَ مصرنَاَ مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ،،
الدعاءُ،،،،،،، وأقمْ الصلاةَ،،،،، كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف