أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة 4 أكتوبر 2024 م : وما النصر إلا من عند الله ، للشيخ كمال المهدي

خطبة الجمعة القادمة 4 أكتوبر 2024 م بعنوان : وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ، للشيخ كمال المهدي ، بتاريخ 1 ربيع الآخر 1446هـ ، الموافق 4 أكتوبر 2024م

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 4 أكتوبر 2024 م بصيغة word بعنوان : وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ، للشيخ كمال المهدي

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 4 أكتوبر 2024 م بصيغة pdf بعنوان : وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ، للشيخ كمال المهدي

عناصر خطبة الجمعة القادمة 4 أكتوبر 2024 م ، بعنوان : وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ، للشيخ كمال المهدي.

 

١النصرُ بيدِ اللهِ ينصرُ مَن يشاءُ.

٢مِن عواملِ النصرِ طاعةُ اللهِ وطاعةُ رسولِهِ.

٣مِن عواملِ النصرِ الدعاءُ واللجوءُ إلى اللهِ تعالى.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 4 أكتوبر 2024 م ، بعنوان : وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ، كما يلي:

 

وما النصرُ إلَّا مِن عندِ اللهِ للشيخ/ كمال المهدي

 بتاريخ 1 ربيع الآخر 1446هـ ، الموافق 4 أكتوبر 2024م.

 

الحمدُ للهِ ينصرُ مَن نصرَهُ، ويُعطِي مَن سألَهُ، ولا يردُّ مَن قصدَهُ، جعلَ النصرَ مرتبطٌ بهِ فقالَ: (وَمَا النَّصْرُ  إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ) ، ووضعَ للنصرِ شرطاً فقالَ: (إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ)، ووعدَ المؤمنينَ بنصرِهِ فقالَ: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ.). وأشهدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، فصلواتُ اللهِ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعين.

تابع / خطبة الجمعة القادمة 4 أكتوبر 2024 م : وما النصر إلا من عند الله

أمَّا بعدُ :     

أحبتِي في اللهِ: كما يُقَالُ.. لكلِّ مقامٍ مقال.. فالمقامُ يتطلبُ منَّا لاسيَّمَا ونحن في شهرِ أكتوبر أنْ نتكلمَ عن نصرِ اللهِ للمؤمنين، ونحن نعلمُ أنّهُ في يومِ السادسِ تحديدًا منهُ حقّقَ أبطالُنَا البواسلُ نصرًا عظيمًا… ولسائلٍ أنْ يسألَ لماذا حققُوا النصرَ؟ هل بكثرةِ عددهِم أمْ بقوتِهِم وقوةِ أسلحتِهِم؟ قد يكونُ ذلك.. ولكن هناكَ سببٌ رئيسيٌّ للنصرِ ألَا وهو اعتمادُهُم على ربِّهِم وإيمانِهِم الراسخِ بهِ جلَّ وعلا.. فقد كانُوا يقاتلونَ وهُم صائمونَ دخلُوا على عدوِّهِم وهّم يكبرونَ ويهللونَ: اللهُ أكبرُ.. اللهُ أكبرُ. فأيدَهُم اللهُ بنصرِهِ فهو الذي بيدِهِ الأمرُ كلُّهُ ينصرُ مِن يشاءُ..  فالنصرُ الحقيقيُّ إنّمَا هو بيدِ اللهِ جلَّ وعلا القائل: (وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ) [آل عمران :١٢٦]

فاللهَ هُوَ الوَلِيُّ وَالنَّصِيرُ، النَّصْرُ مِنْهُ وَبِيَدِهِ، يَنْصُرُ المُؤْمِنِينَ مِنْ عِبَادِه، وَلَا يَمْلِكُ مَخْلُوقٌ لِنَفْسِهِ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا، وَلَا لِغَيْرِهِ عِزًّا وَلاَ نَصْرًا، فَالمَنْصُورُ مَنْ نَصَرَهُ الله، وَالمَغْلُوبُ مَنْ خَذَلَهُ الله.

ولقد بيَّنَ اللهُ عزَّ وجلَّ أنَّ النصرَ بيدِهِ حينمَا أمدَّ رسولَهُ الكريمَ في غزوةِ بدرٍ بخمسةِ آلافٍ مِن الملائكةِ يقاتلونَ مع المؤمنين، وقد جعلَ اللهُ هذا الأمرَ بشرَى لهُم ولطمأنةِ قلوبِهِم، فقالَ تعالى في سورةِ الأنفال: (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ به قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إن الله عَزِيزٌ حَكِيم) [الأنفال: ١٠]، فاللهُ وَحْدَهُ الَّذِي يَمْلِكُ القُوَّةَ وَالقُدْرَةَ المُطْلَقَةَ، وَلَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ.

 الأَرْضُ وَمَا عَلَيْهَا وَمَا فِيهَا، وَالسَّماوَاتُ وَمَا عَلَيْهَا وَمَا فِيهَا، كُلُّ هَذَا فِي قَبْضَتِه، وَطَوْعُ أَمْرِه، فَلَهُ جُنُودٌ، لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُو، يُرْسِلُ الرِّيحَ، وَيُعَذِّبُ بِالصَّيْحَةِ، وَيُزَلْزِلُ الأَرْضَ، وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ، وَيَقْذِفُ الحِجَارَةَ مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ.

** ولقد نصرَ اللهُ المؤمنينَ في مَواطنَ كثيرةٍ في بدرٍ والأحزابِ والفتحِ وحُنينٍ وغيرِهَا، نصرَهُمُ اللهُ وفاءً بِوَعدِه حيثُ قال: (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنين) [الروم:٤٧]، وقالَ جلَّ وعلا: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ.يَوْمَ لاَ يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ الْلَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) [غافر: ٥١ – ٥٢].

تابع / خطبة الجمعة القادمة 4 أكتوبر 2024 م : وما النصر إلا من عند الله

نصَرَهُم اللهُ تعالى لأنّهُم أخذُوا بأسبابِ النصرِ الحقيقيَّةِ المادَيةِ منها والمَعْنَويةِ، فكانَ عندَهُم مِن العَزْمِ ما بَرَزُوا بهِ على أعْدائِهِم أخذاً بتوجيهِ اللهِ تعالى لَهُم حيثُ قالَ تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ)[ الأنفال: ٦٠]

قالَ العلماءُ إنَّ القوةَ التي أرادَهَا اللهُ جلَّ وعلا وأمرَ بإعدادِهَا تنقسمُ إلى قسمينِ: قوةٌ حسيةٌ وقوةٌ معنويةٌ.. فالقوةُ الحسيةُ هي إعدادُ السلاحِ والقوةِ المعنويةِ هي الايمانُ باللهِ جلَّ وعلا وطاعتُهُ، فلابُدَّ مِن تحقيقِ القوتينِ ليتحققَ النصرُ المبينُ..

** ولمَّا توافرتْ هذه الأسبابُ في رسولِ اللهِ ﷺ وأصحابِهِ الكرامِ رضوانُ اللهِ عليهِم في يومِ بدرٍ نُصرُوا على أعدائِهِم على قلةِ عددِهِم وعدتِهِم وكان العدوُّ أضعافَهُم في القوةِ والعددِ ومع ذلكَ نُصرُوا عليهِم لأنّهُم أخذُوا بأسبابِ النصرِ، نَصرُوا دينَ اللهِ بالقولِ والعملِ، وصبرُوا في لقاءِ الأعداءِ وصدقُوا، فمكّنَهُم اللهُ ونصرَهُم على عدوِّهِم.

فهو القائلُ جلَّ شأنُهُ: (إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد:٧]، وقال: (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ) [الحج:٤٠].

** أحبتِي في اللهِ:  إنَّ مِن أهمِّ عواملِ النصرِ طاعةُ اللهِ سبحانَهُ وتعالَى وطاعةُ رسولِهِ ﷺ، فأينَ نحن مِن هذينِ الأمرينِ العظيمينِ؟! أينَ نحن مِن طاعةِ اللهِ سبحانَهُ التي هي خيرُ عدةٍ وخيرُ عتادٍ، بل هي العتادُ والعدةُ، يقولُ سبحانَهُ: (كَم مّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةٍ كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَللَّهُ مَعَ الصَّـابِرِينَ) [البقرة:٢٤٩].

تابع / خطبة الجمعة القادمة 4 أكتوبر 2024 م : وما النصر إلا من عند الله

أحبتِي في اللهِ : ليس المقياسُ مقياسَ عدةٍ وعددٍ، إنّمَا المقياسُ مقياسُ قربٍ مِن اللهِ وبعدٍ عنهُ، لهذا لمَّا طاردَ فرعونُ بجنودِهِ  موسَى عليهِ السلامُ وقومَهُ، قالَ قومُ موسَى في خوفٍ ووجلٍ: (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) [الشعراء:٦١]، قالَ موسَى العبدُ الواثقُ بربِّهِ: (قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِىَ رَبّى سَيَهْدِينِ) [الشعراء:٦٢]، إذًا فطاعةُ اللهِ حصنٌ عظيمٌ يلجأُ إليهِ الصالحونَ في الشدائدِ فينصرُهُم اللهُ وينجيهِم مِن كلِّ كيدٍ.

** وهذا ما فهمَهُ المسلمونَ الأوائلُ رضوانُ اللهِ عليهِم، فقد كان الأمراءُ والخلفاءُ يوصونَ قوادَهُم في المعاركِ بطاعةِ اللهِ؛ لأنّهَا سبيلُ النصرِ، أوردَ أبو نعيمٍ في حليةِ الأولياءِ رسالةً مِن عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ إلى أحدِ عمّالِهِ أو قوادِهِ يقولُ فيهَا: “عليكَ بتقوَى اللهِ في كلِّ حالٍ ينزلُ بك؛ فإنَّ تقوَى اللهِ أفضلُ العدةِ وأبلغُ المكيدةِ وأقوَى القوةِ، ولا تكنْ في شيءٍ مِن عداوةِ عدوِّكَ أشدَّ احتراسًا لنفسِكَ ومَن معكَ مِن معاصِي اللهِ، فإنَّ الذنوبَ أخوفُ عندِي على الناسِ مِن مكيدةِ عدوّهِم، وإنّمَا نعادِي عدوَّنَا ونستنصرُ عليهِم بمعصيتهِم، ولولا ذلك لم تكنْ لنَا قوةٌ بهِم؛ لأنَّ عددَنَا ليسَ كعددِهِم، ولا قوتنَا كقوتِهِم”. هذه هي وصيةُ الصالحينَ لجندِهِم، فقبلُ الاستعدادِ بالسلاحِ يكونُ الاستعدادُ بالنفوسِ الطيبةِ والقلوبِ.

وهذا ما كانَ مِن هديِ رسولِنَا ﷺ وسلفِنَا الصالحِ رضوانُ اللهِ عليهِم، فهُم لم ينتصرُوا بالعددِ وإنْ كان العددُ عاملاً مساعدًا في النصرِ، بل كانوا في أكثرِ معاركِهِم وفتوحاتِهِم الإسلاميةِ أقلَّ بكثيرٍ مِن عدوِّهِم، بدءًا مِن غزوةِ بدرٍ الكبرَى التي كان عددُ المسلمينَ فيها ثلاثمائةَ وبضعةَ عشرَ رجلاً أمامَ ألفٍ مِن المشركينَ إلى معركةِ القادسيةِ التي نازلَ فيهَا سبعةُ آلافٍ مِن المسلمينَ بقيادةِ سعدِ بنِ أبي وقاصٍ ستينَ ألفًا مِن الفرسِ بقيادةِ رستُم وهزموهُم بإذنِ اللهِ، وإذا أجرينَا عمليةً نسبةً وتناسبًا، لوجدنَا أنَّ كلَّ جنديٍّ مسلمٍ في معركةِ القادسيةِ يقابلُ أكثرَ مِن ثمانيةٍ مِن جندِ العدوِّ.

فالمسلمون لم ينتصروا بعددِهِم وتقدمِ عدتِهِم رغمَ أنّهَا عاملٌ مساعدٌ أيضًا في النصرِ؛ لأنّهُم لم يكونُوا متقدمينً تقنيًّا، بل كانوا يقاتلونَ بأدواتٍ تقليديةٍ كالسيفِ والرمحِ، بينما أعداؤُهُم يستعملون أدواتٍ أقوَى وأنجع، بل وصلوا إلى استعمالِ الحيواناتِ الضخمةِ التي كانت مخيفةً للناسِ وللخيلِ، فقد استعملَ الفرسُ في معركةِ القادسيةِ أكثرَ مِن ثلاثةٍ وثلاثينَ فيلاً في القتالِ، ومع هذا لم يتراجعْ المسلمونَ ولم ينهزمُوا، رغمَ أنّهُم الأقلُّ عددًا والأقلُّ عدةً؛ لأنّهُم تسلحُوا بالإيمانِ.

وصدقَ القائلُ :

تابع / خطبة الجمعة القادمة 4 أكتوبر 2024 م : وما النصر إلا من عند الله

إنَّ العقيدةَ في قلوبِ رجالِهَا * مِن مدفعٍ أقوَى وألفِ مهندِ ..

** ولقد علّمَ اللهُ المسلمينَ درسًا عمليًا في غزوةِ حنينٍ على أنَّ العددَ والعدةَ ليستْ كلَّ شيءٍ، وعلى أنَّ اللهَ قادرٌ على أنْ يهزمَهُم إذا هم اعتمدُوا على قوتِهِم واغترُّوا بهَا، فقد كان المسلمونَ يومَ حنينٍ معجبينَ بأنفسِهِم فقالُوا: لن نُغلَبَ اليومَ عن قلةٍ، وكانوا يومئذٍ اثنَي عشرَ ألفَ رجلٍ، ففاجأهُم المشركونَ الذين كانوا يختبئونَ في جنبتِي الوادِي، فانهزمَ جيشُ المسلمينَ بالكاملِ، ولم يبقَ إلّا رسولُ اللهِ ﷺ على بغلتِهِ الشهباء، وحولَهُ عشرةٌ مِن المسلمينَ منهم أبو بكرٍ وعمرُ وعليٌّ والعباسُ وأسامةُ بنُ زيدٍ وغيرُهُم رضي اللهُ عنهم، ثبتَ رسولُ اللهِ في هذا الموقفِ الرهيبِ وهو يقولُ: “أنا النبيُّ لا كذب، أنا ابنُ عبدِ المطلب”. وثبتَ معهُ هؤلاءِ الرهط.

ثُمَّ عادَ المسلمونَ وقاتلُوا عدوَّهُم وانتصرُوا عليهِ، وهذا درسٌ مِن اللهِ لعبادِهِ الصالحينَ أنْ لا يغترُّوا بقوتِهِم، وأنْ لا يعتمدُوا ويثقُوا إلَّا فيهِ، قالَ تعالى: (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذلِكَ جَزَاء الْكَـافِرِينَ) [التوبة: ٢٥-٢٦]

** فأهَمُّ عاملٍ مِن عواملِ النصرِ طاعةُ اللهِ وطاعةُ رسولِهِ ﷺ والاعتمادُ عليهِ جلَّ وعلا مع الأخذِ بالأسبابِ وقد رأينَا ماذا حدثَ للمسلمينَ في غزوةِ أحدٍ لمَّا خالفُوا أمرَ رسولِ اللهِ ﷺ عندمَا أمرَ الرماةَ أنْ يلزمُوا موقعَهُم وأنْ لا يبرحُوه، وإنْ رأوا العدوَّ يتخطفُ المسلمينَ وإنْ رأوا المسلمينَ نصروا لا هذا ولا ذاك ، فعليهم أنْ يلزمُوا مكانَهُم، فلمَّا انهزمَ العدوُّ يومَ أحدٍ ورآهُم الرماةُ انهزمُوا ظنُّوا أنّهَا الفاصلةَ فأخلُّوا بمواقعِهِم، وحاولَ أميرُهُم أنْ يثنيَهُم عن ذلك فخالفُوه ظنًّا منهُم أنَّ الكفارَ لا عودةَ لهُم، وأنّهُم قد انهزمُوا انهزامًا كاملًا فدخلَ العدوُّ على المسلمينَ وصارتْ النكبةُ على المسلمينَ والقتلُ والجراحاتُ والهزيمةُ حتى حاولَ الأعداءُ قتلَ رسولِ اللهِ ﷺ فأنجاهُ اللهُ مِن شرِّهِم ولكنْ أصابتُهُ جراحاتٌ وكسرُوا رباعيتَهُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ إلى غيرِ هذا مِمّا أصابَهُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ، وقُتِلَ سبعونَ مِن الصحابةِ وأُصيبَ بعضُ مَن بقِيَ ، وأنزلَ اللهُ فيهِم سبحانَهُ وتعالَى قولَهُ: (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ)  أي: تقتلونَهُم بإذنِ اللهِ (حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ)  يعنِي بذلكَ الرماة (وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ)  تنازعتُم في الأمرِ واختلفتُم (وَعَصَيْتُمْ ) بتركِ الموقعِ الذي أمرَكُم الرسولُ ﷺ بلزومِهِ (مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ ) مِن هزيمةِ العدوِّ، والجوابُ: محذوفٌ تقديرُهُ: سلطَ العدوّ عليكُم. (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ… الآية [آل عمران:152. المقصودُ أنّهُم أصيبُوا بسببِ الخللِ الذي وقعَ منهُم.

أحبتِي في اللهِ:  انظرُوا إلى هذا الدرسِ العظيمِ وهذه الكبوةِ التي جناهَا أصحابُ رسولِ اللهِ ﷺ لمخالفةٍ واحدةٍ، رغمَ أنّهّم متبعونَ لرسولِ اللهِ ﷺ في كلِّ الأمورِ، فكيفَ نرجُو النصرَ والتمكينَ ونحن نخالفُهُ ﷺ في عباداتِنَا وفي هديِنَا وفي أخلاقِنَا وفي معاملاتِنَا وداخلِ بيوتِنَا وخارجهَا، ثم إنَّ الرماةَ في غزوةِ أحدٍ خالفُوا لأنّهُم ظنُّوا أنَّ المعركةَ انتهتْ والأعداءَ اندحرُوا، فمخالفتُهُم غيرُ متعمدة، مع هذا انظر ماذا جنتْ عليهِم، فكيف حالُ مَن يخالفُ أبا القاسمِ متعمدًا، وأنَّى لهُ النصرُ والتمكينُ!!

تابع / خطبة الجمعة القادمة 4 أكتوبر 2024 م : وما النصر إلا من عند الله

**  أحبتِي في اللهِ :  ومِن عواملِ النصرِ كذلك اللجوءُ إلى اللهِ تعالي بالدعاءِ.. فالدعاءُ هو السلاحُ العجيبُ الذي يغفلُ عنه الكثيرُ مِن الناسِ،  وهو أعظمُ وأقوى عواملِ النصرِ، فمِن حِكمِ اللهِ الظاهرةِ في إنزالِ المحنِ والبلاءِ أنْ يتضرعَ إليهِ العبادُ، ويلجؤُوا إليهِ، كما قالَ تعالى: ( فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) [ الأنعام:٤٣]، وقد كان للدعاءِ أثرٌ بالغٌ في تثبيتِ المؤمنينَ وإحرازِ النصرِ في مواطنَ كثيرةٍ، قال تعالى واصفًا حالَ المؤمنينَ يومَ بدرٍ: ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ )[ الأنفال: ٩].

وها هو رسولُ اللهِ ﷺ في يومِ بدرٍ ينظرُ للمُشركينَ وهُم ألفٌ، وإلى أصحابِهِ وعددُهُم لا يزيدُ على ثلاثمائةٍ وتسعةَ عشرَ رجلًا، فاستقبلَ ﷺ القِبلةَ، ثم مدَّ يدَيْه، فجعلَ يهتِفُ بربِّهِ: “اللهُمّ أنجِزْ لي ما وعدتَّنِي، اللهُمَّ آتِ ما وعدتَّنِي، اللهم إنْ تهلِكَ هذه العِصابةَ مِن أهلِ الإسلامِ لا تُعبَدُ في الأرضِ”، فما زالَ يهتِفُ بربِّهِ مادًّا يدَيْهِ، مُستقبِلًا القِبلةَ، حتى سقطَ رداؤُه عن منكِبَيْهِ)؛ رواه مسلم.

ودَعَا النبيُّ ﷺ عَلَى الأَحْزَابِ، فَقَالَ: (اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ سَرِيعَ الْحِسَابِ اهْزِمِ الأَحْزَابَ اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ)؛ رواه مسلم.

وفي قصةِ طالوتَ وجندِهِ وصفَ القرآنُ الكريمُ حالَهُم عندَ ملاقاةِ عدوِّهِم، فقالَ تعالى (وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) ، وبعدَ هذا الدعاء، كان الجوابُ مِن اللهِ: ( فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ ) [البقرة: ٢٥٠ – ٢٥١].

قال الحافظُ الذهبيُّ: “الاستنصارُ باللهِ والاستعانةُ به أعظمُ الجهادِ، وأعظمُ أسبابِ النصرِ” فصدقُ اللجوءِ إلى اللهِ والاعتصامِ بهِ هو سلاحُ المؤمنينَ الصادقينَ، وكلّمَا كان الداعِي لربِّهِ أخلصَ وأقربَ، كان مستجابَ الدعوةِ، وكان منصورًا بإذنِ اللهِ تعالى.

 فهذا مُحمدٌ بنُ واسعٍ غزا مع قتيبةَ بنِ مسلمٍ، فأصابتهُم شدةٌ حتى خافُوا الهلاكَ، فقالَ قتيبةُ: انظروا محمدًا بنَ واسعٍ، فطلبَ فوجدُوهُ في صحراءٍ، قائماً على ركبتيهِ يدعو ويشيرُ بأصبعِهِ، فأُخبرَ قتيبةُ بذلكَ، فقالَ قتيبةُ: احملُوا على القومِ، فإنَّ اللهً لا يضيعُ جيشاً فيهم مُحمدٌ بنُ واسعٍ، فقالَ بعضُ رؤساءِ العسكرِ: إنَّا لم نرَ عندَ هذا الرجلِ الذي طلبتَ كثيرَ قوةٍ، إنَّما كان يدعُو ويشيرُ بأصبعِهِ، فقالَ: لأصبعهِ الذي أشارَ أحبُّ إليَّ مِن ألفِ فارسٍ “..

أخي الحبيب :     أتَهزأُ بالدعاءِ وتزدريهِ **وما تدرِي بمَا صنعَ الدعاءُ..

                             سهامُ الليلِ لا تخطِي ولكن ** لها أمدٌ وللأمدِ انقضاءُ.

             ** وفي الختامِ:  أقولُ لكُم أحبتي في اللهِ :  إذا أردنَا النصرَ مِن اللهِ في جميعِ شئونِ حياتِنَا فلنعدْ إلى ربِّنَا نقبلُ عليهِ بالطاعاتِ  ولنكثرَ مِن الدعاءِ وننصرَ دينَ اللهِ في أنفسِنَا وواقعِنَا  لنكونَ مِن الفائزينَ في الدارينِ ….

أسألُ اللهَ تعالى أنْ يعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ

.. وأن ينصرَ عبادَهّ المستضعفينَ في كلٍّ مكانٍ.

وأسألُهُ جلَّ وعلا أنْ يرزقنَا الأمنَ والأمانَ والسلامةَ والسلامَ وأنْ يجعلَ مصرَنَا آمنةً مطمئنةً سخاءًا رخاءًا وسائرَ بلادِ المسلمين…

كتبه : الشيخ /كمال السيد محمود محمد المهدي

إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية

_____________________________________

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    أبها الشيخ، إن خطبتك ناقصة إن النصر هو نحقيق الاثنين معاً التقرب من الله في المقام الأول ثم العدة والعتاد، كيف ننصر أنفسنا نظل مكانانا وندعو الله، إن الله يقول أن تنطروا الله ينصركم وكيف ننصر الله بالتقرب إليه فقط، لا بالطبع بالتقرب منه واللجوء اليه وأن نتجهز للأعداء، ألم يجهز النبي صلى الله عليه وسلم جيوش لأعداء الإسلام، هل النبي جلس يتقرب فقط إلى الله، بالطبع لا تقرب بالعاء وتجهز بالقوة االبشرية وما استطاع من سلاح، ايها الشيخ اتقي الله قال الله تعالي في كتابه الكريم في سورة الانفال الية 60: “وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ” إذن لن يخاف العدو منا اذا انتظرنا الله يرسل لنا ملائكة تقتل العدو كما فعل مع أبره، لقد فعل الله ذلك مع جيش ابرهه، لأنه لم يكن هناك له موحدين مؤمنين به، أما نحن، هل ستفعل مثل اليهود كما قالوا لسيدنا موسي عليه السلام اذهب وربك قاتلا ونحن هنا منتظرون. نحن امة محمد لا نخاف الموت ولا نهابه، ولا نخاف على مال وعزوة وذرية إنها كلها متاع الدنيا والآخرة خيرٌ وابقي. اتقي الله وقول قولاً سديداً يصلح الله أعمالك، وما النصر إلا من عند الله عندما نأخذ بأسبابا النصر، وليس ننتظر النصر من الله ونحن في بوتنا نصلي ونبتهل فقط

  2. بارك الله لكم وجزاكم الله خيرا
    الآية ٢٤٩ غلبت فئة كثيرة تنوين بالفتح فئة بدلاً من الكسر وجزيتم خيرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »
error: Content is protected !!