خطبة الجمعة القادمة 31 يناير: علو الهمة ونهضة الأمة ، للشيخ عبد الناصر بليح
خطبة الجمعة
خطبة الجمعة القادمة : علو الهمة ونهضة الأمة ، للشيخ عبد الناصر بليح ، بتاريخ: 6 من جمادي الآخرة 1441هـ – 31 يناير 2020م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة للشيخ عبد الناصر بليح : علو الهمة ونهضة الأمة :
لتحميل خطبة الجمعة القادمة للشيخ عبد الناصر بليح : علو الهمة ونهضة الأمة ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة للشيخ عبد الناصر بليح : علو الهمة ونهضة الأمة ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة للشيخ عبد الناصر بليح : علو الهمة وأثره في رقي الأمة : كما يلي:
عناصر خطبة الجمعة القادمة للشيخ عبد الناصر بليح : علو الهمة وأثره في رقي الأمة :
“علو الهمة ونهضة الأمة”
” عَالِيٌّ الْهِمَّةِ لَا يَكْذِبُ وَلَا يَشْهَدُ زُورَاً”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله رب العالمين الذي لا يخفي عليه شيء في الأرض ولافي السماء السميع البصير الذي يطلع على ما تكنه النفوس وتخفي الصدور، لا إله إلا هو أعز الصادقين وأذل الكاذبين وأشهد لا إله إلا الله أوجب الحق وحرم الكذب والضلال وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله القائل: “إن بين يدي الساعة… شهادة الزور، وكتمان شهادة الحق “(أحمد). أما بعد فيا جماعة الإسلام:”
يقول تعالي: “وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّور َوَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً”(الفرقان:72).
إخوة الإيمان وحديثنا إليكم اليوم عن علو الهمة وأثرها في بناء المجتمعات الفاضلة .. فعالي الهمة صادق في قوله وفعله نظيف الثوب والسمعة يسمو بنفسه ومجتمعه ووطنه إلي العلي .. وساقط الهمة دنيء كذاب شاهد زور سمعته سيئة ملوث الشرف عديم المرؤة..
إخوة الإسلام :”ونحن إذا تمعنا آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن شهادة الزور لوجدنا أن إثمها عظيم عند المولى تبارك وتعالى, فكم تسببت في زرع الأحقاد بين الناس, وزرع الضغائن في القلوب ، كم ضيعت شهادة الزور من حقوق الناس و ظلمهم و طمس معالم العدل والإنصاف فيما بينهم ، كم عملت شهادة الزور علي مساعدة الظالم على ظلمه و اعطاء الحق لغير مستحقه ، و تقويض أركان الأمن والأمان والطمأنينة ، كم عصف شهادة الزور بالمجتمع و تدميره في واد سحيق ليس له قرار.
لذلك قال عزوجل: “فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ”(الحج/30).
والرجس هو النجس والقذر، والأوثان هي الأصنام التي كانت تعبد من دون الله سبحانه وعبادة الأصنام شرك وقول الزور معه من أكبر الكبائر..
ويقول سبحانه وتعالي: “وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً”(المجادلة/2).
شهادة الزور تعادل الشرك بالله :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إخوة الإسلام :” ونظراً لما يترتب على شهادة الزور من أضرار ومخاطر على الأفراد والمجتمعات فقد حذرنا الله تبارك وتعالى من مغبة الوقوع فيها كما في قوله تعالى آنفا, ولعظم اثمها فإنّ السنة المطهرة لم تغفل عنها والتحذير منها
لتأكيد تحريم الزور وعظم قبحه ، و سبب الاهتمام بذلك كون قول الزور أو شهادة الزور أسهل وقوعاً على الناس ، و التهاون بها أكثر ، فاذا كان الاشراك ينبو عنه قلب المسلم ،والعقوق يصرف عنه الطبع ، فالحوامل على قول الزور كثيرة ، منها العداوة و الحسد وغيرها ، لأجل ذلك نجد كيف كان الاهتمام بتحريم الزور وقرنه صلي الله عليه وسلم بالشرك وتوعد صلي الله عليه وسلم بمن لا يكف عن العمل بها بالخسران المبين وبعدم قبول العمل, كما جاء في قوله عن الصيام وقول الزور لا يجتمعان في قلب مؤمن فقال صلي الله عليه وسلم :”من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”(البخاري).
وعن أيمن بن خُرَيْمٍ الأسَدِي قال:
“إن النبي صلى الله عليه وسلم قام خطيبًا فقال: “أيها الناس، عدلت شهادة الزور إشراكًا بالله”(أبو داود والترمذي) ، وفي رواية: “الإشراك بالله”، ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية: “فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ”(الحج/30، 31)؛(الطبراني في “الكبير” بسند صحيح موقوفًا على ابن مسعود رضي الله عنه). وقال في حديث آخر :”ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ( ثلاثاً ) ؟ قالوا: “بلى يا رسول الله ، قال : الإشراك بالله و عقوق الوالدين و جلس وكان متكئاً فقال : ألا و قول الزور , قال : فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت”(البخاري و مسلم).وعن القول: جلس و كان متكئاً, قال ابن حجر رحمه الله: شعر بأنه اهتم بذلك حتى جلس بعد أن كان متكئاً..
لماذا تعادل شهادة الزور الإشراك بالله:”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إخوة الإسلام :”إنّ شهادة الزور تعادل في الإثم الشرك والعياذ بالله, لأنه يترتب على هذه الشهادة:
أولا: الكذب والافتراء، والله تعالى يقول: “إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ”(غافر/28),وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلالِ كُلِّهَا إِلا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ”(أحمد) .
وثانيا: لأن شاهد الزور يكون قد أخذ بشهادته مال وعرض المظلوم.
وثالثا: لأنّ شاهد الزور يكون قد ظلم بأن ساق اليه المال الحرام فأخذه الظالم بشهادة الزور فوجبت له النار.
ورابعا: لأنّ شاهد الزور يكون قد استباح لنفسه ما قد حرّم الله تعالى عليه..
خامساً: كثرة شهادة الزور من علامات الساعة فقد أخرج عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن بين يدي الساعة… شهادة الزور، وكتمان شهادة الحق “(أحمد).
سادساً: “شهادة الزور تحبط صالح الأعمال: ودليل ذلك ما أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَن لم يدَعْ قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يَدَعَ طعامَه وشرابَه”(البخاري).
#شاهد الزور لمن أساء؟؟؟؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أيها الناس :” أيدري شاهد الزور لمن أساء ؟
أساء إلي نفسه:
ـــــــــــــــــــــــــــ
وأسقط مروءته , أضاع منزلته وكرامته, وسجل علي نفسه عاراً لا يزول , وخزياً لا يُمحي , وألقي بنفسه في نار حرها شديد وعذابها أليم :” وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ”(الحج/18).
أساء إلي من شهد عليه:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أهانه وأضاع حقه , وقطع صلة الإخاء التي تجب بين المسلم والمسلم .وظلمه وخذله , حيث أخذ ماله أو حقه بالشهادة الكاذبة وخالف فيه قول المصطفي صلي الله عليه وسلم :” المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره بِحسْبِ امْرِئٍ من الشَّرِّ أنْ يَحقِرَ أخاهُ المسلِمَ ، كلُّ المسلِمِ على المسلِمِ حرامٌ ، دمُهُ ، ومالُهُ ، وعِرضُهُ “(مسلم). ؛ فيتعرض الشاهد بذلك لدعوة الشهود عليه بغير الحق ظلمًا، ودعوة المظلوم مستجابة لا تُرَدُّ وليس بينها وبين الله حجاب؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: “ثلاثة لا ترد دعوتهم…”وذكر منهم: “دعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الربُّ: وعزتي وجلالي، لأنصرنَّك ولو بعد حين”( أبو داود والترمذي).
وقال صلى الله عليه وسلم: “مَن اقتطع حق امرئٍ مسلم بيمينه، فقد أوجب الله له النار، وحرَّم عليه الجنة”، فقال رجل: وإن شيئًا يسيرًا يا رسول الله؟ قال: “وإن قضيبًا من أراك”(مسلم).
وأساء إلي من شهد له :”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأضر به حيث يريد أن ينفعه ضره بإعانته علي الظلم وأوقعه في الحرام وعرضه لمقت الله وغضبه وصيره ذليلاً بين يدي المنتقم الجبار ,الحكيم العادل , الذي يأخذ من القوي للضعيف وينصر المظلوم من ظالمه , في الدنيا ويم يتعلق المظلوم في ريبة الظالم يوم الفزع الأكبر والهول الأعظم ” يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ۖ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ”(غافر/52).:” يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ”(الشعراء/89,88). :”يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سكارى وَمَا هُم بسكارى ولكن عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ”(الحج/2).فهو لظلم لمَن شهد له؛ لأنه ساق إليه ما ليس بحق بسبب شهادة الزور؛ فوجبت له النار: لقوله صلى الله عليه وسلم: “إنكم تختصمون إليَّ، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمَن قضيت له بحق أخيه شيئًا بقوله، فإنما أقطع له قطعة من النار، فلا يأخذها”(البخاري).
وأساء إلي القاضي :”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أتعبه واضاع عليه وقته , وطمس عليه معالم الحق , ولو صدقه لأراحه وأراح الناس أجمعين . ضلل القاضي عن الحق، والتَّسبُّب في الحكم بالباطل؛ لأن الحكم يُبْنَى على أمور، منها: البيِّنة على المُدَّعِي واليمين على مَن أنكر، فإذا كانت البيِّنة كاذبة أثرت على الحكم، فكان بخلاف الحق والإثم على الشاهد؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: ((إنما أنا بشر مثلكم، وإنكم تختصمون إليَّ، ولعل أحدكم ألحن بحجته من الآخر، فأقضي له نحو ما أسمع”(البخاري).
وجاء في كتاب “الأخلاق الإسلامية”(1/ 546):
“إن الأصل في الشهادة أن تكون سندًا لجانب الحق، ومُعينة للقضاة على إقامة العدل، والحكم على الجناة الذين تنحرف بهم أهواؤهم وشهواتهم؛ فيظلمون، أو يبغون، أو يأكلون أموال الناس بالباطل، فإذا تحوَّلت الشهادة عن وظيفتها فكانت سندًا للباطل، ومضللة للقضاء، حتى يحكم بغير الحق استنادًا إلى ما تضمنته من إثبات، فإنها تحمل حينئذٍ إثم جريمتين كبريين في آنٍ واحد،
بل أساء إلي الأمة كلها:”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لوث سمعتها وأضاع الثقة بها وكل أمة فشا فيها الزور والكذب سقطت من أعين الأمم .وأصبحت في عداد الهالكين !! لأنه أباح ما حرَّم الله تعالى وعصمه من المال والدم والعرض” اهـ.
خطورة شهادة الزور وما يترتب عليها:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أيها الناس :” يقول الإمام القرطبي :” ولخطورة شهادة الزور كان عمر رضي الله عنه يجلد شاهد الزور أربعين جلدة، ويسخم وجهه، ويحلق رأسه، ويطوف به في الأسواق”(تفسير القرطبي: 18/ 80).
وقد نقل ابن حجر الهيثمي” عن بعض السلف أنه قال: “إذا كان الشاهد كاذبًا، تأثَّم ثلاثة آثام: إثم المعصية، وإثم إعانة الظالم، وإثم خذلان المظلوم” اهـ. (الزواجر” (ص: 636.)
الجريمة الأولى: عدم تأديتها وظيفتها الطبيعيَّة الأولى..
الجريمة الثانية: قيامها بجريمة تُهضَم فيها الحقوق، ويُظلَم فيها البُرَآء، ويُستَعان بها على الإثم والبغي والعدوان”.
تخليص المجرمين من عقوبة الجريمة بالشهادة الباطلة، وذلك يسبب للناس الرغبة في ارتكاب الجرائم اتكالاً على وجود شهادة الزور، وهذا يؤدي إلى فساد اجتماعي يعصف بالمجتمع ويدمره، بالإضافة إلى تقويض لأركان الأمن، وزعزعة للاستقرار.
يترتب على شهادة الزور انتهاك المحرمات، وإزهاق النفوس المعصومة، وأكل الأموال بالباطل، والحاكم والمحكوم عليه بالباطل خصماء لشاهد الزور عند أحكم الحاكمين يوم القيامة.
يحصل بشهادة الزور تزكية المشهود له، وهو ليس أهلاً لذلك، ويحصل بها جرح المشهود عليه بالباطل، والتزكية شهادة للمزكَّى، فإذا كان حال المزكَّى وواقعه بخلاف مضمون التزكية، فإن المزكِّي شاهد بالزور، حيث شهد بخلاف الحق أو بما لا يعلم حقيقته، فكذلك شاهد الزور هو مُزَكٍّ للظالم، ومُجرِّح للمظلوم.
يترتب على شهادة الزور القول في دين الله بغير حق وبغير علم، فإن ذلك من أعظم الفتن، ومن أخطر أسباب الصد عن سبيل الله، ومن أفحش عوامل الضلال للناس، وهو من الجرأة على الله، ومن أوضح الأدلة على جهل قائله – خاصة إذا تبيَّن له الحق فلم يرجع إليه – أو على نفاقه وإلحاده؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴾ [النحل: 116].
فما أكثر شهادة الزور اليوم، ومثلهم الذين يُحرِّمون ما أحلَّ الله لهم، وأخطر من ذلك قوم يكتمون الحق مع علمهم به، ويظهرون الباطل ويدعون الناس إليه ويزينونه لهم، نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة”. اهـ بتصرف
خامسا: وشهادة الزور كما أخبر القرآن الكريم من الكبائر الموجبة لصاحبها النار :
شأنها شأن اليمين الغموس, وثنّت السنة النبوية المطهرة على ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ وعندما قالوا: بلى يا رسول الله.. قال: الاشراك بالله, وعقوق الوالدين, ألا وقول الزور, ألا وشهادة الزور, فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت.
وقد ترجم البخاري رحمه الله في “صحيحه” بابًا بعنوان: “ما قيل في شهادة الزور؛ لقول الله عز وجل:” وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ” وكتمان الشهادة؛ لقوله تعالى:” وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ” (البقرة: 283). ، فنجد أن الله سبحانه وتعالى حرَّم شهادة الزور؛ “لكونها سببًا لإبطال الحق، وحرَّم كتمانها” أي: الشهادة” لكونها سببا لإظهاره”(البخاري).
الخطبة الثانية من خطبة الجمعة القادمة :”
ـــــــــــــــــــــــــــ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد: فيا جماعة الإسلام لازلنا نواصل الحديث حول علو الهمة سبب في نهضة الأمم فعالي الهمة لا يشهد زوراً وساقط الهمة هو من يهين نفسه ومجتمعه وأمته بشهادته الزور.. وافترائه علي الأبرياء
والافتراء على الأبرياء جريمة عظمي ,وخطيئة منكرة: “إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ “(النــور/15). إن إيذاء المؤمنين والمؤمنات، من الأبرياء والبريئات، عاقبته خطيرة في الدنيا والآخرة، وكلنا يعرف حادث الإفك الذي اتهمت فيه السيدة عائشة زوراً وبهتاناً وبراءها الله من فوق سبع سموات ..
وكلنا يعرف قصة نبي الله يوسف وكيف برأه الله عزوجل وقصة مريم وبرأها الله عزوجل وقصة جريج العابد الذي شهد له طفل رضيع أيضاً.. وغيرها وغيرها ..
شاهد الزور ودعوة المظلوم:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد يشهد شاهد الزور علي أمر لمصلحته هو كما قال تعالي:” وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْإِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا”(النساء/112).
وهذا الشاهد الذي يظلم غيره لابد أن ينتقم الله منه ..والتاريخ غير شاهد علي ذلك
عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: “شكا أهل الكوفة سعدًا إلى عمر رضي الله عنه؛ فعزله واستعمل عليهم عمَّارًا، فشكوا حتى ذكروا أنه لا يحسن يصلي، فأرسل إليه، فقال: يا أبا إسحاق، إن هؤلاء يزعمون أنك لا تُحْسِن تصلي؟!(البخاري).
قال أبو إسحاق: “أمَّا أنا، والله فإني كنت أُصلِّي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أَخْرِمُ عنها؛ أصلي صلاة العشاء فأركد في الأوليين، وأخف في الآخرين”، قال: “ذاك الظنُّ بك يا أبا إسحاق”، فأرسل معه رجلاً – أو رجالاً – إلى الكوفة، فسأل عنه أهل الكوفة، ولم يدع مسجدًا إلا سأل عنه ويُثنون معروفًا، حتى دخل مسجدًا لبني عَبْسٍ، فقام رجل منهم يقال له: أسامة بن قتادة، يُكنى أبا سَعْدَة، قال: أما إذ نشدتنا، فإن سعدًا كان لا يسير بالسرية، ولا يقسم بالسويَّة، ولا يعدل في القضية، قال سعد:
“أمَا والله، لأَدْعُوَنَّ بثلاث: اللهم إن كان عبدك هذا كاذبًا، قام رياءً وسمعة فأَطِلْ عمره، وأطل فقره، وعَرِّضْه للفتن”، قال عبدالملك: “فأنا رأيته بعدُ قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، وإنه ليتعرض للجواري في الطرق يغمزهنَّ، وكان بَعْدُ إذا سُئِل، يقول: شيخ كبير مفتون، أصابتني دعوةُ سعد”.
وفيه جواز الدعاء على الظالم المعين، وهكذا استجاب الله دعوة سعد وهو مجاب الدعوة. فليحذر شاهد الزور من دعوة المظلوم.
وأيضاً لما اتهم سعيد بن زيد أنه أخذ شيئاً من أرض لجارته، اتهمته عند الخليفة، قال: أنا كنت آخذ من أرضها شيئاً بعد الذي سمعت من رسول الله صلي الله عليه وسلم . ما سمعت؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أخذ شبراً من الأرض ظلماً طوقه إلى سبع أرضين في عنقه يوم القيامة، شبر إلى سبع أرضين إلى الأرض السفلى حول عنقه. ثم قال: اللهم إن كانت كاذبة فعم بصرها واقتلها في أرضها. قال الراوي: فما ماتت حتى ذهب بصرها ثم بينا هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت “(مسلم).
وأخيراً لماذا انتشرت شهادة الزور؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أيها الناس : سؤال مهم لماذا انتشرت شهادة الزور انتشرت لأسباب منها ضياع الضمير وعدم وجود الوازع الديني والطمع والجشع ..ولكن السبب الرئيسي هو كتمان الشهادة ممن يعرف الحقيقة إما خوفاً من بطش الذي سيشهد ضده وإما خجلاً أو مراعاة للصداقة والقرابة ولكن واجب المسلم أن يعدل في كل شيء , وأن ينصر الحق أينما كان فالحق أحق ان يتبع قال تعالي:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا”(النساء/135).
أ] كونوا مواظبين علي العدل في جميع الأمور, فأقم الشهادة، يا ابن آدم، ولو على نفسك، أو الوالدين، أو على ذوي قرابتك، أو شَرَفِ قومك. فإنما الشهادة لله وليست للناس، وإن الله رضي العدل لنفسه، والإقساط والعدل ميزانُ الله في الأرض، به يردُّ الله من الشديد على الضعيف، ومن الكاذب على الصادق، ومن المبطل على المحق. وبالعدل يصدِّق الصادقَ، ويكذِّب الكاذبَ، ويردُّ المعتدي ..
ويقول الحق سبحانه:
“وَلاَ تَكْتُمُواْ ٱلشَّهَادَةَ” وهذه الكلمة “وَلاَ تَكْتُمُواْ “إنما هي أداء معبر، لأن كلمة ” شهادة ” تعني الشيء الذي شهدته، فما دمت قد شهدت شيئاً فهو واقع، والواقع لا يتغير أبداً، ولذلك فالإنسان الذي يحكي لك حكاية صدق لا يختلف قوله في هذه الحكاية حتى وإن رواها ألف مرة؛ لأنه يستوحي واقعاً. لكن الكذّاب يستوحي غير واقع، فيقول كلمة، وينسى أنه كذب من قبل فيكذب كذبة أخرى؛ لأنه لا يستوحي واقعاً. فكلمة الشهادة هي عن أمر مشهود واقع، وما دام الأمر مشهوداً وواقعاً، فإنه يلح على نفس من يراه أن يخرج، فإياك أن تكبته بالكتم؛ لأن كلمة ” الكتم ” تعني أن شيئاً يحاول أن يخرج وأنت تحاول كتمانه، لذلك يقول الحق:
“وَلاَ تَكْتُمُواْ ٱلشَّهَادَةَ” فكأن الطبيعة الإيمانية الفطرية تلح على صاحبها لتنطقه بما كان مشهوداً له لأنه واقع. لذلك يأتي الأمر من الحق؛ “وَلاَ تَكْتُمُواْ الشهادة وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُه”. وقد يسأل الإنسان: هل الكتم هنا صفة للقلب أو للإنسان الذي لم يقل الشهادة؟. إن الشاعر يقول:
إن الكـلام لفـي الفـؤاد وإنـما جعـل اللسـان على الفؤاد دليلاً
وساعة يؤكد الله شيئاً فهو يأتي بالجارحة التي لها علاقة بهذا الصدد، فتقول: أنا رأيته بعيني وسمعته بأذني، وأعطيته بيدي ومشيت له برجلي. إنّك تذْكر الجارحة التي لها دخل في هذه المسألة.
وعندما يقول الحق: “فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُه ” قال السدي : يعني : فاجر قلبه.. إنّ كل الجوارح تخضع للقلب والقلب مطية الروح قال صلي الله عليه وسلم :”لا يستقيمُ إيمان عبد حتى يستقيمَ قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه”. وخص القلب بالذكر لأنه محل الشهادة ولأنه إذا أثم تبعه غيره فيعاقب عليه معاقبة الآثمين “وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ” أي أن كتمك للحقيقة لن يغير من واقع علم الله شيئاً..
*أيها الكاتم للشهادة الساكت عن الحق شيطان أخرس وفي الحديث القدسي: “اشتد غضبي على من ظلم من لم يجد له ناصراً غيري واشتد غضبي على من رأى مظلوماً وهو قادر على أن ينصره فلم ينصره”(الطبراني).
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف