خطبة الجمعة القادمة 31 مايو 2024م : الحقوق المتعلقة بالمال ، للشيخ خالد القط
خطبة الجمعة القادمة 31 مايو 2024م بعنوان : الحقوق المتعلقة بالمال ، للشيخ خالد القط ، بتاريخ 23 ذو القعدة 1445هـ ، الموافق 31 مايو 2024م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 31 مايو 2024م بصيغة word بعنوان : الحقوق المتعلقة بالمال ، للشيخ خالد القط
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 31 مايو 2024م بصيغة pdf بعنوان : الحقوق المتعلقة بالمال، للشيخ خالد القط
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 31 مايو 2024م ، بعنوان : الحقوق المتعلقة بالمال ، للشيخ خالد القط ، كما يلي:
الحقوق المتعلقة بالمال
“”””””””””””””””””””””””””””
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، القائل في كتابه العزيز ((وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ (24) لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) سورة المعارج.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم.
أما بعد
أيها المسلمون، فإن المال هو عصب الحياة، من أجله يركب الإنسان الأخطار، ويواصل العمل ليل نهار، ومن أجله يصبح المرء كثير الأسفار، من أجله يتقاطع ويتدابر الناس، هو زينة الدنيا وبهجتها، قال تعالى ((الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا)) سورة الكهف (46).
أيها المسلمون، والمسلم يعلم أن المال الذى رزقه الله إياه هو في الحقيقة مال الله سبحانه وتعالى، قال تعالى ((وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ۚ)) سورة النور (33) وقال أيضاً ((وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ۖ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ)) سورة الحديد (7)، ولأهمية المال في حياة المسلم سيسأله الله سبحانه وتعالى عنه من حيث اكتسبه الإنسان وكذلك فيما ينفقه، فليحرص المسلم على كسبه من حلال وكذلك إنفاقه فيما يرضى الله أخرج الترمذي بسند حسن صحيح، عن أبى برزة الأسلمي، أنه قال صلى الله عليه وسلم ((لا تزول قدما عبدٍ حتى يُسألَ عن عمُرهِ فيما أفناهُ، وعن علمِه فيما فعل، وعن مالِه من أين اكتسَبه وفيما أنفقَه، وعن جسمِه فيما أبلاهُ)).
أيها المسلمون، ولله سبحانه وتعالى حقوق في المال، أول هذه الحقوق وأهمها على الإطلاق هي الزكاة، ومن هنا فينبغي علينا أن نعلم في البداية أن الله سبحانه وتعالى لا يشرع شيئاً إلا وهو متضمن لأحسن الحكم، ومحقق لأحسن المصالح والغايات، فإن الله تعالى هو العليم، الذي أحاط بكل شيء علماً، الحكيم، الذي لا يشرع شيئاً إلا لحكمة قال تعالى ((أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)) سورة الملك (14).
وقد ذكر العلماء حكماً جليلة وعظيمة لفريضة الزكاة في الإسلام منها:
_ أنها ركن من أركان الإسلام لا يتم إسلام المرء إلا بها قال تعالى ((وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)) سورة البقرة (43) وفى الصحيحين من حديث عبدالله بن عمر أنه قال صلى الله عليه وسلم ((بُنِيَ الإسْلامُ على خَمْسٍ: شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضانَ)).
_ كذلك فإن الزكاة دليل على صدق إيمان المزكي، وذلك أن المال محبب للنفوس ، والمحبوب لا يبذل إلا ابتغاء محبوب مثله أو أكثر، بل ابتغاء محبوب أكثر منه، ولهذا سميت صدقة ؛ لأنها تدل على صدق طلب صاحبها لرضا الله عزّ وجل. قال تعالى ((لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)) سورة آل عمران (92).
_ كذلك فإن الزكاة تزكي أخلاق المزكي ، وتهذب نفسه ، وتشرح صدره ، قال تعالى ((خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)) سورة التوبة (103).
_ كذلك فإن الزكاة من أهم الأسباب التي تدخل الإنسان الجنة، أخرج الإمام الترمذي بسند صحيح عن على بن أبى طالب رضي الله عنه، أنه قال صلى الله عليه وسلم ((إنَّ في الجَنَّةِ غُرُفًا لمَن أطابَ الكلامَ، وأفشى السَّلامَ، وأطعَمَ الطَّعامَ، وصلّى باللَّيلِ والناسُ نِيامٌ)).
أيها المسلمون، ومن روعة الزكاة أنها تجعل المجتمع الإسلامي كأنه أسرة واحدة، أو جسد واحد، حيث يعطف فيه القادر على العاجز، والغني على المعسر، فيصبح الإنسان يشعر بأن له إخواناً يجب عليه أن يحسن إليهم كما أحسن الله إليه، قال تعالى: وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ القصص/77. فتصبح الأمة الإسلامية وكأنها عائلة واحدة، وهذا ما يعرف الآن بالتكافل الاجتماعي، وهي نوع من الود والتراحم، أخرج الشيخان عن النعمان بن بشير أنه قال صلى الله عليه وسلم ((مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوادِّهِمْ، وتَراحُمِهِمْ، وتَعاطُفِهِمْ مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكى منه عُضْوٌ تَداعى له سائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمّى)).
أيها المسلمون فهنيئاً لك يا من تؤدي زكاة مالك، فأنت من الناجين يوم القيامة، فعند ابن حبان وغيره بسند صحيح عن عقبة بن عامر، أنه قال صلى الله عليه وسلم ((الرَّجلُ في ظلِّ صدقتِه حتّى يُقضى بين النّاسِ)).
وأيضا أخرج الطبراني بسند حسن لغيره عن أبى أمامة الباهلي ((صنائِعُ المعروفِ تَقِي مصارعَ السُّوءِ، وصدقةُ السِّرِّ تطفئ غضبَ الرَّبِّ، وصِلةُ الرَّحِمِ تَزيدُ في العُمرِ)).
أيها المسلمون، على الجانب الأخر جاء الوعيد الشديد لمانعي الزكاة في القرآن الكريم والسنة
قال تعالى: ((وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35) سورة التوبة، وقال أيضاً ((وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ (6) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (7) سورة فصلت، وأخرج الشيخان عن أبى ذر الغفاري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ما من صاحِبِ إبِلٍ، ولا بَقَرٍ، ولا غَنمٍ، لا يُؤدِّى زكاتَها، إلّا جاءَتْ يومَ القِيامةِ أعظمَ ما كانتْ وأسْمَنَهُ، تَنطَحُهُ بِقرُونِها، وتَطؤُهُ بِأخْفافِها، كُلَّما نَفذَتْ أُخراها، عادَتْ عليه أُولاها، حتى يُقْضى بين الناسِ)).
وكذلك أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبى هريرة رضي الله عنه، أنه قال صلى الله عليه وسلم ((مَن آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ له مَالُهُ يَومَ القِيَامَةِ شُجَاعًا أقْرَعَ له زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَومَ القِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بلِهْزِمَتَيْهِ – يَعْنِي بشِدْقَيْهِ – ثُمَّ يقولُ أنَا مَالُكَ أنَا كَنْزُكَ، ثُمَّ تَلَا: (لَا يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ) الآيَةَ)).
وكما نعلم جميعاً أنه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد بين الحُقوقَ الواجبةَ على مَن ملَكَ مالًا وافرًا؛ مِن الزَّكاةِ والصَّدقةِ، وبيَّن ما لَه مِن الفَضْلِ والأجْرِ على ذلك، كما بيَّنَ عُقوبةَ مانعِ هذه الحُقوقِ.
وفي هذا الحديثِ يُبَيِّن النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن أعطاهُ اللهُ مالًا بَلَغَ النِّصابَ الشَّرعيَّ الَّذي تجِبُ فيه الزَّكاةُ فلَم يُخرِجْ زَكاتَه، مُثِّلَ له ذلك المالُ يَومَ القيامةِ في صورةِ شُجاعٍ أَقْرَعَ، وهو ثُعْبانٌ سامٌّ، أبيضُ الرَّأسِ، وهو مِن أخطَرِ الثَّعابينِ؛ لأنَّه كُلَّما كَثُرَ سُمُّ الثُّعبانِ ابْيَضَّ رأسُه، ولهذا الثُّعبانِ فَوقَ عَيْنَيه نُقطتانِ سَوْداوانِ، وهو مِن أخْبَثِ الحيَّاتِ، فيَصيرُ الثَّعبانُ طَوقًا حَوْلَ عُنُقِه، ثُمَّ يمسِكُ هذا الثُّعبانُ بجانِبَيْ فَمِ مانعِ الزَّكاةِ والصَّدقاتِ ويَعَضُّهما، ويُفرِغُ سُمَّه فيهما، ثُمَّ يقولُ له: أنا مالُكَ، أنا كَنْزُك الَّذي كَنَزْتَ، وهذا مِن التَّبكيتِ والتَّعذيبِ المعْنويِّ، إضافةً إلى التَّعذيبِ الجسَديِّ.
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، ولا يقف حق الله في المال فقط عند الزكاة المفروضة فحسب، وإنما في بعض الأحيان، كوقت المواقف والأزمات الصعبة يتعين. على المسلم أن يقف بجوار أخيه المسلم، فحين تصيب أحدهم بعض الابتلاءات سواء كان في الصحة أو غيرها ينبغي أن يتكاتف الجميع، ويكون التعاون بالمال وغيره، قال تعالى ((وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ..} سورة المائدة. (2).
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبى هريرة رضي الله عنه أنه قال صلى الله عليه وسلم ((مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيامَةِ، وَمَن يَسَّرَ على مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيا والآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيا والآخِرَةِ، واللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ له به طَرِيقًا إلى الجَنَّةِ، وَما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ، وَيَتَدارَسُونَهُ بيْنَهُمْ؛ إِلّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ، وَمَن بَطَّأَ به عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ به نَسَبُهُ)).
اللهم وسع أرزاقنا، وبارك لنا فيما أعطيتنا
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف