خطبة الجمعة القادمة 28 أغسطس 2020م : الأمل حيــاة ، للدكتور خالد بدير
خطبة الجمعة القادمة 28 أغسطس 2020م : الأمل حيــاة ، للدكتور خالد بدير ، بتاريخ: 9 من محرم 1442هـ – 28 أغسطس 2020م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : الأمل حيــاة:
لتحميل خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : الأمل حيــاة، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : الأمل حيــاة ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : الأمل حيــاة : كما يلي:
عناصر خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : الأمل حيــاة :
العنصر الأول: دعوة الإسلام إلى الأمل
العنصر الثاني: صور ومظاهر الأمل
العنصر الثالث: الحياة بين الأمل والعمل
المقدمة: أما بعد:
العنصر الأول: دعوة الإسلام إلى الأمل
عباد الله: كل عام وحضراتكم بخير وعود حميد إلى بيوت الله تعالى ؛ فقد تزامن عودة الخطبة وفتح المساجد مع العام الهجري الجديد ؛ نسأل الله تعالى ان يجعله عاماً سعيداً مباركاً رخاءً سخاءً خالياً من كل داء وبلاء ووباء اللهم آمين يا رب العالمين .
وبهذه المناسبة الكريمة جاء الحديث مع حضراتكم عن ( الأمل حياة ).
والأمل : هو توقع حدوث شيء طيب في المستقبل مستبعد حصوله , وانشراح النفس في وقت الضيق والأزمات .
وإذا نظرنا في كتاب الله القرآن، نجد أن كلمة “الأمل” ذكرت مرتين:
الأولى: جاء ذكرها في اتجاه سلبي، حين يتعلق الإنسان بالدنيا ويجعلها غاية الآمال، فيغتر بشهواتها بما ينسي الآخرة والسعي لها، قال ربنا –سبحانه-: { ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}. [الحجر: 3].
والثانية: جاء ذكرها في اتجاه إيجابي، حينما يجعل الإنسان موضوع الأمل متعلقاً بثواب الآخرة وعطاء الله ومغفرته وتوفيقه وحفظه وتأييده، قال ربنا: { الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا}. [الكهف: 46].
وأنبه هنا أننا ما نريد بالأمل في اتجاهه السلبي المذموم الذي وردت فيه أقوال للسلف تحذر منه؛ كما جاء عن علي -رضي الله عنه- قال: “إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ اثْنَانِ: اتِّبَاعُ الْهَوَى، وَطُولُ الْأَمَلِ، فَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ، وَأَمَّا طُولُ الْأَمَلِ فَيُنْسِي الْآخِرَةَ”.
وإنما نريد هنا الاتجاه الإيجابي، لأن الأمل في الاتجاه الإيجابي قوة دافعة، تشرح الصدر للعمل، وتبعث النشاط في النفس والبدن، قوةٌ تدفع الكسول إلى الجد ، قوةٌ تدفع المخفقَ إلى تكرار المحاولة، وتُحفز الناجح إلى مضاعفة الجهد ؛ وكل إنسان له أمل في الحياة :-
فمثلاً : ما الذي دفع الطلاب إلى الجد والاجتهاد وسهر الليالي في تحصيل العلم واستذكار الدروس ؟ إنه الأمل في التفوق والنجاح !!
وما الذي دفع التجار يقطعون المسافات عبر الطرق والأنهار بالليل والنهار ؟ إنه الأمل في الربح والكسب الحلال ووفرة المال !!
وما الذي دفع المريض إلى أخذ الأدوية المرة والحقن المؤلمة مع كراهته لها ؟ إنه الأمل في الشفاء !!
وما الذي دفع الجندي إلى السهر بالليل والمخاطرة بنفسه وحياته على حدود البلاد ؟ إنه الأمل في حماية الوطن والنصر أو الشهادة !!
وما الذي دفع الفلاح إلى السهر بالليل متتبعا المياه؛ والمشقة بالنهار في الحرث والغرس والزرع؟ إنه الحصول على معيشة رغدة ورزق وفير!!
وما الذي دفع الشاب إلى العمل والاجتهاد والسفر للكسب هنا وهناك ليجهز مسكنه وجهازه ؟ إنه الأمل في إعفاف نفسه وإحصان فرجه؛ وإنجاب ذرية يرفعون ذكره بعد موته !!
وهلم جراً في كل مجالات الحياة وكل المهن والوظائف ………….
فينبغي على كل فرد أن تكون حياته كلها مفعمة بالأمل ؛ ولا يترك مجالاً لليأس أو القنوط أو الكسل أو الخمول .
أيها المسلمون: إننا لو نظرنا إلى حياة الأنبياء عليهم السلام لوجدناها كلها مملوءة بالأمل ؛لم يكن لديهم مجالٌ لليأس أو القنوط ؛ مع ما لاقوه من كفر وعناد ونفاق وبلاء ؛ ولنضرب مثلاً بأولي العزم منهم .
فهذا نوح – عليهم السلام – دعا قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً فلم يستجيبوا ؛ ومع ذلك لم يكل أو يمل أو ينتابه اليأس والقنوط ؛ { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ }. (العنكبوت: 14).
وهذا موسى – عليه السلام – لاقى من قومه ما لاقى؛ وخرج موسى ومن معه ؛ وطاردهم فرعون وجنوده، فظنوا أن فرعون سيدركهم، وشعروا باليأس حينما وجدوا فرعون على مقربة منهم، وليس أمامهم سوى البحر، فقالوا لموسى: { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ }(الشعراء: 61) , فقال لهم نبي الله موسى – عليه السلام – في أمل وتفاؤل وثقة ويقين: { كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ }(الشعراء:62)؛ فأمره الله سبحانه أن يضرب بعصاه البحر، فانشق نصفين، ومشى موسى وقومه، وعبروا البحر في أمان، ثم عاد البحر مرة أخرى كما كان، فغرق فرعون وجنوده، ونجا موسى ومن آمن معه.
وهذا نبي الله أيوب – عليه السلام – ابتلاه الله سبحانه وتعالى في نفسه وماله وولده ؛ إلا أنه لم يفقد أمله في أن يرفع الله الضر عنه، وكان دائم الدعاء لله؛ يقول تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ }؛ ( الأنبياء:83 ), فلم يُخَيِّب الله أمله، فحقق رجاءه، وشفاه الله وعافاه، وعوَّضه عما فقده.
وهذا يعقوب – عليه السلام – يغيب عنه أحب الأبناء إليه أكثر من أربعين عاماً ؛ ومع ذلك يخاطب أبناءه بروح متفائلة خلدها القرآن فقال:{يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } (يوسف: 87).
ويعود إليه يوسف مرة أخرى كما سجل ذلك القرآن الكريم .
وهذا خاتم الأنبياء والمرسلين – صلى الله عليه وسلم – يشتد به وبأصحابه الإيذاء والاضطهاد والتعذيب ؛ وبمجرد أن اشتكى بعضهم من شدة التعذيب ؛ يأتي الرسول – صلى الله عليه وسلم – مرة أخرى ليبعث فيهم الأمل والتفاؤل من جديد.
فعَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ، قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ، قُلْنَا لَهُ: أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا، أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟ قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ، وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ» . ( البخاري ).
وفي جميع غزواته يبعث فيهم الأمل والتفاؤل والغد المشرق؛ ففي غزوة بدر يبعث فيهم روح النصر والأمل بقوله: ” سيروا وأبشروا ، فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين ؛ والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم؛ ثم قال: هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله – ووضع يده بالأرض – وهذا مصرع فلان غدا إن شاء الله، وهذا مصرع فلان غدا إن شاء الله. قال عمر: فوالذي بعثه بالحق ما أخطأوا الحدود التي حدها رسول الله صلى الله عليه وسلم.” ( سيرة ابن هشام).
وفي غزوة الأحزاب اشتدت صخرة في حفر الخندق لم يستطع الصحابة حفرها ؛ فيأتي – صلى الله عليه وسلم – يضربها ثلاث ضربات بمعوله؛ ويخبر – متفائلاً – بفتح أعظم البلاد ؛ ( فتحت فارس ) ( فتحت الروم ) وقد تم ذلك فعلاً .
وهكذا – أيها المسلمون – كانت حياة الأنبياء كلها أمل وتفاؤل ؛ ولم يستسلموا للمصائب أو النوائب أو الابتلاءات أو غير ذلك من شدائد وصعاب!! فهلا اقتدينا بهم – عليهم السلام – ؟!! { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}. (الممتحنة: 6).
أيها المسلمون: عليكم بالأمل والتفاؤل في جميع مجالات حياتكم العملية ؛ وإياكم واليأس والقنوط ؛ فقد ندَّد القرآن بالقنوط واعتبره قرين الضلال، فقال تعالى: { قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ } [الحجر: 56].
واليأْس فيه سوء أدب مع الله سبحانه وتعالى، فقال تعالى: { وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوسًا } [الإسراء: 83].
وأجمع العلماء على أنهما من الكبائر، بل أشد تحريمًا، وجعلهما القرطبي في الكبائر بعد الشرك من حيث الترتيب؛ قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: ” الكبائر أربع: الإشراك بالله، والقنوط من رحمة الله، واليأْس من رَوح الله، والأمن مِن مكر الله “. ( تفسير الطبري ) .
كما أرشدنا الحبيب – صلى الله عليه وسلم – إلى الأمل والتفاؤل؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:” كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ الْفَأْلَ الْحَسَنَ ؛ وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ “. (أحمد بسند حسن ).
فإذا أردتم حياة سعيدة فعليكم بالأمل والتفاؤل ؛ وما أجمل مقولة الزعيم الراحل مصطفى كامل: لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس !!
العنصر الثاني: صور ومظاهر الأمل
أيها المسلمون: تعالوا بنا نطوف سويا في هذا العنصر مع صور ومظاهر الأمل والتفاؤل في حياتنا اليومية والعملية؛ فكل إنسان عنده صورة أو نوع من أنواع الأمل ؛ فالفقير له أمل في الغنى؛ والمريض له أمل في الشفاء؛ والمذنب له أمل في الرحمة ومغفرة ذنوبه وهكذا …
أمل المذنب في المغفرة:
فقد أسرف قوم في المعاصي على عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم – وظنوا أن لا مجال لهم في المغفرة والرحمة!! فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ قَتَلُوا فَأَكْثَرُوا ، وَزَنَوْا فَأَكْثَرُوا ، ثُمَّ أَتَوْا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالُوا : إِنَّ الَّذِي تَقُولُ وَتَدْعُو لَحَسَنٌ ، وَلَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً ، فَنَزَلَ : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ } وَنَزَلَ: { قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}. (الزمر: 53). يقول ابن كثير في تفسيره :” هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة، وإخبار بأن الله يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها ورجع عنها، وإن كانت مهما كانت وإن كثرت وكانت مثل زبد البحر.”أ.ه
فمهما عملت من المعاصي والذنوب فإن باب الأمل في التوبة مفتوح؛ فلا تيأس ولا تقنط من رحمة الله؛ شريطة أن تكون التوبة قبل الغرغرة ؛ لأن وقت الغرغرة وقت خروج الروح ولا ينفع معها توبة ؛ لذلك لم يقبل الله توبة فرعون حين آمن وهو في البحر لأنه آمن وقت الغرغرة.
فَعَن ابْنِ عُمَرَ؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ .”( ابن ماجه والترمذي وحسنه).
أمل المريض في الشفاء:
فلا ييأس مريض من عدم الشفاء مهما كان مرضه عضالًا , فعليه أن يأخذ بأسباب التداوي مع التعلق بحبل الله في الشفاء , فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً “. ( البخاري ).
ولنا في أيوب – عليه السلام – أسوة ، يقول الحق سبحانه وتعالى : { وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ}. (الأنبياء: 83 ، 84) .
ومع ذلك للأسف كثير من المرضى يسخط ويوهم نفسه بالموت والهلاك .
أمل العقيم في الإنجاب:
فإن كنت عقيمًا لا تنجب فلا تيأس من رحمة الله وفيض عطائه , فهذه امرأة إبراهيم – عليه السلام- قد بشرتها الملائكة بالولد على كبر سنها ؛ وهذا ما أثار إعجابها قائلةً: { يَاوَيْلَتَى آلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ } (هود: 72 ، 73) .
وهذا زكريا – عليه السلام – دعا ربه فقال : { رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا }. (مريم: 4 ، 5) ؛ جاءته الاستجابة الربانية العاجلة : { يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا }. (مريم: 7) , وعندما تساءل – عليه السلام- : { رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ قالَ كَذلِكَ الله يَفْعَلُ ما يَشاءُ } (آل عمران: 40) جاءه الجواب: { كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا }. ( مريم : 9) .
أمل المهموم والمغموم في كشف الهموم والكرب:
أي إذا نزل بك هم أو غم أو كربة؛ لا تتأفف ولا تتضجر ؛ فباب الأمل مفتوح وموجود؛ فالجأ إلى الله بالدعاء ؛ كما كان يفعل حبيبنا وقدوتنا – صلى الله عليه وسلم -.
فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ :” لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ؛ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ؛ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ.” (مسلم).
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: ” دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ فَقَالَ: يَا أَبَا أُمَامَةَ مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ ؟ قَالَ: هُمُومٌ لَزِمَتْنِي، وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلَامًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ، وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ، وَإِذَا أَمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ، وَقَهْرِ الرِّجَالِ، قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّي، وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي.” .( أبوداود ).
أمل صاحب الضيق والعسر والشدة في اليسر والرخاء:
فإن كنت في حالة من ضيق اليد فاعلم أن فقير اليوم قد يكون غني الغد , وغني اليوم قد يكون فقير الغد , والأيام دول , وأن الله تعالى إذا أراد للعبد شيئًا أمضاه له :{ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } (يس: 36) , ويقول – سبحانه وتعالى – : { مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }. ( فاطر : 2 ) .
ومهما تكن اللحظات العصيبة في حياتك فتعلق بحبل الله – عز وجل – ، فهذه مريم عليها السلام عندما أظلمت الدنيا في عينيها ولم تجد ملجئًا من الله إلا إليه قالت:{ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا }. (مريم: 23)؛ فكان الغوث والرحمة في قوله تعالى: { فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا }. ( مريم: 24 ، 25، 26 ) .
وها هو سيدنا إبراهيم – عليه السلام – عندما ألقاه قومه في النار كانت النجاة من عند الله : { قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ }. ( الأنبياء :69 , 70 ) .
وهذا يونس – عليه السلام – عندما التقمه الحوت فلجأ إلى الله – عزّ وجلّ – واستمسك بحبله كانت الرحمة والنجاة حاضرتين ، يقول الحق سبحانه : { وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِـنَ الظّـَالِمِـينَ * فَاسْتَـجَبـْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِـــنَ الْغَـمِّ وَكَـذَلِكَ نُنْجِـي الْمُؤْمِنِـينَ }.( الأنبياء : 87 ، 88 ) .
أيها المسلمون: هناك صور ومظاهر كثيرة للأمل في مجالات الحياة؛ وكلها ترجع إلى اختلاف المهن والوظائف والأغراض والآمال والطموحات؛ وكل إنسان له أمل في مجال ما ؛ عليه أن يأخذ بالأسباب الموصلة إلى أمله ؛ ويضع نصب عينيه النجاح والتفاؤل؛ لا اليأس والقنوط والكسل؛ وللأسف نرى كثيرًا يتسخط على الحياة ؛ ويرى الدنيا أمامه غائمة ومسودة ؛ ويرى أن الناس كلهم هلكى والدنيا خراب ودمار ؛ فعن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” إِذَا قَالَ الرَّجُلُ هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ ” ( مسلم ) .” روي ( أهلكهم ) وعلى وجهين مشهورين : رفع الكاف وفتحها ، والرفع أشهر …. ومعناها أشدهم هلاكا ، وأما رواية الفتح فمعناها هو جعلهم هالكين ، لا أنهم هلكوا في الحقيقة . ” ( شرح النووي) .
فعلى العبد أن يكون حسن الظن بربه وأنه لا يخيب آماله وأحلامه؛ بذلك يتحقق له أمله ومراده؛ وكما قيل: تفاءلوا بالخير تجدوه؛ فكن حسن الظن بربك يبلغك مرادك أينما كنت ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ؛ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ :” أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ؛ فَلْيَظُنَّ عَبْدِي مَا شَاءَ. ؛ إِنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ ؛ وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ “. ( أحمد والطبراني والبيهقي وابن حبان ) . فإن أحسنت الظن بربك وبمستقبل مشرق كان لك ذلك ؛ والعكس . يقول الإمام المناوي: ” المعاملة تدور مع الظن ؛ فإذا أحسن ظنه بربه وفى له بما أمل وظن ؛ والتطير سوء الظن بالله وهروب عن قضائه فالعقوبة إليه سريعة والمقت له كائن ” . ( فيض القدير ) .
فهذا عبد الله بن جعفر كان دائماً حسن الظن بربه في الرزق وكثرة النعم ووفرة المال ؛ حتى بلغ مبلغاً عالياً في الجود والإنفاق ؛ وعوتب في ذلك فقالوا له: لو ادخرت مالك لولدك بعدك فقال: “إن الله عودني عادة وعودت عباده عادة: عودني أن يعطيني، وعودت عباده أن أعطيهم، وأخشى إذا قطعت عادتي عنهم أن يقطع عادته عني!.
فهو لم يتوقع الفقر والخوف من المستقبل؛ وإنما عنده أمل ويقين وتفاؤل بالغد المشرق؛ وهكذا يجب أن نكون في جميع مجالات حياتنا .
العنصر الثالث: الحياة بين الأمل والعمل
عباد الله: هناك رباط وثيق بين الأمل والعمل؛ فالإنسان الذي يأمل شيئاً ويتمناه لابد أن يعمل ويسعى جاهداً لتحقيق أمله ومراده؛ وكما قيل: من جد وجد ؛ ومن زرع حصد ؛ ومن طلب العلى سهر الليالي؛ يقول الدكتور إبراهيم الفقي خبير التنمية البشرية : احذر أن تكون أهدافك مجرد آمال وأمنيات أو رغبات؛ فتلك بضاعة الفقراء .أ.ه
فينبغي على المسلم في تحقيق آماله وطموحاته أن يأخذ بجميع الأسباب الموصلة إلى غايته وهدفه مع التوكل على الله تعالى؛ وهذا ما غرسه النبي – صلى الله عليه وسلم – في نفس الصحابي الذي أطلق الناقة متوكلاً على الله؛ فعن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ أَوْ أُطْلِقُهَا وَأَتَوَكَّلُ؟ قَالَ:” اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ” (الترمذي وحسنه).
أحبتي في الله: إن كثيراً من الناس يقعد في بيته وينتظر الرزق مع أنه لم يأخذ بالأسباب ولم يسع عليه فكيف يأتيه؟!! لذلك رأى عمر رضي – رضي الله عنه- قومًا قابعين في رُكن المسجد بعدَ صلاة الجمعة، فسألهم: من أنتم؟ قالوا: نحن المُتوَكِّلون على الله، فعَلاهم عمر رضي الله عنه بدِرَّته ونَهَرَهم، وقال: لا يَقعُدنَّ أحدُكم عن طلب الرزق، ويقول: اللهم ارزقني، وقد علِمَ أن السماءَ لا تُمطِرُ ذهبًا ولا فضّة، وإن الله يقول: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ} (الجمعة: 10).
فالأمل والتفاؤل بُعد عن التواكل والاستسلام، إنه يدعو إلى العمل الجاد المقرون بالتطلع إلى ما هو أحسن، دون ترك الأمور رهن الحظوظ، بل إن المتفائل ينظر إلي المستقبل دون خوف منه أو جزع؛ ومهما لاقى المتفائل من عقبات ومصاعب في حياته فإنها لا تضعف قدرته، ولا تفتر من عزمه؛ لأنه يثق أن الله لا يأتي لنا إلا بما هو في صالحنا.
مر كسرى ملك الفرس يوما بشيخ عجوز يزرَع شجرة زيتون، فقال له متعجبا: “أيها الشيخ! ما بالك تغرِس هذه الشجيرة وهي لا تُثمر إلا بعدَ أعوام عديدةٍ وأنت شيخ هرم؟ فهل تأمُل أن تأكل من ثمرها؟” فقال له الشيخ العجوز: “أيها الملك لقد غرسوا من قبلنا فأكلنا، ونحن نغرِس لكي يأكل من يأتي بعدَنا” فاستحسن جوابه، وأمر له بجائزة.
إن التفاؤل يدفع بهمةٍ للعمل، ويحفز بقوة على الجد، ويبعث على النشاط، ويدعو المتفائل إلى عمل الخير، وعدم القنوط أبداً.
التفاؤل مأمور به في ديننا الإسلامي، وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول إذا أعجبته كلمة: ” أخذنا فألنا من فيكَ ” ( أحمد والطبراني وأبو داود)، ويدعو دائماً إلى أخذ الأمور من جانبها الإيجابي، والتغاضي عما فيها من سلبيات..
المتفائل يقول الكأس مملوء إلى نصفه ـ والمتشائم يقول: الكأس فارغ إلى نصفه، وفي أمثالنا الدارجة نقول: كل امريء يلاقي ما تفاءل به.
كل شيء في عين المتفائل جميل، حياته حافلة بالسعادة والهناء، ونفسه قانعة راضية بما هو فيه من سعادات ومنح من الله تملأ حياته ..
أما الساخط فهو دائماً حزين متشائم، ضائق الصدر: فكل من يجمع الهموم عليه أخذتـه الهموم أخذاً وبيلاً.
وإذا كان هذا الأمل في أمور الدنيا ؛ فلا يفوتنا في هذا المقام أن نذكر بالأمل في أمور الآخرة ؛ لأن الآخرة هي دار القرار ؛ فعليك أن تؤمل وتعمل لحياتك الحقيقية الباقية ؛ قال تعالى: { الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا } . (الكهف: 46) ؛ فلا شك أن كل واحد منا يأمل ويتمنى دخول الجنة ورفقة المصطفى صلى الله عليه وسلم ؛ ولكن هل عَمِلَ لذلك ؟!! انظر إلى الصحابي الجليل الذي كان أمله مرافقة النبي – صلى الله عليه وسلم – ؛ فعن رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ الأَسْلَمِيِّ ، قَالَ : ” كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ ، فَقَالَ لِي: سَلْ ، فَقُلْتُ : أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ ؟ قَالَ: أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ ، قُلْتُ : هُوَ ذَاكَ ، قَالَ : فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ ، بِكَثْرَةِ السُّجُودِ ” . ( مسلم ). فالرسول – صلى الله عليه وسلم – لم يقل له: طلبك قيد التنفيذ ؛ أو لك سؤلك ؛ أو لك ذلك ؛ وإنما أرشده إلى كيفية الوصول إلى أمله وهو العمل وكثرة السجود .
وهكذا – أيها المسلمون – الأمل في الحياة يبعث على الجد والاجتهاد فيعيش الفرد في رخاء وسعادة في الدنيا ؛ وينال رضا الله ومغفرته وجناته في الآخرة ؛ وبذلك يفوز بسعادة العاجل والآجل .
أيها المسلمون: لا يفوتنا في هذا المقام أن نذكركم بصيام يوم عشوراء ؛ سنة عن نبينا صلى الله عليه وسلم ؛ فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: ” قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ؛ فَقَالَ: مَا هَذَا ؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ ؛ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى . قَالَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ ” . ( البخاري ) .
وصيام يوم عاشوراء له فضل عظيم فهو يكفر ذنوب السنة التي قبله ؛ وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم :”صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ ” . ( مسلم ) .
ويستحب صيام يوم التاسع مع العاشر لقول الرسول صلى الله عليه وسلم :” لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ ” . ( مسلم ) .
ومن لم يصم التاسع فله أن يصوم العاشر والحادي عشر ؛ ومن اقتصر على العاشر فقط فلا حرج عليه .
أحبتي في الله: وقبل أن أختم هذا اللقاء هناك عدة أمور هامة يجب أن ننبه علينا في مرحلة الفتح هذه .
أولاً: نحمد الله حمداً كثيراً على العودة إلى بيوت الله عز وجل وخطبة الجمعة ونسأل الله أن لا تغلق بيوته مرة أخرى .
ثانياً: يجب التنبيه أن الانخفاض الملحوظ في أعداد المصابين لا يعنى التهاون في الالتزام بالإجراءات الوقائية ؛ لأن هذا التهاون قد يدخلنا في موجة جديدة من الوباء كما حدث في دول أخرى .
ثالثًا: أن فتح المساجد لصلاة الجمعة ما زال جزئياً ؛ وأن الجمعة قد سقطت بعذر شرعي في حالة الإصابة بالوباء أو وجود أعراض أو عدم وجود مكان في المسجد لامتلائه بالمصلين ؛ فلا ضرر ولا ضرار في الإسلام .
رابعاً: أننا نراعي الاختصار في إلقاء الخطبة طبقاً للتعليمات وحفاظاً على صحة وسلامة الجميع ؛ فلنأخذ من كل عنصر مقتطفات موجزة تؤدي الغرض والهدف المنشود .
نسأل الله أن يرفع عنا الوباء والبلاء وسائر بلاد العالمين ؛؛؛؛؛
الدعاء…….. وأقم الصلاة،،،،
كتب خطبة الجمعة القادمة : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف