أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة 22 أبريل 2022م : العشر الأواخر من رمضان وواقعنا المعاصر ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 22 أبريل 2022م : العشر الأواخر من رمضان وواقعنا المعاصر، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ: 21 رمضان 1443هـ – الموافق 22 أبريل 2022م.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 22 أبريل 2022م ، للدكتور محروس حفظي : العشر الأواخر من رمضان وواقعنا المعاصر.

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 22 أبريل 2022م ، للدكتور محروس حفظي : العشر الأواخر من رمضان وواقعنا المعاصر ، بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 22 أبريل 2022م ، للدكتور محروس حفظي : العشر الأواخر من رمضان وواقعنا المعاصر ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

 

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

عناصر خطبة الجمعة القادمة: العشر الأواخر من رمضان وواقعنا المعاصر ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:

 

(1) كثرةُ الاجتهادِ في الطاعةِ.

(2) الاعتكافُ في زمنِ الوباءِ.

(3) تحري ليلةِ القدرِ في العشرِ الأواخرِ.

(4) تلاوةُ القرآنِ الكريمِ بتدبرٍ وخشوعٍ, واعتبارِ معانيهِ، وأمرهِ ونهيهِ.

(5) صدقة الفطر وجواز إخراج القيمة فيها .

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة العشر الأواخر من رمضان وواقعنا المعاصر ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:

 

خطبةٌ بعنوان «العشرُ الأواخرُ مِن رمضانَ وواقعُنَا المعاصرُ» بتاريخ 21 رمضان 1443 هـ = الموافق 22 أبريل 2022 م

الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويُكافىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةّ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أمَّا بعدُ ،،،

ها هي ليالي شهرِ رمضانَ قد أوشكتْ على الانتهاءِ، وقربتْ على الرحيلِ، فبالأمسِ كنَّا نفرحُ بقدومهِ وها هو تتناقصُ أيامُهُ وليالِيه، فيا ليتَ شعرِي ماذا قدمنَا في الأيامِ المنصرمةِ؟ وماذا سنقدمُ في الأيامِ الباقيةِ؟، فالسعيدُ من وُفقَ فيه للعملِ الصالحِ، والشقيُّ مَن حُرمَ في شهرِ رمضانَ، وقد خصَّ اللهُ العشرَ الأواخرً بمزايَا وفضائلَ لا توجدُ في غيرِهَا مِن ليالِي الشهرِ الكريمِ، وبعطايَا لا سبيلَ لتحصيلِهَا إلَّا فيها، ولذَا خصَّهَا سيدُنَا محمدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلم بأعمالٍ لم يكنْ يفعلُهَا في غيرِهَا، مِن ذلك:

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة

أولًا: كثرةُ الاجتهادِ:

المتتبعُ لحالِ سيدِنَا محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجدُ أنَّهُ كان إذا دخلَ العشرُ الأواخرُ جدَّ في العبادةِ وأكثرَ مِن الطاعةِ بكلِ أنواعِهَا فعَن عَائِشَةَ قالتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ» (مسلم)، وذلك لما يعلمُ مِن فضائلِ تلك الليالِي وعظمِهَا عندَ اللهِ، ولذا كان يأمرُ أهلَهُ بقيامِ الليلِ، ومواصلةِ العملِ والعبادةِ بالنهارِ، بل كان يعتزلُ نساءَهُ فعَن عَائِشَةَ قالتْ: «كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم إذا دخلَ العشرُ شدَّ مئزرَهُ، وأحيَا ليلَهٌ، وأيقظَ أهلَهُ» (البخاري)، قال ابنُ حجرٍ: فقولُهُ: «شدَّ مئزرَهُ»: «أَي اعتزالُ النِّسَاءِ، ويُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْجِدَّ فِي الْعِبَادَةِ كَمَا يُقَالُ شَدَدْتُ لِهَذَا الْأَمْرِ مِئْزَرِي أَيْ تَشَمَّرْتُ لَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ التَّشْمِيرُ وَالِاعْتِزَالُ مَعًا» أ.ه (فتح الباري) .

وإذا كان سيدُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعلُ ذلك مع أنَّهُ غُفرَ لهُ ذنبهُ ورفعَ اللهُ ذكرَهُ، وشرفَ اللهُ قدرَهُ كما قال ربُّنَا ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ﴾، لا يملُّ ولا يكلُّ مِن العبادةِ، فما بالُنَا بِنَا نحن العصاةَ المذنبين، فعلَى العاقلِ النبيهِ أنْ يستغلَّ تلكَ الليالِي ولا يجعلْهَا تمرُّ كغيرِهَا دونَ أنْ يُحصلَ ثوابهَا، وعليهِ أنْ يأمرَ أهلَهُ بقيامِ الليلِ وفعلِ الخيراتِ؛ لأنَّ هذا موجبٌ لرحمةِ اللهِ تعالَى فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى، ثُمَّ أَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، وَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ، ثُمَّ أَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَصَلَّى، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ» (أبو داود بسند حسن صحيح)، وعلى هذا ربَّى سيدُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جيلَ الصحابةِ فعن عُيَيْنَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: «وَكَانَ أَبُو بَكْرَةَ يُصَلِّي فِي العِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ كَصَلَاتِهِ فِي سَائِرِ السَّنَةِ، فَإِذَا دَخَلَ العَشْرُ اجْتَهَدَ» (الترمذي وحسنه) .

وقيامُ الليلِ مِن أخصِّ صفاتِ أهلِ الجنةِ كما أخبرَنَا ربُّنَا ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ * كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾، ويجعلُ صاحبَهُ في حالةٍ مِن الأنسِ، ويكسوهُ حُلةً مِن النورِ والبهاءِ يقولُ الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ: «عِزُّ الْمُؤْمِنِ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ، وَشَرَفُهُ قِيَامُهُ بِاللَّيْلِ» (شعب الإيمان)، لكن ينبغِي على المسلمِ أنْ يفقهَ ويعِي أنَّ قيامَ الليلِ سنةٌ فإذا كان فيه مشقةٌ أو تعبٌ أو تعارضٌ مع عملِهِ بالنهارِ فليصلِّ ما استطاعَ؛ إذ الدينُ يسرٌ فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَرَأَى حَبْلًا مَمْدُودًا بَيْنَ سَارِيَتَيْنِ، فَقَالَ: «مَا هَذَا الْحَبْلُ؟» فَقَالُوا: لِزَيْنَبَ تُصَلِّي، فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ بِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حُلُّوهُ، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ» (النسائي بسندٍ صحيح) .

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة

ثانيًا: الاعتكافُ:

إنَّ الاعتكافَ في المسجدِ سنةٌ يثابُ على فعلِهَا ولا يعاقبُ على تركِهَا روى الشيخان عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ»، إلّا أنْ يوجبَهُ المسلمُ بنذرٍ أو حلفٍ، فقد روى الشيخان عن عُمَرَ أنَّهُ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، قَالَ: فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ»، لكن هذا مشروطٌ بسلامةِ وأمنِ مَن يعتكفُ، أمَّا إذا تيقنَ أو غلبَ على الظنِّ وقوعَ الضرِّ أو حصولَ المرضِ عندئذٍ لا يصحُّ الاعتكافُ؛ لأنَّ هذا يتعارضُ مع أحدِ الضرورياتِ الخمسِ وهي «حفظُ النفسِ البشريةِ»، ويرى الجمهورُ أنَّهُ لا يصحُّ اعتكافُ الرجلِ إلَّا في المسجدِ، والمسجدُ الجامعُ أولَى قال تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾، ونظرًا لعمومِ البلاءِ، وانتشارِ الوباءِ يُحكمُ بسقوطِ الاعتكافِ؛ لغيابِ محلِّهِ وهو المسجدُ كما قال ربُّنَا: ﴿وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ﴾، لكن أجازَ بعضُ المالكيةِ الاعتكافَ في البيتِ؛ إذ التطوعُ في البيوتِ أبعدُ عن الرياءِ والسمعةِ، وأقربُ إلى الإخلاصِ، وأرجَى في القبولِ يقولُ ابنُ حجر: (اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَشْرُوطِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِلِاعْتِكَافِ إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ بْنِ لُبَابَةَ الْمَالِكِيَّ فَأَجَازَهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَفِي وَجْهٍ لِأَصْحَابِهِ وَلِلْمَالِكِيَّةِ يَجُوزُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ أَنْ يعْتَكفوا فِي مَسْجِدِ بَيْتِهم؛ لِأَنَّ التَّطَوُّعَ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ) أ.ه، وهذا مشروطٌ بضوابطَ منها:

(1) تخصيصُ مكانٍ لا يستعملُ إلَّا للصلاةِ، أمَّا أنْ يُجعلَ البيتُ كلُّهُ مُعْتَكفَهُ فهذا يتنافَى مع الاعتكافِ.

(2) ألَّا يخرجَ مِن مُعْتَكَفِهِ إلَّا لضرورةٍ ملزمةٍ أو حاجةٍ مُلحةٍ كقضاءِ حاجةٍ أو غُسْلِ جَنَابَةٍ، أمَّا أنْ يبقَى فيه بضعَ سويعاتٍ ثم يعيشُ حياتَهُ اليوميةَ العاديةَ فهذا يفسدُ اعتكافَهُ .

(3) فعلُ العباداتِ المختلفةِ كالذكرِ والتسبيحِ وقراءةِ القرآنِ، ولا يتكلمُ إلَّا بخيرٍ.

(4) يحرمُ على الرجلِ الجماعُ ودواعيه، ولو وقعَ ذلك يفسدُ اعتكافُهُ مثلمَا لو كان في المسجدِ الجامعِ.

يجبُ علينَا أنْ نعِي ونفقَهَ أنَّ جوازَ الاعتكافِ في البيتِ مبنيٌّ على مراعاةِ الظروفِ التي طرأتْ علينا بسببِ هذا الوباءِ، فإنْ زالَ العذرُ عادَ الحكمُ إلى أصلهِ، وهو اشتراطُ المسجدِ للاعتكافِ، ولا يغيبُ عن عقولِنَا أنْ هذا الاختيارَ فيهِ إعمالٌ للعبادةِ، والإعمالُ مع سقوطِ بعضِ الشروطِ أولَى مِن الإسقاطِ بالكليةِ، كمَا أنَّ وقوعَ هذا الظرفِ لا اختيارَ للإنسانِ فيهِ، وإنَّما خارجٌ عن إرادتِهِ، وفيه أيضًا حثٌّ على إحياءِ العشرِ، وتحقيقِ معنَى الخلوةِ مع اللهِ، واستدراكِ ما فاتَ، بدلَ الانشغالِ بما لا يرجَى النفعُ منهُ آجلًا أو عاجلًا، والمتفقُ عليه أنَّ «الأمورَ بمقاصدِهَا»، فالأمرُ فيه سعةٌ خاصةً أنَّهُ يتعلقُ بالنوافلِ، وقد قررَ الفقهاءُ أنَّهُ «لا ينكرُ المختلفُ فيهِ، وإنَّما ينكرُ المتفقُ عليهِ»، فقولُ السادةِ المالكيةِ إنَّما هو مِن بابِ الرخصةِ وليسَ العزيمة.

أمَّا مِن حالتْ الأسبابُ دونَ اعتكافهِ في البيتِ فعليهِ ألَّا يحرمَ نفسَهُ وأهلَ بيتهِ الطاعةَ والعبادةَ كلُّ على قدرِ استطاعتهِ حتى تحصلَ لهم البركةُ، وتتنزلَ عليهم الرحمةُ، وتحضرَهُم الملائكةُ، وينفرَ عنهم الشيطانُ. وفضلُ اللهِ واسعٌ يكتبُ للعبدِ عندَ عذرهِ ما كانَ معتادًا عليه مِن الطاعةِ أجرهَا كما لو كان فعلَهَا عن أَبي مُوسَى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا» (البخاري) .

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة

ثالثًا: تحرِّي ليلةِ القدرِ:

إنَّ الغرضَ الأول مِن الاجتهادِ في العشرِ هو إصابةُ ليلةِ القدرِ التي هي تعدلُ عبادةَ (83) سنةً مِن عمرِ المسلمِ قالَ تعالى: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾، وفي تلك الليلةِ تُقدرُ مقاديرُ الخلائقِ على مدارِ العامِ، فيُكتبُ فيها الأحياءُ والأمواتُ، والسعداءُ والأشقياءُ، والآجالُ والأرزاقُ كما قال ربُّنَا: ﴿إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾، وقد أخفى اللهُ تعييينَهَا عن العبادِ كي يكثرُوا مِن العبادةِ، ويجتهدُوا في الطاعةِ، ولئلا يتباطؤُ ويتكاسلُوا، لكن أشارَ سيدُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّها في اليالي الوتيرةِ في العشرِ الأواخرِ فعن ابنِ عباسٍ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلم قال: «التمسُوها في العشرِ الأواخرِ مِن رمضانَ، ليلةَ القدرِ في تاسعةٍ تبقَى، في سابعةٍ تبقَى، في خامسةٍ تبقَى» (البخاري)، وهي في السبعِ الأواخرِ أرجَى مِن غيرِهَا فعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْمَنَامِ، فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا، فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ» (متفق عليه) .

ثم هي في ليلةِ سبعٍ وعشرين أرجَى ما تكونُ، لحديثِ معاويةَ بنِ أبي سفيانٍ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم في ليلةِ القدرِ قال: «ليلةٌ القدرِ ليلةُ سبعٍ وعشرين» (أبو داود بسند صحيح)، فعلى المسلمِ الراغبِ في إصابةِ ليلةِ القدرِ، والطامعِ في التعرضِ لنفحاتِ الكريمِ المنانِ أنْ يكثرَ مِن الأعمالِ الصالحةِ، وألَّا يملَّ مِن الدعاءِ والتذللِ للهِ والوقوفِ ببابهِ عسى أنْ تصيبَهُ نفحةٌ مِن نفحاتِ ربِّهِ لا يشقَى بعدهَا أبدًا، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ دَخَلَ رَمَضَانُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ، وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ» (ابن ماجه بسندٍ حسن صحيح) .

 وقد علمَنَا سيدُنَا أنْ نتضرعَ إلى اللهِ بدعاءٍ جامعٍ لكلِّ أبوابِ الخيرِ والبرِّ فعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي» (الترمذي بسند حسن صحيح)، وعلى المسلمِ أيضًا أنْ يُصفِّي قلبَهُ، ويُخلي نفسَهُ عن الغلِّ والحسدِ والحقدِ للبشرِ؛ إذْ كان هذا سببَ رفعِ تعيينِ ليلةَ القدرِ فعن عُبَادَة بْن الصَّامِت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ خَرَجَ يُخْبِرُ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلاَحَى رَجُلاَنِ مِنَ المُسْلِمِينَ فَقَالَ: «إِنِّي خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، وَإِنَّهُ تَلاَحَى فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ، فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، التَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ وَالتِّسْعِ وَالخَمْسِ» (البخاري) .

نعمْ واللهِ إنَّهُ لمحرومٌ كيفَ لا؟ وهي ليلةٌ واحدةٌ يغفرُ اللهُ بها كلَّ ما تقدمَ مِن ذنبِكَ فعن أَبي هُرَيْرَةَ قال رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (متفق عليه) .

العنصر الرابع من خطبة الجمعة القادمة

رابعًا: تلاوةُ القرآنِ الكريمِ بتدبرٍ وخشوعٍ, واعتبارِ معانيهِ، وأمرهِ ونهيهِ:

حثَّ نبيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على تلاوةِ القرآنِ، ورغبَ فيهِ، ومع قدومِ شهرِ القرآنِ يقبلُ المسلمُ على كتابِ ربِّهِ بنهمٍ وشغفٍ دونَ باقِي أيامِ العامِ؛ نظرًا لإرتباطِ هذا الشهرِ بنزولِ القرآنِ فيهِ ﴿شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ﴾، وهذا شيءٌ محمودٌ يتصفُ فيه المسلمُ بما كان يفعلُهُ سيدُّ الأنامِ فعن ابنِ عباسٍ قال: «كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم أجودَ الناسِ، وكانَ أجودَ ما يكونُ في رمضانَ، حين يلقاهُ جبريلُ، وكان جبريلُ عليه السلامُ يلقاهُ في كلِّ ليلةٍ مِن رمضانَ، فيدارسُهُ القرآنَ، فَلَرسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم أجودُ بالخيرِ مِن الريحِ المرسلةِ» (متفق عليه)، ويحرصُ المسلمُ في هذا الشهرِ الكريمِ أنْ يختمَ القرآنَ مراتٍ ومراتٍ، وهذا بلا شكٍ أمرٌ يُثابُ فاعلُهُ، ويُحمدُ عليه، لكن عندمَا تنظرُ إلى حالهِ في آخرِ الشهرِ تجدُ العزيمةَ قد ضعفتْ، والارادةُ قد فترتْ، وتنظرُ أيضًا في تعاملِهِ مع أهلهِ وجيرانهِ وأصحابهِ تجدُ أنَّ ما يتلُوه مِن القرآنِ يجانبُ ذلك ويخالفُهُ، وكأنَّ القرآنَ نزلَ لنتعبدَ اللهَ بهِ في صلاتِنَا دونَ أنْ نتخلَّقَ بهِ في سلوكِنَا، ونجعلَهُ منهجِ حياةٍ في بيوتِنَا وبينَ أفرادِ مجتمعِنَا، ولا شكَّ أنَّ فاعلَ هذا سيكونُ القرآنُ حُجَّةً عليهِ يومَ القيامةِ ألَا ما أحوجنَا أنْ نرجعَ إلى حالِ الرعيلِ الأولِ مِن جيلِ الصحابةِ والتابعين، ونرى كيفَ كان تعاملُهُم مع كتابِ اللهِ، فقد كانُوا يمكثُون أعوامًا في حفظِ سورةٍ واحدةٍ من القرآنِ فقد ذكرَ الإمامُ مالكٌ أنَّ ابْنَ عُمَرَ أقامَ على حفظِ سورةِ البقرةِ ثمانِ سنواتٍ، إذ الذي يعنِيهم هو العملُ والتطبيقُ لمَا يحفظونَهُ فعن ابْنِ عُمَرَ قال: «لَقَدْ عِشْنَا بُرْهَةً مِنْ دَهْرِنَا وَإِنَّ أَحْدَثَنَا يُؤْتَى الْإِيمَانَ قَبْلَ الْقُرْآنِ، وَتَنْزِلُ السُّورَةُ عَلَى مُحَمَّدٍ فَيَتَعَلَّمُ حَلَالَهَا وَحَرَامَهَا، وَمَا يَنْبَغِي أَنْ يُوقَفَ عِنْدَهُ فِيهَا كَمَا تَعْلَمُونَ أَنْتُمُ الْقُرْآنَ، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ رِجَالًا يُؤْتَى أَحَدُهُمُ الْقُرْآنَ فَيَقْرَأُ مَا بَيْنَ فَاتِحَتِهِ إِلَى خَاتِمَتِهِ مَا يَدْرِي مَا أَمْرُهُ وَلَا زَاجِرُهُ، وَلَا مَا يَنْبَغِي أَنْ يُوقَفَ عِنْدَهُ مِنْهُ يَنْثُرُهُ نَثْرَ الدَّقَلِ» (الحاكم وصححه ووافقه الذهبي)، فالصائمُ الذي حققَ هذه المقاصدَ وجمعَ تلك الفضائلَ هو مَن تنطبقُ عليه بُشرى سيدنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيثُ قال: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ» (أحمد والبيهقي بسندٍ صحيح)، لقد أودعَ اللهُ في كتابهِ ما مِن شأنِهِ يُرققُ القلوبَ، ويهذبُ المشاعرَ، ويخلِّصُ النفسَ وما علقَ بها مِن أدرانِ الذنوبِ والخطايا ألَا فلينتبِه المسلمُ، ويراجعْ حساباتِهِ، ويلملمْ أوراقَهُ قبلَ فواتِ الأوانِ، وما زالتْ دعوةُ اللهِ تجددُ للذين عطلُوا أسماعَهُم وأبصارَهُم وقلوبَهُم عن التدبرِ والتفكرِ في كتابِ ربِّنَا حيثُ عاتبَهُم فقالَ: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ .

العنصر الخامس من خطبة الجمعة القادمة

(5) صدقة الفطر وجواز إخراج القيمة فيها:

إذا كانت أبواب الخير متنوعة وسبل البر متعددة في أيام العشر، فعلى المسلم العاقل أن يترتب أولوياته، فيقدم ما فيه النفع العام على ما فيه المنفعة الخاصة، ولذا يتأكد في هذه الأيام إخراج زكاة الفطر التي هي طهرة للصائم من اللغو والرفث، وفيها توسعة على الفقراء والمحتاجين، ويجوز إخراجها حبوباً من غالب قوت البلد، ويجوز كذلك إخراج قيمتها نقداً؛ إذ الراجح عند الجمهور أنه يجوز أخذ القيمة في زكاة الفطر؛ لأن هذا يتفق مع مقصد الشريعة في التيسير على الناس خاصة من يعيشون في المُدن، وأنفع للفقير؛ فبالمال يشتري ما يريد من اللباس والطعام والدواء وغيره من ضروريات الحياة، ولأن المقصود هو دفع الحاجة عن المسكين كما أخبر بذلك المعصوم، ولا يختلف ذلك بالقيمة أو غيرها، وإلى هذا الإمام أبو حنيفة، وجَمْعٌ من الصَّحابة كسيِّدنا علي، وابن عباس، وابن عمر، وابن مسعود، والبراء بن عازب، ومعاذ بن جبل، وعطاء بن أبي رباح، ومعاوية رضي الله عنهم .

ومن التابعين: عمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، والنَّخعي، والثَّوري، والأوزاعي، واللَّيث بن سعد، والإمام البخاري، وطاووس، ومجاهد، وسعيد بن المسيبِ، وعروة بن الزبير، والرَّمليّ -وهو من فقهاء الشَّافعيَّة-؛ قال بجواز تقليد الإمام أبي حنيفة في جواز إخراجها دراهم لمن سأله عن ذلك، وبعض فقهاء المالكيَّة، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور، وإحدى الرِّوايات عن الإمام أحمد – التقييد بالحاجة والضَّرورة – .

 

نسألُ اللهَ أنْ يجعلَ بلدنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، وأنْ يوفقَ ولاةَ أُمورِنَا لمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.

كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال

عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »