الخطبة المسموعةخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdf

خطبة الجمعة القادمة 20 أكتوبر : التلوث ومخاطره ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 20 أكتوبر 2023 م بعنوان : التلوث ومخاطره ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 5 ربيع الآخر 1445هـ ، الموافق 20 أكتوبر 2023م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 20 أكتوبر 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : التلوث ومخاطره .

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 20 أكتوبر 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : التلوث ومخاطره ، بصيغة word أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 20 أكتوبر 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : التلوث ومخاطره ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

عناصر خطبة الجمعة القادمة 20 أكتوبر 2023 م بعنوان : التلوث ومخاطره ، للدكتور محروس حفظي :

 

(1) الإسلامُ يحثُّ على الحفاظِ على البيئةِ، وينهَى عن الإفسادِ فيهَا.

(2) وسائلٌ للحفاظِ على البيئةِ مِن التلوثِ مِن خلالِ القرآنِ الكريمِ والسنةِ المطهرةِ.

(3) البيئةُ وواقعُنَا المعاصرُ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 20 أكتوبر 2023 م بعنوان : التلوث ومخاطره ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي: 

 

خطبة بعنوان: «التلوثُ ومخاطرُهُ»

بتاريخ 21 ربيع الأول 1445 هـ = الموافق 20 أكتوبر 2023 م

الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويُكافِىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ ، أمَّا بعدُ ،،،

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 20 أكتوبر : التلوث ومخاطره

(1) الإسلامُ يحثُّ على الحفاظِ على البيئةِ، وينهَى عن الإفسادِ فيهَا:

لقد حثَّنَا دينُنَا الحنيفُ على المحافظةِ على البيئةِ، وعدَّ ذلك واجبًا دينيًّا، ونداءً إنسانيًّا، وطلبَ مِن الخلقِ عمارتَهَا، والعنايةَ بمكوناتِهَا، وثرواتِهَا ومواردِهَا، قالَ تعالى:﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها﴾، ولذا فالإسلامُ قد سبقَ كافةَ القوانينِ والأنظمةِ التي تدعو إلى مكافحةِ تلوثِ البيئةِ حيثُ جعلَ نشرَ ثقافةِ الجمالِ في البيئةِ التي نعيشُ فيها فعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ:«إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ» (مسلم)، كما جعلَ الإسلامُ المحافظةَ على البيئةِ جزءً مِن إيمانِ الفردِ المسلمِ، وحذرَهُ مِن الإضرارِ بهَا بأيِّ شكلٍ مِن الأشكالِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ – أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ- شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ» (متفق عليه) .

إنَّ التلوثَ ظاهرةٌ سلبيةٌ، ومشكلةٌ مجتمعيةٌ تقضِي على اليابسِ والأخضرِ، وتقفُ عقبةً في سبيلِ تقدمِ الإنسانيةِ، ولذا اتفقتْ كلمةُ الشرائعِ السماويةِ في النهيِ عن الإفسادِ في البيئةِ بأيِّ صورةٍ أو وسيلةٍ كانت فهذا نبيُّ اللهِ صالحٌ عليه السلامُ ينهى قومَهُ: ﴿وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ المُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾، وها هو موسى يخاطبُ أخاهُ هارونَ عليهما السلامُ قائلًا لهُ:﴿اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ﴾، لقد أوجدَ اللهُ البيئةَ على أحسنِ حالٍ، وهيأهَا على أفضلِ صورةٍ عرفَهَا الإنسانُ ﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ فيأتِي الخطابُ القرآنِيُّ موجهًا للإنسانيةِ جمعاء بالمحافظةِ عليها، وعدمِ تبديدِ ثرواتِهَا، والعملِ على تحسينِ مقدراتِهَا حتى يصلَ الإنسانُ بها إلى أوجِّ التقدمِ والحضارةِ والمدنيةِ ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾ ولا أدلَّ على ذلك مِن أنَّ مادةَ «فَسَدَ» بجميعِ مشتقاتِهَا قد وردتْ في القرآنِ الكريمِ «خمسينَ مرةً»، كما جعلَ الإفسادَ مِن صفاتِ المنافقين، وأخبرَ عن عدمِ محبتِهِ له، وعدمِ رضاهُ عنهُ في مواضعَ كثيرةٍ مِن كتابِه قالَ ربُّنَا:﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِى ٱلأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَسَادَ﴾، وقد فرّعَ الفقهاءُ حديثًا- استنادًا لمقاصدِ الشريعةِ – أنّهُ لا يجوزُ استخدامُ الأسلحةِ الكيمائيةِ والنوويةِ لِمَا تحدثُهُ مِن دمارٍ شاملٍ على مساحاتٍ واسعةٍ تطالُ آثارُهُ كلَّ إنسانٍ دونَ تمييزٍ بينَ مقاتلٍ وغيرِ مقاتلٍ، وتهلكُ الحيوانَ والنبات، وأضرارُهَا تبقَى أجيالًا عديدةً، ولأنَّهَا تهلكُ الحرثَ والنسلَ، وفي سياقِ التشريعِ القانونِي وضعَ ربُّنَا – عزّ وجلّ – في كتابهِ الحكيمِ أشدَّ عقوبةً وأقساهَا ضدَّ المفسدين وتوعدَهُم، وشرَّعَ لهُم “حدَّ الحرابةِ” .

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 20 أكتوبر : التلوث ومخاطره

(2) وسائلٌ للحفاظِ على البيئةِ مِن التلوثِ مِن خلالِ القرآنِ الكريمِ والسنةِ المطهرةِ:

لقد سلكَ الإسلامُ عدةَ وسائلَ للحفاظِ على البيئةِ مِن التلوثِ:

أولًا: سنَّ عقوباتٍ رادعةً لمَن تسولُ نفسُهُ العبثَ بمواردِ البيئةِ: إنَّ الوضوءَ – أحدُ شروطِ صحةِ الصلاةِ- لا يصحُّ إلّا بوجودِ ماءٍ نظيفٍ لم يتغيرْ لونُهُ أو طعمُهُ أو رائحتُهُ، كما أنَّ مِن شروطِ صحةِ الصلاةِ أيضًا طهارةُ المكانِ أيْ نظافةُ التربةِ أو الأرضِ التي يصلِّي عليهَا المسلمُ، فإذا تلوثتْ فإنّ الصلاةَ لا تصحُّ عليهَا، ولهذا وضعَ رسولُنَا العقابَ المعنويَّ للذي يحولُ دونَ ذلك، حيثُ نهَى عن قضاءِ الحاجةِ في الشوارعِ والطرقاتِ، فعن أبي هريرةَ أنَّ رسولَ اللهِ قال:«اتقوا اللاعنين»، قالوا: وما اللاعنانِ يا رسولَ اللهِ ؟ قال :«الذي يتخلَّى في طريقِ الناسِ أو ظلِّهِم» (أبو داود) .

لقد شرعَ ربُّنَا – عزّ وجلّ – حدَّ الحرابةِ لمَن يفسدُ في الأرضِ، أو يضرُّ بالمنافعِ العامةِ فقالَ سبحانَهُ: ﴿إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا﴾، ووضعَ رسولُنَا أيضًا قاعدةً عريضةً هي «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» (ابن ماجه)، لذا وجبَ على المتلفِ أو الملوثِ لشيءٍ ما ضمان ما أتلفَهُ أو لوثَهُ بأنْ يردَّ مثلَهُ إنْ كان مثليًّا، أو قيمتَهُ إنْ كان متقومًا، وقد نهى نبيُّنَا عن أنْ يبولَ الإنسانُ في الماءِ الذي يشربُ منه أو يستعملُهُ في أغراضِه المتعددةِ كنهرِ النيلِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ» (متفق عليه)، ونهَى أيضًا عن البصاقِ في الأرضِ، لِمَا لهُ مِن مضارٍّ صحيةٍ ونفسيةٍ، تخالفُ الذوقَ، وتثيرُ الاشمئزازَ، وهو ما يفعلُهُ بعضُ الناسِ اليومَ بتساهلٍ.

وكذلك نهَى عن التغوطِ تحتَ الأشجارِ المثمرةِ، والتبولِ في المياهِ الراكدةِ والجاريةِ، وعلى الطرقاتِ حمايةً للبيئةِ، وحفظًا للطهارةِ والصحةِ، وكلُّهَا وصايَا في حمايةِ البيئةِ؛ لخطرِ فضلاتِ الإنسانِ على الصحةِ، وتلوثِ البيئةِ لا سيّمَا المياه التي تساعدُ على نموِّ الجراثيمِ وانتشارِهَا عن طريقِ الشربِ والغسلِ، والخضرواتِ التي تسقَى بهَا .

ثانيًا: الترشيدُ العامُّ، وعدمُ الإسرافِ والتبذيرِ في استخدامِ مواردِ البيئةِ: أمرنَا الإسلامُ بعدمِ الإسرافِ والتبذيرِ في كلِّ شيءٍ، وأنْ تنهجٍ المنهجَ الوسطَ، قالَ تعالى:﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾، والخطابّ هنا يرتفعُ القرآنُ أنْ يوجهَ للمؤمنين فقط، فخاطبَ جميعَ البشرِ، بل جعلَ القرآنُ الترشيدَ صفةً مِن صفاتِ عبادِ الرحمنِ فقالَ جلَّ شأنُه:﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾، وقَالَ :«كُلُوا، وَتَصَدَّقُوا، وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ»(النسائي)، وقد نهانَا رسولُنَا عن الإسرافِ في الماءِ الذي هو ملكٌ للعامةِ – وهو بحقٍّ أهمُّ مواردِ البيئةِ الطبيعيةِ – فيُكرَهُ الإسرافُ بالماءِ عندَ الوضوءِ والزيادةُ عن ثلاثٍ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ مَرَّ بِسَعْدٍ، وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ:«مَا هَذَا السَّرَفُ» فَقَالَ: أَفِي الْوُضُوءِ إِسْرَافٌ قَالَ: «نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهَرٍ جَارٍ» (أحمد وابن ماجه)، كما لا بدَّ مِن المحافظةِ على الماءِ مِن التلوثِ، وذلك بالنهيِ عن التبولِ في الماءِ الراكدِ الذي يشربُ منه أو يستعملُهُ في أغراضِه المتعددِة كنهرِ النيلِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ:«لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ» (متفق عليه) .

إنَّ الإنسانَ مستخلفٌ على الأرضِ ومأمورٌ باستثمارِ خيراتِهَا، والمحافظةُ عليها، وهذا يفرضُ عليهِ أنْ يتصرفَ فيها تصرفَ الأمين، والمسؤولِ عنها، وأنْ يتعاملَ معها برفقٍ وأسلوبٍ رشيدٍ مِن أجلِ مستقبلِه ومستقبلِ الأجيالِ القادمةِ، وقد جاءت الشرائعُ السماويةُ كلُّهَا تدعُو الإنسانَ إلى المحافظةِ على البيئةِ، وتحرمُ عليه تلوثيهَا؛ لأنَّ اللهَ خلقَهَا مِن أجلِه، وسخرَهَا لخدمتِه ومنفعتِه: ﴿وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ إلى أنْ قالَ سبحانَهُ: ﴿وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ .

ثالثًا: الحثُّ على استصلاحِ الأراضِي الجدباء: لقد وجهنَا دينُنَا إلى إحياءِ الأرضِ وزراعتِهَا واستثمارِهَا حتى لا تظلَّ جرداءَ قاحلةً قَالَ :«مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، فَإِنْ لَمْ يَزْرَعْهَا، فَلْيُزْرِعْهَا أَخَاهُ» (مسلم)؛ ولأنَّها هي مصدرُ الغذاءِ، وأساسُ الموادِ الخامِ للصناعةِ، لكن هذا يحتاجُ إلى دراسةٍ وفقهٍ وحسنِ استغلالٍ فحينئذٍ تحصلُ الخيراتُ، وتأتِي البركاتُ، قَالَ :«مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ، أَوْ إِنْسَانٌ، أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ» (متفق عليه)، ومنعُ قطعِ الاشجارِ إلّا لمنفعةٍ ظاهرةٍ، بل أوصَى رسولُنَا بغرسِ الشجرِ ولو أَزِفَ يومُ القيامةِ، فعَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا» (الأدب المفرد)، فليس هناك حثٌّ على استغلالِ البيئةِ أقوَى مِن هذا الحديثِ؛ لأنَّهُ يدلُّ على الطبيعةِ المنتِجَةِ والخيِّرةِ للإنسانِ فهو بفطرتِه عاملٌ مِعطاءٌ كالنبعِ الفيَّاضِ لا ينضبُ ولا ينقطعُ حتى إنَّه ليظلَّ يعملُ حتى تلفظَ الحياةُ آخرَ أنفاسِهَا، فلو أنَّ الساعةَ تُوشكُ أنْ تقومَ لظلَّ يغرسُ ويزرعُ، وهو لن يأكلَ مِن ثمرِ غرسِهِ، ولا أحدٌ غيرهُ سيأكلُ منهُ؛ لأنَّ الساعةَ تدقُّ طبولَهَا، فالعملُ هنا يُؤدَّى لذات العملِ؛ لأنَّه ضربٌ مِن العبادةِ، والقيامِ بحقِّ الخلافةِ للهِ في الأرضِ إلى آخرِ رمقٍ، يقولُ الإمامُ المناوي:«والحاصلُ أنّه مبالغةٌ في الحثِّ على غرسِ الأشجارِ، وحفرِ الأنهارِ لتبقَى هذه الدارُ عامرةً إلى آخرِ أمدِهَا المحدودِ المعدودِ المعلومِ عندَ خالقِهَا، فكمَا غرسَ لك غيرُك فانتفعتَ بهِ فاغرسْ لمَن يجيءُ بعدَك لينتفعَ وإنْ لم يبقَ مِن الدنيا إلّا صبابةٌ، وذلك بهذا القصدِ لا ينافِي الزهدَ، والتقللَ مِن الدنيا»(فيض القدير) .

رابعًا: التوعيةُ المجتمعيةُ واجبٌ دينيٌّ ووطنيٌّ: لقد أوجبَ دينُنَا على المسلمِ رعايةَ بيتِه وأولادِه، وبيَّنَ أنّه سُيسألُ عنهُم يوم القيامةِ، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ …» (متفق عليه)، وقال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ﴾، وعلي هذا فالأسرةُ مسؤولةٌ عن توعيةِ أولادِهَا بأهميةِ البيئةِ، وضرورةِ عدمِ العبثِ بهَا، فدينُنَا الحنيفُ يحثُّنَا على ذلك، لذا يجبُ أنْ نربي أولادَنَا على وجوبِ صيانتِهَا وعدمِ إتلافِهَا وتشويهِهَا، وإلّا قلتْ الاستفادةُ منها، ثم يأتي دورُ المدرسةِ في تكملةِ ما بدأتْهُ الأسرةُ فيتعودُ الابنُ على التعاملِ مع البيئةِ على أنَّهَا ملكٌ خاصٌ فيحافظُ عليها أينمَا وُجِدتْ، ولوسائلِ الإعلامِ المرئيةِ والمسموعةِ والمقروءةِ دورٌ أيضًا في ذلك، وكذا مؤسساتُ المجتمعِ المدنِي عن طريقِ توعيةِ المواطنين وتثقيفِهِم بضرورةِ المحافظةِ عليها مِن خلالِ نشرِ اللافتاتِ واللوحاتِ في الأماكنِ العامةِ المختلفةِ، وتقديمِ النصحِ والإرشادٍ للآخرين إذا ما قامُوا بأعمالٍ تخلُّ النظامَ الطبيعيَّ للبيئةِ، وتنظيمِ حملاتٍ توعويةٍ بأهميةِ البيئةِ وسبلِ المحافظةِ عليها، وتنظيمِ حملاتٍ لتنظيفِ المناطقِ وخاصةً السياحية، وزرعِ الأشجارِ، وإعطاءِ الدروسِ في المدارسِ حولَ البيئةِ لترسيخِ العاداتِ الصحيةِ الصحيحةِ في الأطفالِ منذُ الصغرِ، وهكذا لا بُدَّ مِن تكاتفِ الجميعِ في سبيلِ الحفاظِ على بيئةٍ نظيفةٍ.

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 20 أكتوبر : التلوث ومخاطره

(3) البيئةُ وواقعُنَا المعاصرُ:

إنَّ الاسلامَ يأمرُ الجميعَ بحمايةِ البيئةِ، والتثقيفِ والتربيةِ على العنايةِ بالطبيعةِ، وحمايةِ الأحياءِ؛ لأنّ ما صنعتهُ يدُ الخالقِ – سبحانَه- يتصفُ بالكمالِ والصلاحِ، ولا شيءَ خُلِقَ عبثًا في هذا الوجودِ: ﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾، وإنَّ تصرفَ الإنسانِ الأنانِي جهلٌ وعدوانيةٌ يدفعُهُ إلى تخريبِ البيئةِ والفسادِ: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ﴾ .

أيُّها الأحبةُ: الإنسانُ مستخلفٌ في هذه الأرضِ قال سبحانه: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾، وهذه الخلافةُ في الأرضِ يترتبُ عليهَا مسئوليةٌ جسيمةٌ فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ ، قَالَ:«إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ …» (مسلم)، فمفهومُ الاستخلافِ للإنسانِ خيرُ رابطٍ بينَهُ وبينَ بيئتِه، فخالقُ الإنسانِ وصانعُ البيئةِ واحدٌ، وهو اللهُ – سبحانه-، والكائنُ البشرِي غيرُ منفصلٍ عن بيئتِه، فهو عنصرٌ مهمٌّ مِن عناصرِهَا، وحمايةُ البيئةِ الطبيعيةِ والاجتماعيةِ التي بها عمارةُ الأرضِ حثَّ عليهَا الإسلامُ، وبها سلامةُ الإنسانِ، والمحافظةُ على نظامِ الحياةِ، وسعادةُ البشرِ، واستمرارُ وجودِهِم على هذه البسيطةِ ومَن معهُم مِن الكائناتِ يجبُ حمايتُهُم مِن التلوثِ، والانقراضِ.

إنّ تفاقمَ المشكلاتِ البيئيةِ في العالمِ أجمع، وما ترتبَ عليها مِن مخاطرَ تهددُ كلَّ الكائناتِ على السواءِ، وأصبحتْ مِن الأمورِ التي تستوجبُ مِن الجميعِ المشاركةُ الفاعلةُ في مواجهةِ مشكلاتِ البيئةِ كتلوثِ الهواءِ والماءِ والضوضاءِ، وتلوثِ التربةِ والغذاءِ أو مشكلاتٍ معنويةٍ كالتلوثِ الخُلقِي والثقافِي والاجتماعِي والفضائِي، وسوءِ التعاملِ مع الالكترونياتِ، كلُّ ذلك فيه خطرٌ على الدينِ والإنسانِ إذا أُسيءَ استخدامهُ أو أُفرِطَ في استعمالِهِ على الوجهِ غيرِ المشروعِ.

نحن عالمٌ نعيشُ على كرةٍ أرضيةٍ واحدةٍ، ومِن المهمِّ أنْ نتفقَ على حمايتِهَا بعدَ أنْ أصلحَهَا اللهُ حيثُ تشيرُ الإحصاءاتُ إلى أنَّ العالمَ قد خسرَ في عامٍ واحدٍ فقط حوالي “36” نوعًا مِن الحيواناتِ الثدييةِ، وأربعةً وتسعينَ نوعًا مِن الطيورِ بالإضافةِ إلى تعرضِ “311” نوعًا آخرَ مِن الكائناتِ لخطرِ الانقراضِ، أمّا الغاباتُ الخضراءُ فهي في تنقصٍ دائمٍ في الأرضِ بمعدلِ 2% سنويًّا نتيجةَ الاستنزافِ، وكذلك التربةُ فإنّها تتناقصُ باستمرارٍ بمعدلِ 7% نتيجةَ الانهاكِ المستمرِّ للزراعةِ الكثيفةِ، أو الريِّ الكثيفِ مِمّا يُؤدِّي إلى ملوحةِ التربةِ، مع فقدٍ كبيرٍ للغاباتِ والأشجارِ، وتُعدُّ 10% مِن أنهارِ العالمِ ملوثةً، وتحتاجُ البحارُ في العالمِ إلى مئاتِ السنين للتخلصِ مِن التلوثِ الذي أصابَهَا كذلك تسودُ استخداماتُ المياهِ في العالمِ ممارساتٍ خاطئة، تُؤدِّي إلى ندرةِ المياهِ، والإضرارِ بهَا.

إنَّ هذه الحقائقَ والاحصاءاتِ توضحُ خطورةَ الوضعِ الذي وصلتْ إليهِ الأرضُ نتيجةَ سوءِ استخدامِ البيئةِ مِن قبلِ الإنسانِ بسببِ الإفسادِ في الأرضِ بعدَ إصلاحِهَا، وهي مظاهرٌ تستلزمُ التدخلَ السريعَ للإنقاذِ، ولا إنقاذَ للبشريةِ إلّا بفهمِ تعاليمِ الإسلامِ ومقاصدهِ الكليةِ.

إنَّ الكونَ مسخرٌ بأمرِ اللهِ – تعالَى- للإنسانِ، فيجبُ عليهِ أنْ يحافظَ على نظافتِهِ ونظامِهِ الدقيقِ البديعِ الذي خلقَهُ اللهُ عليهِ، فما ثبتَ ضررُهُ عن طريقِ البحوثِ الحديثةِ والدراساتِ العلميةِ على الأرضِ والبيئةِ، فإنَّ الإسلامَ يحرمُهُ كالتجاوزِ في الصيدِ، وإفسادِ البحارِ وتلويثِهَا، وآثارِ المصانعِ المدمرةِ، وغيرِ ذلك مِمّا اتفقَ البشرُ عن الحدِّ مِن أخطارِه وأضرارِه، فإنّ الإسلامَ يشجعُ على ذلك.

وأخيرًا: يمكنُنَا تفعيلَ بعضِ الخطواتِ العمليةِ التي تحدُّ مِن اتشارِ التلوثِ ومخاطرِهِ:

أولًا: العنايةُ بزراعةِ الأشجارِ خاصةً المثمرةُ: تعتبرُ الأشجارُ مصدرًا للأكسجينِ الذي هو أساسُ استمراريةِ الحياةِ، كمَا أنَّها تعملُ على التقليلِ مِن نسبةِ ثانِي أكسيد الكربون التي تحيطُ بنَا، لذا يجبُ علينَا أنْ نحافظَ على الأشجارِ وأنْ نحاربَ كلَّ مَن يُضرُّ بها؛ لأنَّ قطعهَا يعتبرُ تهديدًا خطيرًا على البيئةِ وعلى البشريةِ عامةِ،

قَالَ رَسُولُ اللهِ : «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا إِلَّا كَانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةً، وَمَا سُرِقَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَةٌ، وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ مِنْهُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ، وَمَا أَكَلَتِ الطَّيْرُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ، وَلَا يَرْزَؤُهُ أَحَدٌ إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةٌ» (مسلم) تشجيعًا على الشجرةِ لا أنْ يكونَ الإنسانُ سببًا في قطعِ الأشجارِ والاحتطابِ الجائرِ على الغاباتِ التي تمثلُ حمايةً للأرضِ والهواءِ والنباتِ، وما أكثرَ الاحتطابَ الجائرَ الذي يمارسُ اليوم، والإنسانُ لا بدَّ أنْ يكونَ بعيدَ النظرِ في بيئتِهِ تمثلًا للمثلِ القائلِ: “غرسُوا فأكلنَا ونغرسُ فيأكلون”.

 ومِن وصايا سيدِنَا أبي بكرٍ الصديق رضي اللهُ عنه لمحاربِيه: وَإِنِّي مُوصِيكَ بِعَشْرٍ: «لَا تَقْتُلَنَّ امْرَأَةً، وَلَا صَبِيًّا، وَلَا كَبِيرًا هَرِمًا، وَلَا تَقْطَعَنَّ شَجَرًا مُثْمِرًا، وَلَا تُخَرِّبَنَّ عَامِرًا، وَلَا تَعْقِرَنَّ شَاةً، وَلَا بَعِيرًا إِلَّا لِمَأْكَلَةٍ، وَلَا تَحْرِقَنَّ نَحْلًا، وَلَا تُغَرِّقَنَّهُ، وَلَا تَغْلُلْ وَلَا تَجْبُنْ» (ابن أبي شيبة)، وهذه رسالةٌ لأصحابِ الصيدِ وهواتِه الذين يمارسونَهُ للمتعةِ لا للأكلِ والجوعِ: احرصّوا -عبادَ اللهِ- على حمايةِ البيئةِ والحفاظِ على مقدراتِهَا التي ذلَّلَهَا اللهُ لنَا لنعيشَ فيهَا، ومَن فعلَ ذلك عادةً فإنَّهُ يؤجرُ عليهَا.

حافظوا على المنتزهاتِ البريةِ والطبيعيةِ وعلى نظافتِهَا، فإنَّ مِمّا يُرثَى لهُ أنْ تراهَا ممتلئةً بالقاذوراتِ، وسوءِ التنظيفِ، فالبعضُ قد يخرجُ للتنزهِ، ويقضِي بعضَ الوقتِ للتمتعِ، ويدخلُ المكانَ وهو نظيفٌ، ثم بعدمَا يغادرُ يخلِّفُ أكوامًا مِن القاذوراتِ، حتى أحيانًا لا يصلحُ المكانُ لأنْ يتنزَّهَ فيه غيرُهُم مِن آثارِ ما تركّوه، وقد يكونُ تنظيفُهُ لا يستغرقُ وقتًا طويلًا، لكن قد يتعمدُ فعلَ ذلك، وأطفالُهُم يجلسونَ يراقبُونَ عن بُعْدٍ ما يُفعَلُ، فتجدهّم – بعد ذلك – داخلَ بيوتِهِم وفي حياتِهِم لا يهتمونَ بنظافتِهِم الشخصيةِ ولا بترتيبِ ملابسِهِم تبعًا لِمَا اعتادُوه مِن آبائِهِم، ولا عجبَ أنْ جعلَ رسولُنَا إماطةَ الأذَى، ونظافةَ الأماكنِ العامةِ مِن الإيمانِ قال : «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ – أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ – شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ» (متفق عليه) .

ثانيًا: منعُ الزحفِ العمرانِي: الذي بدورهِ سببُ قطعِ الكثيرِ مِن الأشجارِ وموتِ الكثيرِ مِن الكائناتِ الحيةِ التي كانت تتغذَّى على هذه الأشجارِ.

تابع / خطبة الجمعة القادمة 20 أكتوبر : التلوث ومخاطره

ثالثًا: التقليلُ مِن استخدامِ الموادِ الكيميائيةِ الضارةِ: ومنعُ تسربِهَا الى الهواءِ والماءِ والتربةِ؛ لأنَّها في النهايةِ ستدخلُ جسمَ الإنسانِ وتُسببُ لهُ الأمراضَ المختلفةَ، ومِمّا يضرُّ بالبيئةِ ما يتساهلُ بهِ بعضُ المزارعين بلا خوفٍ مِن اللهِ ولا رادعٍ مِن ضميرٍ وخلقٍ بوضعِ المبيداتِ في غيرِ وقتِهَا على الخضارِ والفواكِهِ التي تُجلبُ للأسواقِ مباشرةً، وتسببُ الأمراضَ للناسِ، وهذا ضررٌ بيئيٌّ وخلقيٌّ، ومِن هنَا ندركُ اهتمامَ الإسلامِ بحمايةِ الإنسانِ، والحفاظَ على صحتِه وحياتِه، وذلك بجلبِ المصالحِ، ودرءِ المفاسدِ، وكذلك حرقِ مخلفاتِ الزراعةِ ك “البوصِ” وما ينتجُ عنه مِن دخانٍ وضيقٍ في استنشاقِ الهواءِ، وإيذاءِ المارةِ والمقيمين، وتلوثِ طبقةِ الهواءِ الجويِ وغيرِهَا مِمّا هو مشاهدٌ وواقعٌ، ومتجددٌ كلُّ موسمٍ وحصادٍ.

رابعًا: استخدامُ الطرقِ الحديثةِ: في التخلصِ مِن النفاياتِ الصلبةِ والسائلةِ والغازيةِ، والابتعادُ عن الطرقِ القديمةِ التي تسببُ التلوثَ، فهذا داخلٌ تحتَ الأخذِ بالأسبابِ التي أمرَنَا اللهُ بها كي نحافظَ على ثرواتِنَا ومقدراتِنَا الطبيعيةِ ﴿وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً * فَأَتْبَعَ سَبَباً﴾ .

خامسًا: معالجةُ التلوثِ الضوضائِي: الذي ينتجُ عن الضجيجِ والأصواتِ العاليةِ جدًا التي قد تنتجُ مثلًا عن المصانعِ الكُبرى أو المطاراتِ أو الضجيجِ اليومِي الناتجٍ عن ازدحاماتِ المدنِ الكبرَى وغيرِهَا مِن مسبباتٍ وهذا يسببُ تلفًا في القدراتِ السمعيةِ، وزيادةً كبيرةً في نسبةِ الكولسترول في دمِ الإنسانِ، ويعملُ على توسيعِ فتحةِ العينِ، ويُحدثُ خللًا في عملِ الغددِ الصماءِ، عدَا عن أنَّهُ يسببُ اضطراباتٍ نفسيةً وفسيولوجيةً وتوترًا وصداعًا شديدًا قد يستمرُّ لفتراتٍ طويلةٍ، وقد نهَى ربُّنَا عن ذلك فقال: ﴿وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾، وقد كان مِن أعظمِ صفاتِ نبيِّنَا : “عدمُ رفعِ الصوتِ” فعَنْ عَطَاءِ قَالَ:”لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ فِي التَّوْرَاةِ؟ قَالَ: “أَجَلْ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي القُرْآنِ: …. لَيْسَ بِفَظٍّ وَلاَ غَلِيظٍ، وَلاَ سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ” (البخاري).

سادسًا: معالجةُ التلوثِ الهوائِي: الذي يُصيبُ الجوَّ، وينتجُ عن عددٍ مِن العواملِ كعودامِ السياراتِ والمبيداتِ المختلفةِ والغازاتِ والأتربةِ والغبارِ وغيرِهَا مِن مسبباتِ الجراثيمِ التي تُؤدِّي إلى انتشارِ العديدِ مِن الفيروساتِ التي تُصيبُ الجسمَ بالأمراضِ كالأنفلونزا وأمراضِ الرئتينِ والتنفسِ.

وقد أجازَ لنَا الإسلامُ الانتفاعَ بجلودِ الميتةِ، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: “وَجَدَ النَّبِيُّ شَاةً مَيِّتَةً أُعْطِيَتْهَا مَوْلاَةٌ لِمَيْمُونَةَ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا؟» قَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ: قَالَ: «إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا» (مسلم)،وَفِي هَذَا تَشْجِيعٌ عَلَى الانْتِفَاعِ بِكُلِّ شَيءٍ فِي الطَّبِيعَةِ يُمكِنُ الانْتِفَاعُ بِهِ وَعَدَمِ تَركِهِ لِلتَّلَفِ، وَهَذا أَصْـلٌ فِي الحَثِّ عَلَى الصِّنَاعَاتِ التَّحْوِيلِيَّةِ التِي تُقلِّلُ التَّلَوُّثَ، وَتَحَدُّ مِنْ تَكَاثُرِ النُّفَايَاتِ الضَّارَّةِ بِالبِيئَةِ.

سابعًا: معالجةُ التلوثِ المائِي، الناتجِ عن الميكروباتِ البكتيريةِ والفطرياتِ والفيروساتِ التي قد يصلُ خطورةُ بعضِهَا للإصابةِ بأمراضِ شللِ الأطفالِ والتيفوئيدِ وغيرِهَا مِن الأمراضِ القاتلةِ، وقد بشرَ نبيُّنَا مَن يوسعُ مجرَى الماءِ للعامةِ بأنَّ لهُ صدقةً تُجرَي لهُ بعدَ موتِه، فعَن أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ: «سَبْعٌ يَجْرِي لِلْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ، وهُو فِي قَبْرِهِ: مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا، أَوْ كَرَى نَهْرًا، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا، أَوْ غَرَسَ نَخْلا، أَوْ بَنَى مَسْجِدًا، أَوْ وَرَّثَ مُصْحَفًا، أَوْ تَرَكَ وَلَدًا يَسْتَغْفِرُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ» (البزار والبيهقي بسند حسن لغيره)، وقد قررَ أهلُ العلمِ أنَّ مِن الصدقةِ الجاريةِ قياسًا على ما تقدمَ تطهيرَ النهرِ، والمحافظةَ عليهِ مِن رميِ الجيفِ والنفاياتِ وما ينجسُهُ مِن القماماتِ والمخلفاتِ … الخ، وكلُّ ما تدعُو إليه الحاجةُ وظروفُ الحياةِ ومتغيراتُهَا ومستجداتُهَا مِمّا يوافقُ الشرعَ الحنيفَ، وينفعُ الناس.

نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا حسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنّهُ أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، وأنْ يجعلَ بلدنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، وأنْ يوفقَ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيه نفعُ البلادِ والعبادِ.

                                  كتبه: الفقير إلى عفو ربه الحنان المنان

د / محروس رمضان حفظي عبد العال

                               مدرس التفسير وعلوم القرآن – كلية أصول الدين والدعوة – أسيوط

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »