خطبة الجمعة القادمة 2 يونيو 2023 م بعنوان : احترام الكبير ، للدكتور محروس حفظي
خطبة الجمعة القادمة
خطبة الجمعة القادمة 2 يونيو 2023 م بعنوان : احترام الكبير ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 13 ذو القعدة 1444هـ ، الموافق 2 يونيو 2023م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 2 يونيو 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : احترام الكبير.
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 2 يونيو 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : احترام الكبير، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 2 يونيو 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : احترام الكبير ، بصيغة pdf أضغط هنا.
___________________________________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
عناصر خطبة الجمعة القادمة 2 يونيو 2023 م بعنوان : احترام الكبير ، للدكتور محروس حفظي :
(1) خلقُ الاحترامِ بمفهومهِ الشاملِ مِن أعظمِ الأخلاقِ التي حثّنَا عليها دينُنَا.
(2) مظاهرُ العنايةِ والرعايةِ في احترامِ الكبيرِ.
(3) أينُ نحنُ مِن احترامِ الكبيرِ؟.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 2 يونيو 2023 م بعنوان : احترام الكبير ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:
خطبة بعنوان: «احترامُ الكبيرِ»
بتاريخ 13 ذو القعدة 1444 هـ = الموافق 2 يونيو 2023 م
الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويُكافِىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِك، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ، أمَّا بعدُ ،،،
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 2 يونيو 2023
(1) خلقُ الاحترامِ بمفهومهِ الشاملِ مِن أعظمِ الأخلاقِ التي حثّنَا عليها دينُنَا:
مِن أجمعِ القيمِ الأخلاقيةِ التي حثَّنَا عليها الإسلامُ «خلقُ الاحترامِ»، الذي شملَ حركةَ الحياةِ كلَّهَا حتى الجماداتِ والحيواناتِ، وعلى رأسِ ذلك كلِّهِ الإنسانُ فأوجبَ احترامَهُ، وحرّمَ الاعتداءَ على عقلهِ، أو عرضهِ أو مالهِ، أو إجبارهِ على اعتناقِ دينٍ مُعينٍ، قالَ تعالَى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾، واحترمَ خصوصيتَهُ فنهَى عن تتبعِ عوراتهِ الماديةِ والمعنويةِ، فعن أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعُ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ يَتَّبِعْ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ» (أحمد وأبو داود)، ونهَى عن احتقارهِ أو التقليلِ مِن شأنهِ أو ذمِّهِ بأيِّ وسيلةٍ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ: «لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنَا – وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ – بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ» . (مسلم) .
فما أحوجنَا في هذا العصرِ إلى بثِّ ونشرِ هذا الخلقِ، وغرسهِ في نفوسِ أولادِنَا منذُ نعومةِ أظفارِهِم، فينشأُ الولدُ وهو يوقرُ الكبيرَ، ويحترمُ الصغيرَ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا» (الترمذي وحسنه)، أيْ: لَيْسَ عَلَى سُنَّتِنَا، أَوْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ مِنَّا، وما أحوجَ الإنسانَ اليومَ أيضًا إلى أنْ يحترمَ كلُّ متخصصٍ تخصصَهُ العلمِي فلا يتعدّى حدودَهُ، ولا يتجاوزْ مجالَهُ مصداقًا لقولهِ تعالى: ﴿فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾، وإلا ترتبَ على ذلك سوءُ الفهمِ للنصوصِ، ومجافاةُ مقاصدِهَا، وصدقُ ابنُ حجرٍ حينمَا قالَ: «إِذَا تَكَلَّمَ الْمَرْءُ فِي غَيْرِ فَنِّهِ أَتَى بِهَذِهِ الْعَجَائِبِ»، وهذا مِن شأنهِ أنْ يجلبَ على المجتمعَ بلبلةَ الأفكارِ، وعدمَ الاستقرارِ، ولهذا شرعَ نبيُّنَا التخصصَ، فنبَّهَ أنّ كلَّ صحابِيٍّ قد برعَ في علمٍ معينٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالحَلَالِ وَالحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا وَإِنَّ أَمِينَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ» . (ابن ماجه، ابن حبان) .
لقد أوصتْ الشريعةُ الإسلاميةُ أنْ نحسنَ إلى الكبيرِ الذي تقدّمَ بهِ العُمُرُ؛ لأنَّ سنةَ الحياةِ اقتضتْ أنْ يعيشَ الإنسانُ فترةَ شبابهِ ثم يصيرُ شيخًا كبيرًا، قالَ ربُّنَا: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾، وعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَلَا الْجَافِي عَنْهُ وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ» (أبو داود بسند حسن)، قوله: “إِنَّ مِن إجلالِ الله” أي: تبجيلهُ وتعظيمهُ، “إكرامُ ذي الشيبةِ المسلمِ”، أي: تعظيمُ الشيخِ الكبيرِ في الإسلامِ بتوقيرهِ في المجالسِ، والرفقِ بهِ، والشفقةِ عليهِ ونحو ذلك، كلُّ هذا مِن كمالِ تعظيمِ اللهِ؛ لحرمتهِ عندَ اللهِ” أ.ه (عون المعبود (13/132).
فأنتَ إنْ أحسنتَ إلى الكبيرِ سيقيضُ اللهُ مَن يحسنُ إليكَ في عجزِكَ وشيخوختِكَ؛ لأنّه كما تدينُ تدان، قَالَ ﷺ: «مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنِّهِ إِلَّا قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ مَنْ يُكْرِمُهُ عِنْدَ سِنِّهِ» (الترمذي، وأحمد)، وعَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الْبِرُّ لَا يَبْلَى، وَالْإِثْمُ لَا يُنْسَى، وَالدَّيَّانُ لَا يَمُوتُ، فَكُنْ كَمَا شِئْتَ كَمَا تَدِينُ تُدَانُ» (مُرْسَلٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ) .
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 2 يونيو 2023
(2) مظاهرُ العنايةِ والرعايةِ في احترامِ الكبيرِ:
تعددتْ مظاهرُ العنايةِ والرعايةِ في احترامِ الكبيرِ، ومِن أعظمِ تلك المظاهرِ ما يلي:
أولاً: حسنُ الاستقبالِ، والتوسعةُ لهُ في المجلسِ، وتذكرُ حسانتهِم معنَا: وفي سيرةِ نبيِّنَا العطرةِ ما يرشدُكَ إلى ذلك، فعنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «جَاءَتْ عَجُوزٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ: لَهَا رَسُولُ اللَّهِ: مَنْ أَنْتِ؟ قَالَتْ: أَنَا جَثَّامَةُ الْمُزَنِيَّةُ، فَقَالَ: بَلْ أَنْتِ حَسَّانَةُ الْمُزَنِيَّةُ، كَيْفَ أَنْتُمْ؟ كَيْفَ حَالُكُمْ؟ كَيْفَ كُنْتُمْ بَعْدَنَا؟ قَالَتْ: بِخَيْرٍ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمَّا خَرَجَتْ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُقْبِلُ عَلَى هَذِهِ الْعَجُوزِ هَذَا الْإِقْبَالَ؟ فَقَالَ: إِنَّهَا كَانَتْ تَأْتِينَا زَمَنَ خَدِيجَةَ، وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ» (الحاكم وصححه ووافقه الذهبي)، وكان ﷺ يُؤثرُ ويحبُّ أنْ يأتي كبارُ السنِّ، ويقضِي لهم حاجتَهُم، فعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «جَاءَ أَبُو بَكْرٍ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ بِأَبِيهِ أَبِي قُحَافَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: لَوْ أَقْرَرْتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ لَأَتَيْنَاهُ» (الحاكم وصححه ووافقه الذهبي) .
كما يُسنُّ التوسعةُ للكبيرِ إذا قدمَ سَوَاءٌ كَانَ ذَا شَيْبَةٍ، أَوْ ذَا عِلْمٍ، أَوْ لِكَوْنِهِ كَبِيرَ قَوْمٍ فعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ» (ابن ماجه بسند حسن) .
ثانيًا: توقيرُهُم وتقديمُهُم في الأمورِ الدنيويةِ والدينيةِ: أوجبَ علينَا دينُنَا تعظيمَهُم وتقديمَهُم في الأمورِ الدنيويةِ كالحديثِ أو الجلوسِ أو دخولِ المسجدِ أو في أيِّ محفلٍ أو مركبٍ، والإمتناعَ عن مخاطبتهِ باسمهِ دونَ لقبهِ بل يجبُ حفظُ الألقابِ، وقد كان رسولُ اللهِ ﷺ: “إذا تحدثَ عندَهُ اثنانِ بأمرٍ مَا بدأَ بأكبرهِمَا سنًّا، وقال كبّرْ كبّرْ”، وفي موقفٍ عمليٍّ تطبيقيٍّ يعلمُنَا ﷺ ذلك، فعن ابْنَ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ:«أَرَانِي فِي الْمَنَامِ أَتَسَوَّكُ بِسِوَاكٍ، فَجَذَبَنِي رَجُلَانِ، أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الْآخَرِ، فَنَاوَلْتُ السِّوَاكَ الْأَصْغَرَ مِنْهُمَا، فَقِيلَ لِي: كَبِّرْ، فَدَفَعْتُهُ إِلَى الْأَكْبَرِ» (متفق عليه) .
وتذكُرُ عائشةُ رضي اللهُ عنها شيئًا مِن هذا فتقولُ: “ما رأيتُ أحدًا أشبَهَ برسولِ اللهِ ﷺ سَمتًا ولا هَديًا مِن ابنتِهِ فاطمةَ قالتْ: “وكانت إذا دَخَلتْ على النبيِّ ﷺ قامَ لها وقبَّلهَا، وأخذَ بيدِهَا وأجلسَهَا مجلِسَهُ، وكان إذا دَخَل عليها تقومُ لأبيهَا وتُقبِّلهُ وتُقعِدهُ في مجلسِهَا” (الأدب المفرد).
تابع/ خطبة الجمعة القادمة 2 يونيو 2023
وكذا في إمامةِ الصلاةِ – طالمَا توفرتْ شروطُهَا – فعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ: «أَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ رَحِيمًا رَقِيقًا، فَظَنَّ أَنَّا قَدِ اشْتَقْنَا أَهْلَنَا، فَسَأَلَنَا عَنْ مَنْ تَرَكْنَا مِنْ أَهْلِنَا، فَأَخْبَرْنَاهُ، فَقَالَ: ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ، فَأَقِيمُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ، وَمُرُوهُمْ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» (متفق عليه)، وفي السلامِ والتحيةِ يُسنُّ سلامُ الصغيرِ على الكبيرِ قالَ ﷺ : «يسلمُ الصغيرُ على الكبيرِ، والمارُّ على القاعدِ، والقليلُ على الكثيرِ» (البخاري) .
ثالثًا: أخذُ مشورتهِم ورأيهِم في الأمورِ الجليلةِ: لأنّهم أكثرُ خبرةً وحنكةً بشؤنِ الحياةِ، وأعظمُ درايةً بالأعرافِ والتقاليدِ، فهم قومٌ عركتهُم الحياةُ ودربتْهُم المواقفُ، وأنضجتْهُم الأحداثُ، وهذا ما نهجَهُ رسولُنَا ﷺ في حياتهِ وكذا صحابتهُ مِن بعدهِ رضي اللهُ عنهم فكتبَ اللهُ لهم الفوزَ والنصرَ والتمكينَ.
رابعًا: إدخالُ الفرحِ والسرورِ عليهم، والبشاشةِ في وجوههِم: وعدمُ التدقيقِ عليهم في كلِّ شيءٍ، فعَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ أَتَتْهُ عَجُوزٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ: إِنَّ الْجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا عَجُوزٌ، فَذَهَبَ نَبِيُّ اللَّهِ فَصَلَّى، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ كَلِمَتِكَ مَشَقَّةً وَشِدَّةً، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ: «إِنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ، إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَدْخَلَهُنَّ الْجَنَّةَ حَوَّلَهُنَّ أَبْكَارًا» (الطبراني بسند حسن)، فالشيخُ الكبيرُ ترضِيه أدنَى كلمة، ويقنعُ بما تعطيه، وقد فهمَ رسولُنَا ﷺ طبيعتَهُم فعاملَهُم بمقتضَى تلك الجِبلَّةِ، فعَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: «قَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ أَقْبِيَةٌ “أنواع من الثياب”، فَقَالَ لِي أَبِي، مَخْرَمَةُ انْطَلِقْ بِنَا إِلَيْهِ عَسَى أَنْ يُعْطِيَنَا مِنْهَا شَيْئًا، قَالَ: فَقَامَ أَبِي عَلَى الْبَابِ فَتَكَلَّمَ، فَعَرَفَ ﷺ صَوْتَهُ، فَخَرَجَ وَمَعَهُ قَبَاءٌ وَهُوَ يُرِيهِ مَحَاسِنَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: خَبَأْتُ هَذَا لَكَ خَبَأْتُ هَذَا لَكَ» (مسلم)، وكان مَخْرَمَةُ كبيرَ السنِ، فسكنتْ نفسُهُ، وهدأَ بالُهُ، ورضيَ ورجعَ بخيرِ ما أراد.
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 2 يونيو 2023
(3) أينُ نحنُ مِن احترامِ الكبيرِ؟:
عرفتَ فيمَا سبقَ أنّ مِن هديِ الرسولِ ﷺ احترامَ الكبيرِ وتوقيرَهُ، ولكنْ إذا نظرتَ في واقعِنَا اليوم تجد خللًا كبيرًا في هذا الخُلقِ العظيمِ، فما أحوجَ شبابنَا اليومَ خاصةً في عصرِ تغلغلتْ فيهِ المادةُ وطغتْ إلى استحضارِ هذه القيمِ الإيمانيةِ، والتمسكِ بهَا حتّى يبقَى للمسلمِ سمتهُ وشخصيتهُ التي لا تذوبُ في شخصيةِ الآخرين، وصدقَ ربُّنَا حيثُ قالَ: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ﴾، وليعلمَ أولادُنَا أنَّ الخيرَ كلُّ الخيرِ في احترامِ الكبيرِ وتوقيرهِ، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ، قَالَ: «الْبَرَكَةُ مَعَ أَكَابِرِكُمْ» (ابن حبان) .
وتأملْ تلك الحادثةَ التي تعطيكَ نموذجًا حيًّا في خُلقِ الاحترامِ الذي تربّي عليه الصحابةُ الكرامُ – رضي اللهُ عنهم – فعن ابْن عُمَرَ قال كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ، فَأُتِيَ بِجُمَّارَةٍ، فَقَالَ: «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً مَثَلُهَا كَمَثَلِ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ» فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: هِيَ النَّخْلَةُ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا أَصْغَرُ الْقَوْمِ، فَسَكَتُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «هِيَ النَّخْلَةُ» (البخاري)، فانظرْ كيفَ آثرَ ابنُ عمرَ رضي اللهُ عنه السكوتَ وأبَى الكلامَ في حضورِ كبارِ الصحابةِ، بل سيطرَ عليه الحياءُ كما في روايةِ مسلمٍ: “فَاسْتَحْيَيْتُ”، فليسَ مِن أدبِ الإسلامِ الاستخفافُ بالكبيرِ، أو إساءةُ الأدبِ في حضرتهِ، أو رفعُ الصوتِ في وجههِ بكلامٍ يسيءُ إلى قدرهِ وعمرهِ، روى الشيخانِ عن سمرةَ بنَ جندبٍ أنّه قال: “لقد كنتُ على عهدِ رسولِ اللهِ ﷺ غلامًا، فكنتُ أحفظُ عنه، فما يمنعنِي مِن القولِ إلا أنَّ ههنا رجالًا هُم أَسَنُّ مِنِّي” (متفق عليه) .
نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا حسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنّهُ أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، الَّلهُمَّ أَوْرِدْنَا حَوْضَهُ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهُ، وَأَنِلْنَا شَفَاعَتَهُ، وَاجْعَلْنَا فِي الجَنَّةِ بِجِوَارِهِ ﷺ، واجعلْ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، ووفقْ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.
كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال
عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر بأسيوط
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف