أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة 18 أغسطس : اسم الله الرحيم ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 18 أغسطس 2023 م بعنوان : اسم الله الرحيم ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 2 صفر 1445هـ ، الموافق 18 أغسطس 2023م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 18 أغسطس 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : اسم الله الرحيم.

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 18 أغسطس 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : اسم الله الرحيم ، بصيغة word أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 18 أغسطس 2023 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : اسم الله الرحيم ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

عناصر خطبة الجمعة القادمة 18 أغسطس 2023 م بعنوان : اسم الله الرحيم ، للدكتور محروس حفظي :

 

(1) اسمُ اللهِ “الرحيمِ” بينَ العمومِ والخصوصِ.

(2) بعضُ ما نستجلبُ بهِ الرحمةَ الإلهيةَ.

(3) جانبٌ مِن الآثارِ الإيمانيةِ والوجدانيةِ التي اشتملَ عليها اسمُ اللهِ “الرحيمِ”.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 18 أغسطس 2023 م بعنوان : اسم الله الرحيم ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي: 

 

خطبة بعنوان: «اسمُ اللهِ الرحِيمِ»

بتاريخ 1 صفر 1445 هـ = الموافق 19 أغسطس 2023 م

الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويُكافِىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ، أمَّا بعدُ:

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 18 أغسطس : اسم الله الرحيم 

(1) اسمُ اللهِ “الرحيمِ” بينَ العمومِ والخصوصِ:

اسمُ اللهِ” الرحيمِ” وردَ في القرآنِ الكريمِ وفي السنةِ المشرفةِ مطلقًا أي غيرَ مضافٍ، ومعرفًا بأل، ومنونًا، واسمُ اللهِ” الرحيمِ”ِ اقترنَ مع اسمِ اللهِ “الرحمنِ” في ستةِ مواضعٍ مِن القرآنِ الكريمِ، ووردَ بمجموعِه في كتابِ اللهِ – عزَّ وجلَّ – “مائةَ وأربعَ عشرةَ مرةً” بعددِ سورِ القرآنِ، وهذا مِن الإعجازِ العددِي وكأنَّ اسمَ اللهِ “الرحيمِ” موزعٌ على القرآنِ كلِّهِ مِن أولِهِ إلى آخرِهِ.

ورحمةُ اللهِ لعبادِهِ نوعان: الأولَى: رحمةٌ عامةٌ: وهي لجميعِ الخلائقِ بإيجادِهِم وتربيتِهِم ورزقِهِم وإمدادِهِم بالنعمِ والعطايَا وتصحيحِ أبدانِهِم وتسخيرِ المخلوقاتِ مِن نباتٍ وحيوانٍ وجمادٍ في طعامِهِم وشرابِهِم ومساكنِهِم ولباسِهِم ونومِهِم، وحركاتِهِم وسكناتِهِم وغيرِ ذلك مِن النعمِ التي لاتُعدُّ ولا تُحصَى قالَ تعالَى: ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا﴾، فربُّنَا – سبحانَهُ – أرحمُ بنَا مِن أمهاتِنَا وآبائِنَا فعَنْ عُمَرَ: «قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ سَبْيٌ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ قَدْ تَحْلُبُ ثَدْيَهَا تَسْقِي، إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ، فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتُرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ قُلْنَا: لاَ، وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لاَ تَطْرَحَهُ، فَقَالَ: «لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا» (متفق عليه) .

الثانيةُ: رحمةٌ خاصةٌ: وهذه الرحمةُ لا تكونُ إلّا للمؤمنينَ، فيرحمَهُم اللهُ في الدنيا بتوفيقِهِم إلى الهدايةِ والصراطِ المستقيمِ ويثبتَهُم عليهِ ويدافعَ عنهم وينصرَهُم على أعدائِهِم ويرزقَهُم الحياةَ الطيبةَ ويباركَ لهُم فيمَا أعطاهُم ويمدَّهُم بالصبرِ واليقينِ عندَ المصائبِ ويغفرَ لهم ذنوبَهُم ويكفرَهَا بالمصائبِ، ويرحمَهُم في الآخرةِ بالعفوِ عن سيئاتِهِم والرضَا عنهُم والإنعامِ عليهِم بدخولِهِم الجنةَ ونجاتِهِم مِن عذابِهِ ونقمتِهِ، وهذه الرحمةُ هي التي جاءَ ذكرُهَا في قولِهِ تعالَى: ﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾، بل تمتدُّ لتشملَ ذريتَهُم مِن بعدِهِم تكريمًا لهُم قالَ ربُّنَا في نبــأِ الخضـرِ:﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾؛ ولذا تجدُ السياقَ القرآنِيَّ يقرنُ اسمَ اللهِ “الرحيمِ” مع اسمِ التوابِ، والغفورِ، والرؤوفِ، والودودِ، والعزيزِ؛ وذلك لأنَّ الرحمةَ التي دلَّ عليهَا اسمُ الرحيمِ رحمةٌ خاصةٌ بالمؤمنين لا يشاركُهَا فيهم سواهم، وكذا في السنةِ المشرفةِ فعن أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاَتِي قَالَ: “قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ” (متفق عليه)، وقد كانَ ﷺ لا يملُّ مِن تكرارِ “اسمِ الرحيمِ”؛ لِمَا يحملُهُ مِن مبشراتٍ وفضائلَ، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَتُبْ عَلَيَّ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» (أبو داود) .

لقد أودعَ اللهُ الرحمةَ في المخلوقاتِ كلِّهَا ففِي كلِّ يومٍ تُرينَا الطبيعةُ والمخلوقاتُ بعضَ مظاهرِ تلك الرحمةِ، فنشاهدُ في الحيوانِ تجاهَ بنِي جنسِه ونحسُّهَا مِن الإنسانِ للحيوانِ والعكس، وصدقَ ﷺ حيثُ يَقُولُ: «جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا، وَأَنْزَلَ فِي الأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذَلِكَ الجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الخَلْقُ، حَتَّى تَرْفَعَ الفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا، خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ» (متفق عليه) .

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 18 أغسطس : اسم الله الرحيم 

(2) بعضُ ما نستجلبُ بهِ الرحمةَ الإلهيةَ:

كيفَ ننالُ رحمةَ ربِّنَا – عزَّ وجلَّ – نسألُ اللهَ أنْ يجعلنَا مِن المرحومين، وبأيِّ وسيلةٍ نستجلبُ العطاءَ الربانِيَّ لفيوضاتِ تلك الرحمةِ، وفيمَا يلِي لحمةٌ سريعةٌ عن ذلك:

أولًا: طاعةُ اللهِ – عزَّ وجلَّ – وطاعةُ رسولِهِ ﷺ: دلتْ الدلائلُ النقليةُ والعقليةُ أنَّ الهدايةَ والرحمةَ والسعادةَ والعاقبةَ الحميدةَ كلَّهَا في اتباعِ منهجِ اللهِ وطاعتِهِ رسولِهِ ﷺ قالَ ربُّنَا:﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾، وقال أيضًا: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ .

ثانيًا: الرحمةُ بالخلقِ، والترفقُ بهم والإحساسُ بهِم: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ، الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ» (الترمذي وحسنه) .

ألَا مَا أحوجَ الإنسانيةَ اليومَ في ظلِّ عالمٍ يموجُ بالماديةِ البحتةِ والمنفعةِ الشخصيةِ الصرفةِ إلى تلك الرحمةِ التي بها ندفعُ جوعَ الجائعِ، ونكسُو العارِي، ونداوِي المريضَ، ونكشفُ كربَ المكروبِ، ونحققُ رجاءَ المنكوبِ، بهذا ننالُ الرحمةَ الإلهيةَ، فمَا مِن إنسانٍ يعاملُ الناسَ بخلقٍ إلّا عاملَهُ اللهُ بهذا الخلقِ، فمَن عاملَهُم بالرحمةِ عاملَهُ اللهُ بالرحمةِ، قالَ تعالَى: ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ﴾، وقال: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ﴾ .

لقد أمرَنَا دينُنَا بالعفوِ عندَ المقدرةِ، وإقالةِ العثرةِ والزلةِ، وقبولِ العذرِ، وغفرانِ الذنبِ، والرفقِ بعبادِ اللهِ، وجعلَ ثمنَ الرفقِ بالآخرينَ تعرضَهُ للرحمةِ الإلهيةِ التي تنزلُ عليهِ قالَ ﷺ: «أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ هَذَا؟» قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «مَنْ لَا يَقِيلُ عَثْرَةً وَلَا يَقْبَلُ مَعْذِرَةً وَلَا يَغْفِرُ ذَنْبًا أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ هَذَا؟» قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: مَنْ لَا يُرْجَى خَيْرُهُ وَلَا يُؤْمَنُ شَرُّهُ» . (الحاكم وصححه) .

وقد تخلَّقَ أصحابُ نبيِّنَا ﷺ بهذا الخلقِ وطبقُوهُ عمليًّا فيمَا بينهُم، فهذا أبو بكرٍ رضي اللهُ عنهُ يعفُو عن مسطحِ بنِ أثاثةَ الذي خاضَ مع مَن خاضَ في حادثِ الإفكِ، «وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ: وَاللهِ لَا أُنْفِقُ عَلَيْهِ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ فَأَنْزَلَ اللهُ: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: هَذِهِ أَرْجَى آيَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللهِ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا» (متفق عليه) .

ألا ما أحوجنَا إلى الاتصافِ بهذه الصفةِ النبيلةِ “الرحمةِ” حيثُ أصبحتْ أمراضُ الاكتئابِ والقلقِ والتوترِ هي سمةُ العصرِ، وقد كشفتْ دراسةٌ حديثةٌ أنّ الأشخاصَ الأكثرَ تسامحًا والأوسعَ رحمةً يتمتعونَ بصحةٍ أفضلَ وعمرٍ أطولَ مِن غيرِهِم الذين يفضلُون ردَّ الأذَى بمثلِه، ولا يميلُون للعفوِ عن مَن أساءَ إليهم، وأكدتْ الدراسةُ أنَّ النصائحَ الإيمانيةَ التي وردتْ في الآياتِ القرآنيةِ والأحاديثِ النبويةِ تقوِّي جهازَ المناعةِ، ويقللُ إفرازَ هرمونِ التوترِ الذي يسببُ ضغطَ الدمِ والأزماتِ القلبيةَ واضطراباتِ الجهازِ الهضمِي والقولونِ العصبِي.

ثالثًا: الرحمةُ بالأولادِ: ما أحوجنَا في عصرٍ كثرتْ فيهِ المغرياتُ والملهياتُ حتى باتَ علينَا جميعًا الالتفاتُ والالتفافُ حولَ أولادِنَا، والحنوُ عليهِم، وغرسُ القيمِ الإيمانيةِ والوجدانيةِ في نفوسِهِم مثلمَا ربَّى سيدُنَا ﷺ الرعيلَ الأولَ، فعن أنسٍ أنَّهُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: “كان رحيمًا بالعيالِ”، ولا شكَّ أنَّ القسوةَ على الأولادِ – بلا سببٍ ملحٍ – ينتجُ لنَا جيلًا مليءً بالأمراضِ النفسيةِ، ويضعُ حاجزًا بينهُم وبينَ آبائِهِم بل يقتلُ مشاعرَهُم وعواطفَهُم، وفي موقفٍ عمليٍّ يلقنُ أشرفُ الخلقِ الآباءَ درسًا مهمًّا في الرحمةِ، ويبيِّنُ أنَّ الشقيَّ هو الذي نُزعتْ مِن قلبِهِ الرحمةُ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، أَبْصَرَ النَّبِيَّ ﷺ يُقَبِّلُ الْحَسَنَ فَقَالَ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ وَاحِدًا مِنْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ» (متفق عليه) .

رابعًا: تدبرُ القرآنِ والإنصاتُ إليهِ، وكثرةُ الاستغفارِ: قوِّي علاقتَكَ بالقرآنِ، ورطبْ بهِ لسانَكَ، أحيِ بهِ قلبَكَ، واشغلْ بهِ عقلَكَ، وليكنْ أنيسَكَ في وحشتِكَ، وليكنْ نورَكَ في ظلمتِكَ، وليكنْ منهجَكَ في حيرتِكَ، فإنَّ هذا القرآنَ شفاءُ القلوبِ وجلاءُ الهمومِ والأحزانِ، ومصدرُ الرحمةِ والإنعامِ، قالَ تعالَى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾، وقال: ﴿لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾، وقد أرشدَنَا اللهُ عزَّ وجلَّ أنْ نسألَهُ سبحانَهُ الرحمةَ لأنفسِنَا وأقاربِنَا وقد أثنَى سبحانَهُ على أنبيائِهِ بذلك وذكَرَهُم للتأسِّي بهِم فقالَ تعالَى:﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾، وقالَ عن موسَى عليهِ السلامُ ودعائِهِ لنفسِه وأخيهِ: ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾، وقال سبحانَهُ آمرًا نبيَّهُ ﷺ: ﴿وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾ .

تابع / خطبة الجمعة القادمة 18 أغسطس : اسم الله الرحيم 

خامسًا: نشرُ الأخوةِ والمحبةِ والإصلاحِ بينَ الناسِ: الإصلاحُ مصدرُ الطمأنينةِ والهدوءِ، ومبعثُ الاستقرارِ والأمنِ، وينبوعُ الألفةِ والمحبةِ قالَ تعالَى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾  ولا غروَ إذا ارتفعتْ درجةُ المصلحِ الباذلِ جهدَهُ، المضحِّي براحتِهِ وأموالِهِ في رأبِ الصدعِ، وجمعِ الشتاتِ، وإصلاحِ فسادِ القلوبِ، وإزالةِ ما في النفوسِ مِن ضغينةٍ وحقدٍ، والعملِ على إحكامِ الروابطِ للألفةِ والإخاءِ، وإطفاءِ نارِ العداوةِ والفتنِ.

سادسًا: السهولةُ في المعاملةِ، والمسامحةُ في البيعِ والشراءِ: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، سَمْحًا إِذَا اشْتَرَى، سَمْحًا إِذَا اقْتَضَى» (ابن ماجه) .

سابعًا: قيامُ الليلِ، وحسنُ التضرعِ إلى اللهِ سبحانَهُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ، نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ، وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى، نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ» (أبو داود) .

ثامنًا: الصبرُ على الأذَى بأنواعِهِ المختلفِةِ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا قَسَمَ النَّبِيُّ ﷺ قِسْمَةَ حُنَيْنٍ، قَالَ: رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: مَا أَرَادَ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَأَخْبَرْتُهُ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ ثُمَّ قَالَ: «رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى مُوسَى، لَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ» (البخاري) .

تاسعًا: الكلامُ الطيبُ، والسكوتُ عن الفضولِ: قال ﷺ: «رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا تَكَلَّمَ فَغَنِمَ، أَوْ سَكَتَ فَسَلِمَ» (شعب الإيمان) .

عاشرًا: العَزْمُ عندَ سُؤالِ اللهِ سُبحانَهُ الرَّحمَـة: قال ﷺ: “لا يقولنَّ أحدُكُم: اللهُمَّ اغفرْ لي إنْ شئتَ، اللهُمَّ ارْحَمْني إنْ شئتَ، ليَعزمَ في المَسْألةِ، فإنَّهُ لا مُستكرهَ له” (البخاري)، وفي روايةٍ: “وليَعْزم مَسْألتَه، إنَّهُ يفعلُ ما يشاءُ لا مُكْرهَ لهُ” أي: إذا دعوتُم اللهَ فاعزمُوا في الدُّعاءِ أي: اجْزمُوا ولا ترددُوا، مِنْ: عزمتُ على الشيءِ، إذا صممتُ على فعلِهِ، وقيل: عَزْمُ المسألةِ: الجزمُ بها مِن غيرِ ضَعْفٍ في الطَّلبِ. وقولُهُ: “لا مُكْرَهَ لهُ”؛ لأنَّ في الاسْتثناءِ والتَّعليقِ صورةَ المُستغنِي عن الشيءِ، أو لأنَّ التعليقَ يُوهمُ إمْكانَ إعْطائِه على غيرِ المشيئةِ، وليس بعدَ المَشيئةِ إلّا الإكْراه، واللهُ لا مُكرهَ له، وقد وقعَ في روايةِ عطاءِ بنِ ميناء: “فإنَّ اللهَ صانعُ ما شاءَ”، وفي روايةِ العلاءِ: “فإنَّ اللهَ لا يتعاظمهُ شيءٌ أعطاهُ”، اللهُمَّ رحمتَكَ نرجُو، فلا تَكلنَا إلى أنفسِنَا طَرْفةَ عَينٍ.

حادِي عشر: المكوثُ في المسجدِ وصلاةُ أربعِ ركعــاتِ قبلَ العصرِ: قال ﷺ: «لا يزالُ أحدُكُم في صلاةٍ ما دامَ ينتظرُهَا، ولا تزالُ الملائكةُ تُصلِّي على أحدِكُم ما دامَ في المسجدِ: اللهُمَّ اغفرْ لهُ اللهُمّ ارحمهُ، ما لم يُحدِث» (الترمذي)، وقال أيضًا: «رَحِمَ اللهُ امرءًا صلَّى قبلَ العصرِ أربعًا» (أحمد)، وهي ليستْ مِن السُننِ المؤكدةِ، لكن تُستنزلُ بها الرحمــاتُ.

ثاني عشر: عيادةُ المريضِ:قال ﷺ: «مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ يَخُوضُ الرَّحْمَةَ حَتَّى يَجْلِسَ، فَإِذَا جَلَسَ، غُمِرَ فِيهَا» (ابن حبان) .

ومِن الأمورِ التي تُطردُ العبدَ عن رحمةِ ربِّه، ويستوجبُ اللعنةَ، وتدورُ جُلُّهَا حولَ اقترافِ المعاصِي: ظلمُ عبادِ اللهِ، قالَ تعالى: ﴿أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾، والكذبُ بكافةِ صورِهِ وأشكالِهِ، قالَ ربُّنَا: ﴿فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾، والسرقةُ وأخذُ الرشوةِ والإسهامُ في التمكينِ لها، وشربُ الخمرِ، وتغييرُ الصورةِ التي خلقَنَا اللهُ عليها دونَ حاجةٍ ضروريةٍ تستوجبُ ذلك، ومنها تشبُه النساءِ بالرجالِ، وتشبُه الرجالِ بالنساءِ، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قال: “لَعَنَ الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ، وَالْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ” (الترمذي وحسنه) وغيرهَا ممَّا فصّلَ القرآنُ والسنةُ الكلامَ عنهُ.

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 18 أغسطس : اسم الله الرحيم 

(3) جانبٌ مِن الآثارِ الإيمانيةِ والوجدانيةِ التي اشتملَ عليها اسمُ اللهِ “الرحيمِ”:

إنَّ اسمَ اللهِ “الرحيمِ” يورثُ للعبدِ محبةَ اللهِ – عزَّ وجلَّ – وذلك حينما يتفكرُ العبدُ وينظرُ في آثارِ رحمةِ اللهِ في الآفاقِ وفي النفسِ والتي لا تعدُّ ولا تُحصَى، فهي تزرعُ في العبدِ عبوديةَ الرجاءِ والتعلقِ برحمةِ اللهِ تعالى، وعدمَ اليأسِ مِن رحمتِه، فإنَّ اللهَ قد وسعتْ رحمتُهُ كلَّ شيءٍ، وهو الذي يغفرُ الذنوبَ جميعًا، قالَ تعالَى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾، كمَا أنَّ الرجاءَ والنظرَ إلى رحمةِ اللهِ الواسعةِ وآثارِهَا يُعطِي الأملَ في النفوسِ، ويمسحُ عنها ما علقَ مِن القنوطِ، ويجعلُ العبدَ يحسنُ الظنَّ باللهِ تعالى، وينتظرُ الفرجَ بعدَ الشدةِ، قالَ ربُّنَا: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ» (مسلم)، بهذا يقدمُ العبدُ محبةَ اللهِ  على النفسِ والأهلِ والمالِ والناسِ جميعًا، ويسارعُ إلى مرضاتِه، وفعلِ كلِّ ما يحبُّهُ ويرضاهُ.

ويظهرُ أثرُ اسمِ “الرحيمِ” عندما يُدْخِلُ الجنةَ أناسًا برحمتِه، وعندما يسترُ على المؤمنينَ ذنوبًا كانوا يخافونَهَا ويتوقعونَ أنْ يشاهدُوهَا في سجلاتِ أعمالِهِم قال ﷺ: “إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي المُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا، أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ، قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الكَافِرُ وَالمُنَافِقُونَ، فَيَقُولُ الأَشْهَادُ: ﴿هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾” (متفق عليه) .

وأخيرًا: حريٌّ بكَ أخِي الحبيب أنْ تتوسلَ إلى اللهِ – عزَّ وجلَّ – بهذا الاسمِ “الرحيمِ” في كلِّ أحوالِكَ كما قال سليمانُ عليهِ السلامُ: ﴿رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾، ولتسارعْ إلى التعلقِ بأبوابِ رحمتِهِ؛ لأنَّهُ كما قالَ ﷺ:«لَمَّا قَضَى اللَّهُ الخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي» (متفق عليه).

نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا حسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنَّهُ أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، وأنْ يجعلَ بلدنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، وأنْ يوفقَ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.

                                  كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال

                       مدرس التفسير وعلوم القرآن – كلية أصول الدين والدعوة – أسيوط

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »