خطبة الجمعة القادمة 16 ديسمبر 2022م بعنوان : طلاقة القدرة الإلهية في العطاء والمنع ، للشيخ طه ممدوح
خطبة الجمعة القادمة 16 ديسمبر 2022م بعنوان : طلاقة القدرة الإلهية في العطاء والمنع ، للشيخ طه ممدوح، بتاريخ 22 جمادي الأولي 1444هـ ، الموافق 16 ديسمبر 2022م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 16 ديسمبر 2022م بصيغة word بعنوان : طلاقة القدرة الإلهية في العطاء والمنع ، للشيخ طه ممدوح
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 16 ديسمبر بصيغة pdf بعنوان : طلاقة القدرة الإلهية في العطاء والمنع ، للشيخ طه ممدوح
عناصر خطبة الجمعة القادمة 16 ديسمبر 2022م بعنوان : طلاقة القدرة الإلهية في العطاء والمنع ، للشيخ طه ممدوح:
أولًا: حقيقةُ العطاءِ والمنعِ
ثانيًا: طلاقةُ قدرةِ الحقِّ (جلَّ وعلا) سنةُ الأنبياءِ والمرسلين
ثالثًا: وجوبُ طاعةِ اللهِ وحسنُ التوكلِ عليهِ
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 16 ديسمبر 2022م ، بعنوان : طلاقة القدرة الإلهية في العطاء والمنع ، كما يلي:
خطبة بعنوان : طلاقةُ القدرةِ الإلهيةِ في العطاءِ والمنعِ بتاريخ 22 جمادي الأولي 1444 هـ الموافق 16 ديسمبر 2022م
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، القائلِ في كتابهِ الكريمِ: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ سيدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، اللهُمَّ صلِّ وسلمْ وباركْ عليهِ، وعلى آلهِ وصحبهِ، ومَن تبعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، وبعدُ:
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 16 ديسمبر 2022م
أولًا: حقيقةُ العطاءِ والمنعِ
إنَّ هذا الكونَ الفَسيحَ وما حوَاه مِن عظيمِ صُنعِ الله، وبَديعِ آياتِه، وحكيمِ أفعالِه يَسيرُ وفقَ سُننٍ ربَّانيَّةٍ وقواعِدَ مُتقَنَةٍ، لا يَحيدُ عنها ولا يَمِيلُ، في إحكامٍ وثباتٍ واستِقرارٍ، لو اختَلَّ شيءٌ منها طَرفةَ عينٍ لفسَدَت السماواتُ والأرضُ ومَن فيهنَّ ، والسُّننُ الإلهيَّة ثابِتةٌ مُضطرِدةٌ شامِلةٌ فهي لا تُحابِي أحدًا دُون أحدٍ، ولا تُجامِلُ أمَّةً دُون أُخرى، فكلُّ مَن حقَّتْ عليهِ سُنَّةُ اللهِ فهي واقِعةٌ به ولا شكَّ، فقد عصَى الرُّماةُ أمرَ رسولِ الله ﷺ في أُحُدٍ، فهُزِمُوا مع أنَّهُم كانُوا على الحقِّ؛ لأنَّ سُنَّةَ اللهِ لا تُحابِي أحدًا. وقد بيَّنَ اللهُ سبحانَه وتعالى كثيرًا مِن السننِ في كتابِهِ الكريمِ، وعلى لِسانِ رسولِهِ ﷺ، وأمرَنَا سبحانَهُ وتعالى أنْ ننظُرَ ونتأمَّلَ في الآياتِ والنُّذُرِ، وأحداثِ التاريخِ والقصصِ القُرآنِيِّ؛ لكَي تنشَأَ عقولٌ ناضِجةٌ مُدرِكةٌ لهذه السُّنن التي تحكمُ المُجتمعَ الإنسانيَّ وطبائِعَ الأشياءِ، ولتكونَ مُؤهَّلةً لتفسيرِ ظواهِرِ الكونِ، قال اللهُ تعالى : (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) [آل عمران: 137]، وقال اللهُ تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [النساء: 26].
ففي غمرةِ السعيِ إلى إدراكِ المنىَ وبلوغِ الآمالِ والظفَرِ بالرّغائبِ يغفلُ أو يتغافلُ فريقٌ مِن النّاسِ أنّ عاقبةَ هذا السعي لن تكونَ وفقَ ما يأمُلُ على الدّوامِ، ولذا فإنّه حين يقَعُ له بعضُ حرمانٍ مِمّا يحبُّ، وحين يُحالُ بينَهُ وبينَ ما يشتهِي تَضيقُ عليه الأرضُ بمَا رحُبتْ، وتضيقُ عليه نفسُه، ويُزايِلهُ رشدُه، فيُفضِي به ذلك إلى التردِّي في وَهدَةِ الجحودِ لنعمِ اللهِ السابغةِ ومننِهِ السّالفةِ، فيصبِحُ ويمسِي مثقَلًا بالهمومِ، مضطربَ النّفسِ، لا يهنأُ له عيشٌ ولا يطيبُ له حالٌ، وإنَّ الباعثَ على هذا ـ أيُّها الإخوةُ ـ هو الخطأُ في معرفةِ حقيقةِ العطاءِ وحقيقةِ المنعِ، وتصوّرُ أنّهمَا ضدّانِ لا يجتمعان, ونقيضانِ لا يلتقيان، مِن أجلِ ذلك كان للسّلفِ رضوانُ اللهِ عليهم في هذا البابِ وقفاتٌ محكماتٌ لبيانِ الحقِّ والدّلالةِ على الرّشدِ والهدايةِ إلى الصّوابِ، فقد نقلَ الإمامُ سفيانُ الثورِيُّ رحمهُ اللهُ عن بعضِ السلفِ قولَه: “إنّ منعَ اللهِ عبدَهُ مِن بعضِ محبوباتهِ هو عطاءٌ منهُ لهُ؛ لأنّ اللهَ تعالى لم يمنعْهُ منها بخلًا، وإنّمَا منعَهُ لطفًا”، يريدُ بذلك أنّ مَا يمنُّ اللهُ بهِ على عبدهِ مِن عطاءٍ لا يكونُ في صورةٍ واحدةٍ دائمةٍ لا تتبدّلُ، وهي صورةُ الإنعامِ بألوانِ النّعمِ التي يُحبُّهَا ويدأبُ في طلبِهَا، وإنّمَا يكونُ عطاؤُه سبحانَهُ إلى جانِبِ ذلك أيضًا في صورةِ المنعِ والحَجبِ لهذه المحبوباتِ؛ لأنّهُ وهو الكريمُ الذي لا غايةَ لكرمِهِ ولا منتهَى لجودِهِ وإحسانهِ، وهو الذي لا تعدِلُ الدنيا عندهُ جناحَ بعوضةٍ كما جاء في الحديثِ الذي أخرجَهُ الترمذيُّ عن سهلِ بنِ سعدٍ الساعديِّ رضي اللهُ عنه، عن النبيِّ ﷺ أنَّهُ قال: ” لو كانتْ الدنيا تعدِلُ عندَ اللهِ جناحَ بعوضةٍ ما سقَى كافرًا مِنها شربةَ ماءٍ”.
وإذِا قدّرَ اللهُ (جلَّ وعلا) فتحًا لعبادهِ وخيرًا لهم فلا مغلقَ لِمَا فتحَ، ولا مضيقَ لِمَا وسعَ، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ: {مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍۢ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُۥ مِنۢ بَعْدِهِۦ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ)(فاطر: 2)، فإذا أُغلقتْ على الإنسانِ الأبوابُ، وضاقتْ بهِ السبلُ، وبلغتْ بهِ الشدةُ منتهَاهَا، فليلجأْ إلى ربِّهِ ومولاه؛ ليفتحَ لهُ أبوابَ رحمتِهِ، ويرزقَهُ بقدرتِهِ المطلقةِ مِن حيثُ لا يحتسب، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ)(الطلاق: 2ـ 3) ، ويقولُ سبحانَهُ: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ * وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انتِقَامٍ)(الزمر: 36ـ 37).
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 16 ديسمبر 2022م
ثانيًا: طلاقةُ قدرةِ الحقِّ (جلَّ وعلا) سنةُ الأنبياءِ والمرسلين
والثقةُ في طلاقةِ قدرةِ الحقِّ (جلَّ وعلا) سنةُ الأنبياءِ والمرسلين، وإجابتُهُ سبحانَهُ دعاءَ الداعين وتفريجُهُ بقدرتِهِ همومَ المهمومين سنةُ الكريمِ (جلَّ وعلا) في خلقِهِ، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ: {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ * أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ)(النمل: 60ـ 62)، فهذا سيدُنَا نوحٌ (عليه السلامُ) حينَ دعَا ربَّهُ، (أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ)(القمر: 10), تجلتْ طلاقةُ قدرتِه سبحانَهُ في الفرجِ واليسرِ (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ * وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ)(القمر: 11ـ 15)، ثم تجلتْ طلاقةُ قدرتِهِ سبحانَهُ في إعادةِ حالةِ السكونِ والاستقرارِ ( وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)(هود: 44)، وهذا سيدُنَا يونسُ (عليه السلام) يدعُو ربَّهُ في شدتِهِ وهو في بطنِ الحوتِ، فتتجلَّى قدرتُهُ سبحانَهُ في إزالةِ الهمِّ والغمِّ: (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ)(الأنبياء: 87ـ 88).
وهذا سيدُنَا إبراهيمُ عليه السلامُ يدعو ربَّهُ في شدتهِ فنجَّاهُ اللهُ مِن النارِ: قال سبحانَهُ: ﴿ قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ * فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ * ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ * قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ * قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ ﴾ [الأنبياء: 62 – 72].
والمتأملُ في القرآنِ الكريمِ يجدُ قولَهُ سبحانَهُ: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا)(الطلاق: 1)، وهي آيةٌ تفتحُ كلَّ أبوابِ الفرجِ، فمهمَا كانتْ همومُ الإنسانِ ومشاكلُهُ وأحزانُهُ وأمراضُهُ، مهما كانت العقباتُ التي تقفُ في طريقِهِ، مهما كانت التحدياتُ التي تواجهُه، فلا بُدَّ أنْ يتذكرَ لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا، وليتذكرْ أنَّ أمرَهُ سبحانَهُ إذا أرادَ شيئًا أنْ يقولَ لهُ: كُن فيكون، فيلجأْ إلى ربِّه ويلزمْ بابَهُ. ********
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين سيدِنَا مُحمدٍ ﷺ، وعلى آلهِ وصحبِهِ أجمعين.
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 16 ديسمبر 2022م
ثالثًا: وجوبُ طاعةِ اللهِ وحسنُ التوكلِ عليهِ
إنَّ ما عندَ اللهِ (عزَّ وجلَّ) لا يُنالُ بمعصيتهِ، إنَّما يُنالُ بطاعتهِ وحسنِ التوكلِ عليه مع الأخذِ بالأسبابِ، حيثُ يقولُ سبحانَهُ: ” وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ “(الأعراف: 58)، ويقـولُ سبحانَهُ: ” وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ “(الأعراف: 96)،فمفاتيحُ الأمورِ كلّهَا بيدِه، حيثُ يقولُ سبحانَهُ: ” أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ “(النمل: 25).
إنَّ العطاءَ والمنعَ الدنيويَّ لا يُبنَى عليه معيارُ محبةِ اللهِ عبدَه أو بغضِه له، وإنّمَا يُعرفُ ذلك الحبُّ والبغضُ بالعطاءِ الدينيِّ ومنعِه، كما قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا ﴾ [الفجر: 15 – 17]، ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13]، وقال النبيُّ: ((إنَّ اللهَ يُعطي الدنيا من يحبُّ ومن لا يحبُّ، ولا يعطي الإيمانَ إلا من يحبُّ))(رواه أحمدُ).
إنَّ منعَ اللهِ قَدَرٌ مُحْكَمٌ قد جرَى به القلمُ قبلَ خلْقِ الخليقةِ، فلا معطيَ لما مَنَعَ وإنْ اجتمعَ على الإعطاءِ كلُّ الخلقِ وكان بعضُهم لبعضٍ ظهيرًا، وقد كان النبيُّ يجذِّرُ هذه العقيدةَ في قلوبِ أمَّتِه مذكِّرًا بها كلَّ صلاةٍ بعد رفعِه من ركوعِه وبعد فراغِه من صلاتِه، قائلًا – كما صحَّ عنه -: ((اللهمَّ لا مانعَ لما أعطيتَ، ولا مُعطيَ لما منعتَ)).
غيرَ أنَّ هذا المنعَ الربانيَّ عطاءٌ غدقٌ مِن وجهٍ لا يبصرُه إلَّا مَن فَقُهَ عن اللهِ أمرَه، وارتوتْ نفسُه بالرضا عن أقدارِه، ولم تكنْ نظرتُه للحوادثِ حبيسةَ واقعٍ ذي قُطْرٍ محدودٍ وزمنٍ محدودٍ، كما قال تعالى: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾[البقرة: 216].
فعلينا أنْ نسعَى ولا نيأس، كما أنَّ علينَا أنْ نتراحمَ فلا نغُش، ولا نخدَع، ولا نُدلس، ولا نحتكِر، ولا نستغِل، فمَـن لا يرحمْ لا يُرحم، والراحمـون هـم مَـن يرحمُهُم اللهُ.
اللهم يسّرْ بقدرتِكَ أمورَنَا، واحفظْ مصرَنَا، وارفع رايتَهَا في العالمين
الدعاء،،،،، وأقم الصلاةَ ،،،،، كتب خطبة الجمعة القادمة 16 ديسمبر 2022م : الشيخ طه ممدوح عبد الوهاب
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف