أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة 10 مارس 2023م بعنوان : منزلة الشهداء عند ربهم ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 10 مارس 2023م بعنوان : منزلة الشهداء عند ربهم ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 18 شعبان  1444هـ ، الموافق 10 مارس 2023م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 مارس 2023م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : منزلة الشهداء عند ربهم.

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 مارس 2023م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : منزلة الشهداء عند ربهم ، بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 10 مارس 2023م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : منزلة الشهداء عند ربهم ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

عناصر خطبة الجمعة القادمة 10 مارس 2023م بعنوان : منزلة الشهداء عند ربهم ، للدكتور محروس حفظي :

(1) منزلةُ ومكانةُ الشهيدِ في الإسلامِ.

(2) بيانُ أنَّ الإسلامَ دينُ السلمِ والسلامِ.

(3) حديثُ السنةِ الغراءِ عن الشهداءِ وبيانُ أنواعِهِم في الإسلامِ.

(4) نماذجُ مِن الشهداءِ حفلَ بهِمُ التاريخُ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 10 مارس 2023م بعنوان : منزلة الشهداء عند ربهم ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي: 

خطبة بعنوان: «منزلةُ الشهداءِ عندَ ربِّهِم» بتاريخ 18 شعبان 1444 ه = الموافق 10 مارس 2023 م

الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويكافىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِك، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا مُحمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أمَّا بعدُ

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 10 مارس 2023م

(1) منزلةُ ومكانةُ الشهيدِ في الإسلامِ.

إنَّ الشهيدَ في الإسلامِ بيَّنَهُ سيدُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديثِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» (الترمذي وحسنه)، وسببُ تسميةِ الشهيدِ شهيدًا؛ لأنّهُ حيٌّ يُرزقُ فكأنَّ أرواحَهُم شاهدةٌ أي حاضرة، ويشْهَدُ عندَ خروجِ روحِهِ ما أُعدَّ لهُ مِن النعيمِ المقيمِ، ويأمنُ مِن العذابِ والنكالِ الجسيمِ، فهُم أصحابُ الأجرِ الوفيرِ، والنورِ التامِ قال ربُّنَا في محكمِ التنزيلِ: ﴿وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ وقال : «إِذَا وَقَفَ الْعَبْدُ لِلْحِسَابِ جَاءَ قَوْمٌ وَاضِعِي سُيُوفِهِمْ عَلَى رِقَابِهِمْ تَقْطُرُ دَمًا، فَازْدَحَمُوا عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَقِيلَ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قِيلَ: الشُّهَدَاءُ كَانُوا أَحْيَاءً مَرْزُوقِينَ» (الطبراني بسندٍ حسن)، فالشهادةُ اختيارٌ واصطفاءٌ مِن اللهِ لبعضِ عبادهِ، وحُقَّ لهُ أنْ يلقبَ بلقبِ “الشهيدِ”، وهو مِن أسماءِ اللهِ: ﴿وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾، ومكانةُ الشهيدِ على مرِّ العصورِ مكانةٌ عظيمةٌ دينيًّا وروحيًّا وإنسانيًّا حتى رأينَا الشاعرَ العربيَّ الأصيلَ يذكرُ أنْ أيامَ الشهداءِ هي أيامُ التاريخِ والفخارِ الحقيقِي، حيثُ يقولُ:

                      يومَ الشهيدِ تحيةٌ وســــلامُ … بكَ والنضالِ تؤرخُ الأعوامُ

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 10 مارس 2023م

(2) بيانُ أنَّ الإسلامَ دينُ السلمِ والسلامِ.

لقد بعثَ اللهُ نبيَّنَا برسالةٍ أشرقتْ بأنوارِهَا على البشريةِ جمعاء ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾، وقد كُلِّفَ بتبليغِ تلك الدعوةِ لا محاسبةِ البشرِ على أعمالِهِم ﴿فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ﴾؛ ولذا اقتضتْ حكمةُ اللهِ – تعالى- أنْ أعطَى للإنسانِ حريةَ الإرادةِ في اختيارِ طريقِ الخيرِ أو الشرِّ مع تحملهِ نتيجةَ هذا الاختيارِ قال تعالَى:﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾، ولو شاءَ ربُّنَا لخلقَ الناسَ جميعًا على الهدَى ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَىٰ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾، ففُهِمَ أنَّ البشرَ يتحتمُ عليهم جميعًا الدخولُ في الإسلامِ إكراهًا وقسرًا باستخدامِ السيفِ يتعارضُ مع سننِ اللهِ الكونيةِ، ويأباهُ العقلُ السليمُ، ولا يتفقُ مع نصوصِ الشرعِ الحنيفِ قالَ ربُّنَا: ﴿فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾، وشبهةٌ أنَّ الإسلامَ يتعطشُ للدماءِ أو أنَّهُ دينٌ يدعُو للقتلِ أو الوحشيةِ يتعارضُ جملةً وتفصيلًا مع وقائعِ التاريخِ ومجرَى الأحداثِ فلم يسجلْ التاريخُ البشريُّ حالةً واحدةً أُكرهتْ على الإسلامِ بالقتلِ، وبنظرةٍ فاحصةٍ في الغزواتِ التي خاضَهَا نبيُّنَا، والسرايا التي بعثَ نائبًا عنهُ لم يقعْ فيها قتالٌ إلّا في «سبعِ غزواتٍ» مِن أصلِ «ثمانينَ غزوة»، وكان عددُ القتلَى مِن المسلمين «139 شهيدًا»، ومِن المشركين «112 قتيلًا»، ولو وُزعتْ مجموعُ القتلَى مِن الطرفينِ على عددِ الغزواتِ لنتجَ لكَ «ثلاثةُ قتلَى» تقريبًا في كلِّ معركةٍ، وهذا شيءٌ لا يذكرُ بالنسبةِ لحروبٍ راحَ ضحيتهَا الكثير عبرَ تاريخِ البشريةِ الطويلِ، ثُم إنَّ فلسفةَ القتالِ في الإسلامِ قائمةٌ في المقامِ الأولِ على ردِّ العدوانِ ﴿فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ﴾، والدفاعِ عن الأعراضِ والأوطانِ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ» (متفق عليه) و”المقاتلةُ”: مفاعلةٌ مِن الجانبينِ، ولم يقلْ: “أقتل” الذي يستدعي القتلَ ابتداءً، ثم إنّ لفظَ “الناسِ” في الحديثِ أُريدَ بهِ الخصوص لا العموم، وهم مَن حاربُوه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبدأوا العداوةَ، وأظهروا البغضاءَ، وعملوا على تحريضِ وتأليبِ القبائلِ ضدَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وممّا يدلُّ -أيضًا – على أنَّ القتلَ ليس مطلوبًا لذاتهِ، وإنّما هو حالةٌ استثانئيةٌ تفرضُهَا بعضُ الدواعِي والظروفِ أنَّ الإسلامَ يفتحُ دائمًا بابَهُ للسلامِ قال ربُّنَا: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها﴾، وقد قيضَ اللهُ مَن يدفعُ تلك الفريةَ في عصرِ التقدمِ والانفتاحِ، وهؤلاء أكثرُ مَن أنْ يحصُوا، تقولُ البريطانيةُ “كارين أرمسترونج”:«إنَّنَا في الغربِ بحاجةٍ إلى أنْ نخلِّصَ أنفسنَا مِن بعضِ أحقادِنَا القديمةِ، ولعلَّ شخصًا مثلُ مُحمدٍ يكونُ مناسبًا للبدءِ، فقد كان رجلًا متدفقَ المشاعرِ، وقد أسسَ دينًا وموروثًا حضاريًّا لم يكنْ السيفُ دعامتَهّ، برغمِ الأسطورةِ الغربيةِ، ودينًا اسمهُ الإسلامُ، ذلك اللفظُ ذو الدلالةِ على السلامِ والوفاقِ» أ.ه (سيرة النبي محمد ص393) .

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 10 مارس 2023م

(3) حديثُ السنةِ الغراءِ عن الشهداءِ وبيانُ أنواعِهِم في الإسلامِ.

إنَّ المستقرىءَ لنصوصِ السنةِ الصحيحةِ يجد أنَّها قد حفلتْ ببيانِ منزلةِ الشهيدِ، وها أنَا اقتطفُ منها ما يرشدُ المتكلمَ، وتهتدِي السائرَ:

*الكرامةُ عندَ اللهِ عزَّ وجلَّ: الشهيدُ قد بلغَ مِن فضلِ اللهِ إلى أنْ تقطعتْ الأمانِي فلم يبقَ لأمنيةٍ تمنّاهَا بشرٌ عندَهُ منفذة، لذلك لَمّا كررَ عليه السؤال، وقيل: لابُدّ أنْ يسألَ لم تبقَ له أمنيةٌ فعدلَ إلى أنْ يرجعَ إلى الدنيا فيستشهد ليشكرَ بذلك بعضَ ما عندَهُ مِن النعمِ؛ وذلك أنَّ الشهيدَ رأىَ مِن كرامةِ اللهِ ما لا قبلَ لهُ بشكرهِ قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:َ مَا أَحَدٌ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَلَهُ مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ إِلّا الشَّهِيدُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى مِنْ الْكَرَامَةِ» (البخاري) وفي روايةٍ: «مَا مِنْ نَفْسٍ تَمُوتُ لَهَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ يَسُرُّهَا أَنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا وَلا أَنَّ لَهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا إِلا الشَّهِيدُ فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ فَيُقْتَلَ فِي الدُّنْيَا لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ» (مسلم) .

*أرواحُ الشهداءِ في حواصلَ طيرٍ خضرٍ: ولا نستغربنَّ حصولَ ذلك، ولا نستبعدهُ، فقدرةٌ صالحةٌ لأنْ توسعَهَا لَهَا حَتَّى تكونَ أوسعَ مِن الفضاءِ، وليس للأقيسةِ والعقولِ فى هذا تحكمٌ، فهي مودعةٌ فِيهَا على سَبِيلِ الْحِفْظِ وَالْإِكْرَامِ فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ:«لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ، تَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ، فَلَمَّا وَجَدُوا طِيبَ مَأْكَلِهِمْ وَمَشْرَبِهِمْ وَمَقِيلِهِمْ قَالُوا: مَنْ يُبَلِّغُ إِخْوَانَنَا أَنَّا أَحْيَاءُ فِي الْجَنَّةِ نُرْزَقُ، لِئَلَّا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ، وَلَا يَنْكُلُوا عَنِ الْحَرْبِ؟ فَقَالَ اللَّهُ: أَنَا أُبَلِّغَهُمْ عَنْكُمْ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا﴾» (الحاكم وصححه ووافقه الذهبي) .

*الأمنُ مِن فتنةِ القبرِ وعذابهِ، واستمرارُ عملهِ وعدمُ انقطاعهِ: الشهيدُ لا يسألهُ الملكانِ في قبرهِ؛ إذ المرادُ مِن السؤالِ امتحانُ الميتِ، واالشهيدُ قد رأَى مِن أهوالِ الحربِ وفزعاتِهَا ومع ذلك ثبتَ ولم يفرْ، فكان ذلك دليلًا كافيًا على ثباتِ إيمانِهِ، ورباطةِ جأشهِ فعَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَالُ الْمُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ إِلَّا الشَّهِيدَ؟ قَالَ: كَفَى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رَأْسِهِ فِتْنَةً» (النسائي)، وكما أنَّ القدرَ لم يسعفْهُ لاكمالِ الأعمالِ الصالحةِ كان فضلُ اللهِ عليهِ أنَّ ثوابَ عملهِ يجرِي عليهِ في قبرهِ، بل يتضاعفُ قَالَ : «كُلُّ عَمَلٍ يَنْقَطِعُ عَنْ صَاحِبِهِ إِذَا مَاتَ، إِلَّا الْمُرَابِطَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يُنْمَى لَهُ عَمَلُهُ، وَيُجْرَى عَلَيْهِ رِزْقُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» (الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ رِجَالُ أَحَدِهِمَا ثِقَاتٌ) .

تابع / خطبة الجمعة القادمة 10 مارس 2023م

*غبارُ المعركةِ يكونُ مانعًا مِن دخانِ جهنَّم: لمَّا كانَ موضعُ القتالِ يُثارُ فيه الترابُ فلا يرى الإنسانُ بعينيهِ ما أمامَهُ، وقد يصلُ الغبارُ إلى حلقِهِ فيشتدُّ عليهِ الأمرُ، كان فضلُ اللهِ وكرمُهُ ألّا يجمعَ له بينَ غبارِ الدنيا وبينَ دُخانِ جهنّم التي وقودُهَا الناسُ والحجارةُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ فِي مِنْخَرَيْ مُسْلِمٍ أَبَدًا» (الحاكم وصححه ووافقه الذهبي) .

*يشفعُ في أهلِ بيتهِ: الشهيدُ يتركُ خلفَهُ أبًا وأمًّا يعيشانِ حالةً مِن الحزنِ والألمِ طيلةَ حياتِهِم، وقد يتركُ أولادًا يُيتَّمون، فكان الجزاءُ أنْ يشفعَ فيهم يومَ القيامةِ جزاءَ صبرِهِم وثباتِهِم على فراقهِ روى أبو داود عن أَبي الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«يُشَفَّعُ الشَّهِيدُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ» (صحيح).

*مغفرةُ ذنوبهِ عندَ أولِّ قطرةٍ مِن دمهِ، ويأمنُ مِن الفزعِ الأكبرِ، ويلبسُ تاجَ الوقارِ: عَنْ المِقْدَامِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَيَأْمَنُ مِنْ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ الْيَاقُوتَةُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنْ الْحُورِ الْعِينِ، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ»(الترمذي وصححه) .

* الشهداءُ، مِن أولائلِ مَن يدخلونَ الجنةَ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عُرِضَ عَلَيَّ أَوَّلُ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ: شَهِيدٌ، وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ، وَعَبْدٌ أَحْسَنَ عِبَادَةَ اللَّهِ وَنَصَحَ لِمَوَالِيهِ» (الترمذي وحسنه) .

 إنَّ الشهيدَ الذي له تلك المكانةُ السابقةُ “شهيدُ الدنيا والآخرةِ”: وهو الذي قُتلَ صابرًا محتسبًا في المعركةِ أو قُتلَ غدرًا على أيديِ البُغاةِ وغيرهِم فعن أَبي مُوسَى «أَنَّ رَجُلًا أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ أَعْلَى، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ» (متفق عليه)، وأفضلُ الشهادةِ مَن قُتلَ دفاعًا عن وطنهِ أو عرضهِ أو أرضهِ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟ قَالَ: فَلا تُعْطِهِ مَالَكَ، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي؟ قَالَ: قَاتِلْهُ، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي؟ قَالَ: فَأَنْتَ شَهِيدٌ، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: هُوَ فِي النَّارِ» (مسلم)، فهم قومٌ هانتْ عليهم دُنياهُم ولم تغرَّهُم الحياةُ وزخرفُهَا، ولم يقعدْ بهم الخوفُ على الأولادِ، سلكُوا طريقًا قلَّ سالكُوه، وركبُوا بحرًا تقاصَرتِ الهممُ عن رُكوبِهِ قالَ تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾، فهُم عقدُوا البيعَ مع اللهِ، السِّلعةُ: دماؤُهُم، والثمنُ المؤجلُ: الجنةُ ونعيمُهَا، ومَن أوفَى بعهدهِ مِن اللهِ ؟! فما أعظمَهُ مِن بيعٍ، وما أحسنَهُ مِن ربحٍ! للهِ درهُم، وهذا النوعُ مِن الشهداءِ لا يُغسّلُ ويكُفَّنُ في ثيابهِ التي قُتلَ بها، ويُصلَّى عليهِ فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: «زَمِّلُوهُمْ فِي ثِيَابِهِمْ، قَالَ: وَجَعَلَ يَدْفِنُ فِي الْقَبْرِ الرَّهْطَ قَالَ: وَقَالَ: قَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا» (أحمد، صحيح) .

تابع / خطبة الجمعة القادمة 10 مارس 2023م

أمَّا مَن يسفكُ دماءَ الأبرياءِ، ويزعزعُ استقرارَ الأوطانِ، ويروعُ الآمنينَ فذاك قتيلُ الباطلِ، وعملُهُ مردودٌ عليهِ؛ لأنَّ هذا لا يؤيدهُ دينٌ، ولا يقبلُهُ عقلٌ أو لبيبٌ قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً، فَقُتِلَ، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ، فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ» (مسلم) .

ولمَّا كانتْ أمةُ سيدِنَا مُحمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهَا مِن الفضلِ ما ليسَ لغيرِهَا جعلَ اللهُ لهَا أبوابًا كثيرةً تحصلُ مِن خلالِهَا على أجرِ الشهيدِ، وهؤلاء جميعًا تُجرَي عليهم أحكامُ الدنيا مِن غُسلٍ وتكفينٍ وصلاةٍ وغيرِهَا يقولُ ابنُ حجرٍ: (وَقَدِ اجْتَمَعَ لَنَا مِنَ الطُّرُقِ الْجَيِّدَةِ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ خَصْلَةٍ …  وذكر منهم: الْمَبْطُونِ، وَاللَّدِيغِ، وَالْغَرِيقِ، وَالشَّرِيقِ: الَّذِي يَفْتَرِسُهُ السَّبُعُ، وَالْخَارُّ عَنْ دَابَّتِهِ، وَصَاحِبُ الْهَدْمِ، والْمَائِدُ فِي الْبَحْرِ الَّذِي يُصِيبُهُ الْقَيْءُ، ومن تردى من رؤوس الجبال) أ.ه، وهؤلاءِ لهُم أجرُ الشهادةِ بسببِ شدةِ وقعِ هذه الموتاتِ، وكثرةِ ألمِهَا، وها أنا أوجزُ الحديثَ عن بعضِ هؤلاء:

*مَن سألَ الشهادةَ بصدقٍ: لمّا علمَ اللهُ صدقَ نيةِ مَن سألَهُ أنْ يموتَ شهيدًا في سبيلِ نصرةِ دينهِ أو الدفاعِ عن وطنهِ، وثَبُتَ شرفُ قصدهِ، كان جزاؤُه أنَّ له أجرَ الشهادةِ قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَأَلَ اللهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ، بَلَّغَهُ اللهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ» (مسلم)، والمسلمونَ قبلَ فتحِ مكةَ كانت الهجرةُ مفروضةً عليهم وقد كان بعضُ الصحابةِ يموتُ في الطريقِ قبلَ وصولهِ للمدينةِ فكان أنْ حصلَ لهُ أجرُ المهاجرِ فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «خَرَجَ ضَمْرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ: احْمِلُونِي فَأَخْرِجُونِي مِنْ أَرْضِ الْمُشْرِكِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى النَّبِيِّ فَنَزَلَ الْوَحْيُ: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ﴾» (أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ)، لكنْ بعدَ فتحِ مكةَ نُسخَ هذا الأمرُ واستقرَّ الحكمُ على عدمِ الهجرةِ، وقد بيَّنَ رسولُنَا أنَّ الهجرةَ الحقيقةَ هي هجرةُ المعاصِي فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ» (متفق عليه) .

*مَن يموتُ بالطاعونِ أو الوباءِ أو مرضٍ مُزمنٍ: قَالَ : «مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ: مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَهُوَ شَهِيدٌ قَالَ: إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ، قَالُوا: فَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي الْبَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ، … وَالْغَرِيقُ شَهِيدٌ» (مسلم)، وقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الشهادةُ سبعٌ سوى القتل في سبيلِ اللهِ: المطعونُ شهيدٌ، والغرقُ شهيدٌ، وصاحبُ ذاتِ الجنبِ شهيدٌ، والمبطونُ شهيدٌ، وصاحبُ الحريقِ شهيدٌ، والذي يموتُ تحتَ الهدمِ شهيدٌ، والمرأةُ تموتُ بجمعٍ شهيدٌ» (أبو داود) .

*طالبُ العلمِ الذي يموتُ في سبيلِ تحصيلهِ أو الذي يهلكُ في الغربةِ: قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ العِلْمِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ» (الترمذي وحسنه)، وكذا مَن يموتُ في غربتهِ في سبيلِ تحصيلِ لقمةِ عيشهِ، وقوتِ أهلهِ فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَوْتُ غُرْبَةٍ شَهَادَةٌ» (ابن ماجه)، لكن شريطةَ ألّا يُؤدِي بنفسهِ مواردَ الهلكةِ وألّا يذلَّ نفسَهُ كمَن يسافرُ عن طريقِ الهجرةِ غيرِ الشرعيةِ فعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ» قَالُوا: وَكَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ؟ قَالَ: «يَتَعَرَّضُ مِنَ البَلَاءِ لِمَا لَا يُطِيقُ» (الترمذي وحسنه، وإِسْنَادُ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ جَيِّدٌ) .

العنصر الرابع من خطبة الجمعة القادمة 10 مارس 2023م

(4) نماذجُ مِن الشهداءِ حفلَ بهِمُ التاريخُ.

لقد حفلَ التاريخُ قديمًا وحديثًا بتخليدِ نماذجَ لا تُعدُّ ولا تُحصَى قدَّمُوا أرواحَهُم في سبيلِ خدمةِ دينِهِم وأوطانِهِم، فما أحوجَنَا أنْ نهتديَ بهم، ونسيرَ على منوالِهِم: ومِن هؤلاء: الصحابةُ الكرامُ حيثُ تمنّوا نيلَ الشهادةِ في سبيلِ اللهِ؛ إذ هي الطريقُ الموصلُ للجنةِ، ولذا يتمنَّى الشهيدُ أنْ يرجعَ إلى الحياةِ مرةً أُخرَى ليقاتلَ فيُقتل.

*رجلٌ مِن الأعرابِ: روى النسائيُّ عَنْ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ «أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَعْرَابِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ، ثُمَّ قَالَ: أُهَاجِرُ مَعَكَ، فَأَوْصَى بِهِ النَّبِيُّ بَعْضَ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا كَانَتْ غَزْوَةٌ غَنِمَ النَّبِيُّ سَبْيًا، فَقَسَمَ وَقَسَمَ لَهُ، فَأَعْطَى أَصْحَابَهُ مَا قَسَمَ لَهُ، وَكَانَ يَرْعَى ظَهْرَهُمْ، فَلَمَّا جَاءَ دَفَعُوهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟، قَالُوا: قِسْمٌ قَسَمَهُ لَكَ النَّبِيُّ، فَأَخَذَهُ فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: قَسَمْتُهُ لَكَ، قَالَ: مَا عَلَى هَذَا اتَّبَعْتُكَ، وَلَكِنِّي اتَّبَعْتُكَ عَلَى أَنْ أُرْمَى إِلَى هَاهُنَا، وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ بِسَهْمٍ، فَأَمُوتَ فَأَدْخُلَ الْجَنَّةَ، فَقَالَ: إِنْ تَصْدُقِ اللَّهَ يَصْدُقْكَ، فَلَبِثُوا قَلِيلًا ثُمَّ نَهَضُوا فِي قِتَالِ الْعَدُوِّ، فَأُتِيَ بِهِ يُحْمَلُ قَدْ أَصَابَهُ سَهْمٌ حَيْثُ أَشَارَ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَهُوَ هُوَ؟» قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «صَدَقَ اللَّهَ فَصَدَقَهُ»، ثُمَّ كَفَّنَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جُبَّته، ثُمَّ قَدَّمَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ، فَكَانَ فِيمَا ظَهَرَ مِنْ صَلَاتِهِ: اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ خَرَجَ مُهَاجِرًا فِي سَبِيلِكَ فَقُتِلَ شَهِيدًا أَنَا شَهِيدٌ عَلَى ذَلِكَ» (صحيح)، فانظرْ كيف رفضَ هذا الأعرابيُّ أنْ يأخذَ حفنةً مِمّا اقتسمَهُ المسلمون، وقنعَ ألّا يرضَى بالجنةِ بديلًا، وبينَ مَن  يبيعُ دينَهُ – مِن الدواعشِ وأبواقِ الفتنةِ وغيرِهِم – بعرضٍ مِن الدنيا، ويخرجُ فيقتلَ الضعفاءَ، ويهتكَ النساءَ، ويستبيحَ الدماءَ والأموالَ بحجةِ إحياءِ فريضةِ الجهادِ الغائبةِ، ألَا شتانَ ما بينَ الثَّرَى والثُّريَّا .

*رجالُ قواتِنَا المسلحةِ الأبيةِ وأبطالُ شرطتِنَا القويةِ: لقد ضربَ أبطالُ قواتِنَا المسلحةِ البواسلِ، ورجالُ شرطتِنَا العظيمةِ أروعَ الأمثلةِ في التضحيةِ بأرواحِهِم ودمائِهِم في سبيلِ الحفاظِ على مقدراتِ هذا البلدِ عبرَ تاريخِهِم الطويلِ، ولا يزالوانَ يتسابقونَ ويتسارعونَ إلى ذلك، ويبذلُون الغالِي والنفيسَ، فمَا أعظمَ وفائَهُم، وما أقوى عزيمتَهُم، وما أصدقَ حبهُم لوطنِهِم، وصدقَ فيهم قولُ اللهِ: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا مَا عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾ وحُقَّ فيهم خبرُ رسولِنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيثُ يَقُولُ: «عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» (الترمذي وحسنه)، فهم تاجُ رؤوسِنَا، وفخرُ أمتِنَا، وعنوانُ عزتِنَا، وصمودِنَا وكرامتِنَا، وأيقونةُ نصرِنَا وحريتِنَا، وهذا يحتمُّ علينا جميعًا أنْ نصطفَّ صفًّا واحدًا خلفَهُم، ونحذُو حذوَهُم، ونُربِّي أجيالَنَا على أنْ يكونُوا نموذجًا للاقتداءِ بهِم، ومثلًا أعلَى في الدفاعِ عن بلدِهِم، وفِي مواصلةِ مسيرةِ البناءِ والتعميرِ.

اللهُمَّ إنَّا نسألُكَ شهادةً صادقةً في سبيلِكَ، وأنْ تحفظَ دينَنَا الذي هو عصمةُ أمرِنَا، ودنيانَا التي فيهَا معاشُنَا، وآخرتَنَا التي إليهَا مردُّنَا، وأنْ تجعلَ بلدنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، ووفق ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.

                                        كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال     

عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »