أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة للدكتور محمد حرز : القرآن الكريم ومنهجه في عمارة الكون

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : القرآن الكريم ومنهجه في عمارة الكون ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 12 رجب 1444هـ ، الموافق 3 فبراير 2023م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 3 فبراير 2023م بصيغة word بعنوان : القرآن الكريم ومنهجه في عمارة الكون ، للدكتور محمد حرز.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 3 فبراير 2023م بصيغة pdf بعنوان : القرآن الكريم ومنهجه في عمارة الكون ، للدكتور محمد حرز.

 

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 3 فبراير 2023م بعنوان : القرآن الكريم ومنهجه في عمارة الكون .

أولًا: إعمارُ الكونِ في القرآنِ والسنةِ.

ثانيــــًا: إياكَ أنْ تكونَ أداةَ هدمٍ لا بناء.   

ثالثــــًا وأخيرًا: ومِن سبلِ إعمارِ الكونِ.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 3 فبراير 2023م بعنوان : القرآن الكريم ومنهجه في عمارة الكون : كما يلي:

 

خطبةُ الجمعة القادمة: منهجُ القرآنِ الكريمِ في عمارةِ الكونِ د. محمد حرز….. بتاريخ: 12 من رجب 1444هــ –3 من  فبراير2023م

الحمدُ للهِ الذي لم يتخذْ ولدًا ولم يكنْ لهُ شريكٌ في الملكِ وما كانَ معهُ مِن إلهٍ، سبحانَهُ هو المستحقُّ لجميعِ أنواعِ العبادةِ ولذا قضَي أنْ لا نعبدَ إلَّا إياهُ، ذلك بأنَّ اللهَ هو الحقُّ وأنَّ ما يدعونَ مِن دونِه هو الباطلُ وأنَّ اللهَ هو العلىُّ الكبيرُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه ُأولٌ بلا ابتداء، وآخرٌ بلا انتهاء، الفردُ الصَّمَدُ  الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ وَأشهد أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ البشيرُ النذيرُ ,السراجُ المنيرُ , خيرُ الأنبياءِ مقامًا, وأحسنُ الأنبياءِ كلامًا , الداعِي إلي خيرِ الأقوالِ وأحسنِ الأفعالِ ,  فجاءَ بالدينِ الوسطِ وحذّرَ مِن الزيغِ والشططِ، وتركنَا علي المحجةِ البيضاءِ ليلهَا كنهارِهَا لا يزيغُ عنها إلُا هالكٌ، ولا يتمسكُ بها إلّا كلُّ مفلحٍ راشدٍ ،.فاللهمَّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ  المختارِ وعلى آلهِ وصحبهِ الأطهارِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ.

 أمَّا بعدُ …..فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } سورة  أل عمران (102).

  عبادَ الله :(( منهجُ القرآنِ الكريمِ في عمارةِ الكونِ  ))عنوانُ وزارتنِا وعنوان خطبتِنا .

عناصرُ اللقاءِ :

أولًا: إعمارُ الكونِ في القرآنِ والسنةِ.

ثانيــــًا: إياكَ أنْ تكونَ أداةَ هدمٍ لا بناء.   

ثالثــــًا وأخيرًا: ومِن سبلِ إعمارِ الكونِ.

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة

أولًا: إعمارُ الكونِ في القرآنِ والسنةِ.

أيُّها السادةُ: لقد دعتْ الشريعةُ الإسلاميةُ الغراءُ  إلى الازدهارِ والتنميةِ والتعميرِ والنهضةِ وإعمارِ الكونِ في كلِّ النواحِي والمجالاتِ، فالإِعْمَارُ غريزةٌ بشريةٌ أودعَهَا اللهُ في الإنسانِ، لتكونَ رائدةَ العملِ، وباعثةَ الأملِ، في نشرِ العمرانِ وتثبيتِ دعائمِ التحضُّرِ والتقدمِ والأَمَانِ، فشريعتُنَا إعمارٌ لا دمارٌ، بناءٌ لا هدمٌ، ونماءٌ  لا فناءٌ، وإشادةٌ لا إبادةٌ، قال جلَّ وعلا: «وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ»، وقالَ سبحانَهُ))وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا»، قال الإمامُ القُرطبيُّ:  نهَى اللهُ جلَّ وعلا عن كُلِّ فَسَادٍ قَلَّ أو كثُر، بعدَ صلاحٍ قَلَّ أو كثر)) وإعمارُ الكونِ مطلبٌ شرعيٌ، وواجبٌ وطنيٌ، ومَسْؤولـيَّةٌ ووَفَاءٌ تقعُ على عاتقِ الجميعِ أمرنَا بهِ القرآنُ الكريمُ وحثّتْنَا عليهِ سنةُ النبيِّ العدنانِ ، فاللهُ جلَّ وعلا- خلقَ الكونَ وهيأَ فيهِ الظروفَ المُثلَى للحياةِ السعيدةِ المستقرةِ، ثم استخلفَ فيهِ الإنسانَ بقصدِ عمارةِ الكونِ وإنمائهِ واستغلالِ كنوزهِ وثرواتهِ، والناسُ في ذلك شركاءُ، والمسلمونَ ينفذونَ أمرَ اللهِ ومقاصدَهُ، قالَ جلَّ وعلا ﴿ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ ﴾ هود (61)، والاستعمارُ: معناهُ التمكينُ والتسلطُ، كما هو واضحٌ مِن قولهِ سبحانَهُ: وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ (10) سورة الأعراف ، وقالَ جلَّ وعلا ﴿  وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ (13) سورة الجاثية، وقالَ سبحانَهُ ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء (22) سورة البقرة. وقالَ تعالَى ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى (53) سورة طـه، وقالَ جلَّ وعلا ﴿  أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾ لقمان: 20، فهذه النِّعمُ إنَّما سُخِّرتْ لعمَّارِ الأرضِ، لا للفسادِ والدمارِ، واللهُ تعالى قادرٌ على أنْ يبدلَ النعمةَ نقمة، إذا لم يحسنْ الإنسانُ استخدامَهَا، أو جعَلَهَا أداةً للخرابِ لا للإعمارِ، وكيف لا ؟ ولقد شَجَّعَتْ الشَّريعَةُ الإسْلاميَّةُ على إعْمارِ الأرضِ وزِراعَتِهَا، كما رغَّبَتْ المُسلِمَ ليكونَ إيجابِيًّا في كُلِّ أحْوالِه، وأنْ يكونَ نافِعًا لنَفْسِهِ ولغَيْرِه، وقد حَثَّ النَّبيُّ على كُلِّ فِعلٍ مِن أفعالِ البِرِّ والإحْسانِ والصَّدَقَةِ والنَّفْعِ للغيرِ حتَّى ولو لم يَرَ الفاعلُ ثَمرتَهُ، تعميرًا لهذا الكونِ فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -:  إنْ قامتْ الساعةُ و في يدِ أحدِكُم فسيلةً (نخلة صغيرة )، فإنْ استطاعَ أنْ لا تقومَ حتى يغرِسَها فليغرِسْها)) أخرجه أحمد وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  ما مِن مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ منه طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ؛ إِلَّا كانَ له به صَدَقَةٌ)) رواه البخاري وفي صحيح مسلم: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ « الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ )) ، كلُّ هذا مِن أجلِ إعمارِ الكونِ يا سادةٌ .وكيف لا؟ ولقد حثَّ النبيُّ أصحابَهُ على إعمارِ الكونِ وجعلَ هذا شهادةً في سبيلِ اللهِ جلَّ وعلا فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : مَرَّ بِهِمْ رَجُلٌ فَتَعَجَّبُوا مِنْ خُلُقِهِ فَقَالُوا : لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَتَوُا النَّبِيَّ فَقَالَ النَّبِيُّ : « إِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْهِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى وَلَدٍ صِغَارٍ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ لِيُغْنِيَهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)) وفي صحيح البخاري :عَنِ الْمِقْدَامِ رضي اللهُ عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ « مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ»، وقال عمرُ بنُ الخطابِ رضي اللهُ عنه: (لا يقعدُ أحدُكُم عن طلبِ الرزقِ ويقولُ: اللهم ارزُقْنِي؛ فقد علمتُم أنَّ السماءَ لا تُمطِرُ ذهبًا ولا فضة)، وقال ابنُ مسعودٍ رضي اللهُ عنه -: إنِّي لأكرَهُ أنْ أرَى الرجلَ فارغًا، لا في أمرِ دنياه، ولا في أمرِ آخرتِه(  فإعمارُ الكونِ دينٌ وإيمانٌ وإحسانٌ والتخريبُ خزيٌّ وهلاكٌ ودمارٌ .

للهِ في الآفاقِ آياتٌ لعلَّ *** أقلّهَا هو ما إليهِ هداكَا
ولعلَّ ما في النفسِ مِن آياتهِ *** عجبٌ عجابٌ لو ترى عيناكَا
والكونُ مشحونٌ بأسرارٍ إذا *** حاولتَ تفسيراً لهَا أعياكِا

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة

ثانيــــًا: إياكَ أنْ تكونَ أداةَ هدمٍ لا بناء.   

أيُّها السادةُ: التخريبُ والإفسادُ في الأرضِ شِيمَةُ المجرِمين، وطبيعةُ المخرِّبين، وعملُ المفسِدين، ففيه ضَياعٌ للأملاك، وضِيقٌ في الأرزاق، وسُقُوطٌ للأخلاق، إنَّه إخفاقٌ فوقَ إخفاقٍ، يُحوِّلُ المجتمعَ إلى غابَةٍ يأكُلُ القويُّ فيه الضعيفَ، وينقضُّ الكبيرُ على الصغيرِ، وينتَقِمُ الغنيُّ مِن الفقيرِ، فيزدادُ الغنيُّ غنًى، ويزدادُ الفقيرُ فقرًا، ويَقوَى القويُّ على قوَّتِه، ويضعُفُ الضعيفُ على ضعفهِ!. والفسادُ داءٌ مُمتدٌّ لا تحُدُّهُ حدودٌ، ولا تمنعُهُ فواصِلٌ. والتخريبُ والفسادُ ضدُّ الإعمارِ قالَ جلَّ وعلا{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ في ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِى ٱلأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ ((البقرة:204، 205قال الطبريُّ: يعني بذلك جلَّ ثناؤُه: واللهُ لا يحبُّ المعاصِي، وقطعَ السبيلِ، وإخافةَ الطريقِ.. وقال العباسُ بنُ الفضلِ: الفسادُ هو الخرابُ .. والآيةُ بعمومِهَا تعمُّ كلَّ فسادٍ كان في أرضٍ أو مالٍ أو دينٍ .قال جلَّ وعلا((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ( [البقرة:11]. فهم يرونَ عملَهُم وإفسادَهُم إِصلاحًا  وهم المفسدون: )أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ( [البقرة:12] لذا حذَّرَنَا اللهُ جلَّ وعلا مِن الإفسادِ في الأرضِ بعدَ إصلاحِهَا قال اللهُ تعالَى : ﴿ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ البقرة:60، وقالَ اللهُ تعالى: ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾ الأعراف:56 فالفسادُ هلاكٌ ودمارٌ , وخزيٌّ وعارٌ ,وخرابٌ وضياعٌ لذا لمَّا سعى قارونُ في الأرضِ ليفسدَ فيها وتكبرَ وتجبرَ على عبادِ اللهِ الناصحينَ لهُ، الذين قالُوا لهُ)) لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) [القصص: 76، 77 فكانتْ النهايةُ المؤلمةُ،، والعقوبةُ الإلهيةُ التي تنتظرُ الأفاكينَ المفسدينَ ((فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ)) فإياكَ أنْ تكونَ أداةَ هدمٍ وفسادٍ وتخريبٍ في الكونِ فتكونَ مِن الخاسرين فتكونَ مِن الهالكين .         

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة

ثالثــــًا وأخيرًا: ومِن سبلِ إعمارِ الكونِ.

أيُّها السادةُ هناكَ سبلٌ وطرقٌ عديدةٌ لإعمارِ الكونِ منها على سبيلِ المثالِ لا الحصر : التَّقْوَى الَّتِي هِي خَيْرُ ضَمَانٍ لِلْمُمَارَسَةِ الْعُمْرَانِيَّةِ الصَّالِحَةِ فِي أَهْدَافِهَا وَغَايَاتِهَا، مِصْدَاقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ((أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ((سورة التوبة: 109) فَأَيُّ مُمَارَسَاتٍ إِعْمَارِيَّةٍ عَلَى الأَرْضِ تَقُومُ عَلَى تَقْوَى اللهِ تَعَالَى يَكُونُ لَهَا حَظٌّ وَنَصِيبٌ مِنْ بَرَكَةِ اللهِ لَهَا فِي هَذَا الْبِنَاءِ، كَمَا كَانَ ذَلِكَ فِي بَيْتِ اللهِ الْعَتِيقِ الَّذِي رَفَعَ قَوَاعِدَهُ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ- عَلَى أَسَاسٍ مِنَ التَّقْوَى وَالتَّوَاضُعِ للهِ، قَالَ تَعَالَى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبنَا تَقَبلْ مِنا إِنكَ أَنتَ السمِيعُ الْعَلِيمُ) [سورة البقرة: 127).وللهِ درُّ القائلِ

خلِّ الذنوبَ صغيـــرَهَا  ***   وكبيــرَهَا ذاك التُقـى
واصنعْ كمـــاشٍ فوقَ  *** أرضِ الشوكِ يحذرُ ما يرَى
لا تحقِـــرَنَّ صغيــرةً
 ***  إنَّ الجبـالَ مِن الحصَى

ومِن سبلِ إعمارِ الكونٍ: التَّعَاوُنُ بَيْنَ أَطْيَافِ الْمُجْتَمَعِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَالتَّخْطِيطِ السَّلِيمِ؛ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة الآية: 71) قال جلَّ وعلا(( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ))المائدة:2 وصدق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  إذ يقولُ كما في صحيح مسلمٍ مِن حديثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)

تابع / خطبة الجمعة القادمة

ومِن سبلِ إعمارِ الكونِ: العبادةُ وإِتْقَانُ الْعَمَلِ، فَقَدْ خَلَقَ اللهُ تَعَالَى الإِنْسَانَ لِعِبَادَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ؛ قَالَ تَعَالَى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات: 56]، وَحَثَّهُ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ مِنْ أَجْلِ عِمَارَةِ هَذِهِ الأَرْضِ، فالإسلامُ دينُ العملِ والاجتهادِ، دينُ النشاطِ والحيويةِ، دينُ الريادةِ والعطاءِ، دينُ السعيِ في الأرضِ بحثًا عن الرزقِ وطلبًا للحلالِ، وليس دينَ الكسلِ والخمولِ، قال ربُّنَا: ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (التوبة:105) ؛ والمسلمُ ما خُلِقَ ليكونَ عالةً، ولا ليكونَ نكرةً في الحياةِ، ولا ليكونَ عطَّالًا بطالًا، بل خُلقَ للعبادةِ والعملِ، خُلقَ للإنتاجِ والإنجازِ، قال اللهُ جلّ وعلا ((   هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ))(الملك: 15والعملُ مقصدٌ مِن مقاصدِ خلقِ الإنسانِ، وغايةٌ مِن أعظمِ الغاياتِ لبقائِنَا، وهدفٌ من أعظمِ الأهدافِ لوجودِنَا في أرضِنَا  ومقصدٌ مِن مقاصدِ تعميرِ الأرضِ قال جلَّ وعلا:((هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا(((هود: 61. والعملُ فِعْلُ الأنبياءِ، وسلوكُ النبلاءِ، ومنهجُ الشرفاءِ لذا قال اللهُ مادحًا العملَ والعمالَ فيما حكاهُ القرآنُ عن داودَ عليه الصلاةُ والتسليمُ))وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ)) ( الأنبياء: 80)) لذا عَمِلَ آدَمُ بالزراعةِ، وكان إبراهيمُ بزازًا، ونوحٌ نجارًا وكذا زكريا، و كان لقمانُ خياطًا وكذا إدريسُ، وكان موسى راعيًا ، وقد أخبرَ نبيُّنَا محمدٌ أنَّه كان يعمَلُ برعي الأغنامِ، حيثُ يقولُ كما في صحيحِ البخاري عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى اللهُ عنه عَنِ النَّبِيِّ قَالَ : مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلاَّ رَعَى الْغَنَمَ (( فَقَالَ أَصْحَابُهُ وَأَنْتَ فَقَالَ : نَعَمْ كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لأَهْلِ مَكَّةَ “ كما كان يخرجُ إلى الشامِ للاتجارِ بمالِ خديجةَ رضي اللهُ تعالى عنها وأرضاهَا.

تابع / خطبة الجمعة القادمة

أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم…………………..الخطبة الثانية  الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلّا لهُ وبسمِ اللهِ ولا يستعانُ إلّا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ  ……        وبعدُ 

 ومِن سبلِ إعمارِ الكونِ: الأمنُ والأمانُ  فالأمنُ في الأوطانِ ضرورةٌ مِن ضرورياتِ الحياةِ، ولا تستقيمُ الحياةُ بدونهِ، ولهذا لمِّا دعَا الخليلُ إبراهيمُ عليه السلامُ لأهلِ مكةَ قالَ: ﴿ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ البقرة: 126، فَبَدَأَ بِالأَمْنِ قَبْـلَ الرِّزْقِ؛ لأَنَّ وُجُودَ الأَمْنِ سَبَبٌ لِلرِّزْقِ، وَلأَنَّهُ لا يَطِيبُ رِزْقٌ إِلّا فِي ظِلالِ الأَمْنِ والامان

   والأمنُ والأمانُ سبيلٌ لإعمارِ الكونِ، فالأمنُ في الأوطانِ مطلبٌ الكُلُّ يريدُه ويطلبُه، ومَن يسعى لزعزعةِ الأمنِ إنّما يريدُ الإفسادَ في الأرضِ، وأنْ تعمَّ الفوضَى والشرُ بينَ عبادِ اللهٍ، فزعزعةُ أمنِ الأمّةِ وترويعُ الآمنينَ جريمةٌ نكراءُ بشعة فيها إعانةُ لأعداءِ الإسلامِ على المسلمين، فالأمنُ والأمانُ من أجلِّ النعمِ التي أنعمَ اللهُ بها علينا؛  لقولِ النبيِ كما في حديثِ أبي الدرداءِ رضى اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله(( مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بحذافيرها ))رواه البخاري في الأدب المفرد.

حفظَ اللهُ مصرَ قيادة وشعبا من كيدِ الكائدين، وشرِّ الفاسدين وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.

                    كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه

د/ محمد حرز

 إمام بوزارة الأوقاف   

 _______________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »