خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير : فضل الشهادة ومكانة الشهداء عند ربهم
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : فضل الشهادة ومكانة الشهداء عند ربهم ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 21 ربيع الأول 1445 هـ ، الموافق 6 أكتوبر 2023م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 6 أكتوبر 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : فضل الشهادة ومكانة الشهداء عند ربهم :
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 6 أكتوبر 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : فضل الشهادة ومكانة الشهداء عند ربهم ، بصيغة word أضغط هنا.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 6 أكتوبر 2023م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : فضل الشهادة ومكانة الشهداء عند ربهم ، بصيغة pdf أضغط هنا.
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف
للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة
عناصر خطبة الجمعة القادمة 6 أكتوبر 2023م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : فضل الشهادة ومكانة الشهداء عند ربهم : كما يلي:
أولًا: فضلُ الشهادةِ في سبيلِ اللهِ والحثُّ على طلبِهَا
ثانيًا: أنواعُ الشهداءِ في الإسلامِ.
ثالثًا: منزلةُ الشهداءِ عندَ ربِّهِم.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 6 أكتوبر 2023م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : فضل الشهادة ومكانة الشهداء عند ربهم : كما يلي:
خطبة بعنوان: فضلُ الشهادةِ ومكانةُ الشهداءِ عند ربهم
بتاريخ: 21 ربيع الأول 1445هـ – 6 أكتوبر 2023م
المـــوضــــــــــوع
الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعدُ:
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة
أولًا: فضلُ الشهادةِ في سبيلِ اللهِ والحثُّ على طلبِهَا.
إنَّ لذةَ الشهادةِ في سبيلِ اللهِ لا يحصرُهَا قلمٌ، ولا يصفُهَا لسانٌ، ولا يحيطُ بهَا بيانٌ، وهي الصفقةُ الرابحةُ بينَ العبدِ وربِّهِ، قالَ تعالَى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ }[التوبة:111].
فالمُشترِى هو اللهُ، والثمنُ الجنةُ، ولهذا كانَ الصحابةُ رضي اللهُ عنهم يتسابقونَ إلى الشهادةِ في سبيلِ اللهِ، لِمَا لهَا مِنْ هذهِ المكانةِ العظيمةِ، فهذا حنظلةُ تزوَّجَ حديثًا وقدْ جامعَ امرأتَهُ في الوقتِ الذي دعَا فيه الداعِي للجهادِ، فخرجَ وهو جنبٌ ليسقطَ شهيدًا، فيراهُ النبيُّ ﷺ بيدِ الملائكةِ تُغسلُهُ، ليُسَمَّى بغسيلِ الملائكةِ.
وهذا مثالٌ آخرُ لطلبِ الشهادةِ، ففِي غزوةِ بدرٍ، قالَ ﷺ لأصحابِهِ: ” قُومُوا إلى جنَّةٍ عرضُها السَّمَواتُ والأرضُ، فقالَ عميرُ بنُ الحمامِ الأنصاريُّ: يا رسولَ اللهِ، جنَّةٌ عرضُها السَّمواتُ والأرضُ؟ قال: نعَم، قال: بخٍ بخٍ، فقالَ رسولُ اللهِ وما يحملُكَ علَى قولِ بخٍ بخٍ؟ قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ، إلَّا رجاءَ أنْ أَكونَ مِن أَهلِهَا؟ قالَ: فإنَّكَ مِن أَهلِهَا . . . فأخرجَ تمراتٍ من قرنِهِ، فجعلَ يأْكلُ منْهنَّ. ثمَّ قالَ: لئِن أنَا حييتُ حتَّى آكلَ تمراتِي هذِهِ إنَّها حياةٌ طويلةٌ ، فرمَى ما كانَ معَهُ منَ التَّمرِ ثم قاتَلَهُم حتَّى قُتِلَ ” ( مسلم ).
وهذا أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ تَغَيَّبَ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ وَقَالَ: تَغَيَّبْتُ عَنْ أَوَّلِ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ النَّبِيُّ ﷺ، وَاللَّهِ لَئِنْ أَرَانِي اللَّهُ قِتَالًا لَيَرَيَنَّ مَا أَصْنَعُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ وَأَقْبَلَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ يَقُولُ: أَيْنَ؟! أَيْنَ؟! فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ دُونَ أُحُدٍ قَالَ: فَحَمَلَ فَقَاتَلَ , فقُتِلَ فَقَالَ سَعْدٌ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَطَقْتُ ما أطاقَ فقالتْ أختُهُ: واللهِ ما عرفتُ أَخِي إِلَّا بِحُسْنِ بَنَانِهِ فَوُجِدَ فِيهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ جِرَاحَةً ضَرْبَةُ سَيْفٍ وَرَمْيَةُ سَهْمٍ وَطَعْنَةُ رُمْحٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23] ( ابن حبان ).
وإذا كان اللهُ أنعمَ عليكَ بالصحةِ فهذا مثالٌ لصحابِيِّ أعرجٍ رُخِّصَ له في عدمِ الخروجِ ومع ذلك خرجَ لطلبِ الشهادةِ، ألا وهو عمرُو بنُ الجموحِ رضي اللهُ عنهُ كانَ شيخًا مِن الأنصارِ أعرج، فلمَّا خرجَ النبيُّ ﷺ إلى غزوةِ بدرٍ قال لبنيهِ : أخرجونِي ( أي للقتالِ ) فذُكرَ للنبيِّ ﷺ عرجُه، فأذنَ له في البقاءِ وعدمِ الخروجِ للقتالِ، فلمَّا كان يومُ أحدٍ خرجَ الناسُ للجهادِ ، فقال لبنيهِ أخرجونِي !! فقالُوا لهُ: قد رخَّصَ لكَ رسولُ اللهِ ﷺ في عدمِ الخروجِ للقتالِ، فقالَ لهم هيهاتَ هيهات !! منعتموني الجنةَ يومَ بدرٍ والآن تمنعونِيهَا يومَ أحدٍ !! فأبَى إلّا الخروجَ للقتالِ، فأخرجَهُ أبناؤُهُ معهم، فجَاءَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ قُتِلَ الْيَوْمَ دَخَلَ الْجَنَّةَ؟ قَالَ:(نَعَمْ) قَالَ: فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أرجعُ إِلَى أَهْلِي حَتَّى أَدْخُلَ الْجَنَّةَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا عَمْرُو! لَا تَألَّ عَلَى اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ” مَهْلًا يَا عُمَرُ! فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَّره، مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ يَخُوضُ فِي الجنةِ بعرجتِه”. (صحيح ابن حبان )
وغيرُ ذلك مِن المواقفِ الكثيرةِ، والتي لا يتسعُ المقامُ لذكرِهَا .
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة
ثانيًا: أنواعُ الشهداءِ في الإسلام.
كثيرٌ مِن الناسِ يعتقدُ أنَّ الشهادةَ تقتصرُ على الموتِ في محاربةِ الكفارِ فقط، ولكنَّ شهداءَ أمةِ مُحمدٍ ﷺ كثيرون، ففي الحديثِ المتفقِ عليهِ أنَّ النبيَّ ﷺ قالَ: “الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: الْمَطْعُونُ، وَالْمَبْطُونُ، وَالْغَرِقُ، وَصَاحِبُ الْهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ “؛ وقالَ رسولُ اللهِ ﷺ:” الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِيقُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الْحَرِيقِ شَهِيدٌ، وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجَمْعٍ شَهِيدَةٌ” (أبو داود؛ والنسائي؛ وابن ماجه).
والمبطونُ كما يقولُ النوويُّ: هو صاحبُ داءِ البطنِ. وقِيلَ: هو الذي يموتُ بداءِ بطنِهِ مطلقًا. وقولُهُ: المرأةُ تموتُ بجمعٍ شهيد. أي تموتُ وفي بطنِهَا ولدٌ؛ لأنَّها ماتتْ مع شيءٍ مجموعٌ فيها غيرُ منفصلٍ وهو الحملُ.
هذا وخصالُ الشهادةِ أكثرُ مِن هذه السبع، قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: وقد اجتمعَ لنا مِن الطرقِ الجيدةِ أكثرُ مِن عشرينَ خصلةً.. وذكر منهم: اللديغُ، والشريقُ، والذي يفترسُهُ السبعُ، والخارُّ عن دابتِه، والمائدُ في البحرِ الذي يصيبُهُ القيءُ، ومَن تردَّى مٍن رؤوسِ الجبالِ.
قال النوويُّ : وإنّما كانت هذه الموتاتُ شهادةً يتفضلُ اللهُ تعالى بسببِ شدتِهَا وكثرةِ ألمِهَا، أ.هـ . قال ابنُ التينِ: هذه كلُّهَا ميتاتٌ فيها شدةُ تفضلِ اللهِ على أمةِ مُحمدٍ ﷺ بأنْ جعلَهَا تمحيصًا لذنوبِهِم وزيادةً في أجورِهِم يبلغُهُم بها مراتبَ الشهداءِ. أ.هـ
ويدخلُ في ذلك الدفاعُ عن الأهلِ والمالِ والوطنِ، فعن سعيدِ بنِ زيدٍ قال ﷺ: “مَنْ قُتِلَ دُونَ مالِهِ فهوَ شَهيدٌ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فهوَ شَهيدٌ ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فهوَ شَهيدٌ ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ أهلِهِ فهوَ شَهيدٌ”( الترمذي وحسنه)، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟ قَالَ: «فَلَا تُعْطِهِ مَالَكَ» قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي؟ قَالَ: «قَاتِلْهُ» قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي؟ قَالَ: «فَأَنْتَ شَهِيدٌ»، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: «هُوَ فِي النَّارِ». (مسلم).
كما يدخلُ في ذلك أيضًا الجنودُ المرابطونَ الذين يسهرونَ ليلَهُم في حراسةِ هذا الوطنِ والدفاعِ عنه وحمايةِ منشآتِهِ، وقد ذكرَهُم الرَسُولُ ﷺ بقولِهِ:” عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ؛ وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ” ( الترمذي والطبراني).
ويتحصلُ مِمّا ذكرَ مِن هذه الأحاديثِ أنَّ الشهداءَ ثلاثةُ أنواعٍ: شهيدُ الدنيا فقط؛ وشهيدُ الآخرةِ فقط، وشهيدُ الدنيا والآخرةِ معًا.
فشهيدُ الدنيا والآخرةِ معًا: هو الذي يُقتلُ في الجهادِ في سبيلِ اللهِ مقبلًا غيرَ مدبرٍ لا لغرضٍ مِن أغراضِ الدنيا ، ففي الحديثِ عن أبي موسى الأشعرِي رضي اللهُ عنه قال: إنَّ رجلًا أتَى النبيَّ ﷺ فقال مستفهمًا: الرجلُ يقاتلُ للمغنمِ، والرجلُ يقاتلُ للذكرِ، والرجلُ يقاتلُ ليرَى مكانَهُ فمًن في سبيلِ اللهِ؟ فقالَ عليه الصلاةُ والسلامُ: مَن قاتلَ لتكونَ كلمةُ اللهِ هي العليا فهو في سبيلِ اللهِ.(البخاري).
أمَّا شهيدُ الدنيا فقط: فهو مَن قُتلِ في الجهادِ لكنْ قتالُهُ كان رياءً أو لغرضٍ مِن أغراضِ الدنيا.. أي لم يكنْ في سبيلِ اللهِ، فهو في الدنيا يعاملُ معاملةَ الشهيدِ فلا يُغسلُ ولا يُصلَّى عليهِ، وينتظرُهُ في الآخرةِ ما يستحقُّ مِن عقوبةِ جزاءِ سوءِ قصدِهِ وخبثِ طويتِهِ.
أمَّا شهيدُ الآخرةِ فقط: فهو مَن يُعطَى يومَ القيامةِ أجرُ الشهيدِ ولكنَّهُ لا يعاملُ معاملتَهُ في الدنيا، بل يُغسّلُ ويُصلّى عليهٍ.. ومنهم السبعةُ المذكورونَ في الحديثِ آنفًا.
ومِمّا تقدمَ نعلمُ أنّ المسلمَ الذي يموتُ بإحدَى هذه الميتاتِ التي فيها شدةٌ وألمٌ نرجُو أنْ يكونَ مِن الشهداءِ.
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة
ثالثًا: منزلةُ الشهداءِ عندَ ربِّهِم.
إنَّ ثمراتِ الشهادةِ وكراماتِ ومنازلَ الشهداءِ كثيرةٌ في الدنيا والآخرةِ، وقد جمعَ الرسولُ ﷺ بعضًا منها في حديثِهِ النبويِّ الشريفِ، فعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِب، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ:” لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللهِ سِتُّ خِصَالٍ: يَغْفِرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دُفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ، وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَيَأْمَنُ مِنَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ، وَيُحَلَّى حُلَّةَ الإِيمَانِ، وَيُزَوَّجُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ إِنْسَانًا مِنْ أَقَارِبِهِ”. (أحمد وابن ماجة والترمذي وصححه).
ومِن هذهِ المنازلِ والكراماتِ أيضًا: الحياةُ بعدَ الاستشهادِ مباشرةٌ: قالَ تعالى: { وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لاَ تَشْعُرُونَ} ( البقرة: 154)، وقالَ تعالى: { وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } ( آل عمران : 169 ) .
ومنها: أنَّ الشهيدَ يأتِي يومَ القيامةِ اللونُ لونُ الدمِ والريحُ ريحُ المسكِ: فعن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنهُ قالَ: قالَ ﷺ: ” وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ، إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ. ” (البخاري).
ومنها: أنَّ الشهيدَ في الفردوسِ الأعلَى: فهذه أمُّ حارثةَ أتتْ النبيَّ ﷺ فقالتْ:” يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَلَا تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ؟ وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ، فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ. قَالَ: يَا أُمَّ حَارِثَةَ إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى.”(البخاري).
ومنها : أنَّ الشهيدَ لا يشعرُ بألمِ القتلِ وسكراتِ الموتِ : وفي ذلك يقولُ رسولُ اللهِ ﷺ: ” ما يجدُ الشهيدُ مِن مسِّ القتلِ إلا كمَا يجدُ أحدُكُم مِن مسِّ القرصةِ” ، هذه هي كراماتُ الشهداءِ ومنازلُهُم عندَ ربِّهِم .
لذلك يُسْتَحَبُّ للعبدِ أنْ يتمَنَّى الشهادةَ وأنْ يطلبَهَا مِن اللهِ في كلِّ وقتٍ وحينٍ، ولأنَّ فضلَ الشهادةِ عظيمٌ فقد تمنىَّ ﷺ الشهادةَ مُقسِمًا فقالَ: ” وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ.” ( متفق عليه ).
يقولُ ابنُ بطالٍ:” فيه فضلُ الشهادةِ على سائرِ أعمالِ البرِّ لأنَّهُ ﷺ تمناهَا دونَ غيرِهَا، وذلك لرفيعِ درجتِهَا، وكرامةِ أهلِهَا لأنَّ الشهداءَ أحياءٌ عندَ ربِّهِم يرزقون، وذلك واللهُ أعلمُ لسماحةِ أنفسِهِم ببذلِ مُهجَتِهِم في مرضاةِ اللهِ وإعزازِ دينِهِ، ومحاربةِ مَن حادَّهُ وعادَاهُ، فجازَاهُم بأنْ عوَّضَهُم مِن فَقْدِ حياةِ الدنيا الفانيةِ الحياةَ الدائمةَ في الدارِ الباقيةِ، فكانتْ المجازاةُ مِن حُسنِ الطاعةِ.”أ.ه
ولذلكَ قالَ النبيُّ ﷺ: ” مَا أَحَدٌ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَلَهُ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا الشَّهِيدُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى مِنْ الْكَرَامَةِ .” (البخاري).
ولهذا تمنَّى عبدُاللهِ – والدُ جابرٍ رضي اللهُ عنهما والذي استُشْهِدَ في غزوةِ أُحدٍ – الرجوعَ إلى الدنيا ليُقْتَلَ في سبيلِ اللهِ مرةً أُخرى؛ لِمَا يراهُ مِن النعيمِ! فعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: ” لَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ يَوْمَ أُحُدٍ ، لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقَالَ: يَا جَابِرُ، مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا ؟ قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، اسْتُشْهِدَ أَبِي ، وَتَرَكَ عِيَالًا وَدَيْنًا، قَالَ : أَفَلاَ أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلاَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَكَلَّمَ أَبَاكَ كِفَاحًا، فَقَالَ: يَا عَبْدِي، تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ، قَالَ: يَا رَبِّ تُحْيِينِي ، فَأُقْتَلُ فِيكَ ثَانِيَةً، فَقَالَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ: إِنَّهُ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لاَ يَرْجِعُونَ، قَالَ: يَا رَبِّ، فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}.(ابن ماجة والترمذي وحسنه).
فينبغِي لكَ – يا عبدَاللهِ- أنْ تسألَ اللهَ الشهادةَ، وتتمنَّي الشهادةَ بصدقٍ وبنيةٍ خالصةٍ، يقولُ ﷺ:” مَنْ سأَلَ الشَّهادَةَ بصِدقٍ، بلَّغَهُ اللهُ مَنازِلَ الشُّهَداءِ، وإنْ ماتَ على فِراشِهِ ” ( مسلم ).
يقولُ الإمامُ النوويُّ:” معناهُ: أنَّهُ إِذَا سألَ الشهادةَ بصدقٍ أُعْطِيَ مِن ثوابِ الشهداءِ، وإنْ كانَ على فراشِهِ. وفيهِ : استحبابُ سؤالِ الشهادةِ، واستحبابُ نيةِ الخيرِ. “. (شرح مسلم ).
لذلكَ كانَ عمرُ رضيَ اللهُ عنهُ يقولُ في دعائِهِ:” اللهمَّ ارزقْنِي شهادَةً في سبيلِكَ، واجعلْ موتِي في بلَدِ رسولِكَ ﷺ.” ( البخاري )، واستجابَ اللهُ دعاءَهُ، ورزقَهُ اللهُ الشهادةَ، ودُفنَ بجوارِ المصطفَي ﷺ.
وفي الختامِ: في هذا اليومِ الأغرِّ الميمونِ المباركِ يومِ الجمعةِ السادسِ مِن أكتوبر تحيةٌ عطرةٌ لأرواحِ شهدائِنَا الأبرارِ الذين ضحُّوا بأنفسِهِم مِن أجلِ حمايةِ أرضِهِم ومقدساتِهِم.
نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا عيشَ السعداءِ، وميتةَ الشهداءِ، ومرافقةَ الأنبياءِ
وأنْ يحفظَ مصرَنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ ،،،
الدعاء،،،،،،، وأقم الصلاة،،،،، كتبه : خادم الدعوة الإسلامية
د / خالد بدير بدوي
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف