أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : تعزيز الهوية ودورها في صناعة الحضارة ، بقلم المفكر الإسلامي الدكتور/ أحمد علي سليمان

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : تعزيز الهوية ودورها في صناعة الحضارة  ، بقلم المفكر الإسلامي الدكتور/ أحمد علي سليمان ، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية : 7 رمضان 1446هـ / 7 مارس 2025م

لتحميل خطبة الجمعة القادمة بتاريخ 7 مارس 2025م ، للدكتور أحمد علي سليمان بعنوان : تعزيز الهوية ودورها في صناعة الحضارة :

لتحميل خطبة الجمعة القادمة بتاريخ 7 مارس 2025م ، للدكتور أحمد علي سليمان بعنوان:تعزيز الهوية ودورها في صناعة الحضارة  ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : تعزيز الهوية ودورها في صناعة الحضارة  ، بقلم المفكر الإسلامي الدكتور/ أحمد علي سليمان ، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية : 7 رمضان 1446هـ / 7 مارس 2025م
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : تعزيز الهوية ودورها في صناعة الحضارة  ، بقلم المفكر الإسلامي الدكتور/ أحمد علي سليمان ، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية : 7 رمضان 1446هـ / 7 مارس 2025م

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 7 مارس 2025م ، للدكتور أحمد علي سليمان ، بعنوان : تعزيز الهوية ودورها في صناعة الحضارة  : كما يلي:

بقلم المفكر الإسلامي
الدكتور/ أحمد علي سليمان
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
الجمعة: 7 رمضان 1446هـ / 7 مارس2025م

الحمدُ لله ربِّ العالمين، المتَّصف بالعزَّة والعظمةِ والجلال، الحيِّ القيوم الأزليِّ الدائم بغَير زَوال، المتفضِّلِ على عباده بجلائل النِّعم، الكبيرِ المتَعَال نحمدُه تباركَ وتعالى بالغدوِّ والآصال، ونعوذُ بنور وجهِه الكريم من ظلمات الشكِّ والشركِ والضَّلال، ونسأله السلامةَ على كلِّ حال.
وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، له الملكُ وله الحمد، وهو على كلِّ شيء قدير
وأشهدُ أنَّ سيدنا محمدًا (ﷺ) عبدُه ورسولُه، وصفيُّه من خَلقه وخليلُه، المتمِّم لمكارم الأخلاق، الذي جاهدَ في سبيل الله، مؤيَّدًا منه ومنصورًا، ومَعصومًا من الإخفاق، ومُنيرًا للآفاق، العظيمُ في تواضعِه، الوفيُّ في تعاهدِه، الكريمُ في تعاقُده تركَ فينا ما إن تمسَّكنا به لن نضلَّ بعدَه أبدًا؛ (كتاب الله وسنته..)، وعلَّمنا أنَّ ما عندنا ينفَد وما عندَ الله باق فاللهمَّ صلِّ وسلِّم وزدْ وبارك على سيدنا محمدٍ النورِ المبين، الكريمِ بأصله، المطهَّرِ في نَسله، المصُونِ بروضه، وسلِّم عليه ما تعاقبَ العشيُّ والإشراق..
إذا ما شئتَ في الدّاريْن تَسعَدْ * فأكثِرْ مِن الصلاةِ على محمَّدْ
وإن شئتَ القبولَ في الدَّعوات * فتَختِم بالصـــلاةِ على محمَّدْ
فلا صومٌ يَصـــحُّ ولا صــــــــلاةٌ * لمَن تركَ الصلاةَ على محمَّدْ
وإنْ كانت ذُنوبُــك ليس تُحصَى * تُكفَّر بالصـــــلاةِ على محمَّدْ
فما تَتضاعَفُ الحسنـــــــاتُ إلّا * بتَكرارِ الصـــــلاةِ على محمَّدْ
وعندَ المــــــــــــوتِ ترى أمورًا * تَسُرُّكَ بالصـــلاةِ على محمَّدْ
وعندَ القـــــبرِ تَحْظى بالأمانِي * وتُرحَم بالصـــلاةِ على محمَّدْ
ولا تَخْشى من المَلَكيــنِ رعبـًا * إذا سألاكَ قلْ لهُمـَـــا محمَّدْ
رسولُ اللهِ حقــــًّا اتَّبعنــــــَــــا * وآمنــَّـــا وصَدَّقنــَـــــــا محمَّدْ
عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران: 102)..أما بعد،،،
معنى الهُوية:
الهُوية هي مجموعة الخصائص والصفات التي تميز فردًا أو جماعة عن غيرهم، وتشمل القيم، والثقافة، والانتماء الديني أو الوطني، واللغة، والتاريخ، والعادات. تُعبر الهُوية عن الذات وتمثل الشخصية الفردية أو الجماعية في المجتمع.
يمكن أن تكون الهُوية:
• فردية، تعبر عن شخصية الإنسان وما يميزه عن الآخرين.
• أو جماعية، تتعلق بانتماء الشخص إلى مجتمع أو أمة معينة.
أهمية الهُوية الوطنية:
وتُعد الهُوية الوطنية من أهم العوامل التي تسهم في بناء الأمم وصناعة الحضارات، فهي الرابط الذي يجمع بين الأفراد ويوحد جهودهم نحو تحقيق التقدم والاستقرار.
سمات الهُوية المصرية:
وتتميز الهُوية المصرية بكونها متجذرة في التاريخ، حيث تمتد جذورها إلى آلاف السنين، مما جعلها هوية فريدة تجمع بين الأصالة والتجدد.
الهُوية المصرية: مزيج من العراقة والتنوع
الهُوية المصرية ليست مجرد انتماء جغرافي، بل هي مزيج من القيم والثقافات والتقاليد التي تشكل شخصية الإنسان المصري.
فقد شهدت مصر عبر تاريخها الطويل تعاقب كثير من الحضارات، بدءًا من الحضارة الفرعونية العظيمة مرورًا بالإغريقية والرومانية، ثم الفتح الإسلامي الذي أضاف بُعدًا جديدًا لهويتها.
وعلى الرغم من تعدد المؤثرات، فإن مصر حافظت على خصوصيتها الثقافية واللغوية والاجتماعية، مما جعلها نموذجًا فريدًا في التنوع والانصهار الحضاري.
فرائد الشخصية المصرية ( ):
من الأهمية بمكان أن نفقه طبيعة الشخصية المصرية؛ لأن فهم ذلك سيساعد السادة الدعاة والمربين في عملية بناء الشخصية الوطنية في ظل التحديات التي تواجه الوطن.
الشخصية المصرية تتفرد عن غيرها بــ:
• شخصية متدينة بفطرتها
• شخصية متسامحة
• شخصية حرة وعزيزة وأبية
• شخصية متلاحمة وقاهرة وقت الشدائد والمحن
• شخصية مبدعة ينتظر العرب وغيرهم ما تقوم به ليسيروا خلفها وعلى نهجها
مصر تعاقب عليها عبر تاريخها المديد صنوف من الغزاة والمحتلين، سرقوا خيراتها، وأثاروا الخوف في أهلها قديما، وسلبوهم مواردهم وأرزاقهم؛ غير أنها واجهت التحديات والأعداء بمنتهى البسالة وما تزال.
ومن الطريف أنه على الرغم من ذلك فإن الشخصية المصرية تتميز بالصلابة والدعابة في آن واحد، وإطلاق النكات في أشد الأوقات ومقابلة تحديات الأعداء بالسخرية..
المسلمون والمسيحيون في مصر نموذج في الوحدة والتآلف عبر التاريخ:
هذا المعني الشريف جسَّده الأستاذ عباس العقاد بقوله:
مصريون قبـل الأديـان
ومصريون بـعد الأديـان
ومصريون حتى آخر الزمان
وهنا ونحن نواجه تحديات -ليس لها مثيل في العصر الحديث- يجب علينا جميعا أن نكون على قلب رجل واحد خلف قيادتنا وجيشنا وأمننا ومؤؤساتنا الوطنية، مع التركيز على دعم اللُحمة الوطنية من خلال إعادة استقراء الفترات المضيئة في تاريخنا القديم والوسيط والحديث التي تصب في خانة اللا تمييز، والبناء عليها، لتعميق مفاهيم التسامح
نماذج وطنية مضيئة، يجب أن تكون حاضرة على الدوام:
المشايخ والقساوسة خرجوا في مظاهرات ثورة 1919 ضد الاحتلال، وتبادلوا الخطب في المساجد وفي الكنائس
• خطب المشايخ في الكنائس
• وخطب القساوسة في المساجد في ملحمة وطنية شريفة
وتشابكت خلالها أيادي المسلمين والمسيحيين، وكان شعار (يحيا الهلال مع الصليب) هو الشعار الجامع.
القمص سرجيوس خطيب ثورة 1919 والشيخ مصطفى القاياتى ، سينوت حنا الذي تلقى هو الطعنة التي وجهت إلى النحاس باشا في المنصورة ليموت فداء له.. وما تزال هذه الروح المتلاحمة سارية في شرايين الوطن وأوصاله، حيث تتعانق مآذن مسجد الفتاح العليم مع منارات كاتدرائية ميلاد المسيح في مشهد مهيب يجسد للعالم الوحدة والمحبة والسلام.
اللورد كرومر المندوب السامي البريطاني بمصر والموقف الوطني العظيم من أشقاء الوطن:
عاش اللورد كرومر في مصر 29 عاما بداية من عام 1877 كمندوب للصندوق العالمي للدَّين المصري
ثم تولي منصب المندوب السامي البريطاني والحاكم الفعلي لمصر من 1882-1906.
في عام 1908 نشر مذكراته في جزأين بعنوان “مصر الحديثة” تحدث عن مسيحيي مصر في فصل حمل عنوان: (المسيحيون).

• حينما كتب اللورد كرومر يهاجم القرآن الكريم ويصفه بالركاكة، كان المفكر القبطي سلامة موسى هو الذي تصدَّى للردِّ عليه.
• السياسي الكبير/ مكرم عبيد خطيب الثورة الشعبية الكبرى في مصر عام 1919 هو الذي قال “الإسلام وطني والمسيحية ديني”
• عندما احتل الإنجليز مصر، كان لديهم يقين أن المسيحيين سيساعدونهم على البقاء فيها، وحاول الإنجليز استقطاب الأقباط لمساعدتهم على فرض واقع الاحتلال، وتواصلوا مع بعض القساوسة فرفضوا تماما التعاون معهم، ضاربين أروع الأمثلة في الوطنية والوفاء لمصر.
• وعندما حاولوا بث الفرقة وإحداث الوقيعة بين المسلمين والأقباط في مصر، قال السياسي المصري المسيحي مكرم عبيد: (إنني مسلم وطنًا، مسيحي دينًا).
حاول اللورد كرومر تطبيق السياسة البريطانية الشهيرة “فرق تسد”، لكنه لم يتمكن من تطبيقها في مصر، ووصل به اليأس مبلغا كبيرا، فكتب لوزير خارجية بريطانيا رسالة قال فيها: (لم أجد في مصر غير الشعب الواحد، لم أجد فارقًا بين مسلم ومسيحي فيها، ولم أكن أستطيع أن أميز بينهما إلّا عندما يدخل المسلم ليصلي في المسجد، ويدخل المسيحي ليصلي في الكنيسة)
وقال (لقد أصبح القبطي الحديث، من رأسه إلى قدميه، مسلما من حيث السلوكيات واللغة والروح) والأغرب من ذلك أن كثيرا من الكنائس بناها مقاولون مسلمون، وأن كثيرا من المساجد بناها مقاولون مسيحيون.
الخلاصة: نخلص مما سبق أن مصر للجميع ومن هنا كانت أهمية الهوية المصرية والدولة الوطنية المدنية الديمقراطية.. دولة المؤسسات وسيادة القانون، التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات دون أي تمييز وهذا ما يجب أن نعلمه للناس( ).
دور الهُوية المصرية في صناعة الحضارة:
1. إلهام الإبداع والابتكار: أسهمت الهُوية المصرية في إلهام أبنائها ودفعهم نحو الإبداع في مختلف المجالات، سواء في الفنون أو العلوم أو الأدب، حيث برع المصريون القدماء في الهندسة والطب والفلك، ولا يزال هذا الإبداع مستمرًا حتى اليوم.
2. تعزيز الانتماء والولاء: عندما يكون الأفراد متمسكين بهويتهم الوطنية، فإن ذلك يعزز من ولائهم لوطنهم ويدفعهم للعمل بجد من أجل رفعته.
3. تحقيق التماسك المجتمعي: الهُوية المشتركة تسهم في تعزيز الترابط بين أبناء الوطن الواحد، مما يساعد في تحقيق الاستقرار المجتمعي وتقليل الفجوات الاجتماعية.
4. نشر القيم الحضارية: أدت مصر دورًا رياديًّا في نشر الثقافة والعلم عبر العصور، من خلال الأزهر الشريف كمركز للتعليم والدعوة، ومن خلال مؤسساتها المختلفة، ومن خلال آدابها وعلومها وخبراتها التي أثرت العالم العربي والعالم أجمع.
تحديات تواجه الهُوية المصرية:
على الرغم من عمق الهُوية المصرية، إلا أنها تواجه عدة تحديات في العصر الحديث، منها:
• التغيرات الثقافية العالمية: حيث أصبح التأثير الخارجي أكثر حضورًا في ظل العولمة والانفتاح الرقمي.
• ضعف الوعي التاريخي: بعض الأجيال الجديدة تفتقر إلى المعرفة العميقة بتاريخها وهويتها.
• التحديات الاقتصادية والاجتماعية: قد تؤثر الضغوط الاقتصادية على قدرة الأفراد على التمسك بثقافتهم وهويتهم.
• التحديات الخارجية، ومظااهر الاختراق وتحديات الإعلام الجديد.
سبل تعزيز الهُوية المصرية:
• إحياء التراث المصري من خلال دعم الفنون والآداب والتاريخ.
• تعزيز التعليم والتثقيف حول الهُوية الوطنية عبر المناهج الدراسية ووسائل الإعلام والمؤسسات الدينية.
• الاستفادة من التكنولوجيا في نشر الوعي بالهُوية المصرية من خلال المحتوى الرقمي الهادف.
• تشجيع المبادرات الشبابية التي تسهم في الحفاظ على الثقافة المصرية وإبرازها عالميًا.
وهكذا فإن تعزيز الهُوية المصرية هو مسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع، وهو ضرورة للحفاظ على استمرارية الحضارة المصرية العريقة. فمصر ليست مجرد دولة، بل هي تاريخ ممتد وحضارة قائمة، ومسؤوليتنا جميعًا أن نحافظ على هذا الإرث وننقله للأجيال القادمة، ليظل نور الحضارة المصرية ساطعًا على مر العصور.
عناصر الدولة( ):
تتكون عناصر الدولة من ثلاثة عناصر أساسية، وهي:
أولا: العنصر البشري: أي الشعب
الدولة لا يمكن أن تقوم بغير جماعة بشرية، تعيش على وجه الدوام في حدود إقليم معيّن، ولا يشترط فيها أن تكون متجانسة أو غير متجانسة من الناحية الاجتماعية: اللغة، الدين، والعِرق .. إلخ
• وجود الشعب يمثل المحور الأساسي لقيام الدولة
لا يشترط أن يبلغ عدد الشعب رقما معينا فعدده يختلف من دولة إلى أخرى
• فقد يقل ليصل عدده إلى بضعة آلاف مثل بعض الدول كالفاتيكان
• وقد يصل إلى عشرات الملايين مثل مصر وألمانيا
• وقد يصل إلى مئات الملايين كالهند والصين
هناك مدلول اجتماعي لكلمة الشعب وهناك أيضا مدلول سياسي لها
ثانيا: العنصر الجغرافي: أي الإقليم
وهو رقعة من الأرض، يقيم عليها أفراد الشعب على وجه الدوام والاستقرار، وتباشر فيه الدولة سلطتها، وله ثلاثة أبعاد (أرضي، وبحري، وجوي)
والإقليم الأرضي: ويحدد بحدود طبيعية مثل الجبال أو البحار أو بحدود اصطناعية مثل الأسلاك الشائكة أو الأسوار أو أي علامات يستدل بها على نهاية الإقليم. ويمكن أن يكتفي بخطوط الطول ودوائر العرض لتعيين الحد الفاصل بين دولة وأخرى
الإقليم البحري: يشمل الجزء الساحلي من مياه البحر العامة المجاورة لشواطئ الدولة، وحُدد -وفقا لاتفاقية قانون البحار 1982- بمسافة 12 ميل بحري، أي حوالي 19,3 كليو متر.
الإقليم الجوي: يشمل الفضاء الذي يعلو كلا من الإقليم الأرضي والبحري. يوجد طبقتان من الجو: 1-طبقة الغلاف الهوائي المحيط بالأرض وهذه الطبقة تخضع لسيادة الدولة بالكامل
2- طبقة الفضاء الجوي، وتمتد إلى ما لا نهاية وهي غير خاضعة لسيادة دولة ما بل هي ملكية مشتركة للبشرية جمعاء
ثالثا: العنصر التنظيمي: (السلطة)
السلطة السياسية هي من أهم العناصر في تكوين الدولة، وتعني قدرة السلطة على التصرف الحر والمستمر على حكم الناس عن طريق النظام والقانون.
وتتولى السلطة السياسية أداء وظائف الدولة الداخلية والخارجية وتكون مسؤولة أمام الجميع عن شتى الشؤون التي تتعلق بالإقليم والشعب.
تتجمع السلطات في يد حكومة واحدة تمتلك من الوسائل المادية والقانونية ما يمكنها من السيطرة التامة على الإقليم دون منازعة من أية سلطة أخرى
دور مصر في بناء الحضارة المعاصرة
أيها السادة:
محظوظٌ مَن عاش في مصر، أو كتب عن مصر، أو تحدث عن مصر.. محظوظ مَن شَرِبَ من نيلها، وأكل من خيرها، وعاش على أرضها.
مصر أيها المتابعون هى أصل حضارة العالم ومهدُها الأول، ومنبتُ نشوء الضمير، وقد أثبت الكاتب الأمريكي العالمي (جيمس برس تيد 1865 – 1935) أثبت أن “ضمير الإنسانية بدأ في التشكل في مصر قبل أي بلد آخر في العالم”، ويستطرد بقوله: “إن ما حفظ حضارة المصريين القدماء هى الأخلاق، ويؤكد أن المصريين القدماء كانوا يعرفون ذلك، لذا سعوا إلى وضع مجموعة من القيم والمبادئ التى تحكم إطار حياتهم، تلك القيم التى سبقت «الوصايا العشر» بنحو ألف عام، وقد تجلى حرص المصرى القديم على إبراز أهمية القيم فى المظاهر الحياتية، واستطاع المصريون القدماء تشييد منظومة أخلاقية شاملة تتكئ على فكرة العدالة، هذه المنظومة تعلن بوضوح مخاصمتها للظلم، وانحيازها المطلق للاستقامة”
ومصر هى البيئةُ الأولى التي نمت فيها القيم والأخلاق، وأيُّ حضارة –أيها السادة- تقوم على القيم والأخلاق والتسامح والاعتدال؛ تعيشُ، وتزدهرُ وتزدانُ بين الحضارات، وترقى في سُلَّم الحضارات الخالدة…
أما الحضارات التي تُبنى على غير القيم والأخلاق، فإنها تحمل في جنباتها وطياتها أسبابَ السقوط، وعواملَ الانهيار..
• مصر أم الدنيا هذه حقيقة؛ [الناس بتقول مصر أقدم دولة في التاريخ بل هي التاريخ نفسه، كما قال الأديب العالمي نجيب محفوظ].

مصر أول دولة في العالم القديم عرفت الكتابة، وابتدعت الحروف، وكان المصريون القدماء حريصين على تسجيل تاريخهم، والأحداث التي صنعوها، وبهذه الخُطوة العظيمة انتقلت مصر من عصر ما قبل التاريخ، وأصبحت أول دولة في العالم لها تاريخ مكتوب، ولها نظمها وتقاليدها ولذلك كانت مصر وبحق أُمًّا للحضارات الإنسانية، فقد تلاقت على أرضها الحضارات المتعددة، فكانت مهدا للحضارة الفرعونية، وحاضنة للحضارة الإغريقية، وحاضنة للحضارة الرومانية، ومنارة للحضارة القبطية، وحامية للحضارة الإسلامية، فصقلت شعبَها بمزيج من التميز الحضاري العظيم.
لقد حافظت مصرُ وشعبُها الأبي على المتبقي من حضارة الجنس البشري من عدوان التتار الذي دمر التراث الإنساني في عدد من الحضارات، ولم يستسلم الشعب المصري الأصيل مثل ما حدث في باقي الأمبراطوريات، بل استبسل ليحافظ على تراث العالم ومنتوجه الحضاري.
وحافظ الإسلام في مصر على مكتسبات الأديان الأخرى، وعلى التراث الإنساني.. وتَبْقى الآثار والأهرامات ودور العبادة المختلفة شاهدَ عيان على عظمة مصر وتسامحها.
• مصر -أيها السادة- موطن الرسالات، رويت بماء التسامح، وبزغت فيها المسيحية والإسلام، واتسعت باحتُها جدا؛ لتتأخى فيها الأديان، وتتفاعل وتتعايش بسلام ووئام، على نحو فريد عبر التاريخ المديد.
• مصر بلد الخيرات والبركات، فهي المكان الذي احتضن الأنبياء، كما سارت خطوات الأنبياء على ثراها، جاء إليها سيدنا إبراهيم (عليه السلام) وتزوج منها السيدةَ هاجر، ونشأ فيها نبي الله إدريس (عليه السلام)، داعياً إلى التوحيد، ودخلها نبي الله يعقوب (عليه السلام) وأولاده، وسبقهم إليها نبي الله يوسف (عليه السلام) يوسف عليه السلام وأصبح فيها وزيرا، وأتى بقومه جميعا من أرض فلسطين للإقامة فى مصر، قال تعالى (…ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ)، وجعلها الله سلة غذاء العالم وخزائن الأرض، وجاء إليها الناس من كل فج عميق؛ ليأخذوا نصيبهم من الغذاء، بفضل مشورة سيدنا يوسف (عليه السلام) الذي أنقذ مصر والعالم من المجاعة حينما ادخر القمح وخزَّنه فى سنابله (قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلا قَلِيلا مِمَّا تَأْكُلُونَ) (يوسف: 47).
• وعلى أرضها وُلد كليم الله سيدنا موسى وأخوه هارون (عليهما السلام)، وقد تجلى الله سبحانه فيها على موسى (عليه السلام)، وجعل محبته في قلوب الناس، قال تعالى: (..وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي..) (طه:39)، وكلَّمه الله وهو فى أرض مصر بطور سيناء.
• فمصر هى الأراضي المباركة التي باركها الله، حيث دار على أرضها أعظم حوار بين الله وموسى عليه السلام، فكان التجلي الأعظم على أرضها المباركة، ويا لها من كرامة فريدة لمصر لم تحدث إلا لها .
• وأكد علماء الجيولوجيا أن الجبال الموجودة حول الطور كلَّها متصدعة من خشية الله دون غيرها من جبال سيناء.
وإلى مصر لجأت العائلة المقدسة السيدة مريم وسيدنا المسيح عليهما السلام وقاموا برحلة تاريخية. وانتقلا منها معززين إلى القدس الشريف.
• وقد أوصى سيدنا محمد (عليه الصلاة السلام)، بمصر واهلها خيرا؛ فقال (صلى الله عليه وسلم): (إنكم ستفتحون مصرَ، وهي أرضٌ يسمى فيها القيراطُ. فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلِها. فإن لهم ذمةً ورحمًا. أو قال: ذمةً وصهرًا) (أخرجه مسلم)، فالرحم هي أمنا هاجر أم أبينا إسماعيل عليه السلام، أما الصهر فهي السيدة “مارية القبطية” التي تزوجها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وأنجبت له ابنه إبراهيم.
• مصر جمعت ثنائية فريدة، حيث نعيش فيها، وتعيش فينا على الدوام، ومن هذه الثنائية ترسخت فيها الوحدة الوطنية وثبَتت أمام أقوى الأعاصير وأعتها.
• مصر هي القلب النابض للعروبة والإسلام.
• مصر شرَّفها اللهُ ، وكرَّمها، وأكرمها، وجعلها كنانته في أرضه، ووهبها مكانة سامقة ، فهي أم البلاد، وغوث العباد، وعلى الرغم من أن مصر تعرضت عبر تاريخها المديد لحروب وضغوط واستعمار ومحاولات استلاب من أعدائها ومن الطامعين فيها والمتربصين بها، فإنها لا تزال تعيش وتقاوم وستظل.. تتقلص حينًا، لكنها ما تلبث أن تنتفض عزة وكرامة وحضارة، تتآمر عليها بعض الأنظمة ، لكنها أيضا تفاجئ الدنيا ببنيها يصححون الأخطاء ويرتفعون بها إلى عنان السماء.
عجيبة هي مصر!! في كل أحوالها وفي صلابة أهلها، وقوة نسيجها، ومتانة مكوناتها الثقافية والدينية والحضارية.. عجيبة تلك التي علَّمت الدنيا الحضارةَ وأضاءت مشاعلَ النور، ونشرت العلوم والآداب والفنون في كل مكان.. نعم..
إنها مصر التي استبقاها الخالق العظيم وسط العواصف شامخة..
مصر هي البلد الوحيد الذى ذُكر فى القرآن الكريم أربع مرات صراحة؛
من بركات مصر:
• ومن بركاتها نهر النيل الذي نشأت على ضفافه حضارة شامخة، لا يزال إلى الآن لها طلع نضيد يحير الألباب.
• ومن بركاتها الأزهر الشريف الذي نشر نور الإسلام في كل مكان.
• ومن بركاتها الصحابة والتابعين أولياء الله الصالحين في أرضها
• وشاء الله تعالى أن تكون مكة البلد الحرام، ومصر بلاد الأمن والأمان، قال تعالى:(لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ) (الفتح:27). وقال: (…ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) (يوسف: ٩٩). وكلمة (آمِنِينَ) -كما قال د/ خالد بدير في دراسته عن خصائص وفضائل مصر في ضوء القرآن والسنة- لم تأت في القرآن إلا في هذين الموضوعين ومن ثمَّ فقد خصَّ اللهُ مصرَ بما خصَّ به البلد الحرام من الأمن والأمان..
• أن جند مصر هم خير أجناد الأرض؛ فهم في رباط وحراسة للوطن والإسلام والعروبة إلى يوم القيامة.
• أن مصر على الرغم من قوتها عبر التاريخ الإسلامي فإنها لم تكن معتدية أو غازية أبدا؛ بل كانت حامية للأديان والأوطان والإنسان، وسندًا للعرب والمسلمين فى كل مكان، يقول ابن كثير في تاريخه:.. في عام الرمادة -والجوع والفقر يحاصران الأمة الإسلامية-كتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، لعمرو بن العاص حاكم مصر (رضي الله عنهما): “واغوثاه.. واغوثاه.. واغوثاه”، فقال عمرو بن العاص: “..والله لأرسلن قافلة من الأرزاق أولها فى المدينة، وآخرها عندى فى مصر”. كما شرَّفها الله بأن أرسلت كسوة الكعبة المشرفة على المحمل العظيم لألف عام.
• ومن مظاهر تكريم الله لمصر أنها استضافت كثيرًا من الصحابة الكرام، فقد دخلها في فتحها مائة رجل ونيف ممن صحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، كما تشرفت بعيش عدد كبير من التابعين، وتابعي التابعين، وأولياء الله الصالحين فيها، ونشأ على أرضها الزهاد والعباد والعلماء والفقهاء والمصلحون، ووارى رفاتَهم الميمون ثراها الطاهرُ ليشرف بهم إلى يوم الدين.
• وقد حباها الله نهر النيل المبارك، الذي يعد مكرمة من الله لمصر، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم): (سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ وَالْفُرَاتُ وَالنِّيلُ كُلٌّ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ) (رواه مسلم). قال الإمام النووي (رحمه الله): “وأما كون هذه الأنهار من ماء الجنة ففيه تأويلان ذكرهما القاضي عياض: أحدهما: أن الإيمان عمَّ بلادَها، أو الأجسام المتغذية بمائها صائرة إلى الجنة. والثاني: وهو الأصح أنها على ظاهرها، وأن لها –أي الأنهار- مادة من الجنة” (شرح النووي)، وهكذا “كانت البساتين بحافتي النيل من أوله إلى آخره، ما بين أسوان إلى رشيد لا تنقطع، ولقد كانت المرأة تضع المِكتل على رأسها، فيمتلئ مما يسقط به من الشجر” كما قال د. محمد موسى الشريف في بحثه فضائل مصر ومزايا أهلها. وهذا النيل هو سر حضارتها ورقيها وهو النهر الوحيد في العالم الذي ذكر وصفه في القرآن على لسان فرعون، قال تعالى: (أَلَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِى مِنْ تَحْتِى)، وقد حافظ عليه القدماء وقدَّسوه واعتبروا تلويثه جريمة وجناية.
• لذلك كانت مصر مثار إعجاب العباقرة عبر التاريخ، قال عنها الكندي في كتابه فضائل مصر المحروسة: “قد فضَّل اللهُ مصر، وشهد لها في كتابه بالكرم وعظيم المنزلة؛ وذكرها باسمها وخصَّها دون غيرِها، وكرر ذكرَها، وأبان فضلها في آيات من القرآن العظيم”.
• ولما زارها العلامة الهندي أبو الحسن الندوى قال لأهلها: “أنتم الأساتذة ونحن الطلاب.. أنت القادة ونحن الجنود”..
أيها السادة: لقد أسهم المصريون القدماء في العلم والحكمة وقدموا حقائق علمية في شتى المجالات، دوران الأرض حول الشمس، وتقدير محيط الدائرة، والتحنيط وغيره
لقد برع المصريون (قديما وحديثا) وأفادوا الإنسانية في شتى مجالات العلوم والطب والهندسة والفلك والزراعة والبناء، والعمارة وصناعة الورق والعطور والمنسوجات، وحملوا مشاعل النور والتنوير في كل مكان، وها هي مصر تبهر العالم بتنظيم قمة المناخ، وها هي مصر تبهر العالم بتطوير شتى المجالات والقطاعات ودشين الجمهورية الجديدة لتضاف إلى مصاف الدول المتقدمة
ولتحقيق دور مصر الريادي في بناء الحضارة الإنسانية فإنني أجدد الدعوة من هنا إلى إنشاء المفوضية العالمية للتربية على التسامح على أرض مصر، ويمكن لمصر في إطار تدشينها للجمهورية الجديدة بقيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن تنهض مصر بهذا المشروع العالمي وإنجاحه ليضاف إلى رصيد مصر الحضاري في بناء الحضارة الإنسانية ( ) .
أيها الأخوة المؤمنون:
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، و زنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملك الموت قد تخطَّانا إلى غيرنا، و سيتخطى غيرنا إلينا، فلنتَّخذ حذرنا، الكيِّس من دان نفسه و عمل لما بعد الموت، و العاجز من أتبع نفسه هواها، و تمنى على الله الأماني أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن سيدنا محمدًا رسولُ الله عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله..يقول الحق (تبارك وتَعَالَى): (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران: 102) أما بعد،
أن جند مصر هم خير أجناد الأرض؛ فهم في رباط وحراسة للوطن والإسلام والعروبة إلى يوم القيامة.
• أن مصر على الرغم من قوتها عبر التاريخ الإسلامي فإنها لم تكن معتدية أو غازية أبدا؛ بل كانت حامية للدين، وسندًا للعرب والمسلمين فى كل مكان، يقول الإمام ابن كثير في تاريخه:.. في عام الرمادة -والجوع والفقر يحاصران الأمة الإسلامية-كتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، لعمرو بن العاص حاكم مصر (رضي الله عنهما): “واغوثاه.. واغوثاه.. واغوثاه”، فقال عمرو بن العاص: “..والله لأرسلن قافلة من الأرزاق أولها فى المدينة، وآخرها عندى فى مصر”. كما شرَّفها الله بأن أرسلت كسوة الكعبة المشرفة على المحمل العظيم لألف عام.
مصر والصحابة الكرام:
• ومن مظاهر تكريم الله لمصر أنها استضافت كثيرًا من الصحابة الكرام، فقد دخلها في فتحها مائة رجل ونيف ممن صحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، كما تشرفت بعيش عدد كبير من التابعين، وتابعي التابعين، وأولياء الله الصالحين فيها، ونشأ على أرضها الزهاد والعباد والعلماء والفقهاء والمصلحون، ووارى رفاتَهم الميمون ثراها الطاهرُ ليشرف بهم إلى يوم الدين.
نيل مصر العظيم هدية الله لها:
• وقد حباها الله نهر النيل المبارك، الذي يعد مكرمة من الله لمصر، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم): (سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ وَالْفُرَاتُ وَالنِّيلُ كُلٌّ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ) (رواه مسلم). قال الإمام النووي (رحمه الله): “وأما كون هذه الأنهار من ماء الجنة ففيه تأويلان ذكرهما القاضي عياض: أحدهما: أن الإيمان عمَّ بلادَها، أو الأجسام المتغذية بمائها صائرة إلى الجنة. والثاني: وهو الأصح أنها على ظاهرها، وأن لها –أي الأنهار- مادة من الجنة” (شرح النووي)، وهكذا “كانت البساتين بحافتي النيل من أوله إلى آخره، ما بين أسوان إلى رشيد لا تنقطع، ولقد كانت المرأة تضع المِكتل على رأسها، فيمتلئ مما يسقط به من الشجر” كما قال د. محمد موسى الشريف في بحثه فضائل مصر ومزايا أهلها. وهذا النيل هو سر حضارتها ورقيها وهو النهر الوحيد في العالم الذي ذكر وصفه في القرآن على لسان فرعون، قال تعالى: (أَلَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِى مِنْ تَحْتِى)، وقد حافظ عليه القدماء وقدَّسوه واعتبروا تلويثه جريمة وجناية.
الأزهر الشريف عطية الله لمصر والعالم:
• ومن عظيم منح الله لمصر أن الله تعالى حباها الأزهر الشريف –قبلة العلم وشعاع النور- الذي أرسل علماءه إلى كل بقاع الأرض، وجاء إليه الدارسون من كل فج عميق؛ لينهلوا من معينه الطاهر الذي لا ينضب ولن ينضب بإذن الله. يقول د/ إبراهيم الهدهد: “يقوم التعليم في الأزهر الشريف على مرتكزات ثلاثة ليست متوفرة في أي مؤسسة تعليمية في العالم أجمع، المرتكز الأول: أن الأزهر الشريف يعلم أبناءه علوم المنقول أي القرآن والسنة. والثاني: يعلمهم علوم المعقول كعلوم الآلة التي تدرب الطالب على حسن الفهم، فيفهم الطالبُ الأزهري النصَّ فهومًا متعددةً لا متعالية. أما مَن رُبِّيَ على علوم المنقول وحدها، فليس أمامه إلا فهم واحد لا يحيد عنه؛ فيُخَطِّئ غيرَه، بل يكفر غيرَه، وليس هذا في الأزهر الشريف، والثالث: أن الأزهر الشريف يُدَرِّس لأبنائه –إضافة إلى العلوم الشرعية والعربية- ما يدرسه أندادُهم تمامًا من المواد الثقافية والعلمية والكتب التي تصدرها وزارة التربية والتعليم في المرحلتين الإعدادية والثانوية؛ فينشأ الطالب الأزهري رشيدًا، لا يخاصِمُ العقلُ عنده النقلَ، ولا يخاصِمُ الدينُ عنده الدنيا، ومِن هنا وُجِد التنوعُ المذهبي.. وُجِد قبولُ الآخرِ في مصر.. كما أننا نجدُ في البيتِ الواحدِ مَن يتعبد ربَّه على المذهبِ الحنفي، وآخر على المذهبِ الشافعي، وثالث على المذهبِ المالكي، دون أن يُثَرِّبَ أحدٌ على أحدٍ، ودون أن يُخَطِّئ أحدٌ أحدًا… وهكذا فالأزهر الشريف يربي أبناءه على هذا المنهج الرشيد. ويرتكز إلى أكثر من ألفِ عام.. وقد قبله العَالَمُ كلُّه، ومن ثم فهو قبلةٌ علميةٌ لشتى شعوب العالم.. ائتوني بمؤسسةٍ علميةٍ في العالمِ فيها هذا الزخم وهذا النور الكبير.. والأزهرُ الشريفُ وخريجوه في قرى مصر والعالم وفي مدن مصر والعالم، يلجأ إليهم الناسُ من كل صوبٍ وحدبٍ، يحتمونَ بهم، ويستهدون بهديِهم” أهــ.
ولا يزال عطاء الأزهر –جامعا وجامعة– متواصلا وفياضًا ومستمرًا ببعثاته الخارجية ووفوده الثقافية التي تقصد شتى دول العالم، وكذلك بمعاهده الممتدة وبمراكزه الثقافية والدعوية المنتشرة في كثير من الدول الأوروبية والأمريكية والآسيوية والإفريقية. ويدرس في الأزهر الشريف حوالي المليونين والنصف مليون من الطلاب: في المعاهد الأزهرية مليونا طالب، وفي جامعة الأزهر نحو نصف مليون طالب، منهم أربعون ألف طالب وافد من ست ومائة دولة حول العالم يدرسون في المعاهد والجامعة.
• لذلك -وكثير غيره من مظاهر تكريم الله لها- كانت مصر مثار إعجاب العباقرة عبر التاريخ، قال عنها الكندي في كتابه فضائل مصر المحروسة: “قد فضَّل اللهُ مصر، وشهد لها في كتابه بالكرم وعظيم المنزلة؛ وذكرها باسمها وخصَّها دون غيرها، وكرر ذكرَها، وأبان فضلها في آيات من القرآن العظيم”، وها هو أمير الشعراء أحمد شوقى يقول عنها:
وطنى إن شغلت بالخلد عنه… نازعتني إليه في الخلد نفسي
وقال نابليون بونابرت ممتدحا قوة مصر: “لو كان عندى نصف هذا الجيش المصرى لغزوت العالم”، ولما زارها العلامة الهندي أبو الحسن الندوى قال لأهلها: “أنتم الأساتذة ونحن الطلاب.. أنت القادة ونحن الجنود”..
وصدق الشاعر الحكيم حين قال:
مِصرُ الكنانةُ ما هانتْ على أحدٍ… الله يحرُسُها عطفاً ويرعَـــــــــــاها
ندعوك يا رب أن تحمي مرابعها… فالشمس عين لها والليل نجوَاها
والسنبلات تصلى في مزارعها… والعطر تسبيحا والقلب مرعاها
فهنيئا لمصر وأهلها هذا التكريم من الله العليّ العظيم.
نسأل الله السلامة لنا ولأولادنا، ولمجتمعنا ولشعبنا..اللهم احفظ مصر شرقها وغربها، شمالها وجنوبها، طولها وعرضها وعمقها، بحارها وسماءها ونيلها، ووفق يا ربنا قيادتها وجيشها وأمنها وأزهرها الشريف، وعلماءها، واحفظ شعبها، وبلاد المحبين يا رب العالمين، اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا وصلِّ اللهم وسلِّم وبارِك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..وأقم الصلاة.
خادم الدعوة والدعاة د/ أحمد علي سليمان
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
والحاصل على المركز الأول على مستوى الجمهورية في خدمة الفقه والدعوة (وقف الفنجري 2022م)
المدير التنفيذي السابق لرابطة الجامعات الإسلامية- عضو نقابة اتحاد كُتَّاب مصر
واتس آب: 01122225115 بريد إلكتروني: [email protected]

يُرجي من السادة الأئمة والدعاة متابعة الصفحة الرسمية، وعنوانها:
(الدكتور أحمد علي سليمان)؛ لمتابعة كل جديد

 

 

لقراءة الخطبة أو تحميلها كاملا يرجي تحميل الخطبة من ملف pdf بالأعلي

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »