خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الأرض المباركة ، لـ صوت الدعاة
بتاريخ 26 شوال 1446هـ ، الموافق 25 أبريل 2025م

خطبة الجمعة القادمة 25 أبريل 2025 م بعنوان : الأرضٌ المباركةٌ ، لـ صوت الدعاة ، بتاريخ 26 شوال 1446هـ ، الموافق 25 أبريل 2025م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة لصوت الدعاة 25 أبريل 2025 بصيغة word بعنوان: الأرضٌ المباركةٌ ، بصيغة word
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة لصوت الدعاة 25 أبريل 2025 بصيغة pdf بعنوان : الأرضٌ المباركةٌ pdf
وللإطلاع علي خطبة الجمعة 25 أبريل 2025 : الأرضُ المباركةُ ، لـ صوت الدعاة (2)، بتاريخ 26 شوال 1446هـ ، الموافق 25 أبريل 2025م.
عناصر خطبة الجمعة القادمة لصوت الدعاة 25 أبريل 2025 بعنوان : الأرضٌ المباركةٌ ، كما يلي:
أولًا: سيناءُ الأرضٌ المباركةٌ.
ثانيًا: أرضُ سيناءَ ارتوتْ أرضُهَا بدماءِ الشهداءِ.

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 25 أبريل 2025 بعنوان : الأرضٌ المباركةٌ ، كما يلي:
الأرضٌ المباركةٌ
26 شوال 1446هـ – 25 أبريل 2025م
صوت الدعاة
المـــوضــــــــــوع
الحَمْدُ للهِ رب العالمين، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وليُّ الصالحينَ وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفُيُّهُ مِن خلقهِ وخليلُهُ، القائلُ كما في حديثِ ابن عباس-رَضِيَ اللهُ عَنْهَما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «عَينانِ لا تمَسَّهُمَا النَّارُ: عينٌ بكتْ مِن خشيةِ اللهِ، وعينٌ باتتْ تحرسُ في سبيلِ اللهِ» رواه الترمذي، فاللهمَّ صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ المختارِ وعلى آلهِ وصحبهِ الأطهارِ وسلمْ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ.
مصرُ الكنانةُ ما هانتْ على أحدٍ*** اللهُ يحرسُها عطفًا ويرعَاها
ندعوكَ يا ربِّ أنْ تحمِي مرابعَهَا *** فالشمسُ عينٌ لها والليلُ نجواهَا
أولًا: سيناءُ أرضٌ مباركةٌ.
فضّلَ الأماكنَ بعضَهَا على بعض، ومِن الأماكنِ التي فضلَهَا اللهُ جلَّ وعلا البقعةُ المباركةُ طورُ سيناءَ المبارك.
وسيناءُ أيُّها الأخيارُ جزءٌ مِن أرضِ مصرَ الغاليةِ ولها مكانةٌ عظيمةٌ ومميزةٌ في القرآنِ الكريمِ، حيثُ وصفَهَا اللهُ جلّ وعلا في قرآنهِ بأوصافٍ عديدةٍ وكثيرةٍ تدلُّ على فضلِهَا ومكانتِهَا: فهي البقعةُ المباركةُ قال جلَّ وعلا في قصةِ موسَى عليه السلامُ: (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ}.. [القصص:30]. ووصفَهَا اللهُ جلَّ وعلا: بالأرضِ المقدسةِ، قالَ جلّ وعلا: (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى. إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى. وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى. إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي). طه 11-14، وسيناءُ أرضٌ أقسمَ اللهُ بهَا في القرآنِ، فقالَ جلّ وعلا: ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ﴾ [التين:1-3]. والتينِ والزيتونِ أي: المسجدُ الأقصى، وطورِ سينين أي: جبلُ الطورِ بسيناءَ، وهذا البلدِ الأمينِ أي: مكةُ المكرمةُ، وربطَ اللهُ جلَّ وعلا بينَ جبلِ الطورِ والكعبةِ في قرآنِهِ: (وَالطُّورِ. وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ. في رَقٍّ مَّنشُورٍ. وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) الطور 4-1، والطورُ جاءَ قبلَ الكعبةِ، ويشيرُ إلى أنَّ الطورَ شهدَ نزولَ التوراةِ للنبيِّ موسَى عليه السلام، وبعد ذلك شهدتْ مكةُ نزولَ القرآنِ الكريمِ على قلبِ النبيِّ ﷺ. وفيها شجرةٌ مباركةٌ تحدثَ عنها القرآنُ، ﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ﴾. ﴿ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ﴾ يعني: الزَّيتون ﴿مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ﴾ يعني: جبلًا معروفًا، وأوَّلُ ما ينبتُ الزَّيتونُ ينبتُ هناك، ﴿تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ﴾ لأنَّه يتَّخذ الدُّهن من الزَّيتون ﴿وَصِبْغٍ﴾ إدام ﴿لِلْآكِلِينَ﴾.
تابع / خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الأرضٌ المباركةٌ ، لـ صوت الدعاة
وأرضُ سيناءَ وطئهَا الأنبياءُ والمرسلون والصحابةُ والصالحون والأخيارُ والأبرارُ فهذا هو أبو الأنبياءِ إبراهيمُ عليه السلامُ وطأَ أرضَهَا المباركةَ وتزوجَ هاجرَ المصريةَ أمَّ إسماعيلَ عليه وعلى نبيِّنَا أفضلُ الصلاةِ والسلام، ونزلَ عليهِ الوحيُ، ورفعَ لواءَ التوحيدِ في مواجهةِ الشركِ وعبادةِ الأصنامِ.
كما وطأَ أرضَهَا كلٌّ مِن يوسفَ الصديقِ وأبيهِ النبيِّ يعقوبَ عليهما السلامُ واخواتِه أسباطِ بنى إسرائيلَ حيث كان في هذه المنطقةِ عبورُهُم وذهابُهُم ومجيئُهُم ورواحُهُم، حيثُ تمَّ لقاءُ سيدِنَا يوسفَ بأبيهِ سيدِنَا يعقوب، فعلى أرضِهَا التأمَ شملهُمَا والتقيَا بعدَ سنواتٍ مِن العذابِ والغربةِ والحرمانِ.
وعلى أرضِ العريشِ فصلتِ العيرُ، ومِن أرضِهَا انطلقتْ رائحةُ قميصِ يوسفَ حتى وصلَ الى فلسطينَ ليشمَّهُ يعقوبُ علية السلامُ ويقولُ قولتَهُ المأثورةَ إنِّي لأجدُ رائحةَ يوسفَ، وهذا ما جاءَ في تأويلِ قولِهِ تعالى: (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ). سورة يوسف، وتنزّلَ الوحيُّ عليه على أرضِ مصرَ، وقد قيل: إنَّ دخولَهُم كان عن طريقِ سيناءَ وما جاء على لسانِ سيدِنَا يوسفَ (عليه السلامُ): {ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [يوسف: 99] كان هذا مِن خلالِ سيناء. وعلى أرضِهَا دارتْ قصةُ موسي عليه السلامُ في أغلبِ أحداثِهَا فعندما عادَ موسَى عليه السلامُ إلى سيناءَ قاصدًا مصرَ، ولكنَّه ضلَّ الطريقَ كان لقاؤهُ مع ربِّه على جبلِ موسَى في منطقةِ الطورِ، حيثُ أمرَهُ اللهُ عزّ وجلّ يتلقَّى رسالتَهُ للإنسانيةِ في تلك الأرضِ التي باركَهَا اللهُ عزّ وجلّ، حيثُ تجلّتْ القدرةُ الإلهيةُ، وكلّمَ اللهُ موسَى على أرضِهَا مباشرةً بلا وحيٍ وتجلَّى ربُّنَا على الجبلِ تجليًا يليقُ بكمالِهِ وذاتِهِ جلّ جلالُهُ، وصورَ لنَا القرآنُ هذه الأحداثَ في أكثرَ مِن موضعٍ وسورةٍ فقالَ جلَّ وعلا عن أولِ حوارٍ بينَ ربِّ العزةِ وموسَى عليهِ السلامُ: (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)(القصص29 : 30 ).وعلى جبلِ الطورِ بسيناءَ بوادِي طُوى كلّمَ اللهُ موسَى كلامًا حقيقيًّا بصوتٍ يسمعُهُ موسَى عليهِ السلامُ، قالَ جلّ وعلا: ( وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا }..[ النساء: 164].وقال جل وعلا:{ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى. إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى}..[ طه: 11-12].
تابع / خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الأرضٌ المباركةٌ ، لـ صوت الدعاة
جبلُ الطورِ وما أدركَ ما جبلُ الطورِ؟ إنّهُ الجبلُ الذي شهدَ ظاهرةً فريدةً لم تجرِ أحداثُهَا فوقَ أيِّ أرضٍ إلّا على أرضِ مصرَ في جبلِ الطورِ بسيناءَ الحبيبةِ، حيثُ تجلَّى اللهُ تعالى للجبلِ فجعلَهُ دكًّا وخرَّ سيدُنَا موسَى (عليه السلام) صعقًا، قال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}[الأعراف: 143].إنّه الجبلُ الذي شهدَ نزولَ الألواحِ أو كتابَ التوراةِ، قالَ جلّ وعلا:{وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} [سورة الأعراف:154].إنَّه الجبلُ الذي شهدَ ذلك اللقاءَ الذي رفعَ اللهُ (جلَّ وعلا) الجبلَ فوقَ بنِي اسرائيلَ وأخذَ عليهمُ فيهِ العَهْدَ والمِيثَاقَ، قال جلّ وعلا: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [سورة الأعراف: 171].إنَّهُ الجبلُ الذي شهدَ مجيءَ سيدِنَا موسَى (عليه السلام) بسبعينَ رجلًا مِن قومِهِ للتوبةِ عندَ الطورِ فأخذتْهُم الرجفةُ، قال تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا} [الأعراف: 155].إنّهُ الجبلُ الذي شهدَ هذه القاعدةَ الإلهيةَ (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)، فحينَ أخذتهُم الرجفةُ، قال سيدُنَا موسى (عليه السلام) مخاطبًا ربَّهُ عزَّ وجلَّ: {قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ * وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} [الأعراف]، فكانتْ الإجابةُ مِن قبلِ اللهِ (عزّ وجلَّ): {قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}[الأعراف: 156].إنَّهُ الجبلُ الذي أقسمَ اللهُ (عزَّ وجلَّ) به مع البقاعِ المقدسةِ التي شرَّفَهَا اللهُ تعالى بالوحيِ والرسالاتِ السماويةِ، قال تعالى:{وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ}[التين:1-3].
وعلى أرضِ سيناءَ الحبيبةِ شهدتْ أولَ تدريبٍ لسيدِنَا موسَى (عليهِ السلامُ) على معجزةِ العصَا، والذي سيستخدمُهَا فيمَا بعد مع قومهِ بني إسرائيلَ حين يضربُ بهَا الحجرَ، فتنفجرُ منه اثنتَا عشرةَ عينًا بالماءِ، ومع سحرةِ فرعونَ حين تلفقُ ما كانوا يأفكون، ومع فرعونَ ومطاردتِهِ مع جنودِه لسيدِنَا موسَى (عليه السلام) وقومِهِ، فيضربُ بهَا البحرَ فينفلقُ، كلُّ فرقٍ كالطودِ العظيمِ. فعلى أرضِهَا دارَ حوارُ الحبِّ والألفةِ موسى عليه السلام مع ربِّهِ عندمَا سألَهُ الملكُ جلَّ جلالُه وهو أعلمُ {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى * قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى * قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى * وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى * لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى *………الآيات} سورة طه: 17-23 وعلى أرضِ سيناءَ الحبيبةِ استجابَ اللهُ فيها لرغبةِ سيدِنَا موسَى (عليه السلام)، فجعلَ معهُ أخاه هارونَ نبيًّا ووزيرًا ليشدَّ مِن أزرِهِ، قال جلَّ وعلا: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا * قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى *} [سورة طه: 29-36].وعندمَا عادَ موسَى ثانيةً بقومِهِ مِن بنِى إسرائيلَ هربًا مِن فرعون، سارُوا متجهينَ إلى سيناءَ ، حيثُ وجدوا البحرَ الأحمرَ في مواجهتِهِم ومِن خلفِهِم لحقَهُم فرعونُ وجنودُهُ ،فحدثتْ المعجزةُ على أرضِهَا حينمَا أمرَ اللهُ موسَى أنْ يضربَ البحرَ بعصاهُ ليجدَ الطريقَ أمامَهُ يابسًا مُمهدًا له ومَن معهُ ثم يعودَ البحرُ مرةً أخرى إلى حالتِه الأولى فيغرقَ فرعونُ وجنودُه وينجُو موسَى وقومُهُ بإذنِ اللهِ، حيثُ حدثتْ المعجزاتُ الإلهيةُ، قال جلَّ وعلا: ( فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ • قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)، فيأتيه الردُّ مِن السماءِ (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (٦٣) ﴾.
تابع / خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الأرضٌ المباركةٌ ، لـ صوت الدعاة
وعلى أرضِ سيناءَ الحبيبةِ ضربَ موسَى الأحجارَ لتنفجرَ منها ينابيعُ المياهِ (عيونُ موسى) الاحدَى عشر، بعددِ اسباطِ بنى اسرائيلَ، حيثُ عرفَ كلُّ قومٍ مشربَهُ والتي هي موجودةٌ حتى الآن تشهدُ بمعجزةِ الخالقِ عزَّ وجلَّ، قال جلَّ وعلا: (إِذِ اسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ ۖ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا ۖ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ ۖ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) البقرة(60).
وعلى أرضِ سيناءَ الحبيبةِ تلقَّى موسَى عليهِ السلامُ الوصايا العشرَ مِن ربِّهِ سبحانه وتعالى، وهي القاضيةُ بوحدانيةِ اللهِ عزَّ وجلَّ والجامعةُ لدروسِ الآدابِ الدينيةِ.
وعلى أرضِ سيناءَ الحبيبةِ أنزلَ اللهُ على موسى وقومِهِ مِن بنِى إسرائيلَ (المنَّ والسلوَى)، ولكنْ تجبرَ بنو إسرائيلَ وعصوا موسَى فغضبَ اللهُ عليهم وكتبَ عليهم التيهَ بينَ الجبالِ وفى أوديةِ سيناءَ أربعين عامًا جزاءَ ما اقترفُوه كفرًا وعصيانًا، وكتبَ اللهُ عليهم المذلةَ والمسكنةَ كما في قولِه عزَّ وجلَّ: (قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) المائدة (اية 26).
ومِن شطأنِهَا انطلقَ موسَى للقاءِ العبدِ الصالحِ سيدِنَا الخضرِ عليهِ السلامُ، والذى علَّمَهُ مالمْ يُحطْ بهِ خُبرًا، قال جلَّ وعلا: (وإِذ ْقَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى ٰأَبْلُغ َمَجْمَعَ الْبَحْرَيْن ِأَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ، فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْر سَرَبًا ))الكهف (أية 60-61)، كمَا سلكتْهَا العائلةُ المقدسةُ عندمَا احتضنتْ السيدةُ مريمُ العذراءُ النبيَّ عيسَى عليه السلامُ يرافقهُمَا ابنُ عمِّهَا يوسفُ النجارُ في طريقِهِمَا إلى مصرَ فرارًا مِن الملكِ الجائرِ إلى أنْ وصلَا إلى ديرِ المحرقِ بمحافظةِ اسيوط حاليًا حيثُ أقامًا إلى أنْ أمرَهُمَا اللهُ بالعودةِ، فعادَا مرةً ثانيةً إلى فلسطينَ بعدَ هلاكِ هذا الملكِ الجائرِ، فكانت رحلةُ العودةِ والرجوعِ إلى الأرضِ المقدسةِ عبرَ سيناءَ، وعلى أرضِ سيناءَ الحبيبةِ دخلَ الصحابةُ والتابعون (رضي اللهُ عنهم) إلى أرضِ مصرَ، وعلى أرضِ العريشِ كانت أولُّ صلاةِ عيدِ الأضحَى في العاشرِ مِن ذي الحجةِ 18 هـ، يوافق 13 ديسمبر 639 م، حيثُ صلَّى سيدُنَا “عمرُو بنُ العاص” (رضي اللهُ عنه) وَمَنْ معَهُ على أرضِ مصرَ بعدَ أنْ جاوزّوا رفحَ متجهينَ للعريشِ، وبعدَ أنْ أرادَ اللهُ لمصرَ فتحهَا بالإسلامِ، وقد كان تمامُ الفتحِ في سنةِ 22هـ /642م، والذي استقبلَهُ سيدُنَا “عمرُ بنُ الخطابِ” (رضي اللهُ عنه) بالبشارةِ والسجودِ للهِ، حيثُ صلَّى الجميعُ في مسجدِ النبوةِ شكرًا للهِ (عزّ وجلّ). لذا كانت مصرُ الغاليةُ صَخرةَ الإسلامِ العاتية. مصرُ التي نحبُّهَا ونعشقُهَا، مصرُ التي ذَكَرهاَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- في القرآنِ مِرارًا وتكرارًا قالَ ربُّنا: ﴿ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِين﴾) يوسف: 99)، مصرُ التي قال عنها نبيُّنَا العدنانُ ﷺ: (إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ، وَهِيَ أَرْضٌ يُسَمَّى فِيهَا الْقِيرَاطُ، فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا؛ فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا) رواه مسلم. وعن أبي ذرٍ عَن النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا القِيرَاطُ فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُم ذِمَّةً وَرَحِمًا». أَخْرَجَهُ الطبرانيُّ والحَاكِمُ. وعن كَعْبِ بنِ مَالِك يَرْفَعُهُ: «إِذَا فُتِحَت مِصْرُ فَاسْتَوْصُوا بِالقِبْطِ خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا(( وللهِ درُّ القائلِ:
بِلاَدِي هَوَاهَا فِي لِسَانِي وَفِي دَمِي ***يُمَجِّدُهَا قَلْبِي وَيَدْعُو لَهَا فَمِي
تابع / خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الأرضٌ المباركةٌ ، لـ صوت الدعاة
ثانيًا: سيناءَ ارتوتْ أرضُهَا بدماءِ الشهداءِ.
أيُّها السادة: أرضُ سيناءَ هي المدخلُ وبوابةُ الدخولِ الى مصرَ، لذا فهي جزءٌ عزيزٌ وغالِي، وأرضٌ مقدسةٌ مِن مصرِنَا الغاليةِ تقدستْ سمائُهَا حيثُ تجلَّي نورُ الخالقِ عزَّ وجلَّ، وتعطرَ ترابُهَا بمسارِ الأنبياءِ، وارتوتْ أرضُهَا بدماءِ الشهداءِ وعرقِ المناضلينَ والابطالِ، لذا حظيتْ سيناءُ في القرآنِ الكريمِ باحتفاءٍ خاصٍّ، فهي معبرُ أنبياءِ اللهِ عزَّ وجلَّ ابراهيمَ واسماعيلَ ويعقوبَ ويوسفَ وموسى عليهم السلامُ، ولهذا السببِ حظيتْ بهذا التكريمِ في القرآنِ الكريمِ مرارًا وتكرارًا.
لذا كانتْ المحافظةُ عليها دينٌ وإيمانٌ وإحسانٌ والتضحيةُ في سبيلِهَا شهادةٌ وكرامةٌ ورجولةٌ وشهادةٌ، وحبُّ الوطنِ مِن هدى النبيِّ العدنانِ ﷺ والنبيين الأخيارِ، والدفاعُ عن الوطنِ مطلبٌ شرعيٌّ، وواجبٌ وطنيٌّ، ومَسْؤولـيَّةٌ ووَفَاءٌ تقعُ على عاتقِ الجميعِ ،والموتُ في سبيلِه عِزةٌ وكرامةٌ وشهامةٌ وشجاعةٌ ورجولةٌ وشهادةْ فعَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: مَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دَونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دَونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دَونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ(( ولقد سطّرَ شهداؤُنَا الأبطالُ التاريخَ بدمائِهم الذكيةِ العطرةِ، ففي السادسِ مِن أكتوبر سنة 1973م كانت معركةُ العبورِ حيثُ عبرتْ قواتُنا المسلحةُ خطَّ بارليفٍ ودمرتْ نقاطَ الدفاعِ الإسرائيليةِ وألحقتْ الهزيمةَ بالقواتِ الصهيونيةِ، وانتصرَ جنودُ الحقِّ على المحتلين الإسرائيليين، وارتفعتْ راياتُ الحقِّ عاليةً خفاقةً وسجلَ التاريخُ هذه البطولاتِ والتضحياتِ لقواتِنا المسلحةِ فضربوا بدمائِهم أروعَ الأمثلةِ في التضحيةِ والفداءِ لدينِهم ووطنِهم وعادتْ إلينَا سيناءُ الحبيبةُ بفضلِ اللهِ أولًا ثمَّ بفضلِ قواتِنَا المسلحةِ.
أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لِي ولكُم
الخطبةُ الثانية الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلَّا لهُ وبسمِ اللهِ ولا يستعانُ إلَّا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ …………………… وبعد
فجنودُنَا البواسلُ الذين يسهرونَ ليلَهُم ويكابدونَ نهارَهُم، أجرُهُم عظيمٌ وثوابُهُم جليلٌ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: ( رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، وَأَمِنَ الْفَتَّانَ)، وفي الصحيحينِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا العَبْدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ الغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنَ الدنُّيَا ومَا عَلَيهَا)).
حفظَ اللهُ أرض سيناء المباركة
خطبة صوت الدعاة
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف