خطبة الجمعة القادمة “التكافل المجتمعي .. حقوق الوالدين والمسنين والضعفاء أنموذجًا” ، للدكتور محمد حرز
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : “التكافل المجتمعي .. حقوق الوالدين والمسنين والضعفاء أنموذجًا” ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 22 شعبان 1443هـ، الموافق 25 مارس 2022م.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 25 مارس 2022م بعنوان :”التكافل المجتمعي .. حقوق الوالدين والمسنين والضعفاء أنموذجًا” .
أولًا: البرُّ شرفٌ والعقوقُ دينٌ.
ثانيًا: إجلالُ المسنينَ إجلالٌ للهِ جلَّ وعلا.
ثالثًا وأخيرًا: شخصياتٌ بارةٌ وشخصياتٌ عاقةٌ سجلَهَا القرآنُ والتاريخُ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 25 مارس 2022م بعنوان : “التكافل المجتمعي .. حقوق الوالدين والمسنين والضعفاء أنموذجًا” : كما يلي:
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي خَلَقَ الْخَلائِقَ وَحَدَّدَ أَعْمَارَهَا وَآجَالَهَا، وَقَدَّرَ أَقْوَاتَهَا وَأَرْزَاقَهَا، نَحْمَدُهُ سُبْحَانَه وَتَعَالَى وَنَشْكُرُهُ وَنَتُوبُ إِلَيهِ ونَستَغفِرُهُ، الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ:﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا ﴾(غافر: 67)،وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وليُّ الصالحين وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفيُّهُ من خلقهِ وخليلُهُ، القائلُ كما في حديثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ جاءَ أعرابيَّانِ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال أحدُهما : يا رسولَ اللهِ ! أيُّ الناسِ خيرٌ ؟ قال : “طُوبَى لمن طالَ عُمُرُه ، وحَسُنَ عملُه“ . وقالَ الآخرُ : أيُّ العملِ خيرٌ ؟ قال :“ أن تُفارِقَ الدنيا ولِسانُكَ رَطْبٌ من ذِكْرِ اللهِ “(رواه الترمذي) ؛ فاللهم صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِ المختارِ وعلى آلهِ وأصحابِهِ الأطهارِ الأخيارِ وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ. أمَّا بعدُ: فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران :102).
أيُّها السادةُ:“التكافل المجتمعي .. حقوق الوالدين والمسنين والضعفاء أنموذجًا” عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا
أولًا: البرُّ شرفٌ والعقوقُ دينٌ.
ثانيًا: إجلالُ المسنينَ إجلالٌ للهِ جلَّ وعلا.
ثالثًا وأخيرًا: شخصياتٌ بارةٌ وشخصياتٌ عاقةٌ سجلَهَا القرآنُ والتاريخُ.
أيُّها السادةُ : بدايةً ما أحوجَنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلى أنْ يكونَ حديثُنَا عن حقوقِ الوالدينِ والمسنين، وخاصةً ونحنُ نعيشُ زمانًا انعدمتْ فيه الرحمةُ والرأفةُ في قلوبِ الكثيرِ مِن شبابِنَا تجاهَ آبائِهِم وتجاهَ المسنين حتَّى في المواصلاتِ لم يَعُدْ احترامُ الكبيرِ كالعادةِ في القدمِ بلْ ترَى الشابَ أو الفتاةَ مشغولًا بهاتفهِ وهو جالسٌ وكبيرُ السنِّ يقفُ بجوارِهِ ولا يتحركُ قلبُهّ ولا مشاعرُهُ تجاهَ المسنين. وخاصةً ودورُ المسنين مليئةٌ بالآباء والأمهاتِ ولا يسألُ عنهم الأبناءُ إِلّا مَا رحمَ اللهُ جلَّ وعلا، وخاصةً أصبحَ الكبيرُ اليومَ غريبًا حتّى بينَ أهلِهِ وأولادهِ ثقيلًا حتى على أقربائهِ وأحفادهِ مِن هذا الذي يجالسُهُ؟ مِن هذا الذي يؤانسُهُ؟ مِن هذا الذي يدخلُ السرورَ عليه؟ بل هناك دِرَاسَةٌ عِلْمِيَّةٌ أُجْرِيَتْ فِي إحْدَى كُبْرَى الدُّوَلِ الأُوربيةِ سَأَلُوا الْمُقِيمِينَ فِي دَارِ الْعَجَزَةِ سُؤَالًا، مَاذَا تَتَمَنَّى؟ فَكَانَتِ الْإِجَابَةُ وَاحِدَةٌ. أَتَمَنَّى الْمَوْتَ!؛ لِأَنَّ الْكُلَّ تَخَلَّى عَنْه، وَأقْرَبُ النَّاسِ إِلَيهِ أَوْدَعُوهُ دَارَ الْمُسِنِّينَ وَلَا يَتَذَكَّرُونَهُ إلّا عِنْدَ عِيدِ مِيلاَدِهِ، وَذَلِكَ بِإِرْسَالِ بِطاقَةِ تَهْنِئَةٍ فَقَط...ونسىَ هؤلاءِ أنَّ الديانَ لا يموتُ، ونسىَ هؤلاءِ أفعلْ ما شئتَ كما تدينُ تدانُ، ونسىَ هؤلاءِ أنَّهُ كأسٌ والكلُّ شاربهُ ونسىَ هؤلاءِ
ثمانيةٌ لابدَّ منها على الفتى *** ولابدَّ أنْ تجرِى عليه الثمانيةُ
سرورٌ وهمٌّ واجتماعٌ وفرقةٌ *** وعسرٌ ويسرٌ ثم سقمٌ وعافيةٌ
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة
أولًا: البرُّ شرفٌ والعقوقُ دينٌ.
أيُّها السادةُ: دينُنَا أمرنَا بالإحسانِ إلى الكبارِ لاسيَّمَا مِن الآباءِ والأمهاتِ قال جلَّ وعلا: ((إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ))(الإسراء:23، 24 ) وعَنْ أَبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:“ رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُ“، قيلَ: مَنْ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: “مَن أدْرَكَ أبَوَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أحَدَهُما، أوْ كِلَيْهِما فَلَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ“ (رواه مسلم) .لذَا أوجبَ الإسلامُ على الأبناءِ برَّ الآباءِ والإحسانَ إليهم جزاءً لما قدمَ الوالدينِ مِن معروفٍ وفضلٍ وإحسانٍ لهُمَا في الصغرِ حيثُ جاءَ ذلك في أسلوبٍ يتمثلُ روعةً وجمالاً في أنَّ اللهَ تباركَ وتعالى قد قرنَ الإحسانَ إلى الآباءِ والأمهاتِ بالأمرِ بتوحيدهِ وطاعتهِ. فقالَ ربُّنَا{ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } الآية [النساء: 36].ولمَ لَا واللهُ تباركَ وتعالَى جعلَ الحقَّ الثاني بعدَ حقِّهِ وحقِّ حبيبهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم حقَّ الآباءِ وجعلَ اللهُ شكرَهُ مقرونًا بشكرِ الوالدينِ، فقالَ ربُّنَا: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إلى الْمَصِيرُ ) ( لقمان:14) فالشكرُ للهِ على نعمةِ الإيمانِ والشكرُ للوالدينِ على نعمةِ التربيةِ.
لذا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ : ثَلَاثُ آيَاتٍ نَزَلَتْ مَقْرُونَةً بِثَلَاثٍ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهَا وَاحِدَةٌ بِغَيْرِ قَرِينَتِهَا، منها:{ أَنْ اُشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ } فَمَنْ شَكَرَ اللَّهَ وَلَمْ يَشْكُرْ وَالِدَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ .
لِذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { رِضَا اللَّهِ فِي رِضَا الْوَالِدَيْنِ وَسَخَطُ اللَّهِ فِي سَخَطِ الْوَالِدَيْنِ } قالَ ربُّنَا: (وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إلى الْمَصِيرُ )فلماذا لا نحسنُ إلى الآباءِ عبادَ اللهِ؟ ولماذَا نسيءُ إليهم بالليلِ والنهارِ ؟ مع أنَّ سنةَ النبيِّ المختارِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توصينَا بالإحسانِ إليهمَا في كلِّ وقتٍ وحينٍ ففِي الحديثِ الذي رواهُ أحمدُ في مسندهِ عنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيِّ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:“ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِآبَائِكُمْ إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ“( رواه أحمد)
وكيفَ لا؟ و البرُّ بالآباءِ والأمهاتِ مِن أحبِّ الأعمالِ وأعظمِ القرباتِ إلى علامِ الغيوبِ وستيرِ العيوبِ جلَّ في علاه – فعن ابنِ مسعودٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ قال: سأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ:“ الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا “قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ قَالَ:” ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ“ قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ قَالَ:“ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ “( متفق عليه ).
وكيفَ لا؟و البرُّ سببٌ مِن أسبابِ دخولِ جنةِ النعيمِ، يارب اجعلنَا مِن أهلِ النعيمِ ففي الحديث الذي رواهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ { جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَهِدْت أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّك رَسُولُ اللَّهِ وَصلىت الْخَمْسَ وَأَدَّيْت زَكَاةَ مَالى وَصُمْت رَمَضَانَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ مَاتَ عَلَى هَذَا كَانَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَكَذَا ، وَنَصَبَ أُصْبُعَيْهِ مَا لَمْ يَعُقَّ وَالِدَيْهِ } وكيف لا؟و البرُّ يكفرُ الذنوبَ كما قال سيدُ النبيينَ صلُّى اللهُ عليه وسلم عن ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ ذَنْبًا عَظِيمًا فَهَلْ لِي تَوْبَةٌ، قَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: “هَلْ لَكَ مِنْ خَالَةٍ؟“ قَالَ: نَعَمْ ،قَالَ:” فَبِرَّهَا“( رواه الترمذي) وكيف لا؟و البرُّ يطولُ العمرَ فعَنْ أَنَسَ بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ـ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:“ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمْرِهِ وَأَنْ يُزَادَ لَهُ فِي رِزْقِهِ فَلْيَبَرَّ وَالِدَيْهِ وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ“( رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح)
أيُّها السادةُ: لقد حذرَ الإسلامُ أشدَّ التحذيرِ وشددَ أشدَّ التشديدِ على عقوقِ الآباءِ والأمهاتِ فانتبهْ أيُّها العاقُّ فالعقوقُ مِن أكبرِ الكبائرِ. فعن أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا ؟“ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:“ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ“ وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ:” أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ“ قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ”(متفق عليه)
بل اسمعْ أيُّها العاقُّ يعجلُ اللهُ لك العقوبةَ في الدنيَا مع ما يدخرُهُ لكَ في الآخرةِ فعَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ تعالى لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِثْلُ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ) رواه أبو داود وفـى الصحيحينِ مِن حديثِ عبدِ اللهِ بنُ عمـروِ بنُ العاصِ رضى اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالَ يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ)رواه البخاري.
وكيف لا؟ وقد هبطَ الأمينُ جبريلُ يومًا على قلبِ النبيِّ الأمينِ صلَّى اللهُ عليه وسلم فقالَ جبريلُ يا محمدٌ قلْ أمينَ، خابَ وخسرَ مَن أدركَ رمضانَ ولم يُغفرْ لهُ فقالَ النبيُّ آمين خابَ وخسرَ مَن أدركَ أبويهِ أو أحدهمَا ولم يُدخلاهُ الجنةَ قلْ آمينَ فقالَ النبيُّ آمين , خابَ وخسرَ مِن ذكرتَ عندهُ ولم يصلِّ عليكَ قلْ آمينَ يا محمدٌ فقالَ النبيُّ آمينَ ففي الحديثِ الذي رواهُ الطَّبَرَانِيُّ بِأَسَانِيدَ أَحَدُهَا حَسَنٌ : { صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ آمِينَ آمِينَ آمِينَ ، ثُمَّ قَالَ : أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ مَنْ أَدْرَكَ أَحَدَ أَبَوَيْهِ ثُمَّ لَمْ يَبَرَّهُمَا فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ قُلْ آمِينَ فَقُلْت ، آمِينَ ، فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَمَاتَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَأُدْخِلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ قُلْ آمِينَ فَقُلْت آمِينَ ، قَالَ وَمَنْ ذُكِرْت عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْك فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ قُلْ آمِينَ فَقُلْت آمِينَ } . وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ .
انتبهْ يا مَن تسبُّ أباكَ و أمكَ! يا مَن تضربُ أباكَ وتضربُ أمَّكَ يا مَن تسيءُ إلى أبيكَ وأمِّكَ بالليلِ والنهارِ أنتَ على خطرٍ عظيمٍ، أنتَ على طريقِ الهلاكِ في الدنيا والآخرةِ.
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة
ثانيًا: إجلالُ المسنينَ إجلالٌ للهِ جلَّ وعلا.
أيها السادة: إنَّ إكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ مِنْ إجْلالِ اللَّهِ سُبْحَانَه وَتَعَالَى، و إِنَّ إكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ مِمَّا يَتَقَرَّبُ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ إِلَى اللهِ وَيَطْلُبُونَ بِهِ ثَوابَ اللَّهِ عَزَّ وَجلَّ وَعَظِيمَ مَوْعُودِهِ. وعن أبي موسَى رضي اللهُ عنه قالَ قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّهُ قَالَ: “ إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ“ رواهُ أَحمدُ.
ودَخلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ فَاتحًا مُنتصِرًا، وإذا بأَبِي بَكْرٍ رضيَ اللهُ عَنهُ وأَرضَاهُ آخِذًا بَيَدِ أبيهِ أَبِي قُحَافَةَ، ذلكَ الشيخُ الكَبِيرُ، يَسُوقُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلمَّا رَآهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: “أَلَا تَرَكْتَهُ حَتَّى نَكُونَ نَحْنُ الَّذِي نَأْتِيهِ“، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: هُوَ أَحَقُّ أَنْ يَأْتِيَكَ. (رواهُ أَحمدُ) تكريمًا واحترامًا منه صلَّى اللهُ عليه وسلم للمسنين رُوي بسندٍ ضعيفٍ عنه صلَّى اللهُ عليه وسلم أنَّهُ قالَ: ((مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنِّهِ إِلَّا قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ مَنْ يُكْرِمُهُ عِنْدَ سِنِّهِ)) (رواه الترمذي وغيره). روى يحيى بنُ سعيدٍ المدني قالَ: بلغنَا: أنَّ مَن أَهَانَ ذَا شَيبةٍ لَمْ يَمُتْ حتَّى يَبعثَ اللهُ عَليهِ مَن يُهيِنُ شَيبَتَهُ إذَا شَابَ. فإَذا أَكرمتَ شَيخًا وأَنتَ شَابٌّ، جازاكَ اللهُ مِن جِنسِ عَمَلِكَ، فهَيَّأ لكَ وأَنتَ شَيخٌ مَن يُكرِمُكَ وأَنتَ في حَاجةٍ إِلى الإِكرامِ، هذِه الأُمورُ كمَا يَقولُ النَّاسُ (سَلَفٌ)؛ البِرُّ سَلفٌ، والعُقوقُ سَلفٌ، بِرُّوا آباءَكُم، تَبَرُّكُم أبنَاؤُكُم.
وإجلالُ الكبيرِ مِن خلالِ احترامِهِ وتوقيرِهِ مِن دينِنَا ومِن كلامِ نبيِّنَا صلَّى اللهُ عليه وسلم قالَ كما في حديثِ أنسِ بنِ مالكٍ رضي اللهُ عنه قالَ قالَ صلَّى اللهُ عليه وسلم: ليسَ منَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صغيرنا ويوَقِّرْ كبيرنا(( رواه الترمذي ومِن آثارِ هذا الاحترامِ والتقديرِ: التَيسِيرُ والبَركَةُ، وانصِرافُ الفِتَنِ والِمحَنِ والبَلايَا والرَّزايَا عَن العَبدِ، وسَببٌ للخَيراتِ والبَركاتِ المتتالياتِ عَليهِ في دُنيَاهُ وعُقبَاهُ، لَقد جَاءَ في حَديثِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ” رواهُ البخاريُّ وكيف لا؟ وإجلالُ الكبيرِ وتوقيرُهّ وقضاءُ حوائجِهِ سنةٌ مِن سننِ الأنبياءِ وشيمةٌ مِن شيمِ الصالحين الأوفياءِ (قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) (القصص:23-24(
وهَا هُوَ الْفَارُوقُ رَضِيَ اللهُ عَنْه وَأَرْضَاهُ رَأَى شَيْخًا ضَرِيرًا يهُودِيًّا، يَمُدُّ يَدَهُ إِلَى النَّاسِ، وَيَطْلُبُ مِنْهُمُ الْمُسَاعَدَةَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا أَلْجَأَكَ إِلَى مَا أَرَى، قَالَ الْيَهُودِيُّ: فَرَضْتُمْ عَلِيَّ الْجِزْيَةَ وَأَنَا كَبِيرُ السِّنِّ لَا أَسْتَطِيعُ الْعَمَلَ لِأُؤَدِّيَ مَا عَلَيَّ، فَلَجَأْتُ إِلَى مَدِّ يَدِي إِلَى النَّاسِ، فَرَقَّ لَهُ عُمَرُ وَأَخَذَ بِيَدِهِ، وَذَهَبَ بِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ فَأَعْطَاهُ مَالًا، وَأَمَرَ بِإِسْقاطِ الْجِزْيَةِ عَنْه وَقَالَ: “وَاللهُ مَا أَنْصَفْنَاهُ، أَنْ أَكَلْنَا شَبِيبَتَهُ، ثُمَّ نَخْذُلُهُ عِنْدَ الْهَرَمِ”، وَأَسْقَطَ الْجِزْيَةَ عَنْ كُلِّ يَهُودِيِّ كَبِيرٍ فِي السِّنِّ.
ودخلَ سليمانُ بنُ عبدِ الملكِ مرةً المسجدِ، فوجدَ في المسجدِ رجلًا كبيرَ السنِّ، فسلّمَ عليه، وقالَ: يا فلانُ، تحبُّ أنْ تموتَ؟ قالَ: لا، ولمَ؟ قال: ذهبَ الشبابُ وشرُّهُ، وجاءَ الكِبَرُ وخيرُهُ، فأنَا إذا قمتُ قلتُ: بسمِ اللهِ، وإذا قعدتُ قلتُ: الحمدُ للهِ، فأنَا أحبُّ أنْ يبقى لي هذا .
يا معاشرَ الكبارِ، أنتم كبارٌ في قلوبِنَا ،وكبارٌ في نفوسِنَا ،وكبارٌ في عيونِنَا ، كبارٌ بعظيمِ حسناتِكُم وفضلِكُم بعدَ اللهِ علينا، أنتم الذين علَّمْتُم وربيتُم وبنيتُم وقدمتُم وضحيتُم لئن نسيَ الكثيرُ فضلَكُم فإنَّ اللهَ لا ينسى، ولئن جحدَ الكثيرُ معروفَكُم فإنّ المعروفَ لا يَبْلي، ولئن طالَ العهدّ على ما قدمتمُوه مِن خيراتٍ وتضحياتٍ فإنَّ الخيرَ يدومُ ويبقَى ثم إلى ربِّكَ المُنتهى وعندهُ الجزاء الأوفى ))إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً)) (الكهف:30)
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة
ثالثًا وأخيرًا: شخصياتٌ بارةٌ وشخصياتٌ عاقةٌ سجلَهَا القرآنُ والتاريخُ.
أيُّها السادةُ : هناكَ شخصياتٌ بارةٌ ,وشخصياتٌ عاقةٌ سجلَهَا القرآنُ والتاريخّ.
فهيَّا بنَا سويًّا لنقفَ معًا مع ساداتِ البرِّ بالآباءِ والأمهاتِ مع أولئك الذين كان لهم البرُّ شعارًا والطاعةُ عنوانًا ولا يليقُ لِي أنْ أتحدثَ عن البرِّ ولا أتحدتُ عن إسماعيلَ عليه السلامُ الذي ضربَ لنَا أروعَ الأمثلةِ في البرِّ والإحسانِ.
وكيفَ لا ؟وقد مدحَهُ اللهُ في قرآنِهِ عندمَا أخبرَهُ أبوهُ بالرؤيَا التي رآهَا في المنام( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى) (الصافات:102)
لو كان هذا الابنُ في عصرِنِا لوصفَ أباهُ بالجنونِ والتخريفِ, لكنَّ إسماعيلَ عليه السلامُ أرادَ أنْ يعلمَ أبناءَ هذا الجيلِ أبناءَ النتِّ والكمبيوتر, الذين فسدتْ عقولُهُم ,وماتتْ مشاعرُهُم ,ونكستْ فطرتُهُم ,أرادَ أنْ يعلمَهُم دروسًا في البرِّ والإحسانِ. إسماعيلُ عليه السلامُ يضربُ مثالًا في البرِّ لا مثيلَ لهُ عندمَا قال لأبيهِ ( يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) }(سورة الصافات) يَا أَبَتِ لا تأخذْ رأييِ ولا تنتظرْ مشورتِي نفذْ ما أمرَكَ بهِ مولاكَ…………. اللهُ أكبرُ
أرأيتُمْ قلبًا أبويًّا *** يتقبلُ أمرًا يأباهُ ؟
أرأيتُم ابنًا يتلقَّى *** أمرًا بالذبحِ ويرضاهٌ ؟
ويجيبُ الابنُ بلا فزعٍ *** افعلْ ما تُؤمر أبتاهُ
لن نعصِى لإلهِي أمرًا *** مَن يعصِي يومًا مولاهٌ ؟
واستلَّ الوالدُ سكينًا *** واستسلمَ الابنُ لرداهُ
ألقاهُ برفقٍ لجبينٍ *** كي لا تتلقَّى عيناهُ
وتهزُّ الكونَ ضراعاتٌ *** ودعاءٌ يقبلهُ اللهُ
تتضرع للربِّ الأعلى *** أرضٌ وسماءٌ ومياهّ
ويجيبُ الحقُّ ورحمتُهُ *** سبقتْ بفضلٍ عطاياهُ
صدقتْ الرُّؤيَا لا تحزنْ *** يا إبراهيمُ فديناهُ
يا إبراهيمُ يا إبراهيمُ ***.يا إبراهيمُ فديناهُ
أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم
الخطبةُ الثانيةُ الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلا لهُ وبسمِ اللهِ ولا يُستعانُ إلا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ …………………… وبعدُ
ولكنْ أتدورنَ لماذَا كان إسماعيلُ بارًّا بأبيهِ؟
لأنَّ إبراهيمَ عليه السلامُ كان بارًّا بأبيهِ عندمَا كان يدعوهُ إلى التوحيدِ وأبوهُ يدعوهُ إلى الشركِ، إبراهيمُ عليه السلامُ يدعو أباهُ إلى الجنةِ وأبوهُ يدعوهُ إلى النارِ، إبراهيمُ عليه السلامُ يدعو أباهُ بكلمةٍ تحملُ مِن العطفِ والحنانِ ما فيها, وأبوهُ يردُّ عليهِ بالقسوةِ والغلظةِ والفظاظةِ، وصورَ لنَا القرآنُ هذا المشهدَ في سورةِ مريم (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44)…………… اللهُ أكبرُ إنَّهُ البرُّ يا شبابُ ولا تقلْ هؤلاء أنبياءَ فهذا هو نوحٌ عليه السلامُ مع ولدهِ العاقِّ لأبيهِ وصورَ لنا القرآنُ هذا المشهدِ: (وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ( 43) (سورة هود) العقوقُ دينٌ لابدَّ منهُ والديانُ لا يموتُ.
أخي الحبيب: اذهبْ اليومَ إلى أبيكَ فقبلْ يديهِ وقدميهِ, وارجعْ اليومَ إلى أمِّكَ فقبلْ يديهَا وقدميهَا فثمَّ الجنـة، ما أشقاهَا واللهِ مِن حياةٍ، حياةِ العقوقِ، وما أطيبهَا وأسعدهَا وألذهَا من حياةٍ :حياةُ البرِّ فاتقوا اللهَ في الآباءِ والأمهاتِ وتبْ إلى ربِّكَ واندمْ على ما فرطتَ في جنبِ اللهِ وأصلحْ ما بينكَ وبينَ اللهِ يصلحُ اللهُ ما بينكَ وبينَ العبادِ، وأصلحْ حالكَ مع أبيكَ ومع أمكَ تَفُزْ في الدنيا والآخرةِ.
أيُّها الشبابُ :أحسنُوا لكبارِ السنِّ لاسيمَا مِن الوالدين مِن الآباءِ والأمهاتِ قال ربُّنَا (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) [الإسراء:23، 24) لاسيَّمَا إنْ كانَ الكبارُ مِن الأعمامِ والعماتِ والأخوالِ والخالاتِ, كم تجلسونَ مع الأصحابِ والأحبابِ من ساعاتٍ وساعاتٍ كمْ تجالسوهُم وتدخلُوا السرورَ عليهم فإذا جلستُم مع الأقرباءِ الكبارِ مللتُم وضقتُم وسئمتُم فاللهَ اللهَ في ضعفهِم… اللهَ اللهَ في ما هُم فيهِ مِن ضيقِ نفوسهِم.
يا معاشرَ الكبارِ: أنتُم كبارٌ في قلوبِنَا وكبارٌ في نفوسِنَا, وكبارٌ في عيونِنَا, كبارٌ بعظيمِ حسناتِكُم وفضلِكُم بعدَ اللهِ علينَا، أنتُم الذين علمتُم وربيتُم وبنيتُم وقدمتُم وضحيتُم لئن نسيَ الكثيرُ فضلَكُم فإنَّ اللهَ لا ينسًى, ولئن جحدَ الكثيرُ معروفَكُم فإنَّ المعروفَ لا يَبْلى, ولئن طالَ العهدُ على ما قدمتمُوه مِن خيراتٍ وتضحياتٍ فإنَّ الخيرَ يدومُ ويبقَى ثم إلى ربِّكَ المنتهَى, وعندهُ الجزاء الأوفى )إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً(( (الكهف:30( فاللهَ اللهَ في البرِّ اللهَ اللهَ في الإحسانِ إلى الآباءِ والأمهاتِ اللهَ اللهَ في صنعِ المعروفِ إلى المسنين في كلِّ مكانٍ.
حفظُ اللهُ مصرَ مِن كيدِ الكائدين، وشرِّ الفاسدين وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه
د/ محمد حرز
إمام بوزارة الأوقاف
_______________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف