خطبة الجمعة القادمة: احترام النظام العام ، للشيخ عبد الناصر بليح
خطبة الجمعة القادمة بتاريخ 1 فبراير 2019
ديننا الإسلاميّ دين النظامٍ:
النظام كالشجرة المثمرة التي تمدّنا بطعم الحياة ..
تعريف النظام وأهميته:”
خير جليس في الأنام كتاب:”
احترام موظف النظام نفسه وتطبيقه علي نفسه
خطبة الجمعة القادمة: احترام النظام العام ، للشيخ عبد الناصر بليح، بتاريخ 26 من جمادي الأولى 1440 هـ الموافق 1 فبراير 2019م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة بصيغة word أضغط هنا
لتحميل خطبة الجمعة القادمة بصيغة pdf أضغط هنا
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة كما يلي:
الخطبة الأولي من خطبة الجمعة القادمة:
الحمد لله الذي خلق كل شيءٍ فقدره تقديراً ، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ الذي بُعث إلى أمةٍ جاهلةٍ فربّاها وعلّمها ونظم شأنها كله حتى جعلها خير أُمةٍ أُخرجت للناس ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد
فيقول الله تعالى:
وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ “.(يس/39,38).
أيها الناس :”هذه الآية وغيرها من آيات كثيرة في القرآن الكريم تشير إلى نظام الكون..
حيث تحدّث بعضها عن الشمس والقمر والنجوم والكواكب، التي تسيرُ في مسارها، لا يصطدمُ أحدها بشيء، ولا يُربِكُ شيئاً..
وضربَ لنا رسول الله صلّى الله عليه وصحابتهُ أروع الأمثلة في حُسن التخطيط والتنظيم، منذ بدأت الدعوة سرّاً ثمّ جهراً.
تبع ذلك التشاور في الغزوات خاصة غزوة بدر الكبرى حين كان القائد المُنظّم هو الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
حيث انتهت المعركة بانتصار المسلمين.فما أحوجنا اليوم إلى أن نتخذ من الرسول وأصحابه الكرام قدوتنا في التنظيم؛
لنحرز النجاح تلو النجاح، ونحقّق آمالنا وتطلعاتنا لمستقبل مشرق بإذن الله.
ديننا الإسلاميّ دين النظامٍ:”
إخوة الإيمان :” وإذا أمعنا النظر في تعاليم وتوجيهات وإرشادات ديننا الإسلامي الحنيف وتربيته الإسلامية السامية ،
فإننا سنجدها – بدون شك – قد حثت ودعت وعملت على تفعيل هذه القيمة التي تأتي كمبدأٍ وشعارٍ ينادي به الجميع ثم تحويله إلى سلوكٍ يمارسه الأفراد في حياتهم اليومية.
ويتخلق به المجتمع في كل شأنٍ من شؤون الحياة .
وانطلاقاً من هذا المبدأ ؛
فإن على كل فردٍ في المجتمع أن يُعنى عنايةً خاصةً بمسؤولياته المختلفة تجاه مجتمعه الذي ينتمي إليه ، وأن يستشعر أهمية الواجب الملقى عليه في هذا الشأن .
والتربية على الإسلام:
هي تربية على النظام، فالصلاة تُعلّم المسلم النظام، والنوم مبكراً والاستيقاظَ مبكراً، وتعلّمه الأدب مع الله ثمّ التأدب مع الناس، وتأدية الأعمال في وقتها، والالتزام بالواجبات دون إخلال أو تفريط ..
وغير ذلك الكثير أما عبادة الصيام، التي لها شهر معلوم ووقت معدود، فشهر رمضان هو الوحيد الذي فرضه الله على عباده..
وإذا صامه المسلم، فوقته من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
فالصيام نظام إلاهي يعود المسلم علي تناول الطعام وعدم الإفراط فيه ومن سمي تعليم الأمة النظام في المعيشة.
فجميع المسلمين يفطرون في وقت المغرب ويمسكون عن المفطرات قبل طلوع الفجر الصادق :
“وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ“(البقرة/187).
والزكاة كذلك لها أحكامها ووقتها؛ فزكاة المال – مثلًا – تؤدى كل عام، وببلوغ النصاب، وتخرج لأناس عيَّنهم الشرع وحددهم، وجعل الزكاة لا تصرف إلا لهم.
وكذلك الحج يعلمنا النظام والانضباط:
فللحجِّ مواقيتُ مكانيَّة وزمانية يجب التقيُّد بها، وعدمُ الإخلالِ بها، أو التَّساهلِ فيها، وله أركانٌ وواجبات يجب الإتيان بها كما هي، من غير زيادة أو نقصان، وله محظورات يَحرُم اقترافُها..
فهذه الأركان الخمسة من الشهادتين والصلاة والزكاة والحج والصيام تعطينا دروسًا للانضباط والنظام في أنفسنا وحياتنا..
كما تغرس فينا التنظيم والترتيب في معاملاتنا وسلوكنا؛ فهي -بلا شك – تربية للمسلمين على هذه القيمة الجمالية.
لذا فإنّ النظام كالشجرة المثمرة التي تمدّنا بطعم الحياة ..
وبدونها لا جمال ولا نجاح
دقات قلبِ المرءِ قائلةٌ له إنّ الحياة دقائق وثوانٍ
حقاًإنّ الحياة دقائق وثوانٍ، هذه الدقائق جواهر لا يعرفُ قيمتها إلاّ من حافظ عليها من الضياع، فالوقت كنزً ثمينٌ – إذا أحسنا تنظيمه وعرفنا كيف نستفيدُ منه، وهو كالسيف إن لم نقطعهُ قطعنا.
وكثيرٌ من الناس لا يعرفُ قيمة الوقت، ولا كيفيّة المحافظة عليه والاستفادة منه.
وقد ذكر الرسول صلّى الله عليه وسلّم ذلك في الحديث الشريف حيث قال: “نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ”.
وتاريخنا الإسلامي والعربي يفخر بشخصيات ذاع صيتها وانتشر علمها وسجّلت أعمالها التي كلّفت وقتاً وجهداً ..
ولم تصل إلى ما وصلت إليه من شهرة إلاّ لأنّها كانت منظّمة في حياتها؛ بل كان النظام أساس حياتها، فليكن كلّ واحدٍ منّا قدوة حسنة يُحتذى بها في نظامه ومحافظته على وقته.
تعريف النظام وأهميته:”
عباد الله :” يُعرًّف النظام اصطلاحاً على أنه :”مجموعة من العناصر تعمل في وحدة سويةً لتشكل منظومة واحدة مترابطة.
ويتباين التعريف تبعاً لنوعية النظام، ففي علم وظائف الأعضاء البشرية هو عبارة عن مجموعة الأعضاء الحيوية التي تشترك فيما بينها بوظائف معينة،
وفي علم الكمبيوتر: هو مجموعة القطع الملموسة والبرمجيات المرئية التي تعمل سوية كوحدة واحدة.
فالنظام عبارة عن مجموعةٍ من النظم والعناصر التي تتفاعل معاً لتحقيق أهداف معينةً.
كما يمكن تعريفه بأنه مجموعةً من الأعمال التي تتكوّن من العنصر البشري، والآلات التي تجتمع معاً.
بحيث تكون مرتبطةً مع بعضها البعض بعلاقاتٍ محددةٍ وقوانين شاملةً. بينما يعرّف الانضباط بأنه من الفعل انضبط، ويُقال الانضباط الذاتي،
ويعني السيطرة على الذات أو التصرفات بهدف الارتقاء والتحسين الشخصي، ويُقال الانضباط العسكري..
ويُقصد به الانتظام والخضوع للأوامر العسكرية. أنواع النظام والانضباط يشمل الانضباط والنظام جميع نواحي حياة الإنسان، سواء حياته الفردية؛
مثل: التجمّل، والمحافظة على النظافة، والالتزام بالوقت، أو حياته الاجتماعية؛
مثل: الوفاء بالمواعيد، والقيام بالأعمال الموكلة إليه، حتى لو اختلفت الطرق التي يتبعها الفرد لتطبيقه.
فمثلاً تطبيق النظام داخل الأسرة الواحدة يختلف عن تطبيق النظام في المجتمعات العسكرية أو مجتمع العمل، فعندما ينظر الفرد إلى أنّ النظام مطلب ديني يحث عليه الدين الإسلامي وجميع الرسالات السماوية فإنه يستشعر أهميته.
الوسائل الداعية لاتباع النظام والالتزام به:
أيها الناس :” هناك أمور كثيرة تساعد علي اتباع النظام والالتزام به وعدم مخالفته منها:”
الوازع الديني والإيمان الحقيقي:”
الإيمان بالله عز وجل وإخلاص العمل له يجعلان العبد في قمة الانقياد والإذعان لتنفيذ الأوامر واجتناب النواهي علي الوجه الائق بجلال الله وكماله ..
فحين نؤمن بأنّ الكون يحكمه نظام وقانون دقيق، فإنّ هذا الإيمان لا بدّ وأن ينعكس على حياتنا نحن..
فتكون حياتنا ضمن نظام، ولا تكون تصرفاتنا عشوائية، بل قائمة على التخطيط والتنظيم ولابد أن نحترم هذا النظام حتي تسير مسيرة حياتنا كما أرادها الله عز وجل لنا ..
حيث يخضع الكون لنظام دقيق، وضعه الله سبحانه وتعالى، فكلّ ذرة من ذرات هذا الكون لها مكانتها وموقعها المحدّد، ولها حركتها الخاصة بها، وهناك نظام شاملٌ يلفّ الحركة في الكون كُلّه على سعة أرجائه.
الأسرة والتربية :”
للأسرة دورٌ كبيرٌ في تعليم الأطفال النظام،ولا بدّ أن يُربّى الطفل مُنذُ نعومة أظفاره عليه، وأن ينشأ على حبّه واحترامه، ويطبّع على التعامل معهُ بإيجابية بنّاءة، وشعور واعٍ بالمسؤولية؛
وينشأ ناشيء الفتيان منا علي ماكان عوده أبوه
لذا فإنّ أي سلوكٍ إيجابيّ أو سلبيّ من الوالدين سينعكسُ بدوره على الطفل؛ فإمّا أن ينشأ منظماً يعيش حياته بطريقة جميلة مميّزة
أو تعمّ الفوضى حياته فتصبح بلا قيمة ولا هدف.
لذلك نصحَ حكيمٌ أبناءهُ فقال: يا بَنيَّ – لقد علّمتني الحياة قيمة النظام وهو شعارٌ نفتخرُ به لأنّه أساس حياتنا، وقد لمستُ خلال حياتي الطويلة أثره الإيجابيَّ علينا كأفرادٍ وعلى مجتمعاتنا.
أبنائي .. لقد آلمني في حياتي أولئك الأشخاص الذين آثروا الفوضى ولم يعرفوا أهمية النظام، فكان لما فعلوا الأثر السيء على المجتمع، وقد عكسوا عبر سلوكاتهم السيئة تأخرهم عن مواكبة الحداثة والتقدّم.
ولا أخفي عليكم يا أبنائي ..
أنّني لا أستطيعُ حصرَ مواقف هؤلاء كلّها، بل أذكر منها على سبيل المثال: مخالفة بعض السائقين المتهورين لأنظمة المرور وخاصة بالسرعة التي أزهقت أرواح أناس أبرياء، وعدم تطبيق المشاة لأنظمة السير في الشارع؛
ممّا أساء للسائقين وأوقعهم في مفاجآت لم يحسبوا لها حساباً، وهناك أيضاً تزاحم الناس في الطوابير في العديد من المؤسسات وعدم احترامهم للدور
الأمر الذي أدى لتأخير المعاملات وتعطيلها في بعض الأحيان، ولن أنسى ذلك اليوم الذي تعرّض فيه أحد الطلبة لكسور في مختلف أنحاء جسده بسبب التدافع أثناء ركوب الحافلة، وسقوط آخر وإصابته بجروح بالغة نتيجة التزاحم أثناء الشراء من مقصف المدرسة.
أبنائي .. النظام أخلاق .. مَن تمسّكَ به سَلِمَ وغَنِمَ، ومن تركهُ دفع الثمنَ غالياً ولن يعرف طريقاً للسعادة في الحياة.
فيُعد احترام النظام إحدى القيم السلوكيةٌ الاجتماعية التي تُعنى بها المجتمعات وتحرص عليها ، وتعمل جاهدةً على تربية الأفراد على احترامها والتمسك بها حتى تكون سلوكاً يُعمل به وتتم ممارسته من قبل الجميع .
المدرسة والجامعة
لا حياة لمجتمع إنسانيّ دون نظام، فكل مجتمع لا بدّ له من ضوابط وقيود في حدودها يتصرّف أفراده.
فالمدرسة لها نظام، والجامعة لها نظام، والمؤسسات العامة والخاصة لها نظام أيضاً، كما أنّ الأفرادَ في كلّ مجتمع يحترمون القوانين والأنظمة ويطبّقونها فتصبح جزءاً من حياتهم اليومية.
ومن المؤسسات التعليمية المهمّة التي تشجّع على النظام (المدرسة)، فهي صرحٌ شامخٌ، وتؤدي رسالتها التربوية والتعليمية على أحسن وجه.
وعلى الطالب احترام نظامها وتطبيقه فلا يتأخّر ولا يتغيّب إلاّ بعذر رسمي، وعليه الجلوس بأدبٍ واحترامٍ داخل الصفّ، والتعامل بشكل حسن مع كافة العاملين
والالتزام بالهدوء، والإنصاتُ الجيّد لبرامج الإذاعة المدرسة، والابتعاد عن الفوضى والصراخ وإثارة المشاكل، ولا شكّ أن تطبيق النظام والمعاملة الحسنة والكلمة الطيبة تؤدي كلّها لاحترام الفرد وبالتالي يكون محطّ تقدير واحترام.
خير جليس في الأنام كتاب:”
تعتبرُالمكتبة المدرسية من أهمّ مظاهرالتقدّم التي تتميّز بها مؤسساتنا التعليمية في الوقت الحاضر،ولا يخفى على كلّ متعلّم ما للمكتبةمن دور هام في إثراء العقول بنور العلم والمعرفة،وإكسابناالثقافةالمتنوعةعلى اختلاف أشكالها وأنواعها.
وقد وضع الباحثون الكثير من التعاريف للمكتبة منها على سبيل المثال: المكتبة المدرسية نظام لجعل مصادر المعلومات في متناول الفرد
وهذا النظام يعكس أهداف المدرسة ويثري برنامجها التربوي، لذا كان لا بدّ من أنظمة معيّنة يُلتزم بها حين دخول المكتبة ومنها:عدم إحداث ضجيج أثناء التنقل داخل المكتبة، وعدم التحدّث مع الآخرين.
عدم الكتابة على الكتب المستعارة مع التقيّد بالمدة الزمنية المخصّصة للاستعارة.
عدم القراءة بصوت عالٍ؛ لأنّ المكتبة مكان للقراءة الصامتة فقط.
إرجاع الكتاب إلى الرّف بعد الفراغ منه فالمجتمعُ المثالي هو المجتمع الذي يسودهُ النظام، ويلتزمُ كافة أفراده صغاراً وكباراً به، فيعكسون بذلك سمعة مجتمعهم الطّيبة للسياح وللزائرين.
إن بعض التصرفات الصادرة من بعض المواطنين في بلادنا ونعتقد بأن هؤلاء الأشخاص لم يعرفوا التحضر والتقدم الذي تعيشه بلادنا وبخاصة ونحن في كل عام نفتتح جامعات ومعاهد علمية.
فمثلاً إذا شاهدت طابوراً من الناس واقفين أمام أحد المتاجر أو المخابز أو المغاسل أو الانتظار في المستشفيات نجد أن الكثير منهم يتذمر من الانتظار، ويحدث الفوضى، ويحاول أن يأخذ مكانا غيره في الطابور لماذا هذا كله ومن المسؤول عنه؟
إذا أردت أن تعرف مدى تقدم الأمة ومقدار رقيها وحضارتها، فانظر إلى احترام أبنائها للنظام وطاعتهم للأوامر وتنفيذهم للتعليمات التي تصدرها الجهات المسؤولة في شتى المجالات فإن رأيتهم يحافظون على النظام ويحرصون على تطبيقه
فاعلم بأنهم أبناء أمة متحضرة ومتقدمة، ولديهم مناهج تعليمية مطورة،وإن رأيتهم لا يقيمون للنظام وزناً ولا يرعون له ذمةفاحكم عليهم بالعجزوالفشل،وأنهم نهلوا من مناهج تعليمية فاشلة..
إن احترام النظام هو أصدق مقياس للحضارات لأن المجتمع المنظم يكون متيناً في كيانه وإنتاجه، وفي مظهره ومخبره، فإذا احترم التلاميذ النظام أدت المدرسة رسالتها خير أداء، لأن الهدوء والحرص على النظام يساعد المعلمين على العمل المثمر.
والإنتاج المضاعف، وإذا شاع احترام النظام بين الموظفين انتظمت مصالح الشعب واستقامة أحواله ونال كل ذي حق حقه في سهولة وسرعة، وبهذا تشيع المحبة والثقة بين الشعب والمسؤولين.
وإذا ساد النظام حركة المرور مثلاً في الشوارع والميادين العامة والتزم كل سائق بالنظام قلت الحوادث واستراح الجمهور، وبدت الشوارع جميلة وهادئة، وإذا ساد النظام صفوف الجيش جنوده وضباطه أصبح يقظاًمستعداًقادراًعلى دحرالعدووتحقيق النصربمشيئة الله وتوفيقه.
كيفية حفظ النظام واحترامه؟
احترام النظام:
أيها الناس :” متي يحفظ النظام ؟ يحفظ النظام بأن يُدرك الإنسان أن النظام سلوكٌ دينيٌ ووعيٌ حضاريٌ،وأن أكبر شواهده احترامنا لذواتنا،والتزامنا بالصواب ، والبعد عن الخطأ في جزئيات حياتنا.والحذرمن العشوائيةوالعبث والفوضى في أي شأنٍ مهماكان يسيراً. كما أن من أهم أساليب احترام النظام أن يكون الإنسان ( في أي زمانٍ أو مكان أو ظرف ) قدوةً حسنةً وأسوةً طيبةً لمن حوله في القول والعمل والمظهر ، وأن يكون مُلتزماً في واقعه بالسلوك الاجتماعي المقبول في المجتمع ، وهو ما لا يمكن أن يتحقق إلا بالتحلي بالأخلاق الفاضلة ، والتمسك بالقيم الخُلقية والمبادئ والمُثل العُليا التي عليه أن يدعو إليها ، وأن يبُثها بين الآخرين من خلال تعامله الحسن وسلوكه المنظم وتصرفاته المُنضبطة ..
والحث على العمل بشكل أكثر كفاءة. تأسيس نمط قوي لطريقة الحياة اليومية. توفير عامل الوقت وهو أهم عناصر الحياة. غرس العادات الطيبة. كبح جماح العادات السيئة. جعل الأفراد أكثر خبرة ومهارة. القدرة على إنجاز معظم المهام المطلوبة. اكتساب مهارة ترتيب الأولويات في الحياة. تقليل الاعتمادية على الآخرين، وتعزيز قوة الإرادة. تقليل حالة تأجيل الأمور والمماطلة. تبني العزيمة في النفس. تعزز الثقة في النفس. تقليص ضغوطات الحياة و الاسترخاء. تحقيق الأهداف. المثابرة والمضي في تحقيق النجاح ..
تطبيق قوانين النظام علي الجميع :
عباد الله:” من الأسباب التي تجعل البعض يخرج عن تعاليم النظام ومخالفته الشعور بالقهر والظلم وهضم الحقوق بينما هناك الكثير من خرج عن النظام وخالف التعليمات ولم يمسسه أي ضرر ,بينما هو يعيش في بؤس وشقاء وتطبق عليه القوانين.. فلايعقل أبداً أن يحررمحاضر لبعض المخالفين ويترك البعض الأخر بسبب الرشوة والمحسوبية فالمساواة في الحق عدل فكم من حقوق ضاعت وسلبت بسببها...ولقد وقف الإسلام من هذا موقفاًعظيماً حيث قال صلي الله عليه وسلم:”إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد“(البخاري).
فمن فوائد النظام والانضباط حفظ حقوق الأفراد في المجتمع، وحماية الضعيف منهم من سلطة القوي وسلب حقوقه. وتحقيق المساواة بين أبناء المجتمع؛ فعند تطبيق النظام والانضباط على جميع الأفراد لا يشعر أحد بأفضليةٍ للآخرين عليه،مما يحافظ على ترابط الجميع معاً. وأداء الأعمال بالشكل الأفضل وعلى أحسن وجهٍ، فعند تطبيق النظام يستطيع الفرد الإبداع والابتكار في ظل الأمان وحفظ الحقوق. وتستطيع القدرة على السيطرة على المجتمع وأفراده، وتحديد صلاحيات كل فردٍ أو مجموعةٍ، وحماية المجتمع من الفوضى.
تطبيق القانون تطبيق للنظام :”
إن احترام النظام أمر ممكن وسهل إذا أدركنا أهميته وجدواه،وطبقت العقوبات الرادعة على من خالفه.والمثل الحي الذي يراه ويشعر به الجميع هو عندما نسافر إلى بلد آخر سرعان ما نتقمص شخصية من حولنا بل تجدنا قمة في الانضباط واحترام أنظمة البلد الذي نقيم فيه. لماذا يحدث ذلك؟ ولماذا تتغير الشخصية؟ في تصوري أنه:” لأننا نعلم أننا سنكون محل سخرية في نظر من حولنا.ويأتي من أبرز الأساليب وأنفعها أن يحرص الإنسان على تقويم وتصحيح ما قد يصدر عنه من سلوكياتٍ خاطئةٍ غير مقصودة ، وأن يرجع إلى جادة الصواب إذا ما وقع في الخطأ .
الخطبة الثانية من خطبة الجمعة القادمة:
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد :فلازلنا نواصل الحديث حول احترام النظام العام فالنظام إذا احترمناه كان حماية للفرد والمجتمع وتطبيقه على كل الشرائح والمؤسسات والدوائرأمرحتمي تقتضيه مصلحةالدولةوالمجتمع معاً”ومن احترام النظام :”
احترام موظف النظام نفسه وتطبيقه علي نفسه في خطبة الجمعة القادمة
أخي المسلم :
فالمسؤل عن النظام إذا احترم نفسه وطبق القوانين واللوائح علي نفسه أولاً ضمن أن يطبق النظام علي الجميع فلايعقل أبداً أن يستحوذ الموظف المسؤل هو ومن يليه علي حقوق الآخرين ويطالبهم بالامتثال للنظام ..
يقول الله تعالي علي لسان نبيه شعيب لقومه:” قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ”( هود/88).
فنبي الله شعيب..
يطبق علي نفسه أولاً ويذكر قومه:” يا قوم أرأيتم إن كنت على بيان وبرهان من ربي فيما أدعوكم إليه من عبادة الله، والبراءة من عبادة الأوثان والأصنام، وفيما أنهاكم عنه من إفساد المال:”ورزقني منه رزقًا حسنًا”يعني حلالا طيّبًا. “وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه”أي وما أريد أن أنهاكم عن أمر ثم أفعلُ خلافه، بل لا أفعل إلا ما آمركم به،ولا أنتهي إلا عما أنهاكم عنه.يقول: لم أكن لأنهاكم عن أمر أركبه أو آتيه.:”إن أريد إلا الإصلاح”، يقول: “ما أريد فيما آمركم به وأنهاكم عنه، إلا إصلاحكم وإصلاح أمركم:”ما استطعت”فماقدرت على إصلاحه ، لئلا ينالكم من الله عقوبة منكِّلة،بخلافكم أمره،ومعصيتكم رسوله:”وما توفيقي إلا بالله”وما إصابتي الحق في محاولتي إصلاحكم وإصلاح أمركم إلا بالله، فإنه هو المعين على ذلك، إلا يعنّي عليه لم أصب الحق فيه.وقوله:”عليه توكلت” يقول:”إلى الله أفوض أمري، فإنه ثقتي، وعليه اعتمادي في أموري كلها..
احترام النظام ثقافة وحضارة:
عباد الله :
تطبيق النظام فعل حضاري يعكس ثقافة المواطن ووعيه، لما للتنظيم من أهمية في بناء مجتمع متقدم تسوده العدالة، وتتحقق فيه المساواة بين كل أفراده، فإذا أردت أن تقيس حضارة ورقي أي بلد في العالم فما عليك سوى النظر إلى مدى احترامهم وتطبيقهم للنظام. وبكل أسف، ما نشاهده على مدار الساعة في شوارعنا من حوادث مرورية ومن مشاجرات جماعية، ومن تأخر وازدحام، جميعها ناتجة عن عدم تطبيق النظام بسبب اللامبالاة التي توارثها بعض الأبناء عن آبائهم، حيث نشاهد كثيرا من الآباء وعلى مرأى من أبنائهم يتجاوزون السرعة المقننة أو يقطعون الإشارة أو يقومون بالدوران بشكل خاطئ أو عكس السير وعند سؤالك لهم (لماذا؟) يبررون ذلك خوفا من تأخر أبنائهم عن مدارسهم. فهذه الأفعال رغم ما تسببه من حوادث ومشاجرات أصبحت مألوفة لدينا لكثرة تكرارها ومشاهداتها في كل مكان.
وبما أن النظام وضع من أجل حماية الفرد والمجتمع فإن تطبيقه على كل الشرائح وفي كل المؤسسات والدوائر أمر حتمي تقتضيه مصلحة الدولة والمجتمع في آن معا. وبقدر ما نحترم ونطبق روح النظام بقدر ما نضمن مجتمعاًراقياًبعيداًعن الانحرافات التي تنخر عموده الفقري.
فمن المفترض أن نكون نحن قمة وأسياد العالم في احترام القيم والمبادئ والأنظمة بشكل عام لأن لدينا ثوابت إسلامية من صميم ديننا الحنيف الذي يحث على كل ما يحقق المصالح للبشر بكل شرائحهم وما يتماشى مع الفطرة ويحقق المقاصد السامية للجميع. لكن الكثير للأسف يعلم ولا يعمل.
أيها الناس :
ما أجمل ذلك اليوم الذي يسود فيه احترام الأنظمة كل مرافق حياتنا في البيوت والشوارع وفي الميادين والحدائق، وفي الدوائر والمدارس إن هذا اليوم حين يطل بوجهه الجميل علينا ستزدهر به بلادنا وتزول شكوانا ويقوى إنتاجنا وتلبس ديارنا حلة جميلة من النظافة والجمال والأناقة فمتى نراه؟؟
رجل تفوق بسبب اتخاذ النظام شعاراً:
أيها الناس :
يعيشُ الإنسان في هذه الحياة فترة محدودة، يجب أن يستفيد منها بقدر ما أتيح له من إمكانيات، وعليه أن يستغل الفرص؛ ليحقّق رغباته ومتطلّباته، ولن يستطيع ذلك إلاّ بتنظيم حياته، فهناك من ينجز أعمالاً كثيرة في حياته، وذلك لأنها مرتّبة ومنظّمة، ولأنّه يحسن الاستفادة من فترة وجوده، ومن الإمكانيات المتاحة له؛ لذا تمتليء حياته بالإنتاج والعطاء، وهناك من تخلو حياته من العطاء، وتمرُّ عليه الفرصُ كمرِّ السحاب فلا يستفيدُ منها..
سُئل عالمٌ عن قصّة نجاحه فقال:
لقد اتخذتُ من النظام شعاراً لي في حياتي .. مذ كنتُ طفلاً صغيراً، فكنتُ أحترمُ مواعيد النوم والاستيقاظ، والصلاة، والطعام والشراب، كما كنتُ أحترمُ مواعيد المدرسة وأنظمتها، وقوانين جميع المؤسسات التي أرتادهاكانت للوقت عندي قيمة كبيرة، فلا أدعهُ يمضي دون فائدة، وفي نهاية كلّ يوم كنتُ أحاسبُ نفسي على كيفية قضائه، بالإضافة إلى ذلك كان للعطلة الصيفية عندي أهمية كُبرى في حياتي، فكنتُ أنظّم وقتي، فللمطالعة نصيبٌ، وللرياضة نصيبٌ، وللترفيه الهادف حصّة، أمّا عن تجاربي فكنتُ أقوم ببعضها خاصة ما يحتاج إلى فراغٍ ووقتٍ وجهد .. هذا موجز حياتي ..
ولو أنّ كلّ إنسان عاش حياته مُنظّماً، واستثمر الفرص بما يعود عليه وعلى مجتمعه بالنفع والفائدة لعرف معنى الحياة وقيمتها .. وقدّم وأعطى الكثير..
ورجل أسلم بسبب النظام في الصلاة
أخي المسلم :
رئيس لجنة التعريف بالإسلام، حكى في أحد البرامج قصة عجيبة لرجل أمريكي كان يشاهد الحرم المكي وهو يعج بالمصلين قبل إقامة الصلاة، فسأله أحد الدعاة فقال له: كم يحتاج هؤلاء من الوقت للاصطفاف في رأيك؟! فقال: ساعتين إلى ثلاث ساعات، فقال له: إن الحرم أربعة أدوار؟! فقال: إذن اثنتا عشرة ساعة! فقالوا له: إنهُم مختلفو اللغات!! فقال: هؤلاء لا يُمكن اصطفافهُم!! فلما حان وقت الصلاة وتقدم إمام الحرم وقال: استووا، فَوقف الجميع في صُفوفٍ مُنتظمة في لحظات قليلة، مباشرة أسلم الرجل، وقال: ما أعظمه من دين يدعو إلى الانتظام والانضباط.
كتب خطبة الجمعة القادمة الشيخ عبد الناصر بليح، خطبة الجمعة القادمة عن النظام، وبالأسفل تجد خطبة الجمعة القادمة للوزارة وخطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير
خطبة الجمعة القادمة: احترام النظام العام، بتاريخ 1 فبراير 2019م